Archive
فزت ورب الكعبة، فزتم ورب الكعبة – حركة أحرار البحرين
الاولى قالها علي بن أبي طالب عليه السلام وهو يترنح في محراب العبادة، بضربة على رأسه من ابن ملجم، مؤسسا بذلك عهد الاستشهاد الذي أسقط عروش الطغاة. فكن علويا (نسبة لعلي) لكي تتذوق طعم الأذى في سبيل الله.
وقبل ذلك كن محمديا لتشعر بلذة الأذى في سبيل الله، فما ضره ان رماه المجرمون بالحجارة في الطائف، وهل تراجع عندما حوصر وصحبه ثلاثة اعوام في شعب أبي طالب؟ وهل استكان للظالمين والمجرمين بعد ان كسرت رباعيته في غزوة أحد؟ هل نال من عزمه تكالب الاعداء عليه في غزوة أحد حتى قال علي عليه السلام: كنا اذا اشتد الوطيس لذنا برسول الله؟ وما ضر بلالا إذ وضعوا الحجر على صدره ملقى على الرمضاء لاجباره على التخلي عن عقيدته ومبدئه وهو يقول: “أحد أحد”؟ لقد فشل النظام القبلي بزعامة قريش في كسر شوكة المؤمنين، برغم قلة عددهم وقلتهم، و تكالب الزمان عليهم. يخطيء من يظن ان النظام العشائري البالي يستطيع كسر الارادات الحديدية لدى رموز شعب محب للحياة، عاشق للحرية، مؤمنا بالاسلام، رافضا الخنوع والاذلال، مصمما على تحقيق اهدافه النبيلة التي لن يستطيع طاغية ان يصده عنها، أيا كان قمعه وإرهابه.
نتذكر الامام عليا عليه السلام لنزداد ثقة بايماننا وديننا، واكثر تمسكا بالحقوق العامة لشعبنا، بدون ان تكون حقوقنا الشخصية مقدمة على ما سواها. ففي ذكرى استشهاده، التي نعزي اهلنا في البحرين بها، نتوقف امام محراب علي لنرى فيه الجسد المضرج بالدم القاني، ينهدر من رأسه المفضوخ بسيف النفاق والجاهلية والظلم. نتعلم من هذا الانسان العظيم، كيف يقف صلبا من اجل الحق، لا تأخذه في الحق لومة لائم، قائلا: “ما ترك لي الحق من صديق”. ونقرأ من صحيفة حياته التي تختصرها شهادته في المحراب، كيف تقلص مناصروه واصحابه امام امتحان المال والجاه والمنصب، فتركوه وليس معه الا ثلة قليلة ممن صدقوا في ايمانهم. هذه القلة العددية لم تفت في عضده بل اعتبرها تأكيدا لسلامة دربه فقال: “لا تستوحشوا طريق الحق وان قل سالكوه”. ومضى المخلصون من اصحابه على دربه بعده. فها هو أبوذر يقف وحيدا بوجه عثمان ليسأله: من أين لك هذا؟ فيكون جزاؤه النفي الى الربذة. يودعه علي قائلا له: “خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك”. ويتوفى هناك وحيدا شهيدا وشاهدا. وها هو حجر بن عدي يقتل مع سبعة من اصحابه في مرج عذراء بأمر من معاوية بعد ان رفضوا حكمه التوارثي الاستبدادي، وها هو عبد الرحمن بن حسان العنزي، يعاقبه زياد بن أبيه، والي معاوية على الكوفة، يعذب ثم يدفن حيا بمنطقة “قس الناطف”. فكيف يصف معاوية هؤلاء المؤمنين؟ وما دور الانتهازيين ولاعقي القصاع؟ يعلن معاوية خبر اعتقال هؤلاء كالتالي: ان طواغيت من هذه الترابية (نسبة الى علي الملقب بأبي تراب)، السبائية (نسبة الى عبد الله بن سبا، الشخصية المختلقة)، رأسهم حجر بن عدي خالفوا امير المؤمنين وفارقوا جماعة المسلمين ونصبوا لنا الحرب، فاظهرنا الله عليهم وامكننا منهم. وقد دعوت خيار اهل المصر واشرافهم وذوي السن والدين منهم فشهدوا عليهم بما رأوا وعملوا.
فما أشبه الليلة بالبارحةّ! لقد عادت العصبية الجاهلية من جديد، متجسدة بالحكم الخليفي الاستبدادي الذي يتزعمه الطاغية الذي تجاوز الحدود والقيم والاعراف، فساق العلماء والاخيار وقراء القرآن، ومعلمي الاجيال، وصبية المدينة الى غرف التعذيب، ظلما وعدوانا. كنا نعتقد ان زياد بن أبيه، والي معاوية على الكوفة، فريدا من نوعه في تعذيب صحابة رسول الله ممن اقتدى بعلي وسار على نهجه. كنا نظن انه الوحيد الذي يسلخ جلود معارضيه، ويسومهم سوء العذاب. كنا نظن انه الوحيد الذي كن لديه من ينكل بالمؤمنين ويسمى “صاحب العذاب”، حتى ظهر في هذه الارض من هو أسوأ منه وأشد فتكا، وأقبح بطشا. فاذا بالدكتور السنكيس، ذلك المعوق الذي لا يستطيع الوقوف على قدميه، يجبر على الوقوف على احداهما ثومين متواصلين، ويسلب منه عكازتاه، ويجبر على الزحف للوصول الى الحمام، بالاضافة للضرب وتعصيب العينين طوال فترة البقاء في الطوامير. ولا يقل التعذيب الذي أمر به الطغاة الخليفيون بحق علماء الامة ومتفقهيها، مثل الشيخ سعيد النوري والشيخ عبد الهادي المخوضر والشيخ محمد حبيب المقداد والشيخ ميرزا المحروس، سوءا وحقدا. فقد علقوا من ايديهم وارجلهم وسحبوا من عمائمهم، وجردوا من ملابسهم، وجلدت ظهورهم وبطونهم بالسياط، فلعنة الله على القوم الظالمين. أما نصيب الاستاذ جعفر الحسابي من التعذيب فلا يقل عن الباقين. فقد تمزق جلده عند المعصمين بسبب “الفلقة”، وفقد الاحساس في قدميه من الضرب، واسودت احداهما في بقعة كبيرة، وهدد في عرضه وحياته، بدون ان يكون قد ا رتكب جرما يعاقب عليه حتى القوانين الخليفية الجائرة. نقف امام هؤلاء العمالقة باجلال واكبار، ونقول لهم: فزتم ورب الكعبة.
نسوق هذه الانباء لتوضيح حقيقة ما يجري، والتأكيد على ان اولئك الابطال السائرين على خطى من سبقهم من اهل الايمان، ابتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعلي عليه السلام، صابرون متحسبون، فبرغم الآلام الناجمة عن التعذيب، فقد فشل الخليفيون في الحصول على ذرة من التنازل عن المطالب العادلة للشعب. والأهم من ذلك انهم فشلوا في احداث شرخ في الشارع الثائر ضد ظلمهم وارهابهم. فالساحة الشعبية متماسكة ولله الحمد، والصمود المذهل في اوساط المحرومين والمستضعفين حطم كبرياء فرعون وجنوده، الذين ستطالهم بعون الله يد الله التي تمهل الظالمين ولا تهملهم. فالظلم لا يدوم، والجلاد لا يفلت من يد العدالة، والطاغية لا يبقى على كرسيه الى الأبد. “ان فرعون علا في الارض وجعل اهلها شيعا، يستضعف طائفة منهم، يذبح ابناءهم ويستحيي نساءهم، وفي ذلك بلاء من ربكم عظيم”. ربما صفق بعض الانتهازيين والوصوليين للطاغية، وزينوا له جريمته، وانحازوا للظالم ضد المظلوم، ولكن هل هناك ديكتاتور يعجز عن حشد بعض الاقلام لصالحه؟ هؤلاء يعيشون على هامش التاريخ، بلا وجود حقيقي، لانهم يستمرئون العبودية، ويصفقون للاستبداد. فالعبد لا يتذوق الحرية، ويصر على البقاء في القيود والاصفاد، فشأن هؤلاء كالبهائم المربوطة، يمثل العلف أهم ما تعيش من اجله، فليس لها كرامة او انسانية. هذا ليس عيش الشرفاء والكرماء، بل عيش العبيد والبهائم، ونحمد الله الذي حمى اهلنا من السقوط في هذا الوحل. ونحمده كذلك ان جعل شعبنا يستسخف المسرحيات الهزيلة المملة والفاشلة والتي تعكس سقوط الاحتلال الخليفي في مستنقع الكذب والدجل والجريمة. سيظل رأس العلماء والنشطاء مرفوعا بعون الله تعالى، وسوف تمرغ أنوف الطاغية وجلاوزته في الوحل، وسوف يأفل نجمهم ان طال الزمن ام قصر، بعون الله تعالى. وعظم الله اجورنا واجوركم بمصابنا بامام المتقين، الذي هزم الناكثين والقاسطين والمارقين.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
2 سبتمبر 2010