الأرشيف
آيات القرمزي لـ مرآة البحرين \\ كانوا يستمعون إلى قصيدتي كي يمتلئوا غضباً ثم يباشرون التنكيل بي – حركة أحرار البحرين
18/07/2011م – 6:11 م | عدد القراء: 19
أفادت الشاعرة البحرينية آيات القرمزي في لقاء مع “مرآة البحرين”، إنها ليست قيد الإقامة الجبرية، لكنه قد أفرج عنها بضمان محل إقامتها، وأن وسائل الإعلام قد وقعت في لبس بين الأمرين.
وأكدت أن السلطات وبشكل غير رسمي حذّرتها من الظهور العلني، أو الحديث إلى وسائل الإعلام، أو المشاركة في أي تجمع سياسي. وكان اعتقال آيات قد تسبب في أزمة دولية للنظام، إذ تصدرت صورتها غلاف صحيفة الاندبندنت حين حكمت المحكمة العسكرية عليها بالحبس لمدة سنة، بسبب القصيدة التي ألقتها في دوار اللؤلؤة إبان الاحتجاجات السياسية في فبراير/شباط الماضي، وضاعف التعاطي الإعلامي الدولي مع قضيتها من الضغط على النظام، وشكل له حرجاً كبيراً، بعدما بان بوضوح سلوكه الانتقامي من أدبيات الحراك السياسي ومطالبه الإصلاحية.من جهة أخرى، شكّل الإفراج عن آيات صدمة للتيار الموالي، بعد سلسلة إفراجات عن متهمين في قضايا جنح وغيرها، وتداعى عدد من المتشددين إلى تجمع في ساحة (الشرفاء) للتعبير عن خيبة أملهم من الدولة، وللمطالبة بما سموه “تطبيق القانون وعدم العفو عن الخونة”، ما اضطر النظام إلى إصدار أكثر من موقف رسمي لتوضيح الإجراء وإعطائه صفة قانونية.وفي حين كان العالم يهتز لمحاكمة شابة بسبب قصيدة شعرية، كان التيار الموالي للنّظام، قد شنّ حملة واسعة على آيات القرمزي في مواقع الإنترنت مع بدء الضربة الأمنية، مدعومة بمقاطع من قصيدتها، في تحشيد كبير لاعتقالها بأي طريقة، وإيقاع أشد العقاب بها، وقتما كانت حفلة الزار في ذروة رقصها المجنون.وقد خصّت آيات “مرآة البحرين” بحديث خاص، فيما يلي مقتطفات منه:
مرآة البحرين:كيف تصفين تجربة الاعتقال السياسي؟
آيات القرمزي: أنا فخورة بدخول المعتقل كسجينة رأي، تحملت ما تحملت من اضطهاد وتعذيب وإهانة، لأجل قضية دخلت مؤمنة بها، وخرجت أكثر إيماناً. إنها تجربة أضافت لي الكثير، وحملتني مسئولية عظيمة، وعبئاً كبيراً، لأن الناس التي رفعت شأني، تستحق مني أكثر مما فعلت.
مرآة البحرين: كيف كان سجّانك؟
آيات: أبشع ما أتذكر، أنهم حين كانوا يريدون أن يُحمّوا أنفسهم لتعذيبي، ويشحذوا همتهم لذلك، كانوا يشغلون تسجيلاً صوتياً لقصيدتي، ليمتلئوا بالغضب، ومن ثم ينهالون عليّ بأبشع صنوف التنكيل، وفي التحقيق، لم يكن على لسانهم سوى: لماذا قلت ذلك؟ كم أعطوك لكي تكتبيها؟ من كتبها لك؟ مرآة البحرين:كيف قضيت أيامك الأخيرة في المعتقل؟ هل تغير شيء؟آيات: في الأيام الأخيرة، إذا حدثت بعض الإفراجات، تتغير المعاملة فجأة، ويصبح الجميع ملائكة، يتغيرون حسب الوضع السياسي، فحتى من كانت لا تطيق أن تنظر في وجهي كانت تبدو لطيفة وتبتسم وهي مرغمة! كان النقيب يطلب رؤيتي مراراً، وكانوا يبشرون أهلي باحتمال الإفراج عني.
مرآة البحرين: وكيف تصفين الإفراج، وبرأيك لماذا أفرجوا عنك؟
آيات: بسبب الضغوط الدولية بلا شك، ولأنني حظيت بحضور ورمزية جيدة في الشارع.كان واضحاً أنهم على الرغم من وحشية التعذيب، كانوا يحرصون على أن لا يتسببوا لي بعاهة مستديمة، كانوا حريصين على ألا يبقى فيّ أي أثر للتعذيب قبل المحاكمة، حين أسقط يسارعون بإحضار الطبيب لي حتى لا تسوء حالتي الصحية، كل هذه مؤشرات على أنهم يخافون كثيراً من أي حرج مضاعف أمام الشارع من جهة والمجتمع الدولي من جهة أخرى، لحساسية القضية، وللبعد الرمزي الذي اكتسبته.
مرآة البحرين: ألست خائفة الآن من تكرار اعتقالك بسبب تصريحاتك؟
آيات: الحكومة وبشكل غير رسمي حذرتني من الظهور العلني، أو الحديث إلى وسائل الإعلام، أو المشاركة في أي تجمع سياسي، لكنني لم أعد خائفة من أي شيء رغم أنني هددت لكي أمتنع عن الإفصاح عما تعرضت له في المعتقل. لم أقل سوى الحقيقة، وأصحاب الحق لا خوف في قاموسهم.
مرآة البحرين: قبل اعتقالك وبعد اعتقالك، انتشرت إشاعات أنك في المستشفى العسكري وأنك عرضت على رئيس الوزراء وأنه تم إغلاق فمك بالدبابيس، كيف تعلقين؟
آيات: رغم التعذيب الوحشي، إلا أنني لم أنقل للمستشفى العسكري، ولم أعرض على رئيس الوزراء، وسمعت بالإشاعات قبل أن أعتقل، وعرفت أن الحملة ضدي واسعة جداً، واشتركت فيها جماعات موالية مع الأسف، رغم أنني لم أتقصدهم بشيء، إنما تعرضت بالنقد للنظام الحاكم، وسلطته الديكتاتورية، وقد دعوت بقلب صادق في قصيدتي لعدم الانجرار وراء أي فتنة طائفية مهما تباعدت الرؤى.
مرآة البحرين: ما هو تعليقك على الإحباط الذي عم الشارع الموالي بعد الإفراج عنك؟
آيات: بعد ما فعلوه قبل اعتقالي، وبعد تفاجئهم بالحكم الذي لم يكن مشدداً، كان طبيعياً أن تصيبهم الصدمة وأن يشعروا بالإحباط من الإفراج عني، لقد سقطت كلمة “لن نقول عفا الله عما سلف” التي تمسكوا بها، وهم لذلك -مع الأسف- يحسون بالهزيمة، إلى درجة الوقوف في وجه الدولة التي زعموا أنهم يدافعون عن رموزها، وهو موقف متناقض، ويظهر حقيقة النوايا.
مرآة البحرين: ماذا تقولين لهم؟
آيات: أريد أن أقول، أنا لم أؤذِ أحداً منكم، ولم أكن مجرمة، وجودها خارج السجن خطر على المجتمع، ولم أحمل كرهاً تجاه أحد، ولي الحق في إبداء رأيي وأفكاري ولكم الحق في الحكم عليها ونقدها، إنها في النهاية “كلمات” وليست جرائم! لا أعلم لماذا تكرهونني؟ رغم أن “القيادات” التي انتقدتها وتهجمتم علي لأجلها، هي التي أفرجت عني، هذا الإفراج كان يجب أن يفرحكم بدلاً من أن يسوءكم، ولو من باب إنساني.أقول لإخواني الموالين لو فكرتم قليلاً ستجدون أن مصيرنا مشترك، ومن المحال أن نعيش بهذا الشكل من التنافر والتباغض وتمني السوء لبعضنا الآخر، أتمنى منهم أن يعوا الأمر بدلاً من الانجرار والتأثر بالتحريض الذي لا غرض منه سوى الفتنة والوشاية، دون تبصّر وتدبّر، أراهن أن أغلبهم لم يسمع قصيدتي.
مرآة البحرين: كيف ترين قصيدتك الآن؟
آيات: قصيدتي هي حريتي، فبالرغم من أنها سبب اعتقالي، لكنني لم أشعر قط وأنا في المعتقل بأنني أسيرة، كنت أشعر حتى وأنا تحت وطأة التعذيب بأنني حرّة.
مرآة البحرين: هل تجهزين أية قصائد أخرى؟ وهل ستشاركين في أي حدث سياسي مستقبلاً؟
آيات: بالطبع، لقد بدأت ولن أتراجع، وطالما أن الحركة السلمية مستمرة، أنا أيضاً مستمرة، في دعمها والمشاركة فيها بكل ما لدي، لإيفاء حق هؤلاء الذين احتفوا بي ودعموني وواسوا أهلي ورفعوا اسمي عالياً بينهم، ولكي تنتصر القضية ويكون لهذا الشعب الوجود الذي ينشده، والحرية التي يتوق إليها.
مرآة البحرين: هل ستحاورين إبليس مجددا مع أحد؟
آيات: ربما ولكن هذه المرة سأستخدم الدهاء الفني في قصائدي عوضاً عن الطرح المباشر.
مرآة البحرين: هل أنت قلقة بشأن دراستك؟
آيات: قلقة جداً، أريد أن أكمل دراستي في أسرع وقت.
مرآة البحرين: هل لديك كلمة أخيرة؟
آيات: أود إرسال تحية حارة لجميع من ساندني ودعم قضيتي من أفراد وجمعيات وصحف ومؤسسات ودول، وأقول لهم أنتم من صنعتم آيات القرمزي، وسأكون عند حسن ظنكم دائماً، ولن أخذل من هتف يوماً من الأيام مطالباً بالإفراج عني.وعبر مرآتكم، أرسل شكراً خاصاً للصوت الذي طالما خفف عني الألم والوحشة في قاعة المحكمة، أوجه شكري للمحامية الشابة ريم خلف، التي لم ترعبها العساكر ولم تمنعها من أن تنتصر للحق بالدفاع عن قضيتي.