Archive

حركة أحرار البحرين

لسنا بصدد عرض مشروع المعارضة الذي كثيرا ما يسعى المرجفون لاثارته بهدف التشكيك والبلبلة، فهو مشروع تاريخي لم يطرحه الجيل الحالي او الذي قبله، بل طرحه أسلافنا المجاهدون منذ تسعة عقود تقريبا، تركز هذا المشروع على رفض الحكم الخليفي الا ضمن أطر متفق عليها بين العائلة الخليفية وشعب البحرين. ولم يشد عن هذه القاعدة أي طرف من اطراف المعارضة طوال الفترة الماضية الا مؤخرا عندما قرر البعض التخلي عن مبدأ “الشراكة في صياغة نمط الحكم”، والاقتصار على معارضة “الحكومة”.

ولتوضيح ذلك نقول انه منذ الاحتلال الخليفي للجزر لم تحظ العائلة الخليفية بشرعية شعبية الا في الفترة ا لتي اعقبت الانسحاب البريطاني وذلك من خلال دستور 73. وقبل ذلك، كانت البلاد تحت الحماية البريطانية رسميا منذ التوقيع على اتفاقية منع القرصنة في 1820 حتى الانسحاب البريطاني في 1971. كان النضال الوطني في تلك الفترة موجها ضد الاستعمار البريطاني، لان العائلة الخليفية لم تكن تتمتع بسيادة خاصة. ويعتبر الدستور التعاقدي الوثيقة الوحيدة التي منحت آل خليفة شرعية الحكم في البلاد، ولم يتخل عنها رئيس الوزراء، برغم استبداده وديكتاتوريته،  على مدى 25 عاما من المعارضة لعلمه انه المصدر الوحيد لشرعية حكم عائلته. بينما الشيخ حمد ذهب أبعد من ذلك، فألغى الدستور التعاقدي وما يمثله من اعتراف بوجود شريك سياسي هو شعب البحرين. ففرض دستوره الخاص في 2002 الذي رفضت قطاعات واسعة من المعارضة الانصياع له نظرا لما يمثله من الغاء الاعتراف الخليفي بوجود شعب البحرين. ادى ذلك الى حدوث شرخ واسع في صفوف المعارضة. فذهب بعضها الى مسايرة الحكم وعدم الاعتراض على تفرد العائلة الخليفية بتحديد نمطه، بينما أصر البعض الآخر على اعتبار الحكم غير شرعي، وان المشكلة في البحرين هي مشكلة حكم، وليست مشكلة حكومة. ونلاحظ اليوم الدعوات التي تنطلق هنا وهناك لتبرير ذلك بان “الناس جياع” و “اننا نهدف للحفاظ على حقوق الناس” و “توفير عيش مناسب لهم”.

لسنا معنيين هنا بالدخول في صراع مع اي طرف شعبي، بل ان همنا الاكبر هو مواجهة نظام الحكم، من اجل اقامة حكم يحظى بشرعية شعبية من خلال توافق وطني، ورفض مشروع الشيخ حمد الذي ألغى وجود الشعب في صياغة نمط الحكم. لا نريد الدخول في دوامة من النقاش مع الحكومة، فلسنا معنيين بذلك، لاننا نرفض الحكم القائم جملة وتفصيلا، ونعتقد بعدم شرعيته لانه لم يحصل على شرعية شعبية من خلال استفتاء وطني. هذا التيار المتنامي من المعارضة التي تعتبر امتدادا للمعارضة التاريخية، له ثوابته التي لن تتخلى عنها يوما.  اول هذه الثوابت ان نمط الحكم في البحرين يصوغه ابناء البحرين، ولا تفرضه العائلة الخليفية من طرف واحد. وسيظل هذا اساسا للمعارضة لن تحيد عنه ولن تساوم عليه. ثانيها ان الازمة الحالية هي مع نظام الحكم وليس مع الحكومة، ولا شأن مباشرا لنا مع اعضاء مجلس الوزراء الذي يعينون من قبل العائلة الخليفية، ويصبحون عبيدا مأمورين لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا. قد يقول البعض ان بعضهم يقدم خدمات جيدة للمواطنين، وهذا أمر صحيح، ولكن حتى العبيد المملوكين لدى السادة يقدمون للمحتاجين فتات الطعام من على مائدة الأسياد ك “مكرمة” و “منحة” وليس كحق. ثالثا اننا لن نعمل يوما من داخل الاطر التي فرضتها العائلة الخليفية، بل نسعى لتحدي تلك الاطر واضعافها، وهذا يحتاج لتفعيل متواصل للمقاومة المدنية التي تهدف لاضعاف سلطة القوانين التي يفرضها النظام الديكتاتوري على رقاب الناس بهدف اخضاعهم وتركيعهم واستعبادهم. وسنظل نقاوم كافة ما يصدر عن العائلة الخليفية، سواء بشكل مباشر، ام عن طريق مجالس الشيخ حمد التي شكلها لتلميع صورته وتضليل الرآي العام، فهي مؤسسات قائمة على اساس دستور غير شرعي، وبالتالي فلا شرعية لها، ولن يستطيع احد منحها تلك الشرعية مهما حاول، لانها تستند الى دستور فرض على الناس بالقوة، واعتبرته المعارضة قاطبة، مرفوضا. وليس على رافضي ذلك الدستور تبرير رفضهم، ولكن على من يتعايش مع ذلك الدستور ان يبرر للمواطنين التناقض بين رفضه والخضوع له.
وثمة ثوابت فرضتها تطورات الوضع في السنوات الاخيرة. منها رفض اية محاولة لحماية المعذبين الذين مزقوا أشلاء ابناء البحرين وفي مقدمتهم ايان هندرسون وعادل فليفل وعبد العزيز عطية الله وخالد الوزان وبقية القتلة والسفاحين. فقضية الشهداء وضحايا التعذيب لن تتحول الى مسألة تعويضات مادية فقط مع ابقاء الذين ارتكبوا جرائام التعذيب بمنآى عن القانون والمحاسبة. وهناك بعض الاصوات التي ترتفع بين الحين والآخر مطالبة بحصر القضية في التعويضات المادية، ونقول لهؤلاء: ان الخطوة الاولى لحل هذه المشكلة تبدأ بتطبيق توصيات لجنة مكافحة التعذيب التي تنص على اعادة صياغة القانون 56 لكي لا يمنح الحصانة للمعذبين من المحاسبة القانونية. ومن الثوابت ايضا ان المعارضة تعمل باستقلال كامل عن العائلة الخليفية ومشروعها السياسي، فهي لا تعترف بحكمها ولا بمشروعها الا ضمن اتفاق مع شعب البحرين. وفي غياب هذا الاتفاق ستظل المعارضة تقاوم الحكم وتسعى لتغييره لانه حكم غير شرعي، بكافة الوسائل السلمية المتاحة، بما في ذلك العصيان المدني. وان فصائل المعارضة ستعمل خارج الاطر الرسمية التي فرضتها العائلة الخليفية ولن تسعى لكسب اعتراف من تلك الاطر والمؤسسات غير الشرعية، بل ستظل بمنأى عنها بشكل كامل، وستقاومها وتفضحها كمؤسسات غير شرعية لانها قائمة على دستور غير شرعي. ومن الثوابت ايضا مواجهة مشروع التجنيس السياسي الخبيث الذي يمارسه الشيخ حمد وعائلته، واعتبار ذلك تطهيرا عرقيا اجراميا يجب مقاومته بلا هوادة، ومعه سياسات التوطين والاستيطان. كما ان المعارضة ستظل تستنصر باصحاب المواقف والضمائر من مناضلي العالم ضد هذه العائلة الجائرة  التي سلبت خيرات البلاد وثرواتها واراضيها وسواحلها ونفطها، وستلجأ الى الجهات الشريفة في هذا العالم ومنها مؤسسات الامم المتحدة لفضح هذا النظام غير الشرعي. ولن يفت في عضدها بعون الله، الاساليب الخبيثة للحكم.
هذه بعض ثوابت المعارضة التي آلت على نفسها ان لا تتدنس ايديها بمصافحة أيدي اللصوص والقتلة والمعذبين من ابناء العائلة الخليفية الظالمة، وستظل ملتزمة بها، وتستمد العون من الله، فهو الناصر والمعين، ولا يضيرها ارجاف المرجفين، او تثبيط المتخاذلين، او نداءات الخائفين والمتعبين. فالمعارضة تسير في عروق ابناء البحرين المظلومين، ولكن الله ناصرها ومعينها ومسددها، فهو نعم المولى ونعم النصير.

اللهم ارحم شهدائنا الأبرار وفك قيد أسرانا يا رب العالمين.

حركة أحرار البحرين الإسلامية
6 أبريل 2007م

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق