Archive

مافيات التجنيس

مافيات التجنيس

حركة أحرار البحرين

    ما يثير المخاوف والشكوك، هو أن الحكم لازال يواصل منهج إحلال تاريخ مزيف على أهل البحرين، وإلغاء  التاريخ الحقيقي للسكان الأصليين. فالتفاصيل السوداء لمخطط التجنيس المتبع من جانب الحكم، تدفع إلى  الاعتقاد بأنه يتجه إلى محاولة مسخ كلّ المعالم الأساسية لهوية البحرين وشعبها، لاسيما أن المخطط يُدار عبر مافيات سياسية وأمنية مرتبطة بالحكم مباشرة وتتقاطع مع القصر ذاته. والأخطر أن مافيا التجنيس تنتقي عناصرها من المناطق التي يترعرع فيها الإرهاب ويتم استجلابها إلى البحرين، ما يُعزّز المخاوف المتنامية من استيقاظ خلايا العنف النائمة في أوساط المتجنسين، لاسيما وأن أذرعا قريبة من

النظام الخليفي متوغلة في هذه الخلايا. لقد ساهم النظام على مدى السنوات الماضية في تغذية أيديولوجيا العنف داخل هذه العناصر من خلال استخدامها كأدوات لقمع الاحتجاجات المطلبية وإظهار الدافع المذهبي كتبرير لعمليات الإرهاب والقتل التي يباشرها جلادو النظام ومحققوه، وهو ما ركّز في شرائح المتجنسين ذاتية الكره ضد الشيعة، وفاقم النظام هذا التراكم النفسي والأيديولوجي باتباعه سياسة التشطير الطائفي ونظام الإفقار الاجتماعي والاقتصادي المركّز في مناطق المواطنين الشيعية.

           والمؤشرات المتفرقة التي تحكي عن تنامي ظواهر العنف في تجمعات المتجنسين، وتستر الحكم على حوادث العنف التي تأخذ طابعاً طائفياً وإرهابياً وتصدر عن المحيط المناطقي للمتجنسين، يُحسب لصالح الأقوال التي تؤكد تواطؤ الحكم الخليفي مع بعض إفرازات الإرهاب التي تتقاطع مع مشروعه في التجنيس اللا شرعي ومشاريعه الأخرى في الهيمنة على السلطة وحرمان الشعب من حقه في مشاركة شعبية كاملة. وفي هذا السياق يُفهم التعاطي “الاعتيادي” والمريب مع العناصر المتهمة بالانتماء إلى بعض التنظيمات الإرهابية ذات النزوع السلفي، برغم الإيعاز الأمريكي المباشر بوجود تهديدات جادة في هذا الاتجاه، والذي استتبع بإعلان السفارة الأمريكية مغادرة رعاياها من البحرين، وهي خطوة لا تأتي من فراغ في المعلومات كما هو متوقع.  والأكيد أن جريمة التجنيس تقوم بهدف استراتيجي واضح، وهو التلاعب بالتركيبة السكانية والإخلال بالتوازع الثقافي والطائفي للمواطنين، وهو أمر لو تمّ فإنه سيُفرغ كل المطالبات السياسية والدستورية من مضامينها الحقيقية.

        على المستوى نفسه، فإن المافيات الأخرى التي تنامت خيوطها خلال العقود الثلاثة الماضية، ستستثمر بكل طاقتها ووسائلها المتاحة، تداعيات مافيا التجنيس وانعكاساتها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وستجد أن التركيب الجديد الذي يتشكل شيئا فشيئاً، هو أفضل المناخات لتنشيط مشاريعها في سرقة المال العام واستنزاف خيرات البلاد ومواردها النفطية التي شهدت ارتفاعاً ملحوظا، وتكديسها في جيوب الحكم ومرتزقته وإيداعها في البنوك الأجنبية. وهي المناخات التي ستجد في رئيس الوزراء أفضل راعٍ لها، خصوصاً وأنه مؤسّس لنظام السُّخرة الجديد على كافة المشاريع التجارية والاستثمارية، وفرضه كعُرفٍ

جديد يُكرّر حوادث ما قبل الاستقلال، حيث الامتيازات الخليفية الظالمة والغنائم الموقوفة لرجال القبيلة المحاطين بعصابات الفداوية الذين يمثلون معادلاً للمرتزقة المتجنسين حالياً. وفي الجهة الأخرى، يقبع المواطنون في اختناق متزايد من المعاناة والحرمان وضغط الخدمات على صعيد الإسكان والبطالة وخدمات الماء والكهرباء وارتفاع معدلات الفقر، حيث تذكر بعض الإحصاءات الرسمية أن ثلث المواطنين يقعون تحت خط الفقر، وهو الأمر الذي راكمَ من آثار مافيات التجنيس وجرائم المال العام المنظمة، وأدى إلى تصاعد معدلات الانحراف الاجتماعي وجرائم الآداب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق