Archive
Bahrain Freedom Movement
http://alsingace.blogspot.com / http://alsingace.jeeran.com/archive/2007/1/139532.html حتى يمكن فهم مسرحية “حرق حافلة الداخلية” وجب علينا الرجوع للوراء قليلاً للإشارة إلى بعض مما تم تسريبه بعد نشر الدكتور صلاح البندر لتقرير الفضيحة عن شبكة التآمر على شعب البحرين. هذه الشبكة -التي يقودها وينفذها أحمد عطية الله الخليفة، وزير شئون مجلس الوزراء البحريني، المعاد تعيينه في صلافة وتحدي للمطالب الشعبية بتنحيته وتقديمه للمحاكمة.
هذه المافيا السرية لازالت نشطة وعاملة- بل لم تتوقف قط- قد بدأت المرحلة الثالثة من مشروع الفتنة وتعميق وتوسعة الفتق الطائفي الذي بدأته في مرحلتها السابقة بمعاونة بعض المهووسين- أصحاب الأجندة الخفية- والمتشدقين بالدين والالتزام به.
فمما جاء في هذه التسريبات بأن “السلطة، وبعد الانتخابات الفائتة سوف تحدث أعمال شغب، وبمستوى كبير، وتحاول أن تورط قيادات “حق” في المسألة لتبدأ بعد ذلك بتصفية الحساب معهم “.
فلقد بدأت تباشير هذا التوجه منذ اعتقال وحبس الدكتور محمد سعيد السهلاوي وحسين عبدالعزيز الحبشي بسبب مطبوعات تدعو لمقاطعة الانتخابات الماضية، حيث تم اعتقالهم بشكل تعسفي من مكان عام وتوجيه تهم لهم تندرج تحت طائلة مواد “أمن الدولة” لتنعش ذاكرة الجميع بتدابير أمن الدولة التي تم مواراتها مؤقتاً عن المنظر السياسي فترة السنوات الخمس الماضية. وبعد انتهاء أعراس الانتخابات “الصورية” المعبرة عن انتقال بعض أطراف المعارضة من معسكرهم والقبول بالدخول في سرك النظام واللعب بأدواته، لابد أن تبدأ المرحلة التالية من المخطط، دون أن يستطيع أولئك عمل شيء إزاءها سوى تصريحات الشجب والتبرؤ– التي تصدر أسرع من تقارير وكالات الأنباء- دون التريث ومراقبة الأحداث وعدم الانجرار لمتطلبات اللعبة القادمة التي تستلزم تحييد أكبر قدر ممكن من قوى المجتمع ونخبه، ووقوفهم في منصة المشاهدين، إن لم يتطور موقفهم لأسوء من ذلك.
والخطوة الفعلية للمرحلة القادمة قد بدأت بافتعال تعرض حافلة شرطة صغيرة »مني باص« تنقل رجال الحراسات الأمنية إلى رشق بالقناني الحارقة »المولوتوف« داخل منطقة الدراز من قبل شخصين مجهولين- بحسب بيان وزارة الداخلية الصادر في نفس ليلة الاعتداء المزعوم. وبحسب تصريح مسئولو الداخلية أيضا فـ” إن الشخصين المجهولين هاجما الحافلة عند تبديل رجال الحراسات ما أدى إلى إصابة أحدهما بإصابات وحروق ونزيف فيما احترقت الحافلة بالكامل. وقد لاذ المهاجمان بالفرار إلى داخل المنطقة وأن التحريات والبحث جاريان عنهما ” . فلقد تفردت وزارة الداخلية بالرواية وتركت للصحافة حضور رصد التهام النيران للحافلة “بعد فرار المعتدين ” وكذلك مشاهدة انتشال المصاب من قبل زملائه ونقله إلى سيارة أمن أخرى بهدف إسعافه!!!
وبهذا انتهى المشهد الأساس- وهو تكوين الحدث وحصول بعض “الشهادات” المؤكدة عليه، ليبدأ جهاز التحقيقات الذي “صدأت يداه” من الجلوس طوال السنوات الأربع الماضية، ليعاود نشاطه من جديد. فيبدأ جهاز التسعينيات- بتشكيلة الضباط المعذبين- بالهجوم على الشباب في بيوتهم واقتيادهم من منامهم، ومحاصرة “الفرجان” وإثارة الرعب الشديد، وزعزعة الأمن. وتبدأ من حينها جرعات التعذيب الجسدي والنفسي- كما حدث في التسعينيات- وإعادة الحياة لفنون التعذيب وإحداث الألم بالمعتقل، لحد أن يتمنى أن تنفتح الأرض وتبتلعه بدلا من التعذيب الذي يواجهه. كما تتم الإستدعاءات “الأمنية” بالهاتف، ليسير الشبان والأخوة – الواحد تلو الآخر- كقطيع الخرفان- لموقع التعذيب في مركز البديع السيئ الصيت.
ومن أستدعي شاهداً يتلقى الترحيب المعهود- من أصحاب السوابق التسعينية في التعذيب- من شتم وضرب واهانات وتعذيب. والمراد من كل ذلك الحصول على الاعترافات من الشبان الذين اعتقلوا- وهم أربعة ثلاثة منهم لم يبلغوا العقد الثاني. وحين لم يتم الحصول على شهادات ضدهم تؤكد مخطط السلطة، فقد أفرجت عن الشهود في نفس الليلة التي اعتقلوا فيها، وظل الشبان ليواجهوا تهماً خطيرة تصل لحد السجن المؤبد، بحسب مواد قانون العقوبات السيئ الصيت- وبالخصوص المادتين (37) وكذلك (277) منه. [1]
وتم يوم أمس إخلاء سبيل المعتقلين الأربعة بضمان محال اقاماتهم وذلك لعدم كفاية الأدلة، بعد استدعاء رجال الشرطة المجني عليهم الخمسة، والاستماع لأقوالهم والتي جاء بها أن أحداً منهم لم يستطع التعرف على أي من المتهمين . و”قال بعض رجال الشرطة أمام رئيس النيابة: إنهم رأوا الجناة يركضون بعد إلقاء المولوتوف، ولكن رؤيتهم لهم كانت من ظهورهم ولذلك لم يستطيعوا أن يروا وجوههم، وخاصة أن الحادث وقع في حوالي العاشرة مساء حيث كان المكان مظلما. وبناء عليه قررت النيابة إخلاء سبيل المتهمين لعدم كفاية الأدلة، كما أمرت بسرعة إجراء التحريات لضبط وإحضار الجناة الذين ارتكبوا الحادث. ” [2]
ألم يكن ما قامت به النيابة العامة ممكناً منذ اليوم الأول، لولا تلك التحركات والأنشطة الشعبية الضاغطة للإفراج عنهم؟ إنها بلا شك مسرحية لم تنته بالإفراج عن أولئك الشباب، فقد تم “إجبارهم على توقيع تعهد ينص على استجابتهم لأي إخطار بحضورهم للنيابة” [3]، وحيث إن الجناة لم يعرفوا لحد الآن، فإن الاعتقالات لن تتوقف، وسيصبح الباص المحروق “من مجهولين” قميص عثمان تستعمله السلطة بعنوان “تحريات للوصول إلى الجناة” لاعتقالات مستقبلية، وتوتير للوضع وخلق حالة تأزم تمنع التعاطي مع القضايا الحقيقية، كسرقة المال العام الذي سلط تقرير ديوان الرقابة المالية على فيض منه (قليل جداً)، وقضايا التوطين والتجنيس السياسي، وبرامج التوطين مع الكيان الصهيوني التي يواصلها النظام بلا هوادة. وسوف تستخدم السلطة تفاعل قوى المجتمع الناشطة مع تلك الاعتقالات للهجمة على المعارضين السياسيين الحقيقيين والنشطاء الفاعلين في محاولة لتكميم أفواههم وتصفية الحسابات معهم، تماماً كما ذكر في التسريبات المشار لها آنفاً.