الأرشيف

إيقاعات دراماتيكية عارمة في شوارع البحرين – حركة أحرار البحرين

28/08/2010م – 2:29 م | عدد القراء: 1629

عباءات سود وحملة اعتقالات هوجاء قبل شهرين من موعد الانتخابات العامّة، تواصل السلطات البحرانية معالجة الاحتجاجات الشعبية على موجة الاعتقالات في صفوف النشطاء في مجال حقوق الإنسان، باعتقالات جديدة وسط ألسنة النار التي تلتهم الاطارات المشتعلة والقنابل الحارقة المزروعة في الشوارع، الأمر الذي يلهب موجة الاعتراضات الواسعة على الأساليب القمعية.

«المشاهد السياسي» ـ لندن

سبقت الحملة الأخيرة الهوجاء خطابات تصعيدية على لسان كبار المسؤولين البحرانيين، وضجّة إعلامية مفتعلة تحرّض على الكراهية وتدين النشطاء والموقوفين المسالمين قبل أن يمثلوا أمام النيابة العامّة. وسجّل المراقبون في مركز البحرين لحقوق الإنسان أن المعتقلين (وعددهم كان ثلاثة في البداية) محتجزون في أماكن مجهولة ولم يسمح لذويهم أو محاميهم بزيارتهم، رغم موجة الاضرابات التي سادت القرى ذات الأغلبية الشيعية التي حاصرتها القوّات الخاصّة بالسلاح، مستخدمة القنابل الصوتية والقنابل الغازيّة المسيّلة للدموع، والرصاص المطّاط لقمع المتظاهرين الغاضبين الذين ألقوا بالحجارة في اتجاه رجال الأمن وسدّوا منافذ الطرقات.

حركة القمع المبرمجة حرّكت المنظّمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان، فتحرّكت منظّمة العفو الدولية لتسأل عن مكان احتجاز ثمانية من الناشطين ورجال الدين الشيعة، معربة عن مخاوفها من أن يكونوا في عداد سجناء الرأي. وبعبارات تعكس إدانة واضحة لهذه العملية القمعيّة قالت المنظّمة إن موجة الاعتقالات الأخيرة هي «آخر دليل على حملة التنكيل المتزايدة في حق المعارضة ونشطاء المجتمع المدني في الفترة التي تسبق الانتخابات البرلمانية، وأن المحتجزين لم يقدّموا الى المدعي العام بموجب القانون البحراني ضمن المهلة القانونية». في هذا السياق، قالت حسيبة حاج صحراوي مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظّمة العفو الدولية: يجب أن تكون السلطات البحرانية واضحة في شأن أسباب الاعتقال التي استهدفت ثمانية ناشطين حتى الآن (بالاضافة الى الأربعة الذين أوقفوا قبل أكثر من أسبوع) لجهة الافراج عنهم أو توجيه تهم جنائية معترف بها في حقّهم، لأن من غير المعقول احتجازهم بمجرّد أنهم يعملون في مجال حقوق الإنسان، والأنشطة السياسية الخالية من العنف. وأضافت: نشعر بقلق إزاء احتجاز الرجال الثمانية بعيداً عن العالم الخارجي، لأن من شأن ذلك أن يزيد خطر تعذيبهم أو تعرّضهم لسوء المعاملة.

من جانبها طالبت «هيومن رايتس ووتش» الحكومة البحرانية بالافراج عن نشطاء المعارضة، مؤكّدة أن المحتجزين معزولون في أماكن مجهولة. ونسب الى جو ستورك نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنطقة قوله: إذا كان في وسع حكومة البحرين إثبات أن هؤلاء الموقوفين لهم سجلّ إجرامي، فلماذا تلجأ الى مزاعم فضفاضة ومبهمة؟ إن الدولة التي تحترم حقوق الإنسان لا تعتقل أفراداً بمجرّد أنهم وجّهوا انتقادات قاسية الى الحكومة.

وفي معلومات أخرى لم تتأكّد بالطبع من المصادر الرسمية، أن الاعتقالات الأخيرة تركت موجة احتقانات في مناطق عدّة من البحرين، وسط انتشار رجال الأمن في شكل ميليشيات مسلّحة في مناطق الاحتجاجات، التي تتولّى خطف من تشتبه في أنهم من النشطاء، وتقودهم الى مراكز مجهولة معصوبي الأعين، ثم تقوم بتعذيبهم، وفي بعض الحالات للتحرّش الجنسي بهم قبل تعريتهم ورميهم في مناطق نائية. ومن بين الذين تعرّضوا لمثل هذه الممارسات الدكتور محمد سعيد السهلاوي، الذي اختطف من منزله يوم ١٧ آب (أغسطس) ٢٠١٠، وهو طبيب أسنان يعمل في عيادة خاصّة، ويعدّ من الناشطين في مجال حقوق الإنسان، وسبق أن اعتقل قبل أربع سنوات لاتّهامه بتوزيع منشورات تطالب بالاصلاح السياسي، وحكم بالسجن لمدة سنة وتمّ الافراج عنه بعفو ملكي قبل انتهاء فترة المحكومية. وقد سبق أن تعرّض السهلاوي في العام ١٩٩٧ للاعتقال والاحتجاز الاداري لمدة ١٨ شهراً بتهمة الاتصال بالمعارضة والمنظّمات الدولية في الخارج. وإلى جانب الدكتور السهلاوي تمّ اعتقال كل من الشيخ عبد الهادي عبد الله المخوضر من منطقة السنابس، والشيخ ميرزا المحروس من منطقة المنامة، وكلاهما عالم دين ينشط في العمل الخيري والاجتماعي. كما تمّ اعتقال جعفر أحمد جاسم الحسابي، وهو ناشط يقيم في بريطانيا منذ ١٥ عاماً، ومعروف بمشاركاته الدائمة في اعتصامات لندن المطالبة بالحرّيّات والافراج عن المعتقلين. وقد تلقّى مركز البحرين لحقوق الإنسان عدداً من الشكاوى عن حالات اختطاف تقوم بها مجموعات مسلّحة ترتدي ملابس سوداء وتجوب الشوارع والقرى، وتتولّى اعتقال من تتوهّم أنهم من النشطاء الفاعلين في مناطقهم. وفي معظم الحالات تقطع عليهم الطريق وتترك سياراتهم الى جانب الشارع، ويتمّ احتجازهم لفترات متفاوتة تراوح بين ساعات عدة وأيام عدّة في مراكز سرّيّة يعتقد أنها قريبة من المطار، بعد أن يتمّ عصب عيونهم. والطرق المعتمدة في استجواب هؤلاء الموقوفين معروفة، تبدأ بالاهانة وتنتهي بتجريدهم من ملابسهم قبل إعادتهم الى الشارع بعيداً عن أماكن سكنهم. وفي غمرة هذه الاعتقالات العشوائية يتردّد أن الحكومة البحرانية بدأت تواجه حملة احتجاج واسعة في الأوساط السياسية والديبلوماسية الخارجية، لأنها تعتمد القمع الممنهج عوضاً عن الحوار، والعنف والانتقام بدلاً من التواصل ولغة العقل، في وجه المطالبين بإنفاذ المشروع السياسي الاصلاحي، في الوقت الذي يصرّ النشطاء المسالمون على إعادة صياغة العملية السياسية بما ينصف أبناء الوطن الواحد ويحقّق أهداف هذا المشروع. ولا يستبعد أن تتكثّف موجة الاحتجاجات وعمليات القمع مع اقتراب موعد الاستحقاق الدستوري في الأسابيع المقبلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق