الأرشيف

ما الذي أخر نحاح ثورة 14 فبراير؟ – حركة أحرار البحرين

08/01/2012م – 10:18 م | عدد القراء: 1163

بعد حوالي عام على اندلاع ثورة الرابع عشر من فبراير في البحرين، من حق الثوار أن يتساءلوا لماذا لم تنتصر ثورتهم بعد، خصوصا بعد كل التضحيات الجسيمة التي قدموها في سبيل نيل حقوقهم المشروعة؟

لعل هذه التساؤلات تأتي بعد أن شهد الجميع سقوط “الديناصورات” حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في تونس ومصر بشكل دراماتيكي العام الماضي.من خلال التقنيات المتقدمة جدا في مجال التجسس التي بحوزتها، تنبأت الولايات المتحدة الأمريكية بقدوم الثورات في الدول العربية ولهذا السبب قامت هذه الإدارة بتهيئة “البدائل” والتأكد من جهوزيتها للإمساك بزمام الأمور عندما تحين اللحظة الحاسمة.إذا تتبعنا المواقف الأمريكية قبيل وأثناء وبعد الثورات في تونس ومصر مثلا، سنلاحظ أنها تبنت مواقف مؤيدة لحلفائها (زين العابدين وحسني مبارك) في البداية ولكن عندما استعرت الثورات بشكل لا يمكن معه إيقافها، اضطرت الإدارة الأمريكية إلى تغيير مواقفها وأعلنت دعمها للثورات ودعت حلفائها إلى التنحي عن سدة الحكم. ولكن هذا حدث بعد أن قامت بنقل السلطة الحقيقية إلى “البدائل” من وراء الكواليس.وبهذه الطريقة تمكنت الإدارة الأمريكية بشكل استباقي من حرف مسار الثورات وقطع الطريق على التغيير الحقيقي الشامل فمن الواضح للمتابع بأن الأنظمة الجديدة في هذه الدول هي أنظمة موالية للإدارة الأمريكية بل وتتسابق لتقديم الولاء والطاعة “للعم سام” عن طريق التأكيد على التزامها التام بالمعاهدات السابقة مع الكيان الصهيوني!على خلاف الحال في تونس ومصر، الإدارة الأمريكية لم تهيأ لها البديل في البحرين مما يعني أن سقوط نظام آل خليفة سيهدد المصالح الأمريكية الاستراتيجية وعلى رأسها الأسطول الحربي الخامس والذي لا يرحب شعب البحرين بوجوده على أراضيه ومياهه الإقليمية ولهذا السبب التزمت الإدارة الأمريكية بدعم الأسرة الحاكمة في البحرين بشكل مطلق مع حثها على إجراء تعديلات “تجميلية” من أجل التخفيف من الضغط الدولي ولكن اشتداد زخم الثورة في البحرين أجبر الولايات المتحدة الأمريكية في النهاية على التعاطي ولكن هذه المرة بشكل يختلف عن تونس ومصر، فبدلا من دعوة ملك البحرين للتنحي عن سدة الحكم حاولت خداع الشعب بمشاريع لا تسمن ولا تغني من جوع.الحوار الذي دعا له ولي عهد النظام الخليفي سلمان بن حمد والذي جاء بعد زيارات مكوكية لسفير الشؤم جيفري فيلتمان واستجابت له قوى المعارضة “الرسمية” – في حين رفضته المجموعات الشبابية جملة وتفصيلا – في شهر مارس الماضي كان محاولة خطيرة لقطع الطريق على الثورة بحيث يشرعن ويضمن استمرار نظام آل خليفة في سدة الحكم في مقابل الحد الأدنى من التنازل السياسي للمعارضة. ولكن على الرغم من أن المعارضة الرسمية قد “ابتلعت الطعم” وتوجهت للحوار، إلاّ أن الحوار فشل بسبب رفض المجموعات الشبابية له بل إنهم صعّدوا نطاق الاحتجاجات حتى وصلوا لقصر الصافرية والذي يعتبر القصر الرئيسي لملك البحرين.الاستجابة الجماهيرية الواسعة لدعوات المجموعات الشبابية والتي فاقت جميع التوقعات كشفت لواشنطن أن المعارضة الرسمية لم تعد قادرة على التأثير على الجماهير بالشكل المطلوب وعلى هذا الأساس قررت الإدارة الأمريكية تغيير استراتيجيتها في التعامل مع الثورة وأعطت الضوء الأخضر للجيش السعودي (الذي ضاق ذرعا من طول الانتظار من وراء الجسر) باحتلال البلاد والهجوم على المعتصمين المسالمين في دوار الشهداء (اللؤلؤة) وبدأ بعد ذلك عهد جديد امتاز بالقتل والتعذيب الممنهج وانتهاك جميع الحرمات والمقدسات للإنسان البحريني.ولكن لسوء حظ الولايات المتحدة والمحتل السعودي وبفضل الله ثم بفضل التنظيم المرتكز على “اللامركزية” تمكن الثوار من امتصاص الهجوم الدموي على دوار الشهداء والغارات الليلية على المنازل وبدأوا في إعادة تنظيم صفوفهم والعودة بفاعلية للساحة تحت مظلة ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير (أو الائتلاف للاختصار).يمكننا القول بأن الائتلاف يشكل التهديد الأكبر للمصالح الاستراتيجية الأمريكية بسبب سرية التنظيم والقدرة الكبيرة على فهم التوازنات السياسية والميدانية محليا وإقليميا ودوليا بالإضافة إلى عنصر الإبداع والذي انعكس بشكل جلي على البرنامج السياسي الراقي الذي تبناه والذي يرتكز على حق الشعب في تقرير مصيره بنفسه على خلاف أطراف المعارضة الأخرى التي التزمت بسقف منخفض وينخفض تدريجيا مع مرور الوقت.الأزمة الإنسانية والتأزم السياسي في البحرين وضع الإدارة الأمريكية في موقف لا تحسد عليه، فمن ناحية الائتلاف حدد العدو الأول وهو هذه الإدارة ويتعامل معها على هذا الأساس، ومن ناحية أخرى الثورة بدأت في التوسع لتطال دول الخليج واحدة بعد أخرى ومشاعر الغضب الشعبية تجاه الإدارة الأمريكية ومواقفها المزدوجة بدأت بحرق العلم الأمريكي ولا يمكن التكهن إلى أين ستتجه في المستقبل.التهديد المتصاعد للمصالح الأمريكية الاستراتيجية والفشل الذريع لآلة القتل الخليفية-السعودية ليس للقضاء على الثورة فحسب بل حتى لاحتوائها دفع الإدارة الأمريكية وحليفتها بريطانيا إلى أن ترسلا اثنين من أسوء رجال الأمن والاستخبارات ومن أصحاب السوابق والفضائح (جون تيموني وجون ييتس) لاستلام ملفات القمع والتجسس والاستخبارات بهدف القضاء على الثورة قبل عيد ميلادها الأول مهما كلف الثمن وذلك على عدة أصعدة:ميدانيا: تكثيف القمع والعقاب الجماعي واعتقال أكبر عدد ممكن من الشباب الناشط.إعلاميا: تضخيم الإصلاحات (التي لم ترى النور أصلا) وكيل المدح والثناء على الملك “لتعيينه” لجنة إقصاء الحقائق برئاسة بسيوني.سياسيا (وهذا هو الجانب الأكثر خطورة): الضغط على المعارضة الرسمية لإدانة الائتلاف. الإدانة بدأت فعليا
بشكل غير مباشر عن طريق البيانات التي ترفض وسائل “الدفاع المقدس” والذي يعتبره الائتلاف عاملا مفصليا لانتصار الثورة ومن المحتمل أن تتطور الإدانة لتطال الائتلاف بشكل مباشر.لجوء الإدارة الأمريكية إلى استخدام آخر ما لديها من أوراق يعكس عمق المأزق الذي أوصلتها إليه سياساتها المتخلفة التي لم تفهم أن شعب البحرين لن يقبل بالذل والاستعباد مهما كلفه ذلك من تضحيات وأن كل شهيد يسقط أو ثائر يُصاب أو يسجن أو موظف يُفصل من عمله تعسفا يزيد من صمود الشعب وعزيمته.ختاما نقول أنه في حين أن بعض الثورات أخذت وقتا قصيرا لتُحرَف عن مسارها وتُصادَر فإن ثورة اللؤلؤ أخذت وقتا أطول لتصل إلى غايتها الحقيقية.إذاً ماذا ينتظر النظام الخليفي بعد الرابع عشر من فبراير القادم؟ الوقت سيكون كفيلا بالإجابة ولكن ننصحهم بحجز جناحهم الخاص في قصر “جِدّة” (قبل أن يحجز بالكامل لحسني مبارك وعلي صالح!).مركز 14 فبراير السياسي8 يناير 2012

ما الذي أخر نحاح ثورة 14 فبراير؟بعد حوالي عام على اندلاع ثورة الرابع عشر من فبراير في البحرين، من حق الثوار أن…

Slået op af ‎Pearl Revolution Political Center – مركز 14 فبراير السياسي‎ i Lørdag den 7. januar 2012

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق