Archive

حركة أحرار البحرين

دروس بليغة كشفتها حوادث الاسبوعين الماضيين، جديرة بالاستيعاب. هذه الدروس واضحة لمن أراد ان يفتح عينيه عليها أولها ويقرأ حروفها بدون عناد او عصبية. فالحكم يدركها جيدا، وان لم يفصح بها، والمهتمون بالوضع من ذوي المصالح يرونها، ويعبرون عن قلقهم ازاء مضامينها وما تنطوي عليه من أبعاد ليست لصالح الحكم.

اول هذه الدروس ان حالة اليأس من الحكم الخليفي بلغت ذروتها، ولم يعد هناك أمل بامكان اصلاح هذا النظام الفاسد. يتضح ذلك من تعمق القناعة في نفوس المناضلين من كافة الاطراف، ومن بينها بعض الجمعيات السياسية ورموزها، بان الحكم الخليفي مارس التضليل والدجل، وأصبح اكثر قمعا وارهابا مما كان عليه في الماضي. هذا اليأس يمثل حالة خطيرة وبداية لنوع جديد من النضال لا يتوقف. وله مصاديق عديدة من بينها حالة  التلاحم بين الجمعيات السياسية  الغاضبة والجهات السياسية والحقوقية التي تعمل خارج الأطر الرسمية، ومنها حماس المواطنين للتصدي للظلم الخليفي على نطاق اوسع من السابق، ومنها ايضا الاستعداد التعبوي في اغلب مناطق البحرين للتسابق في تحدي النظام ومقاومته بكافة السبل السلمية. انها ظاهرة تتصاعد بشكل مضطرد، ولا يستبعد ان تتمكن في ما هو قادم من الايام، من كسر شوكة النظام والتعجيل به الى مزبلة التاريخ.

ثانيها، ونتيجة لذلك، اصبحت هنالك اصوات تطالب بذهاب هذا النظام بعد ان فشل في التعايش مع اهل البحرين، وأصر على سياساته الحاقدة، وقمعه الارهابي. فنظرا للتمادي الخليفي في رفض المطالب الشعبية باقرار قدر من العدل القائم على اساس الشراكة السياسية وصنع القرار، اصبح المواطنون أكثر ميلا لرفض نظام الحكم الخليفي، واصبحت ثقافة التصدي له بهدف اسقاطه في تصاعد. قد لا يدرك الحاكم واعوانه عمق المشاعر الوطنية ضده، ولكن وقائع الامور والتوجه النفسي لدى المواطنين وسياق التطورات السياسية في السنوات الاخيرة، كل ذلك يؤكد ان مرحلة المفاصلة الكاملة تقترب تدريجيا من الوضع البحراني، وان سياسات الشيخ حمد فشلت تماما في احتواء الغضب الشعبي، وانه سوف يقضي على حظوظ عائلته في الحكم اذا لم يتراجع بسرعة عما يمارسه من استبداد يتوسع ويزداد ضغطا على المواطنين. لم تعد فكرة المفاصلة مع النظام غريبة على الاسماع، وتكفي اطلالة على المواقع الالكترونية لاستيضاح الموقف والاطلاع على المنحى السياسي للوطن. آل خليفة اصبحوا يمثلون لدى الكثيرين، ومنهم بعض المحسوبين على الحكم، كابوسا ثقيلا كرس الاستبداد ومنع تقدم البلاد وازدهارها وتماسكها الداخلي. وقد ساهمت سياسات التجنيس السياسي الرهيب بعدا جديدا دفع الى حالة ا ستقطاب خطيرة في المواقف ضد استمرار الحكم الخليفي، بل اصبح هناك من ينتقد طرح الاصلاح الدستوري، ويعتبره امرا تجاوزه الزمن، وان الحل لن يتحقق الا بسقوط هذا النظام العفن.

 ثالثها: ان “الشعب أقوى من الطغاة مهما تفرعن الطغاة” كما جاء على لسان الشهيد الصدر رحمه الله، وان فرعون بخيله وخيلائه عجز عن كسر شوكة المناضلين الابطال، فكلما اعتقل كوكبة بادر الآخرون للدفاع عنهم بدون توقف او خوف. وكلما قتل منهم شهيدا تسابق الآخرون لملء الفراغ وحمل راية الجهاد ضد القتلة بعزم أشد. فلقد تحرك الحاكم بنية سوداء عندما قرر كسر شوكة الرموز بمحاكمتهم والتنكيل بهم. ولكن كان الله والشعب له بالمرصاد، فخرجت المسيرات والاعتصامات دفاعا عن هؤلاء، ووقف الاحرار في العالم ضد قراره الحاقد، فانكسرت شوكته، وهرع للبحث عن مخرج من ورطته. ان الشعب لا يمكن ان يقهر او تكسر كلمته، ولا يستطيع الطاغية ان يصادر حقه في الحياة والحرية. درس آخر أكد مجددا رسوخ ارادة  المواطنين، برغم اساليب التشويش والتضليل والارجاف وشراء المواقف والضمائر. فلدى هذا الشعب تاريخ طويل وقف فيه الآباء والأجداد ضد الاستبداد الخليفي، ولم يرضخوا للاحتلال القبلي الغاشم، وها هم الاحفاد اليوم يذيقون أحفاد “الفاتحين” مرارة الهزيمة، وكل ذلك بفضل الله المقتدر الجبار، قاصم الجبارين، ومبير الظالمين. ولئن عاد نظام الارهاب الخليفي لممارساته، عاد الشعب لكسر هيبته انشاء الله.

 رابعها: أن شعب البحرين أصبح أوعى مما يتصوره البعض، فنفض يديه من نظام الحكم البغيض، وبدأ يرسم خطة  عمله بنفسه، بعيدا عن الاملاءات، معتقدا انه لن يسترجع حقوقه الا بنضاله المتواصل. ولم يستطع أحد ان يوقف نهضته للدفاع عن رموزه الصامدة التي كسرت شوكة الظالمين والمستبدين بعزائم كالجبال. فعلى بقية الشرائح ان يتعلم من صمود الابطال والاحرار، وان يتعمق ايمانه بان الطريق السليم لاستعادة كرامة البلاد والشعب، والقضاء على الفتنة الخليفية يمر عبر بوابة النضال المتواصل على نهج الاسلاف الذين لم يبايعوا النظام الخليفي يوما، ولم يخضعوا لاملاءاته، ولم يخشوا جبروته وطغيانه. انهم مع الحق ولا يهزم المحقون، وان اعداءه مع الباطل، وهيهات يفلح المبطلون. لربما كان هناك تصور بان الشيخ حمد انتصر على ارادة الشعب، خصوصا بعد الانتخابات الصورية الاخيرة، ولكن اصبح جليا ان تلك الانتخابات ونتائجها كشفت المزيد من جرائم النظام في ما يتعلق بالتغيير السكاني المفروض والحريات المسلوبة وانعدام مجال التشريع الحر. وحتى الذين انساقوا وراء المشروع الانتخابي اعترفوا انهم لم يحققوا شيئا لان العقلية الخليفية لا تنسجم مع مشروع الشراكة السياسية ولا تعترف بدور للشعب.

خامسها: ان الجيل الشاب لم يعد يخشى البطش الذي تمارسه العائلة الخليفية الحاقدة، وانه يزداد صمودا وبطولة واباء بازدياد القمع والارهاب السلطويين. هذا الشباب اصبح يدخل السجون زرافات ووحدانا، ويواجه مباضع الجلادين بنفوس مؤمنة صابرة عاشقة للشهادة. فها هو علي سعيد الخباز يشكو الى الله ما نزل به من تعذيب على ايدي وحوش آل خليفة، وها هم شباب جدحفص يشتكون ما حل بهم من عذاب على ايدي العتاة والظالمين والمعذبين. سلوى هؤلاء جميعا ان ما يعانونه انما هو من اجل الله ومن اجل الدين والحرية والوطن. فتعسا للنظام الظالم، وما أقرب نهايته على ايدي المؤمنين الرافضين للظلم والاستعباد، انه يحفر قبره بنفسه، فلن يكتب البقاء لمن يسفك الدماء ويزهق الارواح وينكل بالابرياء. فالله يمهله ولا يهمله، وان يومه لقريب باذن الله

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية
25 مايو 2007

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق