Archive
Bahrain Freedom Movement
أود أن أتقدم بالشكر إلى (AEI) لإجراء هذا النقاش حول الاصلاحات في البحرين. كما نعبر عن تقديرنا لمنحكم الفرصة لنتحدث اليكم اليوم حول جهودنا من أجل بحرين ديمقراطية ملتزمة ومتوازنة.
سيداتي/ سادتي الكرام، دعوني أدخل مباشرة إلى لب الموضوع وهو أن عمل كهذا وفي هذا الوقت لابد أن يستمر من أجل تبديد هياكل الاستحواذ والتمييز المنظم والاقصاء في البحرين. بالطبع الجميع سيسعد لو أمكن وأد الصراع قبل تفاقمه حيث درهم وقاية خير من قنطار علاج.
دعوني أقول أيضا بأن التجربة الإصلاحية في البحرين تقدمت كثيرا منذ التسعينيات. وبرغم كل شيء تبقى الانتخابات الأخيرة علامة بارزة على طريق الديمقراطية في البحرين.
التسعينيات مثال تقليدي يستحق الاعتبار مقارنة بالتغيير الديمقراطي في المنطقة العربية.
علينا الأخذ بعين الاعتبار بأن العوائل الحاكمة في الخليج هي مصدر عدم الاستقرار واضطهاد المواطنين هناك.
تلك الحقبة أثبتت بإلحاح الحاجة إلى عملية تقييم المخاطر بشكل أفضل.
كان أمرا في غاية الصعوبة أن نخطط لسياسة مبكرة ضمن دائرة حكومة البحرين وتركيب المعارضة وعن طريق الشركاء الاستراتيجيين للبحرين: أي الإدارة الأمريكية هنا في واشنطن.
في الوقت الحاضر فان تجربة البحرين الإصلاحية تواجه مخاطر وعقبات جادة أو لربما مستحيلة التحقيق. أن تقدمها باتجاه الملكية الدستورية الموعودة سيستمر ولكن نحو الوراء وحتى سوف يكون أبطأ من انتخابات 2006م. في تقديري المستقبلي لم يبق الا القليل جدا لتوقع الخير و سنشاهد تراجعا بل انقلابا كاملا على ما سمّي “بالمشروع الاصلاحي لجلالة الملك”.
إن أحد أعظم التهديدات للعملية الديمقراطية في البحرين هو الاكتشاف الخطير لـ”الشبكة السرية” في أغسطس 2006م والخطط العملية المعلنة في يناير 2007م والتي تحوي على خطط خمسية أعدت للعمل من أجل ضمان الاستحواذ السني على الغالبية الشيعية في البلاد.
أما الرد الرسمي لهذه الطائفية المتفردة البشعة لم يكن سوى جهود متعمدة لغرض تشويه سمعة “مركز الخليج للتنمية الديمقراطية” والتهرب من التقارير النزيهة التي يثيرها الصحفيون.
الأزمات تبرز أحيانا لتشكل منعطفات في التأريخ تخدم بمثابة المنبه الذي يثير ليكون المبطل الأساسي لبعض الممارسات، أما بالنسبة إلى البحرين فإنها تعكس واقعا فريدا تخلط دائما بين خطر الأزمات ومناسبة التغيير. كما أدركنا جميعا في هذا المكان اليوم فقد وصلت إصلاحات البحرين إلى مفترق طريق.
جليّ بأن القرارات الذكية والتحركات المحسوبة للمعارضة ستحدد ما إذا كان بإمكان البلاد المضي بهذا النظام المتسلط مع فترة من الاستقرار والأمان والرفاه أم أنها وببساطة ستعيد تجربة أواسط التسعينيات المؤلمة ولهذا تتبع تجربة العراق.
الملك حمد يتجاهل الرأي العام الذي هو مقر بوضوح في ميثاق العمل الوطني كلائحة تشريعات. إنه يقوم بذلك عن طريق تأسيس نظام سري يمهد للديوان الملكي تجنب الإعتبار التشريعي و ترسيخ التحكم الكامل للمجتمع المدني في حين أنه يحافظ على سمعته الطيبة في الخارج كنظام ملكي دستوري. وفي هذا السياق يمكن الكلام عن نظام تحكمي يعتمد على الهيمنة على اللاعبين السياسيين وعلى التشريعات ويكون فوق قوانين اللعبة الديمقراطية، بأهم أربعة عناصر هي:
– نظام مركزي قوي للتحكم يتصل مباشرة بالديوان الملكي متزامن مع عمليات تضعيف نشطة لكل المؤسسات بما فيها المنتخبة (البلدية والبرلمانية والنقابية والجمعيات) والسلطة القضائية.
– السلطة الكاملة على وسائل الإعلام من أجل التحكم بالرأي العام.
– السيطرة على جميع عناصر الهيئات المنتخبة وتحريفهم من وسائل للتعبير عن تطلعات الناس إلى أدوات تشريع لقرارات النظام.
– تضعيف مؤسسات المجتمع المدني كي لا يمكنها تحقيق مهامها في النظام ولكي تصبح تدريجيا مستبدلة ببدائل مزيفة من “منظمات غير حكومية” (NGOs) تعتمد بشكل كامل على النظام ودون كيان مستقل.
لقد شاهدنا أساليب النظام الإستباقية لاحتواء التغيير قبل الانتخابات ولسوف نشاهد أكثر في عام 2007م. على سبيل المثال بدءا بخرافة الدستور ومرورا بتقوية سلطة الحكومة وتقليل سلطة البرلمان وتعديل قانون الانتخابات لضمان وصول جماعة موالية وتبني سياسة تحكم صارمة على أجهزة الإعلام والتقييد و منع بل حتى تجريم بعض أنشطة الجمعيات. وأخيرا وليس آخرا استغلال حالة التوتر الطائفي بإثارة المشاعر العامة وذكريات الأحداث من أجل إثارة المخاوف لدى الناس وبث الإشاعات والأكاذيب عن المعارضة المحلية.
إن الذي كشفته فترة الانتخابات وما بعدها بوضوح هو الاعتماد المفرط للنظام على شبكة مركزية من أجل التوجيه تتخذ من الديوان الملكي قاعدة لها، وهي فوق اللاعبين السياسيين والأعراف وقوانين اللعبة.
إن الأهداف الرئيسية للديوان الملكي هي:
أولا: تقوية سلطات مجلس الدفاع الأعلى وفي المقابل تضعيف كل المؤسسات الأخرى.
ثانيا: الهيمنة والتحكم الكاملين على المعارضة.
وثالثا: التحكم المطلق على الأعضاء المنتخبين لمجلس النواب وتحويل نسبة نجاح المعارضة (وهي 63% من الأصوات) من وسيلة لتقوية الناس إلى أداة تشريع لقرارات النظام.
كان عام 2006م حافلا بسلسلة من الإخفاقات من قبل نظام آل خليفة أدت إلى تغييرات أضافية بإتجاه الاستبدادية. وهذا الشيء موثق جيدا في تقارير الـ (AI) و (HRW) و(مكتب DOS الأمريكي للديمقراطية) وحقوق الإنسان والتقرير العمالي والسنوي حول “ممارسات حقوق الإنسان” الذي نشر في مارس 2006م.
وأني متأكد من أن زميلاي: السيد الخواجة والدكتور توبي جونز سيفصّلون بشكل أوسع حول هذه القضايا.
إن الاستمرار في تحريف الإصلاحات منذ 2003م والضغط المكثف على المجتمع المدني لابد أن يُبرَز في هذا الصدد.
ومع ذلك فإن الوضع العام الذي كان سببه المشاركة الأوسع من قبل قوى المعارضة أعطت مجالا أوسع للتفاؤل حول مظاهر التغيير الديمقراطي في البحرين ومنحت حجما أكبر من المشاركة السياسية الموسعة وثقة أكبر بكفاءة المواطن ومستوى أعلى لثقافة المجتمع.
حقا، لقد إنخفض الدعم الشعبي للنظام فمن أكثر من 98% حين الاستفتاء الشعبي المشهور عام 2001م على ميثاق العمل الوطن، انخفض إلى 37% وهي القاعدة الأقلية: الإخوان المسلمين والجمعيات الوهابية بعد انتخابات عام 2006م. وهذه قضية تستدعي التأمل.
بالنظر من الخارج إلى ما يجري بداخل البلاد لأكثر من 5 سنوات من الواضح بأن تجربة البحرين هي تجربة أسوأ مما يتصورها أي شخص.
كما أن أحداث 2006 أماطت اللثام عن الأقنعة الجميلة للعلاقات العامة وأبرزت الوجوه القبيحة الفاسدة خلفها. بالنسبة إلى الغالبية فقد كان ذلك الوجه الحقيقي للإصلاحات. لقد أظهرت نظاما بأدوات قانونية من أجل ممارسة الإقصاء والتمييز الصارخ ضد الغالبية من أبناء الشعب. بالطبع فإن الكثيرين كانوا يعلمون بحقيقة ما هو خلف الأقنعة ولكن ليس بهذا الحجم حتى جاءت صدامات 2006 المفاجأة مع تلك الحقيقة فشكلت صدمة كبرى وتحدٍ للعمل بالنسبة إلى الكثيرين بما فيهم أنا شخصيا.
قبل أعوام قال لي أستاذي في “كمبردج” بأن آل خليفة حكمت 300 عام سمحت خلالها فقط للقوة غير المهذبة بحيث لم يكن لديهم أي معنى إطلاقا للإحتكام إلى الحس الأخلاقي والعدالة والانصاف ولم يكن في إعتبارهم ذلك. أتذكر بأنني اختلفت معه آنذاك. أتمنى بأنني سأجد سببا واحدا اليوم كي لا أقبل -ولو جزئيا- بحكمه الواعي.
البحرين اليوم هي بالتأكيد ضمن مجموعة قليلة من الدول التي تواجه وبشكل متزايد دعاة الديمقراطية الذين يواجهون ليس الاضطهاد الشامل فحسب وانما الجهود التي غالبا تصدر من أنظمة متسلطة ملتزمة بالتثبيط والاعتراض ومعاداة التغييرات الديمقراطية. كما أظهرت تقارير مركز الخليج للتنمية الديمقراطية فإن وسائل الإقصاء لا تبدو شديدة الفاعلية بإمكانيات قمعية ومالية فحسب وإنما بموارد فكرية أيضا.
من جانب آخر من الموضوعية يمكان أن نقول بأن هناك 3 حقائق مذهلة واضحة الآن في البحرين:
– راديكالية القوى الديمقراطية. وبشكل أوضح فإن شريحة أكبر من المجتمع المتأثر بالاضطهاد واعية تماما وتدرك التحدي الذي تواجهها؛
– قدرة المجتمع المدني على التنظيم السريع لقضايا أكثر أهمية وعلى حملات سياسية بل حتى معارك مباشرة؛
– تحديد قدرة النظام على تقييد الوصول إلى المعلومات.
إن جزء من غرض اجتماع اليوم هو سماع الأكثر عن العلاقة الثنائية بين أمريكا والبحرين وعن كيفية عرضنا للإرتباط البناء بينهما من أجل ضمان الاستقرار والأمن للبلاد في مرحلة ما بعد فترة انتخابات 2006م.
كما نتذكر جميعا في مايو من عام 2006م تم إعدام أربعة سعوديين في العلن لتفجير الإرسالية الأمريكية “الأوليه” في العاصمة السعودية (الرياض). وكان ذلك أول إعدام علني بعد حادثة إحتلال الحرم المكي قبل 17 عاما. بعد شهر وقع حادث آخر في أبراج “الخُبر”. في الحالتين تمكّن النظام السعودي الفاسد من إقناع الأمريكيين بأنهم ضحايا مثلهم وأن الأمر لا علاقة له بحكمهم الطاغي. بعدها بخمس سنوات جاءت حوادث 9 سبتمبر والبقية للسجل.
منذ عام 2001م تعتبر البحرين الحليف الرئيسي خارج حلف الناتو وتستضيف الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية بدوره المتصاعد في الصراعات الإقليمية: العراق وأفغانستان وإيران. جاءت بعدها “اتفاقية التجارة الحرة” وكان أكتوبر 2006م نقطة تحول في التحالف مع الولايات المتحدة. لأول وهلة في تاريخ البحرية الملكية البحرينية –وبخلاف دول الخليج- البحرين تشارك بشكل فعال في عمليات (ليدنغ إدج Leading Edge) على مقربة من المياه الإيرانية والتي تم فيها اعتراض سفينة تحمل مواد نووية لدولة تريد بناء قدرة نووية. اليوم الديوان الملكي البحريني سعيد جدا بأن يُنظر إليه كحليف أقرب إلى العالم الحر.
البحرين والكويت فيهما مجتمعات شيعية هامة ويدركان جيدا بأنه لو تحالفا مع موقف الولايات المتحدة قد يواجهان اضطرابات داخلية خطيرة وزعزعة استقرار سياسي. وهذا هو السبب وراء الزيارات المكثفة بين العائلتين المالكتين في الكويت والبحرين. تمارس البحرين ضغوطا كبيرة على الكويت من أجل التوسط الإيجابي مع واشنطن بغرض السماح للملك بمساحة أكبر للتعامل مع المد المتصاعد للمعارضة الداخلية بذريعة كونهم تهديدا لأمنهم الوطني وللمصالح الأمريكية.
الديوان الملكي يلح على أمريكا والعالم الحر ليصمتوا قبال نية الملك بسحق المعارضة في المستقبل القريب الجائز قبل هذا الصيف. وإذا ما وافقت واشنطن على موقف الديوان الملكي ستكون هناك ورطة دائمة للبحرين ومنطقة الخليج والولايات المتحدة بل وأبعد من ذلك.
أكثر القضايا خطورة والتي لا أحد يرغب في التحدث عنها هي الزواج الملائم الحالي بين الديوان الملكي والأقلية (الإخوان المسلمين والوهابيين) وذلك من أجل احتواء الغالبية من المعارضة السياسية تحت ذريعة مقاومة الشيعة والخطط الإيرانية. وهذا –لاشك- سيزعزع الشرق الأوسط برمته ولربما أبعد من ذلك.
إن خطط “المنظمة السرية” تبدو صراحة وكأنها تهم كتلة سنية ضد أخرى شيعية. على أية حال فإن الخطة تتجاوز حدود البحرين بكثير.
البحرين هي عاصمة للصرافة الإسلامية. من البحرين يتحكم الإخوان المسلمين والوهابيون بشبكة من 300 مؤسسة مالية إسلامية في 40 دولة. ومنذ 9/11 فإن هذه المصارف تنمو بنسبة 20% سنويا. اليوم يسيطرون على إجمالي موجودات تفوق 300 بليون دولارا. 70% من جميع الإيداعات في دول مجلس التعاون الخليجي الست هي الآن في أيدي هذه البنوك الإسلامية، وبحلول عام 2013 سيفوق المبلغ التريليون دولارا.
الهدف السياسي هو السيطرة الكاملة على إدارة هذه الموارد بمبدأ “الأسرع الأحسن”.
جدير بالذكر بأنه من الأسهل بكثير على الشيعي الانضمام إلى الحرس الملكي أو قوة دفاع البحرين وليس أحد هذه البنوك التي تدار حصريا –وعبر شبكة مناصرة متصلة مباشرة- من قبل إسلاميين سنة في هذه الدول.
عملية إعادة الهيكلة السياسية منذ عام 2001م وصلت نهايتها في ديسمبر 2006م. أن 5 سنوات من التوتر السياسي والنكسات تعمقت بدل أن تُحبط عبر إنتخابات عام 2006م.
لاتزال البحرين تواجه تحديات جمة قبل ضمان حكم ديمقراطي. الجهود الدبلوماسية للديوان الملكي لكسب موافقة واشنطن -سواء بالرضا أو بالإكراه- لاتخاذ إجراءات قمعية ضد المجتمع المدني يجب أن لا يُسمح بها على الإدارة الأمريكية أن تنشغل بشكل إيجابي مع التطورات في البحرين وعليها أن تحمي الحقوق الأساسية إذا كانت تريد حل العوامل المؤثرة في زعزعتها.
للأسف فإن عوائق عملية الإصلاح مرتبطة عن كثب بتطور علاقات أقوى بين البحرين والولايات المتحدة.
إذن ما الذي ينتظرنا في عام 2007م وما يليه؟
تطلعا إلى المستقبل، ما الذي يتم عمله الآن لبناء الثقة على طريق الديمقراطية؟
إن أهم شيء هو جعل الناس تثق في نزاهة الانتخابات الأخيرة وتؤمن بأن التصويت مسألة هامة. ثاني أهم شيء هو أن لا يُسمح للملك أن يستخدم التوتر الموجود في المنطقة كذريعة لنسف ما تبقى من مشروعه الإصلاحي.
في الجانب الآخر، هناك مؤشرات باحتمالية أن يصبح مجلس النواب أكثر انقساما وضعفا أمام تدخلات الديوان الملكي. وهناك احتمال كبير بأن يتم حله من قبل الملك في أقرب مما نتصور. وبقى أن نرى التأثير الذي سيتركه هذا الشيء على تنمية ما يمكن تطبيقه من قوانين ديمقراطية تحكم الناس المعنى بخدمتهم بشكل فاعل.
حكومة البحرين ستواصل سياستها لتعمل أكثر من مجرد سد كل الإمكانيات على أعضاء المعارضة المنتخبين في المجلسين البلدي والنيابي، وذلك من أجل المشاركة في صنع القرارات. كما ستستمر أيضا في سياسة التهميش والسيطرة على الحركة النقابية العمالية. النقابات العمالية لديها أعضاء أكثر من أعضاء جميع الجمعيات متحدة.
تبقى الحقيقة وهي أن البحرين المستقرة تتطلب جهودا جدية من المجتمع الدولي لدعم المجتمع المدني ورفض جميع أساليب سيطرتها وإرغام الديوان الملكي على التعاون في ذات الاتجاه.
بتنفيذ قرارت ممررة وشبكة أمن مكثفة وقوات مرتزقة تحت التصرف، حوّل الديوان الملكي النظام السياسي إلى قدر ضغط. وفي الواقع بالإصرار على تنفيذ الاستراتيجية المنشورة في “التنظيم السري” سيستمرون في سكب المزيد من الزيت على النار. وهذا سيقود في نهاية المطاف إلى المزيد من التطرف لدى المعارضة ذاتها وتنمية مهارات تحركها وتنظيمها الشعبي الشامل وتأثيرها الذي سيؤدي الى اندلاع العنف والفوضى.
على أية حال، فالأمر بالنسبة لي هو مسألة موت وحياة وأن النظام سيزيد من عناصر الاستقرار والمرونة وذلك عبر الإصغاء إلى إرادة الناس. الحكومة تحتاج إلى إعادة الحوار مع المطالب المشروعة لغالبية المجتمع (70% من تعداد السكان) وتفكيك القوة العمودية (المركزية) لمنظومة الديوان الملكي إلى 5 قوى أفقية (متوازية) منفصلة بمرونة ومستقلة.
ولكن هناك شيء آخر يهدد الاصلاحات في البحرين -كما تفضلت سيدتي الرئيسة-. تهديد يمكن أن ينهيها فورا ألا وهو صمت الولايات المتحدة عن المشاكل الجادة والتي إستعرضت وتوثقت بشكل جيد في تقرير (DOS 2005) السنوي والذي هو مطلوب الشهر المقبل. الشيء المهم هنا هو ليس تدوينها فحسب وإنما الحاجة إلى القيام بعمل لتغييرها.
البحرين بحاجة ماسة إلى تعهد أمريكي يقوي عملية الإصلاح –الذي تم تحريفه- ويمكّن مؤسسات المجتمع المدني ويأتي بنظام محاسبة لمواجهة التحديات الخطيرة والمخاطر التي تترتب عليها.
هناك حاجة كبيرة الآن لجعل النواب المنتخبين –رغم القيود- أن يلعبوا دورا أكثر إيجابيا في مختلف مستويات رسم السياسة، وتوجيه طاقات الصراع الإجتماعي التي تسري في القنوات الشرعية، والإيقاف الفوري للخطط والأدوات التي تضعّف العملية، والتوقف عن وضع عوائق جديدة في وجه القوى الديمقراطية.
لابد أن يتحسن قانون القضاء، ولابد من شفافية ولابد من وقف تدخلات الديوان الملكي أن كان هناك مجال لإستعادة ثقة الناس ومشاركتهم على نهج الديمقراطية.
وإن عدم النجاح في هذا المضمار سوف يقوض مصداقية العملية الديمقراطية وقد يجازف فإفساد طموح غالبية الشعب ويعرض قدرتهم لصياغة وتقوية مؤسسات نيابية قائمة للخطر. آنئذ هذا هو التهديد الواضح للمصالح الأمريكية في البحرين.
إذا ما تجاهلت أمريكا القضية السعودية واستمرت في التغاطي عن مناشداتنا فالمجازفة هي أن ينهار النظام السياسي برمته، وسيحدث ذلك بكل بساطة. من المؤسف أن الديوان الملكي يواصل بعمى في الإتجاه الخاطئ بالضبط. على أية حال فإن الكتابة موجودة على الجدار (أي لقد أصبح الأمر جليا للجميع) وعلى النظام أن يفسح المجال للمشاركة الديمقراطية -في النهاية- وذلك إذا كان لا يرغب في الانهيار.
إن عملية الإصلاح السياسي منذ 1999 وصلت إلى بداية نهايتها مع حلول العام 2002م. أربع سنوات من التوتر السياسي أبطلتها انتخابات 2006م ومشاركة القوى المعارضة الرئيسية. فالبحرين –على كل حال- لا تزال تواجه تحديات جمة قبل ضمان سيادة الديمقراطية. ولابد أن يستمر المجتمع الدولي في الانشغال بالتطورات في البحرين اذا كانت ترغب في حل فاعل للعوامل المساهمة في عدم استقرارها.
البحرين بحاجة ملحّة إلى التزام يقوي مسار الإصلاح المحرّف، ويمكّن مؤسسات المجتمع المدني، ويأتي بنظام محاسبة لمواجهة التحديات الخطيرة والمخاطر التي تترتب عليها.
أؤمن بأن التحول الديمقراطي هو عملية تدريجية، ويحتاج إلى أكثر من مجرد انتخابات حرة: يتطلب انتخابات عادلة ونزيهة وحريات مدنية وقانون للحقوق وقضاء مستقل ومؤسسات أفقية مستقلة تخضع للمحاسبة ومجتمع مدني حر بما ذلك الإعلام والأهم من ذلك السيطرة المدنية على القوات العسكرية والأمنية. أمام البحرين طريق طويل!! وإن الذي يجري في البحرين اليوم إنما يسخر بالمعايير والقيم الديمقراطية.
السيدة الرئيسة، السيدات والسادة:
اسمحوا أن انتهي بالقول بأن: السلوك القديم في دول الخليج عنيد، العوائل الحاكمة هناك كانت دائما مشبهوهة وغالبا خائفة ممن لا يوثق به ومن الأجنبي ومن النوع الذي لا يمكن التبوء به من الناس الذين يشاركون في إدارة السلطة والموارد.
شكرا لحسن اصغائكم.
د. صلاح البندر
الأمين العام
مركز الخليج للتنمية الديمقراطية