الأرشيف
Bahrain Freedom Movement
أمطرت، بغزارة مفرطة، القوات الخاصة البحرينية مساء أمس (الجمعة) قرية السنابس بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي بعد أن حاصرتها مداخلها الرئيسية بأعداد كبيرة. وكان العشرات من المواطنين قد احتشدوا في اعتصام سلمي رفعوا فيه الشعارات المكتوبة مطالبين ببعض الحقوق الأساسية وبالإفراج عن معتقلي الرأي في السجون البحرينية منذ فبراير الماضي. وقد اعتدت القوات الخاصة – المدججة بالسلاح- بشراسة على المتظاهرين من الرجال والنساء باستخدام الرصاص المطاطي، وقامت بتفريقهم بأمطار وابلة من الغاز المسيل للدموع.
وقد نتج لذلك مواجهات شرسة في أزقة القرية وطرقها بين القوات الخاصة والمحتجين استمرت أكثر من أربع ساعات متواصلة بدأت حوالي السابعة والنصف مساء يوم أمس، تراجعت إثرها القوات الخاصة لحدود القرية وقاموا برمي قنينات الغاز المسيل للدموع فوق المنازل وفي الطرقات. وقد شوهد أفراد من القوات الخاصة وهم يقومون بجمع الرصاص المطاطي الكثير الذي أطلقته، في طريق عودتهم بأدراجهم لمداخل القرية الرئيسة. وقد أغلقت جميع المحال أبوابها، في وقت مبكر، كما شهت طرق القرية إشعار الإطارات وحاويات القمامة التي تم توزيعها في مواقع مختلفة لإعاقة تقدم قوات الأمن. وقد ذكر شهود عيان وجود إصابات بين المحتجين- غالبيتها بسبب الاختناقات الناتجة من الغاز الكثيف الذي ملء سماء القرية. كما ذكر شهود آخرون اعتداء القوات الخاصة على أحد البيوت في الجانب الغربي من السنابس (منطقة مروزان)، واعتقلت شابين من أبناءها، مما حدى بالنساء في ذلك البيت بالتدافع مع قوات الأمن للإفراج عنهما. وقد كان رد القوات على النسوة مزيد من الغاز المسيل للدموع والخانق. وقد أطلقت القوات الخاصة سراح الشابين في وقت لاحق بعد أن أوسعتهما بالضرب المبرح.
وقد شهد قبل ذلك احتشاد قوات الأمن البحرينية الخاصة بكثافة (نحو 20 سيارة جيب، شاحنتان، وحافلة) ظهر أمس (الجمعة) في الساحة المقابلة لمحطة “جواد” لتزويد الوقود في منطقة “الحلة” لمنع انطلاق ماراثون “المطالبة بالحقوق الاقتصادية” دعت له خمس جهات حقوقية ومعنية بالشأن العام. وبسبب رفض السلطات الأمنية البحرينية السماح للماراثون بالانطلاق، غيَّر القائمون عليه محل انطلاقه إلى منطقة أخرى على طريق السير، وهي “قرية باربار”، لينجحوا في تدشينه بمشاركات العشرات من المواطنين الذين ساروا على الأقدام حتى وصلوا ساحل “أبو صبح” بقرية الدراز، حيث تجمعوا هناك. إلا إن قوات الأمن حضرت في وقت لاحق، ونزلت بطريقة استعراضية وبأعداد كبيرة أخافت مرتادي الساحل، مما حدى بالمنظمين إنهاء التجمع، قبل حدوث أي مكروه. تجدر الإشارة الى أن ال الجهات الخمس الداعية للماراثون (لجنة العاطلين، لجنة السكن الملائم، لجنة المطالبة بتحسين المعيشة، مركز البحرين لحقوق الإنسان، جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان) قد أعلنت عن برنامج إعلامي رياضي “ماراثون” في مناطق مختلفة في البحرين، لتوعية الجمهور وأفردا المجتمع بأهمية الحقوق الاقتصادية لهم.
من جانب آخر، لازال مسلسل الاعتقالات متواصل، حيث اعتقل الشاب محمود حسن صالح من قرية الديه بتاريخ 29 مارس الماضي بعد أن تعرض للضرب المبرح حتى سالت منه الدماء. وقد أوتي به بعد يومين من اعتقاله وهو معصب العينين بمعية أفراد من قسم المباحث الجنائية وحراسة مشددة من قبل قوات الأمن التي حاصرت بستان صغير في المنطقة الفاصلة بين السنابس والديه. وتم إدخال محمود للبستان مع مصوري وزارة الداخلية الذي كان يصور بكاميرا فيديو كل مجريات الحدث. كما تم صباح يوم الإثنين الموافق2 أبريل الحالي اعتقال الشاب علي أحمد سليم (19 سنة)- قرية “حلة عبد الصالح”- من مكان عمله الذي حوصر من قبل القوات الخاصة.
أما ما يخص المعتقلين الذين يواجهون محاكمات بتهم التجمهر والشغب، حسب المواد 178 و179 من قانون العقوبات، فقد تم تأجيل محاكمة معتقلي قرية كرباباد الثلاثة- سيد علي سيد أكبر (20سنة)، وصادق جعفر كاظم (21سنة)، محمود علي مهدي (22 سنة)- ليوم الاثنين القادم الموافق 9 أبريل 2007م، لسماع شهود الدفاع. أما الشبان الثلاثة جعفر فردان سلمان يوسف (23 سنة) من قرية كرانة و رضي علي رضي (22 سنة) من قرية أبو صيبع وجاسم جعفر مدن (25 سنة) من مدينة حمد، فقد تم في وقت سابق تأجيل محاكمتهم إلى منتصف الشهر القادم (15 أبريل)، حيث أوضح محاموهم أمام المحكمة تعرض أولئك الشباب للتعذيب والاعتداء أثناء حبسهم الأمر الذي كان واضحاً على أجسامهم، وقد قررت المحكمة عرضهم على الطبيب الشرعي. تجدر الإشارة الى أن جميع أولئك الشباب تم حبسهم منذ بدايات الأسبوع الرابع من فبراير الماضي، إثر احتجاجات في منطقة بني جمرة وكرباباد ومناطق أخرى في البحرين. في نفس الإطار، قامت السلطات الأمنية البحرينية بتحديد 18 من أبريل القادم لمحاكمة أحداث (معظمهم منتظمون في الدراسة) – لا يتجاوز عمرهم 17 سنة- أفرج عنهم سابقاً بعد أسبوعين من اعتقالهم بسبب تواجدهم بالقرب من أماكن أنشطة احتجاجية جرت في الفترة السابقة.
إن ما يحدث من تدهور في الوضع الأمني ناتج من اعتقالات تنجم من احتجاجات شعبية تعنى بمطالب حقوقية وأخرى احتجاجية، وكذلك من استخدام أسلوب العقاب الجماعي على القرى التي تحدث فيها تلك الاحتجاجات والاعتصامات السلمية. إن ذلك الوضع لن يسهم في الاستقرار العام، وسوف يهيئ الأرضية لتوتر أمني متصاعد، مما ينعكس سلباً على حالة الأمن العام. إن القمع الأمني بهذه الصورة لكل وسائل التعبير الشعبية سوف يزيد من وتيرة العنف والعنف المضاد، بما لا يضمن وجود علاقة طيبة وثقة متبادلة بين الناس والسلطة، وهو أمر في غاية الخطورة في ظل التوتر العام في المنطقة.
إن السلطات البحرينية مسئولة بالدرجة الأولى عن التغيير في أسلوب التعاطي مع وسائل التعبير الشعبية المعبرة عن حالات مطلبية يتحتم النظر والتمعن فيها، والاستجابة لها بدلاً من قمعها بكل أنواع القوة والعنف. إننا- في لجنة النشطاء ومعتقلي الرأي- نحمل السلطات البحرينية مسئولية تردي الأوضاع الأمنية وتدهورها، إذ كررنا ولا زلنا ناشد السلطات ومن يهمهم الأمر للمطالبة بإخلاء السجون من معتقلي الرأي والتعبير، وإغلاق الملف بشكل نهائي من خلال الاستجابة للمطالب الشعبية المرتبطة بحقوق الناس، كما نطالب بتقديم المسئولين- عن الاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين وسكنى المناطق التي شهدت احتجاجات، وكذلك من ثبت تورطه في تعذيب المعتقلين والاعتداء عليهم- للمحاكمة العادلة حتى يكونوا عبرة لغيره، وضمان احترام وصيانة حقوق الإنسان.