الأرشيف

أكتوبر 2004

الرمز, الوزير, الإستقالة . بقلم- جعفر يتيم بحكم المواد التي جاء بها ميثاق العمل الوطني يوجد شخص واحد لايجوز قانونيا التعرض له بالإنتقاد وفقاً لنظام الحكم في الفصل الثاني (والأميــر هو رأس الدولة، وذاته مصونة لا تمس،) , بعد اعتقال مدير مركز البحرين لحقوق الإنسان الأستاذ عبد الهادي الخواجة طلعت علينا الصحافة المحلية وارتفعت أصوات لمجموعة من النواب يخلطون في المعايير والمسلمات الديمقراطية وخلطوا في من يكون للناس حق الإنتقاد فيه من الشخصيات والوزراء والمسائله واعتبروا الأمر على انه لايمكن ولايجوز التعرض للرموز السياسية في الحكم بالإنتقاد واللوم والمسائلة واستعراض أخطاء الوزراء معتبرين المسألة على انها خط أحمر لايمكن عبوره , لذلك يوجد خلط كبير حتى في مسألة إثارة الرمزية للوزراء . إذا كانت الصحافة المحلية تغطّي ذلك وتفسره بهذا النحو فذلك من أجل مصلحتها ومن أجل السرب التي تغرد نحو ومن أجل مصالحها ومصلحة الحكومة وهذا أمر عادي لاجديد في حسابات الصحافة حول الملفات الوطنية أما إذا جاء الخلط من قبل نواب المجلس الوطني فهذا يعتبر خرقاً للميثاق والإحتيال والقفزعليه وعلى إرادة الشعب البحريني إذا كانوا يعتقدون بذلك فمواد ونصوص الميثاق جائت واضحة وليس هناك لبس في ذلك , فلماذا يكون ذلك شماعة لكل ملف يدق البلد ؟! ولماذا يكون ذلك في أي حدث مطلبي للشارع تشهده الساحة السياسية البحرينية على وجه الخصوص ؟!. الأمر الآخر ماصرح به البعض من إطلاق تسميات للوزراء بالرمزية على انهم رموز للوطن وهذا بحد ذاته موقع خلاف كبير عند الناس وخصوصاً عند أقطاب المعارضة في إلصاق الرمزية لأي شخص يتقلد منصباً حكومياً , كما أن هذا لايعني على ان هناك حصانة عصماء أبدية لهم وان تلك الصفة تحميهم وتكون لهم درعاً واقياً من المسائلة والطعن في أدائهم ومطالبة الشعب في إستقالة أحدهم أيما كان من الوزراء بل أن مواد الميثاق ودستور 73 وحتى دستور المنحة 2002 قد أعطى الناس حق المسائلة وانتقادهم لأي وزير ومطالبتهم له بالإستقالة . لاندري لما هؤلاء ينظرون على ان هذا الإنتقاد واللوم والمسائلة وإظهار المشاعر والطموح للناس على أنه غوغائية واعوجاج وفوضى والخروج على القانون وانه تطاول على الوزراء ورموز الحكم وهيبة الدولة ولاندري لماذا ينظرون للامور الضيقة والهفوات الغير مقصوده بمن يقوم بها بعض من الناس بالسب في حالات الغضب والإنفعال , ويتهمون الآخرين بالتطرف والعنف ويتركون خلفهم المطلب الأساسي للناس دون اكتراث ولايعطونه أي أهمية ولا يرون ولا يذكرون ويبحثون في الملف الرئيسي ولب الموضوع لحل المسألة والإنفراج السياسي ؟؟ في الدول الديمقراطية يكون من حق الناس أن توجد لها القانون الذي تريده والوزير الذي تريده ويكون من حقها مسائلته والتعرض له بالإنتقاد والآ كيف تكون هناك مظاهر الحرية والعدل والديمقراطية وتكون المسائلة وضبط للإيقاع السياسي , والآ ماهو الفرق بين الحرية والإستبداد في السلطة وفي العملية الديمقراطية إذا كان الوزير لايسائل ولاينتقد إذا أخطأ في عمله وليس هناك حق للناس في المطالبة بإستقالته ؟! .

27-10-2004

الواقع السياسي للمعارضة البحرينية (هيئة الاتحاد الوطني نموذجاً) بقلم :حسين البحراني تعتبر فترة الخمسينات من الفترات المهمة في تاريخ الصراع السياسي بين المعارضة والنظام السياسي القائم في البحرين. وعلى الرغم من أنها لم يكن لها مطالب مختلفة عن حركات النضال التي سبقتها أو أعقبتها إلا أنها كانت تحظى بتأييد جماهيري واسع. والدليل على ذلك قدرتها على استخدام أوراق ضاغطة متقدمة في العمل السياسي كالإضرابات العمالية التي شلت الاقتصاد البحريني، الأمر الذي جعل الحكومة مجبرة على الاعتراف بأعضاء “الهيئة التنفيذية العليا” كممثلين لشعب البحرين. ولما كانت الهيئة في عملها كحركة سياسية تنطلق من الدعم والتأييد المادي والمعنوي لشعب البحرين فقد كانت تعلن للشعب بعد كل اجتماع تفاوضي بينها وبين السلطة في منشوراتها التي كانت توزع على نطاق واسع في كل أرجاء البحرين عن نتائج المفاوضات مع السلطة. ومن ذلك، ما صدر عنها في نشرتها الثامنة إذ تقول: “نظراً لتجاهل السلطة لمطالبكم المتتالية بإجراء إصلاحات، لعدم الرضا الذي يشعر به الأشخاص الذين أخذوا على عاتقهم مهمة متابعة مطالبكم، فإننا نعلن إضراباً سلمياً عاماً يهدف إلى إسماع صوتكم وإلى التعبير عن وقوف الشعب وراء ممثليه”. ومن هذا البيان وأمثاله فإنه يتبين أن أعضاء هيئة الاتحاد الوطني استعملوا في خطابهم مع الجماهير ضمير الجماعة، ويضمنون بياناتهم كل ما من شانه أن يؤكد على كونهم ممثلين للشعب ، ويعلنون عن الخطوة السلمية القادمة والهدف منها، مما يدل على إيمانهم الراسخ بالجماهير واحترامهم لعقولهم. هذا الأسلوب المتقدم في التعامل مع أبناء الشعب تأكيد على تمثيل الهيئة للمواطنين وقوة لهذا الكيان الفتي في ظل إصرار النظام الحاكم على القفز على المطالب الاصلاحية والطعن دائماً في تمثيل أعضاء الهيئة لشعب البحرين، وجاءت الانتخابات التي على إثرها تم اختيار ممثلي الشعب أبلغ رد على توجه الحكومة الهادف للالتفاف على المطالب الشعبية. دأبت الحكومة في تعاطيها مع الهيئة على إبداء تنازلات جزئية تهدف إلى امتصاص الدعم الجماهيري لممثلي الشعب وهي على يقين أن هذه التنازلات هي جزء لا يتجزأ من المطالب الشعبية التي كان المطلب الرئيسي فيها هو إنشاء مجلس تشريعي يمكن الشعب من المشاركة في الحكم. وقد نجحت الهيئة في توظيف الفتنة الطائفية التي سعى الحكومة لإثارتها في بلورة موقف شعبي موحد، وكان ذلك مهمة شاقة عقدت من أجلها لقاءات موسعة بين أعيان الطائفتين ، لان القائمين عليها يريدون ردم الهوة بين أبناء الشعب بعد أن أدركت قيادتها أنه لا مناص عن الوحدة الوطنية كضرورة للحصول على مكاسب حقيقية. تم تأسيس هيئة الاتحاد الوطني كحركة توافقية تهدف إلى نزع فتيل التوترات الطائفية التي أجمع كل من عبد الرحمن الباكر والدكتور محمد غانم الرميحي في كتابيهما أن أحد أفراد العائلة الحاكمة كان وراء اندلاعها في خمسينات القرن الماضي وهو (دعيج بن حمد)، الذي كان يتحرك بتشجيع من بلجريف. وقد نجحت الهيئة في التحول إلى تجمع سياسي يهدف إلى لم الشمل وتوحيد الكلمة. ومما يحسب للهيئة أنها استغلت المساحات المشتركة ونقاط الاتفاق بين الطائفتين وتجاوزت إشكالية اختلاف الرؤى والتيارات السياسية. تجلى ذلك واضحاً حين عمد الباكر ورفاقه إلى الاستفادة من إضراب سواق التاكسي وتوظيفه للمطالبة بتأسيس صندوق التعويضات بهدف خفض تكلفة التأمين إلى الثلث. أما الحكومة فقد خرجت عن صمتها وهددت الباكر بسحب جوازه، الأمر الذي دفع قياداتها إلى تنظيم تجمع في مسجد الخميس كان هدفه المعلن هو الاحتجاج على سحب جواز الباكر، بينما كان الهدف الحقيقي الإعلان عن تنظيم سياسي جديد للمعارضة، وكان في اختيار المكان دلالة مهمة فهو محل احترام السنة والشيعة على حد سواء. لقد كان البريطانيون في حيرة من أمرهم، فلم يكونوا قادرين على ضرب الهيئة مباشرة أو عن طريق الحاكم، كما لم تكن من مصلحتهم الوقوف في صف المواطنين، في الوقت الذي كان الحزب الحاكم في بريطانيا يعاني من متاعب كثيرة، بينما كان حزب المحافظين المعارض يزداد قوة، الأمر الذي جعل توقيت تأسيس الهيئة مناسباً. وتجدر الإشارة إلى أن الهيئة اضطرت لتغيير اسمها لاحقا بطلب من الحكومة لتصبح “هيئة الاتحاد الوطني”. لم تكن مطالب شعب البحرين في خمسينات القرن الماضي مختلفة عن مطالبه على مر التاريخ وطوال فترات النضال السياسي ولكن طرحت كمشروع سياسي واضح، مما جعلها محل إجماع قطاعات واسعة من أبناء شعب البحرين. لقد كانت الإضرابات التي نظمتها الهيئة مؤثرة وساهمت بشكل كبير في الضغط على الحاكم وأجبرته على الاعتراف بالهيئة كممثل للشعب فأقدم على إصلاحات في الصحة والتعليم. لكن الحكم القبلي كان ولا زال يعتبر مشاركة أبناء الشعب في الحكم تدخلاً في المساحة الخاصة بالعائلة التي كانت، ولا تزال، تعتبر البحرينيين رعايا لا مواطنين، وكان لا بد للحكم أن يعطي بعض التنازلات تمهيداً للفتك بالهيئة بعد إرساء قواعد جهاز البوليس وإحكام القبضة على دوائر الدولة ومؤسساتها أكثر فأكثر. لقد كان تعاطي الحاكم مع ممثلي الشعب دليلاً على عدم رغبته في تقديم تنازلات ما لم تمارس المعارضة ضغوطاً سياسية تجبره على الجلوس مع ممثلي الشعب الذين اعترف بهم رسمياً. هذه الحقيقة تؤكد أن أعضاء الهيئة وكوادرها كانوا يقرأون الواقع السياسي بشكل جيد وكانت لديهم برامج عمل واضحة، واستطاعوا أن يوظفوا الدعم الجماهيري في انتزاع بعض الحقوق، قبل أن يت
عرضوا للفتك من قبل البريطانيين في اثر العدوان الثلاثي على مصر في أكتوبر 1956. فقد تحرك الشعب ضد ذلك العدوان، فانتهز البريطانيون الفرصة وقمعوا الحركة بلا هوادة. يجب أن نتخذ من تجربة الهيئة مناراً لنا في حراكنا السياسي وأن نستفيد من نقاط قوتها ونتجنب نقاط الضعف فيها، المؤسسون كان يجمعهم حب الوطن وحرصهم على الوحدة الوطنية وهذا لا يمكن أن يساوم عليه أحد، ولكنهم بعد أن شقوا طريقهم على هذه الثوابت اختلفوا على سبل تحقيق المطالب الشعبية فكان جزء منهم على اتصال بالبريطانيين، وجزء آخر اتخذ من الاتصال بالأسرة الحاكمة أسلوباً للعمل، فيم عمدت مجموعة أخرى إلى البحث عن تحالفات خارجية مما صرف الهيئة عن ثوابتها وجعل بعض قياداتها تبتعد عنها. القوى السياسية اليوم مطالبة أن توظف اتفاقها على المطالب الشعبية وتتوحد في أسلوب تحقيق هذه المطالب، ولعل أبرز مثال على عدم توظيف القوى السياسية للمطالب الشعبية كنقطة ارتكاز هو رؤية بعضها أن المشاركة في التجربة البرلمانية المنقوصة هو ما سوف يحقق مطالبها في حين ارتأت قوى أخرى أن تقاطع الانتخابات التشريعية مما أدى إلى انقسامها على نفسها وحال دون تحقيقها لأجندتها السياسية التي توافقت عليها في تحالفاتها. القوى السياسية التي تحيي اليوم ذكرى هيئة الاتحاد الوطني يجب أن تتخذ من مسيرتها الوطنية نبراساً تسير بهديه لتحقيق المشاركة الشعبية من خلال مجلس تشريعي كامل الصلاحيات، ونظام سياسي يفصل بين السلطات الثلاث لأن الانخراط في تجربة برلمانية منقوصة إهدار للجهود والطاقات. إن قوى المعارضة المتواجدة على الخريطة السياسية في البحرين مطالبة أن تبلور موقفاً موحداً يستمد قوته من الإجماع الشعبي وأن تتجاوز إرادة نخبها، وقد كانت تجربة الهيئة أنموذجاً واضحاً على قوة التجمعات السياسية التي تستند إلى الإرادة الشعبية. كما يجب على القوى السياسية الفاعلة أن تستمر في برنامجها السياسي السلمي، وأن تتخندق وتتمترس خلف الدعم الجماهيري الذي أثبت قوته وفاعليته في العمل السياسي. ووفاءاً للصفحات المشرفة التي سطرها قادة الهيئة وجماهيرها الوفية فنحن مطالبون أكثر من أي وقت مضى أن نراجع حساباتنا السياسية، وأن نعزز اللحمة الوطنية التي سعى النظام إلى ضربها وتشطيرها.

إن دماء شهداء الوطن وتضحياتهم تستحق منا أن نكون صفاً واحداً كالبنيان المرصوص من أجل وطن للجميع يسود فيه القانون وتديره المؤسسات، والأجيال القادمة بلا شك هي شريك معنا في كل خير ويجب أن نحسن تهيئة المستقبل المشرق لها، وذلك لن يتأتى ما لم نؤسس حاضرنا ونبنيه على أسس متينة تستعصي على محاولات شق الصف وتتخذ من اللحمة الوطنية طريقاً للنضال، فكما زرعوا فأكلنا فسوف نزرع وأبناءنا سيأكلون.

لقد شخصنا الداء.. وعلاج السرطان المزمن هو البتر بقلم: حسين البحراني من غير الحكمة أن تمر على الأمة الفرصة تلو الفرصة في سبيل أن تفرض إرادتها وتنتصر لعزتها وكرامتها فيخدعها الأمل أن الفرصة القادمة أفضل وأكثر تحقيقاً لما تصبوا إليه. لقد مرت الأمة بمحطات مختلفة كان يمكنها لو أنها استغلتها كما ينبغي لما لأصبحت في حال أفضل من هذا الحال؛ فقد كانت العريضة الشعبية المناهضة لوثيقة 2002م التي كان بإمكانها أن تعبر فيها عن رفضها القاطع لدستور المنحة الذي جاء بإرادة منفردة من الشيخ حمد، وأن تبلور رأيها المعارض له بإجماع شعبي قل نظيره، ولكنها تحولت حين استجابت الأمة لتفسيرات وزير العمل للمادة (29) من الدستور وتحولت العريضة إلى عريضة جمعيات من عامل قوة إلى عامل ضعف، ولكن شاء الله أن تكون تلك العريضة محرجة للنظام حتى مع القيود التي فرضها على الأمة ويمكنها أن تكون ورقة رابحة لو أن الأمة بأجمعها بعثتها من جديد من حيث رفوف النسيان وترجمتها إلى واقع عملي. على الأمة أن تقول كلمتها؛ فكلمتها سوف تخترق الحجب والجدران المغلقة. وقد كان موقف رهائن العريضة مشرفاً حين أضربوا عن الطعام معلنين رفضهم للقمع والقبضة البوليسية مما أحرج النظام وأجبره على إطلاق سراحهم. وما أكثرها تلك الفرص الذهبية التي لم تحسن الأمة استغلالها ولسنا في وارد أن نعددها؛ فهي كثيرة على مر التاريخ، ولكن أترى الأمة تفوت على نفسها هذه الفرصة المؤاتية التي خلقها أحد ابناءها البررة وهو المناضل الحقوقي الأستاذ عبد الهادي الخواجة؟! لقد أطلق الخواجة صرخته المدوية المطالبة بإستقالة رأس الأفعى واعتبره مسئولاً عن ما مرت به البلاد والعباد من مآسي وأزمات، معلناً رفضه القاطع للذل والهوان، وهذه شيمة الأحرار فأمة بلا عزة كفارس بلا سلاح، ولكننا نقول إن شعبنا الأبي شعبٌ حيٌ لا يرضى بالذل والهوان ولا يخضع للشيطان الرجيم الذي تجسد في شخص خليفة بن سلمان المريضة المعقدة، وهو قادر على صنع ثورة سلمية رافضة للأحوال المزرية، رافضة لسياسية التجويع والتجهيل والتمييز والأساليب الشيطانية الأخرى التي تستهدف عزته وكرامته وبإمكانه النهوض وتقلد زمام المبادرة؛ فهو شعب يمكن أن نراهن عليه، وقد ثبت ذلك في أوقات الأزمة والمحنة، في الماضي والحاضر وهو أوعى من أن تنطلي عليه الخطط الممنهجة لبث الفتنة وتجيير من يقتاتون من مائدة السلطان المليئة بالسحت والزقوم، ومن مصلحة الشعب كل الشعب أن يعلم ويعي أن المأساة الكبرى والضرر البالغ هو في بقاء شخصية سقيمة كشخصية مصاص الدماء المأفون خليفة بن سلمان، ويجب أن لا تنطلي على أبناء شعبنا الصامد تلك المؤامرات الذي يحيكها خليفة بن سلمان لخلق بؤر فتنة طائفية هنا وهناك؛ فالشعب واحد وهويته واحدة يجمعه الاسلام وينضوي تحت راية الاسلام يؤمن بمحمد رسولاً وبالاسلام ديناً، ويحج إلى الكعبة المشرفة التي تتوق إليها قلوب المسلمين جميعاً، ويرى في سيرة خلفاء الرسول منهجاً للدين والدولة. إن شعبنا أكبر من أن ينجرف وراء الاستقطابات الطائفية التي يسعى من خلالها خليفة بن سلمان طاغية البحرين الأكبر إلى خلق مواجهات طائفية، كما حدث في الفتنة الطائفية في خمسينات القرن الماضي لولا أن سخر الله لهذا الوطن ثلة من أبناءه البررة الذين نزعوا فتيل الفتنة لكانت آثارها المدمرة تلاحقنا إلى اليوم، خصوصاً أننا نعيش بعد أيام قلائل ذكرى عزيزة على قلوبنا جميعاً وهي ذكرى تأسيس هيئة الاتحاد الوطني. هذا الوطن الصغير الكبير بأبناءه وتطلعاتهم وبأهل الدراية والخبرة والقادرين على قراءة التوجهات الشيطانية قادرٌ على تجاوز هذه المحنة ومؤهل للعبور إلى الضفة الأخرى دون أن يغرق في وحل الطائفية المقيتة التي سوف تأتي على الأخضر واليابس. بقي لنا أن نقول إن ما أقدم عليه الأستاذ عبد الهادي الخواجة من قول كلمة الحق في وجه سلطان جائر لهو أعظم الجهاد وقد تكلم بذلك من منطلق مسئوليته وتكليفه الوطني وإنطلاقاً من شموخ وإباء أهل البحرين، فلا يظنن أحدٌ أن هذا رأيه وحده بل هو ترجمة حية لما يجول في أذهان أهل البحرين وإن لم يقولوه. إن الشعب بأجمعه متفق على كون خليفة بن سلمان وحرسه القديم، وعصابة المأجورين والمتملقين الذين يجتمعون على حول مائدته الزقومية إنما يأكلون في بطونهم ناراً نسأل الله أن يحرقهم بها وتبقى البحرين وأهلها سالمين.

هذه الفرصة التي خلقها المناضل الشامخ عبد الهادي الخواجة فرصة قد لا تمر على أهل البحرين ثانية فيجب أن تستغل الاستغلال الأمثل لقطع رأس الفساد والطغيان لتنعم البلاد بالأمان بعد أن تلقي خليفة بن سلمان وجلاوزته في مزبلة التاريخ وعلى ذلك نراهن، فإن فاتكم الثعلب فلن ترون إلا غباره، فكفانا ما ضاع علينا من فرص ولنتفق بإجماع على استقالة رموز الحقبة السوداء في ثورة سلمية لا تعبأ بالتضليل وتجيير طائفة من أبناء الأمة وتسخير جاجمهم ليعبر عليها خليفة وزمرته من الجلادين والسارقين والمتملقين، ومن شخص الداء العضال يدرك أن قطع كف الإجرام وبترها كلياً هو الدواء الشافي للسرطان المزمن.

إسقاط القانون (2). بقلم – جعفر يتيم من يقرأ ويتفحص المواد والنصوص القانونية لمقترح قانون الجمعيات السياسية الذي قدمته كتلة المستقلين بالمجلس الوطني يجد أن فيها نبرة عداء ومواجهة للجمعيات السياسية وبالأخص جمعيات التحالف الرباعي وهذا مارآه وطرحه بعض المشاركين بالجلسة الحوارية لملتقى الوفاق ومن ضمنهم المحامي د. حسن رضي والذي وصف حزمة القوانين وواضعيها على انهم يواجهون جيوشاً وليس إخوة لهم في الوطن وان ذلك هو عداء للحزبية والجمعويه . الأمر الآخر ماجاء في المقترح القانوني والإصرار على ذكر دستور 2002 المنحة في المادة السادسة بهذا القانون وفي الجزء رقم 4 – النص على التقيد بالمبادئ والقواعد التالية في ممارسة نشاط الجمعية: أ- أحكام ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين المعدل في عام 2002م واحترام سيادة القانون ) , فيه إساة للإرادة الشعبية إذ تجعل البلد على أحر من الجمروفي احتقان سياسي متزايد وارباك دائم لايؤدي الى انفراج سياسي وأمني ويسبب الإحتقانات السياسية في ضل رفض أغلبية الشارع البحريني لهذا الدستور المنحة والعمل بالضغط على إيجاد دستور عقدي أو الرجوع بأدنى حد الى دستورسنة 73 العقدي , كذلك كما عبر عنه أحد المشاركين في الجلسة أن من الذوق والأخلاق وضع الإعتبار على ان هناك جمعيات سياسية أخرى مقاطعة لها وزنها في المجتمع البحريني في حوار مع السلطة تمثّل وجهة نظر أخرى ولها أغلبية كاسحة في هذا الشأن وفي المسألة الدستورية وكأنما مقدمي المقترح من النواب كان طلبهم من الحكومة وبايعاز منها لضرب الحوار والمطالب الدستورية ولمرئيات التحالف الرباعي المقدمة للسلطة . المشاركون في الندوة أكدو على عدم الإعتراف بالقانون ودعوا الى إسقاطه وقبره ومؤسسات المجتمع الأهلي أيضاًَ استائوا من هذا القانون المجحف والتجمعات الشعبية كذلك لهم رفضهم الشديد وحتى بعض من يتبع الخط الرسمي أصبح له موقف متحفظ ورافض لهذا القانون , فهل هناك عذر للسلطة أن تتمادى فيه وتتفاخر وتعتز به كقانون متحضر وتتساما به في المنطقة وتعمل على إيجاده وتطبيقه ؟! إن تم تطبيقه فيعتبر في ذلك كارثة وطنية وانتكاسة بحسب تعبير أحد المحاميين وتتوالا بعده الكوارث والأزمات وسيصبح العمل السياسي من دون جدوى ولاداعي للسلطة أن تتحدث عن الإصلاح ولأن أبسط الحقوق السياسية للمواطن هي حرية إقامة الأحزاب والتجمعات في العملية الديمقراطية ويعتبر تكوين الأحزاب ركن أساسي لاينفصل عن العملية فكيف للسلطة ان تستجيب لذلك وهو تناقض لما تطرحه من شعارات براقة للإصلاح السياسي على المستوى الداخلي والخارجي ؟.

3-10-2004

الخواجة ورئيس وزراء البحرين: من يحاكم من؟ 2004/10/06القدس العربي د. سعيد الشهابي وجدت واشنطن نفسها مضطرة لشجب الاجراء الحكومي البحريني الاسبوع الماضي باعتقال الحقوقي المعروف، عبد الهادي الخواجة، فهي حريصة علي اظهار شيء من نجاح ادعاءاتها بشأن المشروع الديمقراطي الذي روجت له في العامين الاخيرين، وتسعي لتجاوز ما من شأنه اثارة الشكوك في الخطوات التي تتخذها الانظمة الحليفة لها. واشنطن اعتبرت، علي لسان روندا شور المختصة بشؤون الشرق الادني، اعتقال الاستاذ الخواجة خطوة مخيبة للآمال الي الوراء وأكدت ان من اسس الديمقراطية السماح بالرأي الآخر. وكان الانفراج الامني الذي حدث في 2001 في البحرين قد وفر لواشنطن مادة اعلامية ودعائية، دفعت الرئيس جورج بوش للاشادة بها مرارا، علي خلفية ما قيل عن وجود رغبة امريكية في دعم الديمقراطية بالمنطقة بعد حوادث 11 ايلول (سبتمبر). وبالتالي فما حدث في الاسابيع الاخيرة لا يخدم السياسة الامريكية التي تتشبث بالمقولة الديمقراطية لتبرير تواجدها العسكري في المنطقة، خصوصا في العراق والخليج، ومشروعها للاستمرار في الحرب ضد الارهاب. يتفق نشطاء حقوق الانسان علي ان اعتقال الناشط الحقوقي، عبد الهادي الخواجة، وحل مركز البحرين لحقوق الانسان، وغلق نادي العروبة، خطوات لا يمكن تبريرها باي شكل. فما حدث من تطورات علي الساحة الداخلية البحرينية لا يمكن اعتباره مؤامرة ضد النظام، ولا عملا تخريبيا، ولا اجراء يهدف لزعزعة الامن والاستقرار او الاساءة الي العائلة الحاكمة. وملخص القضية ان مركز البحرين لحقوق الانسان عمد في العامين الاخيرين لمناقشة ما يعتبره قضايا اساسية تهم المواطن البحريني ولا يمكن التغاضي عنها، بينما كانت الحكومة تفضل عدم اثارتها لما لها من انعكاسات سلبية في الداخل والخارج. بدأ المركز بتسليط الاضواء علي مشكلة التجنيس السياسي بشكل موثق، وذلك في ندوة جماهيرية في شهر تموز (يوليو) من العام الماضي. اثارت تلك الندوة سخط المواطنين لانهم اكتشفوا عمق مشروع التغيير السكاني الذي تمارسه العائلة الحاكمة، وسلط الاضواء علي آثاره السلبية المحتملة. ومع ان تجنيس الاجانب كان سياسة متبعة من قبل العائلة الحاكمة منذ سنوات، الا انه بلغ ذروته بعد صعود الشيخ حمد الي الحكم في اثر وفاة والده الشيخ عيسي في آذار (مارس) 1999، بدأ مشروع التجنيس بمنح الجنسية البحرينية لاعداد كبيرة من العاملين الاجانب بوزارتي الداخلية والدفاع، ثم تواصل الي قبائل عربية في الجزيرة العربية واليمن، وسورية والاردن وباكستان. وهذه المناطق معروفة بانتشار الاتجاهات الدينية المتطرفة التي لا تتناغم مع الاتجاهات الدينية (السنية والشيعية) المعتدلة في البحرين. وبعد ان فرض الشيخ حمد دستوره في شباط (فبراير) 2002، وهو الدستور الذي منحه سلطات مطلقة لا شبيه لها في اية دولة ديمقراطية في العالم، أصدر قرارا ملكيا بمنح الجنسية البحرينية لكل من يتقدم لطلبها من دول الخليج الاخري، الامر الذي أثار غضب المواطنين. فالبحرين لا يتجاوز سكانها نصف مليون انسان، فكيف تستطيع استيعاب تجنيس ما يصل الي20 مليونا؟ بالاضافة الي ذلك، تعاني البحرين من اضطراب سياسي، واوضاع اقتصادية ضعيفة مقارنة بدول الخليج الاخري. وبالتالي فليس هناك معني لمشروع التجنيس، سياسي، او اقتصادي او انساني. والتفسير الوحيد لمشروع التجنيس يرتبط بطبيعة نظام الحكم في البحرين. فالعائلة الحاكمة تختلف عن بقية العائلات الحاكمة في دول الخليج الاخري بمسألتين اساسيتين: فهي لا تنتمي تاريخيا الي الارض، ولا تمثل الاغلبية. وتعتقد ان مشروع التجنيس سوف يسد هذا الخلل. وبمكن القول ان مشروع التجنيس هو اهم بنود مشروع الشيخ حمد، وبالتالي فاية محاولة لعرقلته تعتبر تصعيدا غير مقبول يعاقب من يقوم به لعقوبات قاسية. هذا المشروع يعتبر اصلاحا لخلل بنيوي في الكيان السياسي القائم حاليا، يهدف لاحلال استقرار سياسي لم يتحقق علي مدي الـ 200 سنة الماضية. بعد ذلك أقام مركز البحرين لحقوق الانسان ندوة حول التمييز الذي تمارسه العائلة الحاكمة في البلاد، سواء في التوظيف بادارات الدولة، ام في توزيع الثروة ام في البنية التحتية في مناطق البلاد، ومن يزور هذه الجزيرة الخليجية الصغيرة يلاحظ بوضوح الحالة المزرية التي تعاني منها القري البعيدة عن مناطق اقامة العائلة الحاكمة، من حيث غياب الاهتمام ببناء الشوارع وغياب الحدائق العامة، وعدم وجود نظام حديث للمجاري، مع تفاقم مشكلة الاسكان، وضعف الرواتب. كما يلاحظ بوضوح حالة التمييز في المناصب العليا للدولة خصوصا علي مستوي الوزراء ووكلاء الوزارات ومدراء الدوائر والسفراء. هذه الحقائق كشفتها ندوة التمييز المذكورة في بداية العام، ودفعت العائلة الحاكمة لتوجيه انذار للمركز بحجة انه يتدخل في القضايا السياسية. بينما يصر المركز علي ان التعاطي مع هذه القضايا من ضمن الاهتمام بحقوق الانسان، ولا يمكن ان يتنازل عن ذلك الدور. واخيرا جاءت ندوة الفقر التي عقدها المركز قبل اسبوعين، وهي الشعرة التي قصمت ظهر البعير. ففي هذه الندوة التي عقدت في 24 ايلول (سبتمبر) طرح الاستاذ الخواجة ارقاما مخيفة حول ظاهرة الفقر في البلاد، واشار باصبع الاتهام الي الحكومة وعلي رأسها رئيس الوزراء شخصيا، بانه المسؤول عن تنامي هذه الظاهرة من خلال السياسات الاقتصادية التي انتهجها في الثلاثين عاما الماضية في غياب الدستور والرقابة الاجتماعية. وخلال هذه الفترة أقام رئيس الوزراء امب
راطورية مالية عملاقة، فاصبح يمتلك الفنادق الضخمة، والمصانع الرئيسية، ووكالات الشركات الاجنبية، ودخل السوق منافسا للتجار، واستغل منصبه لمنح العقود الانشائية الكبيرة للشركات التي توافق علي دفع عمولات كبيرة له. كما وضع رئيس الوزراء يديه علي مساحات واسعة من الاراضي في كافة المناطق، في الوقت الذي يعاني منه المواطنون من ازمة المساكن والوظائف. وعرض في الندوة فيلم يكشف حالة الفقر التي يعاني منها المواطنون، الامر الذي اثار مشاعر الحاضرين. وقبل نهاية الندوة دعا الاستاذ الخواجة الي استقالة رئيس الوزراء كواحد من الحلول للازمة. ردة فعل الحكومة كان قاسيا جدا. فقد استدعي الاستاذ الخواجة للتحقيق واعتقل حالا، واصدرت العائلة الحاكمة قرارا بحل مركز البحرين لحقوق الانسان واغلاق نادي العروبة الذي أقيمت الندوة في احدي قاعاته. كانت ردة الفعل الشعبية عاصفة ايضا، وكذلك ردور فعل المؤسسات الحقوقية الدولية مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووج، ولجنة حقوق الانسان التابعة لجمعية المحامين البريطانية، ومنظمات الدفاع عن نشطاء حقوق ا لانسان. وثمة مبدأ واحد أشارت اليه بيانات تلك المنظمات، وهو ان الديمقراطية تعني ان تسمح بالرأي الآخر، وليست الديمقراطية ان تسمح بالرأي الذي يصفق للحاكم، وتمنع الرأي الذي ينتقده، فذلك عين الاستبداد. وبالتالي فمطالبة الاستاذ الخواجة بازاحة رئيس الوزراء عن الحكم حق مشروع، اذا كانت هناك ادني مقومات للديمقراطية. أما منعه من التعبير الحر عن رأيه فيعني الاستبداد في أجلي صوره، والقضاء علي أبسط مقومات الديمقراطية. البيانات الدولية التي صدرت في الاسبوع الماضي أحرجت حكومة البحرين بشكل كبير، خصوصا ان اعلامها كان يركز علي عدم وجود اي معتقل سياسي في البحرين، معتبرا ان ذلك احد انجازات عهد الشيخ حمد. وتجاهل ذلك الاعلام حقيقة اخري وهي ان المواطنين غيروا موقفهم تجاه الحكم لاعطائه فرصة لاثبات حسن النوايا، وخفف معارضته، وغير اساليبه، وقرر مسايرة مشروع الشيخ حمد حتي وصل نهايته. وخلال الاعوام الثلاثة الماضية كان الشعب ينتظر خطوات حقيقية علي طريق الاصلاح السياسي والاقتصادي، ولكن ذلك لم يحدث. فقد توقف المشروع باجراء انتخابات مزورة لم يشارك فيها سوي اقل من 40 بالمئة من المواطنين، لتشكيل مجلس نيابي مسلوب الارادة، ومطلوب منه ان يكون اداة دعائية وسياسية للعائلة الحاكمة ضد معارضيها. ولذلك فما ان اعتقل الاستاذ الخواجة حتي بادرت المؤسسات التي انشأها الشيخ حمد لمهاجمته والتنديد بممارسته ما هو حق طبيعي له. المعارضة تقول ان الخواجة تكلم بلغة الجماهير الصامتة المغلوبة علي امرها، ضد المشروع الذي بدت معالمه في الظهور تدريجيا، وتتخذ أبعادا خطيرة، ومنها التجنيس السياسي الذي يعتبره المواطنون ابادة ثقافية ، والتمييز علي اسس اللون والمذهب والولاء، والتشريع المحصور بالعائلة الحاكمة ممثلة بشخص الحاكم (كما حدث مع وثيقة 2002، وقانون الصحافة وقانون الامن الوطني وقانون التجنيس)، وتكريس نظام المكرمات بدلا من حكم القانون. هذه المعالم يسعي الحكم للتعتيم عليها ويعاقب من يعارضها. الواضح من خلال التطورات ان الحكم لم يتغير في تفكيره وتوجهاته، بل ان المواطنين هم الذين سعوا لاعطاء الحكم فرصة لتطوير الاوضاع وتحسينها. ويري بعض اطراف المعارضة ان الحكم اصبح اليوم اكثر قمعا من قبل. فمثلا عندما شارك بعض الشباب في جمع توقيعات المواطنين لعريضة شعبية تطالب العائلة الحاكمة باعادة العمل بالدستور تعرضوا للاعتقال لاسابيع، بينما لم يعتقل اي مواطن عندما وقعت عرائض مماثلة في 1992 و 1994 و 1995. وقام النظام بضرب الرموز الدينية للمواطنين بقسوة، كما حدث عندما خرجوا في مسيرة تشجب السياسة الامريكية لاستهدافها العتبات المقدسة في العراق، واطلقت الغازات المسيلة للدموع والخانقة علي اكبر علماء الدين. بينما كانت معاملة العائلة الحاكمة للمجموعة التي اعتقلت قبل ثلاثة شهور بدعوي تخطيطها لاعمال ارهابية تختلف كثيرا، اذ اطلق سراحها في غضون 48 ساعة فقط. لكن الامريكيين انزعجوا فاصدروا امرا لمواطنيهم بمغادرة البحرين لانها لم تعد آمنة، وقرر المعهد الوطني للديمقراطية الامريكي غلق مكتبه في البحرين لاظهار عدم ديمقراطية الوضع. فما كان من العائلة الحاكمة الا ان اعادت اعتقال المجموعة، فأصدرت السفارة الامريكية في البحرين بيانا لاحقا بان البحرين أصبحت آمنة، وتراجع المعهد المذكور عن قراره. هذه الاجراءات تعكس مدي اخضاع العائلة الحاكمة المواطنين لخدمة مصالحها وسمعتها.

الوضع البحريني يختصر الوضع العربي العام في صراعه مع الاستبداد، وصعوبة تحويل الحكام المستبدين الي حكام ديمقراطيين. فالتغير من الاستبداد الي الديمقراطية، من خلال تجربة البلدان الاخري في أفريقيا ووسط آسيا، انما تحقق بالتخلص من الحكام المستبدين، ولم يعرف، الا في حالات نادرة، ان استطاع حاكم اعادة صياغة ذهنيته بشكل جذري، فيكره الاستبداد ويحب الديمقراطية ويعلن استعداده لاعطاء شعبه حق ابقائه في الحكم او ازالته. وحتي في البحرين يؤكد التاريخ ان اي اصلاح في الماضي لم يحدث الا بعد التخلص من عناصر الحقبة الفاسدة. ففي 1923، عندما قرر المعتمد السياسي البريطاني آنذاك، الميجور ديلي، تنفيذ مشروع الاصلاحات الادارية التي كان المواطنون يصرون عليها، لم يجد بدا من الاطاحة بالشيخ عيسي بن علي آل خليفة، وتنصيب ابنه حاكما. وقد رفض الحاكم الطاعن في السن ذلك القرار، ولكنه لم يستطع ان يعمل شيئا. فرجال الديمقراطية غير رجال الاستبداد، والاصلاح لا يتم بقرار من اتجاه واحد فقط، بل هو عملية تتفاعل فيها كافة القطاعات المجتمعية مع النخبة الحاكمة، وتنتهي الي اقامة نظام جديد يختلف عن سابقه، جملة وتفصيلا. المواطنون البحرينيون لم يطالبوا باصلاح شامل، بل بتطوير نسبي للاوضاع، ولكن العائلة الحاكمة فضلت التعاطي مع مطالبهم بالاصرار علي اعادة توزيع المناصب الحساسة في الدولة علي عناصر الحقبة السابقة، الامر الذي كرس الاستبداد بدلا من القضاء عليه. وما اعتقال الناشط الحقوقي الا تأكيد للرغبة في التخلص من مناوئي مشروع العائلة الحاكمة. ولكن الحكم ربما خلق لنفسه بهذه الخطوة مشكلة اكبر. فمن غير الممكن علي الاطلاق توجيه تهمة جنائية للاستاذ الخواجة، في الوقت الذي تعمق القلق من ان يؤدي استمرار اعتقال الناشط الحقوقي الي المزيد من التوتر السياسي والامني خصوصا مع اصرار المواطنين علي التضامن غير المحدود معه. كما ان التنازل عن التهم الكبيرة التي وجهت اليه سوف يضعف الخطاب الرسمي، والموقف السياسي للعائلة الحاكمة. والارجح، وفق المعطيات المتوفرة حاليا ان يتم اطلاق هذا الناشط الحقوقي بدون قيد او شرط برغم ما يعكسه ذلك من كسر لعنفوان الجناح المتشدد في الحكم الذي يمثله رئيس الوزراء. فأية محاكمة ستتحول فورا الي محاكمة للنظام، وهو ما يتمناه الخواجة نفسه، وما لا يريده الحكم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق