Archive
Bahrain Freedom Movement
محمود عبد الصاحب البقلاوة – 11/05/2008 – 12:45 | مرات القراءة: 1067 |
كم هي سريعة الذكرى … كسرعة رحيلهم عنا …. في مثل هذا اليوم و قبل ثمانية و عشرين عاماً مضت؛ استنشقنا رائحة الشهادة و التي فاحت في البحـــرين و بالتحديد مساء يوم الجمعة الموافق 9 إبريل 1980م ؛ كان شهيدنا جميل علي محسن العلي على موعد مع الشهادة ؛ و لقاء ربه مضرجا بدمه – إرتقى حينها إلى العلى ؛ بمثل عليا – عرفناه في الحي و بالتحديد فريق المخارقة بالمنامة و كنا نناديه بـ ” أنور علي ” ؛ هكذا اسمه المتعارف عليه ؛ فكم كانت القسوة بادية علي جسده الممزق التي أحدثته الثقوب و الكي و الكسر و الضرب و الحرق و التمثيل- و التي قد تلاقفته الأيادي الرسالية و التي انتزعت الجثمان من مشرحة مستشفى السلمانية إلى مسجد المؤمن بالمنامة حينها صعقنا بهول فاجعة أخرى أثار التعذيب البشع أعظهما إستخدام مثقاب كهربائي لخرق مناطق مختلفة من جسده وحرق بالمكواة الكهربائية و بالسجائر صدره و ظهره بالإضافة إلى الكسور الظاهرة للعيان في يداه و أرجله و أضلاعه كل ذالك رأيناه برأي العين المجردة و إلتقطته الكاميرا الفوتوغرافية – و لكي يكون شاهدا و شهيدا على جرائم البشرية فأسفرت بذلك في ليلة الشهيد و الشهادة عن ولادة رسالية سياسية ضاغطة .كنا نتساءل ما هو الجرم الذي ارتكبه لكي تمزق جسده آليات التعذيب المختلفة من قبل جلاوزة السلطة أئنذاك ليلاقي صنوف التعذيب بجسده – فهل التخلص المادي الجسدى سوف ينهى القضية والقضايا – فحتى السجين ببدنه لا يستطيع السجان حجر و حجز فكره و ثقافته و نفسه و لأن الإنسان جسداً و روح لا يستطيع السجان أن يفتك الروح كما يفتك الجسد .و ها هو الشهيد جميل العلي شاهد عصر على التعذيب من خلال ما قام به أخوانه الرساليين من عرض صور التعذيب البشع البادية على جسده في شتى أنحاء العالم لتتعرض السلطة للإدانة الدولية على جريمة بشرية بشعة. فإن قام السجان بنفي الجسد فإن الروح لخالقها و الفكر و المظلومية تبقى للمجتمع يستذكره ؛ فإن الجسد الممزق قابلته روح فاضت إلى بارئها و ذكرى أليمه لدى الرساليون و الشعب و الوطن .لذا إن تخليد ذكرى الشهداء و إقامة المشاريع و المنتديات بأسماء الشهداء لهو اقل ما يمكن أن يوفى حقهم في أنهم أصبحوا السياج الذي سطروا أروع البطولات و خلدوا ورائهم تاريخ حفل بالتضحية و الفداء لأجل المجتمع و الوطن و لكي يكون الشهيد معبر للتاريخ و المستقبل المشرق .
فالحديث عن الشهادة والشهيد لا يمكن أن يصاغ بعبارات علمية ولا بمعادلات رياضية.. إذ أنه حديث “الروح” لا حديث “العقل” … التحليلات الفلسفية والعلمية والعقلية لا تستطيع أن تخلق الإنسان المجاهد، ولا بمقدورها أن تبعث في الموجود البشري اندفاعاً نحو الاستشهاد.. الشهيد إنسان ارتفعت روحه إلى مستوى الشهادة.. وتحررت روحه من قيود الشهوات الهابطة، فأضحى منطقه منطقاً جديداً و معبّراً لرسالته، وكسر إطار ذاتياته لينصهر في هدفه السامي.