الأرشيف

البحرين: انتخابات مزورة بأثر رجعي – حركة أحرار البحرين

19/10/2010م – 7:32 ص | عدد القراء: 73

في 23 أكتوبر سيتجه الناخبون للتصويت في انتخابات محسومة النتائج سلفاً

19 اكتوبر 2010

تختلف البحرين عن بعض من دول المنطقة التي تعتمد في التلاعب بنتائج الانتخابات على تزوير عدد الاصوات في صناديق الاقتراع. اذ تستغني السلطة في البحرين عن ذلك بقوانين وأنظمة انتخابية – وضعتها السلطة التنفيذية دون الرجوع لاي هيئة شعبية – تجعلها تتحكم في تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وترسم الدوائر الانتخابية على اساس الولاءات الطائفية والسياسية، وتمنح حق التصويت الفوري لعشرات الآلاف ممن يتم منحهم الجنسية بشكل استثنائي بناء على انتماءاتهم وولاءاتهم السياسية والطائفية. ذلك إضافة إلى السياسات والإجراءات أثناء الانتخابات مثل التحكم في سجلات الناخبين وتغيير عناوين اقاماتهم، والهيمنة على الرقابة المحلية على الانتخابات ومنع الرقابة الخارجية، وتوجيه أصوات قوات الأمن والجيش، والهيمنة على وسائل الإعلام العامة مثل الإذاعة والتلفزيون، وتقييد استخدام وسائل الإعلام الأخرى مثل الجرائد والإعلام الالكتروني، والتأثير على وسائل الإعلام الخارجية عبر الاستضافة السخية المجانية. وجميع هذه التدابير اتخذتها الحكومة لضمان فوز أغلبية موالية لها في المجلس النيابي وعرقلة وصول مرشحي المعارضة أو المستقلين الحقيقيين.

كل ذلك على الرغم من ان مجلس النواب العتيد يمتلك صلاحيات مقيدة، وذلك لأنه يقتسم صلاحياته التشريعية مع الملك وكذلك مع مجلس شورى معين من قبل الملك. كما أن النظام السياسي القائم – وفقا لدستور 2002 المثير للجدل ووفقا للطبيعة القبيلة للنظام – يفتقد لمقومات الديمقراطية الحقيقية حيث لا يتمتع أفراد الشعب بحق تبديل الحكومة، في حين يسيطر أفراد من الأسرة الحاكمة على رئاسة الوزراء وثلثي المناصب الوزارية في الحكومة، ويشكل هؤلاء مع الملك وولي العهد إضافة إلى وزير الديوان الملكي مجلس الدفاع الأعلى الذي يقرر كل القضايا الخطيرة في البلاد وتقتصر عضويته فقط على المسئولين من أفراد الأسرة الحاكمة. ويفتقد كلا من المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدستورية للاستقلالية إذ يعين الملك جميع أعضائهما.

بالرغم من أنّ الملك وأفراد الأسرة الحاكمة ليسوا أطرافا مباشرين في الانتخابات النيابية والبلدية حيث لا تمثلهم رسميّا أيّة مجموعة سياسية أو أي مرشح، إلاّ أنّ لهم مصلحة مباشرة في نجاح الموالين لهم في الانتخابات في مقابل مرشحي المعارضة، وخصوصا أنّ الانتشار الشعبي للمعارضة يمكن أن يؤدي إلى تشكيل مجلس نيابي معارض يقوم بمراقبة حقيقية لأداء الحكومة وكشف ممارسات المتنفذين والكثير منهم من الأسرة الحاكمة، وفتح ملفات التجاوزات والفساد، وربما يضغط باتجاه تغييرات حكوميّة أو إصلاحات دستورية تتعارض مع مصالح ونفوذ الأسرة الحاكمة التي تهيمن على جميع أجهزة ومناصب الدولة المهمّة إلى جانب هيمنتها على الحياة الاقتصادية. لذلك فإنّ الاستقطاب في مجلس النواب يكون دائما بين أكثرية من الموالين للأسرة الحاكمة والحكومة الذين يصل معظمهم عبر التلاعب بالانتخابات، وبين نواب معارضين تتمتع جمعياتهم بانتشار شعبي واسع دون أن ينعكس ذلك عدديا في المجلس.

ويمكن القول أن السلطة تعمد إلى التحكم المسبق في نتائج الانتخابات من خلال العمل على أربعة محاور أساسية:

التقسيم غير العادل للدوائر الانتخابية يلغي مبدء المساواة بين المواطنين

تم توزيع الدوائر الانتخابية بشكل طائفي وبطريقة سرية، ولا يتم الإعلان عن القوائم الانتخابية إلا قبل موعد الانتخابات بأسابيع قليلة لتضمن السلطة أغلبية موالية لها في مجلس النواب في الوقت الذي تهمش فيه المناطق التي تكون فيها الغالبية من أبناء الطائفة الشيعية كالمحافظة الشمالية أو بعض المناطق المختلطة طائفيا والتي تشك السلطة في ولائها للمؤسسة الحاكمة. فقد استمرت الفجوة الكبيرة في أعداد الناخبين بين الدوائر الأربعين، إذ مازالت الدائرة الأولى بالمحافظة الشمالية وهي الأكبر وتضم 16,223 ناخباً بزيادة قدرها 5 في المائة عن انتخابات عام 2006، كما قل عدد الناخبين في الدائرة السادسة من المحافظة الجنوبية ليصل إلى 770 ناخباً فقط بعد أن كانت تضم 1200 ناخب في الانتخابات السابقة[1] ، أي أن الصوت الواحد في الدائرة السادسة بالمحافظة الجنوبية وهي من الدوائر التي يعتبرها النظام موالية له يعادل أكثر من عشرين صوتاً في الدائرة الأولى من المحافظة الشمالية. وتنتهك هذه السياسة مبدأ العدالة والمساواة إذ أن نسبة الفوارق بين الأصوات في الدوائر الانتخابية يفترض أن لا تتجاوز 2% كما هو الحال في الدول الديمقراطية، بينما في البحرين تصل النسبة إلى 1000%. وقد كان هذا التوزيع غير العادل سببا رئيسيا لحصول حوالي 64% من الأصوات الانتخابية على اقل من 45% من عدد المقاعد في المجلس النيابي في 2006.

تدخلات الجهاز المركزي في العملية الانتخابية للتحكم في توزيع وإلغاء الأصوات

ويهيمن الجهاز المركزي للمعلومات على العملية الانتخابية وتوجيهها بالكامل، ويترأس هذا الجهاز شخصية مثيرة للجدل وهو وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة وهو عضو ينتمي إلى الجناح المتشدد في الأسرة الحاكمة الذي يرأسه رئيس الديوان الملكي الشيخ خالد بن احمد الخليفة، والذي يعتقد انه يقف وراء الكثير من الأزمات التي عصفت بعلاقة مؤسسة الحكم مع الناس. وقد برز اسم عطية الله كرئيس للشبكة السرية التي كشف عنها مستشار الحكومة السابق الدكتور صلاح البندر –البريطاني الجنسية. وبناء على هذا التقرير فان الشبكة التي يرأسها عطية الله تعمل على عزل وتهميش أبناء الطائفة الشيعية على جميع المستويات، وتعمل كذلك على إثارة الخلافات الطائفية بينهم وبين أبناء الطائفة السنية، وعلى التلاعب بالعملية الانتخابية وتحجيم دور المعارضة في المؤسسة التشريعية، وإضعافها وإبعادها عن دوائر التأثير في مؤسسات السلطة. وفي الوقت الذي لا يبرز اسم عطية الله عادة في موضوع الانتخابات إلا انه بات معروفا للجميع إدارته المباشرة لهذه العملية برمتها.

مخطط الشبكة السرية التي كشفها التقريرالسري – اضغط لعرض الصورة بحجم أكبر

فقد اشتكى مئات المواطنين[2] بشأن التلاعب بعناوينهم الانتخابية وتغييرها دون علمهم إلى مشروعات إسكانية غير جاهزة أصلاً، كما تم كشف مئات الأسماء المسجلة في قوائم الناخبين بالدائرة الرابعة من المحافظة الوسطى (حيث تترشح الناشطة منيرة فخرو المعارضة للحكومة) دون إن يكون لهم محل سكن[3] ، حيث تم تحويل عناوينهم على وزارة العمل ومحطة الوقود وبعض المطاعم.

وما يؤكد هذا التلاعب هو نقص حوالي 25% من الناخبين من الدائرة الثانية بمحافظة العاصمة وزيادة غير طبيعية في الدائرة الثامنة في المحافظة الشمالية والتي زادت بنسبة وقدرها 24% ، وتضم هذه الدائرة عددا من مجمعات مدينة حمد حيث تقطنها أعداد كبيرة من المجنسين العسكريين والمدنيين. بالإضافة إلى زيادة ضئيلة جدا وغير متناسبة مع حجم الكتلة في الدائرة الأولى بالمحافظة الشمالية وهي أكبر كتلة انتخابية بالمحافظة الشمالية وفي البحرين ككل حيث لم تشهد سوى 5% زيادة بواقع 774 ناخباً. ويعتقد أن نقص الأصوات بشكل غير طبيعي في بعض الدوائر وزيادتها في دوائر أخرى يرجع إلى تدوير الأصوات بين الدوائر بطريقة تغيير العناوين من أجل التلاعب بالأصوات. ويعني هذا التدخل أن يفقد الناخب المعارض قدرته الانتخابية عند نقله إلى دائرة موالية للحكومة، في حين يتم نقل آلاف الأصوات الموالية إلى دوائر تغلب عليها المعارضة للتأثير في نتائج التصويت. ويقوم الجهاز المركزي للمعلومات بتغيير مسميات المناطق والمجمعات السكنية، وعناوين الآلاف من المواطنين والأفراد دون علمهم، للتأثير على توزيع الأصوات في الدوائر الانتخابية بما يتلاءم مع مخططات السلطة.

وبالرغم من أن القانون ينص على عرض قوائم الناخبين لمدة سبعة أيام، لإتاحة فرصة للناخبين بالتأكد من صحة بياناتهم وتصحيحها، إلا أن عرض القوائم قد اقتصر على أقل من أربع ساعات يومياً فقط كما تم اختيار وقت العرض في زحمة انشغال الناس في فعالياتهم الاجتماعية في الأيام الأخيرة من شهر رمضان بشكل يتضح منه التعسير على المواطنين في عملية التأكد من بياناتهم.

علاوة على ذلك، وبحسب الجهاز المركزي للمعلومات[4] فإن جميع حاملي البطاقات السكانية القديمة لن يُسمح لهم بالمشاركة في الانتخابات المقبلة، وهو الأمر الذي يتوقع أن يفقد بسببه الكثيرون حقهم الانتخابي بسبب عدم تحولهم لاستخدام “البطاقة الذكية”، على الرغم أن قانون مباشرة الحقوق السياسية في المادة 22 جعل الجواز هو الوثيقة الأساسية للتصويت ولم يشترط وجود البطاقة السكانية الجديدة أو القديمة.

الدفع نحو فوز بعض النواب بالتزكية

وصل خمسة نواب من أصل أربعين نائباً إلى البرلمان رسمياً بعد أن انسحب منافسيهم قبل موعد الاقتراع بنحو شهر، ومن بينهم أربعة نواب موالين للسلطة، ويُعتقد أنها قد تدخلت بشكل غير مباشر في بعض الدوائر لدفع المنافسين للإنسحاب لضمان مقاعد لمرشحيها. وبذلك يكون 12.5% من مجمل العملية الانتخابية قد حسم، حيث يعتبر جميع الناخبين في هذه الدوائر الخمس في عداد “المشاركين”. وبعد فوز “نواب التزكية” الخمسة، لن يتوجه حوالي 18,380 مواطناً مدرجاً على جداول الانتخاب في دوائر النواب الفائزين للتصويت في صندوق الاقتراع. وتهدف السلطة من وراء تسجيل جميع ناخبي دوائر التزكية كمشاركين بشكل تلقائي في العملية الانتخابية إلى رفع نسبة المقترعين أمام الرأي العام المحلي والدولي في الوقت الذي كان يتوقع المراقبين تراجع شديد في نسبة المشاركة مقارنة بالانتخابات السابقة.

طريقة عرض قوائم الناخبين تتيح المجال للتلاعب الخفي ونقل الأصوات بين الدوائر

وقد بدأت العراقيل أمام مراقبة العملية الانتخابية منذ بداية عرض قوائم الناخبين[5] حيث تم نشر القوائم بدون العناوين الخاصة بالناخبين وهو الأمر الذي يصعب من مهمة المرشحين إذ لا تكفي الأسماء للتأكد من صحة قوائم الناخبين، ويجعل من مراقبة المراكز العامة عملية مستحيلة حيث يفتح المجال أمام التلاعب بالعناوين وتسجيلها في الدوائر المشتركة بين قوى المعارضة والموالاة، ويمكِّن من حولت عناوينهم من التصويت بهدوء في المراكز العامة النائية.

ولم يتم إدراج قوائم الناخبين على الموقع الإلكتروني المحدد بشكل علني، كما تم عرض قوائم الناخبين الخاصة بكل محافظة في مقر اللجنة الإشرافية الخاصة بالمحافظة فقط، ولم يتم نشرها في كل لجان الانتخاب ولا في المراكز العامة، وتم عرضها لأربع ساعات فقط خلال أسبوع واحد، مما جعل فرص الوصول إليها أصعب. ورغم طلب عدد من المرشحين من المحكمة إعادة عرض الجداول الانتخابية متضمنة العناوين الخاصة بالناخبين ومد فترة عرض الجداول الانتخابية لمدة أسبوع واحد من تاريخ نشر الجداول متضمنة العناوين، إلا أن طلباتهم قوبلت بالرفض[6] . وفي الوقت الذي يحرم مرشحي المعارضة أو المستقلين من قوائم الناخبين التي تشمل عناوينهم فانه يعتقد أن القوائم الكاملة تتاح لمرشحي السلطة فقط والجهات التي تدعمهم كصحيفة الوطن سالفة الذكر، وكان ذلك واضحا من خلال الاتصالات التي تجريها تلك الصحيفة ومراكز قياس الرأي التابعة لها للناخبين في كل دائرة والذي يبين إنها تملك قوائم الناخبين وعناوينهم في كل الدوائر.

ورغم هذه الصعوبات فقد بلغ عدد الاعتراضات والطعون[7] التي قدمت إلى اللجان الإشرافية على سلامة الانتخابات مائتان وستة وأربعون اعتراضاً (246) وتسعة طعون (9) الأمر الذي ينبئ عن احتمال مضاعفة عددها فيما لو كانت فترة عرض القوائم أطول ولو تم إدراج العناوين فيها.

ربط حق الترشح بالدائرة السكنية التي يقيم فيها الشخص

بخلاف النظم الانتخابية المتعارف عليها في كثير من البلدان الديمقراطية، بما في ذلك الجارة الخليجية الكويت، وخلافاً لما كان معمولاً به في انتخابات برلمان 1973 حيث كان من حق أي مواطن أن يترشح لأي دائرة في بلاده إلا أن القانون الانتخابي الحالي في البحرين يفرض أن يكون عنوان سكن النائب في نفس الدائرة التي ينوي الترشح فيها، و هي العقبة التي تستغلها السلطة لعرقلة ترشح غير الموالين لها في بعض الدوائر. فقد تم تغيير عناوين اثنين من مرشحي جمعية الوفاق السياسية المعارضة[8] من دون علمهم إلى دوائر أخرى غير التي ينوون الترشح فيها، وفي حين نجح النائب الوفاقي سيد جميل كاظم، في تعديل عنوانه من الدائرة الثانية بالمحافظة الوسطى إلى الدائرة الثامنة بمحافظة العاصمة عبر لجنة الطعون إلا أن الثاني وهو المرشح البلدي لجمعية الوفاق في الدائرة الخامسة في المحافظة الشمالية عباس محمد علي والذي تم تغيير عنوانه من دون إذنه إلى تاسعة الشمالية، قد خسر فرصة الترشح في دائرته بعد أن رفضت محكمة الاستئناف العليا الطعن الذي تقدم به، ضد لجنة الإشراف على سلامة الانتخابات. كذلك اضطر علي البنعلي مرشح جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي للانتخابات النيابية إلى التنازل عن الترشح[9] بعد أن رفض الجهاز المركزي للمعلومات تغيير عنوان سكنه من منطقة القفول في دائرة ثالثة العاصمة إلى الرفاع في سابعة الوسطى، وهو المكان الذي يسكن فيه.

الهيمنة على الصحف وإغلاق الحزبية منها ومواقعها الالكترونية والتسخير السياسي لوسائل الإعلام

مع الإعلان عن موعد الانتخابات النيابية بدأت الحكومة بحملة أمنية شاملة لا تزال مستمرة إلى لحظة نشر هذا التقرير وقبل أيام من موعد الانتخابات النيابية. فإلى جانب الاعتقالات التي استهدفت المئات من النشطاء قامت بحجب غالبية المواقع الالكترونية للجمعيات[10] المشاركة في الانتخابات وكذلك نشراتها وصحفها الحزبية بذريعة ارتكابها مخالفات. ويأتي ذلك بعد حجب المئات من المواقع الالكترونية خلال الأشهر الماضية. وأدت سياسة الحجب هذه إلى إضعاف قدرة المرشحين المعارضين على التنافسية أسوة بالمرشحين الموالين للحكومة الذين سُخّرت الصحف القريبة من السلطة للترويج لهم ولبرامجهم. بل أخذت نفس صحف السلطة في الهجوم على مرشحي الجمعيات المعارضة وتخوينهم في أغلب الأحيان وحرمانهم حتى من مساحة للدفاع عن أنفسهم، وقد كان ذلك واضحا في صحيفة الوطن[11] القريبة من الديوان الملكي -والوارد اسمها في تقرير البندر كإحدى أدوات تنفيذ المخطط الطائفي، الأمر الذي اضطر جمعية وعد السياسية لرفع دعوى قضائية ضد الصحفية بسبب التشهير والقذف المتواصل الذي يتعرض له مرشحو الجمعية[12] .

وتدار الإذاعة والتلفزيون من قبل الحكومة بشكل كامل، ولا تستطيع المعارضة أو غيرها من القوى السياسية امتلاك مثل تلك المحطات. ولا يفتح المجال للمرشحين لعرض الدعاية الانتخابيّة عبر تلك المحطات العامّة، ولا يتم تغطية المهرجانات والبرامج الانتخابيّة، ولكن يتم توظيف محطات البث الرئيسية في التعبئة النفسية لصالح العائلة الحاكمة والمشروع الإصلاحي والحكومة مما يصب مباشرة لصالح مرشحي الموالاة وإضعاف مرشحي المعارضة[13] .

استطلاعات مزورة تبثها مؤسسات قريبة من السلطة للتأثير على الناخبين

وتمنع عادة عن الانتخابات استطلاعات الرأي العام الشفافة والمستقلة لكن يستثنى من ذلك استطلاعات الرأي التي تنشرها صحيفة الوطن وتنسبها إلى مركز الرأي العام الذي هو تابع لنفس الصحيفة القريبة من الديوان الملكي، والذي ورد اسمها ضمن ما يعرف بتقرير البندر[14] . ويقوم هذا المركز بنشر استطلاعاته حصريا في صحيفة الوطن وفي الموقع الإلكتروني الخاص بالانتخابات www.bahrain2010.com بشكل من الواضح أنه يهدف إلى التأثير المعنوي السلبي على المرشحين المعارضين وعلى آراء الناخبين وتوجيهها من خلال نتائجها المشكوك في مصداقيتها والتي تشير إلى خسارة مرشحي المعارضة وفوز مرشحي السلطة، وتوحي كذلك بعدم جدوى التصويت لمرشحي المعارضة الذين توقعت هذه الاستطلاعات خسارتهم، ومنهم الأمين العام لجمعية “وعد” السياسية المعارضة السيد إبراهيم شريف الذي أشارت أحد هذه الاستطلاعات إلى خسارته[15] .

إزالة وإتلاف الإعلانات الانتخابية لمرشحي المعارضة

قامت وزارة البلديات وجهات تزعم تبعيتها للجنة العليا للإشراف على الانتخابات بإزالة الإعلانات الانتخابية لبعض المرشحين المعارضين ومنهم مرشحة جمعية العمل الوطني الديمقراطي الدكتورة منيرة فخرو في الدائرة الرابعة بمحافظة الوسطى، بسبب شعار حملتها الانتخابية “بسنا فساد”[16] (أي كفانا فسادا) الذي تصدر إعلاناتها، ولكن تم السماح لها متأخرا بعد الطعن الذي تقدمت به المرشحة. وواجه نفس الاستهداف المرشح النيابي لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية خليل المرزوق والمرشح البلدي لنفس الجمعية مجيد ميلاد، والذين تم إزالة إعلاناتهما مرتين دون تحديد الأسباب[17] ، وبعد إرجاعها تم تشويهها باستخدام طلاء. وقد اشتكت جمعية الوفاق من تعرض 80% من يافطاتها للتمزيق. ويعتبر قيام وزارة البلديات والزراعة بإزالة لافتات بعض المرشحين انتهاكا لحقوق المرشحين وتجاوزاً لمسئوليات الجهات الرسمية المنوط بها مراقبة وضبط الحملة الانتخابية، وهو مؤثر أساسي على قدرتهم التنافسية في ظل حرمانهم من طرق التواصل الأخرى الوصول مع ناخبيهم عبر القنوات الإعلامية الأخرى.

تمويل مرشحين منافسين لضرب مرشحي المعارضة

يعتقد أن السلطة ولمزيد من تحجيم القدرة التنافسية لمرشحي المعارضة تقوم بتمويل منافسين لهم في الدوائر التي يترشحون فيها، وتمدهم بالدعم المالي والخدمات للقيام بحملتهم الانتخابية وتحشيد الناخبين، وقد تحدث الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية المعارضة الشيخ علي سلمان عن إعطاء مرشح في قرية صغيرة لا يزيد عدد الناخبين فيها على 600 إلى 700 شخص، مبلغ 15 ألف دينار للدخول منافساً لمرشح الجمعية المعارضة[18].

هناك تقارير عن سياسة غير معلنة طبقتها السلطة في السنوات الأخيرة لمنح الجنسيّة بطريقة استثنائية وانتقائية لأعداد كبيرة من الوافدين ومواطني الدول المجاورة للتأثير على نتائج الانتخابات. وبحسب قانون الحقوق السياسية يمكن للمجنس حديثاً المشاركة في الانتخابات بعد حصوله على الجنسية مباشرة، رغم تعارض ذلك مع قانون الجنسية الذي يشترط مرور عشر سنوات على الجنسية للمشاركة في الانتخابات. وكانت التقديرات الأولية لعدد المجنسين الذين شاركوا في الانتخابات[19] في عام 2006 هي 38,000 مجنس أي أكثر من 13% في حين يتوقع أن يرتفع العدد أكثر في الانتخابات الحالية في ظل استمرار سياسة التجنيس السياسي ليصل إلى 20%. وتقدر نسبة العسكريين والمدنيين العاملين في الأجهزة الأمنية والعسكرية ممن يحملون الجوازات البحرينية إلى 10% من أصوات الناخبين وتتحول هذه النسبة إلى 30% إذا أضفنا لهم معدل أفراد أسرهم. حيث تقوم السلطة بتوجيه أصوات هؤلاء الناخبين من المجنسين والعسكريين وأفراد الأجهزة الأمنية وأفراد أسرهم للتصويت للمرشحين الموالين للحكومة ولإسقاط مرشحي المعارضة. وقد لوحظ في انتخابات العام 2006 توافد مواطنين سعوديين – تم منحهم الجنسية البحرينية قبل الانتخابات رغم إنهم لم يسبق لهم الإقامة في البحرين- على مركز التصويت العام على جسر الملك فهد[20] في سيارات وفرتها لهم الدولة من أجل المشاركة في الانتخابات قبل عودة ثانية إلى ديارهم في المنطقة الشرقية من السعودية. كذلك تشير التقارير إلى حمل العسكريين في وزارتي الداخلية والدفاع على التصويت لصالح مرشحين معينين تختارهم الحكومة.

ويُعتقد أن الجهاز المركزي للمعلومات يلعب الدور الأهم في تغيير العناوين واستبدالها وتدوير الأصوات إلى الدوائر التي تحتاج فيها السلطة إلى عون للتأثير في نتائجها. وتستغل السلطة مراكز صناديق الاقتراع العامة لتمرير أصوات المجنسين والعسكريين ، حيث يستطيع أي ناخب التصويت في هذه المركز، ويصعب مراقبتها ومعرفة مصداقيتها، ويعتقد بان هذه الأصوات المتحركة كانت السبب المباشر وراء عدم نجاح أي من المرشحين الستة عن جمعية “وعد” المعارضة في الانتخابات السابقة، حيث فاز بعضهم ومنهم منيرة فخرو وعبدالرحمن النعيمي في مراكز التصويت الخاصة بدوائرهم في حين خسروا في نتائج المراكز العامة وهي الخاصة بالمجنسين والعسكريين وأسرهم.

لا توجد جهة رقابية مستقلة تناط بها عملية الإشراف على العملية الانتخابية، فالجهة المسئولة حاليا هي وزارة العدل التي يرأسها عضو العائلة الحاكمة الشيخ خالد بن علي بن عبدالله آل خليفة. ولا تسمح حكومة البحرين بالرقابة الدولية على الانتخابات على الرغم من المطالبات المتكررة من قبل مؤسسات المجتمع المدني ومنها المعهد الوطني للديمقراطية والمعهد الجمهوري وهما منظمتان أهليتان أميركيتان تقدمتا بطلب لمراقبة الانتخابات لكنه رُفض، وفي تصريح لعضو اللجنة العليا للانتخابات خالد عجاجي قال فيه “إن الرقابة الدولية للانتخابات تحدث في الدول التي فيها أزمات، أو غير قادرة على الرقابة، ونحن لا نعتقد أن هناك حاجة للرقابة الدولية في الانتخابات البحرينية.كذلك قوبل طلب الجمعيات بتعيين وكلاء للمرشحين لمراقبة المراكز العامة بالرفض[21] . وقد سُمح لخمس جهات محلية بمراقبة الانتخابات[22] النيابية وغالبية هذه الجهات هي مؤسسات الـ (الغونغو) التي خلقتها الحكومة في السنوات الأخيرة مثل جمعية مراقبة حقوق الإنسان التي يرأسها عضو مجلس الشورى فيصل فولاذ[23] وكذلك المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان[24] وهي مؤسسة حكومية تم تأسيسها في الأشهر الأخيرة ولا يوجد لها أي عمل أو نشاط معروف، ومن المشاركين أيضا في عملية الرقابة الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان التي استولت السلطة على إداراتها وعينت لها موظفا حكوميا ليديرها بعد أسابيع من إعلان نية الجمعية مراقبة الانتخابات[25]. وقد أصدرت الأخيرة بياناً تعلن فيه رفضها لمراقبة الانتخابات بغير قيادة أمانتها العامة المنتخبة وتحذر من التعامل مع المراقبين الذين يزج بهم في عمليات المراقبة باسم الجمعية[26] معلنة أيضا عدم مسئوليتها عنهم. وربما تكون الجهة المستقلة الوحيدة التي ستحظى بفرصة مراقبة الانتخابات هي الجمعية البحرينية للشفافية، التي راقبت كذلك انتخابات 2006، ولكن و حتى وقت كتابة هذا التقرير لم يعقد أي لقاء بين الجمعيات المراقبة واللجنة العليا للانتخابات، ولم تسلم اللجنة العليا تصاريح للمراقبين ولا كشف الناخبين الأمر الذي يحد من إمكانية المراقبة الجيدة على سجل الناخبين. كذلك فرضت اللجنة على المراقبين إيفاد مراقب واحد في كل لجنة من لجان مع إمكانية تناوب المراقبين المسجلين لكل جمعية، إلا أن هذا التقييد قد يحد من قدره وحرية المراقب في الحركة داخل قاعة التصويت بحسب رأي الجمعية البحرينية للشفافية.

التحكم في الرقابة والتغطية الإعلامية

أما فيما يخص الرقابة على أداء وسائل الإعلام في الانتخابات فقد تم وضع عراقيل عديدة أمام “المجموعة العربية لرصد الإعلام” لإعاقة تنفيذ مشروعها المتعلق بمراقبة أداء الإعلام في الانتخابات[27] ، وتمثل ذلك في منع إعطاء التأشيرات للمدربين وتخويف الجمعيات التي وافقت على استضافة فريق الرصد وممارسة ضغوطات كبيرة على القائمين على المشروع انتهت بإعلان المدير التنفيذي للمشروع للانسحاب منه والإدلاء بتصريحات تشيد بالسلطات وتعلن وقف تنفيذ المشروع. وحسب تصريح الشيخ فواز بن محمد الخليفة رئيس هيئة الإعلام فانه قد تم التصريح لأثنى عشر محطة فضائية فقط بالتغطية بخلاف ما درجت علية المملكة في انتخابات 2006 حيث لم يكن هناك سقف على المشاركين من وسائط الإعلام.كما أعلنت السلطة أن الصحفيين الأجانب لن يسمح لهم بتغطية الانتخابات ما لم يقوموا بالتسجيل الإلكتروني المسبق وهي الطريقة التي تنتهجها السلطة لانتقاء الجهات الإعلامية التي ترغب بحضورها، وتملك القدرة على التأثير عليها من خلال تقديم الهبات والخدمات التي قد تجعل من بعض الصحفيين أدوات غير محايدة بيد السلطة.

وفي ظل ما سبق يرى مركز البحرين لحقوق الإنسان أن الانتخابات القادمة تفتقد إلى الشفافية والحيادية والنزاهة، وهي محسومة النتائج سلفاً، وتتجه نحو إيصال أغلبية من مرشحي الحكومة إلى مجلس النواب والحيلولة دون وصول المستقلين والمعارضين، مما ينتهك بشكل واضح الحقوق السياسية للمواطنين المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي انضمت إليه البحرين، و يقوض أي إمكانية لان يصبح مجلس النواب في البحرين برلمان يتمتع بسلطات حقيقية مستقبلية في الرقابة والتشريع.

—-

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق