Archive

Bahrain Freedom Movement

1

المنامة- حوار: عمران سلمان

دعا الناشط الحقوقي البحريني البارز نبيل رجب إلى قيام تكتل خليجي للدفاع عن حقوق المواطنين الشيعة الذين يتعرضون للتمييز الطائفي في بلدانهم ولا سيما في البحرين والسعودية.
وقال نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان في حديث مع موقع آفاق إن أبناء الطائفة الشيعية في البحرين وهم السكان الأصليون للبلاد يتعرضون إلى تمييز منظم تقوم به وترعاه وتحتضنه الحكومة البحرينية.

وأضاف أن نفي وجود التمييز الطائفي في البحرين من قبل رئيس الوزراء أو بعض المسؤولين في الحكومة، هو دليل على غياب الإرادة السياسية حتى الآن لإنهاء هذا الملف المقلق، مشيرا إلى أن الوظائف العليا في الحكومة وفي المؤسسات التي تملكها تتعرض إلى تطهير طائفي خطير يراد به عزل أبناء الطائفة الشيعية من جميع المناصب إلى جانب التهميش في مجال الاقتصاد والتعليم والسياسية.

يذكر أن مركز البحرين لحقوق الإنسان، يعتبر أبرز جهة حقوقية مستقلة في البلاد، ويتمتع بشبكة واسعة من العلاقات المحلية والعربية والدولية. وهو أول من وثق قضية التمييز الطائفي في البحرين عبر تقارير رصينة ومدعومة بالأرقام والوثائق.

وفيما يلي نص اللقاء:

آفاق: في لقاءه مع رؤساء تحرير الصحف البحرينية مؤخرا قال رئيس الوزراء إن البحرين خالية من التمييز، ما قولكم في ذلك؟

نبيل رجب: كلام يناقض الواقع والحقيقة بل نفهم من نفي وجود التمييز الطائفي في البحرين من قبل رئيس الوزراء أو بعض المسئولين في الحكومة، بأنه دليل على غياب الإرادة السياسية حتى الآن لإنهاء هذا الملف المقلق، والذي يتوقع أن تكون له تداعيات تؤثر سلبا على الاستقرار والأمن في البحرين.

من الصعب إيجاد أي حلول لمشكلة التمييز الطائفي في البحرين دون الإقرار من قبل من يحكم هذه البلاد بان هناك مشكلة، هو مسؤول عن خلقها وعليه إيجاد الحلول لها، وهذا لا يبدو وارد لدى القيادة السياسية في البحرين حتى اليوم. ففي حين إننا نرى أن جميع المنظمات والمؤسسات الدولية والصحف العالمية تتحدث عن التمييز الطائفي الممأسس في البحرين وبحضانة الدولة ورعايته له، نجد رئيس الدولة والموالون لحكومته في المؤسسة البرلمانية وبعض الصحفيين القريبين من السلطة، يصرون على عدم وجوده.

آفاق: هل لموضوع التمييز أي ارتباط بالمحيط الخليجي والإقليمي والدولي؟ أم انه يقتصر على البحرين فقط؟

نبيل رجب: لابد الإشارة الى أن موضوع التمييز ضد الشيعة موجود في بعض دول الخليج الأخرى إلا انه يتفاوت في درجاته، وأسوءها ما هو موجود في البحرين والسعودية.

اعتقد بأنه حان الأوان لأن يشكل تكتل خليجي يدافع عن حقوق الشيعة من ناحية المطالبة بمساواتهم ببقية المواطنين، وإدماجهم في مؤسسات دولهم ووقف استهدافهم إعلاميا، أو تكفيرهم أو التشكيك في وطنيتهم كما هو جاري في البحرين والسعودية.

أصبح وجود كيان أو تكتل يعمل على هذا الملف أمر مهم، وهناك الكثير من المنظمات واللجان الدولية الناشطة في الدفاع عن الأقليات السكانية أو السكان الأصليين في دول مختلفة من العالم، إلا انه لا توجد حتى الآن منظمة أو لجنة حقوقية عاملة على الدفاع عن الطائفة الشيعية في الخليج العربي، بل أصبح من الضروري اليوم إيجاد كيان ما يدافع عن حقوقهم وثقافتهم كأقليات أو كسكان أصليين لتلك المناطق ويجري اضطهادهم أو التمييز ضدهم.

آفاق: هل لأحداث العنف في البحرين أي ارتباط بموضوع التمييز؟

نبيل رجب: إن استهداف فئات معينة في مصدر رزقها وتهميشها وعزلها سيدفع أبنائها إلى التصادم وردود الفعل العنيفة أحيانا، بل أن إصرار الحكومة على الاستمرار بهذه السياسة والمنهج تجعل من الوضع في توتر دائم، بل تدفعه للاشتعال في أي لحظة. نعم أن الأسباب الحقيقية وغير المباشرة لأحداث العنف والمواجهات الأمنية التي تجرى في مناطق وقرى البحرين وفي فترات متقطعة هو ردة فعل لشعور تلك الفئة الكبيرة من المجتمع البحريني بالعزلة والتهميش والتمييز الواقع عليهم وعلى أبنائهم وعلى مناطقهم. وعادة ما تشتعل المواجهات الأمنية تحت مسميات مختلفة إلا أن الدافع الحقيقي هو تلك السياسة التمييزية الخاطئة.

إن أسباب غالبية النزاعات والحروب الأهلية في جميع مناطق العالم اليوم هو التمييز والتهميش الذي مورس في فترة ما بتلك الدول على بعض الفئات، أو بسبب تمكين مجموعات أو أثنيات من أبناء تلك الدول على فئات أخرى مهمشة، بل أن الكثير من تلك النزاعات والحروب الأهلية كانت دوافعها وبدايتها وأسبابها هو نفس ما يجري ألان في البحرين، من تهميش اقتصادي وتمييز وظيفي وعزل سياسي وثقافي واجتماعي لأبناء هذه الطائفة.

آفاق: لكن وزير دفاع البحرين صرح لصحيفة الحياة يوم السبت الماضي في أن الأحداث الأمنية أو ما تسمونها الأعمال الاحتجاجية في البحرين مدعومة من إيران ويراد بها العبث بأمن بالبحرين .

نبيل رجب: كون البحرين حليفا رئيسيا للولايات المتحدة، نحن نقرأ هذا التصريح في ذلك السياق وهو التحشيد الأمريكي الغربي ضد إيران، وليس له أي علاقة بالواقع المحلي بل ينافي الحقيقة، وقد رأينا نفس التصريحات من نفس الوزير كلما توترت العلاقة بين إيران من جهة والولايات المتحدة والغرب من جهة أخرى.

للأسف الشديد دأبت الطبقة الحاكمة في البحرين على الحديث والتحذير من الخطر الإيراني على امن وسلامة البحرين كلما زادت الاحتجاجات الشعبية المطالبة بحقوقها والمناهضة للتمييز، وزادت الضغوط الخارجية عليهم جراء ذلك أيضا، وهذا ما عاصرناه في الثمانينات والتسعينات ويكرره الآن وزير الدفاع وبعض المسؤولين البحرينيين في لقاءاتهم مع زوارهم من المسئولين الغربيين، بل ربط كل تلك الأحداث والأعمال الاحتجاجية الجارية في البحرين بإيران.

للأسف الشديد إن الحكومة تعتقد بأن التحذير دائما من الخطر الإيراني على أمنها واستقرارها الداخلي، والإيحاء بأن الأحداث الداخلية تأتي بإيعاز من إيران، وان الشيعة في البحرين مرتبطون وموالون لإيران، ربما يخفف عليها الضغط الخارجي ويبرر لهم سياستها في اضطهاد الشيعة، بل تعتقد بأنه يعطيها الدعم الغربي والأمريكي المطلوب لتهميش وضرب المعارضة التي يغلب عليها الشيعة. ودائما ما حاولت السلطة الاستفادة من العلاقة العدائية بين إيران والغرب وتوظيفها في تعزيز سياستها ضد المعارضة.

إن ما يجري في البحرين اليوم من أعمال احتجاجية هو رد فعل طبيعي ونتيجة منطقية لسياسة تمييز ظالمة ومستبدة ضد سكان هذا البلد على مر السنين. إن مراهنة الحكومة على استمرار تلك العلاقة السيئة بين الغرب وإيران واستقواءها الدائم بالولايات المتحدة ضد المطالب الشعبية، والهروب من الأزمات المحلية للخارج بدلا من معالجتها، والاستفادة من النزاعات الإقليمية لتكريس ظلمها، أمر مؤسف وخطير واثبت فشله واستحالة الاعتماد عليه على مر السنين، وإن خيار التأييد والالتفاف الشعبي حول الحكومات والأنظمة الحاكمة وتأيد شعوبها لها هو عامل الاستقرار الوحيد للأنظمة الحاكمة.

إن وزير الدفاع البحريني يقود جيشا من الأجانب والمجنسين الذين تم جلبهم من دولا مختلفة، ويمنع المواطنين من العمل في جيشه لاعتبارات طائفية، بل قام بتطهير وزارته من المواطنين من أبناء الطائفة الشيعية حتى أوصلهم إلى اقل من 1% بالرغم من إنهم يمثلون أكثر من 70% من مكونات الشعب.

هذه هي الأزمة التي نعانيها في البحرين، وهذا هو العبث بمكونات ونسيج وأمن البلد، من يعبث بأمن البلاد هي تلك السياسة التمييزية التهميشية الخاطئة التي تمارسها السلطة في البحرين ضد سكان هذا البلد. إن الاستمرار بتجاهل المشكلة من خلال تصديرها وتحميل أطراف خارجية المسئولية عنها يعد توظيفا غير حكيم واستخفافا بعقول الناس وإخفاء للواقع والحقيقة.

آفاق: هناك مشروع إصلاحي قائم في البحرين كيف يتم تطبيق ذلك في ظل الاتهامات بالتمييز؟

نبيل رجب: نعم لابد الإشارة بأنه قد حصلت بعض التغييرات الايجابية منذ تولي الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة للسلطة مثل خروج السجناء السياسيين وعودة المنفيين، واتساع الهامش العملي لحرية التعبير، وعودة الحياة النيابية ولو بشكل ناقص، إلا انه يظل أفضل مما كانت عليه الأوضاع في مرحلة التسعينات والثمانينات.

لكن ومنذ مجيء الملك أيضا يتعرض أبناء الطائفة الشيعية إلى تمييز منظم وتتعرض الوظائف العليا في الحكومة وفي المؤسسات التي تملكها إلى تطهير طائفي خطير يراد به عزل أبناء الطائفة الشيعية من جميع المناصب إلى جانب التهميش في مجال الاقتصاد والتعليم والسياسية.

آفاق: هل تعتقد أن التمييز منظم أم انه تصرفات شخصية منعزلة لا ترقى إلى الفعل المنظم؟

نبيل رجب: إننا نتحدث عن تمييز منظم ممأسس ممنهج تقوم به وترعاه وتحتضنه حكومة البحرين، وتستهدف فيه السكان الأصلين الشيعة ، بهدف تهميشهم اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وعزلهم عن المشاركة الفعالة في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية للبلاد. بل شن حرب إعلامية عليهم من خلال الصحف القريبة من السلطة أو البرامج التلفزيونية، عن طريق التشكيك في وطنيتهم تارة وتكفيرهم تارة أخرى، و زرع شقاق الفتنة بينهم وبين إخوتهم من أبناء الطائفة السنية.

ان الحكومات الصالحة تتميز عن الحكومات الفاسدة من خلال طبيعة العلاقة بين طوائفها وعناصرها ومكونات شعبها بعضهم ببعض. ويعد الشحن والتنافر والكراهية بين الناس على أساس طائفي أو ديني أو اثني أو عنصري في بلدا ما، دليل على فساد تلك الحكومات وسوء إدارتها لشعبها وعدم عدالتها في حكمها.

والعكس من ذلك تماما يعد الوئام والاحترام والتسامح الديني أو المذهبي أو العنصري بين مكونات الشعب وأفراده دليلا على عدالة تلك الحكومات وديمقراطيتها واحترامها لحقوق الناس دون تمييز.

آفاق: ما المطلوب لمعالجة هذا الملف الآن؟

نبيل رجب: إننا كحقوقيين نطالب البحرين بتنفيذ جميع التزاماتها الدولية وعلى رأسها توصيات لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التمييز العنصري، والتي امتنعت حتى الآن على تنفيذها.

وكانت اللجنة قد أوصت بضرورة اتخاذ حكومة البحرين الإجراءات اللازمة من اجل معالجة التمييز الظاهر ضد أبناء الطائفة الشيعة، والمطالبة بمنح إفرادها الفرص المتكافئة بشكل متساوي، والتأكد من أن التمييز ليس هو السبب في حرمان بعض الفئات التي لا تحمل الجنسية البحرينية ، وطالبت كذلك بضرورة إصلاح القوانين بما يجرم التمييز ويعاقب عليه ويعطي حق التقاضي والإنصاف للمتضررين منه.

ويعتبر امتناع تنفيذ الحكومة لتك التوصيات حتى ألان مؤشر لمدى التراجع في جدية الحكومة في الإصلاح القانوني و السياسي في المملكة.

كذلك حذرت العديد من المؤسسات الحقوقية والإعلامية والبحثية الدولية من ان ما يحصل في البحرين نذير خطر إن لم تتوقف الحكومة عن سياسة التمييز.

فقد أصدرت المنظمة الدولية للازمات قبل عامين تقريرا هاما تحت عنوان التحدي الطائفي في البحرين، والذي أعلنت فيه بأن البحرين ستواجه مرحلة خطيرة من عدم الاستقرار إن لم يتم وبشكل عاجل اتخاذ خطوات لمعالجة معاناة الطائفة الشيعية المهمشة، وها نحن نشهد اليوم تدهور الأوضاع الأمنية في جميع مناطق البحرين، وللأسف أن المعالجات الحكومية كعادتها معوجة واختارت الحلول الأمنية والقمعية بدلا من البحث في جذور الأزمة والعمل على علاجها.

إن حكومة البحرين مطالبة اليوم أن تضع حدا لممارسة التمييز ضد أبناء الطائفة الشيعية من خلال التوقف عن التلاعب بالتركيبة السكانية، ووقف التجنيس الطائفي والسياسي للأجانب، وإعادة رسم الدوائر الانتخابية بما يعكس الواقع السكاني بشكل عادل، ووقف منح الجنسية وحق التصويت لمواطني المملكة العربية السعودية أو لأفراد الجيش من الأجانب، والتوقف عن التشكيك في ولاء أبناء الطائفة الشيعية لبلدهم أو تكفيرهم أو الأساة لهم في أجهزة الإعلام والصحف البحرينية، ووقف التطهير المذهبي لوظائف الدولة والمؤسسات المملوكة لها، وفتح مجال التوظيف أمامهم في الدفاع والداخلية وجميع مؤسسات الدولة المحرومين منها، وضرورة أن يعتمد التعيين في الوظائف الحكومية على الكفاءة وليس الطائفة أو القبيلة أو الأسرة .

كذلك يجب وقف جميع الإجراءات التي يقوم بها الديوان الملكي والتي تمنع أبناء الطائفة الشيعية من التملك في مناطق معينة من البلاد مثل منطقة الرفاع والتي تزيد عن 40% من مساحة البحرين. وضرورة إقرار قانون يعرف ويجرم التمييز القائم على أساس ديني أو عنصري، على اعتبار أن البحرين تعد من الدول القلائل بالعالم التي لا يوجد بها ذلك القانون حتى ألان.

تعرضت هذه الطائفة لكثير من الظلم والاستبداد من قبل الأسرة الحاكمة ومنذ مجيئها وعلى مر العقود، بل تم البطش بأبنائها كلما نادوا بحقوقهم أو بمساواتهم مع بقية المواطنين، حتى كبرت الهوة من عدم الثقة بين الطرفين، وزادت كراهية أبناء هذه الطائفة تجاه الطبقة الحاكمة ، بل أصبح كل شيعي يشعر بالتهديد أو بعدم الأمان والاستقرار على مستقبله ومستقبل ابناءه، في ظل استمرار هذه السياسة الخطيرة والممارسة من الحكم، بل حتى هؤلاء من أبناء الشيعة القريبون من السلطة من وزراء وأعضاء في الحكومة أصبحوا يعون خطورة الموضوع والشعور بنفس التهديد على هويتهم أو أجيالهم القادمة.

إن سياسة التهميش غير مجدية بل لا تأتي إلا بالويلات والخراب للجميع، فلنتعلم من تجارب الآخرين المريرة، ونطالب الحكم في البحرين البدء بعملية مصالحة شفافة حقيقية مع المواطنين من الشيعة، والإقرار بخطأ السياسات الحالية والعمل على وقفها، وفتح صفحة جديدة من التعاون والعمل المشترك على اعتبار أن قدرهم وخيارهم الوحيد هو في أن يتعايشوا ويعيشوا جنب إلى جنب.

ونحن في مركز البحرين لحقوق الإنسان على أتم الاستعداد للمساعدة في عملية تعزيز التسامح الطائفي إن كانت لدى السلطة النية في بدء سياسة جديدة تجاه مساواة كافة أبناء الشعب

Show More

Related Articles

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

Close