Archive
Bahrain Freedom Movement
” و في الواقع فإن التحذيرات التي أطلقت منذ شيوع ظاهرة الميلشيات المسلحة في البحرين قد آتت أكلها و مثلما أتت على قتل أحد أبناء الوطن الأصليين” علي جاسم” في 17 ديسمبر الماضي و أدت إلى استشهاده فقد أتت على قوات الميلشيات نفسها، الأمر الذي يؤكد خطأ التسرع في الإدانة بغية الهروب إلى الأمام، وضرورة تداركه برفع قضية الميلشيات إلى أقصى حد..”
لا شماتة في الموت، هكذا يقول أهل البحرين في مقتل أحد رجال الشرطة من أصول باكستانية، فالقتيل رحل إلى مكان أكثر عدلا و القضايا أكثر وضوحا من هنا . حسب الرواية الرسمية فإن والد الشرطي المقتول يعمل في وزارة الداخلية منذ 19 عشر سنة يوم أن جاء إلى البحرين بمعية أبنه البالغ من العمر 4 سنوات. لم يقطع والد ماجد صلته بباكستان و قبل أن يقتل ماجد” حسب التسمية الرسمية في حين أن الاسم الأصلي له هو بخش السيد علي” كان والده يخطط لعقد قرانه في باكستان على إحدى بنات عمومته في باكستان .
الراوية الرسمية كانت متضاربة منذ صدروها، وكان صعبا على أي أحد تصديقها لاحتوائها على كثير من التناقضات و طريقة الإعلان عن خبر مقتل الشرطي ماجد. رغم مرور أكثر من أربعة أيام على مقتله إلا أن الأمور لا تزال غامضة و لا توحي أن هناك نية لكشف حقيقة ما جرى بالفعل. ردة الفعل كانت صارمة جدا من قبل الناس الذين يؤكدون أن الحكومة تقف من وراء مقتل الشرطي خصوصا و أن نشر الخبر جاء متزامنا مع وقت الوفاة المعلن عنه الأمر الذي فهمه الناس على أن البيان كان مكتوبا قبل هذه الفترة فالأمر إما أن يكون مدبرا قبل مدة أو أن الأمر يحتوي غموضا تحاول الحكومة أن تلعب بأوراقه.
الحادث لا يعدو أن يكون صدفة و كان بالإمكان أن ينتهي كأي حادث عادي،لكنه أدير بغباء و بطريقة غير محبوكة لا تزال أجهزة وزارة الداخلية عن تدارك آثار ذاك الغباء كما يقول أحد المواطنين. فبعد أن أشعاع بيان وزارة الداخلية أن المقتول قد مات متأثرا بحروق قنابل المولوتوف و أن عدد الأشخاص الذين قاموا بإلقاء هذه القنابل تجاوز 30 شخصا، جاءت تصريحات جد المقتول متناقضة جدا حيث قال أن حفيده لم يمت متأثرا بالحروق التي كانت بسيطة و غير مؤثرة مقارنة مع الكسور و الكدمات التي علت جسده. أما الفضيحة الكبرى فكانت إدعاء وزارة الداخلية أن الشرطي المقتول بحريني الجنسية و يحمل الولاء للبحرين أكثر من مواطنين أصليين، إلا أن المقتول و برغبة من أهله حمل إلى باكستان ليدفن فيها و أن والده كان يخطط للرجوع إلى باكستان بعد أن تقاعد من عمله في الداخلية. كان بإمكان وزارة الداخلية و جهازها الإعلام يتدارك هذا الأمر إلا أن السفارة الباكستانية و من وراءها مؤسسة العمال الباكستانيين في الخارج التابعة للحكومة الباكستانية التي أوعزت إلى السفارة بضرورة تقديم شتى أنواع المساعدة الممكنة لعائلة ماجد ” بخش”، فوت فرصة هذا التدارك وجعل وزارة الداخلية في أكبر ورطة، و اتضح أن أغلب أفراد العائلة حائزون على الجنسية البحرينية، لكن ماجد ” بخش” كان يحمل جواز السفر الباكستاني.
المراقبون الذين أدنوا الحادث لم يغفلوا عن التلميح إلى قوات الشرطة و الأجانب الذين يعملون فيها فضلا عن قوات الميلشيات التي تعمل بجانب قوات مكافحة الشغب، إذ تداولت كثير من الأقوال تؤكد أن السيارة التي كان الشرطي المقتول فيها هي غير السيارة التي أظهرتها وزارة الداخلية و أن تبديلا قد حدث للسيارة المدنية التي كان فيها. إلا أن الراوية الأكثر تماسكا قد عرضت من قبل أحد أعضاء ملتقى البحرين استنادا لرواية شهود و هي كالأتي:
” كانت هناك ثلاث سيارات تابعة إلى المليشيات التابعة للأجهزة الرسمية في موقع الحدث , أحد السيارات أصيبت بالمولوتوف واثنتان لم يصبهما شيء , السيارة المصابة مع أحد السيارات انطلقت للإشارة والرجوع مره أخرى , تبقى سيارة قد وقفت فور ذلك ولم يصبها أي ضرر وقد نزل أفرادها للإطلاق المسيل للدموع , كانت السيارتان مسرعتان بسرعة جنونية ولم يكن بحسبانهم أن زميلهم يطلق الغاز المسيل للدموع , لذا دهست السيارة الثانية – الشرطي – وهو يطلق الغاز المسيل للدموع – ومات فور الحادث , وفر الجيب هارباَ بعد ذلك , لقد تم استبدال الجيب المصاب بالمولوتوف رغماَ بعدم اشتعاله بالنار ,وكانت إصابة الجيب بسيطة جداَ ولقد تم إشعاله بالنار من قبل الميلشيات فور الحادث , واتت رافعه تحمل الجيب الأول والذي نزل منه الأفراد .. ومن ثم أتت سيارات المرور والإسعاف , وقوات مكافحة الشغب لمحاصرة المكان..”
السؤال الذي شغل كثير من الناس المتابعين لحادثة مقتل الشرطي ماجد ” بخش” كان يدور حول أهداف الحكومة في افتعال هذا الحادث بعد فشل كثير من الحوادث المشابهة . الإجابة التي لا تحتمل التأجيل كانت أن الحكومة تهدف إلى الضغط على قوى المعارضة لأخذ مزيد من التنازلات السياسية من قبلها من جهة و التشكيك في وطنيته و التأكيد على إلصاق تهمة الإرهاب على ممارستها. فالقوى التي تقف خارج اللعبة الرسمية مهددة بتهمة الإرهاب و القوى التي تعلب في ملعب الحكومة مهددة بالضغط و النتيجة أن كلا الطرفين تحت مرمى أسلحة الحكومة، و أن كلا الطرفين يجب أدانتهما معها. تنفيذا لهذا الغرض قام المندوب السامي كما يطلق عليه محليا النائب جاسم السعيدي المعروف بالتهويل و الصراخ استغل رواية جد المقتول و قراءها في خطبة صلاة الجمعة من أجل تأليب الرأي العام ضد الطائفة الشيعية و ضد المجلس العلمائي الشيعي و ضد المعارضة و تبعه في ذلك كثير من الأقلام الصحفية خصوصا. لم يكن خافيا أن السعيدي الذي كان حاضرا مع و لي العهد في بيت الشرطي المقتول يعمل لحساب تنظيم خالد بن أحمد السري المعروف بتنظيم البندر ، لذا حاول جاهدا أن يكون المبادر الأول و أن يحظي بمباركة الديوان الملكي . و بسرعة فائقة عمل تلفزيون البحرين على استضافة نائبة مجلس الشورى سميرة بن رجب لتكيل الاتهامات للطائفة الشيعية و لقوى المعارضة متهمة إياهم بالخيانة و تلقى أموالا من إيران و السعي لإقامة دولة ولاية الفقيه في البحرين.
و في الواقع فإن التحذيرات التي أطلقت منذ شيوع ظاهرة الميلشيات المسلحة في البحرين قد آتت أكلها و مثلما أتت على قتل أحد أبناء الوطن الأصليين في 17 ديسمبر الماضي و أدت إلى استشهاده فقد أتت على قوات الميلشيات نفسها، الأمر الذي يؤكد خطأ التسرع في الإدانة بغية الهروب إلى الأمام، وضرورة تدراكه برفع قضية الميلشيات إلى أقصى حد.
و سواء كان المقتول قد قتل على يد الذين يعملون معه أو قتل قبل ذلك و أقحمت جثته في الموضوع فإن وزارة الداخلية مطالبة بتشكيل لجنة كشف حقائق بعد أن اتهم أفرادا من منطقة الحدث و وجهت إليهم تهمة القتل و هددت بإعلان أحاكم الإعدام.