Archive

مجموعة رامز اليمنية

2ekhrojoyamalaein-8102204

 .

     كتب
         كتاب التجنيس والتغيير    الديموغرافي    في البحرين

        عبدالله مؤمن

الطبعة الأولى

1423هـ 2002 م

جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة

دار الفنون للنشر

بيروت ـ لبنان

 بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ(2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)

سورة العصر

مقدمة

واجهت معضلة التركيبة السكانية قبيلة آل خليفة منذ دخولها البحرين قبل أكثر من قرنين من الزمن، فسعت باستمرار إلى تغييرها ما استطاعت إلى ذلك سبيلا عبر إغراءات إلى القبائل ذات النزعة العدوانية التي نزحت معها قديما, وحاليا ومنذ عقود ثلاثة عبر برنامج غير قانوني لتجنيس أكبر عدد ممكن من الأجنبي التي تطمئن إليه وتسلمه المناصب الحساسة في الجيش والشرطة, وضمن مقاييس طائفية بحتة تم استيراد وتعليف وتوطين وتوظيف وتجنيس عشرات الآلاف من البشر الجهلة من البدو وأبناء الصحاري العربية وغيرها التي تسمع وتطيع حاكمها دون أن تتحاكم إلى القيم أو تستند إلى الأعراف, وظيفتها قمع أهل البلد الذين يناضلون من أجل حريتهم ويجاهدون في سبيل دينهم, وتوسع مسلسل التجنيس إلى المقيمين في البلد ومواطني دول الخليج العربية رغبة في كسر هذه المعضلة, فكانت ظاهرة خطيرة لا تتكرر في التاريخ ولم نعلم نظاما منذ خلق الله آدم حتى هذا اليوم أقدم على ما أقدم عليه النظام في البحرين من الاستعانة بالمرتزقة والجلادين الأجانب ضد شعبه الأعزل لقمعه ونهبه وتعذيبه في عملية سرية يرفض الإفصاح عن أرقامها وتفصيلاتها, وميزهم عليه في وظائفهم ومساكنهم وخدماتهم أملا في أن يكونوا عنصر الاستقرار والأمن وحماية له من المواطنين.

ارتكز المخططون للنظام على أمل يفترض أنّ تغيير الوضع الديموغرافي للبحرين وهويتها الثقافية سيجعل منها مجموعة مجتمعات صغيرة غير متجانسة ويرفع عقدة الغالبية الشيعية وسيجنبها الثورات الشعبية وسيحافظ إلى أمد غير معلوم على الحكم القبلي دون إعطاء أهمية واسعة للآثار السلبية المدمرة التي ستبتلي بها البلد من جراء عمليات التجنيس التي لم تنته حتى بانت سلبياتها فاتسعت نسبة البطالة والفقر وكثرت الجرائم والسرقات وارتفعت نسبة الأمية وتزايد الضغط على خدمات الصحة والتعليم وغيرهما واتسعت الفجوة بين الشعب والحاكم وانعدمت الثقة وتشعّب المجتمع, وآثار وسلبيات لا تخص شريحة دون أخرى حتى تصل النوبة إلى تهديد النظام نفسه من المستوطنين الجدد.

ولقد استمعنا إلى الآراء الشعبية والاحتجاجات المختلفة التي قام بها المواطنون دون أن يستمع النظام إليها أو يسمح بالمحاورة فيها أو تناولها في وسائل الإعلام المختلفة, ورأينا عشرات المقالات الرافضة والناقدة للتجنيس كلها تصرخ بصوت واحد أوقفوا التجنيس وارجعوا المجنسين إلى بلدانهم الأصلية.وإيمانا منا بأهمية الموضوع نشارك شعبنا همومه ونبيّن التجنيس ومتعلقاته, سائلين الله التوفيق.

عبد الله مؤمن

الفصل الأول

أسباب

التجنيس

أسباب التجنيس

السؤال الذي يطرح نفسه باستمرار ويسأله المراقبون للأوضاع السياسية في البحرين يتمحور حول الأسباب الحقيقية التي تدعو النظام في البحرين لاستيراد وتجنيس الأجانب, ويجلب المرتزقة من شتّى بقاع الأرض, ويتحمل جميع مصاريفهم ويهيئ لهم جميع أسباب الراحة والحياة الكريمة, والمواطن ينام في بحر من الفقر والمعاناة, محروم من حقوقه الأساسية, والبحرين دولة صغيرة تمثل رأس دبوس على خارطة العالم, رواتب شعبها بسيطة ومتواضعة, وشعبها مشرد ورهين السجون والمعتقلات, مُحبط, مغلوب على أمره, يفتقر إلى أبسط حقوق المواطنة, عاطل عن العمل, وبها كثافة سكانية عالية, وتعاني من مشاكل إسكانية وضعف في الخدمات الاجتماعية من صحة وتعليم, إلى غيرها من الأسباب التي سنتحدث عنها بتفصيل أكثر, وحكومته تعلن دوما بأنّ البلد محدود الموارد, وتستقبل المساعدات من دول الخليج العربية لمشاريعها ! والجواب الواضح أنّ الهدف الأصل والأساس في التجنيس هو محاولة القضاء على الوجود الشيعي في البحرين, وكل هذه الجيوش لحرب تحرير البحرين من الشيعة, وكل الأسباب الأخرى من تغيير التركيبة السكانية والهوية الثقافية للبلد وغيرها مقدمة لهذا الأصل, لأنهم الصوت المعارض الذي يهدد الحاكم ويضطره يوما ما إلى العدالة في الحكم بعد أكثر من قرنين من الضيم والظلم, فإذا لم تستطع إنهاء هذا الوجود على المدى القريب فإنها ستحاول جعله حالة ضئيلة لا حس ولا صوت له وتنعدم قدرة الشعب تماما على القيام بأي معارضة سياسية فاعلة للنظام، ومنع تكرر تجربة الانتفاضات السابقات. فالنظام يستورد دروعا بشرية لتحميه من غضب الجماهير حيث يجد نفسه في صراع دائم ومستمر معها على أمل أن تحميه وتهيئ له الاستفراد بالقرار السياسي والاحتفاظ بالامتيازات غير الشرعية لمدى الدهر ويعمل جاهدا على تغييب الإرادة الشعبية في صنع القرار السياسي عبر الوسائل المختلفة وبكل الطرق الملتوية ومن ثم إعطاءها صبغة قانونية, ولخلق مجتمع متعدد الأعراق والثقافات لا يتمتع بالتجانس والانسجام وهي وريثة السياسة البريطانية في المنطقة التي اعتمدت على فرق أجنبية من الهنود والبلوش والباكستانيين لحفظ الأمن ولعدم ثقتها بالمواطنين, والنظام يحس بأن البلد تعاني من قلة وندرة في المواطنة المخلصة التي تمثل قمة الانسحاق والعبودية والشاهد على ذلك أحداث التسعينات وعليه فأنّ المستوردين هم الذين يمثلون المواطنة المخلصة والولاء المطلق وهم من يستحقون المراكز الحساسة وخاصة في الجيش والشرطة, وهم لم ولن يترددون في قمع وتعذيب وقتل المواطنين بينما يأبى العسكري البحريني فعل ذلك فهذه مسألة تتعلق بالضمير والشعور والقيم والقرابة والوطن والوعي ولهذا أيضا تم استيراد الجهلة البدو ساكني الصحاري, ولضمان السيطرة على ثروات الشعب كاملة دون مساءلة من أحد أو تذمر بتأمين السيطرة ابتداءً على المؤسستين العسكريتين بالغرباء الذي لا يهمهم أكثر من الحصول على علفهم خلاف الشعب الذي يبحث ويناضل لأجل الدين والحرية والكرامة, وهذه العيّنات المستوردة في بعض من نماذجها قابلة للتعاون مع أطراف في النظام لتحقيق الأرباح المالية وملذاتها الدنيوية على حساب عفتها وتحت شعار السياحة, فملف الفساد الأخلاقي يتغذى سوءا بهذه الموجودات الغريبة عن المجتمع.

التغيير الديموغرافي

بدأت محاولات التغيير الديموغرافي منذ دخول قبيلة آل خليفة للبحرين وبدأت الطائفية السياسية وتهميش أبناء الغالبية من السكان, وكان الغالبية من أبناء البحرين ولا زالوا حتى اليوم يدينون بالمذهب الشيعي بينما تدين قبيلة آل خليفة بأحد المذاهب السنية, لقد قامت القبيلة الحاكمة بمجازر ضد الأهالي المسالمين وتحت الضغط والاضطهاد والحروب هاجرت أعداد كبيرة من الشيعة إلى دول المنطقة كإيران والعراق والإحساء والقطيف وأمارات الخليج الأخرى, وحصرت القبيلة الحاكمة الوظائف القيادية والتنفيذية في الدولة على فئة معينة في المجتمع, فكان التغيير الديموغرافي هدفا أساسيا سعت له السلطات البحرينية لترفع به هاجس حكم الأكثرية الشيعية ولم تتوقف لحظة عن العمل عليه ولكن ما يميزها الآن هو جعله الهدف الأول في السياسة الداخلية للنظام والعمل ليلا نهارا سرا وإعلانا لأجله وجعل المشاريع الحكومية الأخرى مبتنية عليه, حتى كتبت مجلة المنامة الإلكترونية أن النظام ينوي تجنيس 300 ألف شخص من أبناء السنة لتغيير التركيبة السكانية وقالت مصادر شعبية أنه جنس من قبيلة الدواسر لوحدها خمسين ألف شخص, ونسبت بعض التقديرات غير المؤكدة إلى أن عدد المجنسين السوريين والأردنيين خلال السنوات الست الماضية قد وصلت إلى 35 ألف متجنس, أما الأرقام الحقيقية فهي محجوبة عن الشعب ولكن حركة الشارع في البلد والتقديرات تشير إلى أرقام هائلة قد تصل إلى خمسين ألف شخص غير الخليجيين في سنوات قليلة ماضية أي ما يقارب من 15% من سكان البحرين, استوردوا من أصقاع الأرض في السنوات الأخيرة يمثل الجهلة والبدو الغالبية الساحقة منهم, قال لي مرتزق باكستاني يعمل كشرطي بلغة عربية مكسرة أنّ “هناك كثير كثير أخذوا الجنسية البحرينية”, يصل الرقم إلى عدد لا يستطيع هذا المرتزق بيانه فهو خارج عن منطقة إدراكه الحسابي, ورغم أنه يتحدث خارج البلد إلا أنه كان خائفا ومرتبكا ويشعرك بأنه ارتكب سوءا يخشى اكتشافه. ومن الممكن أن يتم استيضاح التغير السكاني حين الكشف عن الإحصاءات الرسمية الحقيقية السبع لعدد السكان والتي بدأت في عام 1941, أو معرفة أعدادهم التقريبية عن طريق الإحصائيات الأخيرة كما نقل عن أحد الأكاديميين البحرينيين, حيث أوضح أنه إذا كان عدد البحرينيين من ذوي الفئة العمرية 40 – 50 في إحصائية 1993 هو5000 شخصا مثلا فان عدد البحرينيين من ذوي الفئة العمرية 50 – 60 في الإحصائية الأخيرة لا بد أن يقارب 4700 شخصا بسبب الوفيات فإذا كان العدد الرسمي 7000 فإن المجنسين في تلك الفئة هم 2300 شخصا تقريبا وهي حاصل طرح 4700 من 7000, وبتطبيق ذات الطريقة على باقي الفئات العمرية ثم جمعها يخرج لنا عددا تقريبيا للمجنسين بين الإحصائيتين المفروضتين لمعرفة العدد, وهذا العدد لا يشمل الذين جنسوا بعد الإحصائية الأخيرة المفروضة أو الذين لم يدخلوا في الإحصائية أساسا.

وهذا المنهج في التغيير الديموغرافي والسعي الحثيث إليه يقوم به كل أطراف النظام الحالي سواء الداعي إلى تجميل وتزيين صورة النظام أو المتمسك بالمنهج الأمني القديم فهي تخطط على الهيمنة على الغالبية الشيعية والتلاعب بالمسار السياسي القادم بشكل استراتيجي خطير. ويتحدث الناس في البحرين أنّ رئيس الوزراء قد فتح مكاتب في دول الخليج وخاصة في السعودية لتجنيس أبناء السنة وجعلهم وقودا في السياسة الداخلية البحرينية دون أن يعلموا, بل جعل المجتمع يتشكل من كوكتيل من البشر ليست بينهم روابط ويسهل التحكم به وجعله موضوعا للسياسات والأغراض الهابطة التي يأبى أبناء البلد من أن يكونوا موضوعا لها.

وتعتبر حركة أحرار البحرين أن خطة تغيير التركيبة السكانية في البحرين تعتمد على عدد من الإجراءات في مقدمتها: إصدار المراسيم الملكية التي تتخذ صفة القانون وفرضها بقوة الحكم وتنفيذها بالشكل الذي يلائم العائلة الحاكمة، الالتزام بالسرية المطلقة في ما يتعلق بأعداد المجنّسين من الأجانب وجنسياتهم الأصلية، إظهار هذه الخطة بشكل مناسب يختلف تماما عن دوافعها التي تنطلق من الرغبة في إحداث تغيير جوهري في التركيبة السكانية وذلك لتكريس الحكم المطلق للملك بدون الخشية من معارضة حقيقية. وأخيرا فأهم ما تنطوي عليه الخطة استغلال انشغال البعض بالمشاريع الحكومية لتمرير هذا المشروع الأخطر. فقد طرح الحكم في 14 فبراير 2002 دستورا مفصلا وفق احتياجات الحكم متجاوزا الدستور الشرعي التعاقدي، وربط ذلك بانتخابات لمجالس صورية مسلوبة الصلاحيات. واليوم أدرك الحكم نجاح خطته، وأعلن عن برنامج واضح لتغيير التركيبة السكانية للبلاد، مدركا أن أساليب التخدير حققت ما يريد من الهاء البعض بالقضايا الهامشية عما هو جوهري من الأمور(1).

وفي حين عبرت مختلف القوى والاتجاهات الشعبية عن خطورة سياسة التجنيس وضرورة الحفاظ على سلامة التركيب الديموغرافي للبلد وموازينه الاجتماعية وإبقاء الثقافة المحلية والتقاليد والأعراف الدارجة محفوظة وذلك بوقف هذا التلاعب الخطر بمستقبل البلاد عبر هذه السياسة لكنها لم تلق أي تجاوب من السلطات البحرينية التي أنست النفي المطلق, وهي هنا تنفي وجود سياسة تجنيس واسعة لجماعات كبيرة من مختلف الجنسيات وتنفي أن يكون التجنيس له أثر على التركيبة السكانية وتكرر النفي على لسان أكثر من موظف حكومي كوزير الإعلام نبيل الحمر ووكيل وزارة الداخلية لشؤون الهجرة والجوازات (2) وتقوم بإظهار أرقام غير حقيقية للمجنسين دون أية تفاصيل عنهم أو السماح للقوى الشعبية بمراجعة ملفاتهم في عهد تسميه السلطة بعصر الشفافية والمصارحة والمحاسبة, ولم يأت النفي إلا بعد تصاعد الاحتجاج الشعبي على سياسة التجنيس التي اعتبرت تطاولاً على ثوابت البلد وعملاً عدوانياً يهدف إلى إيجاد تغيير في التركيبة السكانية.

وإذا كانت السلطات تجنس غير البحرينيين وتنفي محاولتها لتغيير التركيبة السكانية للبلد فإنّ المواطن يتساءل هل يقبل النظام تجنيس البحرينيين الشيعة الذين خرجوا من البحرين وانتشروا في المنطقة في إيران وخاصة خرمشهر أو المحمرة والعراق والمنطقة الشرقية من الجزيرة العربية ومنطقة الخليج في أوقات الأزمات ولا زالت عند شيوخهم وعجائزهم جوازات السفر البحرينية وبعضهم يطالب بالرجوع الآن؟ وأليس هؤلاء أولى من المرتزقة البدو الذين جيء بهم من الصحاري؟ أو تباشر بإنهاء ملفات المواطنين المحرومين من الجنسية في داخل البلد والمبعدين الذين لا يزالون في الخارج ولم يسمح لهم بالرجوع إلى وطنهم حتى هذه اللحظة.

أما هاجس وصول الغالبية إلى الحكم لدى الحكم في البحرين فهو يتشابه مع تخوف البيض في استراليا ونيوزلندا من صيرورتهما أقليتان ووصول السكان الأصليين وفيهما إلى الحكم عن طريق الديموقراطية التي لابد منها, وتقوم استراليا بتلقيب المولود على أراضيها بابن الكنغر نسبة لموطن الكنغر الأصلي وهو استراليا كما تكتب السلطات البحرينية في جوازات سفر المواطنين البحرينيين بحريني بالولادة ولأبناء آل خليفة بحريني بالسلالة على عكس الحقيقة, والفارق أن تلك أنظمة توصف بأنها ديموقراطية ولديها حرية، والنظام في البحرين لا يوصف بهما وسجله أسود في مجال حقوق الإنسان, ومما زاد من خوف البلدين وصول السكان الأصليين في جنوب أفريقيا إلى الحكم بعد قرن من حكم البيض, وليست إلا العدالة وحدها كسبب مادي وظاهري تستطيع أن تطمئن الحكم وتمدد عهده في البلدان على هذه الشاكلة.

وقام النظام بأساليب تهدف إلى تقليص عدد الشيعة حيث عمد إلى منع تمكين الشيعة الذي يطلق عليهم البحارنة محليا من العمل, وتعمد فقرهم, ومحاربتهم في أرزاقهم وحرمانهم من العمل والعيش في البحرين وفي دول المنطقة, أو إعطاءهم أجورا منخفضة لكي لا يستطيعون الزواج أو الزواج المبكر, ولا يستطيعون الإنجاب وإن استطاعوا فلن يكثروا من الأبناء, ومحاربتهم من التعليم العالي وإعطاءهم نسبة قليلة من المنح والبعثات الدراسية في داخل وخارج البلد. ومن جهة أخرى يعتبر تكاثر المجنسين كبيرا قياسا بشعب البحرين بجميع شرائحه فعدد أبناء كل أسرة هو سبعة إلى ثمانية إضافة إلى الأب والأم وهذا يعني صيرورتهم الغالبية خلال عقود قليلة قادمة وهم لا يعانون من مشكلة معيشية بعد أن وفرت لهم السلطة الوظائف والمساكن والقروض وكامل الخدمات الأخرى, وهذا يعني أنّ النسبة بين البحرينيين والمجنسين وكذلك بين الشيعة والسنة التي هي قبل التجنيس تقارب 4 إلى 1 سوف تتغير تدريجيا لتكون لصالح الطرف الأقل وهذا تماما ما يطمح إليه الحكم, خاصة أن المجنسين الأجانب غالبيتهم في سن الشباب وفي العقد الثالث من أعمارهم غير الشريفة فتجنيس 1000 شخص يعني تجنيس 1000 أسرة تتكون في متوسطها من أب وأم و8 أبناء ليكون الناتج 10000 شخص فإذا كان عدد المجنسين المرتزقة 50000 رأس فهذا يعني أن عددهم لاحقا سوف يكون نصف مليون فرد وهذا يفوق عدد السكان الحالي شيعة وسنة, ولرؤية ما ستؤول إليه التركيبة السكانية في البلد نستطيع أخذ مدرسة مدينة حمد نموذجا ومشاهدة تركيبة التلاميذ فيها حيث أصبح البحرينيون الأصليون أقلية بالنسبة إلى التلاميذ أبناء المرتزقة العاملين في الجيش والشرطة.

ولا يخفى على العقلاء أن ما يقوم به النظام في البحرين ويظن أنه لمصلحته وأنه هو الطريق لاستقرار البلد وأمنه ليس إلا مجازفة ولعب بالنار قد يذهب النظام ضحية له والأيام دول, ولم نشهد أبدا في التاريخ وجود نظام سياسي جلب المرتزقة وقمع بهم الشعب ولا نعقل أبدا أنهم سوف يكونون أوفياء له, كما لا يضمن بقاءهم في البلد مع العلم بوضعهم والهدف من استيرادهم, وفي التاريخ القريب يمكن الرجوع إلى تجارب الدول في محاولاتها للتغيير الديموغرافي التي جرّت عليها كوارث إنسانية ففي الاتحاد السوفيتي السابق حيث عمدت الإدارة الشيوعية لتخريب الوضع الديموغرافي بإرسال الملايين من الروس إلى الدول الإسلامية بطريقة تتم بها عمليات التجنيس في البحرين مع فوارق أهمها أنّ الروس لم يكونوا في وضع تعليمي هابط أو جهلة ولا يعلم أنهم جميعا مرتزقة يعملون في الجيش والشرطة كما في البحرين وقد أدّى تغيير التركيبة السكانية هناك إلى مذابح وفتن لم تنته منها تلك الدول حتى الآن وتغيرت هوية البلد بما لا تحمد. وفي جنوب أفريقيا حيث حكمها البيض عنوة استطاع النظام العنصري ما يقارب القرن البقاء بسلوك طريق التمييز والمجازر ضد المواطنين الأصليين مصّرا على تغيير تركيبة وهوية البلد لكنه لم يستطع البقاء طويلا وتم إنقاذه عبر استلام السود للسلطة بعد صراع طويل وسفك دماء. أما على مستوى المنطقة فقد سعى نظام صدام حسين الدكتاتوري في العراق إلى إغراق البلد بالعمالة الأجنبية وجلب أربعة مليون مصري لتغيير التركيبة السكانية فلم تحل مشكلة النظام مع شعبه بل ازدادت توترا واحتقانا حتى وصل الأمر إلى تعرضهم للقتل المتعمد واضطرارهم للهروب من العراق بلا رجعة, أما وجه الشبه مع عمل النظام العراقي فهو يتمثل أساسا في اعتبار رئيسه النموذج الأكمل لبعض أطراف الحكم في البحرين وخاصة في طريقة تعاطيه وتعامله مع المعارضين, وأن البلد مسلمة يكوّن الشيعة الغالبية العظمى من سكانها والحكم سني المذهب ويسعى إلى تغليب الأقلية السنية وتغيير التركيبة السكانية لصالحها.

أما في الأراضي الفلسطينية المحتلة فإنّ النظام العنصري يقوم علنا وجهرا بمحاولة تغيير التركيبة السكانية منذ احتلاله لفلسطين ولكن الصورة أصبحت سوادا على المهاجرين اليهود في فلسطين وصاروا موضوعا للعنف والقتل وما يزال الرفض الفلسطيني للنظام متواصلا بعد مضي 55 عاما على الاحتلال, ويؤسفني أن أرى في الوضع البحريني التشابه الأكبر مع ما يجري في فلسطين وهذا ما يجهر به أهل البحرين ويتحدثون به علانية ويكتبونه في منتدياتهم, فجزر البحرين تعرضت لاحتلال من قبل قبيلة بدوية سنة 1783 هي قبيلة آل خليفة كما تعرضت فلسطين لاحتلال اليهود, وهذين الاحتلالين هما أرضية التشابه بين سياسات الدولتين منذ أول لحظة لاغتصاب الأرض, ومنذ ذلك التاريخ بدأت القبيلة القاتلة بتغيير ديموغرافي سكاني للبحرين وقلصت عدد السكان الأصليين وهي الآن تعمل على بناء المستوطنات للمجنّسين في جنوب البلاد، ويعلن الحكم عن برنامج إسكاني واسع لخلخلة التركيبة الإسكانية, كما أنّ سياسة الاستيطان الإسرائيلية حققت تغييرا في التركيبة السكانية إذ أصبح الفلسطينيون الآن يشكلون خمس سكان الأراضي المحتلة عام 48, وكما أنّ قوات الاحتلال سعت لإزالة الهوية الثقافية لفلسطين وفشلت فإنّ السلطات في البحرين تمارس منذ الستينات سياسة الابادة الثقافية المحرّمة دوليا. وكما تمارس الحكومة الإسرائيلية سياسة الإبعاد للمواطنين الفلسطينيين، وما تزال تفعل ذلك بين الحين والآخر, وقامت في 1993 بإبعاد 400 فلسطيني إلى مرج الزهور في جنوب لبنان، ولكنها تراجعت تحت الضغط الدولي عن ذلك القرار فإنّ حكومة البحرين مارست سياسة الإبعاد خصوصا في العشرين عاما الماضية، وأبعدت مئات البحرينيين إلى إيران ومناطق أخرى, ولم تتوقف عن الإبعاد إلا في العامين الماضيين, وبينما تمنع السلطات الصهيونية اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم تمنع السلطة البحرينية المهجرين والمبعدين إلى وطنهم, وقد قامت الصهيونية العالمية بإغراق فلسطين باليهود المهاجرين وقام النظام في البحرين بإغراق البلد بالمرتزقة الأجانب, وهكذا تكررت الانتفاضات في الأرضين احتجاجا على النظامين الموصوفين بالعنصريين.

وقد زاد هذا التغيير الديموغرافي القسري الوضع الطائفي سوءا وضاعف من شعور الغالبية العظمى من الشعب بالغبن والاضطهاد وبكذب مقولة الإصلاح مما يكون له انعكاسات على وضع البلد واستقراره, ويرغب الحكم عن طريق هذا التغيير الديموغرافي إيجاد صفوف حماية للنظام خارجة عن الشعب الذي يعيش صراعا معه ومن ثم الاستمرار في احتكار القرار السياسي والاحتفاظ بالامتيازات غير الشرعية إلى أبعد مدى, لكنه ليس من المؤكد أن يكون تغيير التركيبة الديموغرافية لصالح النظام في المستقبل البعيد كما يأمل لأنه يلعب بنار الطائفية ويخدع بها جزء من الشعب وهو سيخسر هذه الورقة حين تتغير ديموغرافية البلد.

تغيير الهوية والثقافة

إنّ أهم ملازمة وأثر للتجنيس يستهدفها الحكم في البحرين أو الذين وضعوا خطط وبرامج التجنيس للحكم والحاكمين بعد تغيير التركيبة السكانية هو تغيير هوية وثقافة أبناء البلد الأصليين, أي تغيير مجموعة التقاليد والآداب والأخلاق والمعارف والفنون وحتى الأساطير وصولا إلى المعتقدات والقانون وطريقة التدين التي عليها شعب البحرين قرون من الزمن, والتي جعلت منه مجتمعا متميزا. وكان الحكم في دوائر أجهزته الأمنية ولا يزال عبر صحافته المريضة وأقلامه الطائفية يكيل الشتائم والسباب ضد الطائفة الشيعية التي يغلب على أبنائها الوعي والتدين والتفاعل مع بقية الشعوب العربية والإسلامية, إنّ أكبر هم للحكم هو السيطرة الثقافية الشيعية على الشارع البحريني عموما, فهي تسعى لتفتيت الهوية الشيعية التقليدية والقضاء عليها ومحو آثارها الثقافية, وهي سياسة قديمة لدى السلطات البحرينية لا زالت تقتنع بها وتمارسها, إلا أنّ الخطط السوداء التي يسير عليها برنامج التجنيس لن تقتصر آثارها على طائفة دون أخرى ومع ضخامة أعداد المجنسين فإنّ تغيرات نسبية في التركيبة العقائدية والأخلاقية للبلد حاصلة لا محالة خاصة وأنّ عمليات التجنيس تتم من خلال دراسة انتقائية للعناصر المستوردة والمتجنسة مما يجعلنا نظن أنّ البلد مقبلة على تدهور أخلاقي كبير لا تتحمله وقد يتجلى في صور لا إنسانية لم يتخيلها شعب البحرين الطيب. وقد بدأت آثار هؤلاء المجنسين الذين يختلفون عن شعب البحرين في عاداتهم وتقاليدهم وأخلاقياتهم المتدنية في المناطق التي يسكنونها وسنأتي على بعضها كأمثلة في مكان ما في هذا الكتاب. يساعد في اختلال الهوية البحرينية ما درجت عليه بعض فئات المجنسين من تعصب لكل ما نمت عليه من لغة وعادات وثقافة دون قابلية للتطور للأحسن لدرجة أن بعض المستوردين من باكستان والبلوشيين أقاموا في البحرين عقدا من الزمن دون أن ينطقوا بالعربية. ومن المؤكد أنّ بعض العادات سوف تتبدل فمجموعات كبيرة من المستوردين البدو ممن ينتشر بينهم الجهل وعادات الثأر والانتقام والعنف الهمجي والمراعي وقد أتوا من بلدان تنتشر فيها الرشوات والفساد الإداري قد وضعوا جميعا في أكثر المؤسسات حساسية وأعطيت لهم الصلاحيات الكبيرة.

وحتى إذا ابتعدنا عن مسألة التجنيس فإنّ كثرة وتغلغل الأجانب في البلد يؤثر على هوية وثقافة أبناء البلد وهذا حاصل في البحرين بدعم وتأييد الحكم المحلي ففي الوقت الذي يحرم أبناء البلد من التوظيف يتم التعاقد مع ما يقارب من ثلث عدد السكان للعمل فيها, ويعيش في البلد الآلاف من الموظفين الأجانب وتضخم تسميتهم إلى خبراء. وتضم البلد الآلاف من الأمريكيين في أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة وهي مقر الأسطول الخامس الأمريكي يصولون ويجولون في البلد ويعثون فيها فسادا دون أن يطالهم القانون أو يقترب منهم القضاء, كل هؤلاء الأجانب لهم آثار سلبية على الوضع الاجتماعي للبلد وأبنائها.

ويتقارن مع التجنيس والتوظيف للأجنبي على حساب أبناء البلد السعي من قبل أفراد متنفذين في البلد وقريبين من مراكز الحكم وأفراد المخابرات والأمن والمرتزقة إلى إيجاد أوكار الفساد الأخلاقي وشبكات الدعارة والمتاجرة بالمواد المخدرة والممنوعات رسميا حيث يسترزقون من ورائها الملايين من الأموال على حساب تدين هذا الشعب وقيّمه لدرجة الاقتناع التام لدى أي مراقب أن من خططوا لهذه المعاصي والمحرمات كان يزعجهم تدين الأهالي في البحرين وأخلاقياته وهويته فسعوا جاهدين إلى تغريب المجتمع البحريني.

وقد يرد سؤال حول رفض الشعب البحريني المسلم للمجنسين والمطالبة بترحيلهم ومدى اتفاقه مع دعوة الإسلام لإقامة دولة واحدة لا حدود لها ولا فرق فيها بين أفرادها, إلا أنّ هذا لا ينطبق مع ما يجري في البحرين الذي تجنس المرتزقة بما هم مرتزقة يخدمون خطط الحكم ومصالحه لا مصالح الشعب, والهدف الأساس لمجيئهم هو قمع حرية الشعب وتعذيبه فهم جناة معتدون, وهم عناصر موضوع تغيير التركيبة السكانية في البلد, وتغيير هويتها الثقافية, وخصوصياتها التي طالما تذرعت السلطات بها للتبرير في رفض الحياة البرلمانية وإطلاق الحريات العامة وإعطاء الحقوق.

وقد صرحت أقلام الشعب تكرارا بأنه ليس ضد التجنيس القانوني لمن يستحق الجنسية وليس ضد تجنيس العربي أو المسلم, ولكنه يصل إلى الحرمة الشرعية ودفاعه ورفضه واجب إذا كان طريقا لمحو الدين من البلد, وهو بلا شك يؤثر سلبا على أبناء الوطن في عاداتهم وتقاليدهم وطريقة تدينهم خاصة مع الأرقام الكبيرة التي تشاع بين الناس بين فترة وأخرى, ويزيد عدد العاطلين عن العمل الذي تتفرع عليه سلبيات عديدة أهمها الموت الأكبر وهو الفقر, والفساد الخلقي, وزيادة السرقات والجرائم, وتعاطي المخدرات, فليس هنا تناقض بين المطلب السياسي برفض المجنسين والدعوة الدينية التي تدعوا إلى الأخوة, على أنّ المسلم هو من سلم المسلمون من لسانه ويده كما في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم(3) والمرتزقة عملهم الأول والأصل الضرب والنهب والقتل.

 الأغراض الانتخابية

حاولت السلطة باستمرار إيهام المراقب والمهتم بشؤون المنطقة أنّ عدد الشيعة ليس أكثر من عدد السنة, وهي التي تدار بعقلية رئيس الوزراء الذي كان يضيف عدد من السنة في الحصة المعينة للمجلس السابق الذي حل في سنة 1975 ليبدو أنّ الطائفتين متساويتين تماما في العدد, ولم يغب عن رأسه المخاوف بأنّ التركيبة الديموغرافية في بلد دكتاتوري وطائفي قد تغير موازين القوى, هذه المخاوف التي غذتها الدوائر الأجنبية والعناصر الخارجية التي أرادت التمسك بمواقعها وخاصة في أجهزة الأمن، انعكست سلباً على حقوق المواطنين، وانعكست سلباً على مسألة التجنيس من أجل تحقيق تساوي ظاهري للطائفتين اللذين يتشكل منهما شعب البحرين في حالة إجراء أية انتخابات, وتم على ضوء هذا التخوف تجنيس عشرات الآلاف من أبناء السنة عربا وغير عرب لاستخدامهم وقودا في العملية الانتخابية واستغلال أصواتهم في بيان التركيبة السكانية غير الحقيقية التي يتألف منها شعب البحرين, وشل المجلس تماما من أي معارضة شعبية, وقامت بحملة واسعة من التجنيس الأجنبي المكثف من كل أوباش الأرض وعهرتها مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية والبرلمانية عقيمة الفائدة إلا من المظهر الديمقراطي فارغ المحتوى, وتمّ تجنيس أعداد كبيرة جماعات وفرادى في منتصف السنة الحالية مخافة أن لا تتمكن السلطة من الاستمرار بالتجنيس بعد تشكيل المجلس المعين نصفه واعترف موظف في دائرة الهجرة والجوازات في لقاء نظمته جمعية الصحفيين البحرينية في شهر 7/2002 بتجنيس ستة آلاف شخص فقط من 24 دولة مختلفة ولعله يشير إلى ما تم تجنيسهم في الشهر الأخير.وابتداء فقد منعت السلطة أعضاء لجنة تفعيل الميثاق الذين عينتهم من الخوض في موضوع التجنيس واستمرت في مشروعها دون هوادة, ثم غيرت قانون الجنسية ليتمكن المجنسون الخليجيون بالتصويت وهم في بلدانهم, ورفعت السلطة القانون الذي يمنع المجنسين من التصويت حيث ينص على عدم أحقيتهم في المشاركة السياسية بالترشيح والتصويت قبل انقضاء عشر سنوات على منحهم الجنسية، بموجب قانون الجنسية البحريني لعام 1963، وسمح للعسكريين في المشاركة في الدورة الثانية للانتخابات البلدية وهو ما كان مخالفا للقانون سابقا ثم أجبروا على التصويت وألزموا بالضغط على أهاليهم كذلك في الانتخابات شبه البرلمانية 10/2002, ووضعت مواد دستورية تعطي شرعية للتجنيس وعدم قدرة على سحب جنسياتهم غير القانونية( مادة 17 الدستور الجديد 2002), ووزعت الدوائر الانتخابية في الانتخابات البلدية وشبه البرلمانية بشكل طائفي بحت وعنصري.

وقد أدت هذه الإجراءات إلى تقليص عدد رؤساء البلديات الشيعة وتفوق عدد السنة وهو لا يمثل النسبة الحقيقية لأعداد الطائفتين بل يشير إلى مقدار التلاعب والتآمر الذي قام به النظام, وهو ما اعتبرته السلطة أحد الأهداف الرئيسية التي تحققت من مشروعها في تحجيم الطائفة الشيعية وتقليل عدد نوابها في المجلس فحصل أبناء الشيعة فقط على 23 مقعدا من أصل 40 وهم الذين يمثلون أكثر من 80% من عدد السكان قبل عمليات التجنيس حسب مصادر بحرينية.

هوامش الفصل الأول

(1) – بيان حركة أحرار البحرين الإسلامية 26 يونيو 2002

(2) – جريدة الوطن الكويتية, تاريخ 8/7/2001, جريدة الأيام الحكومية البحرينية, تاريخ 7/7/2001

(3) – صحيح البخاري, باب الإيمان

الفصل الثاني

خطط التجنيس

خطط تجنيس

إنّ التخطيط لتغيير التركيبة السكانية للبلد وإقصاء المواطنين الأصليين ليس جديدا على الجزر البحرينية فلقد مارسه رؤوس قبيلة آل خليفة منذ أن وطئت أقدامهم أرض البحرين, واستقدموا البدو من الجزيرة العربية لحرب أبناء البلد ونهب الأموال معهم, وعندما جاء المستكبر البريطاني واحتل أرض البحرين رسم سياسته على استيراد العنصر الأجنبي والهندي بالدرجة الأولى, وأنشأت في الثلاثينات قوة الشرطة من الأجانب, أما العقود الثلاثة الماضية فازدادت الرغبة لدى السلطات باستيراد وتجنيس آلاف الأجانب سنة المذهب إلى البحرين, وتم تداول أخبار لمحاولة السلطة في الثمانينات لاستدراج السعوديين لتجنيسهم وأنّ بيوت مدينة ” حمد ” جهزت لأجلهم وسكنها البحرينيون بعد فشل المشروع, وقامت السلطات باستيراد جماعات من اليمنيين والأردنيين والسوريين والباكستانيين والهنود وغيرهم وبصورة خفية حتى أصبحوا فئة سكانية ذات ثقل خاصة أنّ غالبيتهم يعملون في وزارة الدفاع ووزارة الداخلية وأنّ بعضهم استثمر هذه الوضعية لتجنيس أقربائه, وأمرت قيادة قوة دفاع البحرين سنة 1992 بمنح الجنسية البحرينية للجنود الأجانب من البلوش والباكستانيين والبدو العرب, بعد ما تقدم هؤلاء المتجنسون بطلب حقهم في الضمان الاجتماعي والتقاعد فقررت القيادة منحهم جميع ذلك منذ وصولهم البحرين وقبل تجنيسهم (1) وقالت جريدة الخليج تايمز أنّ السلطات في البحرين أعلنت في آذار 2001 عن خطة تهدف إلى منح الجنسية للأجانب المقيمين فيها على المدى الطويل لكنها لم تعلن عن أعدادهم وجنسياتهم, وأخذت سياسة تجنيس المرتزقة بعدا جديدا بعد وصول الحاكم الحالي إلى الحكم, ففي بداية العقد الحالي حيث أدعى النظام الإصلاح تم تجنيس أعداد هائلة من الأجانب, وانتشر خبر في شهر 10 /2001 بوصول دفعة جديدة من السوريين للبحرين وأنّ السلطات أكملت إجراءات تجنيس فوري لمجموعه من المرتزقة المستوردين من دير الزور بسوريا بعد أسبوعين من وصولهم أرض البحرين، وذلك تمهيداً لتوزيعهم للعمل في كل من وزارة الداخلية ووزارة الدفاع والحرس الوطني وحدث هذا في اليوم الذي احتج المواطنون على البطالة وطالبوا بالعمل في وزارة الدفاع والداخلية, وتؤكد مصادر مطلعة موثوقة في المعارضة من خلال المعلومات المستقاة من الوسط الرسمي، أن الحكومة ماضية بقوة في سياسة التجنيس وقد وضعت خطة مرحلية يتم على أساسها تجنيس أكبر عدد ممكن من المستقدمين والوافدين من سوريا والأردن واليمنيين في السعودية عدى الجماعات التي تم جلبها حديثاً للتوظيف في سلك التدريس والتعليم حيث هناك أفراد لم يمض على قدومهم إلى البحرين أشهر قليلة وافقت الحكومة على تجنيسهم وأكثرهم أردنيين من أصول فلسطينية. وتفيد المصادر ذاتها أن حكومة البحرين قد وافقت على تجنيس أكثر من 20 ألف يمني من منطقة حدودية كانت موضع خلاف بين السعودية واليمن تم حسمها أخيراً لصالح الأولى وقد رفضت السلطات السعودية إعطاءهم الجنسية أو اعتبارهم مواطنين سعوديين فيما قبلت دولة البحرين خلال الزيارة الخاطفة لأميرها إلى ” حفر الباطن ” في لقاء مع الأمراء السعوديين على تجنيس ذلك العدد الضخم .

وهناك ثمة معلومات شبه مؤكدة تناقلتها في وقت سابق أوساط صحفية أن نظام الحكم في البحرين قد عقد اتفاقاً سرياً مع مسئولين إسرائيليين أثناء زيارة سرية قام بها المسئول الأول في مكتب رئيس الوزراء البحريني عبد اللطيف الرميحي إلى الكيان الغاصب تم بمقتضاه جلب الفلسطينيين القاطنين في الأردن، أو المصابين خلال الانتفاضة أو نقلوا إلي الأردن أو سافروا إليها طواعية إلى البحرين وتجنيسهم ضمن خطة يشترك بعض الأنظمة في تنفيذها بمعاونة اليهود والتي تقضي برفض عودة اللاجئين إلى فلسطين المحتلة وتذويبهم في دول الجوار والخليج (2). وذكر تقرير منظمة العفو الدولية لسنة 2001 أن سبعة آلاف شخص قد تقدموا بطلباتٍ للحصول على الجنسية البحرينية بحلول نهاية العام. وسمح لأبناء قبيلة الدواسر المقيمين في السعودية، والذين يحملون الجنسية السعودية بالحصول على الجنسية البحرانية، وبإجراءات جداً ميسرة، وربما أيسر من كثير من البحرانيين، حيث يملأ كل شخص طلب الحصول على الجنسية البحرانية، ويرفق صوره الشخصية مع الطلب، ثم يوقع الطلب من شيخ قبيلة الدواسر، ويرسل الطلب للبحرين، فتأتيه الجنسية وهو في السعودية، دون الحاجة للذهاب للبحرين, وتم تجنيس أعداد كبيرة من المدرسين والإعلاميين والقضاة وأفراد المخابرات والأمن الأجانب, وتجنيس أعداد تحت عنوان الخدمات التي قدموها للبلاد دون أن يقدموا أية خدمات واستغل هذا القانون استغلالا سيئا من قبل السلطات التي لا تحتاج إلى تبرير تجاوزاتها إلى قوانين فعلية.

وأفادت بعض المصادر أن النظام في البحرين قام بفتح مكاتب خارج البلد وخاصة في البلدان المجاورة لتجنيس أكبر عدد ممكن من الأجانب, وكشفت بعض المصادر المطلعة في وزارة الدفاع البحريني أن الحاكم حمد بن عيسى آل خليفة قد أصدر قانونا في 19/1/2002 يتضمن تجنيس كل المنتسبين لقوة الدفاع من الأجانب. ويقدّر عدد أفراد قوة دفاع البحرين بحوالي 8000 يشكل الأجانب نسبة كبيرة منهم حيث تتركز أعلى نسبة في جنسيات باكستان وسوريا والأردن واليمن ومؤخرا السودان. علما بأن دستور دولة البحرين يحظر توظيف الأجانب في قوة الدفاع أو الجيش أو الشرطة إلا في الحالات الطارئة وذكر أنّ المجلس التأسيسي المشكل عام 1972 للنظر في مسودة الدستور قد شهد جدالا عنيفا حول هذه المادة. وأصبح هذا الملف أكثر الملفات حساسية لدى الشعب وإثارة للجدل بين الحكم والقوى السياسية المعارضة وقدر عدد الذين حصلوا على الجنسية البحرينية طوال العام 2001 بما يفوق 30 ألفا معظمهم من اليمن وسوريا إضافة إلى قبيلة الدواسر والسعوديين، ونقل المصدر أن هناك نية من قبل الحكومة في رفع عدد المجنسين إلى 300 ألف مجنس (3) مما يؤكد مركزية وأولوية سياسة تغيير التركيبة السكانية. وتوالت أخبار تجنيس دفعات ومجموعات من الأجانب على أمل أن يتم تجنيس أكبر عدد ممكن في السنة الحالية 2002 وأشير إلى دفعة جديدة تنتظر استيفاء إجراءاتها مع صيف 2002. وتم تعجيل تجنيس الأجانب وخاصة المرتزقة منهم في منتصف السنة الحالية 2002 لاستخدامهم كوقود للعبة السياسية والأغراض الانتخابية مع اقتراب موعدها مع العلم المسبق أنها معدومة القيمة وليست إلا تكريسا للنظام الإداري المتخلف.

وأعلن في الإدارة العامة للهجرة والجوازات في 4/6/2002 عن قائمة جديدة للمتجنسين وأغلبهم من العاملين بوزارة الداخلية من الجنسيات اليمنية والسورية وتتبعها قوائم أخرى, وقال موظف في إدارة الهجرة والجوازات في لقاء نظمته جمعية الصحفيين البحرينية في منتصف السنة الحالية أنّ السلطة تمتلك ملفات ستة آلاف طلب تجنيس من 24 جنسيه مختلفة.

وخلال انتفاضة التسعينات التي هزت النظام وأظهرته كأبشع نظام في المنطقة بدأ وكأنه يتخبط وينظر بقلق إلى الخارطة الديموغرافية التي قد تغير موازين القوى وقامت دوائر داخلية وخارجية بتغذية هذا القلق فكرست سياسة التمييز الطائفي بشكل غريب وسعت السلطة إلى تغيير ديموغرافي واسع النطاق يقلب الموازين ويجعل الشيعة أقلية مسحوقة سعيا لإنهائها تماما من الجزر البحرينية وجرى تجنيس أعداد هائلة من أبناء السنة عربا وأجانب, وتم استيراد أعدادا كبيرة من بدو سوريا والأردن وأعراب اليمن وقبائل من السعودية ومنحهم الجنسية, وتم تجنيس أعداد كثيرة من المدرسين والمقيمين بطريقة سرية دون أية إعلام أو إعلان وأنما اعترف بها النظام إجمالا مع تزوير تفصيلاتها بعد الاحتجاجات الشعبية عليه وكل عمليات التجنيس هذه لا تخضع إلا لمعايير ومزاجية الحكم وهواه وعقده.

أما وظيفة هؤلاء المرتزقة في الأجهزة الأمنية فهي القتل والتعذيب والاعتداء على الممتلكات والحرمات والمقدسات، وقد مارسوا هذا العمل بصلافة في انتفاضة التسعينات فكانوا يتسلقون البيوت، أو يكسرون أبوابها ونوافذها ويهجمون على من فيها, وتكرر دخولهم غرف النوم على أصحابها، وضرب النساء أمام أهاليها، وسحب الأطفال الذين لم يبلغوا العاشرة من أعمارهم من أبويهم بالقوة، وضربهم الأسر بالبنادق، وقد وصل الأمر إلى القتل حين الهجوم كما حصل في بني جمرة حين قتلت زهراء إبراهيم كاظم وآخرين، ثم يبدؤون في سرقة محتويات البيوت من أموال ومجوهرات وأجهزة الكترونية, وأما حين دخولهم المساجد والحسينيات فإنهم يدخلون بأحذيتهم ونجاساتهم ولا يتورعون عن تمزيق كتاب الله وكل ما يجدونه والعبث به.

تجنيس الخليجيين

في صباح يوم 10/6/2002 استيقظ الأهالي على خبر في الصحافة المحلية وبدون مقدمات عنوانه ” تعديلات هامة على قانون الجنسية، والسماح بالجمع بين الجنسية البحرينية والخليجية والعكس ” وجاء فيه أنّ وزير الخارجية البحريني أحاط مجلس الوزراء البحريني بترحيب المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في اجتماعه في جدة مؤخرا بصدور التوجيهات من حاكم البحرين بتعديل قانون الجنسية البحريني ليسمح للمواطن البحريني الاحتفاظ بجنسيته البحرينية عند حصوله على جنسية إحدى دول مجلس التعاون كما انه لا يشترط على المواطن الخليجي الذي يحصل على الجنسية البحرينية التخلي عن جنسيته الأولى (4).

وقد وضع الخبر بهذه الصورة التي تثبت أنّ صوت الشعب مغيب ولا كرامة له, فالحاكم أصدر التوجيهات, ونقلها وزير الخارجية إلى اجتماع المجلس الوزاري الخليجي في جدة, ونقل الوزير ترحيب دول الخليج إلى مجلس الوزراء البحريني, ثم أنزل في الصحافة كخبر فرعي, ولم يوضح أية تفاصيل تتعلق بمعايير إعطاء الجنسية البحرينية لمواطني الخليج, ولكنه أكد حقيقة مهمة ظن المواطنون أنهم تجاوزوا عهدها, وهي استبداد واحتكار القرار من قبل الحكم وإهماله واستخفافه بالمواطن, فهذا القرار صدر بقرار شخصي من الحاكم بدون عرضه على الشعب أو استشارته فيه, أو إطلاع الجمعيات السياسية والأهلية عليه وأخذ رأيها وملاحظاتها, ودون مشاورة أية جهة أو شخصية ذات وزن شعبي لدراسة هذا القانون وتوقيته ومدى تأثيره على الشعب, وذلك للعلم المسبق أن أبناء البحرين سوف يرفضونه بشكل كامل, وهذه الطريقة الاستبدادية الاحتكارية هي التي تمت بها إصدار القرارات المصيرية التي يفترض ألا تكون سارية المفعول ونافذة إلا باستفتاء شعبي أو بتصويت مجلس وطني منتخب, وهكذا تم إجراء التعديلات الدستورية خارج الآلية القانونية المنصوص عليها في دستور 1973 لتنتج دستورا جديدا لا يمت للدستور السابق بصلة ولا يتمتع بالشرعية التي يتمتع بها الدستور الأصلي (5) وبهذه الطريقة تم توزيع دوائر الانتخابات البلدية والتي عكست الرغبة الجامحة في تكريس الطائفية، وكذلك إنشاء جهاز الأمن الوطني الذي جاء ليحل محل جهاز أمن الدولة السابق.

عدم قانونية ازدواج الجنسية:

وقانونا فإن دستور 2002 الذي يريد النظام فرضه خالي من الإشارة إلى مسألة ازدواج الجنسية, ونصه هو: ( الجنسية البحرينية يحددها القانون, ولا يجوز إسقاطها عمن يتمتع بها إلا في حالة الخيانة العظمى, والأحوال الأخرى التي يحددها القانون ) مادة 17 أ بينما يحظر دستور 73 القانوني هذه المسألة حيث تنص (المادة 17- أ) منه على أنّ ( الجنسية يحددها القانون، ولا يجوز إسقاطها عمن يتمتع بها بصفة أصلية إلا في حالتي الخيانة العظمى وازدواج الجنسية، وذلك بالشروط التي يحددها القانون ), والفارق هو إسقاط النظام للفقرة التي تمنع ازدواج الجنسية في الدستور الشرعي بحيث أصبح وفقا للدستور الجديد غير الشرعي إمكانية الدولة في منح الجنسية لغير البحرينيين الذين يرفضون التخلي عن جنسياتهم الأصلية. ويلاحظ أن سند الحكم في إصدار الدستور الجديد هو ” ميثاق العمل الوطني” الذي خلى من أي نص يقرر إجراء تعديل لنص (المادة 17) المتعلقة بأحكام الجنسية البحرينية، وبالتالي فإن التعديل في موضوعه غير متفق عليه بين الشعب والحكم وغير مشروع من ناحية الآلية المنصوص عليها في دستور73 الذي تم التصويت على الميثاق في ظله.(6) وعليه فقد اتضح أنّ هذا القرار ليس إلا إعلانا ودعوة لمواطني دول الخليج لأخذ الجنسية البحرينية حتى يمكن استغلالهم في المسائل الانتخابية, وخلخلتهم للتركيبة السكانية, وليس إلا توفير غطاء شرعي وقانوني لفئات في دول خليجية محددة للحصول على الجنسية البحرينية من دون أن تخسر جنسيتها، لتحقيق أهداف محلية, ويؤكد هذا ما تقوم به حكومة البحرين من تجنيس الآلاف من مواطني المنطقة الشرقية في السعودية من قبيلة الدوسري والرويعي وغيرهم واليمنيين المقيمين في السعودية قبل الإعلان عن هذا القرار, ولا زالوا يعيشون في السعودية, وحسب الأخبار التي يتم تداولها في البحرين فإنّ النظام قام بتجنيس خمسين ألفا من قبيلة الدوسري السعودية دون أن يزوروا البحرين إلا أنّ هذه الأرقام لم تؤكدها مصادر حكومية أو مستقلة مع تأكيد الموظفين البحرينيين لحصولها.

وحدة خليجية:

وأبرزت السلطة عبر أقلامها الصحفية الجاهزة للتمجيد شعارا براقا لقضية ازدواج الجنسية وهو الوحدة الخليجية, وتجاهلت الجوانب السلبية لها ومنعت المعارضين من إبراز رأيهم في عرضها على الصحافة المحلية. ولا أظن أنّ مواطني الخليج والبحرين يرفضون الوحدة الخليجية ولكنهم يرفضون الفوضى الخليجية التي هذا القرار أحد مظاهرها, إنّ وزير الخارجية العماني يرحب بالوحدة الخليجية ولكنه يعتبر أنّ مسألة ازدواج الجنسية شأن بحريني لها ظروفها الخاصة – التي ليست بالتأكيد الرخاء الاقتصادي والسعة الجغرافية أو نقص في عدد السكان – وأنّهم ليسوا معنيين بها, على أنّ الوحدة إنما تتم عبر اتفاقيات وأسس وأصول آخرها توحيد الجنسية والوحدة الكاملة وقد يتعذر الوصول إلى آخر مراحلها, وبقرارات جماعية تتناقض مع هذا القرار المنفرد والذي لم تقابله أية دولة من الدول الخمس الأخرى في مجلس التعاون بالمثل, والذي لم يستطيع واضعوه الصبر ستة أشهر موعد الاجتماع الدوري لرؤساء دول المجلس الست والخروج بقرار جماعي موحد بالرفض أو الإيجاب, ومن سيقتنع أنّ أصغر دولة خليجية وأضعفها اقتصاديا تتخذ قراراها بتوحيد المنطقة وتشرع في التنفيذ دون الرجوع إلى الآخرين وكأن لها الزعامة المطلقة في المنطقة ؟ كما أن الوحدة تحتاج إلى مقدمات ضرورية لخلق وتهيئة أجواءها أهمها تطوير الجهاز الإداري والنظام السياسي لدول المنطقة بحيث تكون دول حديثة, تستند على دساتير مرموقة, وتؤمن بالعدالة والحريات ووجهات النظر الأخرى وتنتقل من مرحلة متخلفة إلى مرحلة اكثر تطورا, والوحدة الخليجية تحتاج إلى استفتاءات شعبية ومجالس انتخابية لا قرارات انفرادية وأنّ التجارب العربية خير دليل على فشل الوحدة القسرية الرسمية, أنّ أحد أسباب فشل مجلس التعاون الخليجي الذي مضى على تأسيسه أكثر من عقدين من الزمن دون إنجازات ملموسة هو غياب الإرادة الشعبية في قراراته ومنذ البداية وأنه ما كان للتعاون ابتداءً بل كان للتآمر بحيث ترحم المناضلين الخليجيين والمجاهدين على زمن ما قبل قيام المجلس, وكم عانى البحرينيون على حدود وموانئ الدول الست في المجلس وكم تعرضوا للمساءلة والإهانات والاعتقال والتعذيب, وما أكثر الذين حرموا من الأعمال في دول المجلس تحت شعار التعاون, وفي غالب دول المجلس يتم تفضيل الأجنبي أياً كان أصله على البحريني. وأي وحدة خليجية إذا كنا في العام 2002 وبعد مرور 22 سنة من قيام مجلس التعاون الخليجي يمنع طالبان بحرينيان من الدراسة في أحدى الجامعات الخليجية في تخصص “التجارة الالكترونية” ويقال لهما أنّ هذا التخصص لا يدرسه إلا المواطنون ثم تستقبلهم جامعة غربية دون ممانعة (7). ولعل الكويتي الذي عانى من فرض الوحدة مع العراق أكثر إدراكا إلى خطر ازدواج الجنسية على مشروع الوحدة الخليجية وأنّ تحديد الجنسية لكل مواطن خليجي وليس ازدواجها هو المدخل لتوحيدها وإلغاء تعدد الجنسية (8). بل يثير الاستغراب أن يلبس ازدواج الجنسية شعار الوحدة وتأتي من النظام الذي ما توقف في ضرب الوحدة الوطنية بين صفوف شعبه وممارسة التمييز بينها وتكريس سياسة “فرق تسد”, ومن نفس النظام الذي رفض اتحاد إمارات الخليج في بداية السبعينات حين خروج المحتل البريطاني من الخليج والحاكم التنفيذي الفعلي حينذاك هو الحاكم اليوم, وأصّر على الانفصال ومعه قطر بينما شكلت بقية الدويلات دولة الإمارات العربية المتحدة التي أصبحت أكثر تنمية واستقرارا منهما.

وقد اعترض الشعب على هذا القرار بقوة وشارك عدة كتّاب في بيان سلبياته وسبب رفضه في المنتديات الإلكترونية حيث يمنعون من الكتابة في الصحافة وأصدرت حركة أحرار البحرين ومقرها لندن بيانا رافضا(9), وتحدث المرجع الإسلامي الشيخ عيسى قاسم في خطبة الجمعة عنه بأنه لا يعبر عن دافع الأخوة الإسلامية ولا العربية بقدر ما يعبر عن محاولة لتهميشٍ أشدّ للمواطنين، وتقريرٍ لمصيرهم من الخارج ولذلك فهو قانون مرفوض شعبياً لما يحمله من تهديد مباشر بالإلغاء الكامل لموقع المواطن ورأيه, وقال “إن المواطنين هنا فهموا حالاً أن أهدافه انتخابية دائمة، ومن اجل تهميش صوت المواطن بل إلغاء قيمته عملياً وبصورة كاملة ” وطالب باستفتاء عام علي قانون الجنسية, علي مشروع الجنسية المزدوجة، وقال:لتجرّب الحكومة حظ هذا المشروع أمام الاستفتاء العام (10). وبيّن عدد من الكتاب بعلمية وموضوعية خطورة هذا القرار, وأثره على هوية البلد وثقافة أبناءه وخلخلته للتركيبة السكانية وإمكانية استغلاله بشكل سلبي في الانتخابات وغيرها ومدى إثارته للتوتر ومضاعفته لواقع الشعور بالغبن الطائفي الذي يتعرض له الشيعة رغم أكثريتهم في البلد, ولكن السلطة تجاهلت كل الأصوات الشعبية المنددة بهذا القانون.

المدهش والمثير للشكوك أيضا لدى كل مراقب يجهل طبيعة النظام الحاكم هو زمن صدور القرار وعدم الانتظار به أربعة أشهر حتى أكتوبر موعد إجراء انتخابات المجلس المعين نصفه الذي يرغب الحكم فرضه عوضا عن المجلس الوطني وهو أيضا موعد مقدم وليس الموعد الذي سبق والذي تم الاتفاق عليه بين الحكومة وأعضاء في المعارضة أو الانتظار حتى شهر ديسمبر من العام نفسه موعد اجتماع القمة الخليجية السنوية والخروج باتفاق حوله يصب فعلا في مصب الوحدة الخليجية كما يدّعي الحكم, وأي ضرورة هذه التي ألزمت الحكم بإصدار القرار في وقته وعدم الصبر على تأخيره ؟ إنّ النظام يحرص على الاستفادة من القرار واستغلاله في النصف المنتخب من المجلس المعين نصفه في الانتخابات القادمة ولا يكتفي بمجلس نصفه معين, ولتكريس مشروع التجنيس قبل اكتشافه بصورته الحقيقية والمطالبة بعرضه على المجلس وإن كان صوريا.

الرأي الرسمي عبرت عنه الصحف البحرينية حيث أشادت بالقرار ووصفته بـ” العمل الجماعي” وأنه أحد القرارات المتميزة التي ترتقى بالعلاقات الخليجية إلى مستويات عليا, وعوض أن تستمع السلطة إلى مبررات الرافضين الموضوعية وتفهم مواقفهم ومراجعتها وتبديد مخاوفهم وصفتهم بالتطرف وعدم الواقعية وبالانعزالية والتجزيئية في صحافتها, وقال وزير الأعلام نبيل يعقوب الحمر إن ما أثير في بعض وكالات الأنباء حول المشروع الخليجي بشأن ازدواجية الجنسية لمواطني دول مجلس التعاون كان تصعيدا مبالغا فيه وينم عن عدم الإلمام بهذا المشروع الحيوي, وقال بالحرف الواحد ” إننا في البحرين ننطلق دائماً في قراراتنا نحو ترسيخ الوحدة الخليجية، ولكن يبدو أن هناك من يرفض هذه الوحدة، ويسعي إلى زعزعة كل توجه نحوها، وهي كما نعتقد منطلقات انعزالية وترتبط بأفكار خارجة عن توجهات الخليج العربي ” (11), وهذه التصاريح غير ملائمة إطلاقا وتعيدنا إلى عهد التسعينات عندما كانت التهم توزع جزافا بشكل يومي على المطالبين بالحرية والحياة الكريمة والإصلاح وكان نبيل الحمر يستعملها بشكل خاص حينما كان رئيسا لتحرير صحيفة الأيام الحكومية المحلية لرمي المعارضين والتحركات الشعبية بالتآمر والعمالة للخارج، وتكشف عن نوعية الوزراء في عهد سمي بالإصلاح ويراد للعالم تصديقه، أنّ السلطة ووزرائها وأبواقها تستنكف وتستنكر أن يبدي الشعب بآرائه في قضاياه المصيرية والخطيرة التي تؤثر مباشرة بتغيير هوية البلد وتركيبته السكانية وقوانينه وتحرم عليه معارضتها في الوقت التي تزعم أنها تؤسس مملكة دستورية .

 تنمية تسهيلات:

وادعت حكومة البحرين أن هذا القرار يبرر بالتسهيلات والتنمية بينما التسهيلات لا تقدم عن طريق منح الجنسية وإنما بسن التشريعات وتقنين القوانين التي تضمن تقديم أفضل الخدمات لاستقطاب المستثمرين سواء الخليجين أو غيرهم, كما أنها تكون محصورة في فئة المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال وليس بالصورة المطروحة وهي الإطلاق العام, وتساءل الأهالي إن كانت الدول التي عقدت البحرين معها اتفاقيات للتعاون التجاري كالمغرب وتايلاند وماليزيا والتي لا تتم عمليا إلا بتسهيلات تستلزم أن تعرض البحرين جنسيتها على مواطني تلك الدول. والتنمية الوطنية تقتضي رفع المستوى المعيشي لأبناء الوطن وتحسين مستوى دخل الفرد وتوفير فرص العمل وما إلى ذلك من المتطلبات التي ينبغي توفير مخصصات مالية ضخمة للإتيان بها وزيادة عدد السكان في تناقض معها.

موقف دول الخليج:

لم ترحب دول الخليج بشكل رسمي بالقرار ولم تصرح أيا منها بالمعاملة بالمثل ونقلت الصحافة أنّ بيانا مشتركا صدر في البحرين بعد اختتام اللجنة العليا البحرينية – الإماراتية اجتماعها الثاني في المنامة رحب بمبادرة حكومة البحرين الخاصة بتطبيق نظام ازدواجية الجنسية دون أن تبدي دولة الإمارات استعدادا لتطبيقه(12), والتصريح الأكثر إحراجا لحكومة البحرين جاء على لسان وزير الخارجية العماني فإنه بعد ما رحب بالوحدة الخليجية وأثنى على مبادرة حكومة البحرين في مسألة ازدواج الجنسية ركز على أن البحرين لها ظروفها الخاصة التي تدعو إلى هذه المبادرة. وكان الأكثر تعرضا ورفضا لهذه الخطة هو النائب الكويتي احمد الربعي الذي أشار إلى محاذيرها الاقتصادية والسياسية, وأنها مصدر استغلال للآلاف الذين يحملون الجنسية السعودية والكويتية معا على حساب أصحاب الجنسية الواحدة, وإلى تولد مشكلات سياسية واجتماعية ستشكل توترا بين بلدان المنطقة في حالة حصولها لحق التصويت في الانتخابات البرلمانية والبلدية. وعلى مستوى جزئي قام أعضاء في التيار السلفي بتأييد هذا القرار واعتبروه انتصارا على الشيعة في البحرين الذين يمثلون الغالبية ويصلون إلى مركز القرار في حالة إجراء انتخابات حرة ونزيهة, وأنّ البلد ستتحول إلى مملكة البحرين السعودية في حالة تطبيق القرار, وأنّ مغزى القرار صار مفهوما, ودعوا إلى الإسراع في الحصول على الجنسية البحرينية والاهتمام بنشــر الخبر في منتديات أهل السنة, ودعوا للتكبير, وذكروا بأنّ ” حكومة ” البحرين منحت الجنسية البحرينية للمواطنين السعوديين من عائلات معينة مثل الدوسري والرويعي وغيرهم, وأنّ الأمر ليس بسر عند أهل المنطقة الشرقية!!! (13)

ما الفائدة من ازدواج الجنسية:

ويبقى السؤال ما لفائدة من تطبيق هذا القرار إذا لم يكن جماعيا في دول المجلس ولم تطبقه إلا الدولة المروجة له ؟ إذ أن المعروف عن دول المجلس الأخرى منعها لازدواج الجنسية قانونا مطلقا أي سواء كانت الجنسية الثانية خليجية أو غيرها وإن كانت تغض الطرف عن بعض الحالات, وهكذا تفعل البحرين فهي نفت بعض مواطنيها البحرينيين أبا عن جد بحجة امتلاكهم للجنسية البريطانية, بينما سمحت لبعضهم بازدواج الجنسية, ومنحت جنسيتها على مجموعة البريطانيين العاملين في أجهزة الأمن وغيرهم دون سحب جنسياتهم الأصلية, وفي هذه الحالة فإنّ الغبن والظلم سيقع على المواطن البحريني إذ إنّ دول الخليج الأخرى سوف تسحب جنسية كل مواطينها الذين تمنحهم البحرين جنسيتها طبقا للقانون, ولن تعطي جنسيتها أيضا لأية بحريني وسوف تقدم حكومة البحرين كل التسهيلات للمواطن الخليجي في حين أن دول المجلس الأخرى لا تعامله إلا على أساس أنه مواطن بحريني أجنبي, أما إذا افترضنا في الشق الأول أن دول الخليج سوف تخير مواطنيها الذين يأخذون الجنسية البحرينية بينها وبين جنسياتهم الأصلية فأنّ أحدا لن يتخلى عن جنسيته مع امتيازاتها وأفضليتها ليأتي إلى البحرين مع عدم استقرارها وسمعة سلطاتها السيئة إلا المجموعات التي تعتبرها مرقصا ومخمرا. هذا كله إذا افترضنا أن دول الخليج تتبع القانون وليس الحال كذلك وخاصة في مسألة ازدواج الجنسية بل لا زالت بعض دول الخليج تفتقر إلى قانون أساسي ودستور واضح, ومن المتوقع هنا أن تسمح لمواطنيها بأخذ الجنسية البحرينية دون إعطاء البحرينيين لجنسيتها وسوف تغمض عيونها عن مسألة ازدواج الجنسية متى ما كانت لمصلحتها.

وربما ترغب بعض المجموعات والجهات الخليجية في الجنسية البحرينية لاستخدامها في حالات خاصة مثل أن يستخدمها المواطن السعودي للسياحة في بعض البلدان في شرق آسيا والذي يحصل على ممانعة من السلطة السعودية للسياحة فيها حسب, أو بلدان لا يحتاج فيها جواز السفر البحريني إلى تأشيرة للدخول إلى أراضيها، وكما ذكر أحد الكتاب البارزين في موقع بحرين أنلاين الالكتروني المشهور بتاريخ 13 سبتمبر 2002 أنّ السعوديات أكثر الحاصلات على الجنسية المزدوجة وأنّ بعضهنّ يحملن الآن جوازي سفر السعودي والبحريني وأن مبنى وزارة الجوازات والهجرة البحريني يزدحم بهن, وجواز السفر البحريني يؤمن لهن السفر خارج البلد للدراسة أو للزيارات العائلية أو غيرها بدون محرم وهو ما تمنعه السلطات السعودية, وربما ترغب بعضهن في حالة الانفلات الموجودة في البحرين والممنوعة في الجزيرة العربية, فموضوع ازدواج الجنسية البحرينية مرشح لزيادة المشاكل الاجتماعية في منطقة الخليج وهي مع السياسية في البحرين, حفظ الله أبناء وبنات المنطقة جميعا من كل سوء وقبح وأبعد عنهم المخاطر والتآمر.

تجنيس الرياضيين

قامت السلطات أيضا بتوزيع الجنسية البحرينية على عدد من الرياضيين لا يعلم عددهم بالضبط وعرف بعضهم من المغرب وآخر من عديمي الجنسية من الكويت, في الوقت الذي لا زال بعض اللاعبين البحرينيين محروم منها مثل كابتن منتخب الناشئين إسماعيل عزيز الذي خدم وطنه والمستقبل الرياضي أمامه وهو ممن ينطبق عليه قانون الجنسية ومولود في البحرين وأبوه أيضا ولكنه يختلف في مذهبه مع مذهب الحاكمين, أحد الرياضيين بدر الشمري لاعب كرة قدم في الكويت لنادي القادسية والمنتخب الكويتي, تعاقد معه نادي المحرق وضم للمنتخب البحريني حسب مصادر بحرينية وذكر أن من ضمن إغراءات النادي البحريني له عرضه مبلغ الانتقال والجنسية البحرينية وضمان اللعب في المنتخب, وقد وصل البحرين وانظم إلى النادي ثم عسكر مع المنتخب البحريني الاولمبي في ألمانيا, واختياره للمنتخب البحريني مخالف للقانون الدولي لكرة القدم الذي يشير إلى أنه من غير المسموح أن يلعب لاعبا في منتخب بلد ثم يلعب في منتخب بلد آخر ما لم تمض على هذه الفترة ما لا يقل عن ثلاث سنوات. واعتبر البحرينيون تجنيس بدر الشمري وغيره فضيحة وسابقة لا مثيل لها من الاستهتار والاستخفاف بالوطن ومشاعر المواطنين وغياب للروح الوطنية والغيرة وهتك لحرمة الوطن الذي تتلاعب به أيدي المستهترين, فهو لم يعش على أرض البحرين ولم يتنفس هوائها ولم يشرب مائها ولم يعلق على قدميه غبار ترابها فكيف منح الجنسية. أكان القانون في إجازة أم كان نائما ينتظر من يوقظه.

وجنّست السلطات البحرينية أربعة من العدّائين المغاربة وضمتهم للمنتخب البحريني لألعاب القوى وأبدلت أسماؤهم فأصبح العداء رشيد خويا يحمل أسم محمد راشد بعد حمله الجنسية البحرينية، وعبد الحق الكورش أصبح يحمل اسم زكريا عبد الحق ورشيد رمزي وعبد الكبير الوريبي الذي حمل أحدهما أسما جديدا هو راشد عبدالقادر وهيأت السلطات الرياضية والسياسية كل السبل للمغاربة للحصول بسهولة دون قيود أو شروط على الجنسية البحرينية، وشاركوا في الدورة الرابعة عشرة للألعاب الآسيوية التي أقيمت في كوريا الجنوبية، وتردد أن البحرين قدمت عروضا لتجنيس عدد آخر من العدائين المغاربة يتأهبون الآن لشد الرحال لمشاركة زملائهم السابقين. وقد اعترض الاتحاد المغربي لألعاب القوى على الاتحاد البحريني بكون العدائين المغاربة الذين أصبحوا يلعبون باسم البحرين جرى تكوينهم في المعهد الوطني لألعاب القوى بالعاصمة الرباط وصرف عليهم الاتحاد المغربي الكثير من الأموال قبل أن يقرروا حمل الجنسية البحرينية واللعب ضمن صفوف منتخبها لألعاب القوى.

إنّ الاهتمام بالطاقات الرياضية الوطنية وتنميتها لتحقيق الفوز والنجاح هو خير من سرقة جهود دولة أخرى واستغلال أوضاع مادية لرياضيها في سبيل التفاخر بميدالية أو اثنتين أو عشر, أنّ هذا التجنيس يثير الخجل ولا يقاس بالدول الأخرى التي تلتزم بقوانينها ويصبح الرياضي ابنا لها ليمثلها في المسابقات الرياضية, وهناك فارق بين أن يكون اللاعب مواطن من أصل أجنبي وبين أن يستورد وهو أجنبي ويلعب باسم البلد الجديد, إنّ الدول الأخرى غير غافلة عن مثل هذه الخطوة وهي أكثر غنى وثراءً من البحرين وحتى دول في المنطقة لا تقدم على مثل هذا لما فيه, ولكن إذا لا تستحي فافعل ما شئت.

وتوالت أخبار تجنيس الرياضيين بما لا تستطيع متابعته وقيل أن لاعبين سلة في الكويت أحدهما صومالي وآخر بدون جنسية كويتي سوف يلعبان في نادي المحرق ويعطون الجنسية, كما تم تعاقد النادي نفسه مع مهند المحادين عضو منتخب الأردن وكابتن نادي الفيصلي ولكن لا يعلم ولم يعلن إن كانت الجنسية ضمن العقد أو ضمن الإغراءات أو “مكرمة” أو لا, كما لم تظهر الأخبار حول نتيجة محاولة تعاقد النادي مع اللاعب عصام سكين الذي يلعب لنادي كاظمة الكويتي(14).

أخبار التجنيس في دول أخرى

ارتبطت قضايا التجنيس بالهجرة واللجوء في دول العلم المختلفة, فكان لهجرة الأشخاص أو الجماعات من بلد إلى آخر التماسا لأحوال معيشية أفضل أو فرارا من اضطهاد ديني أو عرقي أو سياسي أو لوقوع حروب في البلد الأصل كما هو في حال في فلسطين وأفغانستان ويوغسلافيا وغيرها ومنذ بداية القرن الماضي أثر في وضع قوانين تتعلق بتجنيس المهجرين, في حين تتعامل بعض الدول وخاصة أوربا بقوانين اللجوء وهو حق حماية تمنحه الدولة في نطاق أراضيها للأجانب الذي يفزعون إليها فرارا بأنفسهم من أحكام القانون في بلادهم, وتختلف قوانين الهجرة واللجوء من بلد إلى آخر داخل القارة الأوربية نفسها وتنوي بعض البلدان المانحة للجوء إعادة اللاجئين إلى بلدانهم الأصل في حالة انتفاء الاضطهاد والحروب فيها, وأصبحت أوربا تستقبل المهاجرين واللاجئين بشكل يومي في نهاية القرن الماضي وتسعى إلى استثمار الجانب الإنساني في صالح البناء والتنمية المجتمعية والاقتصادية، كما استفادت بعض البلدان من الكوادر العلمية والعقول في مؤسساتها العلمية. وتزداد الهجرة من البلد كلما تأزمت أوضاعها الداخلية وأصبحت مسرح للحرب والاضطهاد, وتختلف دول العالم في منح الجنسية لطالبيها على ضوء الهجرات الكبيرة التي حصلت في نصف القرن الميلادي الماضي وتركزت كثير من الدول في إعطائها للجنسية على الوضع الأمني والسياسي, وتسن بعض الدول قانونا لإعطاء الجنسية لمن يستطيع تجميد الأموال في بنوكها, بينما تشترى هذه الجنسية في بلدان أخرى, والبحرين كان لها نصيب في الهجرة منها وإليها وخرجت أفواج كثيرة من البحرين باتجاه دول الخليج في المنطقة الشرقية من الجزيرة العربية والكويت وقطر والإمارات وعمان وإيران كما هاجروا إليها.

وملف الهجرة والتجنيس من الملفات المفتوحة في الدول العربية وهي جميعها ليست دول قانون وإنما مافيات وعصابات حاكمة, ويبدو المشهد أوضح في حالة دول الخليج العربية التي يفتقر بعضها إلى قانون أساسي ودستور عام لتنظيم شؤون حياتها وإلى برلمانات منتخبة لا تأتمر بأمر الحاكم المستبد, وإلى قوانين عادلة, وعليه فإن الجنسيات تعطى طبقا لمصلحة الحاكم وقبيلته وغالبا ما يحصل عليها طالبها بالواسطة والرشاوي والحيل والعلاقات الشخصية مع أطراف الحكم وبالتملق للحكم وأهله وليس بالقانون, وهي مع هذا تعاني من مشكلة عامة في التركيبة السكانية تتفاوت مخاطرها من بلد إلى آخر، وهي في أوضح صورها في دولة الإمارات حيث يظن من يطأها أنه في إمارات باكستانية أو هندية وليست عربية، بينما يقف مجلس التعاون الخليجي متفرجا على مشاكل دوله ومنشغلا لما أسس من أجله وهي قضايا الأمن واعتقال المطالبين بالحريات وتسليمهم إلى دولهم باتفاقيات أمنية رديئة وظالمة.

وهنا نستعرض تعامل بعض الدول وتوجهها في مسألة الجنسية ونرى بأنها تسعى إلى خدمة وراحة مواطنيها وإن كانت بعضها تسير باتجاه خاطئ في ذلك بخلاف سلطة البحرين التي تختلف مع كل هذه الدول التي حيث تسير باتجاه طمس وتغيير هوية البلد وديموغرافيته واستبداله بقطيع من الجهلة والمرتزقة.

قطر:

قامت دولة قطر في بداية العقد الحالي بسحب جنسيات بعض مواطنيها المجنسين قبل ممارسة الانتخابات الموعود بها وهذا السحب مؤشر على أن قطر جادة في طرح الانتخابات التي تدعم حكومتها وعلى أنها لا تؤمن بالديموقراطية في آن واحد, إلا أنّ مسئولا قطريا قال أنّ الحديث عن وجود عدد كبير من المواطنين القطريين سحبت جنسياتهم، أمر فيه مبالغة(15). وكانت الحكومة القطرية قد طبقت في شهر أبريل (نيسان) 2002 قانون الجنسية القطري الجديد ثم عدلت عنه بعد ثلاثة أيام في حين ظلت فئة من القطريين بدون بطاقاتهم السابقة بعد أن سحبت منهم، ويعتقد أن القانون الجديد كان يهدف لإعادة تصنيف جنسية المواطنين، في حين ذكرت مصادر أخرى أن عددا من الجوازات والجنسيات منحت في فترة سابقة بطريقة مخالفة للوائح والقوانين. وذكر متضررون من سحب بطاقتهم وتجريدهم من جنسياتهم أن الخطوة اتخذت مبدئيا لتحديد طبيعة المرشحين والناخبين في المجالس البلدية، وللعلم وطبقا للنظام الذي صدر في عام 1998 فانه لا يجوز للمتجنسين بالجنسية القطرية الترشح ولا التصويت أيضا إلا إذا مر على حصوله الجنسية 15 عاما.

وقامت قطر بتجنيس عدد من اللاعبين من جنسيات مختلفة في سنة 2000 وبعدها, ورغم أن مسألة التجنيس ليست غريبة على الملاعب وإن كانت بطريقة مختلفة عما يحدث في الخليج ويشار هنا إلى المنتخب الفرنسي لكرة القدم حيث يتكون غالبية أعضائه من فرنسيين من أصول أجنبية إلا أنّ المواطنين واللاعبين رفضوا هذا التجنيس واختلفوا حول المجنسين, وقال بعض الرياضيين القطريين أن هذه الخطوة غير موفقة من قبل اتحاد الكرة القطري وأن أكثر هؤلاء اللاعبين لم يضيفوا شيئا للكرة القطرية بل هم أقل مستوى من اللاعبين القطريين, وفضلوا في حالة الإصرار على هذا النوع من التجنيس اختيار لاعبين على مستوى فني كبير كي يستفيد منهم اللاعب القطري من خلال الاحتكاك، وفي حالة وجود منفعة للكرة القطرية, في حين قال آخرون أن المسئولين في قطر والجماهير الرياضية رأوا بأنها فاشلة لأنها جاءت في مرحلة لم يتمكن فيها المنتخب من تحقيق النتائج المرجوة (16), لكن أغرب ما قرأته حول هذا الموضوع ونسبه المصدر إلى مقال في جريدة بوستن جلوب هو أنّ اللاعبين القطريين الخمسة الذين مثلوا قطر في أولمبياد سيدني الأخيرة ليسوا قطريين ـ كما هو واضح من وجوههم وأبدانهم ـ وأنما هم من بلغاريا اشترتهم قطر ثم منحتهم جوازات سفر عربية وأسماء كذلك فأصبح Sarov Valentin ناصر فاضل، كما أصبح Peter Tanev  سالم بن نايف بدر، وكلاهما لم يدخلا قطر في حياتهما وقد لا يعرفان أين تقع قطر على الخريطة, وربما شجع السلطات في البحرين ما فعلته دولة قطر من تجنيسها للرياضيين لحساسيات بينهما فأراد الطرف البحريني أن يفرح بالوهم كما فرح به القطري وليخبرهم بأنهم ليسوا الوحيدين الذين يحصلون على ميداليات الفوز الرياضية.

تونس:

أقدم اتحاد الكرة التونسي على تجنيس لاعبين مقيمين يحملان الجنسية البرازيلية وهما كلايتون واديلتون، فيما رفض بعض اللاعبين هذه الخطوة وأكد بعضهم أنه ضد التجنيس عموماً مهما كانت إمكانيات اللاعب مشيراً إلى أن اللاعب ومهما كان مستواه فلن يقدم مثل ابن الوطن وان الأكثر استفادة من التجنيس هو اللاعب نفسه الذي يسعى إلى الظهور بشكل أفضل والحصول على الفرصة التي لم يحصل عليها في بلاده (17) .

ولا زال التونسيون يتذكرون سنوات الاستكبار الفرنسي ويصورونها كدراما تلفزيونية تاريخية حيث تتضمن الأحداث الوطنية كاندلاع الشرارة الأولى لمقاومة الاحتلال الفرنسي بعد دخوله إلى تونس عام 1185 ومقاومة التجنيس عام1911 م (18).

السعودية:

نفت وزارة العمل السعودية أنها أبلغت الشركات المحلية ضرورة إنهاء خدمات العاملين لديها من غير السعوديين لأكثر من 15 سنة، تحسبا لمطالبتهم بالحصول على الجنسية السعودية بناء على الأنظمة المعمول بها دولياً. وقال الدكتور علي النملة وزير العمل والشؤون الاجتماعية أمس إن نظام التجنيس والإقامة في السعودية ليس من اختصاص الوزارة، ووجود عاملين من دول عربية وصديقة في السعودية بحكم العمل، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، يحكمه نظام لا يتطرق إلى هذه الجزئية بتاتا.

وأكد أن ما يثار حول أحقية المقيمين والعاملين في دول أخرى لمدد تزيد على 15 سنة متواصلة في الحصول على جنسية ذلك البلد تحكمه ظروف السلطات المختصة في كل دولة. كما لم تتعرض اتفاقيات العمل الدولية لمثل هذا الموضوع لا من قريب أو بعيد، حتى تلك المرتبطة بموضوع منظمة التجارة العالمية وشروط انضمام السعودية إليها في ما يخص العمل والعمال.

وأوضح المسؤول السعودي أن أمر إنهاء خدمات بعض العاملين غير السعوديين في الوزارة والمؤسسات الحكومية يأتي بناء على رغبتها، أو رغبة تلك الجهات، في عدم إثقال كاهلها ماليا في ما يعرف بحسابات نهاية الخدمة، خاصة أنه بعد عشر سنوات ترتفع المبالغ الواجب دفعها للعامل حين تنتهي خدمته(19). وقيل أنّ السعودية وعمان تتنصلان من انتماء قبائل عشائرية بدوية متنقلة استوطنت الدولتين, نتمنى ألا يكون ذلك صحيحا وألا يكون الحل على حساب أبناء البحرين.

 الامارات:

طبقا للقانون المعمول به حاليا في دولة الإمارات العربية المتحدة، فانه يحق للعربي التقدم بطلب للحصول على جنسية الإمارات بعد مرور 7 سنوات على إقامته إقامة مشروعة داخل الدولة إلا إن هذا القانون لا يطبق من الناحية العملية وتتم عمليات التجنيس في الغالب بشكل فردي وبناء على تزكية من شخصيات نافذة ويقتصر من يتم تجنيسهم على من قدموا خدمات جليلة للدولة.

وتقول بعض الفعاليات في الإمارات انه يجب وضع قواعد حديثة للتجنيس أسوة بما هو متبع في دول كثيرة، حيث يتم تحديد الذين يستحقون جنسية الدولة على أساس مجموعة من العوامل مثل معرفة اللغة والتأهيل العلمي ومدة الإقامة والسجل العدلي وعدد الأولاد المقيمين مع طالب التجنيس وطبيعة العمل الذي يقوم به.

ولازالت أعداد من المقيمين في الإمارات دون أوراق ثبوتية أو هويات فضلا عن الجنسية الإماراتية وهي التي تسمى في الخليج بفئة ” البدون ” وحجمها يقل كثيرا عن حجم الظاهرة في دول خليجية أخرى . فيما اعتبرت بعض القيادات الأمنية (20) أن دولة الإمارات لا تعاني من وجود فئة “البدون” وترفض تجنيسهم وان هذه المشكلة هي ادعاء من قبل البعض بهدف الحصول على جنسية الإمارات وقالت أن أعدادا كبيرة ممن يطلق عليهم فئة ” البدون ” هم من المتسللين الذين دخلوا البلاد بصورة غير مشروعة وأقاموا فيها بدون أوراق ثبوتية. وتعتقد مصادر أمنية إماراتية أن القسم الأكبر من هذه الفئة قاموا عمدا بإخفاء جنسياتهم الأصلية ووثائقهم الثبوتية بهدف الحصول على جنسية الإمارات.

وتخشى مصادر أمنية في أن يصبح التوسع في تجنيس فئة “البدون” وسيلة لإضفاء الشرعية على التسلل الذي يشكل أحد أهم الهواجس الأمنية للإمارات والتي تمتلك شواطئ طويلة في مواجهة الشواطئ الآسيوية وهي القنوات الأساسية لتدفق المتسللين.

وقامت الإمارات في 10/7/2001 بخطوتين صغيرتين باتجاه حلحلة المشاكل الحياتية لفئة “البدون” وأبناء المواطنات الإماراتيات المتزوجات من أجانب والذين لا يسمح لهم القانون بحمل جنسية أمهاتهم, ففي قرارين متزامنين وافق مجلس الوزراء الإماراتي على إصدار بطاقات عمل خاصة لأولاد المواطنات المتزوجات من أجانب أو ممن لا يحملون أوراقا ثبوتية “البدون”، فيما قررت السلطات في أمارة دبي اتخاذ خطوة أبعد بمنح أولاد المواطنات المتزوجات من أجانب جوازات سفر, ورغم أن هذه الإجراءات لا تصل إلى مستوى طموحات هذه الفئات، إلا أنها تقترب من مطلبهم الأساسي وهو الحصول على جنسية الإمارات.

ويقدر أعداد المواطنات المتزوجات من أجانب حسب إحصائيات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بحوالي 14 ألف حالة, وتتركز مشكلة هذه الفئة في أبناء المطلقات أو الأرامل والذين يحملون حسب القانون جنسيات آبائهم مما يخلق مشكلات اجتماعية وإنسانية مختلفة.

وتعاني دولة الإمارات من خلل خطير في التركيبة السكانية حيث يصل عدد المواطنين الإماراتيين في وطنهم إلى 18% فقط من مجموع المقيمين على أرض الإمارات وكشف تقرير اتحادي إماراتي احتمال انخفاض نسبة المواطنين إلى أقل من 18 في المائة خلال السنوات المقبلة إن لم يتم تدارك هذا الخلل الخطير. ووفقا للتقرير الذي يشكل اهم وثيقة رسمية يتم السماح بنشر أرقامها حول التركيبة السكانية الإماراتية فان الهنود والباكستانيين والبنغال يشكلون ما نسبته 49.6% من مجموع السكان الذي يبلغ حالياً قرابة ثلاثة ملايين نسمة.

وأشار التقرير إلى أن نسبة الإماراتيين انخفضت وفقا للتعداد الذي أجري بالدولة من 64% عام 1968 إلى 24.5% عام 1995 وقدرت الإحصاءات أن هذه النسبة وصلت إلى 18% عام 1999، ومن المحتمل أن تنخفض إلى أقل من ذلك في السنوات المقبلة إذا ما ظل الحال على ما هو عليه، وذلك على الرغم من سياسة التجنيس التي اتبعتها الدولة وبصورة مكثفة في بداية عمر الاتحاد، حيث لم يتحقق التوازن السكاني المطلوب (21). وكانت الحكومة الإماراتية قد أعلنت حظراً على العمال الهنود والباكستانيين غير الأكفاء في تشرين الأول 1999 في إطار خطة تهدف إلى إعادة التوازن الديموغرافي في البلاد.

وليس إلا التجنيس القانوني وحده كفيل بتعديل التركيبة السكانية المختلة وذلك بتفعيل قانون الجنسية الإماراتي إضافة إلى ضبط تدفق العمالة الأجنبية. ولا توجد تقديرات دقيقة لاحتياجات الدولة من المتجنسين في المدى المنظور، ولكن فعاليات إماراتية ترى أن معالجة التركيبة السكانية للإمارات تتطلب معالجة جذرية في إطار سياسة سكانية واضحة تأخذ بعين الاعتبار عدد السكان الأمثل الذي تتطلبه عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية(22).

الكويت:

قامت الحكومة الكويتية في عقود القرن الماضي بتجنيس أعداد من المقيمين على أرضها إلا أنها كانت تصنفهم إلى درجات في الجنسية ثم أصبحت أكثر حذرا في عملية التجنيس, وفي ندوة أقيمت في نادي الخريجين في البحرين قال رئيس البلديات الكويتية ونائب البرلمان سابقا السيد/ عبد العزيز العدساني أن الكويت تضررت كثيرا من التجنيس وأنهم الآن يجنون ما حصدوا من التجنيس الذي بدأ منذ الأربعينيات والخمسينيات وأنه كان من المعارضين للتجنيس وهدد بالقتل من جراء معارضته(23). ولكن الحكومة أصبحت أكثر تشددا في التعامل مع الأجانب في العقد الأخير من القرن الماضي و” قامت بتدابير هدفت إلى خفض الحضور الأجنبي في الكويت تتضمن تجميد حصول هؤلاء على الخدمات الصحية والتعليمية المجانية، وفرض ضريبة علي العمال الأجانب” (24).

والمشكلة الكبرى في هذا الجانب هي مشكلة المواطنين المحرومين من الجنسية أو ما يسمون في الكويت بـ ” البدون ” أي بدون جنسية وهي تسمية ظالمة حيث ولدوا وعاشوا في الكويت ولا يعرفون وطنا سواه كما هو الحال والوضع في البحرين إلا أن الحكومة الكويتية منعتهم من الحصول على حق الجنسية ومهدت الطريق لخروجهم من الكويت, وضايقت من بقى منهم ولم تجنس إلا أعدادا بسيطة منهم. وتبدو المشكلة في عدم جدية الحكومة الكويتية في حل قضيتهم منذ صدور قانون الجنسية الأول في 1959 أي قبل الاستقلال الذي حصل في 1961 حيث تراكمت أعداد المطالبين بالجنسية حتى بلغ مابين 220 و350 ألفا قبل الاجتياح العراقي للكويت في 1990. وبسبب سياسات الضغط والتهجير بعد الحرب تقلص العدد إلى حوالي 120 ألفا. وقبل الأزمة كانت الحكومة تتعامل معهم كمواطنين، فسمحت لهم بالانخراط في وزارتي الدفاع والداخلية، وهما من أكثر الوزارات حساسية في دول الخليج. وكانت تسمح بانخراط أولادهم في المدارس الحكومية وتوفر لهم العلاج وبقية الخدمات, وقد تغير ذلك تماما فأصبح أفراد هذه الفئة محرومين من ابسط الخدمات، وبلا هوية شخصية أو أذن بالعمل، وبدون حق في التطبيب أو التعليم أو التزويج.

وتم طرح قانونين على البرلمان الكويتي في منتصف سنة 2000 و2001 لمنح الجنسية لـ2000 شخص من “البدون” وتم إقرار الأول, واعتبر وزير الداخلية أن القانون يهم شريحة من المواطنين ومن شأنه تحقيق المصلحة العامة, ومع ذلك لم يحصل بموجب القانون الأول سوى ألف من “البدون” ممن يقيمون في الكويت منذ عام 1965 على الأقل على الجنسية الكويتية. ويفترض أن يستفيد من قانون سنة 2001 نحو 36 ألفا من “البدون” الذين ينتظرون دورهم في التجنيس، شرط توافر الشروط المطلوبة. وكان وزير الداخلية محمد الصباح قد نبّه في جلسة برلمانية إلى أن “البدون” الذين لهم أقرباء غادروا الكويت إلى العراق بعد تحرير الكويت من الاحتلال العراقي لن يحصلوا على الجنسية الكويتية. وشكلت الحكومة لجنة تعنى بالمقيمين بصور غير قانونية في العام 1993، حُدد لها حصر أعداد “البدون” وتصنيفهم طبقا لتواجدهم في الكويت ولصلة قرابتهم بالكويتيين (25), ومن ناحية قانونية فان الحكومة لا تستطيع تجنيس أعداد من “البدون” من دون قانون إذ أن البرلمان الكويتي يحظر على وزير الداخلية منح الجنسية إلا بعد العودة إلى مجلس الأمة ويكون التجنيس سنويا وبأرقام محددة لا تتجاوزها الحكومة بأي حال. وقالت مصادر صحفية أن الحكومة الكويتية قد منحت في عام 2000 نحو 600 أسرة من “البدون” الجنسية، بعد تطابق الشروط الخاصة ومن أهمها الإقامة منذ العام 1965 فضلا عن وجود أقارب من الكويتيين. وبعد تحرير الكويت من الاحتلال العراقي أبدت الحكومة مرونة في تجنيس شرائح محددة. وتم إنجاح إقرار قوانين تتعلق بتجنيس أبناء الكويتيين الذين بلغوا الرشد لحظة حصول آبائهم على الجنسية الكويتية، وقد منح الوزير المئات من غير الكويتيات المتزوجات من كويتيين الجنسية.

ويتحفظ نواب المناطق الحضرية في البرلمان كثيرا على التوسع في الجنسية، ويطرح هؤلاء مبررات تتمحور حول “ضرورة المحافظة على النسيج الكويتي”.

وتحدث وزير الداخلية عن المعايير والقواعد التي تم الاستناد إليها في شأن تقدير استحقاق الجنسية والتي يأتي في مقدمتها ما يتمثل بالولاء الوطني وخلو السجل من القيود الأمنية التي تحول دون شرف الحصول على الجنسية الكويتية إلى جانب الإقامة المستمرة في الكويت كحد أدنى، بالإضافة إلى درجة القرابة من كويتيين وفترة الإقامة في الكويت والمؤهل الدراسي والخبرات العملية. وأشار إلى الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بمنح الجنسية وما يترتب عليها من نتائج تستوجب العديد من الاستعدادات على صعيد مختلف الخدمات وفي مقدمتها ما يتصل بالتوظيف والرعاية الإسكانية وخدمات التعليم التي يتمتع بها المواطنون.

وفي سنة 2000 وافق المجلس الكويتي على مشروع مرسوم بمنح الجنسية الكويتية لعدد 34 شخصا ممن أدوا للبلاد خدمات جليلة. ويعتقد أن من بينهم شخصيات إعلامية و”فنانين” أمضوا سنوات طويلة في الكويت. وعلى الرغم من خطوة التجنيس هذه إلا أن مشكلة “البدون” تظل عالقة بالنسبة لعدد غير بسيط لا تنطبق عليهم شروط التجنيس، وفي الوقت ذاته لا يحملون أوراقا تثبت انتماءاتهم إلى دول أخرى(26).

وقال وزير الداخلية محمد الخالد الصباح أثناء جلسة مجلس الأمة إن عدد “البدون” انخفض من 122 ألفا إلى 79 ألفا, وإن آلافا قدموا طلبات جنسية. وقال إن “هناك من يطالب بفتح الباب لمنح الجنسية الكويتية والتوسع في الشروط فيها لاستيعاب أعداد كبيرة من الطلبات أسوة بما يجري في بعض الدول موضحا أن دولة الكويت تختلف عن تلك الدول في مساحتها وعدد سكانها وظروفها السياسية والاجتماعية والاقتصادية”, وأن ما يمكن أن تستوعبه بعض الدول “من مواطنين جدد قد لا تتمكن الكويت من استيعابه دون التأثير على هويتها الوطنية، الأمر الذي يستوجب أن يكون منح الجنسية الكويتية وفق جرعات مدروسة تكفل انسجام المجتمع والحفاظ على مقوماته”.

ودعا بعض نواب مجلس الأمة الحكومة إلى ضرورة حل هذه القضية “الإنسانية بأسرع ما يمكن”، مضيفين أن تجنيس ألفي شخص سنويا يعني أن المشكلة لن تحل قبل 50 سنة. وكان قانون سابق يتيح للعرب المقيمين في الكويت منذ عام 1945 والأجانب المقيمين فيها منذ عام 1930 المطالبة بالجنسية.

وعاد مجلس الأمة الكويتي في 16/6/2002 لإقرار قواعد جديدة لمنح الجنسية الكويتية للأجانب شريطة أن يتوفر لدى المستفيد جواز سفر وإقامة قانونيان(27), وبذلك قطع الطريق على ما يقارب 100 ألف من “عديمي الجنسية” الذين يأملون في الحصول على الجنسية الكويتية دون أن يتوفر لديهم هذان الشرطان, وهي إشارة إلى سياسة ضغط وتشدد ضدهم.

وفي أبريل سنة 2002 رفضت الحكومة الكويتية منح الجنسية إلى الطفلة هاجر ابنة سليمان أبو غيث المتحدث باسم تنظيم القاعدة الذي أصدرت الحكومة الكويتية أمرا بسحب جنسيته, وجعلوا الوليدة هاجر ضمن فئة “البدون” المحرومة من حقوقها لعشرات السنوات ومنها الحصول على الجنسية, وحسب رأي صحيفة القدس العربية فإن هذا الإجراء جاء إرضاء للولايات المتحدة الأمريكية وللتنصل مما أقدم عليه تنظيمه من هجمات ضد أهداف أمريكية في نيويورك وواشنطن(28).

وينبغي للكويت أن ترفع التناقض القانوني وتسعى لتوحيد الجنسية حيث ينص الدستور الكويتي على أنّ الناس سواسية في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين وهو الأمر الذي يقتضي إزالة كافة أشكال التمييز بين أبناء الوطن الواحد، بينما ينص قانون الجنسية على عدة مراتب ودرجات وهو ما قد يعتبر نوع من أنواع التمييز العنصري بين أبناء الوطن الواحد.

الأردن:

عرضت الأردن جنسيتها على المستثمرين العرب والأجانب في منتصف سنة2001 بهدف تحسين الأوضاع الاقتصادية وقال مدير مؤسسة تشجيع الاستثمار الأردنية بالوكالة حسين الدباس أن منح الجنسية الأردنية للمستثمرين العرب يستهدف تشجيعهم على الاستثمار وتسهيل معاملاتهم. وقال أن هناك لجنة حكومية متخصصة تعمل – بموجب قانون الجنسية الأردني- على منح الجنسية وفق شروط وأسس وضوابط محددة. وأكد مسئول وحدة التجنيس في المؤسسة هاني النسور أن اللجنة الخاصة بمنح الجنسية المُشكلة من عدة جهات أردنية اجتمعت يوم 19/4/2001 وقررت إجراء تعديل على أسس وقواعد منح الجنسية عن طريق الاستثمار وقال إن حوالي 47 مستثمرا عربيا تقدموا للحصول على الجنسية الأردنية لنيتهم إقامة مشاريع استثمارية في الأردن، وأضاف أن 23 مستثمرا منهم تقدموا بطلبات للحصول على جوازات سفر أردنية من خلال نظام الودائع، مبينا أن على كل مستثمر أن يودع حوالي مليون دولار في البنك المركزي الأردني لفترة تتراوح بين ثلاث إلى خمس سنوات حسب القانون القديم, وأوضح أن الباقين تقدموا بطلبات من خلال نظام الاستثمار المباشر الذي يوجب على كل مستثمر أن يرصد مبلغ 750 ألف دولار كحد أدنى للاستثمار في مشروع إنتاجي وأكد أن خدمة المكان الواحد في المؤسسة تقدم خلال 14 يوما الموافقات الرسمية لأي مستثمر يريد الاستثمار(29).

والعجيب أن الأردن تصدر للبحرين مرتزقة ومجنسين هم في درجة دنيا من التحضر وعظمى من التخلف, أميون, جهلة, ومجموعات أخرى من المرتزقة المعذبين في وزارة الداخلية منذ أيام الملك المقبور حسين وتعرض جنسيتها لرجال الأعمال والمستثمرين.

لبنان:

في لبنان لا يزال اللاجئون الفلسطينيون الذين يعملون رسمياً منذ عام 1948 ممنوعون من التجنيس ويعاملون كأجانب، وممنوعون من العمل في عدد كبير من الوظائف والمهن, وتفيد دراسة نشرت في جريدة النهار اللبنانية أن لهذا التمييز ضد الفلسطينيين سببان: أولاً, أن تجنيس الفلسطينيين يُعتبر متعارضا مع المطالبة الشرعية بحق العودة إلى فلسطين. وثانيا، سوف يعني استيعاب الفلسطينيين زيادة ضخمة لعدد المسلمين السنّة، مما قد يزعزع توازن البلاد الديموغرافي ذا الانعكاسات السياسية الدقيقة.

وأكثر الأصوات المحتجة في لبنان على التجنيس هم المسيحيون لشعورهم بأنهم أكثر المتضررين منه وأن التغيير الديموغرافي على حسابهم, وقد أثار نائب في البرلمان وأحد كبار شخصيات “الرابطة المارونية” مسائل التجنيس والتغيير الديموعرافي وقال مكررا رفضه التوطين و” محاولات التوطين المقنع” ومؤكداً “محاربته بكل أشكاله، والعمل على عودة الفلسطينيين إلى ديارهم” مشيراً إلى أن هذه العودة هي مسؤولية دولية وعربية وأن لبنان لا يستطيع تحمل وزر هذه القضية. ثم قال: “أن من أولويات الحكومة اللبنانية العمل على تحقيق عودتهم وإذا تم السلم ولم تتم العودة فلتساعدهم الدول المانحة لكي يسكنوا في غير مكان، فبلدنا مكتظ سكانياً ولا نستطيع بالتالي لا تجنيسهم ولا توطينهم”, و”إن الدعوى في مجلس الشورى في شأن موضوع التجنيس جاهزة ولن تمر من دون تعديل المرسوم أو إلغائه” (30).

وأكد عضو المجلس التنفيذي للرابطة المارونية النائب المنتخب نعمة الله أبي نصر على العمل على منع كل أشكال التوطين، وعلى استكمال عودة المهجرين اللبنانيين إلى ديارهم عودة تامة وكريمة، بعدما انقضى على تهجيرهم أكثر من خمسة عشر عاماً، ومعالجة أسباب الهجرة اللبنانية التي تفاقمت في السنوات الأخيرة والنابعة من الأزمات السياسية الاقتصادية والاجتماعية المتلاحقة، واستعادة المغتربين اللبنانيين جنسية آبائهم وأجدادهم ومنحهم حقوقهم السياسية، ووضع قانون متشدد في منح الجنسية اللبنانية لغير اللبنانيين لان نسبة الكثافة السكانية في لبنان هي من أعلى النسب في العالم، وإبطال مرسوم التجنيس رقم 5247 الصادر بتاريخ 20/6/1994 بحيث لا تمنح الجنسية إلا لمن أسدى خدمات جليلة للوطن لأي دين أو طائفة انتمى، وتسحب ممن حصل عليها دون حق لأي دين أو طائفة أو مذهب انتمى(31). وقال في موضع آخر “يبدو ان هناك سياسة مدروسة ومتعمدة للتغيير الديموغرافي في البلد وربما جغرافيته أيضا, تنطلق من التجنيس وعدم بت دعوى إبطال مرسوم التجنيس، كما ان الإدارة لم تلجأ إلى تنظيف هذا المرسوم من الذين تجنسوا ولا يستحقون منحهم الجنسية. وهناك أيضا اقتراح قانون يرمي للسماح للفلسطينيين بالتملك, وهناك إهمال للمغتربين وغياب أي سياسة للحد من الهجرة (32). ودعا النائب قبلان عيسى الخوري في البرلمان إلى الإسراع في بت مرسوم التجنيس الذي لا يزال عالقاً أمام مجلس شورى الدولة، كي يعطي صاحب الحق حقه وتنزع الجنسية اللبنانية من غير مستحقيها وذكر أن هذا من موقع الحرص أيضا على قدسية المواطنية اللبنانية(33). ووجه أربعة نواب لبنانيين في منتصف السنة الحالية 2002، هم نائلة معوض وصلاح حنين ونعمة الله أبي نصر وغبريال المر، سؤالاً إلى الحكومة يطالبونها فيه بإبطال مرسوم التجنس الذي صدر عام 1994 ومنح الجنسية اللبنانية “لمئات الآلاف من الأشخاص والمجموعات دفعة واحدة”. وجاء في السؤال الذي قدم إلى رئاسة مجلس النواب “بما أن هذا المرسوم منح الجنسية لأناس غير مقيمين وللاجئين من جنسيات متعددة خلافاً للدستور اللبناني وللقوانين والأصول المتبعة، ويتعارض مع مبدأ عدم التوطين، نتيجة للعيوب التي اعترت هذا المرسوم، تمت مراجعة إبطاله أمام مجلس شورى الدولة ضمن المهلة القانونية مستندة إلى عدة أسباب جوهرية”, ولفت السؤال إلى “إن هناك نحو 3000 شخص منحوا الجنسية سبق أن ارتكبوا قبل منحهم الجنسية، جرائم شائنة ومنهم من يقضي عقوبة السجن. وذكر السؤال بقرار اللجنة العليا التي تشكلت عام 1996 والتي خلصت إلى اقتراح باستصدار مرسوم بإلغاء منح الجنسية وتصحيح القيود والسجلات(34).

العراق:

حاول الرئيس العراقي صدام حسين خلال الثمانينات وعندما كانت الحرب العراقية- الإيرانية تشتعل إحداث تغيير جوهري في التركيبة السكانية للعراق، فاستقدم اكثر من أربعة ملايين مصري لتوطينهم في العراق وذلك بهدف تغيير التركيبة السكانية التي يمثل الشيعة أغلبية كبيرة فيها, ولكن تراجع حظوظه في الحرب ومقتل أعداد كبيرة من المصريين، وعودة توابيت القتلى منهم إلى مصر، أدى إلى نزوح عكسي ففشلت خطة التنجيس, كان العراقيون شديدي الحماس والفعل لطرد المصريين وتعاملوا معهم بعنف, والوضع في البحرين أشبه ما يكون بالوضع العراقي في الثمانينات من القرن الماضي ولكن بدون عنف لحد هذه اللحظة إلا قليلا.

أوربا:

تقوم أوربا بتجنيس المقيمين على أراضيها حسب القانون الذي يختلف من دولة إلى أخرى, ويستطيع الشخص مقاضاة وزارات الهجرة عندما تمتنع عن إعطائه الجنسية. والتجنيس في أوربا ضرورة لا مفر منها وإن كانت فئات اليمين المتطرف غير راغبة في ذلك ومبررة الرفض بتفادي انقراض المجتمعات الأوربية مع استمرار التراجع السكاني, وأمام هذا التراجع السكاني العام في القارة الأوروبية يبدو أن قبول المزيد من المهاجرين من خارج أوروبا “شر لابد منه” في رأي بعض الخبراء، لأن النمو الاقتصادي يتطلب المزيد من الأيدي العاملة ولا تتأتى بتناقص عدد السكان, والحل هي الهجرة حتى لو كان ذلك لا يروق للأحزاب اليمينية التي تعادي المهاجرين وتطالب بتشديد القيود عليهم, ومن لوازم الهجرة في أوربا حقوق المهاجرين والتي منها الجنسية.

وقد أظهرت دراسة حديثة صادرة عن ” معهد منطقة الدانوب ووسط أوروبا ” (35)، الذي يتخذ من فيينا مقراً له، أن عدد السكان في البلدان الخمسة عشر الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حالياً يبدأ بالتراجع مع حلول عام 2023. ولكن عدد سكان الاتحاد سيبدأ بالتراجع في واقع الأمر قبل ذلك بكثير، وتحديداً مع حلول عام 2015، أخذاً بعين الاعتبار انضمام البلدان المرشحة لعضوية الاتحاد إليه في غضون السنوات القليلة المقبلة, وعلى سبيل المثال فإنّ متوسط عدد المواليد لكل امرأة في ألمانيا والنمسا لا يزيد عن 1.3 طفلاً، وتتقدم هذه النسبة غير المشجعة على ما عليه الحال في بلدان واقعة في وسط وشرق أوروبا مثل تشيكيا وسلوفينيا وإستونيا ولتوانيا. ولتوضيح المدى الذي بلغه الانحسار السكاني في شرق القارة العجوز يمكن التأمل في التناقص الذي طرأ على عدد المواليد في بولندا في غضون عقد واحد من الزمان، إذ تناقص العدد من 564 ألف مولود جديد في العام 1989 إلى 382 ألف مولود في العام 1999.

وتأتي المؤشرات التي تؤكد التناقص السكاني الكبير في شرق أوروبا ووسطها لتبدِّد المخاوف في غرب القارة من مغبة هجرة أفواج كبيرة من الشرق إلى الغرب بمجرد اتساع رقعة الاتحاد الأوروبي, بل يرى الخبراء أنّ بعض الدول التي تنتظر عضويتها في القارة الموحدة ستكون مضطرة في غضون السنوات المقبلة إلى استقدام عمالة مهاجرة لسد الفجوة المتزايدة في مواقع العمل.

أما في فرنسا فهناك ما يبدو مثيراً للاهتمام, فقد ارتفع نصيب المرأة الفرنسية الواحدة من الأطفال من 1.73 طفلاً قبل خمس سنوات فقط ليبلغ 1.9 طفلاً في المعدل في الوقت الراهن. وقد سجلت فرنسا رقماً قياسياً في عدد المواليد في العام 2000، ثم حققت ارتفاعاً إضافياً في عام 2001 ليبلغ 774.8 ألف مولودا. أما عند النظر إلى المشهد الأوروبي بشكل عام فيمكن ملاحظة أنّ التناقص السكاني يسير بأشد صوره في بلدان جنوب أوروبا أيضاً، وخاصة إيطاليا وإسبانيا واليونان. وقد بلغ الأمر ببعض المراقبين حدّ التحذير من مخاطر “انقراض” بعض الشعوب الأوروبية في غضون القرون القليلة المقبلة, وبالمقابل تبدو الزيادة السكانية وهي تسير على قدم وساق في بلدان أخرى، مثل تركيا وألبانيا ومقدونيا وإقليم كوسوفا, ويبقى من الواضح أنّ هذه البلدان تتميز في العموم بأغلبية سكانية مسلمة، ولكنها في الوقت ذاته غير موفورة الحظوظ في تحقيق طموحاتها بالالتحاق بقاطرة الوحدة الأوروبية، في غضون الحقبة الحالية على الأقل, وبالنتيجة فإنّ أوربا مضطرة لاستقبال المزيد من المهاجرين وتجنيسهم وقابلة وهي كارهة تغيير تركيبتها السكانية ولوازمها.

هوامش الفصل الثاني

(1) – صوت البحرين, العدد 117, أكتوبر1992(ربيع الثاني 1413هـ ق)

(2) – صحيفة المنامة الإلكترونية 13/8/2001

(3) – صحيفة المنامة الإلكترونية 17/2/2002

(4) – جريدة أخبار الخليج البحرينية الحكومية، العدد 8844، الاثنين، 10 يونيو 2002 م, 29 ربيع الأول 1423 هـ

(5) – دستور 1973, مادة 104 أ, ” يشترط لتعديل أي حكم من أحكام هذا الدستور أن تتم الموافقة على التعديل بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، وان يصدق الأمير على التعديل وذلك استثناء من حكم (المادة 35) من هذا الدستور”.

(6) – للمزيد راجع دراسة المحامي عيسى إبراهيم حول الجنسية البحرينية.

(7) – جريدة الوسط البحرينية, العدد 2, تاريخ 8/9/2002.

(8) – راجع مقال د. أحمد الربعي, جريدة الشرق الأوسط, لندن, العدد 8594, تاريخ 11/6/2002م

(9) – بيان حركة أحرار البحرين الإسلامية, تاريخ 12/6/2002

(10) – خطبة يوم الجمعة 2 ربيع الثاني 1423 هـ ق الموافق 14/6/ 2002 ميلادي للمرجع الإسلامي الشيخ عيسى قاسم في جامع الإمام الصادق ببلدة الدراز, وهذا جزء منها:

((أما بعد أيّها المؤمنون فهذه وقفة مع بعض الأمور التي تأبى المسؤولية الشرعية تجاوز الحديث عنها:

أخيراً وجدنا أنّ التجنيس بدوافع سياسيَّة معيّنة يخرج من كونه مخالفة يُتستَّر عليها إلى كونه قانوناً تقتضي الأمانة الوطنية وأمانة الحكم تطبيقه… وقانون التجنيس المفتوح في بلد هو الأضيق مساحة من بين بلدان المنطقة والأضعف اقتصاداً لمواطنين في بلدان لا تشكو من ضيق في المساحة ولا شحٍّ في الاقتصاد لا يعبِّر عن دافع الأخوة الإسلامية ولا العربية بقدر ما يعبر عن محاولة لتهميشٍ أشدّ للمواطنين، وتقريرٍ لمصيرهم من الخارج. ولذلك فهو قانون مرفوض شعبياً لما يحمله من تهديد مباشر بالإلغاء الكامل لموقع المواطن ورأيه.

نحن في بلد يبحث المواطن فيه عن أرض لسكناه فلا يجد، وعن مهنة تتيسر له منها لقمة العيش الشريف فلا يجد، وليس من بلدان الخليج الشقيقة بلد آخر يعاني مثل ما يعانيه بلدنا، فإذاً لا يمكن أن يقال بأنّ قانون الجنسية المزدوجة من أجل حل مشكلة الأخوة في الخليج وأن أهدافه أخوية وإنسانية… إن المواطنين هنا فهموا حالاً أن أهدافه انتخابية دائمة ومن أجل التهميش لصوت المواطن بل إلغاء قيمته عملياً وبصورة كاملة. نحن نريد هنا استفتاءاً عاماً على قانون الجنسية، على مشروع الجنسية المزدوجة، ولتجرب الحكومة حظ هذا المشروع عند الاستفتاء العام)).

(11) – جريدة الحياة, لندن, العدد 14332, تاريخ 16/6/2002م الموافق 5/4/1423 هـ ق

(12) – جريدة الحياة, العدد 14334, تاريخ 18/6/2002 الموافق 7/4/1423هـ ق

(13)- شبكة الفجر للنقاش, إلكترونية, منتدى الحدث، تاريخ 5/4/1423هـ ق الموافق 16/6/2002 م

(14)- جريدة الوسط البحرينية, 8/ /2002

(15) – جريدة الشرق الأوسط, العدد8662, تاريخ 16/8/2002

(16) – جريدة الشرق الأوسط, 9/8/2001، تاريخ 16/11/2000.

(17) _ جريدة الشرق الأوسط, العدد 7959, تاريخ12/9/2000

(18) _ جريدة الشرق الأوسط, العدد 8352, تاريخ 10/ 10 /2001

(19) – جريدة الشرق الأوسط, العدد 7974, تاريخ 27/9/2000

(20) – اللواء ضاحي خلفان تميم قائد عام شرطة دبي

(21) – جريدة الشرق الأوسط, العدد 8240, تاريخ 20/6/2001

(22) – جريدة الشرق الأوسط, العدد 8261, تاريخ 11/7/2001

(23) – ندوة في نادي الخريجين بالبحرين بتأريخ 23/1/2002

(24) – حديث وزير العمل والشؤون الاجتماعية عبد الوهاب الوزان إلى “وكالة الصحافة الفرنسية ” بعنوان الكويت تفرض ضرائب على العمال الأجانب بتاريخ 23/12/1999.

(25) – جريدة الشرق الأوسط, العدد 8234, تاريخ 14/6/2001

(26) – جريدة الشرق الأوسط, العدد 8234, تاريخ 9/10/2000

(27) – جريدة الشرق الأوسط, العدد 8602, تاريخ 17/6/2002

(28) – صحيفة القدس العربي, تاريخ 22/4/2002

(29) – جزيرة نت (موقع قناة الجزيرة الإلكتروني), تاريخ 18/6/2001م

(30) – جريدة الشرق الأوسط, تاريخ 17/9/2000

(31) – جريدة الشرق الأوسط, تاريخ 30/9/2000

(32) – جريدة الشرق الأوسط, العدد 8439, تاريخ 5/1/ 2002

(33) – جريدة الشرق الأوسط, تاريخ 18/10/2000

(34) – جريدة الشرق الأوسط, العدد 8612, تاريخ 27/6/2002

(35) – موقع ميدل إيست أنلاين الالكتروني, تاريخ3/4/2002.

الفصل الثالث

أوضاع المجنسين

جنسيات المجنسين

ليست جنسيات المجنسين ذات أهمية لدى الحكم ولا انطباق قانون التجنيس عليهم, ولكن المهم أن لا يكون شيعيا وهي التي نتحدث عنها في فصل الطائفية, وأن لا يكون مثقفا وواعيا والأفضل أن يكون جاهلا وهي التي نتحدث عنها في فصل حول الدرجة التعليمية الدنيا للمجنسين باستثناء المعلمين أو أساتذة المدارس الذين تم تجنيسهم ونسبتهم قليلة إذا ما قورنت بالمرتزقة الذين استوردوا للعمل في الجيش والشرطة. وحسب أرقام المصدر الرسمي التي لم تذكر إلا بعد الاحتجاج الواسع لأبناء الشعب بمختلف شرائحه على التجنيس وتكذبها حركة المتجنسين في الشارع وأقوال العاملين في دائرة شؤون الهجرة والجوازات قال وكيل وزارة الداخلية البحرينية لشؤون الهجرة والجوازات راشد بن خليفة آل خليفة أنهم قاموا بتجنيس 42.997 شخصا من 42 جنسية مختلفة، منهم 9.749 من اصل عربي (1), وإذا أردت حسن الظن به فاعتبره يجهل الرقم الحقيقي لعدد المجنسين والمعلومات التفصيلية عنهم, غالبية هؤلاء المجنسين من المرتزقة العاملين في أجهزة الجيش والشرطة ولم يذكر كل الأعداد وكل الجنسيات الأصلية, ولكن أهم الجنسيات على النحو التالي:

الأردنيون:

تم تكوين علاقات خاصة بين الحكومة الأردنية والحكومة البحرينية منذ عدة عقود ولا نعلم من المعرب لهذه العلاقات ولكن كان تضامن مستمر من الحكومة الأردنية مع الحكم في البحرين بعد كل اكتشاف وهمي لشبكة تخطط للإطاحة بنظام الحكم في البحرين, وعادة ما يتم الإعلان بهذه الاكتشافات الوهمية في ديسمبر من كل عام, وقامت الحكومة الأردنية بإرسال عدد من المعذبين المحققين الأردنيين لحليفتها التي وفرت لهم باستمرار أعدادا هائلة من المجاهدين والمناضلين البحرانيين لتعذيبهم بالتعاون مع المعذبين البحرينيين وبإشراف المعذبين البريطانيين. ومن أبرز الأسماء الأردنية التي يتم تداولها في البحرين كأفراد قاموا بجرائم ضد الإنسانية ويطالب شعب البحرين بمعاقبتهم ومدونين في سجلات منظمات حقوق الإنسان هم: محمود العكوري, رائد ومعذب, وعبد الكريم العكوري، وهو أحد كبار المعذبين ويتلذذ أكثر بتعذيب المواطنين الشيعة وشتم عقائدهم، ومحمد عويّد أحد عناصر الاعتقال بعد منتصف الليل وأحد المعذبين ومساعد للجلاد العقيد عادل فليفل، العرّيف مصطفى، أحد المعذبين في سجن جو. وقامت الحكم في البحرين باستيراد أعداد هائلة من الأردنيين وتوظيفهم في وزارة الدفاع وفي وزارة الداخلية وقوات الشغب وقد شاركوا في قمع المظاهرات البحرينية المطالبة بالحقوق الشرعية للمواطنين وإطلاق الحريات وقامت حكومة البحرين بتجنيسهم وأهاليهم وأقاربهم، ويتم تبادل أخبار ليست مؤكدة ولا يعلم صحتها من عدمه مفادها هو أنّ المستوردين الأردنيين هم مجموعات خاصة من عسكر الملك الأردني مارست القمع والاضطهاد ضد الفلسطينيين في الأردن ويتم اختيار الأسوأ منهم ممن تشربوا الحقد على البشرية وانسلخوا من الإنسانية للبحرين لممارسة أقسى البطش والتنكيل بالشعب البحريني، وسواء طابقت هذه الأخبار للواقع أم خالفته فإنّه يتفق مع قيامهم بالاعتداءات والاستباحات وانتهاكهم للحرمات في البحرين دون رادع نفسي أو تردد .

السوريون:

هم والأردنيون أبرز المرتزقة العرب في البحرين, استوردتهم حكومة البحرين لتوظيفهم في وزارة الدفاع وقوات الشغب في وزارة الداخلية وفي الحرس الوطني الذي ينبغي أن يسمى الحرس الأجنبي, وليكونوا عنصرا في التغيير الديموغرافي للأقلية السنية التي ينتمي لها حكام البحرين على حساب الأكثرية الشيعية المضطهدة, شاركوا في قمع المظاهرات المطالبة بدولة القانون والدستور والبرلمان في التسعينات, بينما يعمل بعضهم كمعذبين في وزارة الداخلية كالعرّيف عبد الله راشد الذي يقوم بجرائمه في مركز شرطة الخميس, وبهم مع غيرهم من المرتزقة كانت حكومة البحرين تستبيح القرى الشيعية فتضرب من فيها وتعتقلهم وتنهب البيوت وتسرق محتوياتها بطريقة الغزاة, والشائع عن الشاميين كرههم لأهل البيت وموالينهم منذ قرون ونصب العداء لهم وهو ما يحبب النظام البحريني في جلبهم, وهذه الصفات مشتركة مع المرتزقة الأردنيين وحيث تشير بعض الأخبار المتبادلة غير المؤكدة في البحرين إلى قدوم مواطني كلا البلدين من الحدود السورية الأردنية.

اليمنيون:

تم تجنيس أعدادا من اليمنيين في العقود الأخيرة من القرن الماضي وتم توظيفهم في أجهزة الجيش والشرطة, ويعمل بعضهم في التعذيب كالملازم مقبل اليماني, وفي بداية القرن الحالي عندما كانت مهزلة الإصلاح تتدحرج قامت السلطات بتجنيس أعداد كبيرة من اليمنيين. ونقلت مصادر خبرية بحرينية أن الحكومة البحرينية قد وافقت على تجنيس أكثر من 20 ألف يمني من منطقة حدودية كانت موضع خلاف بين السعودية واليمن تم حسمها أخيراً لصالح الأولى وقد رفضت السلطات السعودية إعطاءهم الجنسية أو اعتبارهم مواطنين سعوديين فيما قبلت دولة البحرين خلال الزيارة الخاطفة لأميرها إلى ” حفر الباطن ” في لقاء مع الأمراء السعوديين على تجنيس ذلك العدد الضخم(2).

السعوديون:

لعل الخطة الأولى لتغيير التركيبة الديموغرافية تعتمد على العربية السعودية في الثمانينات من القرن الماضي حيث أرادت حكومة البحرين استقدام الآلاف من بدو السعودية لتوظيفهم وتجنيسهم في البحرين إلا أن تلك الخطة لم يكتب لها النجاح, وكانت مجموعات من العسكريين السعوديين قد شاركت في قمع حركة المطالبات الشعبية الإسلامية في بداية الثمانينات من القرن الماضي, وشاركت أخرى في قمع انتفاضة أبناء البحرين في ديسمبر 1994, ولاحقا قالت مصادر من الشعب البحريني أنه سمح لكل أبناء قبيلة الدواسر المقيمين في السعودية، والذين يحملون الجنسية السعودية بالحصول على الجنسية البحرينية دون الحاجة للذهاب للبحرين, وكان لقبيلة الدوسري تاريخ سيء ضد أهالي البحرين حيث شاركت قبيلة آل خليفة في ظلم أبناء البحرين. وذكرت بعض الأخبار أن السلطة البحرينية قد فتحت مكتبا في المنطقة الشرقية من العربية السعودية لتجنيس الراغبين في الجنسية البحرينية, كما ورد أنّ أعدادا من السعوديين أخذوا الجنسية البحرينية دون الحاجة إليها إلا في تنكرهم في سفرهم إلى بعض دول شرق آسيا دون ممانعة رسمية من الحكومة السعودية.

المصريون:

جنس عدد من المدرسين المصريين, ومن له علاقات مصاهرة مع أفراد من قبيلة آل خليفة, وقيل أن البعض حصل على الجنسية مع كامل عائلته بحركة تملق واحدة عندما كانت الحكومة تستعجل التجنيس لتغيير التركيبة السكانية على حساب الغالبية الشيعية, ونقلا عن بعض المواطنين فأن بعض المتملقين سوف يجلب بعض أقاربه إلى البحرين كعمال وخدم ثم يطلب الجنسية لهم كما طلبها أول مرة. كما تم تجنيس العشرات من العاملين في أجهزة الأعلام والقضاء المصريين مكافأة لهم على ضلوعهم في مشروع القمع الحكومي ولضمان ولائهم ويتم سحب الجنسية في حالة سلوك طريق النزاهة (3), والبحرين تستورد القضاة من مصر للعمل في المحاكم البحرينية ومنها محكمة أمن الدولة فيرفضها الشريف ويؤثر آخرته على دنياه, ويبقى فيها الدنيء ويبيع آخرته بدنياه, ويستلم الأحكام الجائرة من وزارة الداخلية البحرينية مباشرة, وكانت محكمة أمن الدولة الظالمة تضم في عضويتها عدد من المصريين في التسعينيات منهم ثروت عبد الحميد حسن, وعبد المنعم عبد العزيز أبو طه, وعلي منصور, ومصطفى برغش. ويرغب بعض المدرسين المصريين في سحب جنسيتهم البحرينية بعد أن قلّ راتبهم بسبب بسببها, وما كانوا منتبهين إلى أن الأجنبي يحصل على راتب أكبر من المواطن في البحرين.

السودانيون:

قالت مصادر بحرينية شعبية أنّه تم تجنيس كل السودانيين العاملين في قوة دفاع البحرين عند إصدار قرار سري بتجنيس كل المنتسبين لقوة الدفاع من الأجانب في شهر يناير 2002 ولا يعلم عددهم ولكن يحتمل أن يكون صغيرا.

الباكستانيون:

يتم تجنيس الباكستانيون والبلوش في البحرين بشكل متكرر ويعملون في الجيش والشرطة وشاركوا في قمع الاحتجاجات الشعبية البحرينية وفي استباحة القرى الشيعية في منتصف التسعينات ويعمل بعضهم كمعذبين للمعتقلين البحرينيين كالعريفين محمد سعيد ومحمد أمين اللذين يمارسان الاغتصاب أيضا ضد المعتقلين السياسيين في السجون البحرينية. وكان الإنكليز في مرحلة الحماية البريطانية يعتمدون على فرق أجنبية من البلوش أو الباكستانيين لحفظ الأمن لعدم ثقتهم بالمواطنين ولعدم انخراط المواطنين في مهنة الشرطة.

البنغاليون:

أو البنجابيون وقد أعطيت الجنسية البحرينية لأعداد من البنغاليين وقام بعضهم بشرائها.

البريطانيون والأمريكيون:

أعطيت الجنسية البحرينية للمرتزقة البريطانيين العاملين في الأجهزة الأمنية, وكانوا ولازالوا يمسكون الأجهزة الأمنية وتخرج على أيديهم مجموعة المعذبين البحرانيين, وأشهر البريطانيين في البحرين هو أيان هندرسون الذي يوصف بأنه مهندس التعذيب هنا, وتذكر أدبيات المعارضة البحرينية أنّ بعض الأمريكيين يعملون في الأجهزة الأمنية البحرينية.

الهنود:

اعتمد الإنجليز على الكوادر الهندية كقوة في أجهزة الشرطة منذ بداية تكوينها في البحرين حينما كانت العلاقات مع القارة الهندية قوية، واعتمد عليها النظام لاحقا ووظفها في الأجهزة الأمنية وتم تجنيسها .

الفلسطينيون:

قال مصدر فلسطيني في المنامة أنّه تم تجنيس كل الفلسطينيين المقيمين في البحرين وحرمت عائلة واحدة منهم من الجنسية، يعمل بعضهم في سلك التدريس وبعضهم تربطه علاقات مع قبيلة آل خليفة الحاكمة كشركاء تجاريين معها، وموظفين، ومجموعة تعمل في أجهزة الأمن والمخابرات البحرينية حسب مصدر بحريني. وذكرت صحيفة المنامة الإلكترونية أن نظام الحكم في البحرين أبرم صفقة مع المسؤلين ” الإسرائيليين ” يتم بموجبها تجنيس عدد من الفلسطينيين وتذويبهم في البحرين ودول المنطقة.

وقد رأت دوائر أن البحرين هي البلد المناسب لتقبل وتنفذ جزء من تلك الخطة ولو بأعداد قليلة, عدة آلاف, لسببين:

الأول: حاجة النظام البحريني للأمن حيث أن هذا العدد الهائل من المجنسين يمكن أن يتحولوا إلى جنود مجندة ومرتزقة في خدمة النظام وإن لم يكن عاجلاً فآجلاً.

الثاني: إدخالهم كعنصر ضمن لعبة النظام في تغيير ديموغرافية البلد وترجيح كفة طائفة على حساب أخرى(4).

وذكرت مصادر صحفية في منتصف التسعينات أن حكومة البحرين ستمنح الجنسية البحرينية إلى عدد كبير من أبناء الجاليتين الأردنية والفلسطينية المتواجدين في البحرين. وقالت المصادر أن حكومة البحرين أحاطت الحكومة الأردنية علماً بهذا القرار وعزت حكومة البحرين أسباب القرار إلى رغبتها في مضاعفة أعداد المواطنين العرب المنتمين إلى المذهب السني بهدف تحقيق نوع من التوازن السكاني مع أبناء الطائفة الشيعية الذين يشكلون غالبية الشعب البحريني, بينما ترى مصادر المعارضة البحرينية في تجنيس أبناء الجاليتين الأردنية والفلسطينية في البحرين بأنه يأتي في معرض الاستجابة للإملاءات الأمريكية والإسرائيلية الهادفة إلى توطين عشرات الآلاف من اللاجئين والنازحين الفلسطينيين في الدول الخليجية(5).

وملف التجنيس في البحرين وخاصة للفلسطينيين مرتبط بالدوائر الأمريكية والإسرائيلية وهو مشروع لتوطين كل اللاجئين الفلسطينيين خارج فلسطين للأسباب ذاتها التي يسعى لها النظام في البحرين بدعم خارجي ابتداء بالتغيير الديموغرافي وتغيير الهوية الثقافية لأبناء البلد الأصليين وانتهاء بمحاولة لانقراض أبناء البلد الأصليين أوتفريغها منهم وبعثرتهم على وجه البسيطة، أو صيرورتهم معدمين من كل قوة, ويطمح شارون في تنفيذ مشروعه بترحيل الفلسطينيين ومبادرة عبد الله ولي عهد السعودية المؤيدة من الدول العربية تسلبهم حق العودة، والمؤمل في بعض الدوائر أن تكون أرض البحرين أحدى نقاط انتشار الفلسطينيين, وقد عمل النظام في البحرين قسطه كبلد صغير في تشتيت الفلسطينيين وتوزيعهم إرضاءً “لإسرائيل” في حين رفضت البلدان العربية الأخرى توطين الفلسطينيين، ففي لبنان التي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة قامت بعض الدول الأوربية باستغلالها بالتخطيط مع “إسرائيل” بطرح باب تجنيس الفلسطينين في لبنان مقابل تسديد جميع ديون لبنان إلا أن الرفض كان صارما ومن جميع الشرائح والطوائف اللبنانية، ولا زال اللاجئون الفلسطينيون الذين يعملون رسمياً منذ عام 1948 في لبنان أجانب وممنوعون من العمل في عدد كبير من الوظائف والمهن لسببين هما معارضة تجنيسهم لحق العودة وتأثيره على التركيبة السكانية الدقيقة والحساسة في لبنان(6).

وكانت الخطة تأمل أن يقتنع النظام العراقي بتجنيس الفلسطينيين في جنوب العراق حيث الغالبية الشيعية المعادية للنظام في بغداد حتى يتم تغيير الهوية والثقافة وزيادة النسل السني على حساب الوجود الشيعي متزامنا مع تشتيت الفلسطينيين، وصار مألوفا أن يتكرر الحديث عن مشروع لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في العراق كلما تصاعد الحديث عن وجود مشروع خارجي لحسم الملف العراقي، وخصوصا إذا ما تضمن المشروع إبقاء الوضع السياسي الحالي، عبر إعادة تأهيل ثمنها القبول بإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين الموزعين على دول الشتات، في العراق، كحل لهذه المشكلة التي تعترض الوصول إلى أية تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين وكثيرا ما قيل أن وراء هذا المشروع واشنطن ودولا غربية أخرى مهتمة بحل مسألة اللاجئين بتشجيع إسرائيلي هدفه التخلص من عقبة “حق العودة” المنصوص عليه في قرارات دولية والذي يشكل احد البنود الأساسية لأية تسوية نهائية، وقيل أنّ التوطين اقتراح عراقي أساسا، هدفه مزدوج شقه الأول هو الوصول إلى تسوية مع الجانب الأمريكي والخروج من لعبة تغيير النظام التي تحركها واشنطن بين الحين والآخر، والآخر هو رغبة النظام في استخدام التوطين لتغيير المعادلة الديموغرافية بين المجموعات العربية وربما يتم في مناطق جرى ترحيل المواطنين الأكراد والتركمان منها، بهدف تغيير طابعها الديموغرافي، مثل كركوك ومدن أخرى، وهو ما أثار ويثير استنفارا لدى المجموعات القومية المتوجسة من كل مشروع من هذا القبيل وفي كل مرة تستنفر القوى العراقية المعارضة كل طاقاتها الإعلامية لرفض هذا المشروع والتحذير من مخاطره على مستقبل الاستقرار الداخلي في العراق فيما دأبت القيادة العراقية على نفي وجود مثل هذه النيات، مقابل رفض فلسطيني لهذا المشروع كونه يعني في الدرجة الأولى تضييع حق الفلسطينيين في أرضهم، وإزالة عقبة كبيرة أمام الجانب الإسرائيلي، وماعدا الأصوات التي تتودد إلى أمريكا على أمل أن يكون لها موضع قدم في الحكومة العراقية ما بعد نظام صدام وتقوم باستمالة الأوساط الأمريكية المعنية بمشاريع واقتراحات لحل المشكلات المستعصية ومنها قضية اللاجئين فأنّ كل القوى الفاعلة والمعارضة ترفض هذا التجنيس الذي يعقد مشكلة اللاجئين الفلسطينيين(7) ولا يحلها ويجعلها مركبة ويعرض المنطقة إلى كوارث خطيرة. وتسجل ملاحظة مهمة هنا وهي إرادة أمريكية لتوطين الفلسطينيين في مناطق غالبية شيعية في العراق ولبنان والبحرين والاهتمام بسياسة طائفية تمهد لتقليص الهوية الشيعية في هذه البلدان في حين لا نرى أي اهتمام لتوطينهم في المناطق العربية الأخرى ذات المساحة الواسعة والمذهب الواحد وقلة عدد السكان كدولة الإمارات العربية وليبيا فهي تخطط إلى تأزيم المنطقة بين العرب أنفسهم ويأمن فيها النظام الصهيوني الغاصب.

أما العائلة الفلسطينية الوحيدة المتبقية بدون الحصول على الجنسية البحرينية فهي عائلة محمد شكري الجماصي أستاذ الرياضيات في مدرسة النعيم الثانوية بالمنامة قبل فصله من وزارة التربية والتعليم مع شهادة المدرسين والتلاميذ بإخلاصه وعنايته وحصوله في شهر فصله على مكافأة نوعية العمل، وفني حاسوب في جامعة الخليج بالبحرين، وهي العائلة التي تحولت من المذهب السني إلى المذهب الشيعي وهي تحمل وثيقة زرقاء معنونة بكلمة فلسطين. وقد صدر في يونيو 1999م قرارا بترحيل العائلة دون إخبارهم بالسبب وتم رفعه للقضاء بهدف استعادة الجوازات المحتجزة وعليها إقامة حتى 22/11/2002م وصدر حكم بإرجاع الجوازات, وفي اليوم 23/1/2002 م أخبر مكتب وزير العدل العائلة بتسليم الجوازات من الهجرة وعندما توجهت الأسرة المكونة من عشرة أفراد لدائرة الهجرة والجوازات أبلغت بأنّ المتزوجين من بحرينيات منهم لهم حق الإقامة والباقين عيهم مغادرة البلد وألغيت الإقامات الموجودة ووضعت مهلة حتى 7/2/ 2002 م بقصد الإجبار على السفر بأمر من محمد البنعلي, وقد تأكد لصاحب القضية السيد شكري أنّ الادعاء العام قد أورد في لائحة دعوى ضد رب هذه الأسرة بأنه تحول من المذهب السني إلى المذهب الشيعي معتبراً ذلك جريمة لكون عرض الأمر في لائحة الاتهام كما يروق لهم تسميتها بالإضافة لمهاجمته وزارة الداخليةّ!!! حيث جرى استدعائه لمركز شرطة الخميس في 17/10/2001م وللمحكمة في 26/11/2001م وهو يتوقع لنفسه الترحيل القسري في أي وقت انتقاما منه على تشيعه، كما تم ابتزاز العائلة بقروض وهمية من أحد الضباط البحرينيين (8)، ويقول رب الأسرة أنّ السلطة في البحرين طلبت ترحيله منها مرة بسبب تهجمه على صدام حسين رئيس النظام العراقي وأنه استدعي لأكثر من مرة للسفارة والطلب منه أن يوقع على تعهدات.

وما جرى للأستاذ محمد شكري يوضح كم هي المعايير المزدوجة التي تقوم عليها عملية التجنيس وكم هي متغلغلة في الطائفية وجاعلتها المقياس الأكبر، فهذه العائلة التي عاشت في البحرين ثلاثين سنة وقدم رئيسها كل ما يملك من خدمة وخبره لأبنائها تحارب وتمنع من حقها في الحصول على الجنسية بموجب القانون لأنه تشيع وأخذ بمذهب آل البيت ع بينما تم استيراد الأشرار من بني وطنه من الأردنيين في نهاية التسعينات للعمل في أجهزة الأمن وشرطة الشغب وتجنيسهم خارج إطار القانون لأنهم سنة(ملحق1).

ومن المؤسف حقا أن يقابل التعاطف الكبير الذي يظهره البحرينيون في كل مناسبة تأييدا للفلسطينيين ومواصلة الدعم بكل اتجاه مستطاع لقضيتهم واعتبارها القضية المركزية في وجدان المواطن البحريني ووضوح درجة التشابه بين الواقعين الأليمين الفلسطيني والبحريني لؤم ونكران جميل لمجموعة من المجنسين من الفلسطينيين في البحرين حسب المصادر البحرينية سواء من المجموعة العاملة في وزارة الداخلية أو بعض المدرسين العاملين في مدارس البحرين أو في القطاع الخاص وتقول المصادر أنّ العاملين في وزارة الداخلية منهم وظيفتهم القمع وشرطة مكافحة الشغب، ويقوم بعض المدرسين بالوشاية ضد المدرسين البحرينيين فترة الانتفاضة في التسعينات، بينما يمارس البعض في القطاع الخاص سياسة إجحاف وظلم ضد العمال البحرينيين، حتى صار الأهالي يقارنونهم بالخونة والجواسيس الفلسطينيين الذين يعملون لصالح الكيان الغاصب ضد الشعب الفلسطيني وآخرون بالفلسطينيين الذين تعاونوا مع السلطات العراقية ضد الشعب والحكومة الكويتية أثناء الاحتلال العراقي للكويت، في حين يفترض فيهم أنهم أكثر إحساسا بمظلومية الشعب البحريني.

المجنسون في درجة دنيا من التحضر

تختلف البلدان فيما بينها في منح حق الإقامة والجنسية ولكن كثير منها أو معظمها تمنح الأشخاص الذين قدموا خدمات عظيمة للبلد الجنسية ولأصحاب الكفاءات والمؤهلات العلمية العالية طمعا في علمهم واختراعاتهم وأملا في تقدم البلد بقدراتهم وتنميتها بعقولهم, ويفتح الغرب أبوابه لامتصاص أحسن الخبرات العالمية من دول العالم الثالث ليضيف إلى رصيده الحضاري والمدني الكثير وبأثمان بسيطة, وتقوم بعض المؤسسات الغربية بإعطاء منح دراسية لأذكياء الأطفال في لبنان وربما دول أخرى لتمهيد الطريق للاستفادة منهم وإعطائهم الجنسية مستقبلا, والدولة الوحيدة في العالم التي تبحث عن المتخلفين إلى آخر درجة مدنيا وحضاريا وحتى دينيا حيث يجهل المرتزقة أبسط أمور دينهم وقيل أنّ الكثير منهم غجر أو نور لاستيرادهم وتجنيسهم هي البحرين, ولا توجد دولة أخرى في العالم تبحث عن الطبقة الجاهلة وغير المتعلمة لتجنيسها غير البحرين, ولا يمكن التصديق أنّ هذا الأمر إنما حصل مصادفة وعندما لا يندهش المواطن البحريني لكون المجنيسن المستوردين العاملين في الجيش والشرطة في درجة دنيا من التعليم والثقافة فلعلمه أنّ الوظيفة التي أوكلت لهم تحتاج إلى بشر بهذه المواصفات في الوقت نفسه الذي يحمل المواطنون شهادات عليا وبعضهم حاصل على الدكتوراه دون أن يكون لهم عمل أو راتب يعيشون منه ومحرم عليهم العمل في وزارة الدفاع حسب التسمية المحلية أو الشرطة وإدارات أخرى.

فالأسباب واضحة وهي عملية انتقائية خاصة للبدو المتخلفين لأنّ السلطات لا تريد سماع الرفض لأوامرها الخاطئة وهؤلاء يبصمون بنعم عمياء دائما للأوامر, ولأنهم لا قابلية لهم في التطور والتأثر من تحضر المجتمع البحريني وطريقته في الحياة, وهم أفراد لا ينتمون إلى الوطن بل إلى النظام ومصلحته لديهم مصلحتهم وهي مقدمة وإن مرت على جثث الشعب وهياكله. ولا شك أنّ وعي الشعب البحريني وثقافته كانتا مصدر قلق للسلطة حيث طالب بحريته وضحى لأجلها في حين أنّ المرتزقة المجنسين الجدد همهم علفهم فلن تزيد قيمتهم لتصل إلى حد المطالبة بالحقوق والحريات. والمرتزقة أميون يجهلون القراءة والكتابة وحسب كلام أحدهم فأنّ السلطات البحرينية تشترط فيهم الأمية وقد رأى مرتزق عربي الشرطة في أحد المستشفيات وكان يقرأ الجريدة فأخفاها وعندما سئل في ذلك قال أن الدولة لا تعلم أني أقرأ وأنّ ذلك ممنوع ! خشية من العقوبة ! وكان المرتزقة يستوقفون أبناء البلد أيام الانتفاضة في التسعينات ويطالبونهم بـ ” البطاكة ” أي البطاقة كما تلفظ بلغة أهالي الشامات أو الهوية لكنهم لا يميزون بعد ذلك إن كانت هذه “هوية ” أي بطاقة سكانية كما تسمى في البحرين أو بطاقة دعوى لحفلة زواج أو غيرهما, ولا زلت أتذكر ذلك الموقف جيدا حينما استوقفني شرطي عربي وأخذ يدور حول سيارتي بحثا عن مخالفة وعقوبة وبعد أن ألصق بي مخالفة أخذ يرسم أسمي رسما على الورق لا كتابة. كأنّ الندم يعض النظام لكون الشعب البحريني متحضر وهو السباق في المنطقة في الميادين الثقافية والعلمية فأول المدارس مدارسهم وينتشر الوعي في الخليج من نواديهم فأراد النظام معادلة الوعي والنضج فالتجأ إلى تجنيس الجهلة ومعدومي الثقافة.

تشوه صورة سوريا لدى البحرينيين:

تتعامل حكومة البحرين بحذر وحساسية تجاه المواطنين العرب لعدة أسباب أهمها سيطرة الأجهزة الأمنية على مجريات البلد وهي التي تدار من قبل قوي أجنبية بريطانية وأمريكية, ومنها رغبة حكومة البحرين في تعدد جنسيات المقيمين على أرضها بصورة تمنع التقارب بينها وتضعف علاقاتها وتمنع التأثير بينها وأنّ الفكرة السائدة في دول الخليج أنّ العرب المنتمين إلى جنسيات مختلفة يملكون أصولا ثقافية ودينية ولغوية مشتركة مع عرب دول الخليج ويملكون قدرة في التأثير باتجاه تحرر العربي مواطن الخليج ويقومون بنشاطات سياسية كما حصل منتصف القرن الماضي فهم يشكلون تهديدا على الأنظمة فيها, ولعدم شعور الإدارة المحلية بأهمية التضامن العربي مما يجعلها تقوم بتوظيف العربي بأجوره المرتفعة وتفضيله على الآسيوي منخفض الأجور, ولا زال العربي غير مرغوب فيه في البحرين وإن كان راتبه يساوي ربع راتب الموظف الغربي إلا أن يكون هذا العربي جاهلا تماما حتى بعروبته وهذا المقياس جعل السلطات في البحرين تستورد أعدادا كبيرة من المرتزقة السوريين الذين جلبتهم الحكومة إبان فترة الانتفاضة الشعبية في التسعينيات من مناطق متخلفة جاهلة صحراوية فقيرة في سوريا كمنطقتي دير الزور, واستعانت بهم في قمع التحركات الشعبية التي تطالب بالإصلاح فلا تراهم إلا في سيارات الشغب التابعة لوزارة الداخلية والتي كانت تمارس اعتقال المواطنين وإذاقتهم أبشع أنواع التعذيب البدني والنفسي منسلخين كل الانسلاخ من أبسط المعايير الإنسانية والقيم الأخلاقية والإسلامية ومفاهيم العروبة التي يتشدق بها البلد الذي جاءوا منه.علاوة على ذلك فإن العوائد الشنيعة والسجايا الخبيثة المتمادية جداً في الانحطاط التي يتصفون بها وعداوتهم للخليجيين جعلت البحرينيين يكرهونهم ويشمئزون من مجرد ذكرهم أو رؤيتهم وانعكس هذا الكره تدريجياً وبسبب الترسبات الهائلة من الأفعال القبيحة التي قاموا ولازالوا يقومون بفعلها على تشوه كبير جداً وخطير لصورة سوريا في نظر غالبية البحرينيين, وقد أبلغت سوريا بصورتها السيئة في البحرين عن طريق اثنين من المعارضين الوطنيين اللذين كانا يقيمان في سوريا بمذكرة إلى الرئيس السوري بشار الأسد يحيطونه فيها بالتشوه الحاصل لصورة سوريا في البحرين ولكننا لم نسمع أبدا أنها قامت بأجراء أي تحقيق أو تهذيب أو إجلاء لرعاياها، حتى ظنّ البحرينيون الذين لم يذهبوا إلى سوريا والأردن أن هذين البلدين جحيم وأنه ليس فيهما إلا مثل هؤلاء الوحوش، ويؤسفني جدا أن أقول إن كلمات مثل الحفنة من الكلاب الضالة، شوايا الشام، رعاة الأغنام، عبدة الدينار، الأوباش، المرتزقة، الجهلة، المتخلفين ……إلى غيرها, أصبحت مرادفة لكلمة سوري في البحرين ونسى الناس صورة المعلم السوري في المدارس البحرينية وترحموا عليه, بسبب مجموعات البدو هذه صار الناس ينظرون إلى البلد العريق صاحب الحضارة الضاربة في جذور التاريخ نظرة سخرية واشمئزاز وازدراء وكره.

وأساسا فإنّ كره الأجنبي والغريب والحذر منه ابتداءً حالة مألوفة في المجتمعات البشرية وإن كان هذا الغريب بدرجة من الآداب وهي مفقودة تماما هنا, فكيف إذا استخدم واستغل هذا الغريب لمصادرة حقوق أبناء الوطن, ويشير كره الأجانب عامة إلى العداء المرتكز على معتقدات متعلقة باختلافات ثقافية, أما في حالة هؤلاء الأوباش الذين قاموا بالقتل والقمع والنهب والسلب وقطع أرزاق المواطنين والاعتداء عليهم فإنّ حالة الكره هذه تتحول إلى غضب وانتقام سيجود به الزمان وقد يكون عاجلا وكارثيا.

رأي المرتزقة في الاحتجاج عليهم

رفض المواطنون كلهم سياسة تجنيس المرتزقة وتهديد المجتمع بهم والتي تقوم على القهر وأبرزوا مشاعرهم وانزعاجهم من هذه السياسة كلما سنحت لهم فرصة, وهم ممنوعون من الحديث حول هذا الموضوع وكل موضوع سياسي أو اجتماعي تتعارض فيه آراؤهم مع توجهات النظام الذي استورد الأجنبي على حسابهم, ولكن كانت الأصوات مراقبة تحت تهديد السلطة المطلقة لأشباح المخابرات والأمن وتطبيق قانون أمن الدولة حتى إذا خف تطبيقه ارتفعت الأصوات بالرفض الشديد للتجنيس, وقاموا بتوصيل الآراء الشعبية الرافضة للتجنيس للحكم الذي تجاهلها تماما, وكتبوا كلما أُتيح لهم في الصحافة العربية, وتمت الاتصالات ببرامج التلفزيون والقنوات الإعلامية وتمتلئ المنتديات البحرينية بالمواضيع التي تنتقذ سياسة التجنيس والمجنسين وبطرق أخرى لإعلان رفضهم ولم يؤيد هذه السياسة أحد مخلص من المواطنين, ولكن لم تستمع الحكومة لشيء من ذلك بل استمرت في هذه السياسة.

أما المرتزقة المجنسين وعموم المجنسين فقد صمتوا صمتا كاملا كأن القضية لا تعنيهم إلا ما كتب عنهم بخفية لا يعلم صاحبها وغالب الظن أن أطراف حكومية أو أشباح المخابرات هم الذين كتبوا نيابة عنهم, ولا شك أن المرتزقة قاصرين عن الاحتجاج على الآراء الشعبية وهم لا يعلمون ما تتناقله هذه الأوساط عنهم من رفض لهم لما يتمتعون به من الجهل المطبق وعدم القدرة حتى على القراءة والكتابة. قال قائلهم نحن لم نأت من سوريا إلى البحرين منذ عامين بل منذ عدة سنوات قضيناها في خدمة البحرين وحفظ أمنها واستقرارها، لم نأت هنا ونطلب العمل، بل جاء الشيوخ حكام البحرين لنا إلى بيوتنا في دير الزور، وطلبوا منا مساعدتهم وحفظهم من البحارنة الذين يريدون قلب النظام الحاكم وإقامة دولة موالية لإيران، فلبينا واجبنا وجئنا هنا معززين مكرمين، ووفرت لنا الدولة كل التسهيلات عرفاناً بما قدمناه من خدمات جليلة للبحرين وأخذنا الجنسية البحرينية والجواز البحريني, وقال أن أفرادا من المرتزقة في الحرس الوطني كتبوا عريضة إلى محمد بن عيسى آل خليفة رئيس الحرس الوطني يعبرون فيها عن انزعاجهم من كتابات صحفية ولكن الأخير اجتمع معهم وطمئنهم وقال لهم أنتم باقون هنا مادمنا نحن باقون ولا تستطيع أي قوة أن تنال منكم(9). وفي مكان آخر كتب أنّ هؤلاء المرتزقة خدموا البحرين وحفظوا أمنها من الأخطار الداخلية والخارجية، وهاهي الدولة تباشر إعطاءهم حقوقهم بمنحهم الجنسية البحرينية(10).

وهذا في الحقيقة أزمة مفاهيم واعتراف بشريعة الارتزاق إذ لا يرى هذا أو من كتب عنه أو الكاتب الحكومي دفاعا عنه أو الحكم أو جهة تقول بهذا الرأي أنّ ذلك يمثل عيبا وعارا بل ويتباهى به, أن يكون مرتزقا ولا عمل له سوى حماية نظام قمعي ووظيفته تعذيب البشر ورمي الرصاص ضد من يريد الحرية لنفسه وللآخرين مقابل فتات من الفلوس لا يحرك فيه أية مشاعر إنسانية بل وتسمى خدمة جليلة, ولا أدري أي قيمة له، وأي فارق بينه وبين الحيوان سوى أنّ الحيوان لا عقل له وهذا يفترض أن يكون له عقل وفي داخله ضمير. وهل يهضم المرتزقة الأمر لو كان النظام السوري استورد العلويين من الهند وأنحاء العالم الأخرى تحت شعار أنهم أقلية علوية تقوم بحماية نفسها من الغالبية السنية وبقية الطوائف, ثم قاموا بممارسة القتل والتعذيب وانتهاك الحرمات وأنواع الجرائم, وتم توظيفهم وتفضيلهم وبقى المواطن السوري وأبن البلد يتجرع آلام البطالة, وبهذا المنطق الأعوج والأعرج يبرر لاحتلال الأراضي الفلسطينية, وبقمع أهلها واستيراد اليهودي باستمرار لتغيير التركيبة السكانية على حساب أبناءها.

لا الحكم ولا مرتزقته يفقهون أن معارضة التجنيس الحكومي المستمر والاحتجاج عليه عمل مشروع, وأن هذا التجنيس منافيا لبنود دستور الدولة ومعارضته لعدم قانونيته واستغلاله من قبل السلطة وليس لسبب طوائف ومذاهب المجنسين أصالة, أن المشكلة تتزايد في البحرين التي يجهل عنها المرتزقة كل شيء سوى الذي يضحك به النظام عليهم, وهم لا يعلمون أنه لا مشكلة تعايش بين السنة والشيعة أساسا وإنما السلطات من تغذي حالة العداء بين الطائفتين لتسود عند تفرقهم, ولولا التعبئة الحكومية والتمييز الطائفي التي تقوم به لما طرحت كقضية, وهل رأى المرتزقة فترة بقاءهم في البحرين سنوات أنّ المذاهب تتعادى وتتقاتل فيما بينها, أو أن خلافات المواطنين على أسس مذهبية ودينية, فقد قام الجميع ابتداءً بالانتفاضة في ديسمبر سنة 1994 وطالبت السلطات بمطالب عامة ينص عليها دستور البلد المغيب وليست مذهبية, وبرز من المعارضين رجال من الطائفة السنية شاركوا فيها مثل المحامي الأستاذ أحمد الشملان ورجل الدين الشيخ عبد اللطيف المحمود وغيرهم واستمر الشيعة بها مع استمرار القمع والاضطهاد ضدهم. إنّ أحد الأسباب المهمة التي تجعل السلطات تجلب المرتزقة بينما يجهلونها أنفسهم هو علمها أنّ السنة والشيعة يرفضون إطلاق الرصاص على أبناء وطنهم لمطالبتهم بتطبيق قانون أو توظيفهم في حين لا يتردد المرتزقة في فعل أقبح من ذلك.

أما إذا كان مجيء المرتزقة للبحرين هو أحد الواجبات الوطنية في صحاري سوريا وعند أبناء البدو والنَور لمنع قلب النظام الحاكم في البحرين فأننا نذكره بجغرافية بلده وأراضيها المحتلة في الجولان منذ العام 1967 فالمشاركة في تحرير تلك الهضبة التي هي أضعاف مساحة البحرين وبها أبناء شعبه يرزحون تحت احتلال صهيوني أوجب وأولى, أن الهروب عن نصرة أبناء وطنك وعشيرتك في محنته وتخليك عن واجبك الشرعي والوطني للدفاع عن وطنك يكفي دليلا على ارتزاقك الباطل, وإن شئت فهذه فلسطين تستصرخ فهلا شهرت سلاحك لنجدتها ودللت على وطنيتك وعروبيتك. وإذا كنت خائنا لواجباتك الوطنية اتجاه بلدك وقضايا الأمة المصيرية فهل سوف تكون مخلصا لبلد غريبة عنك في كل أبعادها, فأنت متهيئ للتآمر ضد البحرين لمن يدفع أكثر وتواصل الارتزاق كما عمل زملاؤك المرتزقة الأردنيين الذين يعملون في جيش البحرين ويتجسسون عليها لصالح قطر, أما كان الذي حصل في الكويت أثناء الغزو العراقي دليلا كافيا للحكومة التي جاءت بك من الصحاري لضرب شعبها . وإن كانت غيرتك العربية جاءت بك إلى ديار الغرباء للدفاع عنهم فبلدك أولى وهي تعاني ما تعاني من آلام وآهات والملايين من المحرومين والمشردين في دول العالم وأنواع الظلم والظلامات.

إشكالية أخرى هنا وازدواجية وهي أن حفظ الأمن واستقرار البلد لدى الحكومات العربية ومرتزقتها يعني حفظ أمن الحكومات بقمع الشعوب ومرادف للقيام بالاعتقالات والتعذيب والنفي وانتهاك الأعراض والحرمات لأبناء الشعب, واستقرار البلد يعني استمرار الحكم الفاسد, ولا زالوا لا يعلمون أنّ الظلم والفساد لا يقر البلد ولا يحفظ أمنها, وإذا كان أساس الحكم فاسد فسينهار عاجلا أم آجلا, هذه سنة الحياة والكون منذ خلق الله آدم وإلى أن تقوم الساعة لا استثناء لأحد. وأما الافتخار بطول الإقامة في البحرين فهي إقرار بكون الشخص من المرتزقة القدماء وبكثرة جرائمه.

تفضيل المرتزقة على المواطنين

تقوم السلطات في البحرين بتمييز المرتزقة وأبناءهم على أبناء البحرين, وفي استيراد آلاف المرتزقة وتعليفهم ووضعهم في أهم المناصب في الدولة وهي منصب الجندي في الجيش والشرطة وإعطاءهم الجنسية ما يكفي دليلا لعدم ثقة السلطات بالشعب وتمييز الغرباء عليه, وتم تفضيلهم بمنحهم امتيازات ومكافآت وتراخيص استيراد العمالة والسجلات التجارية والقروض المالية والبيوت الإسكانية وكل ذلك على حساب المواطن البحراني, في الوقت الذي يحرم المواطن منها وبالسرعة التي تعطى لهم حتى وصل الأمر إلى السخرية على الشعب في قضية البطالة فقيل لهم سوف يقصر مجلس الوزراء وظائف البلدية والتنظيف غير المرغوبة وهي أدنى وظيفة في سلّم الوظائف والتي يقوم بها عادة الهنود, وسائقي الشاحنات الذين لا يعرفون الليل من النهار على البحرينيين وهي ” مكرمة عظمى” كما يقصر وظائف الجيش والشرطة على الأجانب, وتقوم السلطات بتوفير المأكل والمسكن والمواصلات والتعليم والصحة وغير ذلك للمرتزقة.

ولثقته في الأجانب وشكه في المواطنين يضع الحكم في البحرين الأجانب على رأس الهرم الوظيفي وأكثر المواقع حساسية, وكمثال فقد تربع على الجهاز الأمني لمدة أربعة عقود تقريبا ابتداءً من سنة 1966 المرتزق البريطاني الكولونيل أيان هندرسون ومجموعة من الضباط البريطانيين والأمريكيين وهم الذين يتحكمون بالسياسة الداخلية ويديرون البلد كيفما أرادوا مع مجموعة الجلادين المحليين والمرتزقة العرب, ولا يمثل وجود الطاقم البريطاني بقيادة هندرسون – من قبل الاستقلال الشكلي حتى القرن الحالي – بالنسبة للحكم أية خدش في الكرامة ولا شك في الاستقلال, وتقطع المعارضة بأن الحكام من آل خليفة لم يقدموا مواقف تدل على وجود كرامة لديهم على طول تاريخ البلد, وأنهم في كل يوم يبيعون الوطن إلى جهة معينة ويدفعون الجزية والضريبة إلى حاكم معين أو دولة معينة والوثائق البريطانية والعثمانية والإيرانية والسعودية والمصرية والعمانية تثبت ذلك كل على حدة، بل حتى الوثائق التي ينشرها آل خليفة والتاريخ الذي يكتبونه يثبت ذلك ويأخذه مأخذ المسلمات. ويعمل في البحرين الآلاف ممن يسمون الخبراء والموظفون الأجانب الذين يتولون أعلى المناصب الإدارية والتنفيذية في الشركات والمؤسسات الحكومية وفي كثير من الأحيان يتعلمون وظيفتهم من الموظفين البحرينيين السنة والشيعة الذين يعملون إداريا تحت رئيسهم. وتتأكد عقدة النقص عند النظام عند ما يقوم بالتقديس الأعمى للأجنبي وكفاءته التي يلازمها التحقير بكفاءة الموظف والمسؤول البحريني وهي بذلك تشكل طعن مستمر في كرامته الإنسانية.

وتقسم السلطات المجتمع البحريني إلى طوائف ومجموعات وشرائح وفي النهاية يتوزع الظلم بنسبة القرب والبعد على جميع شرائح المجتمع بجميع طوائفه ويصيب الظلم كل فرد من أفراد المجتمع الصغير في هذه الجزر الهادئة, وحتى أفراد قبيلة آل خليفة يشتكون من استئثار فئة منهم بكل الغنيمة ورمي الفتات منها لباقي أفراد القبيلة وهذه هي طبيعة الظالمين, وقالت أطراف في المعارضة البحرينية أنّ خليفة بن سلمان رئيس الوزراء والحاكم الفعلي للبلد يستأثر بأكثر أموال البلد دون آل خليفة وأنه لا يهتم إلا بنفسه, ويخطأ من يظن أن السنة في البحرين يتمتعون بحقوقهم كاملة ولكنهم ينتفعون من النظام لأنه يفضلهم على الشيعة وتقل هذه الميزة مع استيراد عشرات الآلاف من المرتزقة, لأنّ المتفحص لحقيقة الأوضاع يجد أن السنة أنفسهم مظلومون مضطهدون وإن كان ظلمهم واضطهادهم في السنوات الأخيرة اقل من الشيعة لكنهم وفي النتيجة العامة مضطهدون كما هو شان كل مواطن في هذه البلاد.

ويعترف السنة أن نسبة الظلم على الشيعة أكبر ولكنهم يذكرون أنهم يشتركون مع الشيعة بنسبة غير متساوية في الظلم والاضطهاد في المناقصات والمشاريع الحكومية وفي عدم التساوي في توزيع الثروة, وأخذ آل خليفة لحصص كبيرة من النفط لا يشاركهم فيها أحد, وتخصيص مبالغ شهرية على آل خليفة دون حق منذ ولادتهم, وعدم دفع آل خليفة ضرائب الكهرباء والماء والبلدية وغيرها من الرسوم الشهرية والسنوية التي تفرضها وزارات الدولة المختلفة وفي استيلاءهم كذلك دون أدنى حق أو كفاءة على المناصب العليا في الوزارات والدوائر الحكومية, وفي اقتصاص الأراضي أينما كانت فتغتصب وإن كانت مملوكة للمواطنين وفي استغلال مؤسسات الدولة وسرقة المال العام من قبل أفراد قلائل بالتعاون مع آل خليفة وفي الإهانة والاستخفاف بإمكانية الشعب البحريني وفي غيرها.

وتطلق السلطات أيدي أشباح الأمن والمرتزقة مطلقة دون محاسبة أو أي عتاب يتصرفون في حقوق البشر كيفما يشاءون لا تطالبهم يد العدالة ولا يطالهم القضاء وأبرز مثال صارخ على ذلك هو سيطرة الجلاد المجرم عادل فليفل على قسم كبير من وزارة الداخلية وعنجهيته لأبناء الشعب دون رقيب حتى استطاع الهروب من البحرين دون علم السلطات كما تدعي هي في صحافتها مع سحب جواز سفره واستمرار التحقيق في الشكاوي ضده وشهرته كجلاد يتردد بشكل يومي على المطار, وهكذا بقية الجلادين والمرتزقة يعملون الفضائع والفضائح تحت حماية السلطات وفي وضح النهار وكثيرا ما يذكر المواطنين قصصهم واحتقار أشباح الأمن لهم, روى أحد المواطنين قصته مع أحد المرتزقة العرب العاملين في وزارة الداخلية بقسم التحقيقات بمنطقة العدلية والتي تستخدم للتوقيف في القضايا السياسية والمطالبة بالحريات ولكثرة من ورد على هذا المرتزق فقد نسى ضحاياه وعندما رأى المواطن الشاب في مكان عام قال المرتزق له: أين رأيتك ؟  فقال المواطن: كنت من قبل مسجون عندكم, فقال الملازم المرتزق: أنتم حيوانات لا تستحقون أن يتكلم معكم أحد! ويقوم المرتزقة في الجيش والشرطة بالتجمع وضرب بعض المواطنين في الشوارع ضربا مبرحا وعندما يذهب المواطن للشكوى عليهم يخبرونه بأنّ ” هؤلاء أناس مدعومين من فوق وانه لن يحصل على أية نتيجة”. وفي التسعينات أثناء الانتفاضة الشعبية يتكرر بشكل مستمر أن يقوم الشرطي المرتزق البلوشي أو الباكستاني أو السوري أو غيرهم بتوقيف سيارات المواطنين وتفتيشها وتخريب تنظيمها تماما ويتكرر ضربهم للمواطنين في الشوارع العامة.

وكمثال لتفضيل الأجنبي والمتجنس على المواطن في موقع يفترض فيه العكس ما انتشر من قصة الشابين حيث أقنع شاب سني صديقه الشيعي بعد تردده ومعرفته بالنتيجة مسبقا للذهاب إلى وزارة الدفاع والسؤال عن وظيفة ووقف الشابان في طابور لمقابلة ضابط الجيش المسئول عن التوظيف مع أعداد من المتجنسين, أما الشيعي فقد قال له الضابط المسئول أنت شيعي وممنوع توظيف الشيعة هذه أوامر عليا ! وعندما قال له إنّي مواطن, قال: أتفق معك بس عيبك أنك شيعي والشيعي ممنوع توظيفه في الجيش !! قال الشاب: نحن في عصر”الميثاق” والميثاق ينص على أنّه من حق كل مواطن أن يختار المهنة التي يرغب بها, أجابه الضابط بأنّ هذا الكلام على الورق فقط ولا يطبق عندنا انتم أبناء الشيعة لكم المقاولين ومهنة الجيش حسب الأوامر للأجانب وأنا أطبق هذه الأوامر, وأما صديقه السني فقيل له أنّ وزنك خفيف ورفض توظيفه, روى القصة صاحبها في شهر9/2002.

ولا يقتصر تفضيل السلطات للأجنبي وخاصة المرتزق على البحريني في التوظيف والمراكز الإدارية المهمة بل يتعداها إلى جزئيات يومية ويضرب المواطنون مثالا خلال مباريات كأس العالم التي أقيمت في كوريا الجنوبية واليابان صيف 2002 حيث تم نقل مباريات الدورة على موجة إف. إم.  باللغة الإنجليزية دون نقلها باللغة العربية وهي لغة المواطنين واللغة الرسمية الأولى حسب بنود الدستور البحريني ليتأكد أن هذا التفضيل والتمييز ساريا في كل المجالات صغيرها وكبيرها وأنّ هذه سياسة متبعة لا خطأ فردي فريد ووحيد. وهذه سياسة تمارسها الأنظمة حين تستعين بالأجنبي على المواطنين وتستنجد بهم لحمايتها على أبناء جلدتها لكنها سياسة فاشلة نتائجها وغير مضمونة أبدا, فهذا التحالف الهش بين النظام الظالم الذي يوفر المال والرفاهية للأجنبي مقابل حماية الأجنبي له ودفاعه عنه لا يدوم, ولمن قرأ التأريخ هذا أمر بيّن لا شك فيه ونهايته مأساوية.

تكاثر المجنسين:

تحاول السلطات البحرينية أن تدعوا المواطنين البحرينيين لتقليل الإنجاب بحجة أنّ البلد مواردها قليلة – وليس الحال كذلك وأنما هو احتكار ثروة البلد وعدم العدالة في توزيعها والفساد الإداري – في مقابل ذلك يتم استقدام من تتوفر فيهم خصائص نقيضة لهذه الدعوة, وقد عرف هؤلاء القوم المستوردين بكثرة التزاوج وكثرة الإنجاب من غير حساب, وقيل أن بعض المرتزقة في البحرين له ثلاثة زوجات ومجموع أولاده 35 ابنا وابنة, قال راوي الخبر أنه متأكد ونقله عن معرفة وليست هذه نكتة أو سخرية, ونحن إذ نذكر هذا لا نعترض على حلية الزواج وتعدده ضمن الحدود الشرعية وللإنسان حريته في ضمنها في الزواج والإنجاب – وإن كانت الأعراب والبدوان بعيدة عن أحكام الشريعة – ولكن لنعرف ميزة في اختيار هؤلاء القوم ولنرى أثره على التغيير الديموغرافي وسرعته, وبمراجعة الإحصائيات الدولية لا حظنا أنّ عدد سكان منطقة دير الزور في سوريا والتي ينحدر منها مجموعات من المجنسين في قوات الشغب يتكاثرون بنسبة أضعاف تكاثر أهالي منطقة البحرين.

التعايش مع المجنسين

السؤال المهم بعد كل المقدمات السيئة من سبب وجودهم إلى تجنيسهم وتوطينهم هل من الممكن عمليا التعايش مع هؤلاء البشر في المستقبل القريب أم من غير الممكن؟  الجواب الشعبي هو عدم إمكانية التعايش العملي مع مثل هؤلاء البشر وذلك لعدة أسباب أهمها سبب استقدامهم للبلد, وتاريخهم المظلم والظالم, وممارستهم للقمع والقتل والانتهاكات المختلفة مما ورث أحقادا شعبية ضدهم وضد وجودهم, وتلك جميعها غير قابلة للنسيان في العقود القليلة القادمة حتى تنتهي أجيال دون تجدد لإعمال خبيثة من ذرياتهم، وللفوارق الثقافية الكبيرة في العادات والتقاليد ومستوى التعليم بين المواطنين ولما يتمتع به هؤلاء المجنسين المستوردين في مجملهم من عادات وتقاليد همجية ورعاعية.

ويزيد من عدم إمكانية التعايش معهم واندماجهم انزواء أماكن سكناهم حيث يعيش بعضهم في شبه مستوطنات وأمكنة بعيدة عن السكان الأصليين, في بعض جزر حوار ومنطقة سافرة مثلا, وليست بينهم وبين الأهالي صلة رحم أو قرابات وعلاقات نسبية أو مصاهرة وليس بينهم وبين المواطنين حالات تزاوج بل نفور وحذر, ومن المحتمل أن يستمر هؤلاء في التزاوج بينهم فقط والسكن في أمكنة بعيدة عن أنظار المواطنين وعيونهم, وربما يبقى لصوص محترفون منهم في مدن البحرين وقد يكون ذلك بالتناوب بينهم, ونتوقع أن تستمر هذه الفئات في صنع الفتن والمشاكل في البلاد حتى وإن قامت السلطات بمحاولة دمجهم في المجتمع المدني لان الإشكال يبقى قائما فيهم وبصفات يتوارثونها.

وصف المواطنين للمرتزقة الأجانب:

أنّ الكلمات القاسية التي يستخدمها المواطنون في تجمعاتهم ومنتدياتهم وفي صحافتهم المحلية إذا سربت مقالاتهم لوصف المجنسين تشير إلى مدى انزعاجهم منهم ومن هذه السياسة الحمقاء, ومدى الكراهية اتجاههم, ورأيي أن يتم التعامل مع الموضوع بالموضوعية التامة والعلمية الشاملة وبالحقائق وبكشف الآثار والمساوئ التي يخلفها مشروع التجنيس الحكومي علي المستويين القريب والبعيد, وإنّنا نبتعد هنا عن ذكر كل ما نسمعه من الأوصاف التي يطلقها الشعب عليهم ولكننا نرى أنفسنا ملزمين بذكر بعضها ونترك أقساها حتى لا يأتي يوم نتهم فيه بإهمال بيان شعور الناس وبتقصيرنا في توضيح أحاسيسهم من هذا الملف الخطير الذي بلا شك سوف تكون له آثار هائلة على المجتمع لا يدركها الحكم المخدر بحقن الطائفية والذي لا يفكر بأبعد من زمنه وساعته, والغريب أنّ بعض كتاب الصحافة الرسمية يروجون لهذه الألفاظ والشتائم دون أية عناية من قبل النظام, وهو يثبت أنّ النظام لديه خطة استراتيجية هو ماض فيها شاء من شاء وأبى من أبى, وليس للشعب كلمة ولا كرامة. وكأمثلة على مظاهر الاحتجاج عليهم والانزعاج منهم أحاديث الشارع البحريني عنهم وامتلاء المنتديات البحرينية ضدهم, وكنماذج على ذلك.

قال كاتب في ملتقى البحرين:” لا تعبئوا بكلام أولئك المعتوهين.. فهذا وأمثاله من شوايا الشام رعاة الأغنام لا وجود لهم إلا في الخرائب ولا قيمة لهم أبداً إذا حل الوئام والحب بين أبناء الوطن الواحد..إنهم يا أعزائي جيء بهم في لحظات الفتن والمصائب، ولا عمل لهم سوى حمل السلاح وتعذيب الآدمي..وقال:..رؤوس الشوايا مخلوقات الخرائب عبدة الدينار, أعداء البحيرة الخليجية…هذا الوطن أيها الكرام لأهله، وهذه التربة هي لمن حرثوها وأكلوا منها ودفنوا آباءهم وأجدادهم فيها، ولا بد أن يأتي اليوم الذي تراهم يندحرون فيه ويرجعون خائبين إلى دير الزور والبوكمال وغيرها من بالوعات البشر التي تصدر أقذر أنواع الحشرات إلى البيوت الآمنة لتزعج أهلها وتسرق أرزاقهم..” (11). وقال كاتب آخر:”أدعو شبابنا الغيور بل اشد العزم على أيديهم وأنا معهم لنكون يدا واحدة, كي لا نسمح إلى هؤلاء الأغنام أن يقطنوا ليس قرانا بل حتى في جوارهه, بل لا بد من جميع شبابنا من البديع إلى المحرق إلى الرفاعين إلى قرى الاستنزاف السابقة, لا بد أن نضع حدا إلى هؤلاء الأغنام, أغنام البادية”(12). وقال آخر ” هؤلاء الأصلاف والأجلاف” ووصفتهم مقالات منشورة في المواقع البحرينية الالكترونية بـ “الأجانب الجهلة ” و”قطاع البراري ” و”عناصر التخلف والتعجرف” و” الأجلاف الجَهَلَة ” و” العلوج المرتزقة “, كما وصفوا بأنهم “عبيد جهلاء أميين ” وكذلك بـ”الجلف” والأوباش السوريين”. وقال مواطن حول عموم المجنسين: ” فنحن لا نظلمهم ولكن الحكومة ظلمتهم عندما خلطت الأوراق وأعطت الجنسية للحشرات المرتزقة وزورت أوراقهم وجعلتهم فوق الورق من القدامى في البلاد فعليهم أن يحاسبوا الحكومة لأنهم ضحايا التزوير فنحن الآن لا نعرف من القديم ومن الجديد ومن جنسيته طبق القانون ومن جنسيته خلاق القانون, فإذا لا نجد سبيل فنحن سنرفض الجميع جملة وتفصيلا” (13). ووجّه أحد الكتاب دعوة لمحاربة المجنسين وطرح بعض مقدماتها(14). وقال كاتب ” جميع المجنسين الأجانب سوى من شملهم القانون أو من لم يشملهم عندما تخلط الحكومة الأوراق سنتناولهم بالمقاطعة والحجارة ونطردهم من البلاد طرد اليهود….” (15). ومئات المقالات والمداخلات والأحاديث تنصب في هذا الاتجاه وتصب غضبها على المرتزقة وتؤكد على ضرورة طردهم من أرض البحرين, هذه الكراهية ستتطور مع الأيام وربما تأخذ منحى خطير جدا وبلا شك لن يكون ذلك لصالح البحرين, نسأل الله أن يتم استدراك الأمر بخروجهم من البلد وألا يكون وجودهم فتيل فتنة وعنف.

هوامش الفصل الثالث

(1) – جريدة الأيام البحرينية الحكومية, تاريخ 7/7/2001

(2) – صحيفة المنامة الإلكترونية, تاريخ 13/8/2001

(3) – كتاب: البحرين تقرير حول أوضاع حقوق الإنسان خلال 1997

(4) – صحيفة المنامة الإلكترونية, تاريخ 13/8/2001

(5)- نشرة شمل, الإلكترونية، عدد 4، سبتمبر 1996

(6) – دراسة العمال المهاجرون وكره الأجانب في الشرق الأوسط – جريدة النهار اللبنانية

(7) – دراسة حول التغيير الديموغرافي والعراق.

(8) – موقع الكتروني خاص لرب العائلة محمد شكري الجماصي http://www.khayma.com/shukri/

(9) – ملتقى البحرين الالكتروني, تاريخ 17/8/2001

(10) – ملتقى البحرين الالكتروني, تاريخ 14/10/2001

(11) – ملتقى البحرين الالكتروني, تاريخ 23/7/2001

(12) – ملتقى البحرين الالكتروني, تاريخ 18/8/2002

(13) – ملتقى البحرين الالكتروني, تاريخ 24/7/2001

(14) – ملتقى البحرين الالكتروني, تاريخ 14/6/2002

(15) – ملتقى البحرين الالكتروني, تاريخ 18/7/2001

الفصل الرابع

المحرومون من الجنسية

والمبعدون

البحرينيون المحرومون من الجنسية

هاجرت مجموعات من الأهالي من الساحل الفارسي إلى الجانب الآخر من الخليج وبالعكس واستقر بعضها في البحرين وكانت لكل مجموعة أسبابها الداعية لهجرتها فكان السبب التجاري والاقتصادي لدى بعضها ولبعضها الآخر سببها الديني حينما فرض رضا بهلوي إجراءات مشددة تهدف إلى مسخ الهوية الدينية للشعب الإيراني شبيهة لما فعله أتاتورك في تركيا وقام بمنع ارتداء الحجاب مثلا مما سبب ضيقا وحرجا للفئات المتدينة والمحافظة فاضطر بعضها للهجرة والاستقرار خارج إيران, ومع توالي الهجرة ازدادت أعداد المجموعات المهاجرة مع طول بقاءهم في البحرين وتوطنهم, ويسمى الشيعة منهم بـ “العجم” محليا والسنة بـ “الهولة”, حصل بعضهم على الجنسية البحرينية وسمي الباقون بعديمي الجنسية أو “البدون” أي بدون جنسية والأصح هم بحرينيون محرومون من الجنسية, مواطنون من أصول إيرانية من الجيل الثاني والثالث ممن ولدوا وعاشوا في بلدهم البحرين ولا يعرفون بلدا سواه, يسجلون رسميا كمقيمين في البحرين ويحرمون من كثير من الحقوق كالحق في الاستفادة من سكن الدولة وشراء عقار أو تملك مشروع تجاري أو البعثات الدراسية أو السفر وإن كان للعلاج, والمشكلة تتركز في العجم الشيعة بعد أن قام النظام بتجنيس إخوانهم السنة من نفس الأصول عملا بطريقته الطائفية واستراتيجيته في محاولة تغيير التركيبة الديموغرافية خاصة بعد انتفاضة سنة 1994, وعندما ارتفعت الأصوات ضد سياسة تجنيس القادمين الجدد تم استغلالها من قبل السلطة ضد عديمي الجنسية الشيعة وممارسة المماطلة القاتلة ضدهم ومحاولة إذلالهم, وقد تم إعطاء الجنسية لجماعات من المحرومين منها المستحقين لها في عملية رافقتها تجنيس أضعاف العدد من الأجانب غير المستحقين حسب مقاييس السلطة الطائفية. وإذا كان الاعتذار في رفض إعطاء المحرومين الجنسية حجة أنهم من أصول أجنبية عن البلد فإنه يوصلنا ويلزمنا هذا الأصل في حالة الرجوع القهقري بعدم استحقاق قبائل آل خليفة والدواسر وغيرهما من الجنسية, ولا يلزمنا إعطاء المحرومين الجنسية قياس المرتزقة عليهم والفارق في تطبيق القانون.

وقانون التجنيس البحريني المغيب يعتبر أنّ تجنيسهم حق لهم لا “مكرمة ولا منة” وينص على أنّ من يلد في البحرين فهو بحريني بالولادة ولا يحتاج إلى تجنيس وإنما يحتاج إلى تفعيل القانون بإعطائه الجنسية التي يستحقها, وهذا القانون معمولا به في بعض دول العالم كبريطانيا وكندا حيث يحصل المتولد فيها مباشرة على جنسيتها, والاستمرار به أو التوقف عنه يجب أن يصدر من الشعب.

وظاهرة “عديمي الجنسية” موجودة في كل دول الخليج العربية ولكن حجمها يختلف من دولة لأخرى وكذا التعامل معها ومما يزيد من تعقيداتها أنّ غالبية هذه الفئة هم من الإيرانيين والذين يختلفون في مذهبهم عن المذاهب الرسمية في الدول المتوطنين فيها ويمكن القول أن السعودية لا تحوي فيها هذه الظاهرة على أشخاص من أصول إيرانية.

وقضية البحرينيين المحرومين من الجنسية ينبغي ألا تطول وألا تستغل فإنّ تجنيسهم قانوني وأنّ الشعب يؤيده.

وأنهم ولدوا وعاشوا في البحرين وبها أرحامهم وقرابتهم القريبة ويعملون بها وهم مواطنون ولم يعرفوا وطناً غيرها ولا دارا غير دارها ودفن آباؤهم وأجدادهم في أرضها وحملوا معهم القلق والأمل في تسوية أوضاعهم وأوضاع ذريتهم وأنما حرمتهم سياسة التمييز السلطوية من حق المواطنة منذ زمن بعيد ومازالت أعداد منهم محرومة من الجنسية.

وأنّهم لا يثقلون الدولة في الخدمات العامة التي تقدمها لهم كالتعليم والصحة وباقي الخدمات في حال إعطاءهم حقهم في الجنسية لأنهم موجودون في البلد ومستفيدون من بعض خدماتها فلن تتكلف الدولة مبالغ إضافية عند إعطائهم الهوية الرسمية, ولن تتحول أموالهم إلى الخارج بل سوف تكون في خدمة الاقتصاد المحلي.

وأنّهم ساهموا في عملية بناء وتطورالدولة وخاصة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ولن يؤثروا على الهوية الثقافية للبلد فهم في الحقيقة جزء لا يتجزأ من الشعب البحريني وقد انصهروا في المجتمع واندمجوا مع أهله وأصبحوا كيانا واحدا لا تفرق بينهم في عاداتهم وثقافتهم وأنّ ما يميزهم في السنوات الماضية هو عدم حملهم للجنسية البحرينية فقط.

وأنهم يشتركون مع بقية المواطنين في خواصهم وصفاتهم وشاركوهم في محنتهم وآلامهم ودافعوا عن الحقوق وتعرضوا للنفي القسري والانتهاكات كبقية المواطنين, ودخل كثير منهم السجون ولاقوا صنوف التعذيب.

وهذا كله خلاف تجنيس المرتزقة والذي يلزم منه إنشاء مراكز صحية وبناء مدارس تعليمية وتوفير وظائف لأبنائهم الذين لن تسعهم الوظائف العسكرية في الجيش والشرطة وهم يستنزفون الاقتصاد المحلي بالتحويلات المالية الخارجية إلى بلدانهم الأصل, ولاستحالة اندماجهم في المجتمع لما يذكر المواطنون من تمتعهم بعادات سيئة وصفات غريبة, وللهدف السيئ من مجيئهم المتمثل في قمع أهل البلد, ولأثرهم على هوية وثقافة البلد. ولكن يبدو أنّ كل النقاط الموضوعية والإيجابية التي لصالح تجنيس البحرينيين المحرومين من الجنسية منعكسة عند السلطة التي تراها سلبية وأنّ تجنيس الأجنبي المرتزق هو الإيجابي.

وقد تعرض المحرومون من الجنسية لسنوات طويلة للتمييز العرقي والطائفي ومورست بحقهم أنواع الإهانات وأشكال الإذلال والاضطهاد على عكس القادمين الجدد حيث أحضروا معززين مكرمين, وبينما دخل العجم البلد للاكتساب والرزق الحلال استورد المرتزقة للقمع والقتل, وليس أبدا من مصلحة البلد هذا التناقض الفاضح حيث يستقدم الهندي والباكستاني والبلوشي واليمني وبدوي الشام والأردن ويعطى الجنسية خارج القانون وتحرم منها عائلات الوطن صاحبة الحق والامتياز بها قانونا, وبينما يعلن في إدارة الهجرة والجوازات ووسائل الإعلام عن مئات من المواطنين المحرومين من الجنسية عند إعطاءهم إياها في حين يتم التكتم تماما على عشرات الآلاف من الغرباء والمرتزقة بل ويعقد العزم على حق عشرين مليون خليجي فيها, وبينما تستمر المماطلة والبطء في إعطاء حق الجنسية للمواطنين تنعكس سرعة قياسية في تجنيس الوافدين المرتزقة, وبينما تعطى أفضل بيوت وقروض الإسكان للمرتزقة يعيش البحرينيون ومنهم المحرومين من الجنسية في بيوت قديمة وغير صحية.

لقد فهم من الحاكم عام 2001 أنه لا يوجد مستحق للجنسية البحرينية والمواطنون يعلمون أنّ مجموعات من “عديمي الجنسية” لا زالت محرومة من حقها في االتجنيس وأنّ المبعدين لا زالوا خارج منطقة هذا الحق, ونقلت الصحافة المحلية في ديسمبر 2001 اختفاء مشكلة “البدون” بعد الموافقة علي طلبات 8168 شخصا للحصول على الجنسية على لسان وكيل وزارة الداخلية لشؤون الهجرة والجوازات (1) في الوقت الذي هم فيه في البحرين يستصرخون وأعداد منهم في المنافي مبعدون, وفي 22/6/2002 قال مدير عام الإدارة العامة للهجرة والجوازات أنّ الحكومة البحرينية وبأمر من الحاكم أغلقت ملف عديمي الجنسية ممن يقيمون في البحرين وقال أنّ عددهم أقل من العشرة آلاف شخص (2), ولكن السلطات عادت لتؤكد في نهاية الشهر الثامن من هذه السنة 2002 بأنها تعد بحل لمشكلة “البدون” خلال أسابيع قليلة قادمة على لسان “وزير شؤون الديوان الملكي” (3) واتفق ذلك مع ضغط الشارع لمقاطعة الانتخابات للمجلس النيابي الديكوري, والمؤسف أنه تكرر أن حل مشكلتهم سوف يكون خلال “مكرمة ملكية” وليس بطريقة الحقوق والواجبات.

وقد أعطى النظام بعضهم الجنسية وحرمها من آخرين حتى أنك لتجد في البيت الواحد مجموعة من الأخوة قسم منهم حاصل على الجنسية والآخر محروم منها ومن لوازمها وامتيازاتها مع وحدة الموضوع والظرف والجميع من أبناء هذا الوطن, المحرومون منها يطرقون كل الأبواب ويتعلقون بأي نسبة من الأمل ولا زالوا حتى هذه اللحظة, يقول أحدهم أنه حاول جاهدا دون أن يعطى فرصة لطرح قضيته فقد حاول مقابلة وكيل وزارة الداخلية لشؤون الهجرة والجوازات ولكنه منع والجواب له هو أنّ “الشيخ لا يقابل الذين عندهم طلبات”, وحاول أن يكتب في الصحيفتين المحليتين فلم تسع حريتهما نشر مقاله, وعند لجوءه إلى الديوان وتسليمهم رسالته اضطر إلى الانتظار القاتل دون أن يردوا عليه. وتنقل منسقة لجنة المحرومين من الجنسية قصة أحدى الأخوات البحرينيات المحرومات من الجنسية وهي تعيش في دولة خليجية بسبب زواجها من خليجي هو الآخر من فئة “عديمي الجنسية” في بلده وقد تم مؤخرا منح الجنسية لجميع أفراد عائلتها ما عداها هي ونظراً لظروف والدتها الصحية قدمت إلى البحرين في 20/8/2002 وتم توقيفها في المطار لمدة أربعة وعشرين ساعة وفي أثناء ذلك توفيت والدتها وهي لم تتمكن من رؤيتها للمرة الأخيرة, لقد جاءت لتلقي النظرة الأخيرة على والدتها ولتودعها ولكن الإجراءات الرسمية حالت بينهما ثم حرمتها من وجودها مع أبناءها فقد منعت من الرجوع إلى أبناءها لأنها لا تملك وثيقة سفر, وكثير من هذه المآسي يعيشها هؤلاء البحرينيين. ولا أرى حلا تاما قريبا لقضية “عديمي الجنسية” مع استمرار النهج السلطوي القديم ودون تغيير وجوه الفساد والعمل بالإصلاح حقيقة, وإن كان هناك حل فمن المحتمل أن يكون مقايضة لدعم السلطة في بعض مشاريعها.

والمشكلة الكبرى لمن جنسوا من هذه الفئة أنّ السلطات تتعامل معهم على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية وان الجواز الذي أعطى لهم هو منّة و” مكرمة ” من آل خليفة وليس حق وإنّ من حق آل خليفة سحبه في الوقت الذي يريدون دون التقيد بأي قانون في حين يفترض والنظام يرفع شعار إصلاح ونحن على العتبة الثانية من القرن الجديد أن تخطط السلطة لصهر كل الشرائح الوطنية في قالب واحد عوض سياسة التفريق والتمييز لكسب المناعة والحصانة لكل طارئ الذي قد يأتيها من حيث تأمن, والتغلب على سياسات جرّت لها ويلات.

وبعد المحاولات العديدة للحصول على الوثائق والجنسية وإصرار النظام بعدم إعطاءها قامت مجموعة من”عديمي الجنسية” بالتجمع والتظاهر أمام مبنى الحكومة أثناء الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء في وسط المنامة ابتداء من الأحد 7/7/2002 وجاء في دعوة التجمع” لماذا نحن الأطفال الذين ولدنا هنا وعشنا هنا وأينعنا هنا واشتدَّ عودنا هنا وسنقضي عمرنا هنا، لا نملك جوازاً، ولماذا آباؤنا الذين ولدوا هنا وتربوا هنا وأنجبونا هنا، ولم يقولوا لنا إن هناك شيء بعد هنا، لا يملكون جوازاً ؟ ” (ملحق2) استمر التجمع من الساعة الحادية عشرة حتى الواحدة والنصف ظهرا ورفع المعتصمون لافتات تحتج على عدم حصولهم على الجنسية رغم استحقاقهم لها، ورغم صدور أوامر من الحاكم وصدور “العفو العام” وطلب المعتصمون لقاء رئيس الوزراء أو ممثل عنه لإيصال رسالة حول الموضوع إلا انه لم يتم تسلم أية رسالة ولا حصول اللقاء, وقالت رئيسة الاعتصام السيدة/ ليلي دشتي أنّ هذه التظاهرة جاءت بعد المشوار الشاق الذي مرت به هذه العوائل الخمس منذ مارس 2001 م حتى لحظة الاجتماع, وأنهم مروا بكل الجهات المعنية بأمر قضيتهم بشأن منحهم الجنسية البحرينية وذلك ابتدءً من إدارة الهجرة والجوازات والديوان الأميري سابقا وإدارة المظالم للديوان الملكي وانتهاءً بالاعتصام الأول أمام مقر مجلس الوزراء يوم انعقاد الجلسة الأسبوعية والذي اعتبروها الملاذ الأخير غير أن ملف قضيتهم ظل مفتوحا ولم يصل إلى حل حتى الآن (4).

والسيدة دشتي تحمل الجنسية البحرينية وأم لأربعة أبناء ليس لهم جنسية لأنّ أباهم يصنف ضمن فئة “عديمي الجنسية” وهو سيد محمد رضا مرتضى السيد علي والذي كان محكوما من قبل محكمة أمن الدولة أثناء انتفاضة التسعينات لمدة أربعين عاما ابتداءً من سبتمبر 1996 وتم الإفراج عنه في مارس 2001 ضمن” العفو العام” عن جميع الموقوفين، ثم حصل على شهادة رد اعتبار من المحكمة وأتم جميع الإجراءات للحصول على الجنسية ضمن قرار الحاكم لحل مشكلة “عديمي الجنسية”ولكن جهاز أمن الدولة تدخل وأوقف قرار منحه الجنسية, وبعد مراجعتها لإدارة الهجرة والجوازات أخبرتها إدارة الجنسية بأن طلبهم موقوف بسبب أمني من جهاز أمن الدولة وكذا أخبرتها إدارة المظالم بأن زوجها عليه قضية سابقة من أيام أحداث التسعينات. وتكرر التجمع أسبوعين أخريين يومي الأحد وهو يوم اجتماع مجلس الوزراء حيث تم توجيه نداء ودعوة للاعتصام في 14/7/2002 جاء فيها ” نحن المئات من أهلكم وأبناء وطنكم، الذين مازالوا يعانون من الحرمان والمستقبل الغامض لهم ولأبنائهم, نحن المواطنون المحرومون من أبسط الحقوق التي يتمتع بها بقية المواطنين من حق العمل وامتلاك المسكن وحرية السفر والخدمات الصحية والتعليمية, نحن الذين كنا وما زلنا نعاني من الآثار النفسية لكوننا أهالي بلد غير معترف بهم ولا بأبنائهم، وظلوا لسنوات طويلة يكافحون للحصول على حق المواطنة، ويعانون من شتى أشكال التمييز, نحن المواطنون المحرومون من الجنسية البحرينية رغم استحقاقنا لها بالعرف والقانون والمبادئ الإنسانية, نحن الذين لم نعرف وطنا غير البحرين، ولا يعرفنا أي بلد آخر ” (ملحق3) وقد نشر هذا البيان باسم لجنة المحرومين من الجنسية وأشتمل على فئات متنوعة وهي من لم تعطى لهم الجنسية بعد تقديم الطلبات, ومجموعة من 73 مواطن من المبعدين الذين رجعوا إلى بلدهم البحرين ولكنهم حرموا من الجنسية ولم تصدر لهم حتى بطاقة الهوية والتي تسمى رسميا البطاقة السكانية وهي التي يحصل عليها أي مقيم في البحرين وإن لم يكن مواطنا, ومجموعة المبعدين الذين لا زالوا بالمنفى ولم تسمح لهم السلطات بالرجوع, ومجموعة خمس أسر صدرت بحق رجالها أحكاما بالسجن في قضايا تتعلق بأمن الدولة في أثناء انتفاضة التسعينات والذين شملهم “العفو العام” وحصلوا على رد الاعتبار من القضاء، ولكن السلطات تمنع حصولهم على الجنسية.

وقدر عدد التجمع بأربعين شخصا من النساء والرجال كما ضمت أطفالا, وقال الشيخ علي صفر الذي كان من بين المحتجين إننا هنا لنحتج علي قضايا عديدة تتعلق بعائلات بحرينية لا يزال معظم أفرادها محرومين حتى من أية أوراق ثبوتية مثل البطاقة السكانية ولا يستطيعون حتى الذهاب للعيادات الحكومية للعلاج بدون البطاقة السكانية, وأنّ هناك 37 شخصا منهم 25 استفادوا من “العفو العام” وسمح لهم بالعودة للبحرين لكنهم مازالوا لا يحملون جنسية, وقال:”نريد أن نثبت بأننا أبناء هذه الأرض وان ولاءنا لها وبأننا جزء من هذا الشعب لكن هذا يتطلب عدالة في التعامل معنا, وأضاف أنّه توجد عائلات أخري تبعثها السلطات إلى السفارة الإيرانية وتطلب منها إحضار ما يفيد أن أفرادها ليسوا رعايا إيرانيين وعندما يحضرون الأوراق المطلوبة تقول إدارة الهجرة أن هذه الأوراق غير رسمية, وأنّ أسلوب التعامل أسلوب تعجيز ومماطلة(5) وقال يوسف حبيب انه خرج بموجب “العفو العام” من السجن لكنه لا يزال لا يحمل الجنسية وأنه قد تم إبلاغه بأن وزارة الداخلية أوقفت إجراءات منحه الجنسية وأنه يعامل مثل الأجنبي لأنه لا يملك أية أوراق ثبوتية. وقالت مريم حيدر أن والدها الموجود في المنفى منذ 22 عاما لا يزال غير قادر على العودة إلى البحرين رغم قرار “العفو العام” ورغم وجود قرار بالموافقة على عودته من السلطات وقالت حصلنا على الجنسية منذ عام لكن والدي لم يعطوه أي إذن بالرجوع حتى الآن رغم وجود قرار بالموافقة على عودته. وحمل أطفال المعتصمين لافتات كتب عليها “طفولة معذبة بدون هوية” و”لم ولن نعرف وطنا غير البحرين” و”نطالب إدارة الهجرة والجوازات بتنفيذ وعود الملك “, بينما رفع معتصمون ـ ومن بينهم ناشطون في حقوق الإنسان ـ لافتات تدين المماطلة في إجراءات منحهم الجنسية منذ صدور قرار “العفو الشامل” في الخامس من فبراير /شباط2001.

وكان التجمع والاعتصام الثالث في 21/7/2002 في نفس المكان أمام مقر الحكومة البحرينية بمجموعة ضمت أيضا عددا من المطالبين بالجنسية ممن عطلت إجراءات منحهم الجنسية التي وعدوا بها، وأهالي عدد من المبعدين الذين لم يسمح لهم بالعودة إلى البحرين, ولكن السلطات رفضت استلام خطابهم الذي أعدوه والمتعلق بمطالبتهم بالجنسية(6).

ولكن تطور الأحداث كان مؤسفا وأكد أن صبر الجهاز الحاكم على تظاهر وتجمع البحرينيين المحرومين من الجنسية والنشاطات الشعبية عامة كان تكتيكيا وليس سياسة ثابتة وأنّ هذا التكتيك سينتهي تماما حين الانتهاء من المخطط الكامل للإصلاح المزعوم وحينها سيتولى المجلس نصف المعين سن القوانين المقيدة للحريات ومنع المظاهرات والتجمعات طبقا لإشارة الحاكم وأعوانه, فقد طرحت الصحافة عبر أقلام واجهة النظام عدم لياقة التجمعات أمام المناطق المهمة لأنّ ذلك يؤثر على السياحة والاقتصاد حسب تعبير أحد الكتاب وأنّ على المتظاهرين أن يبحثوا عن أماكن لا يراها الناس لكي يتجمعوا فرأس المال جبان !! وبعد يوم من التجمع والتظاهر أي في 22/7/2002 تم لقاء في مبنى رئاسة الوزراء بين رئيس الشئون الإدارية لمجلس الوزراء ووفد من لجنة المحرومين من الجنسية بينهم السيدة دشتي، حيث سلمت اللجنة مذكرتها المرفوعة إلى رئيس الوزراء بخصوص قضايا المئات من المحرومين من الجنسية ومنهم من لم يزل ممنوعا من العودة للوطن, واجتمعت في نفس اليوم لجنة المحرومين من الجنسية وقررت إيقاف الاعتصام الأسبوعي لمدة شهر على الأقل، وذلك لاعتقادها بأن وصول القضايا لرئيس الوزراء – كما جاء في بيان اللجنة – سيعطي دفعة كبيرة لاتخاذ إجراءات عاجلة لتنفيذ قرارات وتوجيهات رؤوس السلطة التنفيذية بعودة جميع المبعدين وإغلاق ملف “البدون”, وفي اليوم التالي 23/7/2002 وفي أقل من 24 ساعة من اللقاء وتقديم المذكرة جاءت التهديدات مباشرة لمنسقة اللجنة السيد ليلى دشتي وعن طريق أعلى مسئول أمني وهو وزير الدولة للأمن الوطني عبد العزيز عطية الله آل خليفة والذي يؤكد وجوده في هذا المركز المستحدث كذب الإصلاح فله سوابق وكان يرأس لجنة التعذيب في انتفاضة التسعينات وقد تم استدعاء السيدة ليلى دشتي إلى مبنى المخابرات بالقلعة في المنامة، حيث تم استجوابها هي وزوجها وتهديدهم والضغط عليهم لإيقاف الاعتصامات التي تجري يوم الأحد من كل أسبوع أمام مبنى رئاسة الوزراء, وقد تم منع الأستاذ عبد الهادي الخواجة الناشط في حقوق الانسان من حضور مقابلة التهديد التي استمرت ساعتين ونصف, قال عطية الله بأن عليها أن تتذكر دوما بأن زوجها كان في السجن وبالإمكان إرجاعه هناك في أي وقت, وأنّ زوجها لم يحصل حتى الآن على الجنسية فهو أجنبي ويمكن إبعاده من البلاد، وأنها كبحرينية يمكن اعتقالها واعتقال كل من يشارك في الاعتصامات لأنهم يخالفون قوانين البلاد التي تحضر اجتماع أية خمسة أشخاص أو أكثر بدون ترخيص رسمي!!!(ملحق4) لا تدع لك السلطات البحرينية مجالا للتفاؤل أو للتصديق على مشروع إصلاح فلا القانون الذي يحضر اجتماع خمسة أشخاص تبدل ولا مطبقوه تم الاستغناء عنهم ولكن اللجنة التي أصدرت بيانا بعدم خضوعها للتهديد التخويف واعتبرت أن هذه إجراءات استفزازية وأنهم ماضون فيما قرروه كانت أشجع من النظام ورموزه المتترس بها.

المبعدون

تعتبر حكومة البحرين الأسوأ في العالم في سجلات حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية الدولية المتعلقة بنفي المواطنين وإبعادهم عن وطنهم في العقدين الماضيين حيث أقلعت دول العالم كافة عن هذا الانتهاك الصارخ والفاضح ولم تبق إلا البحرين, وكانت حكومة آل خليفة في البحرين تنفى نشطاء الشعب كلما اضطربت البلد سياسيا, فقامت في العشرينات من القرن الماضي بنفي الشيخ خلف العصفور إلى العراق، وفي الثلاثينات تم نفي سعد الشملان وعبد الوهاب الزياني إلى الهند، كما تم نفي عبد علي العليوات وعبد الرحمن الباكر وعبد العزيز الشملان في الخمسينات إلى جزيرة سانت هيلانة كل ذلك كان في ظل وجود قوى الاحتلال البريطانية، أما في الثمانينات فقد قامت الحكومة بسياسة نفي المعارضين السياسيين والنشطاء الإسلاميين وأهاليهم إلى إيران بأعداد كبيرة، وفي نهاية الثمانينات حتى حلول القرن الحالي تم منع دخول مئات المواطنين العائدين إلى بلدهم وإبعادهم مرة ثانية إلى دول العالم الأخرى كما تم نفي مواطنين من داخل البحرين إلى خارجها, هدف الحكم من هذه الإجراءات التعسفية هو التخلص من المواطنين الذين يخالفون النظام وهم الشيعة في الغالب. ومن المؤكد أنّ احتجاجات أبناء الشعب التي ضغطت على السلطة لتحسين صورتها في الخارج هي التي أوقفت سياسة الإبعاد والنفي بصورتها المخزية, ومع إدخال إصلاحات جزئية في البلد مع بداية القرن الحالي استطاعت أعداد من المنفيين والمبعدين الرجوع إلى البحرين ولا زالت أعداد منهم حتى هذه اللحظة ممنوعة من الرجوع إلى بلدها وتعاني آلام الغربة ومآسيها. أغلب الممنوعين من الرجوع إلى البحرين حتى هذه اللحظة هم من أصول إيرانية، من الجيل الثالث والرابع ممن ولدّوا وعاشوا في البحرين ولا يعرفون وطنا سواه، أبعدوا بطريقة قسرية وغير إنسانية ومن دون محاكمة في بداية الثمانينات بعد أن سحبت جوازات سفرهم وأوراقهم الثبوتية البحرينية، بينما لا يملك بعضهم أوراقا بحرينية كاملة وكانت السلطات في البحرين قد رفضت إعطاء عشرات الآلاف من المواطنين البحرينيين من الطائفة الشيعية من أصول إيرانية الجنسية البحرينية بينما أعطى إخوانهم أبناء السنة تلك الجنسية من ذوي الأصول نفسها، ومن المفارقات أن بعض الممنوعين من العودة من يملك والداه وإخوانه وأهله الجنسية البحرينية وهو يملك جواز سفر سحب منه سابقا ولكنه محروم من دخول وطنه التي توزع حكومته جنسيتها على البدو والنَور والقاصي والداني .

أحد المبعدين كان الطفل عبد الرضا أحمد فتح الله ذو الخامسة عشر من العمر, وكان يسكن في منطقة “فريق بن علي” في مدينة المحرق, اعتقل ضمن حملة اعتقالات قامت بها الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية وشملت عدد كبير من المواطنين الأبرياء في مطلع الثمانينات بذريعة انتماءاتهم لمنظمات سياسية محظورة في البحرين، ومارست ضدهم التعذيب والنفي والأبعاد التعسفي خلافاً للدستور والقوانين التي تمنع التعذيب والإبعاد خارج الوطن, تهمة عبد الرضا ومجموعة من الأطفال في سن الخامسة عشرة كانت القيام بأعمال الشغب وكتابة شعارات معادية للحكومة على الجدران في فريق “بن علي” بمدينة المحرق، ومهاجمة سيارات الشرطة، وإشعال النيران في دواليب السيارات بالقرب من مأتم كريمي، وبعد الاعتقال تم توقيفه لمدة شهرين في مركز قيادة المحرق، ومارس ضده الجلادون مختلف صنوف التعذيب، مما جعله يعترف لهم إكراهاً وزوراً بأعمال لم يرتكبها، حيث اعترف على نفسه بعد وطأة التعذيب، بأنه ومجموعة من الأحداث القاصرين، قد تصدوا لسيارة الأمن العام واحرقوا بعض دواليب السيارات المتوقفة في شارع الشيخ عبد الله قرب مسجد بوهلال مقابل بيت بوخماس. وبعد شهرين من الاعتقال قامت السلطات الأمنية بإبعاده مع مجموعة من الموقوفين الذين تم اعتقالهم في تلك الفترة ويتراوح عددهم ما بين 150-200 معتقل من مدينة المحرق وحدها وتحديداً من منطقتي فريق بن علي وحالة بوماهر إلى خارج البلاد ولم تشفع له طفولته وصغر سنه أمام القساة. أركب عبد الرضا مع مجموعة من المعتقلين ظهر سفينة شحن متجهة إلى إيران قسرا وقد بلغ حينها من العمر 16 سنة في العام 1981 وأبعدوا إلى إيران, وكانت هذه هي حملة التهجير الأولى ثم توالت بعدها حملات التهجير والإبعاد. وقد تعرض عبد الرضا في منفاه إلى آلآم وعذابات قاسية ومتاعب نفسية وجسدية مؤلمة وكان كل أهالي الطفل عبد الرضا في البحرين وقد ابتعد عنهم لأول مرة فكان دائم التفكير في أهله وأقاربه وأصدقائه, ثم يفكر في خسارته لدراسته وعدم الاستطاعة لإكمالها, والأكثر قلقا كان في تساؤله المستقيل المجهول, وعندما وصلت السفينة التي استغرقت رحلتها أسبوعين من الزمن إلى الشاطئ الإيراني واجهته أولى المشاكل وهي عدم تملكه لأية أوراق ثبوتية أو وثائق قانونية تثبت هويته, وكانت السلطات في البحرين قد اختلقت ورقة تذكر فيها أنه من مواليد إيران رغم أنه مولود في البحرين ويمتلك شهادة ميلاد بحرينية تثبت تولده فيها, وقد قضى عبد الرضا أحمد فتح الله في الغربة القسرية 22 سنة, ووالده وإخوانه وأخواته جميعهم يحملون الجنسية البحرينية ولا زال حتى هذه اللحظة محروما من الرجوع إلى وطنه.

وأحدى العائلات المهجرة كانت عائلة الفنان أبو زهراء عبد الرسول, وزوجته مدينة طاهر, وقد هجرت المرأة في يوم عاصف حينما كانت حامل مقرب في شهرها التاسع وكان أطباء يزرقونها الإبر الطبية لتأخير وضعها بأمر من عناصر التعذيب البحرينيين بينما كان زوجها الفنان يتلقى التعذيب في سجون البحرين وحكم عليه بست سنوات سجن بمحكمة ظالمة تفتقد لأبسط المعايير القانونية ثم أبعد إلى إيران بعد انقضاء مدة الحكم الظالم, واستمروا في تحمل الآلام وتجرع الغربة دون أن يسمح لهم بالعودة.

قانونا فأنّ (المادة 17 ج) من الدستور البحريني المصدق عليه في 1973 تقول بالنص ” يحظر إبعاد المواطن عن البحرين أو منعه من العودة إليها ” ولكن القانون معطل في البحرين منذ اكثر من مائتين وعشرين سنة, وقد تعرض كثير من هؤلاء المبعدين إلى اضطهاد وسجن قبل نفيهم وتهجيرهم, ولكثير منهم فضل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدفاع عن حقوق الشعب والمطالبة بالحرية والعدالة والعمل بالقانون وتحقيق طموح الشعب في مجلس تشريعي منتخب مستقل يحفظ للشعب حقوقه ويدافع عن مظلوميته أمام السلطة التنفيذية، فكانوا ضحية الإرهاب والقمع طيلة عقود من الزمن وفريسة لجهاز أمن الدولة حيث تم تسفيرهم عن البلاد وإبعادهم وحرمانهم من العودة إلى وطنهم قسرا، وقام بعضهم بنشاط في خارج البحرين لخدمة أبناءها ورفع الضيم عنهم وتوصيل صوتهم إلى منظمات حقوق الإنسان والجاليات الإسلامية في الخارج، فدفعوا بذلك ثمن جهادهم ولا يزالون ولهذا فإنّ الشعب يدين لهؤلاء الشرفاء ولعوائلهم التي ضحت من أجل أن ينعم الشعب بحياة حرة كريمة, وعليه فإنّ إرجاعهم إلى أهلهم ووطنهم مسؤولية شرعية وأخلاقية ووطنية.

أدنى حقوقهم العودة إلى وطنهم:

فمن حق هؤلاء الرجوع إلى بلدهم والعيش فيها وقد أخرجوا من ديارهم ظلما وعدوانا على أيدي المجرمين أشباح قانون أمن الدولة ووزارة الداخلية, ومن حقهم أن يرجعوا إلى أهلهم وذويهم في بلدهم البحرين ويعيشون الحياة الطبيعية معهم وليس إلى أي بقعة أخرى دونها, علاوة على ذلك فلا زال عدد من الممنوعين من العودة والمهجرين في الشتات ليس لديهم أوراق قانونية أو ثبوتية، حيث يعيش بعضهم ويقيم في بلدان بصورة غير قانونية، ومع عدم قدرة بعضهم على العمل القانوني في البلدان التي هم فيها. وينبغي الحرص على حصولهم على حقوقهم المدنية والقانونية كاملة وهم الذين أبعدوا من وطنهم بسبب مطالبتهم بحقوق الشعب بأكمله بل وإعطائهم التعويضات لما لحق لهم وللمعتقلين السياسيين وسجناء الانتفاضة من خسائر نجمت عن تحمل المعتقلين للسجن وصنوف التعذيب والفصل عن الوظائف وتضرر المبعدين والمهجرين لما لحق بهم من غربة وعدم حصولهم على السكن والوظائف وكثير من الحقوق المشروعة لهم والتي خسروها نتيجة إبعادهم القسري عن البلاد.

تجرعوا الألم والحسرة مرتين:

وقد تجرعوا الآلام والمآسي مرتين, الأولى عند تهجيرهم من البحرين إلى المنفى في بداية الثمانينيات بعد أن زورت وثائقهم ومنحت لبعضهم وثائق مزّيفة وكاذبة تذكر أنهم ولدوا في إيران, ورحلوا قسرا إلى إيران رغم جهلهم بهذا البلد واختلاف لغته عن لغتهم، ففقدوا وطنهم وأملاكهم وأموالهم وعزة القرب من أهلهم وكل ما بنوه طيلة حياتهم ثم بدأت المعاناة الثانية في المنفى الجديد من السكن والإقامة حتى المعاش مرورا بالعمل وطريقة الحياة في المنفى وغيرها، فبدءوا من الصفر لتكوين متطلبات الحياة، وقضوا زهرة شبابهم في المنافي والغربة، ولا زالت أوضاعهم النفسية تتذمر بعد الوعود تتلوها الوعود الشهرية التي تلعب بأعصابهم وتعذبهم نفسيا يوميا، وهم ينتظرون لحظة نزولهم إلى بلدهم، يبكي بعضهم ويهدد بالانتحار أمام سفارة البحرين لعله يلفت نظر العالم إلى مأساته، وكل يوم يبقون في المنفى تزداد أوضاعهم سوءا وصعوبة، وتظهر المشكلة أكبر بالنسبة للأولاد الذين ولدوا في المنفى دون أن يمتلكوا أية أوراق شخصية تثبت هويتهم، وتشارك أمهاتهم وأهلوهم في مصيبتهم وآلامهم في البحرين، يسهرون في التفكير حول ساعة رجوع أبناءهم ويستيقظون كل صباح بأمل الحصول على خبر يتعلق برجوعهم يتلقفونه، ثم لا يجدون إلا وعودا ومحاولات بالتلاعب بأعصابهم، ولم تنتهي مشكلة من رجع منهم إلى وطنه أيضا فعليه أن يجد له مسكنا وعملا وحياة كريمة وهي ليست متوفرة إلا للذين تستقدمهم السلطة، وتجنسهم توفر لهم الأعمال وتمنحهم بيوت في الإسكان . وفي الوقت نفسه تتسرب إلى آذانهم الأخبار المتكررة بتجنيس دفعات دفعات ممن لا يمت إلى هذه الأرض بصلة ولا ينتسب إليها برحم وكثير منهم استقدموا ككلاب تنهش البشر ومرتزقة في الجيش والشرطة, وأخبار حفلات وولائم أقامها المجنسون الجدد بمناسبة تجنيسهم لا لسبب سواء ليكونوا عنصرا في التغيير الديموغرافي.

وعود الحكم:

وكان حاكم البحرين الحالي قد أعطى الوعود المعسولة وفي مناسبات عدة لعلماء دين نشطوا في تحريك ملف المبعدين مثل الشيخ عبد العظيم المهتدي والشيخ حسين نجاتي بإرجاع جميع المهجّرين وترتيب حفل فرحة يشترك فيه الحاكم وعوائل المهجرين ويقول لهم في كل مناسبة يلتقيهم فيها أنه حاضر لكي يوقع علي ملفات رجوع المهجرين بمحض وصولها إلى “الديوان الملكي” !! أحد هذه الوعود كان في البيان الذي صدر بمناسبة ” العفو العام ” والإعلان عما أشيع من ” الإصلاحات السياسية”!! ثم لا تكون نتيجة أو أثر للقائهم ورجوع أهاليهم, وعندما يسئل الناشطون في إرجاعهم عن سبب التأخير والمماطلة رغم كل الوعود التي أعطيت لا يجدون سببا أو جوابا, وعند المراجعات يقول لهم مستشار الحاكم والمسؤولون في الهجرة والجوازات إنها مراحل إدارية وكثرة المهام, ولكن أية أسباب هذه وأية أمور إدارية تبرر النكث بالعهود والوعود.

وتتوالى لأهلهم الوعود دون وفاء, بل يراد لقضيتهم أن تكون معلقة حتى يأتي زمن استغلالها وإلا فالحكومة تستبدلهم بمجموعات بدوية وغجرية كسياسة ثابتة ومستمرة. ولا أرى في النظام مصداقية في الوفاء ولا إيمانا بالعهود والمواثيق, وليس وعدهم هنا بإرجاع المبعدين الأول ولن يكون الأخير, ولكن ينبغي للنظام أن يبرهن ظاهرا على صدقه في مشروعه الإصلاحي بوفائه لما وعد به ومنه إرجاع المبعدين قبل التصويت على “الميثاق”. وتستطيع الأجهزة الحاكمة إذا أرادت إرجاعهم أن تفعل ذلك في أيام معدودة ولكنها أو جهات فيها لا تروق لها إغلاق هذا الملف, فهي لا زالت تعيش وتفكر بعقلية ماضية حيث الظلم والقهر وهضم الحقوق الأولية للشعب كان سمتها البارزة, هذه الجهات ما زالت تمارس دورها السابق وإن اختلفت العناوين على رغم محاولة الظهور بمظهر ديموقراطي أو إصلاحي من الصعب عليها أن تؤمن به, والاحتمال الأول هو الأسوأ وهو أنّ الأجهزة الحاكمة برمتها تلعب وتتقصد ازدواجية القرار وتنفيذه.

ازدواجية:

يلاحظ من يتعامل مع ملف المبعدين ازدواجية واضحة أو نوع من الاستخفاف بالقضية, وقد ذكر رئيس لجنة متابعة شؤون المبعدين البحرينيين الشيخ عبد العظيم المهتدي أنّ اللجنة أرسلت إلى حاكم البلاد رسالة بتاريخ 24/5/2001 وبها قائمة بأسماء المبعدين والمهجرين وعددهم بحدود 400 شخص لأربعين عائلة تقريباً, قال أنّ الحاكم وافق على طلبهم, وعند عمل الإجراءات عانوا ما عانوا حتى وصلت الموافقة لـ 40 شخص فقط وبقيت الأكثرية إلى الآن تقاسي حرب الأعصاب في الانتظار المرهق رغم توجيهات سابقة للحاكم وتأكيدات منه في لقائهم معه يوم الرابع والعشرين من سبتمبر 2001 وهذا في الوقت الذي ينفذ المسؤولون في الهجرة والجوازات عملية تجنيس المستوردين والمرتزقة في سرعة زمنية عجيبة، علماً أن الأولوية تقضي بتخصيصها للذين أخرجوهم من ديارهم في الثمانينات من غير مبررات دستورية أو قانونية, وفي الوقت الذي يحاول المبعدون الرجوع إلى بلدهم يواجهون رفضاً قاطعا من قبل المسؤولين في دائرة الهجرة والجوازات التابعة لوزارة الداخلية التي تقف أمام المبادرات الصحيحة والتي يعتبرها البعض واجهة رافضة للإصلاح الذي يأخذ البلاد إلى التكامل والتقدم بعيدا عن التوترات والاضطرابات وهاهي تمنع أربعة وتسعين عائلة من الرجوع إلى الوطن وعدم إعطائها تصاريح لدخول للبلاد.

ويقول بعض البحرينيين أنّ وزارة الداخلية وإدارة الهجرة والجوازات تلعب لعبة فتنة وتفرقة ملخصها إعطاء اهتمام لأحد المشائخ في تحركه حول قضية المبعدين بينما تملصت من الشيخ الآخر الذي كان يتحرك من بداية الانفراجات الظاهرية والذي أختير من قبل المبعدين في الخارج لتمثيلهم, وبين الشيخين اختلافا فكريا, وأنّ مدير إدارة الهجرة والجوازات قد استغل هذا الموضوع عن طريق الإيقاع بينهما بتأليب أحدهما على الآخر واتهامه بعرقلة إنهاء هذا الملف !!

التلاعب بمشاعر المواطنين:

واعتبر المبعدون أنّ تصريحات وكيل وزارة الداخلية لشؤون الهجرة والجوازات والذي جاء فيه أنّ جميع البحرينيين المبعدين قد عادوا إلى بلدهم وتم ردّ الجنسية إليهم، وأن هؤلاء الموجودين في الخارج ليسوا بحرينيين بل هم أجانب كانوا مقيمين على أرض البحرين وغير معنيين بحق العودة النافذ في حق الحاملين للجنسية البحرينية(7), محاولة جديدة للالتفاف على مطالب الشعب، وتكريس لحالة القلق التي استولت على قطاع واسع من أبناء الشعب، وأنها تناقض وعود الحاكم نفسه بحل مشكلة المبعدين والمهجرين والمحرومين من الجنسية في البيان الذي صدر بمناسبة “العفو العام” وما صور على أنه إعلان لإصلاحات سياسية, ووعوده للرموز الشعبية بقوله ” لا يهدأ له بال حتى يعود كل ولد إلى حضن أمه”, وتناقض تصريحات قريبة سابقة للوكيل نفسه الذي التقى بعائلات المبعدين في 4/2/2002 وقال لهم: “إن أبنائكم سوف يعيّدون عندكم في عيد الأضحى” 1422هق، وأبدوا دهشتهم من ادّعائه لهم بالأجانب المقيمين في البحرين في حين أنّهم من مواليد البحرين وأهلها وما حرمانهم من امتلاك الجنسية البحرينية إلا لعدم تطبيق إدارة الهجرة والجوازات للقانون وأنّ خروجهم من البلد كان قسريا وخلافاً للدستور الذي ينص على حظر إبعاد المواطن ومنعه من العودة إليها, وردا على ادّعائه بأنّ انتماؤهم للبحرين غير ثابت أرشدوه لمراجعة ملفاتهم في الدولة وقال نص البيان “فيكفيه أن يراجع ملفاتنا في مدارسها ومراكزها الصحية وسائر مؤسساتها الرسمية بل وفي قسم أمن الدولة وسجونه حيث دمائنا على قضبانها وجدرانها لما تجف بعد” (ملحق5). واستنكروا في بيان التلاعب بمشاعر الآباء والأمهات الذين ينتظرون قدوم أبناءهم بلهفة وقد رجع غالب المنفيين دونهم, وللعلم فإنّ آبائهم وأمهاتهم يتمتعون بالجنسية البحرينية.

تقصير القوى السياسية:

ويمكن أن نقول أنّ جزء من التقصير تتحمله القوى السياسية في البحرين التي لم تطرح مسألة التجنيس بشكل عام وقضية البحرينيين المهجرين بشكل خاص بقوة وكجزء من برامجها, وندواتها التي لم تكن كثيرة ولم تطرح قضيتهم مع وضوحها وتناقضها مع ما يدعى من إصلاح, أن من المؤسف جدا أن تنشغل بعض القوى السياسية بقضايا صغيرة وتهمل هذه القضايا التي هي جزء من نضالها ومطالبها الأساسية فترة الانتفاضة الشعبية, فهذا ملف لا ينبغي التفريط فيه أبدا، وإننا نأمل ألا نلاحظ قصورا في المطالبة بهذا المطلب الأساس في الوقت الذي لا تهمل القضايا الأخرى التي هي في الدرجة الثانية من حيث الأهمية ولا تعتبر من المطالب الرئيسية، نأمل أن تطرح قضية المبعدين في الخارج بقوة ويحزننا أن نلاحظ أن بعض الأطراف لا يهمها إلا الوصول إلى مقاعد البرلمان ليقولوا نحن هنا فقط, دون أن يكون لهذا المكان فاعلية والى الوصول إليه نتيجة, وأن من المهين أن تتم طرح القضية من قبل الصحفيين غير البحرينيين ويتجاهلها من هو أقرب.

وحدها كانت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية التي أصدرت بيانا في 27/4/2002 حول الأسر التي لا زالت تعاني من الإبعاد القسري وبعد أن ذكرت وجود تناقض وازدواجية في المقاييس المرتبطة ببعض القضايا ومنها موضوع التجنيس الذي لم يتم التعامل معه بصورة واضحة وواقعية تساءلت عن الأسباب التي تحول دون السماح لعودة 94 أسرة بحرينية منفية منذ الثمانينات بسبب مطالبهم الوطنية المشروعة التي يعد بها البرنامج الإصلاحي لحاكم البلاد وأكد عليها وعلى مشروعيتها كافة القوى الإسلامية والوطنية خصوصا بعد ” المصالحة الوطنية الشاملة والعفو العام ” والذي يتضمن عودة كل المبعدين بلا استثناء. وجاء في بيانها أنه في الوقت الذي يتم فيه الإعلان في الجرائد عن بعض احتفالات تسليم الجوازات إلى عدد من المجنسين الذين ولد معظمهم في البحرين إلا أن الصورة غير واضحة عما تم تجنيسهم لحد الآن من أصحاب جنسيات دول أخرى عربية وغير عربية والأسس القانونية التي تم تجنيسهم عليها . وذكر البيان بان هؤلاء المواطنين لم يكونوا طراء على المجتمع البحريني بل كانوا ولا يزالون جزءا لا يتجزأ من التركيبة الأصلية للشعب البحريني وتؤكد أحقيتهم في العودة جميع المواثيق الدولية, وخصوصا أن لهم أخوانا وعوائل في البحرين يتمتعون بالمواطنة البحرينية في أجواء ” المصالحة الوطنية والأسرة الواحدة “, وطالبت الجمعية بوضع حد لمعاناة هذه الأسر البحرينية وحل أزمتها بما يتماشى وحقهم الوطني والشرعي(ملحق6). كما تم طرح قضية المبعدين والمهجرين من قبل عدد من العلماء الأعلام في محاضراتهم وخطبهم.

الضغط على السلطة:

يعلم الجميع كم عانى هؤلاء المبعدين والمهجرين وكم تعذب أهاليهم وأمهاتهم ولا أظن أن يقدم النظام على حل كامل لقضيتهم وإرجاعهم إلى بلدهم دون أن يتعرض لضغوط, ودون تحرك القوى السياسية الإسلامية والوطنية ورجال الدين في الداخل وتوثيق قضيتهم لدى المنظمات الحقوقية العالمية, وتنشر قضيتهم في وسائل الإعلام الخارجية والإكثار من الكتابة عن مأساتهم في الصحف والمجلات ووسائل الإعلام المختلفة. ويجب في هذا السياق إصدار البيانات والاستنكارات والتظاهر والاعتصام في داخل البحرين وأمام مباني الأمم المتحدة في إيران ومناطق تواجد المبعدين وأمام سفارات دولة البحرين في الخارج وإقامة مظاهرات واعتصامات لرفع رسالة إلى العالم وإلى النظام في البحرين وإفهامه بان قضية المبعدين هي قضية مصيرية ساخنة ستبقي حتى يرجع آخر رجل منهم إلى الوطن, ولن يضيع حقهم ما دام وراءه مطالبون, كما ينبغي تحريك قضيتهم داخل البلد بمسيرات واعتصامات والاحتجاج على المماطلات الحكومية وأسلوب التلاعب الحكومي وخاصة أمام إدارة الهجرة والجوازات, ومطالبة الجمعيات والمنظمات البحرينية للضغط على الحكومة في سبيل إرجاع هؤلاء المبعدين إلى وطنهم, وأما السكوت عن قضية المبعدين فهي جريمة سيذكرها تاريخ البلد بمرارة(ملحق7).

تدرج في عمل المبعدين:

التدرج والصبر كان سمة حركة المبعدين والمهجرين فقد طالب أهلوهم في البحرين بإرجاعهم وقدموا ما يمتلكون من وثائق تثبت هويتهم البحرينية منها شهادات الولادة والشهادات المدرسية وأوراق تسفيرهم من البحرين إضافة إلى أنهم ملئوا استمارات الثبوتية مع شرح عن ماضيهم وحاضرهم وصور من وثائق أقرب عوائلهم من الدرجة الأولى كالأب والأم والأخ والأخت الذين يحملون جوازات سفر بحرينية كما أن إدارة الهجرة والجوازات في البحرين قد استدعت جميع عوائل المبعدين واستكملت منهم ما يدل على أنهم بحرينيون وجاء ذلك على لسان مسئولين رفيعي الوظيفة في الهجرة والجوازات كما نشرت الصحف البحرينية صورة جماعية لعوائل المهجرين في البحرين مع راشد بن خليفة آل خليفة المسئول في إدارة الهجرة والجوازات.

وقد تقدموا برسالة إلى حاكم البحرين عبر إحدى سفاراتها في الخارج وتابعوا لحل قضيتهم بشتى السبل حرصا منهم على إنهاء قضيتهم بهدوء دون التأثير السلبي على الوضع الرسمي في البحرين الذي يدّعي الإصلاح, ولكن طول المدة والمماطلة والتناقضات في التصريحات والأقوال وعدم اخذ العملية بجدية من قبل رجال الدولة قد أدى إلى نفاذ صبرهم, وعندما تطول قضيتهم دون حل يرضونه فإنهم سوف يقبلون على طرق مختلفة لا يرتضيها الحكم في البحرين, ويمكن أن تتجدد الاعتراضات والاعتصامات على الحكومة البحرينية من قبلهم أمام سفارات البحرين في الخارج وأمام منظمات الأمم المتحدة, ويمكن أن تحاول مجموعات منهم النزول إلى البحرين نزولا جماعيا للفت أنظار العالم بقضيتهم وجعل الحكومة البحرينية أمام الأمر الواقع, فقد مضى ما يقارب العامين على الوعود التي أعطيت لهم بالنزول إلى البلد دون وفاء. وقد عقد المبعدون في مدينة قم الإيرانية عدة جلسات وحوارات حول شؤونهم وحركتهم, وتم تشكيل لجنة لمتابعة قضيتهم, وغالبية المبعدين الآن يسكنون في قم وشيراز وطهران في إيران, والدانمارك والسويد في أوربا.

رسالة إلى حاكم البحرين:

ووجّه عدد من المبعدين والمهجرين البحرانيين في شهر مايو 2002 رسالة إلى حاكم البحرين حمد بن عيسى آل خلفية طالبوها فيها بالتدخل لإعادتهم إلى ديارهم وتمكينهم من المشاركة في مرحلة البناء والوفاق الوطني, وجاء فيها أنهم ابعدوا ظلما وزورا إلى إيران ودول أخرى قبل أكثر من عشرين عاما في عهد الحاكم السابق عيسى بن سلمان آل خليفة، على الرغم من أن آبائهم وأمهاتهم وعوائلهم يحملون الجنسية البحرينية أو ممن حصلوا عليها بعد الإصلاحات السياسية في البحرين في فبراير من سنة 2001 إثر توليه حكومة الإمارة خلفا لأبيه. واتهمت الرسالة المسئولين في وزارة الداخلية والهجرة والجوازات وخلافا لأوامر الحاكم للبحرين بإيجاد العراقيل والمماطلة في إرجاع ما تبقى من المبعدين والمهجرين, وجاء فيها ” على الرغم من الأوامر الملكية لكافة الأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية والهجرة والجوازات وسفارات البحرين في الخارج إلا انه ما زالت هناك أيدي تماطل وتعرقل تسريع البت في ملفات المهجرين والمبعدين”. وجاء في الرسالة أيضا: ” يبدو أن تلك الإرادة وتلك الخطوط وتلك الأجنحة داخل النظام، ليست راغبة في استمرار مسيرة ” الإصلاحات السياسية ” في البلاد وهي على الرغم من تظاهرها بتنفيذ ” الأوامر السامية للملك ” إلا أنها لم ترق إلى مستوى الشفافية حيث أنّ التعاطي العملي مع هذه القضايا لم يرق لحد المصداقية لمثل هذه التصريحات التي صدرت من وكيل وزارة الداخلية راشد بن خليفة آل خليفة على أن هناك تناقض وازدواجية في المقاييس المرتبطة ببعض القضايا ومنها موضوع التجنيس الذي لم يتم التعامل معه بصورة واضحة وواقعية”.

منظمات حقوق الإنسان:

وقام المبعدون بتوجيه نداء إلى منظمات حقوق الإنسان في العالم والمنظمات الحقوقية البحرانية وبمنظمة الأمم المتحدة ووسائل الإعلام العالمي والعربي والإسلامي أن يتعاطوا ويتعاطفوا مع قضية المبعدين والمهجرين في البحرين بصورة مشرفة لكي تقر عين عوائلهم في البحرين, كما ناشدوا القادة الدينيين والسياسيين البحرانيين خارج الوطن بالمساهمة الفعالة في إثارة ملف المبعدين والمهجرين في المحافل السياسية والإعلامية لكي تتمكن هذه العوائل المظلومة والمحرومة أن ترجع إلى وطنها, وذلك يمثل عنصرا في صدق “المشروع الإصلاحي ” وشعورا بنجاح النضال السياسي والديني والوطني البحريني. وأصدرت منظمة حق العودة البحرينية ومقرها الدنمارك عدة بيانات تتعلق بالمبعدين البحرينيين(ملحق8).

آخرون محرومون:

وبعض البحرينيين ممن يملك آباؤهم الجنسية البحرينية ممن غادر البحرين مدة طويلة ولم يستطع الرجوع إليها لا زالوا في الغربة يتجرعون آلامها ولم تسمح له السلطات بالرجوع, ذكر شخص قصته فقال أنّ أباه ” البحريني الجنسية ” عاش وترعرع في البحرين ثم خرج من البحرين قبل ثلاثين سنة, وكان مولد الابن المحروم من الجنسية خارج البحرين, ولم يجدد والده جواز سفره منذ ولادة محمد هذا ولم يراجع السفارة البحرينية من أجل حصول الابن على الجنسية البحرينية, ويقول محمد أنه لا توجد لديه أية مشكلة من الناحية السياسية قد يتذرع بها المسؤولون في البحرين لمنعه من دخول بلده, وبعد المعاناة والآلام أخبروه أنّ مسألته متوقفة على توقيع مدير الجوازات ولا زال حتى هذه اللحظة في منتصف سنة 2002 محروم من دخول البحرين ومن جنسيته, وقانونا يحق له امتلاك الجنسية البحرينية ولكنها لم تعطى له, ويقول أنّ ذلك بسبب عدم نفوذ القانون في البحرين وأنّ الأمر يتوقف فقط على الواسطة وأنّه لا واسطة عنده لدى السلطان. من التناقضات أنّ محمد هذا يعيش الآن في إحدى الدول التي يستورد منها بشر التجنيس وهي سوريا, وأنّ وضعه القانوني مضطرب فيها, أرسل إلى البحرين باستغاثاته ولم يحصل على نتيجة, وحاول عن طريق السفارة البحرينية في دمشق دون فائدة حيث أخبرته السفارة بضرورة نزول أبيه إلى البحرين, ويوجد من أمثال محمد هذا الآلاف من البحرينيين يعيشون على الساحل الجنوبي في إيران يمتلك بعض كبار السن منهم والأجداد الجواز البحريني ولا زالوا يحتفظون به منذ أكثر من نصف قرن دون أن يستطيعوا أن يزوروا البحرين. كما ويتواجد في منطقة خوزستان وهي منطقة عربية في جنوب شرق إيران آلاف الأشخاص البحرينيين الذين خرجوا من ديارهم طوعا أو في الأزمات وقد تقدمت خمسون عائلة منهم – ممن خرجوا قبل ثلاثين سنة فقط – إلى السلطات البحرينية لإرجاعهم إلى وطنهم ووطن أجدادهم ولم يحصلوا على أية نتيجة إيجابية, وهذه القصة لها شبيهاتها في الخليج ولكن دون التشابه في علاجها, فسلطنة عمان التي كانت تسيطر على أجزاء من أفريقيا في زمن مضى توالد فيها العمانيون وبقى بعضهم في أفريقيا حتى هذا الوقت ترحب بهم وتستقبلهم في عمان وتمنحهم الجنسية الآن لمجرد إثباتهم أنهم من أصول عمانية وأنّ أجدادهم كانوا عمانيين.

تناقض:

هذا التناقض الغريب بين حرمان المبعدين والمهجرين من دخول وطنهم وبين استيراد الغرباء والأجانب وتجنيسهم لا نجد له مبررا إطلاقا سوى المقياس الطائفي في كل صغيرة وكبيرة, فالحكومة البحرينية تمنح المجنسين وظائف مهمة وحساسة وتعلم أنهم يكلفون الدولة الملايين في مجال التعليم والصحة والإسكان وغيرها ويقومون بالتحايل فيه على الأنظمة في وزارات الدولة ويختلسون الأموال, وفي نفس الوقت هي تحرم البحرينيين من وطنهم وتمنعهم من دخول وطنهم وتوزعهم في المنافي, لم نسمع بمثل هذا حتى في زمن قرقوش. وليس في البلد قانون ولا فيه سلطة للشعب لتقرر أنّ أبناء البحرين المنفيين خير وأفضل من المرتزقة المستوردين, وأن المتعلمين الحضريين خير من الجهلة البدو, وأنّ الذين أبعدوا من ديارهم لمطالبتهم بالحرية والحياة الكريمة أفضل من المستوردين لإغراض خبيثة, وأنّ البحرينيين المظلومين المعذبين الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أنهم قالوا ربنا الله خير من الأجانب القتلة, وأنّ إرجاع البحرينيين وهم الذين لا يملكون أوراقا ولا جنسيات أخرى إلى بلدهم أحق من تجنيس الوافدين من بلدان أخرى وهم بالتأكيد يحملون جناسي دولهم.

هوامش الفصل الرابع

(1) – جريدة الشرق الأوسط, العدد 8417, تاريخ 14/12/2001

(2) – صحيفة الوطن الكويتية 22/6/2002

(3) – صحيفة القدس العربي 28/8/2002

(4) – ملتقى البحرين الالكتروني تاريخ 7/7/2002

(5) – جريدة الراية القطرية, تاريخ 15/7/2002

(6) – جريدة الشرق الأوسط, العدد 8637, تاريخ 22 /7 /2002

الفصل الخامس

القانون والتجنيس

قانون الجنسية

تنص كل دساتير العالم على مسألة التجنيس ويتضمن قانونها جزئيات اكتساب الجنسية وفقدانها, فالقانون المتفق عليه ينبغي أن يكون هو الفيصل بين أطراف الخلاف, وفي البحرين حيث اعترض الشعب واحتج بشدة على عملية التجنيس الذي تجري في الخفاء أكد أنه أنما يعترض على التجنيس غير القانوني وعلى استغلال قانون التجنيس وبالنظر إلى الهدف من التجنيس وما يتركه من آثار سلبية, فعملية التجنيس لا يريد بها الحكم في البحرين أن تكون من أجل تنمية ونهضة البلد وتصب في تطوره اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وأنما ربطها بالأجهزة الأمنية وأراد بها أن تكون سياسية لمحو الطائفة الكبرى في البلد, ولم يخضعها للمعايير القانونية والدستورية, ولم يسمع لكل الأصوات المعترضة والمحتجة على هذه العملية. ودستور دولة البحرين ينص على فقرتين تتعلقان بالجنسية وهما:

الأولى: الجنسية يحددها القانون، ولا يجوز إسقاطها عمن يتمتع بها بصفة أصلية إلا في حالتي الخيانة العظمى وازدواج الجنسية، وذلك بالشروط التي يحددها القانون(1).

الثانية: لا يجوز سحب الجنسية إلا بحدود القانون(2).

كما يتضمن قانون الجنسية لعام 1963 وهو المعمول به حاليا في البحرين إمكانية طلب الحصول على الجنسية البحرينية بعد عدة شروط منها:

1- اشتراط الإقامة في البحرين 15 سنة للعربي و25 سنة للأجنبي غير العربي.

2- أن يكون المتقدم كامل الأهلية ويجب أن يكون عمره 21 سنة فما فوق.

3- أن يكون المتقدم للحصول على الجنسية محمود السيرة والسلوك.

4- أن يجيد اللغة العربية.

وبعد استيفاء هذه الشروط فإنه يصدر الحاكم أمرا بإصدار الجنسية والذي يأتي إما بمرسوم قانون أو بقانون ويتطلب مصادقة المجلس الوطني عليه.

كما يجوّز القانون إعطاء الجنيسة لمن قدم خدمات جليلة للوطن وتفسر في الفقه القانوني بالخدمات المتميزة مثل تقديم علاج لمرض مستفحل في البلاد أو تقديم مرافعة في قضية وطنية كبيرة مثل قضية حوار وقد استغلت هذه المادة في جلب أعداد كبيرة من الأجانب وتجنيسهم لا ينطبق عليهم شيء من مضمون القانون, واعتبرت السلطة الارتزاق وتعذيب المواطنين ورميهم بالرصاص خدمات جليلة تقدم للوطن, كما جاء في مقابلة مع وكيل وزارة الداخلية لشؤون الهجرة والجوازات الذي قال أنّ من المتجنسين من قدم خدمات جليلة في أداء الخدمة العسكرية (3), وأي خدمات جليلة قدمها المرتزقة للوطن غير تعذيب المواطنين, وينقل عن المستشار القانوني في وزارة الإسكان أنّ طلبات الإسكان في حالة المتجنس تحت عنوان “تقديم خدمات جليلة للوطن ” يتم قبولها مباشرة, وقد أعطت الدولة المرتزقة بيوت الإسكان والخدمات الأخرى مباشرة.

ويتضمن القانون اعتبار كل شخص يولد في البحرين بحريني بالولادة, فهو لا يحتاج إلى تجنيس وإنما يحتاج إلى تطبيق القانون بإعطائه الجنسية, وهذا ما ينطبق على آلاف البحرينيين المحرومين من الجنسية حتى هذه اللحظة.

وحسب القانون فأن الجنسية تسحب في حالتين:

أ – ارتكاب جريمة تخل بالأمانة والشرف.>

ب – تقديم معلومات كاذبة للجهات الرسمية فيما يتعلق بالجنسية.

الغالبية العظمى من الذين جنسوا لا ينطبق عليهم قانون الجنسية ولا تتوفر فيهم الشروط, فكثير منهم لم يستوفوا شرط الإقامة التامة التي يشترطها القانون بل أنّ بعضهم لم ير البحرين وآخرون لم يمض على إقامتهم إلا بضع أسابيع أو شهور, وليس لهم أهلية للتجنيس, وكثير منهم يجهلون اللغة العربية. والمرتزقة الذين قمعوا وعذبوا الشعب يجب ألا يعطون الجنسية بأي حال من الأحوال لأنهم خونة للوطن والمواطن وليس لهم إلا الخروج من البلد تفاديا للحرب ضدهم الذي هم بدأوها, وكثير من المجنسين قد منح الجنسية قبل مجيئه إلى البحرين ولا تربطه بها أية روابط أو علاقة وليس بينهم وبين المواطنين علاقات عائلية أو مصالح تجارية أو لهم ظروف اضطرارية, ويلزم ألا تخضع الجنسية لنظام الواسطات و”المكرمات” ولا تكون ورقة من أوراق الضغط السياسي, ولا يكون أحد فوق القانون يجنس من يشاء ويحرم من يشاء لا الأمير ولا الوزير ولا الوكيل ولا غيرهم وإنما تخضع الطلبات لشروط القانون ما وافقه أعطي وما لم يوافقه رفض, ولكن الواقع كما ذكر وكيل الهجرة والجوازات من “أنّ باب التجنيس متروك للدولة وهي صاحبة الحق فيه فهي التي تقرر من يستحق الجنسية” (4) ومن لا يستحق. وكان يجب أن تلحظ ظروف البحرين قبل كل شيء التي تعاني من مشاكل وأزمات كثيرة تجعل من إمكانية تجنيس الأجانب شبه معدومة. ولكن السلطات في البحرين اخترقت دستور البلد وقوانينها بشكل روتيني لتجنسهم قسرا على حساب الشعب ومضاعفة أعدادهم على حساب تركيبته السكانية, ولم تسقط جنسياتهم الأصلية وهذه مخالفة أخرى للقانون والدستور, وقامت بتغيير المادة الدستورية المانعة لازدواج الجنسية للخليجيين بطريقة استبدادية. وجعلوها فوضى تصب في هدفهم المحدد لا تستند على قانون أو مقياس يعرف بتطبيقه سبب تجنيس هذا ومنع ذاك, وأعطيت لأشخاص قد تركوا العمل في البحرين ورجعوا إلى أوطانهم ليخبرهم أصدقائهم أنّ أسمائهم ظهرت في قوائم المتجنسين ليحضروا ويحصلوا عليها, ومنع آخرون ممن قضوا أعمارهم في البلد وتزوج أبنائهم وبناتهم المولودين في البحرين ببحرينيين وبحرينيات. ينقل المواطنون البحرانيون أن الموظفين الذين شاركوا التعداد السكاني والإحصاء في عام 2001 أبدوا اندهاشهم وانزعاجهم من الأعداد الهائلة لعدد المجنسين والذي تخفي السلطات أعدادهم الحقيقية ومواصفاتهم.

وذكرت جريدة الشرق الأوسط التي تصدر في لندن أنّها تحدثت عن أحد اليمنيين يعيش بالسعودية منذ 25 عاما فقال أنه سمع قبل أيام برغبة الحكومة البحرينية في فتح باب التقديم للحصول على الجنسية، وتقدم شخصيا وحصل على رقم معاملة يراجع به الجهات ذات الاختصاص بعد فترة لمتابعة القرار بشأن الطلب, كما ذكر مواطنون أن أحد التجار اليمانيين كان يعمل في السعودية لمدة تزيد عن عشرين سنة دون أن يحصل على جنسيتها وحينما قدم طلبا لدوائر البحرين للحصول على جنسيتها جاءته طائعة وخلال خمس وأربعين يوما فقط, حصل ذلك في عام سمي في البحرين بعام الشفافية و”الميثاق”, وباكستاني جاء إلى البحرين وحصل على الجنسية بعد ستة أشهر فقط وجميع زملائه العمال والموظفين البحرينيين يعرفون ذلك. وآخر مصري يعمل في شركة وبعد ست سنوات إقامة في البحرين أعطيت له الجنسية وزوجته وابنه وحماته أم زوجته ثم وعدوا ببيت في مدينة زايد, ورابع بنغالي عامل بناء منحت له الجنسية فأصبح بعدها مقاول بناء, كما تم توزيع الجنسية على من ترتضيه الحكومة وتأمل في أن يكون عونا لها على الشعب كبعض الدكاترة والصحفيين والموظفين, وهكذا يوضع القانون تحت الأقدام بدل أن يكون مقدسا.

وتحت هذا الخروج الفاضح على القانون وضمن استراتيجية النظام بالتغيير الديموغرافي تم شراء الجنسيات عن طريق بعض المتنفذين في النظام وبعض موظفي إدارة الهجرة والجوازات, وذكرت مصادر بحرينية أنه تم استغلال القانون عن طريق الآسيويين الذين تزوجوا من بحرينيات لأجل الحصول على الجنسية البحرينية في مناطق أبناء السنة ومن الطبيعي أن تكون نسبة الطلاق مرتفعة في هذه الزيجات وقد عرضت المشكلة ـ التي لا يعلم حجمها تحديدا ـ على مجلس الشورى الحكومي المعين في فترة التسعينات ولكنه تجاهلها.

وكان الواجب على السلطة وهي تدعي الإصلاح وتسعى لكسب الشرعية من المواطنين في هذه الفترة الانتقالية أن توقف مشروع التجنيس لغير البحرينيين وتبطل قراراتها الهادمة لثقة الشعب وتؤجل مراسيمها وقراراتها إلى مجلس منتخب حر مستقل عن الحكومة أو أن تطرح القضية للاستفتاء الشعبي وتستشير الجمعيات السياسية وتأخذ رأيها, أو تأخذ اقتراح بعض الرموز والقوى الشعبية بتشكيل لجنة أو مرجعية صالحة ومحايدة تأخذ على عاتقها مسؤولية ملف التجنيس يتشكل أعضاءها من محامين وعلماء ومجموعة خبراء محليين أو لجنة منتخبة مع وضع رقابة صارمة على عمليات التجنيس.

سحب الجنسية:

الجنسية أو المواطنة هي إحدى أهم الحقوق الأصلية للمواطن في بلده أينما كانت وليس من حق الحكومات إلغاء المواطنة أو سحب الجنسية مهما كانت الأسباب مع استثناء وحيد، وهو الخيانة العظمي وعلي أن يدان الشخص بهذه الجريمة من قبل محاكم مستقلة ووفقا للدساتير المتبعة. ومن الغريب أن مسألة سحب الجنسية وإلغاء المواطنة انقرضت كممارسة في مختلف أنحاء العالم باستثناء البحرين وبعض الدول العربية وحكوماتها التي تعتبر نفسها هي الوطن وهي المواطن، تمنح الجنسية لمن تشاء وتسحبها لمن تشاء حتى لو كان سبب السحب خلافا سياسيا أو معارضة مشروعة.

ولا يرى الحكم في البحرين أن المواطنة حق مقدس لا يجوز التلاعب به واستغلاله كوسيلة ضغط, فهو لا يحترم مواطنيه وحقوقهم الأساسية, ولا أعلم لماذا يدّعي النظام أنه يسير للوصول إلى منطقة الديمقراطيات العريقة في العالم وأنه نظام يحترم القانون وهو الذي يسحب جنسيات مواطنيه بأي تهمة, والقانون لا يفرق بين مواطنة عموم المواطن والحاكم في الشدة والقوة, فكيف يمكن الوثوق في سلطة تسقط جنسيات مواطنيها كعقاب لنشاطاتهم السلمية كما هي حالة الدكتور منصور الجمري عضو حركة أحرار البحرين بعد ظهوره في برنامج تلفزيوني منتقدا الحكومة عام 1996, وحالة محمد عبد الجليل المرباطي ممثل اتحاد عمال البحرين لدى الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب في سوريا عام 1997(5), ولا زالت السلطات في البحرين تسحب الجنسية من رعاياها بتهمة حصولهم على جنسيات أخرى, دون إعطائهم فرصة للتحاكم أمام القضاء, كما حصل للسيد الصباغ, في الوقت الذي تستورد من لديهم جنسيات أخرى وتمنحهم الجنسية البحرينية, بل وتمنح قبيلة الدواسر الجنسية مع احتفاظهم بالجنسية السعودية, ودون أن يروا البحرين أصلا. ولا أظن أن السلطات تجهل قانون العقوبات، وأن أي جريمة فرضا تقابلها عقوبة معينة، ففي حين يكون للسارق عقوبة ليست سحب الجنسية، كذلك للجرائم الأخرى وليس بين العقوبات سحب جنسية المواطنين التي هي حق مقدس أو نفيهم خارج الوطن إن كانوا ارتكبوا جريمة في عرف الحكم, وتوجد عينات خلاف ادّعاء وكيل وزارة الداخلية لشؤون الهجرة والجوازات في البحرين أنّ جميع المواطنين الذين كانوا مقيمين في الخارج وأسقطت عنهم الجنسية تم رد الجنسية لهم في الحال بناء على” أمر ملكي سامي”!!!(6), ويجب أن تسحب الجنسية من المجنسين الذين حصلوا عليها خارج الإطار القانوني لأن إعطائهم الجنسية باطل أساسا.

مناقضة التجنيس للإصلاح

الإصلاح السياسي يتضمن قضيتين رئيسيتين أولهما إصلاح الفاسد من القوانين وتغييره إلى الأفضل وثانيتهما إزالة المسئولين الفاسدين من النظام وإحلال الأكفأ والأصلح والأخلص وإلا لا يسمى بالإصلاح إلا استهلاكا, وفي البحرين تم تغيير القوانين إلى الأسوأ, وتم ما سمته المعارضة بالانقلاب على الدستور وفرض دستور جديد يفتقر للتأييد الشعبي بعد التنصل عن التعهدات والوعود التي قطعت للشعب باحترامه, وعوض البرلمان تم فرض مجلس يتساوى فيه عدد الأعضاء المنتخبين والذين يشكلون المجلس النيابي مع عدد الأعضاء المعينين تعيينا كاملا والذين يشكلون المجلس الاستشاري أو مجلس الأعيان الذي أعطي صلاحيات تشريعية في سابقة هي الأولى من نوعها في العالم، وبذلك تساوت الصلاحيات بين المجلسين المعين والمنتخب، وتتفوق أصوات المعين بسبب صوتي رئيس مجلسه الذي هو نفسه رئيس المجلسين, وكان الحكم قد تعهد بعدم إعطاء مجلس الشورى المعيّن أية صلاحيات تشريعية وحصر تلك الصلاحيات بالمجلس المنتخب ثم نكث بوعوده, وهذا أدى إلى استحالة أي تطور أو تغيير داخل المجلس مغاير لإرادة السلطة وأصبح الدخول فيه ليس إلا سخرية واستهبالا. أما رجال الدولة الفاسدين فلا زالوا في مراكزهم والعناصر المجرمة التي مارست القمع والتعذيب بحق المواطنين يتمتعون بحصانة النظام واحتضانه, ولا زالوا يمارسون أدوارهم تحت عناوين مختلفة وقد استبدلت مواقعهم ونقلوا إلى مواقع أمامية في أجهزة السلطة رغم المطالبات الشعبية والدولية بالتخلص منهم, وتم التعامل مع مظاهرات رجم السفارة الأمريكية بشراسة العدو وحبه للانتقام وأطلقت قوات النظام المرتزقة المؤلفة من جنود أجانب وضباط أمن غربيين النيران بكثافة على المواطنين البحرينيين المحتجين على سياسة القمع الإسرائيلية, وتعرض الأطباء للقمع حين احتجاجهم على هذه القوات, وانتهج جهاز الأمن والمخابرات سياسة جديدة للتعذيب تتخلص في اختطاف المواطن وتعذيبه ثم إخراجه ورميه في الشارع كما حصل للمواطن جاسم سلمان من منطقة سلماباد, أو ضربه ضربا مبرحا في الشارع وتركه مغميا عليه كما حصل للناشط الحقوقي الأستاذ عبد الهادي الخواجة.

أول خيبة أمل وانتباهة فضحت الإصلاح المزعوم واعتبرت الرسالة الأولى للشعب بعدم وجود إصلاحات حقيقية جاءت على أثر التعديل الوزاري الأول سنة2001 الذي كان بسيطا وشكليا وكرس منهج الطائفية في البلاد الذي وعد الشعب بتجاوزها, ولقد بقى غالب الوزراء في الوزارة حتى الذين كانوا سببا مباشرا في عهد القمع الأسود وأبرزهم وزير الداخلية محمد بن خليفة آل خليفة, وأضيف لهم آخرين يعتبرهم الشعب أعدائه كوزير الأعلام نبيل الحمر صاحب التاريخ السيئ وملف السباب والشتائم ضد الشعب والذي لا زال يقوم بتخوين الشعب ورموزه.

التجنيس استمر بوتيرة متصاعدة وتدفق الآلاف من الأجانب والمرتزقة لأخذ الجنسية البحرينية ولقد ازدادت أعداد المجنسين الأجانب والبدو الذين لا ينتمون لتراب الوطن في عهد اقترن في إعلام الدولة بـ”الشفافية والميثاق” بنسبة تفوق عمليات التجنيس قبله كإثبات على الاستمرار في سياسة تغيير التركيبة السكانية بشدة وعدم تأثرها بحالة البلد في عهد سمي بالإصلاح, وكتأكيد على عدم ثقة النظام في الشعب واستنجاده بالمرتزقة لحمايته منهم, وكرسالة بأنّ سياسة التهميش والطائفية مستمرة ولن تتوقف بل وستتضاعف, وتساءل المواطنون أي إصلاح هذا والحكم يستورد آلاف المجنسين ويوظفهم مع توفير أفضل الرواتب والبيوت لهم وجميع أسباب الراحة والحياة الكريمة بينما الآلاف من العاطلين من أبناء بلده يجوبون الشوارع بحثاً عن عمل ! أو يقفون طوابير في وزارة الإسكان انتظارا للحصول على قرض بناء أو قطعة أرض. وامتنعت السلطة من السماع لأي صوت يخالفها فرغم الاحتجاجات الواسعة لسياسة التجنيس وتجنيس الخليجيين لم تتوقف حتى هذه اللحظة عن هذه السياسة وعن التوسع فيما أًطلق عليه بإزدواج الجنسية بطريقة استبدادية. ولا زالت قضية المحرومين من الجنسية تنتظر الحل الكامل ويشك المواطنون في إنهائها تماما, وأكثر من 90 عائلة من المبعدين لا زالت تنتظر الفرج برجوعها إلى أهاليها.

وتم تكريس أسلوب للتعامل بين الحاكم والمواطنين على أساس نظام المكرمات والهبات بدل المسؤوليات والحقوق فيعتبر منح المواطنين حقهم في الجنسية “مكرمة” ولا يعتبر ذلك حين إعطاء المرتزقة الأجانب. وفي حقبة سميت بالإصلاح تم الاستمرار في سياسة التمييز الطائفي وتكريسه بشكل واضح وجلي والإصرار على إظهار الشيعة كأقلية ضئيلة حتى في المجالس الحكومية واللجان الفرعية, وكان أبشع مظهر للفرز الطائفي ما حصل في توزيع الدوائر الانتخابية لانتخابات المجالس البلدية ثم النيابية, وهو مظهر واضح من مظاهر التمييز العنصري ويشكل إدانة موثقة للنظام.

وسياسة الكذب الذي يسلكها النظام لم تتغير أيضا بصغائرها وكبائرها ولا زالت كلمة بيت في البطاقة السكانية تبدل إلى فيلا تعمدا وقسرا بينما قد يكون هذا البيت الذي يسكنه المواطن من صفيح أو كوخ, ولا زالت أرقام المجنسين الأجانب تخالف الواقع ولا تنطبق عليه, إلى غير ذلك مما لا يحصى ولا يعد.

ولا زال الحكم يعتمد سياسة تمزيق الوحدة الوطنية بأسلوب الاحتواء والتمييز والمحاباة والمحسوبية والطائفية، وانتهاج سياسة الترهيب والترغيب مستغلا إمكانات الدولة لخدمة أغراضه السياسية وفرض ما يناسب مشروعه لإضعاف معارضيه, وهذا يعني عدم رغبة السلطة في الإصلاح الحقيقي والبقاء على طريقة الحكم الحالية وعدم ثقتها في الإرادة الشعبية الجديدة التي تخلت عن آلامها وديات شهدائها وضحاياها من السجناء والمعتقلين والمبعدين في سبيل علاقة أفضل وأجدى نفعا للبلد.

وأما البطالة فهي في ازدياد مستمر يقابلها استمرار في توظيف العمالة الأجنبية بدون مراعاة لوضع المواطنين العاطلين عن العمل وتردي الأوضاع المعيشية للعوائل البحرينية, واستمر النظام برفض أي حوار حقيقي حول القضايا المصيرية مع الشعب أو رموزه وجمعياته أو مشاركة رمزية في اتخاذ القرار وتم تجاوز القانون وانتهاكه بشكل روتيني والابتعاد عن شعار دولة القانون والمؤسسات ولا زالت القرارات والمراسيم تتوالى بطريقة استبدادية, وتستمر الامتيازات الخاصة على أبناء عائلة آل خليفة والعوائل المتحالفة معها والمساواة لا زالت شعارا فارغا, ولا زال الخصم هو الحكم والقضاء سلطوي, أما الشفافية التي يتم التشدق بها في وسائل الإعلام ليست إلا مادة للاستهلاك المحلي والدولي وهي غائبة عن كل القضايا المطروحة هنا. وغاب الإصلاح عن السلطة القضائية والدوائر الاقتصادية ولا زال الفساد الإداري والأخلاقي بلا رقيب.

سيذكر التاريخ أنّ الشعب قد أوفى بعهده ومد يده لمشروع ظنّ أنه للإصلاح حقيقة وتناسى الظلم والتعذيب وسياط الجلادين وهتك الحرمات والأعراض والعهد مكتوب والحدث موثق وقد كانت فرصة النظام للشرعية المفقودة قد لا تتكرر ثانية ولا ُيصدق أبدا, حينها لا ينفع الندم ولا المرتزقة الأجانب خاصة مع تقلبات الأوضاع في المنطقة التي قد تؤدي إلى خارطة جديدة وغريبة عما قبلها.

الطائفية في التجنيس

النظام في البحرين هو المثال الأبرز للأنظمة الطائفية من بين دول العالم قاطبة ولا نعلم نظاما أكثر طائفية منه فأينما نظرت في البلد تجد المعايير الطائفية أمامك بارزة والتمييز الطائفي متبرج, ومنذ دخول آل خليفة أرض البحرين دخلت معهم سلبيات القبيلة والغزو وحاولوا منذ ذلك التاريخ القضاء على الشيعة ما أمكن وتشكيل البلد ديموغرافيا لصالح الطائفة التي ينتمون إليها وتقليل من نسبة السكان الأصليين الذي يتكونون من غالبية شيعية ساحقة.وحاولوا بأقصى ما أمكنهم تهميش الشيعة وإلغاء أي دور قيادي لهم، وتم حصر الوظائف القيادية والتنفيذية في الدولة على أبناء السنة وإعطاء الأولوية لهم في جميع مؤسسات الدولة المختلفة على حساب الشيعة وهكذا في الوظائف المتوسطة والصغيرة, ولا يعرف آل خليفة بالتدين عبر التاريخ ولم يكونوا من حملة الدين أو الداعين إليه أو المتمسكين به وهم لا يدّعون ذلك وطريقة حكم البلد والممارسات العملية فيها شاهدة على ذلك وهم الذين يرغبون في تحويل البلد تحت مسمى السياحة إلى وكر دعارة ليأتي فسقة الأرض من كل مكان وصوب إليه, ولا يظهرون من سمات التدين إلا في ما تصوره كاميرة التلفزيون في صلاة العيد كأسلوب استهلاكي في المنطقة العربية, ولكنهم يجدون أنفسهم ملزمين بالتعامل مع الدين كواقع يومي يحرك فئات الشعب والمنطقة المحيطة بهم, ومن جهة أخرى حاجتهم لاستغلال الخلافات المذهبية لخلق خلافات دينية وسياسية ومحاولة تفتيت الصف الوطني لتكون النتيجة سيطرتهم تماما على الفئات والتي تنشغل فيما بينها, فهم يشعرون دائما أنّ الوحدة بين الطائفتين في البلد, السنة والشيعة, مصدر تهديد لحكمهم المطلق, ويحاربون كل اتجاه يشعرون منه بمعارضة أو مقاومة وهذا ما يجعلهم دائمي الظلم والتركيز على أبناء الشيعة واستمالة أبناء السنة وتخويفهم من الشيعة, وهذا هو ديدنهم منذ أن وطئت أقدامهم جزر البحرين, وأحداث الخمسينات الموثقة أحد شواهد ذلك(7) واستغل البعض حكم آل خليفة الطائفي لتكريس الامتيازات الطائفية لصالحهم, ومن المؤسف أنّ غالبية أبناء السنة لا يعلمون مقدار الظلم والضيم الواقع عليهم, وأنّ ما يصلهم من النظام ما هو إلا الفتات, وأنّ حقوق كل الشعب مغتصبة, إنّ الذي ينبغي أن نعلمه جميعا هو أنّ رفض الطائفية ومنه هذا التجنيس ذو المقاييس الطائفية هو واجب وطني عام, وأساسا فأن عموم الشعب البحريني ينبذ الطائفية ويعيش التسامح والأخوة والعلاقة ولم تشهد العلاقات بينهما أية مصادمات قوية لولا التغذية المستمرة من النظام في سبيل إذكاءها في أوساط بعض المسلمين السنة حلفاء النظام, فالاضطرابات الطائفية في الخمسينات قد تورط فيها أفراد من آل خليفة(8), وطالب الناس في المظاهرة والاجتماع بإقالة خليفة بن سلمان آل خليفة المدير العام للشرطة آنذاك(9).

وإلى هذا اليوم تمنع السلطة اجتماعا أو لقاء معها يمثله أفرادا من الطائفتين وتشترط أن يكون اجتماعين منفردين لكل طائفة لوحدها. والسلطة مارست وتمارس الطائفية البغضية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا, وتبدأ بها في المناصب العليا في الوزارات والدوائر الحكومة والوظائف في الأجهزة الأمنية والإدارات والشركات والبنوك حيث يقدم أفراد آل خليفة ثم أبناء السنة دون الشيعة, وتحرم على أبناء الشيعة العمل في الوزارات المهمة كالدفاع والداخلية والأعلام والمناصب ذات المهمة في كل إدارات الدولة ومؤسساتها.

ويصر المسئولون في جامعة البحرين على إتباع سياسة طائفية في التوظيف, وأما الصحافة الرسمية فإنّ الأيدي الطائفية تتلاعب بها وتخرجها من وظيفتها الحقيقية إلى تمزيق الوحدة الوطنية وتفتيت قوى الشعب, ولا يسمح للأقلام الحرة ودعاة الوحدة بالكتابة أو الرد إلا قليلا لئلا يقال بالسلب المطلق, ونحن نعلم بأن البلد ليست بها حرية صحافة بل أنّها تتلقى أوامرها من وزارة الأعلام التي يرأسها نبيل الحمر والذي أوصلته طائفيته إلى هذا المنصب وتسلق على السب والشتائم, وانقلبت المفاهيم لديها فصار كل من ينتقد الطائفية هو طائفي لا كل من يمارسها ويصدر القوانين على أساسها, ومحرم علينا أن نقول إنّ الطائفية هي المعيار في التوظيف وهي الأساس في التجنيس مع وضوحهما والدليل عليهما, وهل يوصف توزيع الدوائر الانتخابية لسنة2002 بغير الطائفي وهل هو مصداق لغير التمييز العنصري.

وحين أبدت السلطات اهتماما كبيرا بمسألة التجنيس وفتح المواطنة البحرينية جعلت مقاييسها وضوابطها طائفية بحتة ضمن خطة كاملة لتغيير التركيبة السكانية, حينها تم فتح التجنيس لعشرات الآلاف من أبناء السنة اليمنيين في السعودية والسعوديين والسوريين والأردنيين والباكستانيين وغيرهم في حين لا زالت الدوائر البحرينية تقوم بالمماطلة والعرقلة لعودة المئات من المواطنين المبعدين الشيعة في الخارج وخاصة تلك الفئة التي أسقطت جنسياتهم بفعل سياسة القمع القديمة وأبعدوا إلى إيران, ولا زال كثيرون من البحرينيين الشيعة ذوي الأصول الإيرانية أو ما يصطلح عليهم “بدون” أو ” عديمي الجنسية” محرومون من حق الجنسية لأنهم شيعة بعد أن أعطيت الجنسية البحرينية لإخوانهم من أبناء السنة من نفس الأصول لأنهم سنة, إنّ الطائفية في التجنيس هي التي حرمت الفلسطيني محمد شكري الجماصي أستاذ الرياضيات من الجنسية البحرينية بعد أكثر من 28 سنة خدمة في البحرين بعد أن أعطيت الجنسية البحرينية لكل الفلسطينيين المقيمين على أرضها أو الذين جاؤا من الأردن إليها, إنّ حرمانه يستند إلى تشيعه فقط.وكيف يمكن التصديق بوجود نية للإصلاح حينما تنسب مصادر بحرينية عن الحاكم والحكم مقولة مفادها أنّ مسألة التجنيس غير قابلة للنقاش أو التراجع ومبدين تخوفهم من تزايد أبناء القرى الشيعية, إنّ من يدّعي الإصلاح يجب أن يمحو الفساد المتمثل في التمييز على أسس طائفية وتفتيت القوى الوطنية.

ويتكرر مصطلح الأسرة الواحدة على لسان الحكام في البحرين دون مضمونه, لأنّ مفهوم الأسرة الواحدة يعني إزالة الفوارق بين أبنائها وأشكال التمييز الطائفي ومحاربته وذلك بإصدار قوانين تحرم وتجرم الممارسين للتمييز الطائفي وتعاقب الذين يعتبرونه معيارهم في العمل والوظيفة في أي وزارة وشركة, ولكن النظام كرّس الطائفية وركزها ونتيجة للطائفية المتعمقة في أذهان العاملين في الأجهزة الأمنية صار الجلاد فليفل يتبجح في استراليا بأنه أنما قمع الشيعة “الإرهابيين” حسب وصفه ولم يحس بأدنى استهجان للغته وألفاضه في مجتمع متعدد وحر ونظامه مختلف عن النظام في البحرين ولا يعلم أنه وقع في مطب آخر تقام عليه الدعاوى والمقاضاة في الدول الحرة وهذا ما لم يتعود عليه في نظامه الطائفي الذي جعلها أهم مقاييس الوظيفة وترقيها, وبمجرد الشبهات على أنّك شيعي تحرم من الحقوق والوظيفة أو التعامل الحسن والمساواة, فهذا شخص يسمى خالد المعاودة أحد المعذبين في جهاز أمن الدولة في عهد القمع الأسود نقل في فترة سميت بالإصلاح إلى دائرة الهجرة والجوازات ويبدو أنّ وظيفته فيها التضييق على الشيعة فهو ينظر إلى قوائم العمال الأجانب وينتقي منها ما يشك في أنها أسماء شيعية فيمنعهم من المجيء إلى البحرين بعدم إصدار تأشيرات دخول, وهذا موظف في سفارة حكومة البحرين في باكستان يمنع الأسماء الشيعية من تمرير أوراقها لأنها أسماء شيعية, وهنا الوزارات المهمة تمنع الشيعة من وظائفها, فأي مغفل سوف يصدق أنّ الأسرة واحدة والتمييز مرتفع والإصلاح موجود.

هوامش الفصل الخامس

(1) – دستور دولة البحرين, 1973, مادة17 أ

(2) – دستور دولة البحرين, 1973, مادة17 ب

(3) – جريدة الوطن الكويتية, تاريخ 8/7/2001

(4) – جريدة أخبار الخليج البحرينية الحكومية, تاريخ 18/7/2002

(5) – كتاب نفي المواطن البحريني, عبد السلام ربيعة, دار الوطن للطباعة والتسويق, بيروت, لبنان.

(6) – جريدة الأيام البحرينية الحكومية, العدد 4798 تاريخ 23/4/2002

(7) – البحرين قراءة في الوثائق البريطانية, ص158, دار الكنوز العربية, الدكتور سعيد الشهابي

(8) – البحرين قراءة في الوثائق البريطانية, ص158, ص 173 دار الكنوز العربية, الدكتور سعيد الشهابي

(9) – البحرين قراءة في الوثائق البريطانية, ص167دار الكنوز العربية, الدكتور سعيد الشهابي

الفصل السادس

الاحتجاجات على

التجنيس

كل الشعب ضد التجنيس

كل شعب البحرين عارض التجنيس غير القانوني الذي تقوم به الحكومة في الخفاء وتنفيه كذبا علنا, ولم أستطع أن أحصل للحكومة على مؤيد واحد صريح يوافقها خاصة في تجنيس المرتزقة, وحتى كتاب الصحافة الرسمية الذين يأتمرون بأمرها ويقبضون رواتبها لم يصرحوا بذلك ما عدا مقال أو مقالين غير واضحين لا يمكن الاعتماد عليهما ويمكن أن يهملا مقابل الكم الهائل من موجة الاعتراض والاحتجاج التي عمت الشارع البحريني رفضا للتجنيس غير الشرعي وغير القانوني, واستند الشعب في رفض التجنيس على عدم قانونيته ولتأثيره على التركيبة السكانية والخشية على هوية وثقافة الوطن وتقاليده وعاداته الأصيلة ومكتسباته العريقة, وكان على الشعب أن يجبر الحكومة لوقف التجنيس وسحب جنسيات ممن حصلوا عليها بطرق غير قانونية والاعتراض بشدة على عملية الغدر والابتزاز التجنيسي التي لها أبعاد كثيرة لا طاقة للبحرين تحملها مستقبلا. الأسابيع التي سبقت يوم التصويت على “الميثاق” كانت الزمن الأمثل للضغط على الحكم لإيقاف عمليات التجنيس المتواصلة, ولإرجاع المجنسين غير القانونيين إلى ديارهم, وأظن أنّ المعارضة كانت مشغولة في قضية السجناء والمبعدين والتهويلات الحكومية لعملية إصلاح وتصويت على ميثاق, وكانت قد ركزت على مطالب رئيسية وضعتها سابقا مثل إطلاق سراح المعتقلين وعودة المبعدين وتفعيل الدستور المعطل منذ سنة 1975 وعودة الحياة النيابية وتحقيق الديمقراطية وإسقاط قانون أمن الدولة إلى غيرها من المطالب الشعبية فلم تطرح موضوع التجنيس بقوة ضاغطة على الحكم.

الاحتجاجات على التجنيس

يقوم البحرينيون باحتجاجات مختلفة على التجنيس وبكل الطرق الممكنة مطالبين بالوقف الفوري لعمليات التجنيس وخاصة لأفراد المرتزقة العاملين في وزارتي الدفاع والداخلية, ويشعر المواطنون دائما بالقلق والتوجس من نوايا الحكومة وأهدافها التي تسعى لها من خلال هذه العملية، ويعتبرون ذلك استمرارا للنضال, وكانت بعض أطراف المعارضة قد صمتت عن بعض الملفات المهمة كالتجنيس والتعذيب والمعذبين وغيرهما أملا في أن تكون السلطة صادقة في عملية الإصلاح وأظن أن من الخطأ تأجيل الملفات إذا كان الحكم لا يعي.

وقد عبرت مختلف الاتجاهات الشعبية عن رفضها للإجراء الحكومي المتعنت والممتنع عن الاستجابة لأي موقف منادي بضرورة الحفاظ على سلامة التركيب الديموغرافي للبلاد وموازينه الاجتماعية, ويفترض أن يكون الحوار هو الوسيلة الأفضل لطرح قضية التجنيس ولكن السلطات أغلقت باب الحوار تماما في موضوعه, وأخفت كل المعلومات والإحصائيات حول المجنسين وأعدادهم الحقيقية وجنسياتهم الأصلية, وإنما اضطرت لمقابلة مع موظف حكومي فرعي وهو مسئول الهجرة والجوازات لإعطاء أرقام مزيفة تستخف بالمواطن بعد الندوة التي أقيمت حول التجنيس, ومطالبة المعارض البحريني الأستاذ عبد الوهاب حسين الذي سيحفظ له التاريخ مواقفه المبدئية من القضايا المصيرية في ندوة بمنطقة (كرباباد) بفتح ملف التجنيس والتعذيب, ولا زالت السلطة تدير ظهرها عن هذه المشكلة, وقال مواطنون بحرينيون أنّ الحاكم منع الحديث معه عن التجنيس. وقام البحرينيون باستغلال كل منبر لإيصال صوتهم برفض التجنيس بمظاهرات ومسيرات سلمية, وبالكتابة في الصحف والمنتديات, وبالكتابة على الجدران, وبطرحها في الندوات في المآتم والمساجد والنوادي, كان يفترض لنظام يدّعي الإصلاح أن يأخذ بها ويعتبرها استفتاءً ضد التجنيس, وعلى كل حال فأنّ الوقت الأمثل للضغط على السلطة للتراجع عن سياساتها الخاطئة كان في الفترة التي سبقت الميثاق وكان ينبغي على القوى السياسية والوطنية عدم التصويت عليه إلا بشروط أحدها إلزام السلطة بحل جذري لمسألة التجنيس. ونستعرض هنا أهم الاحتجاجات التي حصلت على تجنيس الأجانب والمرتزقة:

مواكب العزاء والشعر:

قام البحرينيون بطرح موضوع التجنيس في مواكب العزاء وتحدث بها خطباء المنابر وطالبوا بوقف التجنيس, وتعتبر مجالس العزاء ومواكبه في البحرين من العناصر المهمة في صناعة الرأي العام في الجزيرة, وبعض المناطق المحيطة بها. كما أنشد عدد من الشعراء قصائد تنتقذ التجنيس وتسخر منه(ملحق9).

الكتابة على الجدران:

غطت شعارات كثيرة تعارض التجنيس جدران بيوت المناطق السكنية, وتستخدم هذه الوسيلة في الغالب في البلدان التي تفتقد حرية الكتابة في الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى ومثالها واضح هنا. وكانت هذه الوسيلة مزدهرة خلال الانتفاضة الشعبية في التسعينات, ولمنعهم من الكتابة على الجدران فقد حدثت مواجهات كثيرة بين شباب الوطن وقوات الشرطة الأجنبية المرتزقة, وكان المرتزقة يطلون الجدران بالنهار ويملأها الشبان بالشعارات المطالبة بالحقوق الشعبية وإطلاق الحريات بالليل.

 الندوات:

أقيمت عدة ندوات حول مسألة التجنيس بيّن فيها المشاركون جميعهم دون استثناء انزعاجهم من الطريقة التي تتم بها عمليات التجنيس, وسلبياته، وناقشوا الملفات المتعلقة به، أبرز هذه الندوات تلك التي أقيمت بتاريخ 17/10/2001 في منطقة السهلة الجنوبية، وبسبب هذه الندوات نطقت السلطة بالأرقام الكاذبة حول التجنيس وما كانت لتنطق حتى بها.

الجمعيات السياسية:

ينتقد أعضاء جمعية الوفاق الوطني الإسلامية ومؤيدوها باستمرار عمليات التجنيس التي تقوم به السلطات وأصدرت الجمعية في 27/4/2002 بيانا أشارت فيه إلى ازدواجية في المقاييس لدى السلطة في بعض القضايا ومنها التجنيس، وأنّ السلطات لم تتعامل معه بصورة واضحة وواقعية وأكدت على سيادة القانون في مسألة التجنيس وطالبت بالشفافية الكافية ووضع المقاييس الثابتة لمعالجة هذه القضية الوطنية الحساسة.

كما أصدرت جمعية العمل الوطني الديمقراطي بيانا حول مراسيم الانتخابات الأربعة في 1/7/2002 أشارت في إحدى فقراته إلى مسألة التجنيس وضرورة إخضاعها للشروط التي يحددها قانون الجنسية, وذكرت أن هذا الموقف انطلاقا من حرصها على الوحدة الوطنية وتماسك النسيج الاجتماعي ومع الأخذ بالاعتبار قدرة الدولة على تقديم الخدمات التعليمية والصحية وغيرها، والتي تتحكم فيها الموارد المحدودة للبلاد.

الصحافة والتلفزيون:

على الرغم أنّ الصحافة رسمية في البحرين إلا أنّ بعض مواضيعها النادرة تفلت من الرقابة أو أنّ وضعها متعمد للإشارة إلى وجود حرية وهمية فيها, وتطرح بشكل متقلب مسألة التجنيس وتنتقدها. ويستغل بعض المواطنين بعض البرامج التلفزيونية المحلية التي تبث مباشرة لتوجيه النقد لمسألة التجنيس, وشارك المواطنون بمداخلات كثيرة ضد التجنيس في برامج عرضت على (قناة الجزيرة) و(قناة أي. إن. إن) الفضائيتين, ولم يؤيد السلطة في البحرين شخص واحد ولا مداخلة.

المظاهرات:

خرجت عدة مظاهرات تطالب الحكم بوقف عمليات التجنيس, إحداها كان في عصر يوم 1/1/2001 أمام دائرة الهجرة والجوازات وطالبت بوقف تجنيس الأجانب المرتزقة, ومن الشعارات التي رفعت فيها: كيف تجنسون من عذبوا وقتلوا أولادنا بأي حق يعطون الجنسية وتحرمونها لحد الآن ممن يستحقها ممن ولد وعاش في البحرين .

وانطلقت صباح السبت 13/1/ 2002 مسيرة حاشدة من وزارة العمل مرورا بمعهد البحرين والجامعة ورجعت ثانية إلى وزارة العمل حيث انتهت، رفع في مقدمتها لافتات كتب عليها مطالب العاطلين عن العمل وحقوقهم كمواطنين العمل في أي مجال وفي أي وزارة من وزارات الدولة وخاصة وزارتي الدفاع والداخلية وطالبوا بوقف التجنيس وأحقية المواطن البحريني في خدمة وطنه بدل الأجنبي المرتزق.

كما انطلقت مسيرة أخرى بتاريخ 7/1/2002 للعاطلين عن العمل طالبوا فيها وقف التجنيس.

وخرجت مسيرة مناهضة للتجنيس وازدواج الجنسية في 17/7/2002 طالبت الحكومة بإخراج الأجانب, وارتفعت فيها التكبيرات والصلوات ورفعت اللافتات والشعارات التي كان من بينها: “لا لا للتجنيس”, “أي شرعية وأي تسييس كلنا نرفض التجنيس”, “ولد البلد ما يشتغل والأجنبي يجنسونه”, انطلقت من جامع رأس رمان بالعاصمة المنامة باتجاه مقر الإدارة العامة للهجرة والجوازات ثم سارت المسيرة إلى شارع المعارض, ووصلت إلى الدوار ثم مركز الشرطة الذي كان فيه ما يقارب من 25 شرطي أجنبي جيء بهم بعد بدء المسيرة حسب رواية شاهد عيان, ووصلت المسيرة إلى الجامع, وألقى الشيخ علي بن أحمد الجدحفصي كلمة في الحاضرين.

وقد أحرجت هذه المظاهرات السلطة البحرينية الذي وقع حاكمها على نبذ التفرقة العنصرية والطائفية وحل مشكلة البطالة والتي طالبت بالمساواة في الحقوق والعمل في كل مؤسسات الدولة ووزاراتها والجيش والشرطة وقد رفعت صور للحاكم وولي العهد مما أبعدها عن تهمة التخريب والإخلال بالأمن وجعلها تنتهي بأمان ودون تدخل للأجهزة الأمنية أو اتهامها في الصحافة المحلية, ولكن السلطة استفادت منها في إبراز وجه ديموقراطي مفقود حقيقة.

الشيخ الجمري والقوى الإسلامية:

طرح خطباء المساجد مسألة التجنيس مستنكرين ما تقوم به السلطات من تجنيس خفي لعشرات الآلاف من المرتزقة, وتطرق سماحة الشيخ عبد الأمير الجمري حفظه الله إلى هذه القضية عدة مرات؛ فقد تحدث في خطبة الجمعة بتاريخ 11/5/2001م وأشار إلى خطورة الأمر بالنسبة للوضع الاجتماعي وما قد ينتج عنه من أزمات مستقبلية بسبب عدم التجانس بين الوافدين وأبناء الوطن الأصليين, وتمنى أن يثق المسئولون في ظل “الميثاق” والدستور في أبناء الشعب أكثر ويعتمدوا عليهم في جميع مرافق الدولة بدل اللجوء إلى هؤلاء الوافدين وعدم مواصلة خطوة التجنيس الخطيرة بحيث يصعب حلها بعد قيام المجلس الوطني المنتخب.

وذكّر في يوم 1/7/2001 بحساسية هذا الملف وأنه ينبغي أن يتم نقاشه بهدوء وعقلانية بعيداً عن الانفعالية والعصبية لما له من تبعات وآثار سياسية واجتماعية واقتصادية في الحاضر والمستقبل (1) وتساءل عن إمكانية أن يأتي عدد هائل من اليمنيين إلى مطار البحرين استناداً فقط لخبر غير صحيح ! وعن عدم إعطاء الدولة إحصائية عن اليمنيين الذين تم تجنيسهم لاستيفائهم الشروط المطلوبة ! وعن عدم نفي الحكومة أو تأكيد الموضوع في الصحافة المحلية, وكانت جريدة الشرق الأوسط الصادرة في لندن قد ذكرت في عددها 8198 بتاريخ 9/5/2001 خبر تأكيد مصدر بحريني مسئول أن تجمعاً هائلاً من اليمنيين المقيمين في دول الخليج العربي قدموا إلى البحرين عبر المطار وجسر الملك فهد مصطحبين معهم عدداً هائلاً من الجوازات وصور الإقامة لأقاربهم وأصحابهم.

وقد كرر سماحة الشيخ الجمري حفظه الله تناوله لهذا الموضوع الحساس في حديث يوم الجمعة الموافق 13/7/2001 تعليقا على الأرقام التي ذكرها وكيل وزارة الداخلية لشؤون الهجرة والجوازات بشأن التجنيس، والتي نشرتها الصحف البحرينية, ونصح السلطات بالشفافية في التعامل مع هذا الملف(2).

المجموعات اليسارية:

اختلفت مواقف القوى السياسية من رفض التجنيس حدة وشدة مع اتفاقها على رفضه, ففي حين رفضته الشيعة رفضا قاطعا إلا القانوني منه واعتبرته خطرا يهدد حاضر البحرين ومستقبلها وهويتها وثقافتها, ولأنه موجه بالدرجة الأولى ضدها ولتغيير تركيبة البلد السكانية على حساب أبناءها وتصييرهم أقلية في بلدهم الأصل, رفضه السنة لتأثيره على مجتمع وهوية البلد واعتبروه يهدد مصالحهم ويقلل من امتيازاتهم واعتبر بعضهم أنهم أكثر المتضررين منه حاليا نتيجة الاحتكاك اليومي بالمجنسين الذين لا تتحملهم الصحراء الخالية فضلا عن المدن, ورفضه أفراد التيار اليساري لتأثيره على الوحدة الوطنية، ومن الضروري الاتفاق على هذه المسألة الخطيرة التي تهدد مستقبل البلد بأكمله وتنذر بحرب أهلية طاحنة, وإذا لم يتم الاتفاق على هذه المسألة مع أهميتها فمن الصعب الاتفاق على ما هو أصغر منها, وحسب علمي فإنّ أقوى تصريح للتيار كان من جانب الأستاذ علي ربيعة عضو المجلس الوطني السابق في مسألة ازدواج الجنسية لقناة ANN الفضائية الذي رفض التجنيس وقال أنّ كل الشعب بسنته وشيعته ضد ازدواج الجنسية وتجنيس الخليجيين(3).

ونحن نلحظ الرفض الشعبي لموضوع التجنيس من كل شرائح المجتمع وأفراده وإن كانت بعض الجهات لم تطرحه بإصرار وقوة في وقت لا ينبغي لأحد الصمت فيه, ومن يقول بعدم ممانعته في تجنيس العرب دون أن ينظر إلى وضع البحرين كاملا يكون أعورا, وهو الذي ينظر إلى مسألة تجنيس العربي في الدول العربية بعين تتوافق مع ما يدّعي من مبادئ و” وأنهم لهم حق قومي علينا !!! ” ولكنه لا ينظر بالعين الأخرى وفيها أثر التجنيس على هوية البلد وثقافته وأصالته ومستقبله, وتجنيس المرتزقة والملف الطائفي المرتبط بالتجنيس, والهدف الأساسي من التجنيس وهو تغيير التركيبة الديموغرافية, وكثافة سكان البلد ومساحته وعدد سكانه, وعدم قدرته على استيعاب الأعداد الهائلة من المجنسين وإلى جرائم المجنسين اليومية في المناطق التي يسكنونها, وقضايا السكن والصحة والاقتصاد وغيرها, ولا أدري أي حق هذا الذي يضرب أساسيات ومرتكزات مجتمعك ومدنيتك ويضعك على حافة الجحيم.

في حين يرى البعض(4) أن اليسار صمت عن الموضوع وأن صمته وعدم المشاركة في حسم هذا الأمر لصالح الناس, يعود إلى أن الإخلال بالطبقات الاجتماعية البحرينية بالجديد المكثف من الوافدين المتجنسين هو لصالح اليسار على جهتين:

1- صياغة المجتمع من جديد بالمتجنسين, تعيد صياغة الثقافة البحرينية باتجاه أكثر اعتدالا وقبولا بالتعدد السياسي وفق ألوان عقائدية متناقضة.

2- انشغال الإسلاميين ومن ورائهم الشعب بأكمله بمخلفات المتجنسين الخلقية والثقافية, علاوة على استحكام هيمنة السلطات على المسار السياسي بأكمله, وهو ما يمهد الطريق لليسار لتعزيز تحالفه مع قوى السلطة.

وقد يتهم بعض اليسار بأنه تيار متفرج على الصراع ولا يقحم نفسه إلا في حواشيه حتى يأتي موسم قطف الثمار والانتفاضة الكبيرة في التسعينات تشير إلى ذلك, فكان الشيعة هم وقودها, والآن هم وقود التجنيس ولكن لا ثمار لليسار, وإذا أراد اليسار أن يتعلم من أسباب عدم نجاح أيا من مرشحيه في الانتخابات البلدية فعليه أن يبدأ من موقفه من التجنيس ومن علاقاته بالسلطة التي تقوم بالتجنيس. والمسألة الأخرى التي لم يحسنها بعض أطراف اليسار هي بعض أقلامه في الصحافة البحرينية المحتكرة, والتي سمحت السلطة لهم بالكتابة فيها ولم تسمح لغيرهم من معارضيها فكان المؤمل منهم أن يدافعوا عن قضايا الشعب المصيرية ومنها التجنيس والابتعاد عن صغائر الأمور وهوامشها والدفاع عن زملائهم في الخندق الواحد بدلا من أن يبرهنوا على أن في الخندق الواحد عدة فرقاء وأن قضايا الشعب المصيرية ليست قضاياهم.

وبعد أن أغلقت هذا الملف أصدرت جمعية العمل الوطني الديمقراطي في 1/7/2002 بيانا حول الأوضاع في البلد تضمن فقرة عن التجنيس جاء فيها أنّ الجمعية ترى أهمية بالغة في الحفاظ على الوحدة الوطنية والتماسك المجتمعي وأن تبتعد السلطة عن التجنيس العشوائي, وضرورة إخضاع عملية التجنيس للشروط التي يحددها قانون الجنسية, مع الأخذ بالاعتبار قدرة الدولة على تقديم الخدمات التعليمية والصحية وغيرها، والتي تتحكم فيها الموارد المحدودة للبلاد.

الرقم الرسمي للتجنيس

طالبت كل القوى الاجتماعية والسياسية البحرينية السلطات بالتوقف عن سياسة التجنيس وكشف الأعداد الحقيقية للمجنسين وتواريخ تجنيسهم ومبرراته, وبعد الصمت والمماطلات الحكومية جاءت السلطة بالأرقام المزورة والتي تفتقر إلى أدلة موضوعية وغير مدعومة بوثائق ومعلومات سندية وأقل ما يمكن أن يقال عنها أنها غير معقولة وتمثل استغفالا للشعب, وتم تصغير أرقام المجنسين بصورة غريبة مع التعمد بإدخال بعض الجنسيات الأخرى في محاولة واضحة للخلط والإبهام.

 الجهة المسئولة عن مباشرة التجنيس في البحرين هي إدارة الهجرة والجوازات التي تتبع مباشرة وزارة الداخلية ويسمى رئيسها وكيل وزارة الداخلية لشؤون الهجرة والجوازات وهي التي تمر بها أوراق التجنيس القانوني وغير القانوني ولكنها تحتفي وتحتفل وتعلم وتظهر عمليات تجنيس المحرومين من الجنسية أو عديمي الجنسية أو ما يسمون في الخليج بـ ” البدون” وتتكتم تماما على تجنيس المرتزقة والأجانب, وحسب تقسيم مدير عام الإدارة العامة للهجرة والجوازات في البحرين فإنّ الإدارة العامة تشتمل على خمس إدارات وهي إدارة الهجرة التي تختص بالأجانب لإصدار التأشيرات والإقامات وتأشيرات الزيارة والعمل ورجال الأعمال والسياحة وكذلك إصدار إقامات العمل والالتحاق بعائل, وإدارة الجوازات التي تقوم بإصدار الجوازات البحرينية الجديدة والجنسيات وقسم من هذه الإدارة يتولى عمليات التجنيس, وإدارة التحقيق والمتابعة الأمنية التي تتولى متابعة الأجانب في البلد ومخالفي قانون الإقامة, وإدارة المنافذ التي تتولى ما يخص كافة المنافذ وإدارة الشؤون الإدارية والمالية(5). تعد هذه الإدارة من إدارات اللون الطائفي الواحد والذي يختفي فيها أبناء الشيعة إلا ما قل للإثبات وقت الحاجة بعدم الطائفية, وفيها تضيع مقاييس العدل والقيم, ويرأس الإدارة العامة حاليا راشد بن خليفة آل خليفة الذي أوكل إليه تبرير عمليات التجنيس, الذي ذكر في حديث أنّ باب التجنيس متروك للدولة وهي صاحبة الحق فيه فهي التي تقرر من يستحق الجنسية, وأنّ باب الجنسية غير مغلق في وجه أحد, ولا يمكن أن نوصد هذا الباب مادام هناك قانون ينظم منح الجنسية, والقول بغلق باب التجنيس معناه إلغاء القانون وهذا لا يجوز وقال: هناك مستحقون للجنسية وهم ممن خدموا البلد أو عاشوا فيها سنوات طوالا والذين قدموا لبلادنا خدمات جليلة(6).

وقال في مقابلة صحفية أنّ عملية التجنس في البحرين ستظل مستمرة وفق إجراءاتها المعتادة وأنّه من يثبت استحقاقه لنيل الجنسية البحرينية سوف ينظر في طلبه, وذكر أن التجنيس يضم أشخاصا يحملون جنسيات أجنبية ثابتة ومستوفين للشروط والمتطلبات تشكل أغلبيتهم أشخاص مولودون بالبلاد أو خارجها ولأم بحرينية وأب خليجي أو عربي، والقليل منهم من آباء أجانب، كما تشتمل فئة الحاملين لجنسيات أجنبية على من لديهم إقامات طويلة بالبلاد لأكثر من 25 سنة (7).

وقد لزمت السلطات الصمت حيال عمليات التجنيس حتى انتشرالتذمر والاستياء وكثرت الاحتجاجات الشعبية حوله في كل موقع أمكنهم فعل ذلك حتى صاروا يستغلون برامج التلفزيون المباشرة في بيان استنكارهم واحتجاجهم على سياسة التجنيس الحكومية وانتقل إلى القنوات الإعلامية العربية وقد ارتفع صوت الأستاذ المعارض عبد الوهاب حسين في ضرورة وقف التجنيس وتحدث عنه الشيخ الجمري والندوات السياسية التي رفضت التجنيس حينها فقط جاء النفي وعرضت هذه الأرقام الرمزية غير الصحيحة والتي ينقصها الدليل كنوع من تهدئة الأوضاع لئلا تصل إلى حالة الانفجار وتفشل مخططات السلطة, فكان أول تصريح حول التجنيس لوكيل وزارة الداخلية لشؤون الهجرة والجوازات في البحرين وذكره أن حوالي 43 ألف شخص (42997) بينهم أكثر من 9700(9749) شخصا ينتمون في جنسياتهم لمختلف الدول العربية, حصلوا على الجنسية البحرينية منذ 1950 حتى مايو 2001, وإنّ هذا العدد يشمل الشخص المتجنس وزوجته وأبناءه وأبناء أبنائه وزوجاتهم كما يشمل أيضا الزوجات العربيات المتزوجات من بحرينيين ” بالولادة “, وقال أنّ المتجنسين وأبناءهم مندمجون في المجتمع البحريني منهم من استحق الجنسية البحرينية على أساس الإقامة الطويلة ومنهم تزوجوا وتصاهروا مع عائلات بحرينية ومنهم من قدم خدمات جليلة في أداء الخدمة العسكرية أو سلك التعليم, ونفى قيام السلطات في البحرين بعملية تجنيس تشمل عددا كبيرا من الأشخاص من أصول عربية.

وقال أن تسارع عملية منح الجنسية البحرينية مؤخرا جاء لحسم الطلبات القديمة والمتراكمة في شأن الجنسية وتحديث بياناتها واستيفاء ما شابها من قصور في المستندات, وأنّ التجنيس شمل أغلب الدول العربية, وأنّ عدد طلبات الحصول على الجنسية البحرينية التي تدرسها السلطات البحرينية حاليا تقدم بها 15 ألف فرد ينتمون إلى 24 جنسية, وأنّ تيسير إجراءات التجنس لمن هم من أصل عربي من حيث مدة الإقامة المطلوبة وهي 15 سنة ما هو إلا انعكاس لفكرة القومية العربية بمختلف أسسها وتوجهاتها على تشريعات دول الوطن العربي الكبير, نفى الوكيل أن تكون هناك إجراءات أو حتى توجه لمنح الجنسية لعناصر قبلية عربية لا ترتبط بصلة الإقامة في البحرين(8).واعترف في حديث إن الإدارة بصدد النظر في منح الجنسية لمن يحملون جنسيات أخري (9).

وأول ما يلفت المراقب محاولة صرف الوكيل للوقت في الحديث عن الفترة الزمنية التي امتدت لأكثر من واحد وخمسين سنة في اواسط القرن العشرين، في حين كانت الاحتجاجات على التجنيس تتركز في العقدين الماضيين وازدادت حالة القلق في الشارع من عملية التجنيس المركز في التسعينات, وهذه جريمة بحد ذاتها لأنها محاولة استغفال الشعب وإهانته, ولكن الكارثة الكبرى كانت في الأرقام نفسها من حيث المجموع والتفصيل, فقد ادّعى أنّ مجموعهم فقط 43 ألفا متجنس غالبيتهم من عديمي الجنسية وأنّ أعداد المتجنسين من الجنسيات التالية(10) كما يلي:

1- اليمنيين: 946, أبناؤهم وزوجاتهم: 2257

2- السوريين: 710 ، أبناؤهم وزوجاتهم: 1638

3- الأردنيين: 828 ، أبناؤهم وزوجاتهم: 1000

4- الباكستانيين: 247 ، أبناؤهم وزوجاتهم: 313

5- الفلسطينيين: 49 ، أبناؤهم وزوجاتهم: 55

مجموع المجنسين من هذه الجنسيات الخمس هو 2780 شخصا, ومجموع زوجات وأولاد المجنسين التابعين لهم هو 5263 فيكون المجموع الكلي هو 8043 شخصا.وهذه أرقام لا تأتي أبدا من سلطة تحترم شعبها وتقدر أنّ له كرامة, أو أنّها تريد إصلاحا حقيقيا, وإذا أردت فخذ مثال الباكستانيين الذين يشترط عليهم القانون 25 سنة ليتمكنوا من تقديم طلباتهم للجنسية فإذا كانوا يعملون في الجيش والشرطة في سن الثامنة عشرة حيث استوردوا فإنّ أعمارهم الآن 43 سنة وكلهم متزوجون, فإذا افترضت أنّ لكل باكستاني زوجة واحدة فقط فعليك أن تلتزم بالنتيجة وهي أنّ مجموع أولادهم جميعا 66 ابنا وابنة فقط, وهذا يعني أنّ مجموعة من الباكستانيين أنجبوا 66 طفلا وبقية الـ 247 إما عقيما أو يؤخر الإنجاب إلى ما بعد سن الخمسين !!! وهكذا في بقية الأرقام, فهل رأيت إرادة استخفاف بالعقول أكثر من هذه ؟ 247 باكستانيا يعيشون بوضع معيشي جيد وعاشوا في البحرين لمدة تزيد عن 25 سنة ولديهم جميعا فقط 66 ولدا, و828 أردنيا من سكنة الصحراء ليس لديهم جميعا سوى 172 ابنا وبنتا, ألا يزيد عدد الأجانب المرتزقة في مجموع ألوية وفرق وكتائب الجيش والشرطة والحرس الوطني أكثر من 2780 رأساً ؟؟؟ هذه الأرقام لا تتشابه إلا مع نتيجة الانتخابات الرئاسية في الدول العربية المحسومة سلفا بالرقم 99.999 !!! وإن عشت أراك الدهر عجبا.

وليست في البلد شفافية ولا قضاء مستقل أو لجان تحقيق وتقصي الحقائق حتى تفضح هذه الأرقام المزورة وتظهر زيفها بصورة موثقة, وهذا ما يجعل البعض يشير إلى إمكانية شراء الأدلة والإثباتات فما دامت الإدارات فاسدة فإنّ فسادها ينتشر في جميع الاتجاهات ويضرب البعض مثلا للرشاوي التي قدمت لبعض الموظفين والمسئولين لشراء الجنسية البحرينية وللأموال التي قدمت في عهد القمع لضباط الداخلية الذين يتظاهرون بولائهم للسلطات بينما كانت حقيقتهم ودينهم وولاءهم الفتات.

ولكن الحقيقة أن حجم التجنيس أكبر بكثير مما أرادت السلطة عبر وكيل الهجرة والجوازات تصويره وأنّ الأرقام أضعاف ما ذكر, وهذه الأرقام لم تخضع إلى أية متابعة من أية جهة معارضة أو مستقلة فهي صادرة من الخصم الذي مثل دور الحكم.وحركة المرتزقة في الشارع وسوق العمل تناقض أرقامه المتواضعة فتراهم يهيمون ويتسكعون في المحرق ومدينة حمد وغيرها من المناطق الإسكانية, ويخالفه شهادة موظفي الهجرة والجوازات أنفسهم الذي ينقل عن أحدهم أنّه مرت عليه أوراق ثلاثين ألف وثيقة تجنيس خلال يومين فقط, وموظف آخر ذكر أنّه تم تجنيس في فترة قصيرة أكثر من ثمانية عشرة ألف شخص أجنبي حتى شهر يونيو 2001. وحركتهم في إدارة الهجرة والجوازات حيث أصبح منظرا مألوفا وجود صفوف طالبي التجنيس والشرطة الذين يحمل كل منهم ملفا ضخما باستمارات طلب التجنيس التي أقرتها الحكومة, وأعداد أخرى تخرج من الإدارة بجوازات بحرينية جديدة. وشهادة موظفي الإحصاء السكاني الأخير الذي قال أحدهم أنّ الأرقام لا تمثل حتى النصف, وأرقام رجال الدولة أنفسهم حيث ذكر د.فخرو في لقاء تلفزيوني أنّ المجنسين لم يزد عن 55 ألف وهذا رقم غير متناسب مع الرقم المعلن, وحركة توظيفهم في مختلف الدوائر الحكومية ومنها جامعة البحرين واللجان التابعة للجنة تفعيل”الميثاق” مثل د.فؤاد طوقان وهو أستاذ أردني عين بلجنة قانون المطبوعات.

والمضحك المبكي هنا أن يتم ربط التجنيس الذي هو تفتيت للمجتمع الواحد الصغير بالقومية العربية وأن يقال أنّ تجنيس المرتزقة العرب يقع في طريق التضامن العربي, كما أنّ ازدواج الجنسية مقدمة للوحدة الخليجية, وأنّ الاحتجاج على التجنيس يشوه صورة بعض الأقطار العربية, ولا أعلم من أين نزل هذا السخاء على النظام في توزيع الجنسية وحب الوحدة العربية التي لم يكن يعرف بها إطلاقا حتى عرض الجنسية البحرينية للبيع والشراء وصيّرها مبتذلة وغير ذات أهمية, وأي وحدة عربية هنا والمرتزقة العرب المستوردين لا وظيفة لهم سوى الهجوم على بيوت المواطنين وسرقة محتوياتها وتعذيبهم ورميهم بالرصاص, وأي صورة حسنة سوف تبقى للدول التي جاؤوا منها, وكيف تبحث السلطة عن التضامن العربي وأرضها مركز الأسطول الأمريكي الخامس وقوات المارينز, وتتسع أرضها للقواعد الأمريكية بكامل جنودها وآلاتها المدمرة التي لا يراد بها ضرب الصين البعيدة ولا دول في الكواكب الأخرى وأنما هي متهيأة ومستعدة لضرب العرب أولاً والمسلمين ولإثبات وتأكيد الاستكبار والهيمنة والسيطرة على المنطقة برمتها.

ومما يوحي بأنّ التجنيس استراتيجية مخطط لها مسبقا وتنتهي قبل البدء بأية انتخابات قال الوكيل أن مسألة التجنيس أوشكت على الانتهاء بعد أن تم منح الجنسية لثمانية آلاف شخص ولم يبق في ملف الجنسية سوي 800 طلب مازال عالقا يتم حاليا استكمال مستنداتها ووثائقها واعترف وكيل الوزارة بمنح الجنسية البحرينية للأجانب الذين يحملون جنسيات أخرى(11) وكان الأولى والأجدر لسلطة تبحث عن الشرعية والمصداقية أن تكون أكثر صدقا وشفافية وهي التي تتطلب نشر أسماء المجنسين وضوابط ومبررات تجنيسهم, ولا يكفي أن يدّعي أحد أنّ الكمبيوتر لا يكذب حتى يصدقه الآخرون الذين لم يتهموا الكمبيوتر بل البشر خاصة بعد خيبات الأمل المتتالية وفقدان الثقة الشعبية في السلطة, وإذا كانت السلطة صادقة في الإصلاح فعليها أن تسمع لسان الشعب ورأيه فيمن يستحق الجنسية ومن لا يستحق, ومتى يغلق القانون ومتى يفتح, والجواز وعدمه بيد الشعب.

منع حكومي من مناقشة التجنيس

تسير عملية التجنيس بسرعة وخفاء يقارنها وضع المجنسين المرتزقة في مناطق جنوب البلد محروم على المواطنين دخولها, وفي جزر حوار قبل حسم محكمة العدل الدولية ملكيتها للبحرين وليس في هذه الجزر بحرينيين, وإلى مناطق أبناء السنة الذين تبرموا من سلوكياتهم حتى أخرجوهم من بعضها، ودأبت السلطات المختصة في البحرين بكل طريقة وحيلة على نفي وجود سياسة تجنيس واسعة لجماعات كبيرة من مختلف الجنسيات وخاصة الأردنيين والسوريين واليمنيين والباكستانيين، وقد تجلى هذا النفي في تصريحات مسؤولين في وزارة الداخلية البحرينية، وعرضت الحكومة أرقاما رمزية حول التجنيس غير صحيحة وإحصائيات مزيفة ومزورة وليست من الحقيقة في شيء وينقصها الدليل وتعتبر نوع استغفال للشعب، ولم تأتي إلا بعد موجة الاحتجاج على سياستها في التجنيس كنوع من تهدئة الخواطر التي قد تفشل مخططاتها.

وأصدر وزير الأعلام نبيل الحمر الذي يعتبر لدى أطراف المعارضة أبرز الوزراء الفاشلين وقد قضى الشطر الأكبر من حياته عنصرا متقدما في صفوف ممتهني الشتم والكلام البذيء أوامر وصفت بأنها صارمة بعدم مناقشة القضايا السياسية في تلفزيون البحرين ! وقال ” كفانا سياسة ” ودعا إلى الاهتمام فقط بالبرامج الترفيهية والفنية من غناء وطرب وغيرها, وكان بعض المواطنين قد شارك في برامج تلفزيونية حية ومباشرة بالهاتف منتقدا سياسة التجنيس السلطوي, وذكرت مصادر بحرينية نقلا عن مصادر مطلعة أن الوزير أصدر أوامره بوقف عرض بعض الحلقات التي سجلت ضمن برنامج “استكمالا للحوار ” بعد أن ناقشت الحلقة الأخيرة منه التي بثها التلفزيون ” تجربة الديمقراطية في البحرين ” التي أغضبته كثيرا وجعلته يصدر أوامره بعدم إجراء حوارات كانت مقررة سلفا مع القطاع النسائي، وكذلك العديد من البرامج الحوارية التي تناقش قضايا الشأن العام.وأصدر الوزير أوامر للجريدتين الرسميتين المحليتين برفض نشر مقالات بعث بها المواطنون تتطرق للقضايا المهمة التي تواجه شعب البحرين وفي مقدمتها تجنيس الأجانب والمرتزقة وموضوع البطالة, وقد التزمت الجريدتين بأوامره وذكرت جريدة أخبار الخليج في أحد أعمدتها الغبية أنّ كل ما يصدر من وزير الأعلام إنما هو توجه القيادة السياسية في البلد.

ويمارس النظام التهديد والقمع ضد من يتطرق لقضية التجنيس وكمثال فقد حضر رئيس إحدى المطبوعات ندوة عامة حول التجنيس ونشر تقريرا حولها قائلا أن ما سمعه في الندوة كان قويا، وانه لو قيل قبل الإصلاحات لكان مصير قائله السجن، وبعد يومين اتصل به مسئول كبير محذرا إياه من مغبة الاستمرار في ذلك النمط من التقييم وإلا تعرض للسجن ووقف مطبوعته (12)، ولا نعلم أية شفافية وصراحة تدعى في الوقت الذي يمنع الحكم الصحافة والتلفزيون من نشر أية تحقيقات أو مقابلات أو ندوات تتعلق بقضية مصيرية كالتجنيس.

وفي شهر مارس 2002 حجبت السلطات عدة مواقع بحرينية لشبكة الإنترنت كانت توفر مجالا واسعا لطرح موضوع التجنيس وردود فعل المواطنين عليه وفضح سياسة التجنيس والتمييز الطائفي وكثير منها ترفضها الصحافة الرسمية المحلية.

والحقيقة التي تبدو لي أنّ سياسة التجنيس غير واضحة حتى عند المقربين للحكم مع إصرار الحكم على تغيير التركيبة السكانية بطرق متعددة عمادها التجنيس, فلا يصدر بيانا أو مقالا أو موقفا صريحا من قبل النظام في البحرين لشرح حقيقة ما يجري من تجنيس, وقد عجزت السلطة في التعامل الصحيح مع هذه القضية، وارتكزت سياستها على تجاهل المخاوف الشعبية واعتراضاتها على التجنيس, والشخص الذي أحيل إليه الحديث في التجنيس هو وكيل وزارة الداخلية للهجرة والجوازات وأدعى أنّ عملية التجنيس في الآونة الأخيرة تسارعت لحسم ملفات الذين لم يحصلوا بعد على الجنسية (13), لكنه رفض مطالب المعارضة بالشفافية التي تتطلب نشر أسماء الذين يتم تجنيسهم ومبررات ذلك التجنيس, واتهم المعارضة بالطائفية برغم أن شعب البحرين بشيعته وسنته يرفضون التجنيس السياسي.

ومنع الحاكم حمد آل خليفة أي مجال للحوار والنقاش حول مسألة التجنيس بل نسب إلى الحاكم نفسه تصريحا لمجموعة من اليساريين أنّ ملف التجنيس غير قابل للنقاش وكذلك ملف محاسبة المسؤولين والفساد الإداري وأبدى تخوفه من تزايد سكان القرى الشيعية، وتم إصدار أوامر من القيادة السياسية في البلد بمنع أعضاء لجنة تفعيل “الميثاق” من الخوض في موضوع التجنيس. وتأكد أنّ كلمة ” الشفافية ” التي يتم التشدق بها النظام في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة ليست إلا مادة للاستهلاك المحلي، وأصبحت الأقلام الحكومية في الصحافة تتهم من يتحدث عن موضوع التجنيس في ندوة أو منتدى إنترنت بالطائفية والمذهبية، وصار النظام يتذرع بتهمة الطائفية لتبرير مصادرة الحريات، حتى إذا ضاق على السلطة الرأي الآخر والمطروح بموضوعية وعلمية في غالبية مواد مواقع الإنترنت تم إغلاقها بتبريرات جاهزة، دون أن يسمح لأحد أن يشير إلى التركيبة الطائفية لأجهزة الدولة ومؤسساتها.

هوامش الفصل السادس

(1) – مقطع من حديث الشيخ الجمري حول التجنيس من خطبة يوم الجمعة 1/7/2001

مسألة التجنيس والجنسية البحرينية:

هذا الملف هام وحساس ففي الأشهر الأخيرة سمعنا الكثير عن هذا الموضوع وتوقفت بدايةً عن الخوض فيه بحجة أنها إشاعات تفتقد الدليل، ثم حصل لي بعض الاطمئنان في البعض منها وقلنا جزئيات لا ترقى لمستوى القضية، إلى أن طرحت جريدة الشرق الأوسط السعودية في عددها 8198 الصادر بتاريخ 9/5/2001م القضية، فكانت لنا هذه الوقفة مع الموضوع استناداً للجريدة نفسها والتي ذكرت ما نصه:

“أكد مصدر بحريني مسئول أن تجمعاً هائلاً من اليمنيين المقيمين في دول الخليج العربي قدموا إلى البحرين عبر المطار وجسر الملك فهد مصطحبين معهم عدداً هائلاً من الجوازات وصور الإقامة لأقاربهم وأصحابهم”.

وقال هذا المصدر أن هؤلاء جاءوا مستندين لمعلومات غير صحيحة وأن طلباتهم رفضت لعدم مطابقتها للشروط وهو أن يكون المتقدم مقيماً في البحرين إقامة مستمرة لمدة 15 عاماً إلا أن هذا المصدر نفسه عاد وأكّد أن عدداً من اليمنيين حصلوا بالفعل على الجنسية البحرينية لاستكمالهم الشروط لكنه لم يحدد العدد.

ولي حول هذا الخبر عدة استفسارات أرفعها إلى المسئولين في إدارة الهجرة والجوازات أرجو أن تتسع صدورهم لذلك:

1– هل من المعقول أن يأتي هذا العدد الهائل إلى مطار البحرين استناداً فقط لخبر غير صحيح ؟!

2– لماذا لم يحدد المصدر عدد الأخوة اليمنيين الذين تم تجنيسهم لاستيفائهم الشروط المطلوبة؟ وهل حقاً أن ذلك طُبِق على الجميع؟ خصوصاً أن الجريدة أشارت إلى أن أحد اليمنيين المقيمين في السعودية لمدة 25 عاماً قد تقدم للجنسية وحصل على رقم للمراجعة؟!

3– لماذا لم تتكرم إدارة الهجرة والجوازات بنفي الموضوع أو تأكيده في صحفنا المحلية خصوصاً ونحن نعيش عصر الشفافية والمصارحة كما أكّد عليها “الميثاق” الوطني والدستور؟!

أرجو أن تكون هذه الأخبار فعلاً غير صحيحة ولكن يساورنا قلق خصوصاً وان ملف عديمي الجنسية والذين يقدر عددهم رسمياً بأكثر من سبعة آلاف لم يُحل بعد رغم توجيهات القيادة السياسية وعلى رأسها صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله تعالى مع العلم أن هؤلاء “عديمي الجنسية” كلهم مولودون في البحرين أباً عن جد فلماذا التأخير ؟!

لقد طرحت هذه القضية ضمن عدد من القضايا في اجتماعي الأخير مع سمو الأمير، وأشرت إلى بطء الإنجاز رغم كثرة مراجعة أسر عديمي الجنسية خصوصاً أولئك الذين مازالوا يعيشون في الخارج أمريكا وإيران. أتصور أن هذه القضية تحتاج لقرار شجاع يحمل صفة الطوارئ لحلها.

 (2) – مقطع من حديث الجمعة 13/7/2001 للشيخ الجمري:

وهنا أشكر وكيل وزارة الداخلية لشئون الهجرة والجوازات بما تفضّل به في حديثه من ذكر بعض الأرقام حول موضوع التجنيس في يوم السبت (7 يوليو الفائت), فبغض النظر عن الاتفاق معه في تلك الأرقام، إلا أن ذلك يعتبر الخطوة الأولى الصحيحة التي ينبغي أن يبدأ منها النقاش، فلا يجوز إطلاقاً ونحن نعيش عصر الشفافية أن تلتزم الوزارة الصمت في موضوع بات هو الشغل الشاغل للناس.

وأقول: الخطوة الأولى لأن هناك بعض الاستفسارات والأسئلة وردت بعد المقابلة بفضل الإجابة عليها لتكتمل الصورة وينغلق الباب.

وأقول: الخطوة الأولى لأنه من الأفضل أن تتعامل الوزارة مع هذا الملف بشيء من الشفافية على غرار ما فعلت وزارة العمل مع قضية العاطلين من مقابلات ولقاءات تلفزيونية وصحفية.

(3) – قناة ANN الفضائية, برنامج حديث الخليج, حول ازدواج الجنسية في البحرين, تاريخ 22/6/ 2002, مداخلة علي ربيعة.

(4) – almosleh، ملتقى البحرين الالكتروني، تاريخ 4/7/2001

(5) – جريدة الوطن الكويتية, تاريخ 22/6/2002

(6) – جريدة أخبار الخليج البحرينية الحكومية, تاريخ 18/7/2002

(7) – جريدة أخبار الخليج البحرينية الحكومية, تاريخ 27/4/2002

(8) – جريدة الوطن الكويتية, تاريخ 8/7/2001, جريدة الأيام الحكومية البحرينية, تاريخ 7/7/2001

(9) – جريدة أخبار الخليج البحرينية الحكومية 27/4/2002

(10) – ملتقى البحرين الالكتروني, تاريخ 7/7/2002 نقلا عن جريدة أخبار الخليج البحرينية الحكومية تاريخ 7/7/2002

(11) – جريدة الشرق القطرية, تاريخ 28/4/2002

(12) – صوت البحرين, مقال ” عام علي الميثاق البحريني: إذا اُنتهك الدستور انتهي الإصلاح”, د. سعيد الشهابي (13 فبراير 2002)

(13) – جريدة أخبار الخليج البحرينية الحكومية 18/7/2001

الفصل السابع

آثار التجنيس

آثار التجنيس

لقد ضاعفت سياسة التجنيس المشاكل المزمنة التي تعاني منها البلد أساسا فالبطالة ازدادت أضعافا, وازداد الضغط على الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين كالصحة والإسكان والتعليم التي كانت تعاني في الأصل من الكثير من الصعوبات وليست بالجودة التي عليها دول الخليج الأخرى وقد تصل البلد إلى حالة من الانفجار السكاني مستقبلا حيث هي الآن الأكثر كثافة في الشرق الأوسط, ولها آثار كبيرة على المستوى الاقتصادي ودخل الفرد البحريني الذي يعاني أساسا من خلل وضعف, وبدأت تتغير هوية أبناء البلد وثقافتهم الشعبية وازدادت المشكلات الاجتماعية والانحرافات السلوكية وتفشت ظاهرة الجريمة التي لم تكن سائدة في المجتمع البحريني أو كانت نادرة الحدوث‌ وارتفعت نسبة الأمية بعد أن حققت البحرين إنجازا كبيرا في خفضها إلى أدنى المستويات, وتغيرت نسبة التركيبة السكانية, إلى غير ذلك من الآثار والتي سوف نطرح بعضها ونحاول أن نقرأ المستقبل على ضوء المتغيرات الاجتماعية والآثار.

البطالة

ساهم التجنيس في ازدياد مشكلة البطالة التي تعاني منها البحرين بدرجة كبيرة وزاد في تعقيداتها, فعملية التجنيس وبالصورة التي تمت في العقد الأخير وبأعداد كبيرة جداً أغلقت مساحات من الوظائف التي من المفترض أن يتولاها أبناء الوطن البحرينيين وقد أعطاها النظام للأجنبي وحرم منها المواطنين, وأدى ذلك إلى وصول البطالة في البلد الصغير إلى أرقام قياسية بسبب احتلال الأجنبي وظائف أبناء البلد واتضحت مدى الأضرار البليغة التي يرميها التجنيس على البطالة وتحصيل الأرزاق. فعدد العاطلين عن العمل في ازدياد مضطرد وقد ارتفع نهاية العام 2001 إلى رقم قياسي ليبلغ 17400 حسب الإحصائيات الحكومية التي لا تخلو من تزوير وأكد أعضاء في مجلس الشورى الحكومي المعين أن عدد العاطلين يتراوح بين عشرين وثلاثين ألفا بينما يقول بعض المواطنين أنها أكثر من ذلك العدد بكثير, وذُكر أنّ 181 ألف إلى 200 ألف أجنبي معظمهم من شبه القارة الهندية والفلبين يعملون في البحرين ويمثل العمال الأجانب حوالي 60% من إجمالي القوى العاملة في البحرين.

ومن الفوائد الرئيسية للتجنيس التي يرمي لها الحكم هي محاولة إنهاء قدرة الشعب على القيام بأي معارضة سياسية فاعلة للنظام، ومنع تكرر تجربة الانتفاضات السابقات طوال القرن الماضي فالحكم اتخذ قرارا استراتيجيا بعدم السماح للعمال البحرينيين بالهيمنة على سوق العمل ولذا تنتهج الدولة سياسة إغراق السوق المحلية بالعمالة الأجنبية التي أصبحت تمثل أكثر من ثلثي العمالة الكلية، وأصبح من الصعب عمليا القيام بإضراب عمالي فاعل نظرا للنسبة الضئيلة التي يمثلها العمال البحرينيون في السوق, وأن إحلال 20 ألفا من المواطنين محل عدد مماثل من الأجانب الذين يبلغ عددهم مائتي ألف لا يحتاج إلا إلى قرار سياسي وتنفيذه والمشكلة أنّ قرارا مثل هذا لا ينسجم مع استراتيجية الحكم في البحرين التي تتعمد الحفاظ على نسبة عمال بحرينية منخفضة مقارنة بالعمال الأجانب وجعلهم أقلية في سوق العمل, ولكن هذه السياسة العرجاء التي تمارس في البحرين قد واجهت الفشل في عدة دول, فالنظام العراقي الذي هو النسخة الأصل لسياسة الحكم في البحرين حاول فرض تجنيس المصريين وإغراق العراق بالأيدي العاملة ووصل عددهم إلى أربعة ملايين مصري إلا إن ذلك ما كان ليحل أزمة النظام مع شعبه بل ساهم بشكل كبير في حالة الاحتقان السياسي ضد النظام, وتناسى النظام في البحرين انتفاضة عام 1994 التي ساهمت البطالة الوطنية وإغراق البلاد بالعمالة الأجنبية في تأجيجها.

أنّ ما تقوم به السلطة البحرينية من إجراءات ضد الشيعة في مسألة البطالة لا يفهم سوى أنّه حرب أرزاق من جانب النظام, والفكرة التي تعشعش في أذهان القائمين على الحكم ضرورة إضعاف الشيعة وتجريدهم من كل قوة, فبالإضافة إلى مضايقتهم في البحرين ومحاولة قطع أرزاقهم تصّدر تلك الإجراءات إلى دول المنطقة وتوصيهم بعدم تشغيل البحرينيين وإعطاءهم وظائف صغيرة في حال الاضطرار لتوظيفهم بل وتحديد الحد الأعلى للرواتب التي تعطى لهم أيضا كما حصل في توظيف المدرسين البحرانيين في الكويت قبل سنوات وكل العاملين البحرينيين في الخليج هم من الشيعة إلا ما نذر, كما أنّ البطالة في صفوف الشيعة فقط.و قامت السلطة بتضييّق الخناق على الشيعة في جميع الوظائف والمراكز, وأمرت أحمد عطية الله مدير مركز الإحصاء بعمل حصر لجميع الوظائف القيادية والتنفيذية القليلة التي يشغلها الشيعة في البلاد, وتمّ وضع برنامج تدريجي لشغل جميع الوظائف القيادية من قبل أبناء الطائفة السنية ووضعهم في المناصب العليا والمهمة وإعطائهم مسؤولية التوظيف وخاصة أولئك السنة الذين من أصول إيرانية أو ما يطلق عليهم في البحرين بـ “الهولة” وبدأت برامج تجنيس تدريجية لتغيير التركيبة الديموغرافية السكانية في البلاد.

ويصر النظام على إيجاد البطالة ففي الوقت نفسه الذي يعاني منه المعلمين البحرينيين من البطالة وقد بقى كثير منهم سنوات دون أن تقبله وزارة التربية والتعليم, وتوجد شكاوى كثيرة من جامعيين بحرينيين اشترطت عليهم الوزارة الحصول على دبلوم تربوي يؤهلهم لممارسة مهنة التدريس، وبعد دراستهم وحصولهم على الدبلوم لم يتم توظيفهم، وبقوا في صفوف العاطلين ينتظرون التوظيف العام بعد الآخر, ومعلمون آخرون يعملون في المطاعم والسياقة وفي محطات البترول لتحصيل الرزق, إنّ السلطات البحرينية تخشى من توظيف المدرسين البحرينيين, وتخشى من تأثير وانتقال شخصية المعلم البحريني إلى التلاميذ, ففي الوقت الذي يقوم به المدرسون البحرينيون العاطلون عن العمل باحتجاجات ومطالبات بالتوظيف يتم الإعلان عن رغبة الحكومة البحرينية في التعاقد مع المعلمين الأردنيين, ونشرت الصحافة الأردنية بتاريخ 9/5/2002 (1), وربما نشر مثله في دول أخرى ونحن لا نعلمه حول هذه الرغبة, ووصل إلى البحرين في بداية السنة الدراسية 200 معلم أردني للعمل في مختلف المراحل التعليمية في وزارة التربية والتعليم وفي مختلف التخصصات التربوية والتي منها اللغة العربية والإنجليزية وبأجور مرتفعة في الوقت التي تطحن فيه البطالة أكثر من 1000 خريج جامعي بحريني محروم من التوظيف وقد وزعت وزارة التربية المعلمين على عدد من الفنادق من الدرجة الثالثة والرابعة كفندق كارلتون، ومنامة تاور، وسان روك، لحين حصولهم على سكن دائم(2), فماذا يعني توظيف الأجانب في الوظائف التي يمكن للمواطنين القيام بها على أكمل وجه وفي أتم الإخلاص مع الكفاءة العالية؟ أليس من الصواب أن يحدس المواطنون أن تقوم السلطة بتجنيس هؤلاء الأردنيين المعلمين بعد مجيئهم, ومن المحتمل جدا أن يوزع هؤلاء المعلمون على مدارس أبناء المرتزقة الأردنيين والسوريين والأجانب لإبعاد الاتصال بين أبناء البحرين وأبناء المرتزقة خشية من معرفة أية معلومات عنهم يخرجها من صفة احتكار النظام لها. كما نشرت صحيفة الرياض السعودية في نفس الوقت خبر إرسال 41 مدرسا سعوديا للبحرين(3), وهكذا في بقية الوزارات والشركات يحرم البحريني من العمل ويقدم غيره ونحن نكتب هذه السطور وصلنا خبر بقيام شركة طيران الخليج بطرد الموظفين البحرينيين وتوظيف الأجانب من استراليا والهند وبريطانيا عوضا عنهم في بداية النصف الثاني من السنة الحالية 2002. وهكذا في جامعة البحرين حيث ترفض إدارة الجامعة توظيف عدد كبير من حملة شهادة الدكتوراه البحرينيين بينما تعلن في الصحافة الأجنبية عن وظائف شاغرة لأجانب فيها كما وتصر على استبعاد المؤهلين من البحرينيين من المناصب المتقدمة.

ونشرت شركة بابكو إعلانا للعمل في مجلة شهرية بريطانية والمطلوب كيميائي بطريقة توسلية وعجيبة وذكر في الإعلان أنّ المحفزات جدا ممتازة لعقد مدته سنتين قابلة للتجديد للمتزوج والأعزب, يقدم راتب مغري من غير أي ضرائب، مع قائمة من الامتيازات بما فيها سكن نصف مؤثث بخدماته (كهرباء ماء غاز الخ) مجاني، دراسة ابتدائية مجانية ومساعدة جدا كريمة للدراسة الثانوية للأبناء، عطلة سنوية مدفوعة الراتب للوطن مع ترتيبات كريمة جدا للسفر، وتجهيزات ممتازة للاستجمام وللحياة الاجتماعية, فهل هذا إعلان لطلب وظيفة؟ وهل تعطى للبحريني إذا كان مؤهلا لها؟ وهل كانت هذه الامتيازات تقدم له؟ وذكر في الإعلان أن ” مملكة البحرين بلد آمن ومستقر ومكون من شعب متعدد الأعراق، ومتناسب مع الحياة الغربية”.!!!(4) إنا لله وإنا إليه راجعون.

وعندما أراد النظام إيهام الشعب بإصلاحاته وبعد أن خرج العاطلون عن العمل بالمظاهرات والاحتجاجات على البطالة والتجنيس صدرت تصريحات صحفية فارغة لا تسمن العاطلين من جوع ولا تغنيهم بوظائف, واستمرت سياسة حرمانهم من العمل في وزارتي الدفاع والداخلية وتخصيصهما لأبناء السنة والمرتزقة الأجانب, وسياسة العقلية القديمة في التوظيف المبنى على المذهب أو العرق, وتخصيص وظائف بعض الوزارات والشركات لأبناء السنة والأجانب, وتكريس سياسة الواسطات والمحسوبيات والأوامر الصادرة من المتنفذين من العائلة الحاكمة في توظيف من يريدون في أي مكان بدون مراعاة للكفاءة العلمية, وإذلال المواطن البحريني في محاولة توظيفه في وظائف دنيا، واعتبار ذلك التوظيف ” مكرمة ” قبحها الله من ” مكرمة ” هذه المهزلة.

ويبدو واضحا أنّ السلطة لا تريد حلا للبطالة ولا تقوم بتشريع قوانين لحماية المواطن وحقوقه مقابل حقوق الأجانب ولا تفرض على الشركات والمؤسسات الحكومية والخاصة توظيف أبناء البلد وتكرر نفس الأخطاء التي أدت إلى انتفاضة 1994, ومع سوء الوضع الاقتصادي وحالات الفقر الكثيرة ومشاهدة الأجانب تنعم في البلد ويجنسون ومع انكشاف النوايا الحقيقية للحكم وكذب ادعاء الإصلاح فلا نتوقع إلا انفجار الأزمات مجددا خاصة مع عدم وجود اختلافات كبيرة قبل وبعد ما سمي بالإصلاح فالبطالة ازدادت سوءا وبرنامج تجويع وإفقار الشيعة مستمر, ولا زالت السلطة تزور الأرقام الحقيقية للعاطلين وأعداد الأجانب والمتمتعين بالتأشيرة الحرة.

وملف البطالة والعمل في البحرين مليء بالغرائب والمتناقضات وهو جزء من تناقض النظام فالذي يدعو الناس للمطالبة بتوفير أعمال يعتبر محرض ضد النظام والذي يتظاهر ضد البطالة ويطالب بمساواته مع الأجنبي في وطنه فهو مخرب, وعندما يتظاهر المواطنون المحرومون من أعمال يقف الأجانب المرتزقة لهم بالمرصاد، ويرمونهم بالرصاص ثم يرمون في السجن ليحرسهم المرتزقة أنفسهم, وتفتح أبواب وزارة الداخلية عندما يتجمع ويطالب الأجانب بتوظيفهم فيها, وبينما يحمل العاطلون عن العمل شهاداتهم معهم للوزارة ولا يملك بعضهم وسيلة نقلية للرجوع إلى بيته أو قيمة تذكرة الرجوع بأي وسيلة يستفزهم على باب الوزارة جنود أجانب وأميون جهلة يستغنون بفقر المواطن, وهكذا يراد للبلد أن تكون وطن للأجنبي لا وطن البحريني.

أحد غرائب السلطة في البحرين أن الأجنبي مقدم على المواطن وكونك غير مواطن من العناصر الايجابية في حصولك على الوظيفة الجيدة والراتب الكبير على خلاف باقي مقاييس العمل في كل بلدان الأرض, وهذا ما جعل الأزمة تتشدد بين النظام والشيعة الذين يعاني أبناؤهم من البطالة في الوقت الذي يرون فيه الأجنبي يتمتع بالوظيفة وينعم بالراتب الكبير والسكن المريح وبمزايا أخرى له ولأولاده لا يتمتع بها المواطن نفسه, وبينما يتغرّب ابن البلد عن بلاده من أجل لقمة العيش يعيش الأجنبي متنعما في بلاد المواطن. وكمثال لتفضيل السلطة الأجنبي على البحريني استقدام المدرسين الأردنيين وعدم توظيف المدرسين البحرينيين, وقد أثيرت ضجة في البحرين على الإعلان المنشور في صحيفة الرأي الأردنية والذي جاء فيه ترغيب بحصول المعلم الأردني على راتب وعلاوة اجتماعية وبدل سكن يصل إلى 550 دينار تقريبا وبدل سفر للزوجة والأولاد وتأمين العلاج الاجتماعي في المستشفيات والمراكز الصحية ومكافأة خدمة تصرف كل سنة مع قرض مالي يسترد على أقساط شهرية ميسرة مع توفير المواصلات للمدرسين للانتقال بين السكن وأماكن العمل, وهو إعلان أشبه بكونه ملصق لتشجيع الأردنيين للهجرة والاستيطان في البحرين (ملحق10) في الوقت الذي يعاني فيه المدرسون البحرينيون من البطالة, ولا يشترط الإعلان ضرورة الحصول على المؤهل التربوي في تخصص الحاسب الآلي وإنما يكتفى بالمؤهل الجامعي بينما يشتكي البحرينيون خريجو قسم الكمبيوتر من البطالة التي امتدت لسنوات دون حل لها, كما تقوم السلطة بتوظيف المجنسين العرب من أصحاب هذا التخصص في البحرين وتحرم البحرينيين.

والسلطة البحرينية لا تجبر أو تشترط على الشركات الأجنبية والمؤسسات توظيف العامل البحريني، على عكس بلدان العالم الأخرى، وهذا ما يندهش منه أصحاب الشركات أنفسهم الذي يفضل بعضهم العمالة البحرينية على الأجنبية ولا يجد لذلك سبيلا في الأماكن التي بها الغالبية الساحقة من العمال أجانب وهم الذين يسيطرون على مكاتب التوظيف ويحرمون العامل البحريني, يحصل هذا بدعم من السلطة, والأرقام التي أعلنت في آخر إحصاء سكاني سنة 2001 تبين أن الأجانب يمثلون أكثر من ثلث سكان البلاد، وأكثر من ثلثي القوة العاملة، وهذا يوفر جانبا من تفسير استمرار ظاهرة البطالة وتراجع مستويات العيش بين المواطنين. كل هذا مع إخلاص البحريني وسلبيات العامل الأجنبي الذي يلقي بأسلوب حياته وثقافته على المجتمع البحريني, وينتقص من الاقتصاد البحريني بالحوالات المالية الكبيرة للخارج ففي عام 1997 تم تحويل 480 مليون دولار للخارج كما أنّ نسبة واحد في المئة تقريباً من العمال الأجانب هم “فارّون” من كفلائهم ووكالاتهم ويسيحون في البلد بلا رقيب (5).

وقام العاطلون عن العمل بالاحتجاجات والمظاهرات دون أن تسمعهم السلطة وارتبطت مظاهراتهم دائما برفض التجنيس كشعار ثابت, أحداها كان يوم 7/1/2002 حيث تظاهر مئات من العاطلين عن العمل مطالبين بتوفير وظائف عمل لهم وإحلال العمالة الوطنية محل الأجنبية ورفضوا سياسة تجنيس الأجانب. وأخرى في 13/1/2002 وكانت مظاهرة حاشدة وفي مقدمتها لافتات كتب عليها مطالب العاطلين عن العمل وحقوقهم كمواطنين التي منها العمل في أي مجال وفي أي وزارة من وزارات الدولة وخاصة وزارتي الدفاع والداخلية وطالبوا بوقف التجنيس وأحقية المواطن البحراني في خدمة وطنه بدل الأجنبي المرتزق, وهتف المتظاهرون الذين يقدرون بالمئات بشعارات مثل ” كل الشعب ما يشتغل والأجنبي يشغلونه”, ” كل الشعب يطالب بإخراج الأجانب”, ” نحن نطالب بالأعمال لا نشاغب ” وهتفوا بـ ” الوحدة الوحدة يا طلاب حينما وصلوا إلى معهد البحرين والجامعة, ثم رجعت المسيرة إلى وزارة العمل, وتحدث بعض المشاركين عن المشاكل والمماطلة التي يواجهونها من قبل الوزارة في حل مطالبهم والتمييز الطائفي في التوظيف, وتكرر تجمع العاطلين عن العمل في نفس الأسبوع, وقرروا القيام بمسيرة في 17/1/2002 أمام ديوان الخدمة المدنية في المنطقة الدبلوماسية, وفي مظاهرات أخري رفعت شعارات ” أعمال ذليلة… رواتب قليلة ” و” حق لنا بالعمل وليس حق الأجنبي ” و” إلى متى إلى متى هذه المطالب “. وتظاهر عدد من المدرسين العاطلين عن العمل أمام مقر الحكومة في 3/2/2002 (6), وقام عدد من الخريجين والخريجات الجامعيين العاطلين عن العمل والذين يمثلون عدة تخصصات كالخدمة الاجتماعية واللغة العربية وإدارة الأعمال ومعلمة فصل والرياضيات والحاسوب,….. باعتصام أمام مبنى وزارة التربية والتعليم بمدينة عيسى في 23/7/2002 وطالبوا بلقاء وزير التربية والتعليم كما جاء في البيان الصحفي ولكن الوزارة بعثت بأصغر موظفيها إليهم, وطالب المعتصمون بتوظيف الخريجين والخريجات على حد سواء دون تمييز بين فئة وأخرى والإعلان رسمياً عن قوائم التوظيف وفي الجرائد الرسمية وفتح باب المُراجعة لمكتب التوظيف بالمنامة للخريجين والخريجات العاطلين للاستفسار عن أي شيء حول توظيفهم ووضع خطة حول التخصصات التي ترغب الوزارة أن يشغلها الخريجون والخريجات في مدارسها وإداراتها التابعة لها وكان رد الوزارة على هذه النقطة أنها لا يوجد لديها حالياً تخطيط مستقبلي وأنّ الخرّيج هو الذي يجب عليه أنْ يحدد المسار الذي يرى بأن السوق أو الوزارة تحتاج إليه !!!

والحكم يمارس الطائفية والتمييز في الوظائف بشكل سافر في كل مؤسسات الدولة الرسمية ويقصي أبناء الشيعة من كل الوظائف المهمة ويبقي بعض الوظائف الثانوية على عدد بسيط منهم للاستهلاك وادعاء بوجودهم في مجموع الوظائف, أنّ هذا التمييز متعمد ويهدف إلى إقصاء الشيعة من كل موقع مهم, وحسب دراسة دقيقة أجريت على يد أحد الكتاب البحرينيين خارج إطار الصحافة (7) ذكرت أنّه من مجموع ثلاث وعشرين منصب لوكلاء وزارة في البحرين يوجد وكيل وزارة شيعي فقط. وأنّ الشيعة محرومون من تولي رئاسة أية مؤسسة حكومية أخرى وعددها أربعة عشر مؤسسة كالجهاز المركزي للإحصاء ومؤسسة نقد البحرين والتأمينات الاجتماعية والمؤسسة العامة للشباب والرياضة وجامعة البحرين والطيران المدني وديوان الخدمة المدنية وشئون الجمارك والموانئ وبورصة البحرين وغيرها؟ وذكرت الدراسة تفصيلا لعدد موظفي الشيعة القلائل وهم أبناء الغالبية من الشعب التي تفوق 80 %, وذكرت أنّ عدد مدراء الإدارات والتنفيذيين الشيعة في وزارة التربية والتعليم اثنان فقط من أصل ثلاث وثمانين مديرا وموظفا تنفيذيا, وفي وزارة الإعلام واحد فقط من أصل أربع وثلاثين, وفي مؤسسة نقد البحرين واحد فقط من أصل ثلاث وأربعين, وفي شئون الجمارك والموانئ واحد من أصل واحد وثلاثين وفي شئون الطيران المدني واحد فقط من أصل أربع وعشرين وفي المؤسسة العامة للشباب والرياضة صفر من أصل واحد وعشرين ومثله في التأمينات الاجتماعية ووزارة العدل والشئون الإسلامية حيث المعادلة هي صفر مقابل ست عشرة, وفي وزارة العمل والشئون الاجتماعية عشرة من أصل خمس وأربعين, وفي وزارة التجارة والصناعة عشرة من أصل ست وثلاثين, ويطرح سؤال هنا وهو إن كان كل هذا ممكن أن يكون محض صدفة, وهل هي أيضا صدفة أن يستثنى الشيعة من تولي المناصب التنفيذية في جميع البنوك والمؤسسات المالية وجزء كبير من قطاع الشركات الصناعية؟ وهل هي محض صدفة أن لا يكون من بين موظفي المستشفى العسكري طبيب أو ممرضة أو حتى منظف من الطائفة الشيعية ؟ فهل المواطن الشيعي مشكوك في ولائه حتى كمنظف وعامل في حين يحمل المرتزقة السلاح ويستثنى المواطن الشيعي من حق الدفاع عن وطنه. وفي حقبة الإصلاح التي يتحدثون عنها يتم تعيين ثلاث عشرة مدير في وزارة التربية والتعليم والمؤسسة العامة للشباب والرياضة ووزارة التجارة والصناعة ليس من بينهم سوا اثنان من الشيعة.

وفي حقبة الإصلاح أيضا يمثل الشيعة أقلية ضئيلة حتى في المجالس الحكومية كالمجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي وحتى اللجان التي من المفترض أن يكون التمثيل فيها متساويا كتلك اللجان المعنية بتفعيل الدستور و”الميثاق” واللجان المنبثقة يكون الشيعة فيها أقلية, وهل من العدل والإنصاف أن تطرد الكفاءات الشيعية التي من بينها مهندسون ومحاسبون قانونيون من وظائفها في وزارات الكهرباء والماء والأشغال وشركة بتلكو وديوان الخدمة المدنية وينضموا إلى قوافل العاطلين في حين تتمتع الكوادر الفاشلة والمشكوك في نزاهتها والمحالة على التقاعد في طيران الخليج براتب كامل وتتمتع بالرعاية ويعاد تعيينها ورغم وصولها إلى سن التقاعد في وظائف عليا في أجهزة الدولة, فيجمع هؤلاء الفاشلون براتبين في حين تهيم الكفاءات الأخرى على وجهها وتسد أمامها أبواب العمل والحياة الكريمة! ولا يكون بعد ذلك الحديث عن العدالة والمساواة إلا لغوا ؟ ورفع شعار الأسرة الواحدة إلا كذبا.

ويرى أصحاب القرار في البحرين أن زيادة الثروة هو الهدف الأهم وإن مر على آلام المواطنين وأمعن في فقرهم، وعلى هذا تم العمل بنظام التأشيرات الحرة ” فري فيزا ” حيث يتم جلب أعداد من العمال الأجانب عن طريق أحد المتنفذين في الحكم أو أصحابهم ويعملون أحرارا في السوق البحرينية مقابل أجرا يدفعه العامل الأجنبي للمستورد البحريني, ويقدر بعض المواطنين عدد العمال الذين يعملون بهذه الطريقة التي تنعكس بسلبياتها على العامل البحريني أكثر من 60 ألف عاملا, ويدعى أن رئيس الوزراء البحريني لديه وحده أكثر من 15 ألفا منهم, وأن مجلس الشورى المعين تلقى أوامر بإغلاق هذا الملف حين فتحه, كما يرون إبقاء أجرة العامل البحريني متدنية وعدم تعيين حدا أدنى للأجور وهو إجراء معمول به في كثير من دول العالم حماية للعامل من استغلال جشع رؤوس الأموال.

ويتم اضطهاد الأجانب للعامل البحريني بعد أن يرون تغافل النظام البحريني نفسه ولا عجب أن نسمع شكاوى مثل قيام المدير الاسترالي بإنهاء خدمات الموظفين البحرينيين دون الإماراتيين والقطريين والعمانيين واستقدام مجموعة استرالية مكانهم, أو قيام أحد المجنسين العرب ويعمل في شركة(8) بمحاولة إذلال الموظف البحريني عبر سلسلة من القرارات المجحفة كإعادة صياغة الأجور ووقف الزيادات وإجبار الموظفين على توقيع عقود سنوية هي أشبه بوثيقة اعتراف بوليسية وكل ما فيها انتقاص لكرامة المواطن البحريني على أرضه, والتهاون مع مدير التوظيف السيرلانكي الجنسية بالتضييق على البحرينيين ومنعهم من الصلاة في الوقت المستقطع من الدوام في الشركة وإغراق الشركة بالعمالة الأجنبية بمرتبات خيالية مع أنها اقل خبرة وتتدرب على يد البحريين لتصبح بعد فترة وجيزة مدراء عليهم واستجلاب العمالة السائبة من الفري فيزا بشكل كبير لا يتصوره أحد للعمل في دوام ليلي بعيدا عن عيون الرقباء من وزارة العمل أو أجهزة الدولة, ويعمل منهم الكثير أثناء النهار أيضا بعد إعداد مخابئ سرية للاختباء عند حصول أي تفتيش مرتقب.

والغريب أنّ وزارة التربية فصلت المدرس الفلسطيني محمد شكري الجماصي بعد ثلاثة عقود من الخدمة والتدريس وخبرة لأكثر من 32 سنة بحجة البحرنة (أي جعل الوظائف بحرينية) سنة 1999 كذبا وزورا, والسبب الحقيقي هو تشيعه المعلن, في الوقت الذي يجري التعاقد السنوي مع المدرسين من الخارج ويحرم البحريني من التعليم والشيعي والمتشيع.

حرمان المواطن من العمل في الجيش والشرطة:

أحد أسباب ازدياد البطالة في البحرين هو حرمان المواطنين الشيعة من العمل في عدد من الوزارات والوظائف كما ذكرنا وأهمها وزارتي الدفاع والداخلية وهما الوزارتان اللذان تستوعبان كل المواطنين العاطلين عن العمل إذا تم استبدال الأجانب بهم, ذلك أنّ غالبية الأجانب الذين جنسوا يعملون في هاتين الوزارتين, وهما اللتان يمثلان مخرجا عمليا في كثير من الدول للتقليل من مشكلة البطالة, ولكن النظام لا يثق في الشعب ولا يقبل على توظيفه في أمكنة حساسة, وبرغم التأكيدات التي ذكرها الحاكم للرموز السياسية الشيعية خلال الفترة التي سميت خطأ في الإعلام الرسمي بالإصلاح فقد بقي باب التوظيف في وزارتي الداخلية والدفاع مقفل ومحرم على الشيعة, وتأكد أنّ إشارات الحاكم حول المساواة وعدم الطائفية للاستهلاك ولم يخضع القرار الاستراتيجي بمنعهم للتنازلات ولا “المكرمات ” فهاتان الوزارتان شكلتا لتكون حماية للنظام من الشعب وليس حماية للشعب من العدو وعند تأسيس الحرس الوطني تم استيراد الآلاف المرتزقة من مختلف أصقاع الأرض كان آخرها من صحراء سوريا وقبائل اليمن. وقانونا فإنّ في منعهم مخالفة لمواد الدستور الذي ينص على المساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص (9), إنّ الدولة ملزمة بإصلاح عام حقيقي بدلا من الخداع وكسب الوقت وتوظيف العاطلين عن العمل جزء مهم من هذا الإصلاح, وقد أكدّ حرمان الشيعة من العمل في الوزارات الرئيسية والجيش والشرطة في زمن تدّعيه السلطة ومروجوها بالإصلاح على عدم توفر الحد الأدنى من الثقة لديها اتجاه الشعب, وبالتالي سيقابلها الشعب بالمثل وسينظر لكل ما تطرحه على أنه أكاذيب وحيّل, ولن تكتسب السلطة ثقة الشعب مادام الجيش والشرطة أجنبيان وغالبية المواطنين محرومون من العمل فيهما وسيستمر التوتر بين السلطة والشعب.

والمشكلة في مفهوم الأجنبي فالشعب يعتبر أن غير البحريني هو الأجنبي ويختلف شدة وضعفا وآل خليفة يعتبرون البحريني الشيعي هو الأجنبي, ولأنهم أساسا غير بحرينيين لا زالت عقليتهم تتعامل على ارتكازات ورثوها من أجدادهم ولا زالوا يفتقرون إلى الانصهار الوطني أو الوطنية التامة, ولا زالوا يعتبرون قبيلة الدواسر في الجزيرة العربية وبدو صحاري سوريا أقرب إليهم من المواطن البحريني الأصلي, ولا يحسون بالغربة اتجاه البلوشي الباكستاني أو اليمني والهندي والأردني ويطمئنون إليه ويضعونه في المراكز الحساسة في الجيش والشرطة ويتجنبون المواطن البحريني, ولكنهم لا يدركون مساوئ هذا الخليط الجيشي المرتزق, وربما يحتاجون إلى حرب خارجية يفر منها المرتزقة بجلودهم إلى بلدانهم الأصلية لتكون منبها لهم بأهمية وأولوية أبناء البلد, ولم يعتبروا من هرع المواطنين لإنقاذ جثث طائرة طيران الخليج الساقطة قرب سواحل الدير, عفويا وبدون أوامر في أقل من ساعة واحدة بكل إخلاص وكفاءة, بينما جاءت قوات المرتزقة متأخرة بعد أن أخرجت الجثث, وغطس أحد أفرادها دون أن يستطيع الخروج ثانية إلا جثة هامدة كما روى المواطنون, فهل يستطيع هؤلاء المرتزقة الدفاع عن البلد وحمايتها فيما لو دخلت حربا؟ أو أنّ وظيفتهم فقط هو ضرب وتعذيب المواطنين ؟ وهل يستوي المواطن الذي تربى على هذه الأرض وترعرع ومات أجداده كادحين في ترابها وبها تاريخه وماضي أسلافه مع من جئ به للاسترزاق والاستكلاب, أنّهم بلا شك لا يشعرون بالمواطنة والوطن وربما يضحكون في الخفاء -وهم الأميون- على النظام الذي استبدل بهم المواطن وفضلهم عليه!!

إنّ تمكين الأجنبي على مقدرات الأمة وأجهزتها الأمنية والدفاعية هو الخطورة العظمى على الأمن والاستقرار وأحد هذه الأخطار إمكانية قيامهم بانقلاب عسكري على آل خليفة الذين لا يفقهون ولا زالوا مصابين بالهوس الأمني الذي يقوم أساسا على أنّ السلطة هي سلطة احتلال وأنها لا تنسجم مع أبناء البلد وتتمايز عنهم وهي خارج الوطن وفوق الشعب فهي لا تدرس في مدارس الشعب ولا تصلي في مساجده ولا تشاركه أفراحه ولا أحزانه ولا ترتاد نواديه ومقاهيه ولا تعرف شيئا عما يعانيه المواطن في بحثه عن مسكن أو وظيفة أو مستقبل, فهي معزولة عن الشعب ولا تثق به وتستنجد عليه بالأجنبي المرتزق وتراه يحقق لها أمنها وأمانها ورخائها من خطر المواطن ويحفظ لها امتيازاتها المالية والاجتماعية والسياسية بينما تقوم فئة من السلطة وحواشيها وجماعة من المرتزقة في هذا الوطن بتغذية المفاهيم الطائفية الوسخة وتضخيمها للحفاظ على مواقع إدارية وسلطوية يخافون من خسرانها في حال تعاملت الدولة مع مواطنيها على أساس المواطنة والمساواة والعدالة.

الولاء:

يعرّف الولاء بأنه الإخلاص لشخص أو مبدأ أو قضية أو مؤسسة أو دين أو وطن أو أمة أو غيرها, ومن الناس من يلتزم بالولاء للأسرة, أو للعشيرة أو للمدينة, ويقدم المتدينون الولاء للدين أو للمذهب, بينما يتخطى البعض ذلك كله. ما يهمنا هنا هو مسألة الولاء للوطن, الوفاء والإخلاص للوطن, فالمجموعات المستوردة من عدة دول عربية وغير عربية فاقدة لكل معاني الوفاء والإخلاص للبلد المستورد وهو البحرين بل وتشكّك أنظمتها ذاتها بحقيقة ولاءاتها الوطنية, ولهذا لا نستغرب أبدا عندما تقبض البحرين على مجموعة من الأردنيين المستوردين وتتهم بالتعاون المخابراتي مع “الشقيقة” قطر(10) العضو في مجلس التعاون الخليجي حسب التسمية الرسمية في أثناء ما يمكن أن تسميه الحرب الباردة بينهما في الثمانينيات. الغريب هنا أن حكومة البحرين لا تطالب هؤلاء بالولاء للوطن وتعرف أن هؤلاء لا يملكون هذا الشعور والإحساس والإخلاص ولكن تطالب عبر صحافتها المواطنين بالولاء للحاكم ومن ينتمون إليه, ومع القمع والاضطهاد والتمييز على مدى أكثر من قرنين لأبناء الوطن الأصليين، إلا أنهم تناسوا جروحهم وآلامهم، وأثبتوا صدقهم وطيبتهم عند زيارة حاكم البلد إلى جزيرة سترة بحماس وتصفيق وفرح، وهذا ما لا يستطيع فعله صادقا كل المرتزقة الذين استمر تدفقهم أثناء وبعد مشاعر الحب والإخلاص في سترة والتي قابلتها السلطات بمزيد من تجنيس الحثالات, ومنها من هو متعصب لكل ما ورثه في بيئته البدائية البدوية ومنها من لم يتخلى عن لغته الأصل ولم يتعلم العربية وهو في البحرين سنوات مديدة ومنها من يسخر من النظام الذي جاء به ووظفه.

 لا ينبغي أن تكون الذريعة التي يختفي وراءها النظام لمنع الشيعة من العمل في وزارتي الدفاع والداخلية، ويدّعيها واجهات النظام هنا وهناك هي مسألة الولاءات لدى أبناء الشيعة، فهذه الهواجس لا ترقى لأن تكون سببا لمنع التحاق الشيعة بالأجهزة الأمنية, ففي المقابل يمكن أن يدّعى بأنّ السنة أو بعضهم لديه ولاء للسعودية أو أنّ البعض له ولاءات سياسية عراقية وسورية وروسية, وأنّ السلطة نفسها كانت ولاءاتها أجنبية ولم تكن عربية ولا إسلامية واعتمدت على الأجنبي لتسيير أمور البلاد, وأنّ قوائم الضباط الكبار تضم في أرفع المناصب أجانب غير عرب, ووزارة الداخلية تدار مباشرة بأيدي البريطانيين والأمريكيين وأبرزهم (أيان هندرسون)، وهم بدون شك لن يخدموا المصالح البحرينية والعربية والإسلامية على حساب مصالحهم ومصالح بلدانهم، تلك المصالح التي تفترق وتتباين مع المصالح العربية والإسلامية. ولهذا فإنّ المناصب الحساسة لا تعطى في بلدان العالم الأخرى إلا للمواطنين، بينما تشترط بعض الدول أن يكون المرشح لمثل هذه المناصب من المواطنين الذين ولد أبواهم في البلد نفسه. وبالمعايير الأكاديمية، فإنّ الموظفين المستوردين في وزارة الدفاع والداخلية، فاقدين لأية مؤهلات علمية وأميون يجهلون القراءة والكتابة، ولا يميزون بين أعلى وأسفل الصفحة إذا لم تكن بها صورة، وفاقدين لشعور المواطنة والولاء، والمواطنون العاطلون عن العمل من حملة الشهادات المدرسية والجامعية العليا، ومرتبطون تمام الارتباط بالوطن وأهله، وإذا وجد القرار السياسي؛ فإنّ المواطنين يحتاجون لأسابيع قليلة فقط ليتم إحلالهم محل الأجانب.

الخدمات الاجتماعية والاقتصاد

إنّ من واجب الدولة وهي التي استولت واحتكرت كل ثروات البلد وفرضت الضرائب المختلفة على المواطنين توفير الخدمات الضرورية والأساسية للمواطن صاحب هذه الأرض والثروات كالتعليم والتطبيب وتوفير السكن المناسب واللائق للمواطنين دون أن تتبع ذلك بنوع من المن على الشعب أو تعتبره فضلا وتقديمه بعنوان هبة أو مكرمة كما يحلو ذلك للحكومة البحرينية فتقابل بسخرية الأهالي قبل الأجانب الذين يعون إلى أنّ هذه الخدمات من إسكان وتعليم وصحة حقوق ناقصة لهم ودون مستوى الثروات التي منحها الله سبحانه وتعالى لهذه الأرض ولهذا الشعب, ولا يوجد تفسير للتناقض بين معدل دخل الفرد البحريني حسب المصادر المستقلة وبين مستوى الخدمات المتدنية والبنية التحتية الناقصة له, فالتقرير الفرنسي الصادر في ديسمبر 2001 يضع البحرين في المركز الرابع بين دول الخليج بعد الإمارات والكويت وقطر من حيث المعدل السنوي لدخل الفرد وهي تسبق السعودية وعمان في حين أننا نرى بوضوح وبفوارق كبيرة أفضلية الخدمات الاجتماعية السعودية والعمانية على البحرينية وثراء الشعوب الخليجية وفقر المواطن البحريني, وهكذا تتأكد بوجود خلل ما عندما تقرأ تقرير المؤشر الدولي للتنمية البشرية لعام 2002 للأمم المتحدة حيث تأتي البحرين في المركز الـ39 على مستوى العالم من بين 173 دولة ولكن الدولة تتشدق بأنها الأولى حسب التقرير على الدول العربية بينما تأتي الكويت في المركز 45 والإمارات 46 وقطر 51, والسعودية 64, ويعتمد هذا المؤشر تصنيفه للدول حسب إنجازات البلد في مجالات متوسط عمر الفرد والتعليم ومتوسط دخل الفرد بينما عمليا يعتبر المواطن البحريني الأفقر في دول الخليج ويفوق مستوى التعليم في غالب دول الخليج الأخرى على مثيله في البحرين(11), وتقول مصادر في المعارضة البحرينية أنّ أحد العاملين في مكتب الأمم المتحدة في البحرين سوداني الجنسية، هو من يزود الأمم المتحدة بمعلومات خاطئة عن البحرين، مما يجعلها الأولى في مؤشر التنمية البشرية على مستوى الدول العربية، بعد أن وعدته السلطات في التسعينات من العقد الماضي بمنحه الجنسية البحرينية هدية له على أكاذيبه.

والبنية التحتية في هذا البلد الصغير ناقصة فالكثير من المناطق محرومة من الماء الصالح للشرب وتفتقر إلى المجاري العامة والطرق المرصوفة, ويعاني قطاع الكهرباء من أزمات حقيقية وقد رأينا الانقطاع الكثير والمتكرر في اليوم الواحد للتيار الكهربائي في هذا الصيف 2002, ولا زال التعليم يعاني من مشاكل عديدة، ومن عدم توفر المدارس والفصول الدراسية رغم المساعدات الكويتية للمشاريع التعليمية في البحرين. وهكذا القطاع الصحي وشؤون التطبيب يعاني من المآسي والفضائع، ويضطر الأهالي للسفر للحصول على تشخيص صحيح لأوضاعهم الصحية والعلاج المناسب والدواء, ويقدم المستشفى العسكري وهو الأفضل في البلد خدماته مجانا إلى أفراد آل خليفة والمرتزقة الأجانب في الجيش والشرطة، بينما يدفع المواطنون تكلفة كبيرة في حال اضطرارهم للتطبيب فيه, أما القطاع الإسكاني الذي يدعم من دولة الإمارات العربية فهو يعاني من سوء التخطيط فلم تتحمل وزارة الإسكان مسؤوليتها في التخطيط لبناء المدن والقرى ولتطويرها وتركت الأمر يسير بشكل عشوائي بعيد عن التخطيط الضروري اللازم للبناء، مما نتج عنه فوضى عمرانية اضطر فيها المواطن إلى العيش في بيوت صغيرة قديمة ومكدسة بشكل عشوائي، فاقدة إلى تخطيط المدينة الحديثة ومستلزماتها، مفتقرة إلى الطرق المناسبة ومواقف السيارات والحدائق العامة والمنتزهات وأماكن ألعاب الأطفال, وفي حين احتكر آل خليفة جميع أراضى البحرين تقريبا وتصرفوا فيها على أساس الملك الخاص واستغلوها لتكديس ثرواتهم, يحرم المواطن من حقه في امتلاك قطعة ارض مناسبة لسكنه، ويضطر للانتظار لسنوات عديدة تصل إلى أكثر من عشر سنوات في طوابير وزارة الإسكان، من أجل الحصول على قرض الإسكان أو أرض الإسكان وإلى سنوات أطول من أجل الحصول على منزل من هذه الوزارة التي تتعامل مع شعب لا يزيد تعداده عن 350 ألفا حسب الإحصائيات الحكومية في التسعينات.

ومن هنا يبرز التناقض الواضح الذي لا يرى المراقب له جوابا إلا إصرار النظام على محاربة المواطنين في وجودهم، بتغيير التركيبة السكانية للبلد وهويته الثقافية، باستيراد المرتزقة الذين يستنزفون ثروات البلد، وإعطائهم الأولوية في الخدمات الإسكانية، من بيوت وقروض في مدينة حمد وغيرها، دون الحاجة إلى الانتظار إلى أشهر فضلا عن سنوات كما هو حال المواطن المستضعف, وبينما ينتظر المواطنون بيوت الإسكان لأكثر من عقد من الزمن وتفاءلوا بالإعلان عن المساعدات المالية الإماراتية لبناء مساكن لشعب البحرين وإذا بالنظام قد أعلن عن حجز هذه المساكن إلى “المخلصين ” من المواطنين, والذي يعني في عرف الحكم مجموعة المتزلفين والمرتزقة المجنسين. ويحتاج المرتزقة بسبب المستوى العلمي المتخلف لديهم إلى جهد كبير وأموال إضافية لتأهيلهم وتعليمهم وتدريبهم مما يرهق كاهل الدولة على حساب بقية المواطنين كما أنّ إسكانهم يحتاج إلى أموال مضاعفة وميزانية كبيرة تفوق حصة المواطن البحريني الذي عاش في بيت أبيه وبنى بيته بكده وجهده.

ولابد أن يتساءل المواطن والمراقب لأوضاع البلد لماذا هذا الإصرار الحكومي على استيراد المرتزقة وتجنيس الأجانب والبلد صغير المساحة ومحدود الموارد كما تدّعي السلطة ويعاني من نمو سكاني مرتفع وكثافة سكانية هي الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى النمو الاقتصادي البطيء قياساً بالنمو السكاني مما يسبب في أزمة اقتصادية وأزمة بطالة خانقة كانت سبباً رئيسياً في وقوع الأحداث التي هزت البحرين من عام 1994 حتى عام 1999, ولا مجال إلا للتشاؤم مع هذه الزيادة السكانية المفاجئة وغير المحسوبة بدقة لتجنيس عشرات الآلاف الذين يحتاجون للخدمات الاجتماعية وميزانيات علاجية ومساحات سكنية وقوانين تنظيمية إدارية والمواطن محروم من عمل ومعاش وسكن, ليستنتج أنّ الانتفاضة القادمة سيكون مفجرها تجنيس المرتزق وحرمان المواطن, ولماذا الإصرار على عمليات التجنيس الواسعة ووزارة الإسكان تحذر من حصول الانفجار السكاني في البحرين الذي يعرقل خططها ولن يكون بمقدورها توفير الإسكان للأسر على الوجه المطلوب وبالسرعة اللازمة مع التزايد السكاني المطرد في البلد, وقال مصدر في الوزارة أن الطلبات الجديدة قد تبقى على قوائم الانتظار مدة عشر سنوات بالنسبة إلى الحصول على قسائم سكنية من بيوت أو شقق سكنية أو قروض لبناء مساكن وأن 31 ألف طلب من قبل لا يزال على قوائم الانتظار, وقال وكيل وزارة الإسكان أنّ عدد سكان البحرين قد تزايد خمسة أضعاف عدده على مدى الـ25 سنة الماضية وهذا من شأنه أن يجعل من المستحيل على الحكومة أن توفر المشروعات الإسكانية حسب المتطلبات وقال أنه ينبغي على المواطنين تفهم محدودية الموارد المالية والميزانية لدى وزارة الإسكان, كما قال أنّ سجلات بنك الإسكان تؤكد على أن هناك من حصل على قطع أراض سكنية منذ عام 1983م لكنه لم يستطع البناء حتى الآن ! (12) والعجيب أنّ الصحافة البحرينية تنتقد كثرة الإنجاب والزواج المتعدد (13) وهي حالات قليلة في شرائح المجتمع البحريني وإلقاء اللوم والمسئولية على الدولة والمجتمع, لكنها لا تتحدث عن المرتزقة المجنسين الذين استوردوا من مناطق عرفت بكثرة الإنجاب وتعدد الزوجات وهذه مزايا ملحوظة عند المستورد.

وتخشى المعارضة من تخطيط الدولة للمناطق السكنية بصورة تهدف إلى توزيع المواطنين في مناطق سكنية جديدة بدلا من العناية بالمناطق السكنية التي يقطنونها حاليا, ولا يستبعدون أن يكون الهدف من ذلك هو تفتيت الهوية الشيعية التقليدية للقرى التاريخية وذلك بالقضاء عليها تدريجيا ومحو آثارها الثقافية وانتماءاتها التاريخية, وقد دأبت حكومة البحرين على إبادة الهوية الشيعية في البحرين منذ عقود، والذي اصطدم بوعي المواطنين ومقاومتهم له فمنع من التحقق, وحتى الآن فالتاريخ الذي يدرّس في المدارس لا يعترف بالوجود الشيعي الذي تواجد في البلاد منذ صدر الإسلام وهو مذهب الغالبية من السكان (14).

الجانب الاقتصادي:

يعاني الوضع الاقتصادي في البحرين من تدهور وسوء تخطيط ويستفيد أبناء السنة من التمييز الطائفي الحكومي في هذا المجال الحيوي بتعيينهم في الوظائف العليا والأجهزة الأمنية ويقف على ترؤسهم أفراد من آل خليفة ومجموعة صغيرة من أصحاب النفوذ, وتشير الدراسات إلى أنّ المخزون النفطي يتناقص وهي السلعة الأساسية للدخل في البحرين بينما تقول بعض المصادر البحرينية أنّ ذلك ليس إلا دعاية يراد بها إقناع أبناء البحرين بمحدودية دخلهم وإيهامهم بفقر بلدهم وإبعادهم عن معرفة الأرقام التقريبية للثروة الحقيقية, وأنّ البلد تعيش على بحيرات نفطية وأنّ الآبار النفطية البحرينية مشتركة مع آبار العربية السعودية الغنية والتي يتسرب منها النفط إلى الأراضي البحرينية المنخفضة, ويستولي آل خليفة دون أدنى حق أو كفاءة على المناصب العليا في الوزارات والدوائر الحكومة كوزراء ووكلاء وزارات ومدراء ومسئولين أقسام ويستأثرون بما يقارب الخمسين في المائة من الدخل العام, ويحصل كل فرد من آل خليفة على مرتب شهري منذ اليوم الأول لولادته ويحدد مقداره على مدى قربه أو بعده من شجرة سلمان الحاكمة إلى الدرجة التي يحصل بعضهم على مبلغ شهري يقدر بآلاف الدنانير والمواطنون يعانون الصعاب في مأكلهم ومشربهم ومسكنهم, ويقومون بسرقة حصة محددة من عائدات النفط، وتدخل حصة البحرين من حقل أبو سعفة المشترك مع السعودية في جيب الحاكم دون غيره من أبناء الشعب, ولا تدفع آل خليفة أية ضرائب في حين يصرف المواطن العادي أكثر من ثلث راتبه المحدود على ضرائب الكهرباء والماء والبلدية وغيرها من الرسوم الشهرية والسنوية التي تفرضها عليه وزارات الدولة المختلفة, وقد دمر آل خليفة الاقتصاد البحريني التقليدي وأسرفوا وبذروا في الثروات الطبيعية التي حبا الله بها هذه الجزر الوادعة، ولم يخططوا ويعملوا لخلق البدائل الاقتصادية الحقيقية، وعوضا عن ذلك استوردوا الآلاف من المرتزقة ليكونوا عبئا على المواطنين والاقتصاد الوطني, وبكميات لا تستطيع البلد استيعابها، وإن استطاعت فعلى حساب أبناءها بمضاعفة الضغوط على مواردها المحدودة كما تصفها الحكومة نفسها, فالمواطن البحريني ومن أجل تكوين بيت وعائلة يحتاج لعدد من السنوات بعد إكمال دراسته الثانوية ثم الجامعية ثم البحث عن وظيفة وادخار للحصول على سيارة ثم الخطوبة والزواج، ويقضي لياليه في التفكير حول إمكانية تعيش أبناءه وتوفير اللقمة والمال الحلال لهم، ثم يرى بأم عينيه أن كل تلك المدة والمال والسكن والوظيفة، يختزلها النظام ويهيئها للأجنبي الغريب عن الدار والوطن والعادات والخلق، ففي حين يحرمه النظام منها, يمنحها للبلوشي والسوري واليماني والأردني والباكستاني ليؤسس عائلة كبيرة تتمتع بنوع من الحصانة، ومدخول ثابت، وتوفير المدارس الجيدة، والتطبيب لها ولأبنائها ليكونوا بعد حين أصحاب قوة اقتصادية ونفوذ, ويحس المواطن الذي خرج من السجن الصغير في الفترة التي سبقت خدعة الإصلاح ومؤامرة الميثاق أنه وقع في سجن أكبر محروم من مصدر رزق يكد به على عائلته ويضطر العائد من المنفى تحت ضغط الحرمان والتمييز الرسمي والبطالة إلى الرجوع إلى المنفى يكمل فيها بقية عمره بعد أن قضى فيه زهرة شبابه, ويضطر المواطن الشيعي وهذا ما يرموا له النظام بالتأكيد إلى تقليل الإنجاب, ولا يستطيع بعض المواطنين الإقدام على الزواج أو يتزوجون متأخرين, لتكون النتيجة غالبية المرتزقة خاصة مع تكاثرهم السريع بغير حساب على أبناء الشعب.

وعملية التجنيس بشكلها التي تسير عليه السلطة في البحرين شاذة وغريبة ولا تجد لها مثيل قي بقية دول العالم مهما اختلفت مناهجها وأسلوب إدارتها للحكم وتعاملها مع شعوبها فالجنسية تمنحها بعض الدول لفئة من المستثمرين وأصحاب المال والثروة بهدف جذب السيولة واستثمارها لتنشيط الاقتصاد الوطني كاستراليا ونيوزيلندا وغيرها, وفي البحرين يجري العكس وخلافا لكل الأعراف والقوانين حيث يتم استقدام العنصر البشري المستهلك والمعال والذي يستقطع من ميزانية الاقتصاد الوطني ليخلق وضعا معيشيا صعبا للمواطنين ويضيف ثقلا على ثقل البلد الذي يعاني في الأساس من أزمة اقتصادية خانقة كما هو واضح, فكل الذين أتت بهم سلطة لآل خليفة من الطبقة الوضيعة والغير مثقفة لا يملكون رصيدا ماليا يقدمونه للبلاد ولا أصحاب كفاءات أو مؤهلات علمية, ولهم من العادات والتقاليد الغير شريفة وبعيدة عن قيم الأخلاق الإنسانية.

جرائم المجنسين

صغر المجتمع البحريني ومساحة بلده مع طيبة أهله وتدينهم وثروة أرضه تجعله يعيش بأمن وأمان وبمستوى أخلاقي وسلوكي رفيع, والعلاقات العائلية والقرابات في هذا المجتمع الصغير تجعل كثير من أصحاب نوايا الشر تخجل من القيام بأعمال إجرامية, فتنظر الناس إلى بعضها بنوع من الصدق والصلاح وتتعامل فيما بينها بالود والرحمة والرأفة, وهذا ما لا تريده جهات في النظام في البحرين بل أرادت كسره وتحطيمه متوهمة أنه يصب نهاية في مصلحتها وموافقا لمبدأ فرق تسد الذي يمارسه الحكم منذ أن جاءت قبيلة آل خليفة إلى هذه الجزر, فحرصوا على تعبئة الأهالي ضد بعضها وأشاعوا في الأوساط السنية مخاوف كثيرة من الشيعة وبالعكس وهي بعيدة كل البعد عن الحقيقة, وقاموا بسياسة تمييز وكرسوا الطائفية البغيضة بأبشع صورها, وجعلوا للمخابرات مطلق الحرية في قمع الشيعة وبث الإشاعات والمؤامرات وأنواع الرذائل والقبائح والنهب والسلب ضد الشيعة, ثم قاموا بإغراق البلد بألوان المجنسين من اثنين وأربعين بلدا مختلفا، ليس بينها ثقافة واحدة ولا تأريخ ولا طموح، وأعطوا الأولوية في التجنيس للمرتزقة والأوباش والجهلة من البدو ولأعضاء جهاز المخابرات الساقط, فلم يصبح بين أفراد الأمة الاطمئنان والثقة وضعفت الروابط بينهم وصارت تختفي بينهم دلالات المودة وروحية التسامح والتعامل بالرحمة والرأفة والإيمان, وبدأ ظهور الجرائم الكبيرة في المجتمع الصغير بما لم تعهده هذه البلد من قبل.

ومع استمرار هذه السياسة العرجاء سوف تزداد الجرائم النكراء وخاصة مع تكاثر المجنسين وازديادهم, وقد علّم النظام المرتزقة في قوات الشغب أن سرقة الشعب عبارة عن غنائم مشروعة.

وبعد كثرة جرائمهم وغرائب طباعهم وتكرر تصرفاتهم الرعناء أصبحت المناطق التي يسكنونها وهي مناطق أبناء السنة غالبا غير آمنة تماما وصار الآباء يخشون على أبناءهم من الخروج لوحدهم, ويخشون عليهم في المدارس من تأثرهم بطباع أبناء المرتزقة واكتساب القبائح منهم, كما اتهموا بمشاكل في الأسواق التي يرتادونها وفي المنتزهات التي يأتونها وبإدخال ممارسات قذرة هي بعيدة كل البعد عن أهالي الخليج عموماً والبحرينيين خصوصاً، كالممارسات غير الأخلاقية، والتسول في الشوارع والأسواق مع غناهم ووظائفهم حسب مصادر بحرينية, واقترنت تلك التصرفات بالتخلف والتعجرف, وأصبحوا ثقلا كبيرا لا يمكن تحملهم، فقامت قرية جو بطردهم بالقوة منها وأنهت عقود الإيجارات معهم في نهاية التسعينات من القرن الماضي, وسعت قرية عسكر إلى طردهم بالاتصالات مع أطراف حكومية وبالصحافة وبالعرائض.

ومن المؤسف أن تتستر السلطة وصحافتها على قضايا كثيرة وجرائم عديدة يقوم بها المجنسون لمواصلة سياسة التجنيس ومنها جرائم قتل واغتصاب وقد ذكرت أوساط بحرينية أن قضية القتل التي حدثت في بمحطة الأقمار الأرضية بشركة بتلكو بتاريخ 2/7/2002 وتم نشرها في الصحافة المحلية دون تفاصيل الشخصين القتيلين والجريمة (15) كانت لمجنسين بلوش والاثنان حراس أمن وأنّ سبب القتل يتصل بالعرض والشرف. وسنذكر هنا بعض النماذج فقط التي قام بها المجنسون:

سرقات أموال:

قالت مصادر مطلعة بأن عددا من المجنسين في الجيش والشرطة قاموا باستلام قروض كبيرة لبناء مساكن لهم، ولكنهم ما أن استلموها حتى خرجوا بها إلى بوادي الشام دون رجعة, ولا تستطيع السلطة في البحرين استرجاعها منهم.

إدارة بيوت للدعارة:

ذكرت صحيفة المنامة الإلكترونية التي اغلق موقعها لاحقا من قبل السلطات أن تحقيقات موثّقة كشفت عن وجود شبكة دعارة واسعة يديرها متجنّسون يمنيون ومواطنون خليجيون، وتتخذ الشبكة أماكن لها في منطقة المنامة والرفاع والمحرق، وتقوم بتوزيع الخدمات على البيوت في هذه المناطق وغيرها بالاستعانة ببعض المواطنين البحرينيين. وذكرت أنّ هذه الشبكة المحلية تستخدم بعض مواقع الإنترنت لترويج خدماتها وعرض بعض الأفلام والصور مصحوبة بأرقام الهواتف ومحل الإقامة، ويذكر أحد الخليجيين في حديث خاص بأنّه اعتاد على ارتياد هذه الأماكن في البحرين بفضل هذه المواقع وأنّ معظم الذين يُديرون الخدمة هم من المتجنّسين الذين يعملون في وزاراتي الدفاع والداخلية. في الموضوع نفسه أفاد أستاذ جامعي في جامعة البحرين بأنّ موفدين من بعض الفنادق الرئيسية في البلاد يتواجدون في جامعة البحرين من أجل البحث عن طالبات مهيئات لخدمة الدعارة في الفنادق، وتقول هذا المصدر بأن لديه وثائق تؤكد تورّط أكاديميين وإداريين معروفين في الجامعة في تزويد هذه الشبكة بالطالبات، كما يؤكد وجود أيدي للمتجنسين في هذه المسألة(16).

ولم يصدر أي تعليق من قبل الحكومة أو وزارة الداخلية يتعلق بهذا الموضوع الخطير ولم يطرح لا من قريب ولا بعيد شيء في الصحافة المحلية التي تفرغت في الوقت نفسه بكتابة المواضيع الطائفية المنبوذة, وقد يشير هذا إلى تورط وجوه نافذة في الدولة في هذه الدعارة, وليس في البلد قضاء ولا قانون ولا لجان تحقيق وتقصي الحقائق تقدم المتهمين إلى المحاكم وتنشر أسمائهم علناً بل يتم التستر على القضية وكأنّ شيئا لم يكن.

جريمة أخرى حصلت في أواسط عام 2002 ، وكان مديرها مليونير سعودي متجنس (مزدوج الجنسية) صاحب وكر للدعارة وموقعه في (إسكان عالي) وقيل أنّ لديه أكثر من مكان في البلد وفي الدول العربية, وقام المواطنون بنشر اسمه ورقم هاتفه وأسماء من يعملون معه وتفصيلات حول المنزل ورصيده في البنك ومتاجرته وعنوانه, وقد كتب أهالي المنطقة للسلطة عريضة احتجاجية ضد هذا العاهر لكنهم لم يتلقوا أي جواب؛ فاضطر أهالي المنطقة للتدخل ضد ممتلكاته وحاشيته، فقامت نقطة أمن المنطقة باستدعاء علماء الدين في تلك المنطقة للاحتجاج عليهم واستجوابهم حول الموضوع، لإعتقادها أنهم وراء التحرك الشعبي، وقامت باستدعاء ذلك المجرم لاحقا بعد أن انتشرت روائحه السيئة وهدده المواطنون. وقد نسب هذا الشخص الفساد الأخلاقي لمتجنسين وذويهم مما لا نطرحه هنا ونتمنى ألا يكون صحيحا, كما نسب كثيرا من جزئيات الفساد الإداري الذي يقومون به، وقد وضعوا في مواقع سلطوية.

جاسوسية:

أعلنت البحرين أنها اعتقلت شخصين أردنيين يعملان في قوة دفاع البحرين بتهمة التجسس لصالح دولة قطر في يوليو 1988, وأنهما سيقدمان للمحاكمة بتهمة التجسس, وهذه هي المرة الأولى التي أعلنت فيها البحرين باعتقال جواسيس لقطر, جاء تاريخ الإعلان متزامنا مع تزويد الولايات المتحدة الأمريكية للبحرين بصواريخ ستينجر لمواجهة قطر فيما لو اندلعت حرب بينهما حول الخلافات الحدودية البحرية التي حسمت لاحقا عن طريق محكمة لاهاي, وتم التكتيم على الخبر ولم يسمع الشعب أي شيء عن المحاكمة.(17)

لصوصية:

لا يكتفي المرتزقة المجنسين بوظائف في وزارة الداخلية والجيش وبراتب ممنوع على أعداد كبيرة من أبناء الوطن, وبالأموال التي سلبوها عند هجومهم على القرى عندما استبيحت في التسعينات وربما أعمال ثانوية وتجارات ونقل أن نساء بعضهم يتسولون في الشوارع والبيوت طلبا للأموال, حتى قاموا بسرقات الأهالي في المناطق التي يسكنونها, وذكر موقع بحرين أنلاين نقلا عن جريدة الشرق القطرية أن لصوصا سرقوا باب بيت من الألومنيوم في قرية عسكر في البحرين، وبعد أن قطعوا الباب تقطيعاً بمناشير الحديد باعوه على دكان يبيع الخردوات، ومن بعد المطاردة قبضت الشرطة على اللصوص، فإذا هم مجموعة من المرتزقة الذين استوردوا من بوادي الشامات(18)

تزوير:

قام أحد المتجنسين حديثا بعملية تزوير في الأوراق الرسمية ليترشح في انتخابات المجلس البرلماني (نصفه معين) والتي جرت في أكتوبر 2002 وقد تقدم للترشح عن منطقة الرفاع بدلاً من منطقة سكناه الأصلية وهي مدينة حمد مستخدما عنوان أحد المواطنين في الرفاع وبعد أن اشتكى عليه صاحب العنوان قام المتجنس باستخدام عنوان مزور آخر وهو جار العنوان الأول في الرفاع (19), وهكذا ربما يستمر في إعطاء عناوين البحرين خارج منطقته كاملة واحدا بعد واحد، ليفهم بعدها أنه يجب أن تكون له كرامة وإن لم يعترف بكرامة للوطن والمواطنين. وقام متجنس آخر بتزوير شهادة ميلاد للتمكن من التأهل للانتخابات ذاتها. وقال أحد المحامين أن المحاكم كانت تشهد تزوير وتغيير أوراق ثبوتية وشهادات ميلاد وعقود زواج بشكل يومي لمساعدتها في الحصول على الجنسية, ولوحظ أن بعض الذين منحوا الجنسية خارج القانون يستخرجون لأولادهم شهادات ميلاد بحرينية علما بأن أولادهم قد ولدوا خارج البحرين.

الاعتداء على المواطنين:

تكرر الاعتداء والضرب من قبل المرتزقة وأبناءهم للمواطنين وسجلت حوادث عديدة دون عقاب من قبل السلطات, وهي التي جاءت بهم أساسا لضرب المواطنين وشن حملات اعتقال وتعذيب ضدهم وتمشيط المناطق الشيعية, ولكن هذه المرات ليس في سني انتفاضة شعبية، ولا في سجون قمع مظلمة، بل في الشوارع والمدن، وفي زمن يطلق عليه كذبا بعصر الشفافية. أحد هذه الاعتداءات كانت في مدينة حمد عند الدوار الثاني والعشرين في يوم 30/3/2002 حيث قام أبناء ضابط مرتزق أردني يعمل في الجيش بالاعتداء بالضرب واللكم على المواطنة سلمى جعفر وابنها السيد هاشم الذي يبلغ من العمر 15 سنة وقد استغل الأردنيون غياب الزوج لتنفيذ اعتدائهم مما يوحي بأن الاعتداء مبيت ومخطط إليه مسبقا, وقد اضطر لنقلهما على أثر الاعتداء إلى المستشفى العسكري لتلقي العلاج والفحوصات، وتدخلت الشرطة وأعلنت توقيف أبناء المرتزق المعتدين ولكن حماية لهم من انتقام المواطنين وليس لمعاقبتهم, وقد أحاط الشرطة والمخابرات بيت المجرمين الأردنيين وعند تجمع الأهالي وصلت قوات مساندة لحمايتهم.

وذكر مواطن أن هذه العائلة تتعرض لكل الجيران بالضرب والإهانة والسرقة وهي عائلة معروفة لدى مركز الشرطة في الدوار رقم 13 والدوار رقم واحد, لكن ومع تكرار اعتداءاتها والشكاوي ضدها لم تردع بأي عقاب لأنها محمية من آل خليفة. وقام المواطنون في المنطقة من أهل المواطنة والجيران من السنة والشيعة بالتجمع والتجمهر احتجاجا على هذه العائلة وعنجهيتها مساء اليوم نفسه أمام منزل الضابط الأردني في مدينة حمد, وأعلنوا أمام الملأ معاناتهم من أمثال هؤلاء الدخلاء دون فائدة, ورفضت الجماهير المتجمهرة الانصياع لطلب الشرطة بالتفرق ولم يحدث ذلك إلا بعد رجوع السيدة المواطنة وابنها من المستشفى وتم الاطمئنان على صحتهما وأنّ حالتهما ليست خطيرة, وفي نفس الوقت تعالت الأصوات بعد هذه الحادثة باستخدام العنف ضد هؤلاء الأوباش.

وقد تم تداول أقوال لا نعلم صحتها ولكنها ليست غريبة على السلطة في البحرين التي تفضل المرتزقة على أبناء البلد أنه حين ذهبت المواطنة المعتدى عليها إلى مركز الشرطة عند الدوار الأول برفقة أخ زوجها منعت الشرطة في المركز المرافق من الدخول وأنه لا حاجة لدخوله بينما كان المجرم موجودا داخل المركز برفقة والده لأنه بحاجة إلى دخوله وكان معظم موظفي المركز من الأردنيين. وتم إخبار المواطنة أن قضيتها قد أحيلت إلى المحكمة وأن المجرم يستطيع الخروج بكفالة, كان وجودهم في المركز صباحا أما مساء فكانت أم المجرم الأردني توزع الحلوى فرحة على الجيران لأن قوة الدفاع أعطت موافقة لتوظيف ابنها حتى لا يبقى في الشارع ويسبب مشاكل للجيران وسوف يبدأ عمله خلال 45 يوما من قيامه بالجريمة, وأما المحكمة فهي أكذوبة إذ لا وجود في البحرين للقضاء ولا القانون الذي يأخذ الحق للمظلوم. وتتكرر أخبار ضرب المرتزقة لأبناء البلد حيث يجتمع مجموعة منهم ثم يقومون بجريمتهم ضربا وركلا وحين يقوم الأهالي بالشكوى يقال لهم أن هؤلاء ” مدعومين من فوق “.

أبن اللصِِ لصُ:

مع دخول المجنسين والغرباء إلى المجتمع ظهرت على أيديهم جرائم كثيرة لم تعهدها البلد من قبل, ولم تقتصر الجرائم على الكبار من نساء ورجال ولكن تربى عليها الأبناء أيضا الذين عاشوا في بيئة فاسدة وتربوا على آباءهم اللصوص وتوارثوا رذائل الصفات, وقد أخبرنا أستاذ محترم في إحدى مدارس البحرين قصة حصلت لهم في المدرسة, قال الأستاذ: لاحظ بائع المأكولات في مقصف المدرسة وهو هندي وجود سكة معدنية واحدة من فئة عشرة فلس ملونة بلون الطباشير الأبيض واستعملت على أنها سكة من فئة مائة فلس البيضاء واحتمل حسن النية ولكنه وجد أن مثل هذه السكة تتكرر يوميا وهو لا يلاحظها في أثناء البيع الذي يحدث بسرعة وازدحام إلى أن نفذ صبره ودفعه فضوله لمعرفة المجرم الذي يلون قطعة الفلوس الحمراء بالطباشير لتبدو بيضاء ذات مائة فلس ويغش بهذه الطريقة يوميا حتى أمسك به متلبسا وعرفته إدارة المدرسة, أنه أحد أبناء المرتزقة السوريين العاملين في الجيش, هنيئا لجيش البحرين به وهنيئا له بجيش البحرين.

 مستقبل البلد والتجنيس

و  خطورته على النظام

إنّ عملية التجنيس في البحرين غريبة عن التاريخ والشعوب فلم يعرف أنّ بلدا استقدم عشرات الآلاف من المرتزقة والجلادين لتوطينهم وتجنيسهم مهمتها محاربة أهل البلد الأصليين وقمعهم ومحاولة كسر إرادتهم بأمر من الحكم نفسه واعتبار خدماتهم القمعية أعمال جليلة وعليه فإنّ النتائج ستكون غريبة أيضا بعد كل هذه المقدمات غير المسبوقة.

ولهذا فإنّه ينبغي على القوى الشعبية كافة أن تقاوم التجنيس حفاظا على مقوماتها وتعتبره من أشد الملفات خطرا على البلد وأهلها وعدم الاستماع إلى الخداع السلطوي, وطرد كل الذين تم تجنيسهم لحسابات طائفية ومعادلات سياسية والاستمرار في الاحتجاجات والمظاهرات وكل أشكال المقاومة لإخراج المرتزقة من البلد وإرجاعهم إلى بلدانهم الأصلية قبل أن تتزايد تكاليف إخراجهم وتتضاعف آثارهم السلبية وتتغير هوية البلد, وفي طردهم خيرٌ للبلد والتخفيف من أزماتها وخدماتها واستدراك لكيلا تستقبل البلد كوارث اجتماعية خطيرة.

ومن المهم اقتناع كل الأطراف والقوى الشعبية بأنّ لهم الحق في رفض ومقاومة التجنيس ومواجهة السياسة الحكومية المؤدية إلى إلغاء الهوية الثقافية والشعبية للبلد واستيراد ثقافات أخرى غريبة.

ومن الضروري القيام بحملة تثقيفية واسعة لإطلاع المواطنين وخاصة الشيعة على ما يخطط لهم في الخفاء بالمنشورات والبيانات والكتب واللقاءات المباشرة وغيرها وتوضيح أنّه ليس احد بمعزل عن المخططات الحكومية وأنّ آثارها ستكوي كل فئات وشرائح الشعب وأن التغيرات السلبية ستصل إلى كل بيت دون استثناء.

وتوزيع ملصقات ضد التجنيس وبكميات كبيرة ووضعها في كل مكان في البلد وخاصة في العاصمة المنامة وأمكنتها الرئيسية.

ودراسة تجارب الشعوب الأخرى التي تعرضت للتغيير الديموغرافي والثقافي وسبل تغلبها عليها.

ومن المهم الابتداء بالتحاور الجاد بين الحكم والشعب حول مسألة التجنيس الخطيرة واستدراكها قبل أن تتضاعف آثارها وحلها سياسيا بسحب جنسيات المجنسين غير البحرينيين وإعطاءهم مدة زمنية محددة يتم فيها ترحيلهم وإبعادهم إلى أوطانهم وصحاريهم ولا يتهاون الشعب في ترحيلهم أبدا, ويبدأ برنامجه في ذلك الآن وليس غدا, وقبل أن” يقوم الباكيان يبكيان باك يبكي لدينه وباك يبكي لدنياه”. وعلى القوى الشعبية بيان المسألة وخطورتها على المجتمع والأجيال إلى كل أقطاب الحكم حيث يظهر أنّ بعضهم غير مدرك لذلك وآخر لا يفكر إلا في ساعته ويومه أو في عقده وعمره وليس أبعد من ذلك وبعضهم قد أعمته الطائفية عن رؤية الحقائق, وخير للحكم تصليح خطئه في مسألة التجنيس الآن من الاستمرار عليه مع الغضب الشعبي الذي يتزايد.

وطرح ملف التجنيس والتغيير الديموغرافي في الإعلام الخارجي بكل مستوياته, والقيام بحملات واسعة ضد هذا التجنيس على شبكة الانترنت بإخبار كل العالم ومؤسساته, وإعلام كل المؤسسات الدولية صاحبة الشأن بمسألة تغيير هوية الشعب وتركيبته السكانية والجهات الدولية المعنية بمكافحة الإبادة والمشاركة في المؤتمرات وإعداد الوثائق والإحصاءات بما يرتبط بالهوية الإسلامية والشيعية التي يراد محوها.

واستمرار كتابة الشعارات على جدران البيوت كوسيلة إعلامية مباشرة ونوع من الاحتجاج على عدم نشر المواضيع المتعلقة بالتجنيس في الصحافة المحلية مع احترام الملكية الخاصة لأصحاب البيوت.

ولتستمر الندوات والمنابر وفي النوادي والمناسبات في طرح القضية وبيان أبعادها الخطيرة وجوانبها المختلفة وآثارها السلبية وما يتعلق بها من قريب أو بعيد.

وتكوين لجان شعبية خاصة من كفاءات مخلصة وصادقة تتولى قضية التجنيس وكشف الحقائق وترفع التوصيات لكل الشعب.

وكتابة العرائض الشعبية التي افتقدتها الساحة البحرينية في مسألة التجنيس مع اتفاق كل أطرافها على رفضه ولنبدأ الآن وإن كان الوقت متأخر خير من أن لا نبدأ, ولتبقى هذه العرائض الشعبية وثائق دامغة ضد سياسة التجنيس والمجنسين.

وإقامة التظاهرات والاعتصامات في المدن وخاصة في مدينة المنامة العاصمة وفي أكثر الأمكنة فيها حساسية ضد سياسة التجنيس والمجنسين وتحمل اللافتات وترفع الهتافات عالية ليسمع كل العالم وليقيم الشعب الحجة على النظام في بيان موقفه الرافض من فوضى التجنيس, وعلى السلطات إعطاء الشعب حقه للتعبير عن استيائه وموقفه من هذا الموضوع الخطير دون ممانعات أو تهديدات.

وللشعب أن يستخدم فكرة الإضراب عن العمل والعصيان المدني حفاظا على المجتمع من هذه السياسة ومن سياسة البطالة المتعمدة والمشتركة مع التجنيس في اصل واحد.

ويدعوا بعض الأهالي من الشعب إلى المقاطعة أي مقاطعة المجنسين والمحلات التجارية التي يملكونها أو التي يعمل بها المجنسين والتحريض على مقاطعتها, وذكر أحد المواقع الالكترونية البحرينية قائمة بأسماء بعض المحلات التجارية التي يملكها مجنسون (20).

ويتم طرح موضوع الإكثار من الإنجاب وزيادة النسل عند أبناء الشيعة وقد أصبح خيارا مهما عند بعض فئاتها رغم مضايقة النظام لها في معيشتها وتعمده إفقارها, حيث يصبح تحديا واضحا فما دام النظام يرغب في تقليل أعدادهم ويغير التركيبة السكانية على حسابهم فسيكون الإكثار من النسل والإنجاب إفشال لخطة النظام ومحافظة على الطائفة من الإبادة وعلى هويتها من الذوبان, وأنّ هذا الاتجاه مؤيد بنصوص شرعية أهمها الحديث المشهور لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ” تناكحوا تناسلوا فإنّي مباهي بكم الأمم”, وقد نجح هذا الخيار في بعض الدول في بقاء الفئات المضطهدة وعدم انقراضها.

وخرجت دعوات كثيرة إلى استخدام العنف ضد المجنسين خاصة المرتزقة الذين شاركوا في القمع والقتل والمعذبين والجلادين, وهذا يؤدي بنا إلى المشكلة الكبرى فيما يخفيه لنا المستقبل وكيف سوف تكون العلاقة بين الشعب ومجموعات المرتزقة, وهذا ملف خطير إذ أنّ السلطة لم تمنح الشعب الثقة مما جعله لا يتجاهل خيار العنف, فهي تقول بشعار الإصلاح استهلاكا لكنها تبقي المرتزقة الذين اعتدوا ونهبوا وسرقوا وعذبوا وقتلوا وأرهبوا الشعب وتوطنهم وتجنسهم لإذلال الشعب, أنّ أخشى ما أخشاه أن تتحول الكراهية والغضب ضد المرتزقة إلى أعمال عنف والحل يكمن في اقتلاع جذور الفتنة بإخراجهم من البلد, وما لذي يجعل شاب ربما يكون في مقتبل العمر يقول أنه: “لو أستطيع تفجير نفسي أمام مجموعة من المرتزقة المستوردين وأفتت أجسادهم لما ترددت لحظة واحدة, وأنا مستعد أن يصف المتفيقهون عملي هذا بأنه إرهابي وأن منفذه مثواه … … …” (21) ونحن لا نتفق معه ولكننا ندرك حالته ووضعه, فاليأس هذا والتهديد الذي قد يتحول إلى حقيقة إذا لم يستدرك الأمر أنما تعمق فيه بعد أن ضاقت به السبل ولم يحصل على وظيفة ومورد للمعيشة ولا استقرار ولا زواج, يرزح تحت الجوع والفقر والحرمان والإذلال, في حين يرى المرتزقة الغرباء موظفين ومرفهين يأكلون خيراته ويتلذذون بنعيمه ولعله تيقن حينها أنّ حياته لغو وتلف وأنّه بعمله الذي يجول بخاطرة يكون لحياته معنى ولموته هدف, وهو لم يصدّق ما يتحدثون به كذبا واستغفالا عن المساواة بين المواطنين وعن روح الأسرة الواحدة, ومن حقه أن يتساءل أي أسرة هذه تفضل الغريب على ابنها, وأيّ ولاء يطلب لنظام يستهدف تجويعه وإشباع الغريب الظالم؟ ويستذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:“كاد الفقر يكون كفرا “(22), وأمير المؤمنين عليه السلام: “ الفقر الموت الأكبر” (23).

ردود الفعل في الشارع البحريني وعلى صفحات الانترنت مملوءة بالغضب وحب الانتقام من المرتزقة الذين ساموا الأهالي سوء العذاب, تهديد ووعيد شبه يومي لهم من أيام سوداء قادمة لا يمكن تجاهلها أبدا, وإيمانا منا بتقديم الحقيقة مهما اختلفنا معها فإننا نطرح بعض ما كتبه المواطنون وما تضمنته منتدياتهم, والذي احتوى بعضها على تهديد في حالة عدم تغيير سياسة الحكم المتعلقة بالتجنيس والبطالة بتفجير الأوضاع ثانية بأعنف مما كانت عليه في التسعينات مع مواجهة شاملة ضد المرتزقة مليئة بالدماء حسب تعبير أحد المواطنين على صفحة انترنت ملتقى البحرين, وقال أحد الكتاب في منتدى الكتروني بحريني (24) أنّ الحكم لا يسمع للشعب في مسيراته وندواته ضد التجنيس واعتراضه على تغيير التركيبة السكانية للبلد واقترح أن يكون تحرك عملي لطردهم من البلد وأن يوجه خطاب إلى جميع المجنسين في الفترة الأخيرة بعدم البقاء في البلد ونصيحتهم بمغادرتها لأن بقائهم في البلد سوف يعرضهم للخطر بسبب عدم قانونية تجنيسهم والسبب السياسي لتجنيسهم ولم يستثني الكاتب المدرسين والموظفين الأجانب الذين جاؤوا لأخذ أرزاق الناس بالقوة حسب تعبيره ولكي ينفذوا سياسة التآمر والتهميش للمواطن, وتفهيم كل المجنسين أنّ أمر تجنيسهم لابد وأن يمر عبر مجلس وطني منتخب وليس من قبل أمزجة وقرارات من أشخاص لا يحبون إلا أنفسهم ويكرهون مواطنيهم, وفي حالة عدم استجابتهم للنداء بالخروج فإنّ اللوم يقع عليهم.انتهى. وتعليقا فإنّ بعض الآراء قد تكون غير مسئولة أو أن كتابها صغار سن بحاجة إلى خبرة مع إمكانية اتهامهم بالتهور، ولكنهم أكثر من عانى من المرتزقة الأجانب، وأنهم سوف يكبرون وفي نفسهم حب الانتقام الذي يرون له مبررا، وهذا ما يجب أن تتوقف عنده السلطات لأنه ينذر بمستقبل عنف هي زرعته.

وقال آخر أن الطريقة التي يراها هي تكوين فرق متراصة متكاتفة من الشباب ومطاردة هؤلاء المرتزقة أينما كانوا، يجب أن يشعروا بخطر سيداهمهم لمجرد خروجهم من بيوتهم، ويجب إرعابهم حتى يضطروا للخروج هربا من الجحيم. وقال آخر أنّ على الشعب أن يبادر بتلقينهم درسا لا ينسوه وعليهم أن يتعظوا قبل أن يواجهوا خلايا مقاومة لا تبقي منهم ولا تذر !(25), وقد أثارت حادثة اعتداء أبناء مرتزق أردني في مدينة حمد على السيدة/ سلمى جعفر وابنها ذي الـ15 سنة وتهاون السلطات معهم الرأي العام البحريني وظهرت دعوات كثيرة حينها إلى استخدام العنف مع الأجانب المرتزقة, وتعليقا على هذا الحادث قال كاتب بحريني أنّ المجنسين لن يرحلوا عن البلد إلا إذا أحسّوا بالخطر, وتساءل لماذا لا يتم ضربهم وإن سقط ضحايا بداية, والتظاهر لا يجدي نفعا إذا تم أمام منزل”حيوان” فهي لا تفهم غير لغة الضرب. ونصح كاتب المرتزقة بالخروج من البلد وأن يعودوا إلى بلدانهم بما نهبوا وبما ملكوا من حرام, ووصفهم كاتب بأنهم البقعة الضعيفة في ذنب النظام. ولهذا نكرر أنّ على السلطات ألا تتغافل آراء الشعب في مسألة التجنيس الأجانب والعمل الجاد والفاعل فورا قبل أن تقع الكارثة وذلك بوقف التجنيس وسحب كل الجنسيات التي منحت خارج القانون ويحاكم المرتزقة قبل طردهم ويجّرمون العقوبات, كما يجب كشف أسماء كل المجنسين وتواريخ التجنيس وكل المعلومات حولهم.

وقد يكون تجنيس كل من هب ودب من الصحاري والقفار العربية وغير العربية محور خلاف واصطدام بين الحكم في البحرين من طرف وبين شعوب الخليج وحكوماتها من طرف آخر وذلك عندما يكثر المجنسون البحرينيون الغرباء على المنطقة ويسببون الأزمات على منطقة الخليج بعد انتشارهم فيها ويقومون بأنواع الجرائم والمظالم, وقد تعودوا وأنسوا سلب ونهب بيوت البحرينيين. وإذا صحّت الإشاعة بأنّ السعوديات هنّ أكثر الحاصلات على الجنسية البحرينية ببركة قانون ازدواج الجنسية، فذلك يعتبر إشارة إلى كون مؤامرة التجنيس في البحرين تتجاوز حدود البلد إلى منطقة الخليج برمتها، في محاولة لكسر الطوق المحافظ في المنطقة وتدينها وهويتها, وهذا يؤيد الآراء القائلة بأنّ عملية التجنيس وراءها من وراءها من الدول الكبرى والإقليمية ويشيرون إلى أمريكا التي يهمها أن تبتعد المنطقة عن دينها وهويتها وتسلك طريقة العولمة الأمريكية وأنّ السلطات البحرينية غير معروفة بالتفكير بعيد الأمد بل بالعنف والقمع ويتهم معارضون بحرانيون أطرافا في النظام البحريني أنها كسبت أرباحا مالية إضافة إلى الرغبة السياسية في تنفيذ هذا المخطط . والتجنيس في الشقيقة البحرين قد أزعج الأشقاء في بلدان الخليج العربية الأخرى بعد أن حمّس المقيمين على أراضيهم بالمطالبة بالجنسية ولهذا تنهي السعودية عقود عمالها الأجانب حتى لا يصلون إلى حد الإقامة الطويلة فيها وتعتبر ومعها الكويت وعمان أن البلدان التي تقوم بالتجنيس والمقصود هنا البحرين لها ظروفها الخاصة التي ليست إلا التركيبة السكانية ذات الغالبية الشيعية كما صرحت السلطة في البحرين للنظام الأردني.

وإذا استمرت البطالة والتجنيس فإنّ الأوضاع السياسية مرشحة للانفجار ثانية مهما أعطى الحكم من مسكنات مع إهمال العلاج الحقيقي للمشاكل اليومية التي تعاني منها البلد وخاصة عند رؤية المواطن لأفواج المرتزقة والأجانب تعمل وتتجنس وهو محروم من وظيفة شريفة يكد بها على عياله وأطفاله, بل العجب ممن لا يجد قوت يومه ولا يخرج على الناس شاهرا سيفه كما جاء في حديث الإمام علي عليه السلام, والبطالة في البحرين متعمدة من قبل النظام لتفقير الشعب فعندما يُحرم المواطن من العمل ويستورد الأجنبي عوضا عنه فهذا يعني تعمد للبطالة والفقر ويعني أيضا عدم إدراك النظام في أي اتجاه يسير وعدم تعلمه الدرس السابق درس الانتفاضة.

 وسيستمر كره وعداء المواطنين للأجانب المرتزقة ويتوسع لغيرهم خاصة مع تفضيل النظام للأجانب على المواطنين واحتلالهم لمواقع عمل البحرينيين العاطلين عن العمل, وأنّ اقتراح ألا يدفن المرتزقة المجنسين في مقابر المسلمين في البحرين جاء كردة فعل على ما ارتكبه هؤلاء من انتهاكات واستباحات ضد أبناء البحرين وهو يحمل في طياته احتمال حصول أزمة على أرض الوطن.

وضروري أن يبدأ التوقف عن خلخلة التركيبة السكانية ومحاولات التطهير العرقي الذي يتعرض له الشيعة, والتوقف من عقدة الغالبية الشيعية ففي الدولة التي ترفع شعارا يسمى الإصلاح لا مساحة للمخططات الطائفية, وممارسة الطائفية بصورة واضحة وغبية كما في البحرين تعني عدم وجود إصلاح وأنما الموجود كذبة إصلاح, وعدم وقف تجنيس البدو العرب وغيرهم وتوطينهم وتوظيفهم في الجيش على حساب أبناء الوطن مؤشر واضح على هذه الكذبة. على أنّ مسألة التغيير الديموغرافي لا يمكن قياسها تماما وأبدا بالكم فالمجتمع البحريني السني الحالي والذي كان لآبائه مشاركة فعالة مع إخوانهم الشيعة في صنع تاريخ نضالي ضد الاحتلال البريطاني سوف يذوب في المستقدمين الجدد حيث يكون جزء صغير من مجموعات عرقية أخرى مختلفة ومتنافرة لا تواصل ولا تراحم بينها ترّبت على الظلم والقهر وكان قدومها كخطة لقهر المواطنين وتم إغراءها بنهب وسلب بيوت الأهالي المسالمين وسلوكها متباين تماما مع أبناء البحرين السنة والشيعة, والكيف لا يمكن إهماله حين يحافظ الشيعة على تنظيمهم وتشكيلهم وهم جميعا أبناء منطقة واحدة, كما لا يظن السني البحريني أنهّ خارج عن الخطة فهي وإن كانت موجهة أساسا وأصالة ضد الشيعة إلا أن السنة ليسوا أبدا بمعزل عنها ولن تقتصر آثارها على الشيعة فقط وهي سوف تكشف أنّ النظام لا يثق بالسني حين يتم الاستغناء عنه مقابل المرتزق الأجنبي, فالسلطة تبحث أيضا عن فئات لم تجدها ضمن الشعب بسنته وشيعته ووجدتها في البراري والصحاري فاستقدمتها وفرحت بها ظناً منها أنها السحر الذي سوف يحافظ على كرسيها وتهبها الأمن والأمان المفقود عند شعب البحرين وكل ذلك وهم, وهي وإن سلمتها حاليا الوزارات الرئيسية إلا أنّ ذلك أقل من طموحها بسيطرة تلك الفئات الغريبة الموثوق منها كل الوزارات والإدارات حتى لا يبقى أحد من هذا الشعب له تاريخ وماض يبتهج به ويستند إليه في طلب حقوقه, وهذا ما يفسر جزئيا الإصرار على سياسة التجنيس رغم تكاليفها الباهظة على كل الأصعدة.

ويجب على السلطات ردّ الاعتبار للجنسية البحرينية بجعلها مقدسة ولا تمنح لكل من هب ودب ولا تباع وتشترى ولا تحملها مجموعات بدوية غجرية قدمت من الصحراء بهدف العنف والقمع وأنست التخريب والفوضى واستباحة قرى الوطن وتثبيت نظام استبدادي عوض نظام عادل للشعب فيه كلمته, فهؤلاء البدو وغيرهم يرون أنه لا قيمة ولا شرف لهذه الجنسية فهي طريق لتعذيب المواطنين والاسترزاق بالقمع وهي معروضة للسماسرة ومبتذلة, وسوف تتضح الصورة أكثر عندما يتكاثر المجنسون وتتبدل العادات والتقاليد الشريفة والقيم التي يسير عليها شعب البحرين المتدين وتفقد البلد هويتها واستقرارها السياسي والاقتصادي.

ويجب الاستماع إلى الشعب واعتباره الجهة الوحيدة المشرعة والمقررة وهو قد عبر عن رأيه بوضوح ضد سياسة التجنيس والتغيير الديموغرافي, والحوار معه في قضاياه وعدم تهميشه أو التهرب عن كشف الحقائق حول هذه السياسة كما يحصل الآن حيث لم يعطى أي مجال للحوار مع الحكام حول التجنيس أو في الصحافة المحتكرة, فالموقف من التجنيس هو أحد المقاييس الرئيسية لمعرفة وضع السلطة الحقيقي مما سمته مشروع إصلاح وقد فشلت تماما في هذا الملف, ففي الوقت التي رفعت شعار الإصلاح سعت بكل الطرق غير القانونية لتغيير التركيبة السكانية للبلد وفي آثارها التي ذكرناها كثير من الفساد مما لا طاقة لأحد عليه.

والتوقف عن القرارات المضادة لإرادة الشعب والتي تتسم بالتخبط والتآمر والخبث فقد وعدت السلطة الشعب في سنة 2001 بعودة الانتخابات البرلمانية في سنة 2004 رغم وجود الدستور, وشكلت لجنة لتعديل الدستور جرى التكتم على أعمالها فخرج دستورا مغايرا تماما ولا يمت بصلة لدستور دولة البحرين لعام 1973, وقررت وضع مجلس معين مع الأعضاء المنتخبين وأقوى منهم وأكثر عددا لاحتساب صوتين لرئيس المجلس المعين الذي هو أيضا رئيس المجلسين, وقامت بحملات واسعة لتجنيس الغرباء وأُريد للبلد أن تكون ملاذا للمرتزقة والخونة والأجانب حتى بان لها اكتمال مخططها الرامي إلى قلب المعادلة الديموغرافية والسكانية للشعب البحريني وأعلنت فجأة في فبراير 2002 أنها ستجري انتخابات بلدية بعد أربعة شهور و”برلمانية” بعد ثمانية شهور وفي نفس السنة, والنتيجة سوف تكون مقاطعة الشعب لهذه الانتخابات الهزيلة لهذا المجلس الغريب(ملحق11) الذي لم تكتشف تركيبته كل دول العالم وانفردت به عبقرية النظام في البحرين, وبدلا من أن يصبح واجهة البحرين للعدالة والحرية والديموقراطية صار واجهة النظام للغش والخداع واحتكار القرار, ومع قرار المقاطعة الذي لابد منه لتصحيح الأخطاء التاريخية يكون الشعب قد وضع السلطات في مأزق المربع الأول.

وعلى السلطات عدم الانخراط في المخططات والمصالح الأجنبية عبر التجنيس فتوزيع الفلسطينيين المهجرين يعتبر مشروع إسرائيلي يتأسس على رفض حقهم في العودة إلى فلسطين وتشتيتهم في دول العالم الأخرى, كما أنّ المخطط لتغيير التركيبة السكانية لإزالة الهوية الرئيسة عن الشعب البحريني تلتقي فيه مصالح النظام المحلي مع مصالح ورؤى دول أخرى تدعم هذا المشروع كما يشاع في البحرين. وعدم جعل أرض البحرين موضعا للنفايات العربية وغير العربية بحيث صار التجنيس مغريا للحكومات العربية فكل دولة تبحث في طريقة للتخلص من بعض مواطنيها ستعقد صفقة مع حكومة البحرين فالمواطنين الذين تتبرأ منهم اليمن والسعودية على أرض مختلف عليها تستقبلهم البحرين(26) وتستفبل من السعودية بعض مواطنيها الذين لا يستطيعون إدارة أوكار الفساد في أرض الحرمين فينقلون مشاريعهم إلى البحرين(27) وتصدر اليمن الهاربين من الثأرات القبلية للبحرين في حين تزود سوريا همج البادية وقطاع الطرق والأردن الجلادين لتكون النتيجة مجموع هذه الجرائم وابتكار جرائم أخرى ومجرمين متعددي الجنسية.

وعلى النظام إنهاء معاملات ملفات البحرينيين المحرومين من الجنسية حالا تطبيقا للقانون وإرجاع كل المبعدين إلى أرض الوطن, وإرجاع الجنسيات المسحوبة من المواطنين.

وإذا تكلمنا في عموم الوضع البحريني فإنّه من الضروري للسلطة أن تقدم عناصر الثقة للشعب وتتأكد أنّه لن يفيدها غيره في أزماتها الحقيقية ولن يكون المرتزق مخلص لها أبدا فلا ترى أمنها وأمانها بالاعتماد على الأجنبي وعزلتها عن الشعب.وأن ترفع الهيمنة على وسائل الإعلام وجعلها مستقلة ولا تستقي معلوماتها من الجهاز الحاكم ومؤسساته ولا تأتمر بأوامره ونواهيه ويجب أن تبتعد الجريدتين الرسميتين عن الاطروحات الطائفية وتمنع الأقلام الهدامة من شق صفوف المواطنين. ويجب على الحكم أن يمنع الطبقية الاجتماعية وتوزيع الوظائف طبقا لهذه الطبقات والشرائح وينتهي من التصنيفات السيئة ككتابة بحريني بالسلالة لأفراد قبيلة آل خليفة في جوازات سفرهم ولبقية الشعب بحريني بالولادة ومنهم من عاش أجدادهم في الجزيرة قبل أن يحتلها آل خليفة بآلاف السنين, أو كتابة بحريني مادة رابعة أو مادة سابعة أو غيرهما, بل يفترض ونحن على العتبة الثانية من القرن الجديد أن تخطط السلطة لصهر كل الشرائح الوطنية في قالب واحد عوض سياسة التفريق والتمييز لكسب المناعة والحصانة لكل طارئ الذي قد يأتيها من حيث تأمن, والتغلب على سياسات جرت لها الويلات, وكانت سياسة النظام في التفريق لدرجة المنع من لقاء ممثلي الشعب مجتمعين بل كان الحكم يجتمع بهم متفرقين يوما لممثلي الشيعة وآخر لممثلي السنة ويوم للوطنيين وهكذا حسب تقسيماته التي يرتضيها.

ويجب أن يتحلى النظام بالوطنية المفقودة فالذي يقوم بتوطين المرتزقة ويفضلهم على أبناء البلد, ويشعر في داخله أن الأجنبي المرتزق السوري والأردني واليمني والباكستاني والبلوشي والبنجالي والبريطاني وكل دابة مرتزقة تم تجنيسها أحب إلى قلبه من أبناء البحرين الشرفاء لا يتمتع بالوطنية ولا يشعر بالمواطنين بل هو غريب عن الوطن وأهله.كما يجب علي النظام الدفاع عن كل المواطنين البحرينيين في سواء كانوا في غوانتنامو أو في العراق, وقد أهمل النظام تماما قضية المفقودين في العراق ولم يسع لمعرفة أي شيء عنهم أو يحاول الكشف عن مصائرهم منذ عام 1991 بعد حرب الخليج الثانية, ولا زالت عائلات المفقودين الثمانية عيسى حسن، أحمد الموت، جعفر المختار، رضا الشهابي، علي الحوري، محمد جواد، السيد حسن السيد شرف، وأسامة سليم وكلهم طلاب في الجامعة والحوزة الدينية تتلهف لمعرفة أخبارهم وتسعى دون جدوى لفك أسرهم إن كانوا أحياء وقد أكد أحد السجناء المفرج عنهم بالعراق أنه شاهد أحدهم وهو عيسى حسن في السجون العراقية. ويجب التحاكم دائما وأبدا إلى القانون والعقد الدستوري بين الشعب والحكم فهو الطريق إلى الاستقرار والأمان وتنتفي حاجة النظام إلى المرتزقة.

ومن المفيد للسلطات سماع التوصيات الشعبية التي يتداولها الناس في مجالسهم ومحادثاتهم في الشؤون المختلفة بتأسيس سلطة وحكم القانون ومعالجة الملفات الحساسة والتي كانت سببا في خراب البحرين في العقدين الماضيين فإضافة إلى التجنيس فإنّ ملف الفساد الإداري والمفسدين لا زال منسيا وعملهم لا زال مستمرا, وأهم الملفات هو ملف التعذيب والقتلة الذين سفكوا دماء أبناء الوطن ولا زال النظام يتستر عليهم, ومعاقبة المسئولين عن الفساد الإداري والمالي والسياسي وأصحاب أوكار الفساد. وتفضيل المواطنين البحرينيين أبناء البلد على الأجانب وليس بالعكس وأن تتعاقد للعمل فقط في حالات الاضطرار مع الأجانب بعقود مؤقتة تستثني إمكانية الحصول على الجنسية. وأن تتخلص من التعامل مع القضايا بالأساليب الأمنية التي فشلت في إيجاد حلول لمشاكل البحرين بل زادتها تعقيدا والتخلص من رموز القمع وأشباح المخابرات يعتبر شق مهم من مشروع الإصلاح الحقيقي لأنّ بقاءهم والتستر عليهم أو ترقيتهم يفقد المصداقية والثقة بأي مشروع للنظام وهو استمرار لعهد أسود ينبغي للحكم تجاوزه. وكذلك التخلي عن العقليات القديمة في النظام الذي تفكر بعقل ما قبل 50 سنة عندما لم يكن هناك قرار إلا هم مصدروه ولا مجلس إلا وهم متصدروه بلا تأهيل ولا كفاءة ولم تكن وسائل حرة تكتب ما يعملون ولا انترنت يحصي ما يخططون.

وأن يتم الابتعاد عن أسلوب المكرمات والهبات والعطايا والصدقات وهذه المصطلحات المخجلة التي تثير سخرية الشعب والعالم على مستخدميها وتنزل من الموصوف ولا ترفعه في الأعين والأنفس وتذكر سامعيها بقرون ماضية, وضرورة تحكيم لغة القانون الذي يتساوى فيه الناس في الحقوق والواجبات لا منّة لحاكم على محكوم.

ومستقبل البلد مع التجنيس والمجنسين مبهم ومخيف ولا يعلم وضعه إلا الله سبحانه وتعالى ولكن من الممكن أن يتوقع الإنسان النتائج على ضوء المقدمات ويجزم أنّ النتائج سوف تكون أسوء من مقدماتها وتوصف بأنها كارثية اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا. ونتوقع أن يستمر النظام في التجنيس ما لم يوجه إليه الصدمات القوية التي تجعله يتوقف عن تجنيس المرتزقة والخونة, ولكنه لن يستطيع مواصلة إغراءاته لتجنيس الأجانب خاصة مع ادعاء نضوب النفط بعد سنوات قليلة قادمة ومع فقدان الاستقرار السياسي والأمني, وممكن أن يتعرض المجنسون وخاصة المرتزقة منهم لهزات عنيفة تفقد بعضهم طمأنينة البقاء في البلد, التي سوف تخسر كثيرا من أمنها وأمانها بعد أن يخسر الحكم شعبه الأصيل. ولن تتوقف آثار التجنيس وسوف تعمل عملية التجنيس حدودا بين فئات المجتمع الواحد, وستزداد وتتضاعف الجرائم في كل المجالات والإدارات, ولن يأمن الأهالي في بعض المناطق التي يكثر فيها المجنسون المرتزقة من الخروج في أحيائهم ليلا. وسوف يستمر النظام في تقليص عدد الشيعة في محاولة لإبادتهم تماما, ومن المرجح أن تقوم السلطة بحل بعض الجمعيات السياسية كالوفاق تحت أي ذريعة أو تسعى لجعلها ديكورا لا مضمون له كبعض الجمعيات الأخرى التي سوف تستمر تصفق وتطبل لأي قرار رسمي يصدر من الحكم مهما كان خطؤه وخطره.

المجنسون سوف يزاحمون المواطن في كل مصادر حياته ورزقه بدعم من السلطات وسيقبلون على أنواع التجارات ومختلف الأعمال, وسوف تتعدى حدودهم الأعمال الشريفة, لأنهم بعيدون عن هذا المصطلح كما اتضح من ممارساتهم خلال فترة الانتفاضة في التسعينات ومن اختيارهم من قبل النظام لوظائفهم, وأما في سنين صعبة وشديدة قد تمر على البلد فإنّ هؤلاء المرتزقة سيتحولون جميعا إلى قطاع طرق وسرّاق محترفين ولكني لا أظن أنهم سيبقون إلى ذلك الزمن.

ومن المحتمل أن يستغلوا مراكزهم ويسعى هؤلاء المرتزقة بعمل انقلاب في فترة تاريخية قد تتسم بالفوضى أو الضعف, هم الآن يسخرون من الحكم ويشتمونه في الخفاء ويلعنون رؤسائه في المقاهي التي يرتادونها وفي جلساتهم حسب المصادر البحرينية, وبعضهم يتجسس على النظام لصالح دول أخرى, وقد قبض على اثنين بتهمة التجسس على قطر حسب المصادر الرسمية البحرينية. وسوف يهتمون في تمركزهم في الوظائف الحساسة في الجيش والشرطة والحفاظ على السلاح والذي قد يستخدم في انقلاب عسكري ضد حكم آل خليفة الأجنبي عنهم, ولئن فعلوا ذلك سوف تكون سابقة خطيرة لم تعرفها دول المنطقة القريبة التي تتكون من شعوب غلب عليها طابع الطيبة على الغدر والتآمر, ولم تحدث انقلابات إلا من جانب الحكام على آبائهم.

ومما يخيف الحكم في البحرين الأخبار التي وردت من قطر حيث كشفت أوساط دبلوماسية عربية في الدوحة عن حملة اعتقالات واسعة نفذتها القوات الأمريكية لعسكريين قطريين كبار ومجندين يمنيين وباكستانيين في الجيش القطري وتردد حصول محاولة انقلاب على الحكم في منتصف شهر أكتوبر 2002 (28). وبالرجوع إلى التاريخ فإنّ مثال الأتراك مع العباسيين هو الأبرز في استيراد الأجنبي وإعطائه المراكز المهمة لينقلب عليه بعد أن يتغلغل في الوظائف ويسيطر على مجريات الأمور في البلد, فقد استقدم العباسيون الأتراك إلى دار الخلافة وقلدوهم مناصب عالية في الجيش والدولة وبعد أن توطدت أقدامهم في المؤسسات المختلفة وتوسع نفوذهم قاموا بالانقلاب على الخلفاء العباسيين وأصبحت مقاليد عزل وتعيين الولاة بأيديهم, ولم يفكر العباسيون في أكثر من لحظتهم وزمنهم وانصب همهم على استقدام الأتراك الغرباء لمساعدتهم على قمع الشارع والسيطرة عليه. ومن الممكن أن يكون إنشاء الحرس الوطني حسب التسمية الرسمية في البحرين لتقسيم وتشتيت سلطات الجيش إضافة لحفظ رؤوس النظام ومنع محاولات الانقلاب بعد أن رأى النظام أنّ كثرة الفساد وفوضى المؤسسات قد يؤدي نهاية الأمر إلى محاولة الانقلاب على الحكم من جهات تعتبرها السلطات موالية لها, وقامت السلطات بسياسة تفريق داخل الجيش وجعلته من عدة جنسيات غير منسجمة وجعلت غالبية الأجانب في القوات الأرضية. وسوف يتحاشى المرتزقة الدخول في أية مواجهات خارجية أو أخطار تهدد البحرين لافتقادهم وافتقارهم للروح الوطنية المخلصة ولعدم ارتباطهم بالأرض ومن عليها.

أما أشباح المخابرات المهربين إلى الخارج فإنهم سوف يرجعون إلى البحرين ويتم التخلص من بعضهم خاصة إذا ثبت أنّه فضح النظام واستلم أرباحه من فضائحه. وسوف يستمر اختيار الوزراء خارج الكفاءة والمؤهلات وكنوع من المكافئة لهم ولكن سوف يستغنى عن بعض الوزراء الفاشلين كنبيل الحمر.وإعلاميا فمن المحتمل أن تقلص وتحجم صحيفة الوسط اليومية لتتساوى مساحة الحرية فيها المساحة في الجريدتين الحكوميتين اليوميتين أخبار الخليج والأيام أو تغلق.

وربما يدرك النظام لاحقا عندما تتعاظم كوارث التجنيس وتتطاير وتسقط على رؤؤس النظام وحواشيه إذا لم تعمه نار الطائفية تماما عن الإدراك السليم أن الذين يخططون لمحوهم وتغيير التركيبة السكانية على حسابهم شعب طيب ونبيل وأن البحارنة مسالمين ومتدينين وأنّ محاولة استبدالهم بأشخاص من الصحاري والقفار كان أقبح عمل ارتكبه النظام, وسوف يأتي اليوم الذي يقول فيه الشعب للنظام هذا ما جنيتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تخططون فالوطن لا يشترى والشعب لا يستورد من الخارج.

هوامش الفصل الفصل السابع

(1) – صحيفة الرأي الأردنية 9/5/2002, جريدة الدستور الأردنية 6/2002

(2) – جريدة الوسط البحرينية, العدد 12, تاريخ 18/9/2002

(3) – صحيفة الرياض السعودية, العدد 12459, 22 جمادى الأولى 1423 الموافق1/8/2002

(4) – أنزل الإعلان في مجلة شهرية بريطانية اسمها

((Chemistry in Britain، لشهر سبتمبر 2002، والمطلوب موظف

 Senior Chemist – Quality Control

والموقع الالكتروني على العنوان http://www.chemsoc.org/careers/carind.htm#10

المصدر: ملتقى البحرين, تاريخ 22/9/2002

(5) – ملتقى البحرين، 11 /3 /2002, بحرين تريبون 26/5/1999, أنباء الخليج 23/4/1999

(6) – الجزيرة نت, الأحد 21/11/1422هـ الموافق 3/2/2002م

(7) – ملتقى البحرين الالكتروني

(8) – مستشار شركة بلاستك, فلسطيني.

(9) – دستور دولة البحرين 1973, مادة 4, مادة 104 ج

(10) – نشرة صوت البحرين, العدد 69, ص1

(11) – تقرير: المؤشر الدولي للتنمية البشرية على مستوى العالم لعام 2002 للأمم المتحدة.جريدة الشرق الأوسط العدد 8639, تاريخ 24/7/2002 الموافق 14 جمادى الثاني 1423هـ ق

(12) – جريدة أخبار الخليج البحرينية الحكومية 8/2001

(13) – جريدة أخبار الخليج البحرينية الحكومية, 9/8/2001

(14) – مقال نظرة للخيارات المطروحة أمامنا حاضرا ومستقبلا, 6/2002, د. سعيد الشهابي.

(15) – أخبار الخليج الحكومية البحرينية– العدد 8867, تاريخ 3/7/2002 والعدد8868, تاريخ 4/7/2002

(16) – صحيفة المنامة الإلكترونية – العدد 6, 17/ فبراير/2002م الموافق 4/ ذي الحجة /1422هـ

(17) – نشرة صوت البحرين, العدد 68, ص 4

(18) – ملتقى البحرين, تأريخ 23/4/2002

(19) – جريدة الوسط البحرينية, العدد 7, تاريخ 13/9/2002

(20) – ملتقى البحرين الالكتروني, تاريخ 24/7/2002

(21) – ملتقى البحرين, تاريخ 3/10/2001

(22) – نهج البلاغة, شرح حكمة 162, شرح الشيخ مغنية.

(23) – نهج البلاغة, حكمة 162, شرح الشيخ مغنية.

(24) – ملتقى البحرين, تاريخ 14/06/2002

(25) – ملتقى البحرين, تاريخ 31/3/2002

(26) – مجلة المنامة الإلكترونية

(27) – ملتقى البحرين الالكتروني 6/8/2002, 13/8/2002 

(28) – موقع إيلاف الالكتروني 14/10/2002

ملاحق الكتاب

ملحق(1)

طائفية التجنيس

تحقيق مع رب الأسرة الفلسطينية الوحيدة التي حرمت من التجنيس

ملحق(2) دعوة للتجمع

دعوة للتجمع أمام مجلس الوزراء للتضامن مع العوائل التي لم تحصل بعد على جواز الوطن

دمعتان على وثيقة الوطن

قبل أيام، وفيما كانت الإجازة الصيفية، تقترح على الطفولة أيامها السعيدة، حيث يحلو السفر، كانت دمعتان تتدحرجان على خدي ابني ذي الأحد عشر عاماً، كانت أعين رفاقه تضج بفرحة السفر،فيما كانت عيناه تضجان بحزن البقاء، لم أستطع أن أعتذر لعينيه نيابة عن الوطن… كان سؤال الوطن يلح من عينيه البريئتين.. لماذا لا يمكن لهاتين العينين أن تطلا من الوثقية الحمراء التي يسمونها جواز الوطن!!!! لماذا يتجاوزني الوطن وأنا فيه؟!! لماذا يتأبى علي وأنا أعيشه في قلبي؟!!!

لقد كان السؤال صعباً، ولم أكن في الحقيقة أملك جواباُ مقنعاً يشبع جوع هاتين العينين، جوعهما لجواب يسكن ألم السؤال المحرج، لست وحدي أفتقد الجواب، فالمسؤولون في إدارة الهجرة والجوازات لم يكونوا يملكون أيضا جواباً لحالة كل ما فيها يقول: إنهم يستحقون بموجب الدستور البحرينني، و قوانينه أن يعطوا جوازاً يثبت مواطنيتهم…

لقد قررنا أن نحمل سؤالنا إلى مجلس الوزراء الموقر، يوم الأحد القادم 7/7/2002م.في تمام الساعة الحادية عشر والنصف، لعلنا نعثر على جواب يسكت سؤال أبنائنا الملح… لماذا نحن الأطفال الذين ولدنا هنا وعشنا هنا وأينعنا هنا واشتدَّ عودنا هنا وسنقضي عمرنا هنا، لا نملك جوازاً، ولماذا آباؤنا الذين ولدوا هنا وتربوا هنا وأنجبونا هنا، ولم يقولوا لنا إن هناك شيء بعد هنا، لا يملكون جوازاً؟

سنوجه سؤلنا هناك حيث مجلس الوزراء، نحن العوائل التي يضجها هذا السؤال…. فكونوا معنا…

للمراجعة يمكن الاتصال بـ…

ليلى دشتي    9440232 –

-5/7/2002

ملحق(3) نداء و اعتصام

بسم الله الرحمن الرحيم

نداء.. واعتصام

إلي علماء الدين وأئمة المساجد والخطباء والشخصيات الاجتماعية.

إلى الجمعيات السياسية والدينية والأهلية.

إلى المحامين والمختصين بالقانون ونشطاء حقوق الإنسان.

إلى العاملين في الصحافة والإعلام.

وإلى كل صاحب ضمير حي.

– نحن المئات من أهلكم وأبناء وطنكم، الذين مازالوا يعانون من الحرمان والمستقبل الغامض لهم ولأبنائهم،

– نحن المواطنين المحرومين من أبسط الحقوق التي يتمتع بها بقية المواطنين من حق العمل وامتلاك المسكن وحرية السفر والخدمات الصحية والتعليمية،

– نحن الذين لم نعرف وطنا غير البحرين، ولا يعرفنا أي بلد آخر،

– نحن الذين كنا وما زلنا نعاني من الآثار النفسية لكوننا أهالي بلد غير معترف بهم ولا بأبنائهم، وظلوا لسنوات طويلة يكافحون للحصول على حق المواطنة، ويعانون من شتى اشكال التمييز،

– نحن المواطنين المحرومين من الجنسية البحرينية رغم استحقاقنا لها بالعرف والقانون والمبادئ الإنسانية.

ونحن فئات متنوعة يجمع بيننا الحرمان من الجنسية:

1- نحن المئات من المستحقين الذين قدموا طلباتهم منذ سنوات طويلة ولكنهم عجزوا عن تلبية بعض الشروط التعجيزية مثل إثبات الجنسية الأصلية، بل إن البعض قد استكمل كافة الإجراءات ولم يحصل على نتيجة حتى الآن

2- نحن أيضا 73 مواطن ممن سبق إبعادهم لاسباب سياسية وحصلوا على حق الرجوع وعاد معظمهم للبحرين منذ ستة اشهر ولكنهم حتى الآن بدون جنسية، بل وبدون بطاقة سكانية توفر لهم ولابنائهم ابسط متطلبات الحياة اليومية.

3- كذلك نحن 97 عائلة تعيش في المنفى ولكن لم يسمح لهم حتى الآن بالرجوع رغم الوعود والآمال التي جعلتهم يبيعون ما يملكون استعدادا للرجوع، ورغم الحسرات في صدور اهاليهم الذين ينتظرون في كل يوم قدومهم الى البحرين

4 – نحن أيضا خمس أسر صدرت بحق المعيلين لها أأحكاما بالسجن في قضايا تتعلق بأمن الدولة في اثناء الازمة التي مرت بها البلاد، وقد حصلوا في العهد الجديد على العفو العام وحصلوا على رد الاعتبار من القضاء، ولكن الاجهزة الامنية تمنع حصولهم على الجنسية.

نناشدكم جميعا، ان تتعرفوا على مظلوميتنا،

وأن تتضامنوا معنا وتقفوا الى جانبنا، كل حسب قدرته وموقعه،

وان تعلنوا عن قضيتنا للآخرين، عبر الصلوات والمنابر ووسائل الاعلام وغير ذلك،

وان تتصلوا بالمسؤولين لحثهم على اكمال ما بدؤوا به من خطوات لمنح الجنسية لبقية المستحقين لها،

وان تساعدونا في التحرك الجماعي السلمي الذي قررنا القيام به ومن ذلك:

الاعتصام الثاني امام مجلس الوزراء يوم الأحد القادم 14/7/2002م في الساعة الثانية عشر ظهرا.

لجنة المحرومين من الجنسية

للمرجعة يمكنكم الاتصال بـ

السيدة ليلى دشتي 9440232

11 يوليو 2002م

ملحق(4) وزير الأمن يهدد مواطنة

لجنة المحرومين من الجنسية:

وزير الأمن الوطني يستدعي ويهدد منسقة لجنة المحرومين من الجنسية

فى الثانية عشرة ظهر اليوم الثلاثاء، تم استدعاء السيدة ليلى دشتي منسقة لجنة المحرومين من الجنسية الى مبنى المخابرات بالقلعة في المنامة، حيث تم استجوابها هي وزوجها وتهديدهم والضغط عليهم لايقاف الاعتصامات التي تجري يوم الاحد من كل اسبوع أمام مبنى رئاسة الوزراء. وقد تم منع الاستاذ عبدالهادي الخواجة ناشط حقوق الانسان من حضور المقابلة التي استمرت ساعتين ونصف.

وخلال المقابلة قال الشيخ عبدالعزيز عطية الله آل خليفة، وزير الدولة للأمن الوطني، للسيدة ليلى دشتي بأن عليها أن تتذكر دوما بأن زوجها كان في السجن وبالامكان إرجاعه هناك في اي وقت. وقال لها ايضا بأن زوجها لم يحصل حتى الآن على الجنسية فهو أجنبي ويمكن إبعاده من البلاد، وأنها كبحرينية يمكن اعتقالها واعتقال كل من يشارك في الاعتصامات لانهم يخالفون قوانين البلاد التي تحضر اجتماع أية خمسة اشخاص أو أكثر بدون ترخيص رسمي.

والجدير بالذكر بأن السيد محمد….. زوج السيدة ليلى دشتي كان قد حكم عليه من قبل محكمة أمن الدولة أثناء الأحداث التي مرت بها البلاد، ولكن تم الإفراج عنه بحكم العفو العام الذي اصدره ملك البلاد، وبعد ذلك حصل على شهادة رد اعتبار من المحكمة وأتم جميع الاجراءات للحصول على الجنسية ضمن قرار ملك البلاد لحل مشكلة البدون، ولكن جهاز أمن الدولة تدخل في اللحظة الأخيرة وأوقف قرار منحه الجنسية.

وجاء استدعاء السيدة ليلى دشتي بعد أقل من 24 ساعة من اللقاء الذي تم في مبنى رئاسة الوزراء بين رئيس الشئون الإدارية لمجلس الوزراء ووفد من لجنة المحرومين من الجنسية بينهم السيدة دشتي، حيث سلمت اللجنة مذكرتها المرفوعة الى رئيس وزراء مملكة البحرين الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة بخصوص قضايا المئات من المحرومين من الجنسية ومنهم من لا يزال ممنوعا من العودة للوطن.

وكانت لجنة المحرومين من الجنسية قد اجتمعت امس الاثنين بعد تسليم المذكرة وقررت ايقاف الاعتصام الاسبوعي لمدة شهر على الاقل، وذلك لاعتقادها بأن وصول القضايا ليد سمو رئيس الوزراء سيعطي دفعة كبيرة لاتخاذ اجراءات عاجلة لتنفيذ قرارات عظمة الملك وتوجيهات رئيس الوزراء وولي العهد بعودة جميع المبعدين وإغلاق ملف البدون.

وفي حين ترى اللجنة بأن ما حدث اليوم من استدعاء وتهديد لمنسقة اللجنة وزوجها هو أمر خطير وعودة إلى اجواء مرحلة القمع ومرحلة قانون أمن الدولة البائد، فان اللجنة تعلن بأنها لن تخضع للتهديد والتخويف، ولكنها لن تدع مثل هذه الاجراءات الاستفزازية تتحكم في تحركها لحل مشكلة البدون والمبعدين وهي قضية انسانية وليست سياسية أو أمنية بأي شكل من الاشكال. ولذلك فان اللجنة ستمضي قدما في قرارها بتأجيل الاعتصام الاسبوعي لمدة شهر ومتابعة القضايا مع مكتب سمو رئيس الوزراء. واذا كان اصحاب القضايا قد اختاروا أسلوب الاعتصام السلمي فليس ذلك بهدف الاخلال بالامن أو الضغط، وإنما بهدف ايصال صوتهم للقيادة العليا بعد أن يأسوا من مماطلة الإدارات المعنية.

ولنا كلمة عتاب الى العلماء ورموز المجتمع والجمعيات السياسة وجمعيات المحامين وحقوق الانسان والصحافة المحلية، لأنهم لم يوفروا الحماية والدعم للتحرك الذي يقوم به المحرومون من الجنسية وأهالي المبعدين، ولو أنهم فعلوا ذلك لما تعرض هؤلاء لما يتعرضون له من تهديد ووعيد وكأن معاناتهم الأساسية ليست كافية عليهم. ولا ننسى أن نتوجه بالشكر الجزيل إلى كل من وقف معنا في محنتنا بكل شجاعة و إخلاص.

23 يوليو 2002

لجنة المحرومين من الجنسية

ملحق(5) بيان للمبعدين

بيان رقم (1) صادر عن المبعدين البحرينيين في المنفى

ردّاً على تصريحات وكيل وزارة الداخلية لشؤون الهجرة والجوازات بمملكة البحرين

بسم الله الرحمن الرحيم

ما يزال صعباً على الأفهام استيعاب المنطق الذي يوجه سياسات الحكومة ويحدد مواقفها، أو الخطوات التي تتبعها بحثاً عن أمن البلد واستقراره. وتأتي سلسلة التراجعات عن الوعود التي قطعتها الحكومة على نفسها والالتفاف على المطالب الشعبية إلا وتزيد الموقف غموضاً قد يؤسس لعهد جديد حافل بالاضطراب السياسي.

ففي محاولة جديدة للالتفاف على مطالب الشعب، صرّح وكيل وزارة الداخلية لشؤون الهجرة والجوازات لجريدة الأيام بتاريخ 23/4/2002م حول قضية عودة باقي المبعدين، بتصريحات هي في الواقع تكريس لحالة القلق التي استولت على قطاع واسع من أبناء الشعب، ويبدو أن الآمال التي كانت معقودة على حدوث تغيير حقيقي في البحرين لم تكن في محلها، بل استبدلت بمشاعر اليأس والأسى.

هذه التصريحات الصادرة من أعلى مسؤول في إدارة الهجرة والجوازات وإن اصطبغت في ظاهرها بصبغة قانونية، إلا أنها تحوى الكثير من المخالفات الواضحة للدستور والقوانين وكذا تصريحات وتوجهات الملك، نذكر بعض منها على سبيل المثال لا الحصر:

1ـ إن هذه التصريحات تناقض الوعود التي قطعها ملك المملكة على نفسه في أكثر من مناسبة ولقاء مع القيادات والرموز الشعبية بأن لا يهدأ له بال حتى يعود كل ولد حضن أمه، وكذا ما صرح به ولي العهد في مؤتمره الصحفي قبل التصويت على الميثاق من أن كل من ولد على أرض البحرين وعاش فيها يستحق نيل شرف المواطنة لهذه الأرض.

2ـ إن تصريحات الوكيل في مقابلته مع جريدة الأيام تخالف تماماً تصريحاته المتكررة سابقاً، وآخرها عند دعوته لعوائل المبعدين ولقائه بهم في تاريخ 4/2/2002م والذي قال لهم فيه: إن أبنائكم سوف يعيّدون عندكم في عيد الأضحى، فكيف يعقل لأعلى مسؤول في إدارة الهجرة والجوازات أن تتّسم تصريحاته خلال فترة قصيرة بمثل هذه التناقضات.

3ـ والأكثر دهشة في تصريحات الوكيل ادّعاؤه من أننا أجانب مقيمون في البحرين لأننا لا نحمل الجنسية البحرينية؟! فكيف يتناسى من يدّعي تمسكه بالقانون أولاً وآخراً وصيانة حقوق المواطنين، أننا من مواليد البحرين وترعرعنا على أرضها، وما حرماننا من امتلاك الجنسية البحرينية إلا لعدم تطبيق إدارة الهجرة والجوازات للقانون. كما أن خروجنا من البحرين لم يكن طواعية بل أُبعدنا قسراً وخلافاً لدستور مملكة البحرين الذي ينص في مادته (17) البند (ج) على “حظر إبعاد المواطن ومنعه من العودة إليها”. وإذا كان انتماؤنا للبحرين غير ثابت لسعادة الوكيل، فيكفيه أن يراجع ملفاتنا في مدارسها ومراكزها الصحية وسائر مؤسساتها الرسمية بل وفي قسم أمن الدولة وسجونه حيث دمائنا على قضبانها وجدرانها لما تجف بعد.

4ـ ثم كيف يدّعي الوكيل أننا الذين ولدنا وترعرعنا على أرض البحرين أجانب لا يحق لنا العودة إلى وطننا وامتلاك الجنسية، بينما يتم استقطاب وتجنيس عشرات الآلاف من الأجانب من اليمن والأردن وسوريا و… في عملية سرية؟!!

5ـ كما ادّعى وكيل وزارة الداخلية لشؤون الهجرة والجوازات أنه واثق من التزامه بالقانون، ولم يثبت لديه من خلال الملفات التي تمت دراستها لتسهيل عودة المقيمين غير البحرينيين أن هؤلاء يستحقون العودة أو مستوفين لشروط استحقاق الجنسية البحرينية، متغافلاً أن الوكيل هو بنفسه سمح لعدد من المبعدين ـ غير البحرينيين حسب زعمه ـ بالعودة، بل بامتلاك الجنسية البحرينية، فهل كان الوكيل حينها لا يعلم بالقانون، أم أن عمله ذاك التزام بالقانون، أم أن هناك ـ كما يبدو ـ أمور أخرى خافية علينا.

7ـ ثم كيف لأعلى مسؤول في إدارة الهجرة والجوازات أن يدّعي علمه والتزامه بالقانون، وقانون الجنسية يصرح بأن المقيم على أرض البحرين لمدة 15 سنة إن كان عربياً و25 سنة إن كان غير عربي، مستحق للجنسية. هذا للمقيم على أرض البحرين، فكيف ـ يا سعادة الوكيل ـ بمن ولد فيها وترعرع على أرضها مازال محروماً من الجنسية بل من العودة إلى وطنه؟!

8ـ ثم يا سعادة الوكيل، إن كنا لا نستحق العودة طبقاً للقانون كما تزعم، فلماذا إذن تمّ استدعاء عوائلنا وطلب وثائقنا الرسمية ووعودكم المتكررة لهم لأكثر من مرة خلال السنة وثلاثة أشهر الماضية بل وحتى طلبكم (4) صور لكل مبعد قبل شهر فقط؟! وكيف تترجمون ممارساتكم هذه؟!!

إننا إذ نستنكر هذه التصريحات غير المنطقية والمنافية للقانون ولروح الميثاق، نحذر الجهات المعنية أن تعي لما تقدم عليه في هذه الظروف الحساسة التي يمر بها بلدنا خصوصاً ونحن على أعتاب انتخابات مجلس البلديات وكل حرص الحكومة على المشاركة الكثيفة لأبناء الشعب في الانتخابات.

كما أننا نصرّ على حقنا بالعودة إلى وطننا الحبيب، وأن سبل العودة مفتوحة أمامنا، وما سكوتنا طوال السنة وثلاثة أشهر الماضية إلى حرصاً منا على مصلحة الوطن وعدم القيام بما يسيء لسمعة البلد.

كما ونطالب ملك البحرين أن يتدخل سريعاً ويضع حداً لهذا الممارسات المخالفة للقانون من بعض الجهات في الحكومة التي لا تروق لها رؤية البلد ينعم بالأمن الاستقرار وتسوده روح المحبة والتآلف.

المبعدون البحرينيون في المنفى

15 صفر 1423هـ الموافق 27/4/2002م

mubadoon@hotmail.com

ملحق(6) بيان لـ جمعية الوفاق الوطني الإسلامية

في ظل غموض من السلطات مازالت 94 أسرة بحرينية تعاني من الإبعاد القسري

بالرغم من التصريحات المختلفة من أكثر من مسئول في المملكة تؤكد على الشفافية، وعلى الحقوق المشروعة للمواطنين التي أقرها الدستور وأقرتها المواثيق الدولية، إلا إن التطبيق والتعامل العملي مع هذه القضايا لم يرق لحد الآن لمصداقية هذه التصريحات بل هناك تناقض وازدواجية في المقاييس المرتبطة ببعض القضايا ومنها موضوع التجنيس الذي لم يتم التعامل معه بصورة واضحة وواقعية.

ففي الوقت الذي يتم الإعلان في الجرائد عن بعض احتفالات تسليم الجوازات إلى عدد من المجنسين الذين ولد معظمهم في البحرين، إلا إن الصورة غير واضحة عما تم تجنيسهم لحد الآن من أصحاب جنسيات دول أخرى عربية وغير عربية والأسس القانونية التي تم تجنيسهم عليها.

كما لم يعرف لحد الآن الأسباب التي تحول دون السماح لعودة 94 أسرة بحرينية منفية منذ الثمانينات بسبب مطالبهم الوطنية المشروعة التي يعد بها البرنامج الإصلاحي لملك البلاد، وأكد عليها وعلى مشروعيتها كافة القوى الإسلامية والوطنية في المملكة، خصوصا بعد المصالحة الوطنية الشاملة والعفو العام والذي يتضمن عودة كل المبعدين بلا استثناء.

علما بأن هؤلاء المواطنين لم يكونوا يوما طراء على المجتمع البحريني بل كانوا ولا يزالون جزءا لا يتجزأ من التركيبة الأصلية للشعب البحريني، وتؤكد أحقيتهم في العودة جميع المواثيق الدولية، وخصوصا أن لهم أخوانا وعوائلا في البحرين يتمتعون بالمواطنة البحرينية في أجواء المصالحة الوطنية والأسرة الواحدة

وتود جمعية الوفاق الوطني الإسلامية أن تشير الى مقابلات وكيل وزير الداخلية للهجرة والجوازات بشأن التجنيس والتي نشرت في الجرائد المحلية كما تود أن تؤكد على ضرورة سيادة القانون في مسألة التجنيس وتطالب بالشفافية الكافية ووضع المقاييس الثابتة لمعالجة هذه القضية الوطنية الحساسة وهو الأمر الذي طالبت به الطائفتان الكريمتان وكل التلاوين السياسية في هذا الوطن العزيز كما تطالب السلطة التنفيذية أن تكون خطواتها على مستوي الرؤى التي يطرحها الملك في هذه الملفات.

إننا في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية نطالب بوضع حد لمعاناة هذه الأسر البحرينية وحل أزمتها بما يتماشى وحقهم الوطني والشرعي. إننا على ثقة بان المعاملة المنصفة لهذه القضية الإنسانية سوف تؤدي إلى سد ظلامه من ظلامات ملف الإبعاد والحرمان من الجنسية في البحرين العزيزة ونؤكد على ضرورة تفعيل سيادة القانون في مسألة التجنيس وغيرها والتعامل بشفافية حقيقية في معالجة كل القضايا الوطنية.

جمعية الوفاق الوطني الإسلامية

البحرين:  27 أبريل  2002

www.alwefaq.org

ملحق(7) بيان آخر للمبعدين

بيان رقم (2) صادر عن المبعدين البحرينيين في المنفى

بسم الله الرحمن الرحيم

بعد عام وثلاثة أشهر من التلاعب بمشاعر الآباء والأمهات، وفي محاولة للالتفاف على مطالب الشعب، وبدلاً من تجاوز مشاكل ربع قرن الماضي وسلبياتها والاستفادة من التجربة المرّة التي مرّ بها الشعب، تفاجؤنا الحكومة هذه المرة عبر إحدى إداراتها (إدارة الهجرة والجوازات) بمقابلة غير منطقية ولا مسؤولة مع وكيلها لتبدد الأمل الذي كان معقوداً على حدوث تغيير حقيقي في البلد.

فوكيل وزارة الداخلية لشؤون الهجرة والجوازات، وبعد عام من وعوده المعسولة لعوائل المبعدين يصرّح في مقابلة مع جريدة الأيام بتاريخ 23/4/2002م بأن جميع البحرينيين المبعدين قد عادوا إلى بلدهم وتم ردّ الجنسية إليهم، وأن هؤلاء الموجودين في الخارج ليسوا بحرينيين بل هم أجانب كانوا مقيمين على أرض البحرين وغير معنيين بحق العودة النافذ في حق الحاملين للجنسية البحرينية.

إننا أبناء البحرين في المنفى الممنوعين من العودة إلى بلدنا، إذ نستنكر هذه التصريحات المجانبة للواقع والمخالفة للدستور ولقوانين مملكة البحرين، نطالب الجهات المعنية أن تراعي المصلحة الوطنية العامة وتغلق هذا الملف بالسماح لعودة باقي أبناء البحرين إلى وطنهم، فإن لصبرنا حدود، ونحن لا نملك صبر أيوب (ع)،  وسبل النزول إلى بلدنا متاحة لنا، ونسأل الله أن لا نضطر لذلك، وما سكوتنا طوال هذه الفترة إلا حرصاً منا على سمعة البحرين، خصوصاً في هذا الظرف الحساس حيث بلدنا مقبل على الانتخابات البلدية ثم من بعدها الانتخابات التشريعية. فالتلاعب بمشاعر الشعب والالتفاف على مطالبه الرئيسية لا تصب في صالح البلد وأمنه واستقراره.

كما إننا ندعو إخواننا من أبناء الشعب ومن أجل الضغط على الحكومة للتراجع عن قرارها وإغلاق هذا الملف بالسماح لعودة باقي المبعدين، القيام بالفعاليات التالية:

ـ الاعتصام وبالخصوص من قبل عوائل المبعدين أمام مبنى إدارة الهجرة والجوازات.

ـ كتابة الشعارات دفاعاً عن هذه القضية ووضعها في الأماكن العامة.

ـ إحياء هذه القضية في المناسبات الدينية والمواكب الحسينية.

ـ كتابة عريضة احتجاج من قبل العلماء وتقديمها للملك.

ـ كتابة عرائض احتجاج شعبية وتقديمها للملك.

ـ إصدار بيانات تنديد من قبل الرموز والجمعيات الفاعلة في الساحة من سياسية وغيرها.

المبعدون البحرينيون في المنفى

17 صفر 1423هـ الموافق 29/4/2002م

mubadoon@hotmail.com

ملحق(8) بيان لمنظمة حق العودة البحرينية

بسم الله الرحمن الرحيم

(الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله)

إلى منظمات حقوق الانسان

إلى رجال الاعلام والصحافة والاذاعة

إلى الشخصيات السياسية والدينية الاجتماعية

إلى كل مدافع عن حرية وشرف الانسان وكرامته

إلى الرأي العام العالمي

انه لمن الصعب الاحاطة بكل ما تمارسه أجهزة الأمن في البحرين بشكل سافر ومنتظم ودوري وخصوصاً بعد المرسوم الجديد بتشكيل جهاز للامن الوطني كبديل لقانون أمن الدولة سيء السمعة. حيث تم بتاريخ 28/5/2002م اعتقال المواطن جاسم احمد سلمان من منطقة سلماباد وتعذيبه واستجوابه بالقوة عن دوره في المظاهرات السلمية ضد أمريكا، وتم  زيارته في مركز عيسى الصحي من قبل بعض نشطاء الحقوقيين والصحفيين في البلاد وأكدوا بأنه تعرض إلى تعذيب وحشي وضرب مبرح في أكثر أجزاء جسده، والجدير بالذكر أن المواطن المذكور قد سبق وان تم اعتقاله لمدة سنتين وثمانية شهور حيث أطلق سراحه في عام1997م.

وهذه ليست أول حادثة أنتهاك لحقوق الإنسان بعد التعديلات السياسية في البلاد، حيث تم اعتقال بعض المواطنين قبل شهرين ومنهم محمد هاشم وحسين غلوم. واهم حادثة وقعت في صباح الاحد 7 أبريل 2002م عندما استشهد بدم بارد المواطن البحريني محمد جمعة احمد 42عاماً في قرية الشاخورة حيث أصيب في رأسه برصاص رجال الأمن (المرتزقة) الذين كانوا يحرسون مبنى السفارة الامريكية من المتظاهرين الذين خرجوا دعماً لشعبنا في فلسطين المحتلة أستنكاراً لممارسات العدو الغاصب. ومازالت هذه الأجهزة تواصل فصولها، حيث تمانع من إعادة وإعطاء تصاريح العودة لمن تبقى من البحرينيين المتواجدين في الخارج رغم عودة أغلبية الممنوعين الي البلاد والى أهاليهم.

مازالت واحد وتسعون عائلة ممنوعة من العودة إلى وطنهم البحرين. هؤلاء هم الذين أبعدوا وهجروا قسراً بين عامي1980م- 1990م، وهم يعيشون منذ سنه تقريباً في ظروف نفسية بالغة السوء بعد أن تلقوا الكثير من الوعود برجوعهم قريباً إلى ارض الوطن وخصوصاً بعد استقرار وعودة اخوانهم واصدقائهم الى البلاد.

إن الممنوعين هم أولئك الذين أعتقلوا طبقا لقانون أمن الدولة الصادر في 1976م والذي يجيز لوزير الداخلية اعتقال كل من يشتبه فيه أنه يعرض أمن الدولة للخطر وأبقائه موقوفا لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد والابعاد إلى خارج البلاد كما حدث للكثيرين واغلب هؤلاء لم تثبت عليهم التهم التي نسبت اليهم  ولم يقدموا لمحاكمة ، رغم ان من بين هءلاء المهجرين من هم دون السن القانوني ولكن تم ابعادهم بعد تعرضهم إلى أقسى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي فترة الاعتقال مثل غلام خير الله وايوب حسن وعيسى بهمن ومجيد محمد ومحمد بهمن وعبدالرضا فتح الله وغيرهم وتم ابعادهم من دون اهاليهم أو ذويهم.

واننا نرى انه ليس لهؤلاء المهجرين الحق بعودتهم إلى وطنهم فقط والذي هو حقهم الشرعي والقانوني، بل ويحق لهم أيضاً المطالبة بالتعويض ومحاكمة من كان السبب في إبعادهم لانهم كانوا احداثاً دون السن القانوني وضحية لجور وفاشية وزارة الداخلية وأمن الدولة.

ومن أواخر فصول جهاز الأمن الوطني، حيث تم استدعاء زميلتنا السيدة ليلى دشتي منسقة لجنة المحرومين من الجنسية في 32/7/2002م من قبل المحقق عبدالعزيز عطية الله آل خليفة وزير الدولة للأمن الوطني وجاء استدعاء زميلتنا بعد تحملها إدارة المسيرة السلمية لمطالبة الجنسية إلى المحرومين منها، وعودة بقية الممنوعين من العودة والمهجرين إلى البلاد.

أن هؤلاء المهجرين والممنوعين من العودة يتوقعون منكم ان تقوموا بواجبكم الإنساني والشرعي تجاههم عبر:

– إرسال رسائل مناشدة إلى الملك وولي العهد

– إرسال رسائل مناشدة إلى دائرة الهجرة والجوازات

– القيام بمظاهرات سلمية أمام مبنى الهجرة والجوازات

– دعم ومساعدة عوائل واهالي الممنوعين معنوياً وارشادهم إلى ما يقوموا به لأنهاء قضية أبنائهم

وبعد ذلك ليكن شعارنا الانسان الكريم في البلد الامين.

منظمة حق العودة البحرينيية

  25/7/2002

ملحق(9) شعر و قصائد عزاء تنتقذ التجنيس

قصيدة عزاء للرادود الحسيني الأستاذ مهدي سهوان

أرمق التجنيس في مبضعه ذابت بقايا كبدي

أنا أشقى والغريب هاهنا يحصد ما تجني يدي

وغريب أنا في أرضي ولا أملك غير الكمد

و أكاد أسأل من حيرتي هل يا ترى ذي بلدي

*****

وشهادات لا أدري هل ولدت فوق القبر

أفنت عمرا في العلم كي تشرب ماء البحر

والجهل الغرباء تشرب من زمزم عمري

*****

تشغر المنصب تسكن على أوردتي للأبد

وأرى أبناء شعبي تكتسي بطالة وترتدي

آنا ابن البحر لا أملك من خيره غير الزبد

آنا ابن الأرض ما أيتمني آذوك نار الشدد

أيعيش الأجنبي ناعما بالتــبـر والزبرجد

وآنا قد أسلب القبر الذي يدفن فيه جسدي

*****

كف ترتع من خيرات في السر والجهر

ومواطنة تاهت زمنا في التمييز القسري

آمن العدل يبقى شباب محروما بالقهر

لا عمل يعطيه طموحا في العيش كالغير

وإذا يعطى عمل يسبى منه نصف الأجر

فمتى مستقبلهم يبنى هل من بعد القبر *

* ملاحظة مهمة: كتبت القصيدة كما وجدت دون تغيير و يبدو واضحا أنها فقدت الضبط حين تحويلها من الكاسيت إلى الكتابة.

– – – – – – – – – – – – – – – –

شعر

إن كنتَ تريدُ الجنسيةْ

فبلادي ترفع أذرعها

وتنادي: مليون تحيةْ

للقادم من جوف الصحراءِ

والساكن أطرافَ البريةْ

في أرض أوال موطنكم

سترون ربوعَ الحريةْ

الجيشُ لكم

والأمنُ لكم

ومقاهي الترفِ الشعبيةْ

وجميعُ مكاسبِ أمتنا

نرفعها بين يديكم

هبة تتسامى وهديةْ

النفطُ لكم

والتربُ لكم

ومياهُ الشربِ الجوفيةْ

إن كان عقالي يزعجكم

فسأخلع حتى الكوفية

وسألبسكم ثوب بلادي

وسأخرج من دار حدادي

لأنادي: مليون تحية

ملحق (10) حكومة البحرين تتعاقد مع مدرسين أجانب بينما تحرم المدرسين البحرينيين من التوظيف

البحرين تعلن عن وظائف شاغرة في وزارة التربية والتعليم

صحيفة الرأي الأردنية, تاريخ 9/5/ 2002

ملحق (11) بيان حركة أحرار البحرين الإسلامية حول مقاطعة الانتخابات

الحركة تبدي موقفها وتطالب شعب البحرين بمقاطعة انتخابات أكتوبر القادم والمجلس الصوري

انطلاقا من:

حرصنا على استقرار بحريننا الحبيبة، وازدهارها ونموها وتماسك لحمة أهلها، وتحقيق قدر من التحضر في التعامل السياسي مع شؤونها، تاريخ شعبنا الزاخر بالوعي والنضال والكفاح من اجل تحقيق الحياة الحرة الكريمة، ودور أسلافنا على مدى الثمانين عاما الماضية في تأصيل روح المطالبة بالحقوق وفي مقدمتها إنشاء مجلس تشريعي مستقل وتكريس الحريات العامة واحترام حقوق الإنسان

إيماننا بعدالة المطالب التي رفعت إلى الحاكمين في العرائض المتكررة في الأعوام 1922 و 1935 و 1938 و 1948 و 1956 و 1965 و 1992 و ،1994بتقنين الحياة السياسية من خلال مجلس تشريعي منتخب والاعتراف بحق الشعب في المشاركة في صنع القرار.

تقديرنا للدماء التي سالت على طريق الحرية عبر العقود السابقة و آخرها شهداء الانتفاضة الشعبية المباركة، وللمعاناة التي تحمّلها أبناء البحرين، رجالا ونساء، شيوخا وشبابا وأطفالا.

وإدراكنا لما حدث خلال الأربعين شهرا الماضية من تطورات انطلقت على خلفية الانتفاضة الشعبية المباركة وفعاليات المعارضة في الداخل والخارج والضغوط الدولية التي تراكمت على نظام الحكم واضطرته للاذعان للإرادة الدولية والتظاهر باحترام حقوق الإنسان والحديث عن الديمقراطية

في ضوء تراجع الحكم عن الوعود التي قدمها للشعب، مكتوبة ومنطوقة، قبيل الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني في فبراير ،2001 وفي مقدمتها التعهد بعدم إعطاء مجلس الشورى المعيّن أية صلاحيات تشريعية وحصر تلك الصلاحيات بالمجلس المنتخب

إلغاء دستور البلاد الشرعي الذي يتسم بالتعاقد بين الشعب والحكم، بقرار منفرد مفروض من الأعلى وبدون استشارة المواطنين، وبدون السماح لأحد بتوجيه أي انتقاد في الأعلام الرسمي لهذه الإجراءات الخطيرة ، وفرض دستور وضعه الحاكم ليناسبه شخصيا ويكرّس الاستبداد المقنّن بعناوين فارغة

تجاهل الحكم للمطالبة الشعبية بفتح ملفات التعذيب ومحاكمة مرتكبي جرائمه وتعويض ضحاياه، وترقية الجهاز المسؤول عن أبشع الانتهاكات لحقوق الإنسان في تاريخ البحرين، إلى مستوى وزاري بدلا من محاكمة أفراده المتهمين بارتكاب جرائم التعذيب،

تراجع الحكم عن وعوده بتوظيف العاطلين من أبناء البحرين والاستمرار في توظيف العمالة الأجنبية بدون توقف أو مراعاة للوضع الاقتصادي للشباب العاطل عن العمل، و الإصرار على إبقاء نسبة العمالة الوطنية في سوق العمل هابطة لكي تخدم أغراضه السياسية,

التغاضي عن انتهاكات حقوق الإنسان منذ إلغاء الدستور الشرعي ورفض التحقيق في قضايا التعذيب والقتل خارج القانون التي حدثت هذا العام, تكريس أسلوب التعامل بين الحاكم والمحكومين على أساس نظام يعتمد مبدأ المكرمات الملكية بدل المسؤوليات والحقوق ، الأمر الذي لا يسمح بقيام حكم القانون الدستوري كما هو الحال في الدول الديمقراطية المتقدمة،

اعتماد الحكم مبدأ تمزيق الوحدة الوطنية بأسلوب الاحتواء والتمييز والمحاباة والمحسوبية و الطائفية، وانتهاج سياسة الترهيب والترغيب مستغلا إمكانات الدولة لخدمة أغراضه السياسية وفرض ما يناسب مشروعه لإضعاف معارضيه,

إعلان الحكم بصراحة لا تقبل التأويل عزمه على تغيير التركيبة السكانية للبلاد، وذلك بمنح الجنسية البحرينية لمن يطلبها من الخليجيين الآخرين، بدون استشارة أحد أو عرض المشروع للنقاش المفتوح على الصعيد الشعبي العام، بعد أن تم استقدام آلاف الأجانب للخدمة في الحرس الوطني ومنحوا الجنسية البحرينية بقرارات من الحاكم وبدون السماح بأية مناقشة أو محاسبة أو رقابة,

تكريس سياسة الفرز الطائفي بشكل مخيف في توزيع الدوائر الانتخابية لانتخابات المجالس البلدية ثم النيابية، ووفق منظور لا يراعي مبدأ المساواة أو تكافؤ الفرص أو العدالة،

ومراعاة للمشاعر العامة لأغلبية المواطنين الذين عبّروا عن رفضهم المطلق لألاعيب الحكم ومشاريعه التي تكرس الاستبداد والديكتاتورية وتهمّش دور الشعب وتصادر الحريات،

و بلحاظ اعتبار المشاركة في الانتخابات يعني القبول بمواد الدستور الجديد المفروض اعترافا به وقبولا بإلغاء الدستور الشرعي,

ترى الحركة أهمية مقاطعة الانتخابات الصورية المزمع عقدها في شهر أكتوبر المقبل، ترشحا وتصويتا، وتدعوا كافة الفعاليات السياسية لإعلان ذلك بصراحة بكل الوسائل السلمية المتاحة طبقا لما ضمنه دستور البلاد الشرعي من حرية التعبير و العمل المشترك من اجل كشف المخطط الرهيب الذي تتكشف فصوله يوما بعد آخر من خلال صدور المراسيم الملكية التي تصادر حريات المواطنين وحقهم في المشاركة في صنع القرار المتعلق بحياتهم

ندعو الحكم إلى إلغاء كافة القوانين والإجراءات التي صدرت في غياب البرلمان المنتخب وفقا للدستور الشرعي للعام 1973 والتوقف عن ممارسة الهيمنة المطلقة على الدولة، والتخلي عن عقلية الحكم الشمولي الذي يرفض الآخر ويمنع الرقابة,

نطالب بتحقيق شامل في قضايا التعذيب والقتل خارج القانون التي حدثت خلال الحقبة السوداء وبعدها، تحت إشراف دولي من المنظمات الحقوقية المهتمة بشؤون البحرين وتحت رعاية لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وبحضور المقررين الخاصين حول الاعتقال التعسفي والتعذيب أو مبعوثين عنهم.

ندعو الحكم إلى وقف مشروع التغيير السكاني فورا، وكشف أسماء الذين تم تجنيسهم وفق قرارات ملكية خاصة، و إصدار تقارير حول التطور السكاني منذ بدء الإحصاء في 1941.

نطالب بإلغاء الهيمنة الحكومية على وسائل الإعلام، وتحويلها إلى مؤسسات إعلامية مستقلة تعبر عن مشاعر المواطنين وتنقل أحاسيسهم وتتعاطى بايجابية مع قضاياهم.

اللهم أرحم شهدائنا الأبرار وتقبل منا القربان يا رب العالمين

حركة أحرار البحرين الإسلامية

 3   سبتمبر 2002م

مصادر الكتاب

1- جريدة النهار اللبنانية

2- جريدة الشرق الأوسط السعودية – لندن

3- جريدة الرأي الأردنية

4- جريدة الدستور الأردنية

5- جريدة الشرق القطرية

6- جريدة الراية القطرية

7- جريدة الوطن الكويتية

8- جريدة القدس العربي – لندن

9- جريدة الحياة – لندن

10- جريدة الوسط البحرينية

11- جريدة أخبار الخليج البحرينية الحكومية

12- جريدة الأيام البحرينية الحكومية

13- نشرة صوت البحرين، لندن, حركة أحرار البحرين الإسلامية

14- صحيفة الرياض السعودية

15- ملتقى البحرين الإلكتروني ( http://openbh.zapto.org/ )

16- منتديات البحرين الإلكترونية (http://bah.redirectme.net/)

17- مجلة المنامة الالكترونية (http://www.al-manama.net/)

18- موقع صوت البحرين الإلكتروني

19- موقع الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين (www.iflb.org)

20- موقع القسم العربي في هيئة الإذاعة البريطانية الالكتروني – بي بي سي أونلاين (http://news.bbc.co.uk/)

21- نشرة شمل الإلكترونية – فلسطينية (http://www.shaml.org/arabic/)

22- كتاب (البحرين   قراءة في الوثائق البريطانية), دار الكنوز العربية, الدكتور سعيد الشهابي

23- كتاب نفي المواطن البحريني، عبد السلام ربيعة، دار الوطن للطباعة و التسويق، بيروت، لبنان

24- كتاب البحرين التقرير السنوي لحقوق الإنسان خلال 1999, لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في البحرين, مارس 2000

25- كتاب البحرين تقرير حول أوضاع حقوق الإنسان خلال1997, لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في البحرين, أغسطس1998

26- كتاب من البحرين إلى المنفى, عبد الرحمن الباكر

27- كتاب نهج البلاغة, شرح مغنية

28- موسوعة المورد، منير البعلبكي

29- قناة الجزيرة التلفزيونية الفضائية

30- قناة المنار التلفزيونية الفضائية

31- قناة أي إن إن الفضائية

32- دستور دولة البحرين 1973

الفهرس

مقدمة:                                                              7

الفصل الأول ـ أسباب التجنيس:                                   9

أسباب التجنيس                                                         11

التغيير الديموغرافي                                                    12

تغيير الهوية و الثقافة                                                   19

الأغراض الانتخابية                                                    21

هوامش الفصل الأول                                                   24

الفصل الثاني ـ خطط التجنيس:                              25

خطط تجنيس                                                           27

تجنيس الخليجيين                                                       31

تجنيس الرياضيين                                                      39

أخبار التجنيس في دول أخرى (قطر, السعودية, الإمارات,

الكويت, الأردن, لبنان, العراق, أوربا)                                 41

هوامش الفصل الثاني                                                   58

الفصل الثالث ـ أوضاع المجنسين:                           61

جنسيات المجنسين                                                      63

مستواهم الحضاري                                                     73

رأيهم في الاحتجاج الشعبي عليهم                                       76

تفضيلهم على المواطنين                                                        79

التعايش معهم                                                           84

هوامش الفصل الثالث                                                  87

الفصل الرابع ـ المحرومون من الجنسية و المبعدون:          89

المحرومون من الجنسية                                                 91

المبعدون                                                                100

هوامش الفصل الرابع                                                  114

الفصل الخامس ـ القانون و التجنيس:                            115

قانون الجنسية                                                          117

مناقضة التجنيس للإصلاح                                              122

الطائفية في التجنيس                                                    126

هوامش الفصل الخامس                                                 130

الفصل السادس ـ الاحتجاجات على التجنيس:                 131

كل الشعب ضد التجنيس                                                        133

الاحتجاجات ضد التجنيس                                              134

الرقم الرسمي للتجنيس                                                  141

منع حكومي من مناقشة قضية التجنيس                                  147

هوامش الفصل السادس                                                 150

الفصل السابع ـ آثار التجنيس:                               153

آثار التجنيس                                                           155

– البطالة                                                       155

– حرمان المواطن من العمل في الجيش و الشرطة              165

– الولاء                                                        167

– الخدمات الاجتماعية و الاقتصاد                              169

– الوضع الإقتصادي                                           173

جرائم المجنسين                                                                175

مستقبل البلد و التجنيس                                                 182

خطورة التجنيس على النظام                                            195

هوامش الفصل السابع                                                  197

ملاحق الكتاب                                                199

مصادر الكتاب                                                       232

الفهرس                                

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق