Archive
Bahrain Freedom Movement
01/06/2008 – 19:22 | مرات القراءة: 96 |
انتهى دور الإنعقاد الثاني للمجلس النيابي، ولابد من وقفة صادقة مع النفس ومع الناس، وقفة تستهدف تقييم الأداء من جهة، وتستهدف ـ من جهة أخرى ـ تقييم جدوى المشاركة في هذا المجلس. لماذا عجز المجلس عن تحقيق شيء ملموس على مستوى التشريع وعلى مستوى الرقابة وما هي الأسباب؟ وهل المجلس ـ بهذه التركيبة، وبهذه اللائحة الداخلية، وبهذه الخصوصيات التي ترونها، وما بين قوسين: ” مع هنٍ وهنٍ ” ـ هل هذا المجلس قادر على أن يحقق شيئاً
خطبة صلاة الجمعة
لسماحة الشيخ عبد الجليل المقداد( حفظه الله تعالى)
في جامع الحياك بالمحرق
بتاريخ 24 جمادى الأولى1429هـ
الموافق لـ: 30-5-2008م
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين.
الخطبة الثانية:
انتهى دور الإنعقاد الثاني للمجلس النيابي، ولابد من وقفة صادقة مع النفس ومع الناس، وقفة تستهدف تقييم الأداء من جهة، وتستهدف ـ من جهة أخرى ـ تقييم جدوى المشاركة في هذا المجلس.
لماذا عجز المجلس عن تحقيق شيء ملموس على مستوى التشريع وعلى مستوى الرقابة وما هي الأسباب؟
وهل المجلس ـ بهذه التركيبة، وبهذه اللائحة الداخلية، وبهذه الخصوصيات التي ترونها، وما بين قوسين: ” مع هنٍ وهنٍ ” ـ هل هذا المجلس قادر على أن يحقق شيئاً من القضايا التي تطرح في داخل المجلس، مع العلم أن لهذا النظام من الأدوات والقوانين الكثير والكثير وإلى الآن لم يستخدمه؟؟
لم يستخدم النظام كثيراً من الأدوات والقوانين والموانع التي يمتلكها من أجل إيقاف أي طرح يصبُّ في خدمة هذا الوطن وينفع أبناء هذا الوطن.
أنت الآن في المجلس لا تتصارع مع إرادة نظامٍ، وإنما تتصارع مع فلان وفلان ممن يحركهم هذا النظام، وما وصلت النوبة إلى مبارزة هذا النظام مباشرة.
لقد عبَّر الاستجواب عن شيء يسير من هذا وأوضح أن هذا النظام ـ وعند النقاط والمواقف التي يمكن أن تسبِّب له إحراجاً ـ رأينا كيف أنه وقف وقفةً من أجل أن يُدافع ويبرِّىء.
فإذن ـ أيها الإخوة ـ يوجد لدى النظام الكثير والكثير مما يعيق من تحقيق أي شيء إيجابي ويصبُّ في مصلحة هذا الوطن.
ما هو السبب في عجز هذا المجلس عن أن يحقق شيئاً؟
أستعين بهذا المثال حتى أوضِّح الفكرة وحتى نعرف السبب في عجز هذا المجلس.
لو أن قطاراً وُضِع على السكة متجهاً إلى المشرق وركب فيه الركاب فهل يمكن أن يؤدي بهم إلى المغرب؟
لا يمكن؛ فهذا القطار وضع على السكّة التي تجعله يتجه إلى جهة المشرق؛ فهكذا وَضْعُه وهذا هو تصميمُه؛ فمَن ركب في هذا القطار ـ شاء أو أبى ـ فإنه لن يستطيع أن يتحرّك إلا إلى جهة المشرق.
هذا المجلس بتصميمه وبوضعه الفعلي إنما صُمِّم لخدمة هذا النظام بلوائحه الداخلية، وبتركيبته الظالمة، وبتقسيم الدوائر الجائر، وبتوفّره على كثير من نوّاب المولاة ـ كما يقولون ـ ؛ فهكذا مجلس لا يمكن أن يخرج منه شيء يصبُّ في خلاف مصلحة هذا النظام. وكل من دخله وأراد أن يحقق شيئاً من خلاله فحكمه هو حكم من ركب ذلك القطار الذي وجِّه إلى المشرق ويريد أن يأخذه القطار إلى المغرب، هيهات… لا يمكن.
وإذا كنا لم نفهم هذه الحقيقة ـ والحمد لله ـ أن الجميع قد توصل إلى هذه الحقيقة الآن من المشاركين وغيرهم حيث وصلوا جميعاً إلى أنه لا يمكن تحقيق شيء ولا يمكن تمرير شيء من خلال هذا المجلس النيابي.
ومن هنا فلنا أن نطرح هذا السؤال وهو:
إذا لم تكن جدوى ولم يمكن تحقيق شيء من خلال هذا المجلس فما هو الموقف الذي ينبغي أن نتخذه؟
بعد تأملٍ، وبعد دراسة موضوعية، وبالنظر إلى ما وصلت إليه أوضاع الطائفة، ينبغي أن نرى ما هو الموقف الذي يلزمنا أن نتخذه من المشاركة؟
المواقف المتصورة تجاه هذه المسألة هي ثلاثة:
الموقف الأول:
هو البقاء والإصرار على البقاء مع كل ما نشاهده من تعثّرٍ وعدم جدوى في هذه المشاركة. هذا موقف.. وبالنسبة لي شخصياً فأرى أنَّ اختيار هذا الموقف بعيد جداً عن مقتضى الحكمة والتعقّل والتدبُّر في عوقب الأمور.
الموقف الثاني:
أن ننسحب من هذا المجلس. وهنا أقف لأقول هذه الحقيقة، وهي أني أيضاً شخصياً لست جازماً بأن الخيار الأمثل هو خيار الانسحاب، كما أني لم أكن جازماً بأن الخيار الأمثل في وقتها هو ترك المشاركة، وأن نترك عنا العصبية والإصرار والتفرّد بالرأي ونعيد الحسابات من أجل تقييم المشاركة وجدوائيتها.
الموقف الثالث:
فهو خيار يجمع بين الاستمرار في المشاركة بأداء قوي، يصرخ في وجه المتنفذين ويبذل كل ما في وسعه من أجل إرغامهم على تحقيق المطالب العادلة بأداء قوي لا يعرف المجاملات ولا يعرف المصانعات ويضع أمام عينه ونصب عينه ما يرضي الله (سبحانه وتعالى)، وكما قال أمير المؤمنين(عليه أفضل الصلاة والسلام): ” لا يقيم أمر الله إلا من لا يصانع ولا يضارع ولا يتبع المطامع”.
نحتاج إلى أداء قوي، وإعادة نظر في الأداء الضعيف الذي تمثّل فينا في المرحلة السابقة. ولكن المشاركة والاستمرار فيها لا يكفي لوحده، بل الذي يمكن أن يؤثر هو مشاركة بأداء قوي وبتنسيق مع الإخوة الذين يمثلون معارضة قوية في الخارج؛ فيلتحم الداخل والخارج في موقف إسلامي قِيَمِيٍ مبدئيٍ من أجل نزع الحق من حلوق هؤلاء المتنفذين، ومن أجل إرغامهم على أن ينصاعوا لمطالب هذا الشعب.
إذا التحمت المعارضة في الداخل وفي الخارج ونسّقت بينها بتنسيق قوي ليس كما هو الوضع الآن ـ وللأسف الشديد ـ حيث صار ينظر بعضنا إلى البعض في كثير من المواقف وكأن الأمر لا يعنيه! فبالأمس القريب مُنعت ندوة من أن تعقد في جامع كرباباد، والبارحة أيضاً تمنع ندوة لأن هذا النظام يضيق صدره من الكلمة القوية المؤثرة. ولذلك دعني أكون صريحاً وأقول بأن النظام يريد منا أن نشارك بهكذا مشاركة!
وهكذا مشاركة لا تؤثر في النظام أصلاً، هكذا مشاركة يبحث عنها النظام، هذه مشاركة مهما أنتجت فإن النظام يستطيع ـ وبفضل ما يمتلك من أدوات وما يمتلك من آليات ـ أن يمتصَّ نتائجها، فغاية ما أفرزته هذه المشاركة هو الاستجواب وقد رأينا كيف أن النظام قد استطاع أن يمتص هذا الموقف.
إذن ينبغي أن نعيد النظر في هذه المشاركة بهذا النحو، وإننا لنلعب في الوقت الضائع، والضرورة تقتضي منا أن نعيد النظر والحسابات، وإلا فمصيرنا ومصير هذه الطائفة أسود، وعندها سوف نترامى اللوم وكل يرمي اللوم على الآخر.
لماذا لا نعيد النظر ونعيد حساباتنا؟
إذا حسُنت النوايا وإذا اتسعت الصدور وإذا أبدينا المرونة استطعنا أن نشكِّل جبهة قوية في مقارعة هؤلاء المتنفذّين الظالمين.
كما أن الإصرار على المشاركة بهذا النحو أحسب انه مما لا يساعد عليه الحكم الشرعي.
ولئن كانت هناك وصية بالمشاركة من بعض الفقهاء (أدام الله ظله) فإنما جاءت الوصية من أجل أن لا نتأخر عن الركب ونخسر الفوائد المرجوّة من المشاركة.
أما بعد أن اتضحت الحقيقة كالشمس في رابعة النهار، وأن هذا المجلس لا يمكن أن يتمخض عنه شيء يصبُّ في مصلحة الطائفة، وأنه مجلس صوري يختلف في حقيقته عن المجالس النيابية المعهودة القادرة على التشريع والمحاسبة والمراقبة وتحقيق شيء لصالح الناس.
أما بعد هذا فالإستمرار في المشاركة بهذا النحو في هذا المجلس الذي صُمّم من الأساس لخدمة هذا النظام من أجل تقنين الظلم وتمريره لا يصح الإستناد فيه إلى تلك الوصية.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.