الأرشيف

Bahrain Freedom Movement

تأميم الصناديق الخيرية ضمت الوثائق التي جاء بها د. صلاح البندر- المستشار الإستراتيجي السابق لوزارة شئون مجلس الوزراء في تقريره الثاني لمركز الخليج لتنمية الديمقراطية “البحرين: 2005-2010، الجزء الأول لخطة العمل السرية”، في الجزء الرابع منها قسم بعنوان ” المجتمع المدني في البحرين- إستراتيجية التنظيم وإعادة التأهيل”. وبعض مما جاء في تلك الوثائق في ص 118: 1. أخطر تحدي يواجه ترشيد وتنظيم تجاوزات المعارضة هو كيفية دعم وتمكين إدارة تنمية المجتمعات المحلية بوزارة الشؤون الاجتماعية لأن تعمل في تنظيم تام مع أولويات مشروع حماية وتأمين الجبهة الداخلية من إي اختراقات أو استغلال بواسطة المعارضة.2. تعتبر “إدارة تنمية المجتمعات المحلية” ومنذ العام 2002 أهم ركائز تنمية وتأهيل المجتمع المدني في البحرين باعتبارها الجهة لمسئولة عن تسجيل ومتابعة أداء الجمعيات السياسية والخيرية والاجتماعية والثقافية في مملكة البحرين, وستتحول مسؤولية السياسية منها إلى وزارة العدل حال إجازة قانون الجمعيات السياسية.3. هنالك إخفاقات عدة تمثلت في عدم قدرة القيادة الحالية في استيعاب المتغيرات والتداعيات المرتبطة بتجاوزات المعارضة (التساهل مع مركز حقوق الإنسان + الشفافية …الخ).4. مهام هذا القسم منذ العام 1992 عديدة ومتنوعة يأتي في مقدمتها إعداد خطط التنمية الاجتماعية بمختلف مجالاتها حسب توجهات وسياسة الدولة من خلال تنفيذ الخطط الهادفة لنشر برامج ومشروعات التنمية الاجتماعية التي تهدف إلى تنمية المهارات ووضع الخطط والسياسات التي تدعم الموارد البشرية.5. لم تستوعب الإدارة بعد التحديات التي فرضتها المرحلة الأولى (1999-2004), وتبدو أنها لا تملك الرؤية وعاجزة عن التعامل مع تلك التحديات التي ستفرضها المرحلة الجديدة (2005-2010), للمشروع الإصلاحي.

انتهى الاقتباس

وفي موقع آخر من الوثائق، ص 120-121:”في اجتماع الملك المفدى حمد بن عيسى آل خليفة مع مجلس الدفاع الأعلى (26/2/2005) أشار إلى أن الظروف تتطلب أقصى درجات اليقظة، وتكامل عمل المؤسسات الأمنية والسياسية. وأكد على أن مهام حماية الوطن في عمل موحد وخطط مشتركة من أجل مواجهة التحديات عن طريق الأمن الشامل بأبعاده الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية. المجتمع المدني (السلطة الخامسة) هو ساحة الحرب (Battle Ground) ومن خلالها يمكن للمعارضة مواصلة تآمرها وتحزيبها لمسيرة التحول الديمقراطي وتهديد استقرار مملكة البحرين ونظامها السياسي وسيادتها. · أي محاولة لترشيد عمل منظمات المجتمع المدني (السياسية والثقافية والخيرية) وتجفيف منابع التمويل وتحجيم قنوات النفوذ الاجتماعي للمعارضة, وإعادة هيكلة وتنظيم الحياة السياسية ستكون بدايتها من هذه الإدارة.· بعد إجازة قانون التنظيمات السياسية ستكون وزارة العدل هي الجهة الثانية التي يجب الانتباه ومنذ البداية لتأمين قيادتها والتزامها النهج المقترح لإدارة الجمعيات بوزارة الشؤون الاجتماعية.· على المدى البعيد أي محاولة لتحجيم ومعالجة الاختراقات والتهديد للأمن الوطني وضرب النسيج الاجتماعي والتآمر لتعطيل مسيرة المشروع الإصلاحي أو زعزعة استقرار البحرين ستكون بدايتها من هذه الإدارتين (الشؤون+ العدل).· تزايد حجم ونفوذ وفاعلية الجمعيات السياسية والاجتماعية والثقافية (الوطنية والأجنبية) فرض أن يكون للنشاط الأهلي سياسة إستراتيجية وإدارة ملتزمة ذات ولاء مطلق تحدد مساره وتوجه نشاطاته وتعمل على تكامله مع إستراتيجية الأمن الوطني بأبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية.”

انتهى الاقتباس

وفي موقع تالي من التقرير يلخص المطلوب لتحقيق الأهداف المرجوة من مخطط احتواء المؤسسات الأهلية، ص 122:

“تغيير قيادة هذه الإدارة بصورة عاجلة, وتعيين شخصية قيادية ملتزمة تماماً بأهداف وخطط المشروع السياسي لجلالة الملك، تصبح ضرورة لكي تكون مهمتها المحورية هي إعادة تأسيس الإدارة بصورة ايجابية وتساهم بفعالية في خطة إعادة هيكلة المجتمع المدني في البحرين. الظروف مواتية الآن حيث تعكف الوزيرة على تنفيذ خطتها لتنظيم الوزارة الجديدة, مما يسهل من تعيين الشيخة مها آل خليفة بسهولة بنقلها من وزارة الإعلام.”

انتهى الاقتباس

تجدر الإشارة إلى أنه تم بالفعل تغيير رئيسة قسم الجمعيات الأهلية والتعاونية – بدرية الجيب- وتم استبدالها بشخصية أخرى هي الشيخة مها الخليفة، ليتم بسلاسة تنفيذ برامج احتواء المؤسسات الأهلية، وفي مقدمتها الصناديق الخيرية.وبحسب معلومات وثيقة الصلة بأنه في فترة صياغة هذا التوجه، عكف فريق أمريكي – استخباراتي- في تلك الوزارة وتلك الإدارة بالتحديد للإطلاع على سير عمل الصناديق والمؤسسات الخيرية للنظر في مصادر دخلها، وموارد تمويلها ومواطن صرفها ووضع تصورات وآليات للتحكم في كل ذلك، والعمل على تجفيف منابع “تمويل الإرهاب”. وقد انبثق إثر تلك الزيارة تعديل بعض أحكام مرسوم بقانون رقم (4) لسنة 2001 بشأن حظر ومكافحة غسل الأموال، حتى يمكن ضبط إيقاع الصناديق والمؤسسات الخيرية، وهي المؤسسات التي تأتي لها الأموال، ليعاد توزيعها لمواقع مختلفة “داخل البحرين وخارجها”.وبحسب التكوين القانوني للصناديق والمؤسسات الخيرية، فهي مؤسسات خاصة ذات محدودية في مجال عملها- بحسب ما يحدده مشرع ومفسر ومنفذ مرسوم بقانون رقم (21) لسنة 1989 ” الجمعيات والأندية الاجتماعية والثـقافية والهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة والمؤسسات الخاصة”. وحيث أننا في عهد تقنين تقييد حركة المجتمع الأهلي، حتى فيما يخص الأنشطة الخيرية والاجتماعية البحتة، فلابد من توفير الحرية الكاملة لوزارة الشئون للتحكم في في هذه المؤسسات التي بدى وإنها تتمتع بمساحة “غير مرضي عنها” في مجالات “جمع وصرف” الأموال. وأفضل طريقة لذلك، بأن تتحول لجمعيات بدلاً من مؤسسات خاصة. وحتى يمكن التوطئة لفكرة التحول التي تبدو اختيارية ابتداءاً، ولكنها إجبارية بشكل مبطن- تم طرح مفهوم بأن هذه المؤسسات لا يمكنها الاستمرار في جمع التبرعات والهبات وتوزيعها على المعوزين وأصحاب الحاجات والفقراء والمساكين، كما كانت تعمل لحوالي 20 سنة مضت.

وحتى نفهم الأهداف الحقيقية وراء هذا التحول الإجباري التي سوف تتحمل الوزارة مئات الآلاف من أموال المواطنين لتنفيذها، دعنا نلقي بعض الضوء على قانون الجمعيات السيئ الذكر، لنعرف ما هو المخطط وما هو المطلوب. ( يمكن الحصول على نسخة من القانون على الوصلة:

http://www.legalaffairs.gov.bh/htm/l2189.htm)حاولت أن أعمل جرداً للدور المناط للوزير (الوزيرة) في هذا القانون خصوصاً فيما يخص الجمعيات بالتحديد، فتبين أنني سوف أجرد- من مجمل مواده التي تصل 97 مادة- كل مواد هذا القانون الخاصة بالجمعيات. فكلمة الوزير(ة)، وما يمكن أن يعمله ويقوم به الوزير(ة)، في كل مادة إجرائية تخص الجمعيات. فالوزير(ة):يرشد، ويوافق، يزيد الرسوم، ينظم سجل القيد، ويندب، ينظم شئون التبرعات والأسواق الخيرية، يطلع على السجلات، يراقب، يرخص، يعين مديراً، يحل إدارة، يدمج جمعية بأخرى، يوحد إدارات، يعدل أغراض جمعية، يحرم إدارات، يتدخل في شروط عضوية الإدارة، يلغي انتخابات، يغلق جمعية، يجمد أموال، يوقف عن العمل مجلس الأمناء أو المدير أو رئيس أو أي عضو في مجلس الأمناء، إلى غيرها من الأمور الإجرائية التي يمكن أن تطبق على الجمعيات، لتتحول الى “لعبة” بيد الوزير(ة) يعمل بها، يطوعها، بثنيها، يقطعها، يذوبها، يسيرها كما يشاء- استناداَ إلى مواد هذا القانون السيئ المنتهك للحقوق.بشكل عام، صدر هذا القانون السيئ إبان فترة تدابير أمن الدولة، قد استند على قوانين أخرى من نفس الفترة تهدف جميعها إلى تقييد ولجم أنشطة المؤسسات الأهلية. ويتكون هذا القانون من ستة أبواب، موزعة كالآتي:الباب الأول:الجمعيات (المواد 1-54) وتشمل أربعة فصول هي: أحكام عام، الجمعية العمومية، مجلس الإدارة وحل الجمعية. أما الفصل الخامس فيعنى بالأندية الثقافية والاجتماعية، وتنطبق عليها نفس أحكام المواد 1-54 السابقة. الباب الثاني: يتناول الإيواء في مادتين 56-57، الباب الثالث يعنى بالهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة (المواد 58-73)، ويتضمن أربعة فصول: أحكام عامة، الأندية، اتحادات اللعبات الرياضية، واللجنة الأولمبية. الباب الرابع يتناول المؤسسات الخاصة (وتشمل الصناديق الخيرية) في المواد 74-88. إما الباب الخامس فقد خصص للعقوبات في المواد 89- 93، وترك الباب الأخير لأحكام ختامية في المواد 94-97.وقد بانت التوجهات الحقيقية وراء فصل الشئون الاجتماعية عن العمل و توزيرها للدكتورة المحسوبة على تيار جمعية الإصلاح (الإخوان المسلمين)، كما جاء به تقرير البندر الأول والثاني. ومنذ تكوين هذه الوزارة التي تستهدف ترويض وتأميم المؤسسات الأهلية بما يضمن الولاء للنظام، تم تكوين مشاريع، وإصدار قرارات، وإعادة هيكلة إدارات للعمل الحثيث على التحكم في جريان الدم والأكسجين في عروق كل مؤسسات المجتمع الأهلي، من مؤسسات حقوقية، ونوادي رياضية، ومراكز ثقافية واجتماعية، والآن جاء دور الصناديق الخيرية – حسبما مخطط له وكشفه تقرير البندر- بغية تأميمها، كما تم من قبل تأميم الجمعيات السياسية، من خلال تسجيلها في قانون الجمعيات السياسية السيئ الصيت. ولهذا، وحتى يتم إدخال الصناديق في دهليز “التسجيل”، كما حدث للجمعيات السياسية، تم إثارة أن الصناديق لا يمكنها أن تجمع الأموال وتوزعها كما كانت، إلا إذا تحولت لجمعيات “خيرية”، حيث أن هذا البند واضح في المواد الخاصة بها. واعتقدت إدارات الصناديق- وهي منتخبة من قبل جمعيات عمومية- بأنه لا خيارات لديها – وهذا غير دقيق- إلا بالنظر في موضوع التحول لجمعيات، خشية فقدان أموال وممتلكات الصناديق، وكذلك على القدرة من جمع الأموال والهبات. ونقول هنا بأنه لا يمكن للوزارة أو أي أحد كان أن يرغم الصناديق أن تغير تصنيف وجودها القانوني من مؤسسة خاصة، إلى جمعية خيرية عامة، إلا – طواعية- بموافقة الجمعية العمومية. يجدر التذكير بأن الإدارات – المنتخبة- ليست مخولة لاتخاذ هذا القرار نيابة عن الجمعية العمومية، كما لا يمكن التحول لجمعية ما لم يتم تصفية موجودات الصناديق الحالية، بحيث “يصفر موجوداتها أو تجميدها أو تحويلها لمؤسسات أخرى”، وتبدأ تلك الجمعيات “الخيرية” من جديد. وطبعاً هذا من ضمن الأهداف غير المعلنة والتي تستهدف إضعاف المؤسسات الأهلية مادياً والعمل على زيادة الفقر والتفقير لهذا الشعب!!يبقى الحديث عن السيناريوهات الموجودة وما هي خيارات رفض توجه تأميم الصناديق الخيرية، نستعرضه كالآتي:

الخيارات:

الصناديق الخيرية الحالية، هي مؤسسات تم تسجيلها باسم القانون، ولا يمكن إرغامها -قانونيا- على التحول لجمعيات “خيرية”، خصوصاً وأن الذي يحكم الاثنين هو نفس القانون. وإذا ما أراد النظام – بشكل إجباري- تحويل هذه الصناديق إلى جمعيات، فلابد من إلغاء أو تعديل أو إعادة صياغة القانون الحالي وإصداره عبر مجالس الشورى (المنتخبة أو المعينة)، وهو أمر في متناول اليد، كما يعلم الجميع، بحيث يعتبر الصناديق الخيرية بوضعها الحالي غير قانونية، وتتخذ حيالها الإجراء المتبع، كما تم التعامل مع الجمعيات السياسية. فالنظام قادر على إصدار أي قانون يريد، سواء كان جديد كقانون الأحوال الشخصية، أو قديم- ميت اسماً، حي فعلاً- كقانون إجراءات أمن الدولة ومحكمته. فحين أصدر النظام قانون الجمعيات السياسية (رقم 26 للعام 2005م)، لم يكن أمام الجمعيات السياسية إلا خيارات أربعة:- أن تسجل في القانون الجديد، وتعيد ترتيب وضعها حسب أحكامه بما فيها الاعتراف- ضمناً وفعلا وتفعيلاً- بما أطلق عليه النظام “دستور” 2002 غير الشرعي.- أن تحل نفسها وتتوقف عن العمل السياسي.- أن تتحول إلى جمعية غير سياسية، تعمل بأحكام القانون المشار له في صدر المقال- أن تواصل العمل بالسياسة، ولكن من خارج مظلة هذا القانون، وبالتالي تعتبر غير قانونية، بحسب نظرة النظام.طبعاً الجميع يعلم، ما اختارته الجمعيات السياسية الموجودة على الساحة البحرينية.الخيار الثاني أن يقوم النظام، بلي ذراع الصناديق وابتزازها، من خلال البحث عن ثغرات، هنا وهناك، تسمح بالتدخل في شئون هذه المؤسسات وإعاقة أنشطتها والعمل على التضييق عليها وتهديدها بالحل وغيره من الإجراءات والوسائل “القانونية طبعا” التي تمتاز فيه السلطة بتمكن وحرفية. حينها سيضطر القائمون على الصناديق- وبعنوان “دفع الضرر، وحفظ ما يمكن من مكتسبات”، للتحول لجمعيات، وبهذا يقعون في الفخ، وقد عملوا ذلك بإرادتهم.الخيار الأفضل للوزارة طبعاً، أن يتقدم أصحاب الصناديق، طواعية وبكل ممنونية أن يتحولوا إلى جمعيات “خيرية”، وما هي إلا مصروفات التحويل المكلفة هي العائق![1]. وكان رد وزارة الشئون في صحف اليوم واضحاً، بأنها سوف تتكفل بدفع تكاليف التحويل، وهي 1000 دينار لكل صندوق، ويبلغ عدد الصناديق 300 صندوق. يعني سيتم صرف 300 ألف دينار لهذه العملية.

أو ليس هذا الأمر يثير الريبة والتفكر في الأهداف وراء هذا التحول، والإصرار على مواصلة المشروع، حتى وإن كلف ما كلف [2]. بلا شك، فإن أفضل الأمور وأحسنها للنظام، عندما تقوم إدارات الصناديق- طواعية ظاهراً- بتحويلها لجمعيات. حيث سيبدو الأمر وكأنه توجه طوعي وبرغبة تلك المؤسسات.

كيفية المواجهة

لابد من الوثوق بأن الوزارة لا يمكن أن تعلن بأن الصناديق الخيرية غير قانونية، في ظل وجود القانون الحالي، وكون الصناديق مؤسسات قانونية مسجلة، إلا في حالة أن تقوم السلطة بانتهاج السيناريوهين السابقين، وفي حال انتهجت أي منهما، يتضح للجميع التوجه الحقيقي البندري وراء مشروع التحول، وتتكشف الشعارات البراقة التي يطلقها المسئولون والمسئولات. ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاقتناع بحسن نوايا النظام، في ظل التجربة السابقة معه وتعاطي مؤسساته مع المؤسسات الأهلية والخيرية بالتحديد، وفي ظل ما أتى به تقرير البندر من ثبوتات أكدتها الشواهد اليومية التي يعيشها المواطن وعبر مؤسساته الأهلية.ولنفترض جدلاً أن السلطة مصرة على المضي في مشروعها التأميمي- في ظل عمليات التوهين والمسايرة- فهل توجد خيارات، تحفظ للصناديق وضعها؟ التجربة تقول ان هناك عدة خيارات يمكن أن نطرحها كالآتي:الخيار الأول: أن يتحد جميع الصناديق لعدم الانصياع لهذه الرغبة- التي ظاهرها خير وباطنها فيها العذاب. وفي ظل الموقف الموحد، لا يمكن للنظام –عبر مؤسساته الرسمية- أن ينفذ مشروعه، بل سوف يسقط ويتم وأده من خلال هذا الموقف البطولي الصامد. تجدر الإشارة إلى ضرورة التوحد، ورفض لوبيات التوهين والاختراق، والثقة بأن الناس وأفراد المجتمع، والمؤسسات الأهلية سوف تدعم هذا الموقف دون شك.الخيار الثاني: البدء في مشاريع “صناديق أهلية” غير مسجلة في كل قرية ومدينة، بالشكل السابق، من الموثوق بهم ومعروفين بسجلهم، تعنى باستلام الصدقات والمساهمات وتوزيعها على المعوزين. يمكن الاستفادة من قوائم التوزيع الحالية لدى الصناديق أو تكوين قوائم جديدة. وتقوم هذه الصناديق “الأهلية” بجميع ما تقوم به الصناديق “الرسمية” التي ينوي النظام تأميمها ومصادرة وجودها وفاعليتها، ويتضمن ذلك:- جمع الأموال والهبات وتوصيلها مباشر للفقراء والمحتاجين، – الإتفاق مع مؤسسات التمويل (برادات ودكاكين وجمعيات استهلاكية وغيرها) – سواء كان الإتفاق بشكل فردي أو جماعي.- الخيار الثالث: يتم تفريغ الأرصدة الحالية الموجودة في الصناديق، إذا ما ثبت “إرغامها” على التحول لجمعية، ونقلها لمشاريع خيرية جديدة بحيث يذهب ريعها أو أن تعنى بالمحتاجين، وتكون عامة – بعنوان عام- أو أن تكون متخصصة، كالعناية بمكفوفي البصر، أو المطلقات، أو وحيدي المعيل، أو الأيتام، أو غيرها من العناوين التي تحتاج لنوع معين من الدعم المالي الخاص. كل ذلك، بلا شك، لابد أن يكون من خلال رقابة مجتمعية شديدة، دون إطلاق في المعنى أو الممارسة.الخيار الرابع: أن تبقى الصناديق بوضعها الحالي، كمؤسسات قانونية خاصة، وتتكون جمعيات خيرية، بصورة منفردة وموازية، دون أن تؤثر على وجود وبقاء الصندوق. يعني أنه لا يوجد تعارض- بحسب ما يفهم من القانون- في بقاء الصندوق كمؤسسة، ووجود جمعية في ذات الوقت، فلكل واحد منهما توصيفه ومهامه، كما عرفها ووضحها هذا القانون.والغاية من كل الخيارات الأنفة هو الإبقاء على الصناديق الخيرية الرافدة للخير، تواصل عملها، وهو في وضعه المعاق، ولكنه موجود ليؤدي دوره المعتاد من إعانة المحتاجين والفقراء والمعوزين، ورفد المشاريع الخيرية المختلفة.والسؤال الذي لابد من الإجابة عليه هو هل بإمكان الصناديق مقاومة توجه التأميم هذا، حتى وإن اضطرت للخيار الثاني، بالعمل خارج إطار القانون الحالي؟ والجواب نسوقه كالآتي:- إن عملية جمع الأموال والتبرعات وصرفها، لم تكن يوماً محصورة في الصناديق، ولم تكن هذه المؤسسات تغني عن وجود وساءل أخرى تتكفل بتوصيل أموال المحسنين للفقراء والمحتاجين والمعوزين. تجدر الإشارة الى أن تجربة الصناديق الأولى هي بشكل غير رسمي، واستطاعت أن تعمل وتنمو وتحظى بثقة ودعم الناس وأصحاب الأيادي البيضاء والمحسنين.- يوجد في المجتمع كثير من المؤسسات “خارجة عن إطار القانون” تعمل بكل حرية وقادرة أن تتحرك بشكل واضح وملموس، وتحظى بدعم شعبي، واحترام متبادل مع مؤسسات مجتمعية داخل البحرين وخارجها. ونسوق هنا أمثلة، لإثبات النقطة وتوضيحها:o مركز البحرين لحقوق الإنسان مؤسسة تتحرك بعناوين حقوقية وتعمل خارج هذا القانون الذي أحلها، ولكن ذلك لم يمنعها من التخاطب والتفاعل المتبادل مع مؤسسات عديدة داخل وخارج البحرين، بما فيها لجان متصلة بهيئة الأمم المتحدة.o حركة الحريات والديموقراطية “حق”، حركة شعبية تطالب بالحقوق والدمقرطة وترفض التسجيل في القوانين التي تصادر الحقوق سواء في قانون الجمعيات الأهلية أعلاه (رقم 21 لعام 1989م) أو قانون الجمعيات السياسية (رقم 26 لعام 2005م). وقد حظيت الحركة باحترام وتواصل مؤسسات دولية كبرى بما فيها مؤسسات تابعة للأمم المتحدة. كما شمل نشاطها التواصل مع منظمات حقوقية معروفة ومرموقة على مستوى العالم.o لجنة الشهداء وضحايا التعذيب، استطاعت أن تقيم فعاليات مختلفة، آخرها الندوة التي عقدت في البحرين العام الماضي والخاصة بالمصالحة الوطنية التي شارك فيها شخصيات حقوقية دولية معروفة. كما ساهمت في كتابة تقرير الظل للجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة. إضافة لمشاركاتها الدولية والداخلية في الفترة السابقة. o المجلس العلمائي، كهيئة رافضة للانضواء تحت القانون الذي يقيد حركتها ويعرقل مشاريعهاo مدارس التعليم والحوزوي القادرة على مواصلة طريقها دون التسجيل- لحد الآن- في القوانين التي تأممها وتصادرها بكل ما في الكلمة من معنى.- من مصلحة النظام أن تبقى الصناديق على وضعها الحالي على أن ت
تكون صناديق “أهلية” غير مسجلة بديلة، وهو أمر جلي، عكسته وثائق البندر. فعلى أقل تقدير، هناك رصد محدود لأنشطة هذا الصناديق في وضعها الحالي. وفي حال تكونت صناديق أهلية غير مسجلة، فسوف يصعب على النظام متابعة وملاحقة أنشطتها، حيث ستعمل في الظل وتحت الأرض، وبسرية. وهو أمر لا يرتاح له النظام، ولا يطيقه.

وعليه، فلابد من الإصرار على بقاء الصناديق في وضعها الحالي- دون مضايقة أو تضييق، أو اللجوء لفكرة الصناديق الأهلية. وقد تكون فكرة احترازية أن يبدأ تفعيل مشروع الصناديق الأهلية من الآن، تحسباً لما تؤول له الأمور في الأيام القادمة، في ظل تعنت النظام وإصراره وتصلفه في تنفيذ المشاريع البندر، دون اعتبار وتحسب لردود فعل شعبية او من قوى المجتمع التي لم تعد قادرة على مواجهتها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق