Archive

Bahrain Freedom Movement

12/05/2008 – 16:22 | مرات القراءة: 221

print_page-4101931 send_f-8393362 add_comment-7052991  

1179149029-5145103هناك مساحة واسعة لا ينبغي أن تتأثر بالتجاذبات السياسية والاختلافات التي تقع بين الفرقاء، فملف الأحوال الشخصية وضرورة التصدّي له لا ينبغي أن يقع مورداً للخلاف مهما اختلفت وجهات النظر واشتدت التجاذبات السياسية، وكذلك مسألة كادر الأئمة، ذلك المشروع الخطير الذي يستهدف استقلالية الطائفة فهو ينبغي أن يكون بمنأى عن تلك الاختلافات. ومن تلك القضايا التي لا يصح أن تكون ضحية تلك الاختلافات هي مسألة سيرة الأئمة(عليهم السلام) وموقفهم من الظالمين.

كلمة السبت:

كيف تعامل الأئمة (عليهم السلام) مع الحكام الظالمين
ووقفة مع مقولة ” تعايش الأئمة مع حكام عصرهم”
لسماحة الشيخ عبد الجليل المقداد (حفظه الله تعالى)
بمسجد الرفيع (جمّالة) بالبلاد القديم
بتاريخ 4جمادى الأولى 1429هـ
الموافق لـ: 10/5/2008م
بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، الصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين.
هناك مساحة واسعة لا ينبغي أن تتأثر بالتجاذبات السياسية والاختلافات التي تقع بين الفرقاء، فملف الأحوال الشخصية وضرورة التصدّي له لا ينبغي أن يقع مورداً للخلاف مهما اختلفت وجهات النظر واشتدت التجاذبات السياسية، وكذلك مسألة كادر الأئمة، ذلك المشروع الخطير الذي يستهدف استقلالية الطائفة فهو ينبغي أن يكون بمنأى عن تلك الاختلافات.
ومن تلك القضايا التي لا يصح أن تكون ضحية تلك الاختلافات هي مسألة سيرة الأئمة(عليهم السلام) وموقفهم من الظالمين.
فقد يطرح ـ كما هو المسموع ـ أن الأئمة(عليهم السلام) تعايشوا مع الظالمين، أو قريب من هذا الطرح لإثبات مطلبٍ يحاول مَنْ يطرح هذه المقولة الوصول إليه.
وأعتقد أنه لا يصح مثل هذا الطرح بمثل هذه الألفاظ العامة الفضفاضة والتي قد تحمل بعض الدلالات أو تؤدي إلى بعض النتائج التي قد لا تكون مقصودة.
الطرح الموضوعي كان يقتضي توضيح تلك المقولة وتوضيح المقصود منها إذ أنها تحتمل أوجه متعددة جلّها باطل، وإليك الأوجه المحتملة لتك المقولة:
الاحتمال الأول: أنهم تنازلوا عن حقهم بعد غصبه من قبل الظالمين. وهذا احتمال باطل بالضرورة لا ينبغي أن يصدر من أحد، بل هو منافٍ لأحكام الشرع والمعلوم من سيرتهم(عليهم السلام).
الاحتمال الثاني: أنهم أعطوا المشروعية للظالمين، وأضفوا وأقرّوا حكمهم. وهذا الإحتمال كسابقه باطل منافٍ لأحكام الشرع والمعلوم من سيرتهم(عليهم السلام).
الاحتمال الثالث: أنهم حُسِبوا على الظالمين ومِنْ أتباعهم والمحسوبين عليهم بأن يقال بأن الإمام الصادق( عليه السلام) ـ مثلاً ـ من المحسوبين على المنصور، أو أن الكاظم (عليه السلام) من المحسوبين على الرشيد وهكذا.
وهذا احتمال تكذبه الضرورة التاريخية والمعلوم من سيرتهم(عليهم السلام).
وهنا أنصح بالرجوع إلى ما ورد عنهم(عليهم السلام) فيما يرتبط بالدخول مع الظالمين ومعونتهم وما ورد في أعوان الظلمة.
الاحتمال الرابع: أن يقال بأن الأئمة(عليهم السلام) ثقفوا شيعتهم على الإنضواء تحت حكام الجور والدخول معهم. وهذا أيضاً باطل لما هو المعلوم من سيرتهم(عليهم السلام) وأقوالهم والثقافة التي زرعوها في نفوس أتباعهم.
ومن له معرفة بكلماتهم يدرك ذلك بوضوح لا يدع مجالاً للريب والشك. وانصح بالرجوع أيضاً إلى ما ورد عنهم ( صلوات الله عليهم) في معونة الظالمين والدخول معهم.
الاحتمال الخامس: أنهم تركوا الظالمين وشأنهم يعملون ما يشاؤون وانصرفوا( سلام الله عليهم) إلى الأمور الدينية غير مكترثين بما يلحق هذا الدين من تحرف وتزوير وطمس لمعالمه.
ويكفي لرد هذا الاحتمال ووقوف الأئمة(عليهم السلام) وتصدِّيهم لما كان يمارسه الظلمون وسلاطين الجور من تلاعب بأحكام الدين ومسخ الهوية وما قاموا به ( صلوات الله عليهم) من تعرية الظالمين وفضحهم وتعريفهم للأمة على أنهم غاصبون، والعمل على إضعافهم من خلال رفض اعانتهم والتشديد في أمر الدخول معهم، وبالجملة كانوا شوكة في أعين الظالمين.
والذي يبدو أن هناك حقائق قد تساعد على الاقتراب من فهم موقف الأئمة(عليهم السلام) من الظالمين.
الحقيقة الأولى: أن الأئمة(عليهم السلام) من ذرية الإمام الحسين( عليه السلام) علموا بحسب الواقع الموضوعي أو بإخبار النبي( صلى الله عليه وآله) أنه لا يمكن استرجاع حقهم في الخلافة؛ وبالتالي لم يعملوا على ذلك وإنما صبّوا جهدهم على الحفاظ على الهوية الدينية وتثقيف أتباعهم والإعتناء بهم، والتصدّي للظالمين وقطع أيديهم عن التلاعب بأحكام الدين وتعاليمه والمساس بها أو النيل من هوية الأمة.
وبتعبير أوضح: خاض أئمتنا(عليهم السلام) حرباً ضد الظالمين في سبيل الحفاظ على هذا الدين والمذهب وقدّموا في سبيل ذلك الغالي والنفيس وهي حرب حقيقية لها عدتها وتتطلب من التضحيات والبذل والعطاء كما تتطلبه بقية الحروب.
فإن صح لنا أن نسمي هذه المواقف منهم بأنها تعايش مع الظالمين فلا بأس وهو لن يغير الواقع.
نعم، يلقي هذا المصطلح بظلاله على سيرتهم مما قد يسبب فهماً خاطئاً ويثقف الأمة بثقافة أخرى قد تبتعد بهم عن فهم مواقف أئمتهم(عليهم السلام)، أو يثقف الأمة بثقافة مباينة تماماً لما كان عليه الأئمة(عليهم السلام).
الحقيقة الثانية: أن الأئمة(عليهم السلام) عاشوا ظروفاً صعبة لم تسمح لهم بالحركة وقيدتهم. فلا يخفى على الباحث ظروف التقية التي عاشها الأئمة(عليهم السلام) والتي منعتهم حتى من بيان أحكام الله الواقعية فجاءت كثير من أقوالهم لبيان الأحكام الظاهرية التي اقتضتها التقية وهذا أمر واضح جداً. وهذا ظرف اختصوا به.
أما نحن اليوم فلا إشكال أن ظرفنا يختلف كثيراً عنهم ولا نعيش تلك الظروف التي عاشوها؛ فلنا القدرة على طرح أحكامنا الفقهية، وعقائدنا الخاصة، ولنا القدرة على الحركة والمناورة والمطالبة، ولنا مؤسساتنا ولنا مواكبنا، ومآتمنا.
ونحن اليوم كثرة والشيعة في زمن الأئمة(عليهم السلام) كانوا قلة والتشيّع اليوم قوي ضارب بجذوره في الأعماق وكان التشيّع في عصر الأئمة(عليهم السلام) يحتاج إلى رعاية وعناية تحافظ عليه وتبقيه وتحدد معالمه. فظرفهم يختلف جداً عنا وبالتالي فلا يصح إسقاط واقعهم على واقعنا ولا الإستشهاد بمواقفهم كلية على واقعنا.
فهل يصح التخلّي ـ مثلاً ـ عن بعض المواقف والمطالبة ببعض الحقوق بحجة أن الأئمة(عليهم السلام) ما وقفوا تلك المواقف ولم يطالبوا بتلك الحقوق، والحال أننا نمتلك من الظروف الملائمة والطاقات ما لم يتهيّأ لأئمتنا(عليهم السلام).
الحقيقة الثالثة: أن تعاليم الدين واضحة فيما يرتبط برفض الظلم والمطالبة بالحق كما أن تعاليم الدين المرتبطة بعزة المؤمن وكرامته واضحة هي الأخرى ومن البعيد ، بل من المستحيل أن يؤسس الأئمة(عليهم السلام) خلاف ذلك؛ وهم الذين إذا نطقوا نطقوا بتعاليم القرآن وسنة النبي(صلى الله عليه وآله)، فإذا كان للمؤمنين متسع وكانت لهم القدرة على المطالبة بحق ورفع ظلم فلا يصح الوقوف في وجه ذلك بحجة أن الأئمة(عليهم السلام) قد تعايشوا مع الحكام الظالمين.
ونحن نرى اليوم أننا قد سنحت لنا الفرص وتهياـت لنا الظروف وكان بإمكاننا أن نفرض واقعاً وأن نغير بعض المعادلات إلا أن تلك الفرص مرت مرَّ السحاب على حين غفلة أو تغافل منا ولم نحاول الإستفادة منها.
ولا زال أمامنا بعض من تلك الفرص وبعض من تلك الأجواء التي توصلنا وبشيء من الضغط إلى بعض حقوقنا.
وينبغي الإلتفات إلى أن تلك المقولة ” تعايش الأئمة مع الظالمين” لها من اللوازم التي قد يصعب الإلتزام بها، وعمدة تلك اللوازم ما عُرف من تاريخ التشيُّع من وقوف الشيعة في وجه الظالمين وتصدّيهم، حتى أصبح هذا الأمر من السمات الواضحة لمذهب أهل البيت(عليهم السلام).
والذي لا شكّ فيه أن موقف الشيعة من الظلمين ـ في الجملة ـ لم يكن اقتراحاً منهم ولا أمراً هم أسّسوه؛ وإنما هو نتيجة الثقافة التي ثقف بها الأئمة(عليهم السلام) شيعتهم كما اخذوا من أئمتهم التقية وكما أخذوا منهم لزوم الرجوع إلى العلماء في أحكام الدين.
إن تلك المقولة تنافى مع هذه السيرة المعروفة للشيعة إلا يدعي مدع أن سيرة الشيعة وموقفهم من الظالمين لا ربط له بالأئمة(عليهم السلام) وهو ما يمكن الإلتزام به.
وهذه الثورة المباركة بقيادة السيد الإمام الخميني(قده) والتي أطاحت بأكبر قوة في المنطقة ينبغي أن تُعدّ خروجاً على سيرة الأئمة(عليهم السلام) بناءً على مقولة التعايش مع الأنظمة.
والإدعاء بأن هذه الثورة بقيادة فقيه ولا كلام لنا فيها.
مدفوعة: بأن الفقاهة لا تبرر الخروج على سيرة الأئمة(عليهم السلام) لو كانت سيرتهم هي التعايش.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين.

Show More

Related Articles

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

Close