Archive
Bahrain Freedom Movement
مقدمة من: 1- محمد سعيد السهلاوي المتهم الأول 2- حسين عبدالعزيز سلمان المتهم الثاني وكيلهما المحامي محمد أحمد عبدالله ضـــد النيابة العامة في الدعوى الجنائية رقم 8350/2006 المحدد لنظرها جلسة يوم 14/يناير/2007 لدى المحكمة الصغرى الجنائية- الدائرة الثالثة الموقرة أسندت النيابة العامة للمتهمين أنهما بتاريخ 16/11/2006: أولاً: حازا وأحرزا مطبوعات تتضمن تحبيذاً وترويجاً لتغيير النظام السياسي والإجتماعي والإقتصادي للدولة بوسائل غير مشروعة، وذلك عملاً بالمادة (161) من قانون العقوبات. ثانياً: حازا وأحرزا مطبوعات تتضمن أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة ومغرضة من شأنها إضطراب الأمن العام وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة بدون سبب مشروع.
ورداً على ما أسندته النيابة العامة إلى المتهمين فإنهما يتشرفان بتقديم هذه المذكرة بدفاعهما.
الدفــاع:
أولاً: تنص المادة (161) من قانون العقوبات، وهي مادة التجريم موضوع الدعوى، على أنه “يعاقب بالحبس أو بالغرامة من حاز بالذات أو بالواسطة أو أحرز محرراً أو مطبوعاً يتضمن تحبيذاً أو ترويجاً لشيء مما نص عليه في المادة السابقة بدون سبب مشروع”. ويتضح من هذا النص أن المشرع أحال إلى المادة (160) من ذات القانون، وذلك فيما يتعلق بمضمون المحرر أو المطبوع محل التجريم، وبمطالعة هذه المادة نرى أن نصها يجري على أنه “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات من روج أو حبذ بأية طريقة قلب أو تغيير النظام السياسي أو الإجتماعي أو الإقتصادي للدولة بالقوة أو التهديد أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة”. وعليه فإن مناط التجريم هو أن يتضمن المحرر موضوع الواقعة دعوة صريحة إلى إستخدام وسائل غير مشروعة تهدف إلى تغيير النظام السياسي أو الإجتماعي أو الإقتصادي للدولة. وعلى الرغم من أن مادة التجريم (161 عقوبات) لم تحدد ماهية الوسائل غير المشروعة التي لا بد من أن يكون التحبيذ أو الترويج داعياً إلى إستخدامها لكي يصبح فعل حيازة المحرر فعلاً مجرماً، إلا أن كل من المادتين السابقتين وهما (159) و (160) عقوبات نصتا على بعض تلك الوسائل والتي تمثلت في إستعمال القوة أو التهديد.
ولما كان مفاد ما تقدم أنه لا جريمة إذا ما كان المحرر موضوع الحيازة أو الإحراز لا يتضمن دعوة إلى تحبيذ أو ترويج تغيير النظام السياسي للدولة بإستخدام وسائل غير مشروعة كإستخدام القوة أو التهديد بإستخدامها. بل أن مفهوم المخالفة لنص المادة (161) سالفة البيان هو إجازة فعل حيازة أي محرر يدعو إلى تحبيذ تغيير النظام السياسي للدولة بإستخدام وسائل سلمية، فليس في مثل هذا الفعل، أي فعل حيازة محرر يحبذ تغيير النظام السياسي للدولة دون إستخدام وسائل غير مشروعة، أي جريمة. وحيث كان ذلك، وبالإطلاع المتفحص والمدقق لكل عبارات المحرر موضوع الإتهام والذي تقول النيابة العامة أنه يتضمن تحبيذاً لتغيير النظام السياسي للدولة بوسائل غير مشروعة، نجد خلو هذا المحرر من أية دعوة إلى إستخدام القوة أو التهديد بإستخدامها لتحقيق الغايات التي تزعمها النيابة العامة. ولكي لا نكون ممن يطلقون القول على عواهنه، فإننا نستأذن عدالة المحكمة الموقرة في التدليل على ما نقول وذلك من واقع المحرر موضوع الإتهام، وذلك على التفصيل التالي:
1- في الصفحة رقم (2) يقول من كتب المحرر موضوع الإتهام، والذي قرر المتهمان في تحقيقات النيابة العامة بأنه الدكتور سعيد الشهابي، يقول “أن هذا الكتيب يهدف لطرح وجهة نظر شخصية… وأن المفاهيم المطروحة قابلة للنقاش…”، فالمؤلف يقول بأن ما كتبه هو رأي شخصي قابل للنقاش وليس دعوة لإستخدام وسائل غير مشروعة لقلب النظام السياسي.
2- في الصفحة رقم (13) يقول المؤلف “ولكننا ننطلق من الشعور بالمسئولية في مواجهة الظلم بدون كلل أو تراجع، في إطار مشروع المقاومة المدنية الشاملة التي نأمل أن تتطور تدريجياً بعون الله”، ولم يقل المؤلف في إطار المقاومة المسلحة أو بإستخدام القوة أو التهديد.
3- في الصفحة رقم (24) يقول المؤلف “…وأن يستفيدوا من الجمعيات لتسهيل العمل لتحقيق الأهداف الأساسية الكبرى، وفي مقدمتها الإصرار على إعادة العمل بدستور البلاد التعاقدي الذي توافق عليه الشعب مع العائلة الخليفية في 1973”. فالهدف الأساسي الكبير والذي يأتي في المقدمة طبقاً لرأي كاتب المحرر هو الحفاظ على النظام السياسي والإقتصادي والإجتماعي الذي حدده دستور البلاد وليس تغييره أو قلبه كما تزعم النيابة. فكيف يكون مثل هذا الرأي من قبيل الترويج والتحبيذ لتغيير النظام السياسي بوسائل غير مشروعة ؟ .
4- في الصفحة رقم (40) يقول المؤلف بكل صراحة ووضوح “…هذا النظام الظالم يجب مواجهته بلا هوادة، بكافة الوسائل السلمية المشروعة”، ولم يقل بالوسائل الحربية غير المشروعة. فأين الجريمة في هذا ؟ ولا يغير من ذلك توصيف المؤلف للنظام بأنه ظالم فهذا رأي شخصي لا يعاقب عليه القانون ومن حق أي شخص أن يبديه، كما أن من حق أي شخص آخر أن يقول أن هذا النظام عادل.
5- في الصفحة رقم (46) يقول المؤلف “نحن لا نريد العداء، بل نسعى للتصالح والإستقرار ولكن بشرط أن يكون هناك إعتراف بوجود شعب البحرين…”. وهذه عبارات قاطعة في دلالتها على نبذ العداوة مع النظام السياسي وإن عبرت عن الإختلاف معه ومعارضته بإعتبار هذا الإختلاف وتلك المعارضة حق أصيل لكل مواطن ولا جريمة في إعتناقهما، والدعوة لهما.
6- في الصفحة رقم (50) يقول المؤلف “…نورد هذه الأمثلة ليس بهدف الدعوة إلى العنف، فقد رفضنا العنف وما نزال…”، فأين هذا من زعم النيابة العامة بأن المحرر موضوع الدعوى يتضمن تحبيذاً لاستخدام وسائل غير مشروعة لتغيير النظام السياسي.إذن فكل هذه العبارات تقطع وبشكل جازم بأن ما يتضمنه المحرر موضوع الدعوى بعيد كل البعد عما تحاول النيابة العامة إضفاؤه عليه من أوصاف. ولا يغير من ذلك ما رددته النيابة العامة على مسامع المتهمين أثناء التحقيق معهم بأنهم حازوا محرراً يدعو إلى تغيير نظم الدولة بوسائل غير مشروعة من ضمنها الدعوة إلى العصيان المدني، وذلك ترديداً من النيابة العامة لما ورد في المحاضر المعدة من ضابط إدارة التحقيقات الجنائية دونما تبصر أو تدقيق. ذلك أن عبارة “العصيان المدني” لم ترد بتاتاً في المحرر موضوع التهم، بل أن إدارة التحقيقات الجنائية ممثلة في أحد ضباطها حشر هذه العبارة حشراً في المحاضر التي أعدها. وحتى إذا ما إفترضنا أن هذه العبارة قد وردت في المحرر موضوع الدعوى أو أن السياق العام لهذا المحرر يدعو إلى “العصيان المدني”، وهذا ما لا نسلم به، فإن نصوص التجريم لا تتناول أي توصيف للعصيان المدني أو بإعتباره من قبيل الوسائل غير المشروعة المعاقب على تحبيذها.
وحيث كان ما تقدم فإن شروط التجريم المحددة طبقاً لنص المادة (161) من قانون العقوبات غير قائمة أو متوافرة في الواقعة موضوع الدعوى مما تنهار معه التهمة الأولى المسندة إلى المتهمين.ثانياً: تنص الفقرة الثانية من المادة (168) من قانون العقوبات، والمسند للمتهمين تهمة مخالفتها، على أنه “ويعاقب بهذه العقوبة من حاز بالذات أو بالواسطة أو أحرز محرراً أو مطبوعاً يتضمن شيئاً مما نص عليه في الفقرة السابقة بدون سبب مشروع”. ويحيل هذا النص إلى الفقرة الأولى من ذات المادة وذلك فيما يتعلق بمضمون الأخبار أو البيانات المجرم إذاعتها وهي “أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو بث دعايات مثيرة إذا كان من شأن ذلك إضطراب الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة”.
والحال إن النيابة العامة لم تقدم لنا أي دليل على صحة هذه التهمة أو ثبوتها في حق المتهمين. فأين هي الأخبار أو البيانات أو الإشاعات الكاذبة التي من شأنها إضطراب الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو الإضرار بالمصلحة العامة ؟ ولا ينفع النيابة العامة أن ترتكن إلى العبارات التي تضمنها المحرر، والتي تعبر عن رأي كاتبه، والتي وصف فيها النظام السياسي بالظلم أو بعدم العدالة، فتلك كلها عبارات تكشف عن الرأي الشخصي لمحرر المطبوع موضوع الإتهام. وهو رأي يحق له ولغيره من المواطنين أن يبدوه إستعمالاً منهم لحقهم المقرر طبقاً لصريح نص المادة (23) من الدستور والذي يجري على أن “حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون”. وهذا الحق ليس حقاً مقصوراً على مؤلف المحرر وإنما هو حق عام يتمتع به الكافة بما في ذلك المتهمين. ذلك أنه، وبصرف النظر عن إتفاق المتهمين أو إختلافهما مع مؤلف المحرر فيما ذهب إليه من آراء، فإن من حق المتهمين أن يسعوا إلى الحصول على مختلف المعلومات والآراء التي يودون الإطلاع عليها، بل أن لهم الحق في أن ينقلوا هذه المعلومات إلى الآخرين، وذلك إستخداماً منهم لحقهم المقرر بموجب الفقرتين 1، 2 من المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي أصبح جزء من التشريعات الوطنية وذلك بإنضمام البحرين إليه بموجب القانون رقم (56) لسنة 2006 المنشور بعدد الجريدة الرسمية رقم
(2752) الصادر بتاريخ 16/أغسطس/2006، إذ يجري نص الفقرتين سالفتي الذكر على أنه “1- لكل إنسان حق في إعتناق آراء دون مضايقة. 2- لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في إلتماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما إعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”.
وعلى ذلك فإن قيام المتهمين بنسخ المحرر موضوع الإتهام ونيتهما في توزيعه ما هو إلا إستخدام منهما لحق قانوني نصت عليه المادة سالفة الذكر، وعليه فإنه لا جريمة طالما كان الفعل قد تم إستعمالاً لحق مقرر وفقاً لأحكام القانون. وحتى إذا ما إفترضنا أن المتهمين يتفقان مع آراء مؤلف المحرر وهو د. سعيد الشهابي، وهو ما قررا خلافه، فإنه ليس في ذلك من جرم يستحقان العقاب عليه. بما في ذلك ما تضمنه المحرر من الدعوة إلى مقاطعة الإنتخابات النيابية التي تمت مؤخراً في البلاد. فمقاطعة الإنتخابات هو موقف سياسي يجوز لأي مواطن أن يتخذه وأن يدعو غيره من المواطنين أن ينضموا إليه فيه وليس من حق أي جهة أن تحجر على هذا الحق أو أن تصادره، وإلا أصبحنا في دولة القمع والعدوان وليس في دولة حرية الإنسان.لذلـــك
ولكل ما تقدم فإن المتهمين يلتمسان الحكم ببرائتهما من التهم المسندة إليهما.ودمتم سنداً للعدالة والحق،،،