الأرشيف

التجنيس

التجنيس: ما له وما عليه
 

حسن العطار 

 2002

    أشارت المادة 15 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان إلى أن: “لكل فرد التمتع بجنسية بلد ما، ولا يجوز حرمان شخص من جنسيته، والجنسية حق للدولة وحدها، والدولة بطبيعة الحال لها الحق في منح الجنسية أو منعها”. وكل دول العالم تقريبا لديها قوانين تنظم عملية التجنيس. ومنح الجنسية لأي شخص مقيم يحمّل الدولة المانحة مسئوليات كبيرة تجاه هذا الفرد وعائلته، حيث يكتسبون الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتمثلة في حقهم في التصويت والترشيح في الانتخابات العامة، وحقهم في العمل والتعليم والتطبيب وغيرها من الحقوق الأخرى. وفي العشرين سنة الأخيرة أعادت الدول الأوروبية وأميركا وكندا واستراليا (الدول التي يتوجه إليها أكثر الناس من اجل التجنّس) النظر في قوانينها المتعلقة بمنح الجنسية لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية، وأصبح الهدف الحقيقي لهذه الدول من التجنيس هو: استقطاب اصحاب العقول المتميزة، والتخصصات العلمية الصعبة والنادرة، وجلب رؤوس الاموال، وبهذا يصبح الاشخاص المجنسون قوة تضاف إلى قوة هذه الدول وليس عبئاً سياسياً واقتصاديا واجتماعيا عليها. أما التجنيس لأسباب سياسية – إنسانية فإنه لا يمنح إلا في حدود ضيقة جدا.

ونحن في البحرين يلزم ان لا نكون ضد منح الجنسية لمن يستحقها من الاشخاص الذين ولدوا على هذه الارض الطيبة والمنحدرين من أصول عربية واسلامية من دول الجوار، والذين شاركوا هم (وآباؤهم من قبل) في البناء والتطوير، واصبحوا جزءاً من هذا الوطن ونسيجه الاجتماعي. ولكن قد نكون ضد التجنيس غير المنظم وغير المقنن لمن لا يستحقون وذلك للأضرار السياسية والاقتصادية والاجتماعية الفادحة التي ستحيق بالوطن مستقبلاً. وفي اعتقادنا المتواضع ان سياسة التجنيس وقوانينها في البحرين لابدّ أن تراعي وتأخذ في الاعتبار العوامل الآتية:

1- الرقعة الجغرافية: المعروف أن البحرين من أصغر دول العالم مساحة حيث لا تزيد مساحتها الجغرافية عن 667 كيلومتراً مربعاً، وأصبح التوسع العمراني الحالي على حساب المناطق الزراعية والبحرية، وهذا بحد ذاته يمثل ضرراً كبيراً على البيئة.

2- الموارد الاقتصادية: تعتبر البحرين ذات موارد اقتصادية محدودة مقارنة بدول الجوار، ولابدّ من تنمية هذه الموارد والمحافظة عليها من اجل الاجيال القادمة.

3- النمو السكاني: تعاني البحرين كما تعاني الدول المجاورة من ارتفاع نسبة النمو السكاني، إذ تصل النسبة ما بين 3 في المئة إلى 4 في المئة سنويا، وكيف لنا أن نقنع المواطن العادي والبسيط بأهمية تنظيم النسل (الانجاب) بحجة صغر المساحة الجغرافية ومحدودي الموارد الاقتصادية وهو يرى ويسمع عن التجنيس غير المنظم.

4- الهوية والنسيج الاجتماعي: البحرين مملكة عربية إسلامية كما نص على ذلك الدستور، والمحافظة على الهوية العربية الاسلامية مسئولية وطنية، والتجنيس غير المنظم قد يطمس الهوية العربية ويفتت النسيج الاجتماعي في المستقبل. وفي هذا الشأن لابدّ أن نتعلم ونعتبر من تجارب الدول الأخرى التي سبقتنا في هذا المجال.

المناقشات والمداولات حول مسألة التجنيس ليست تشنجاً أو تعصباً أو معاداة لأحد، ولكن هي مسئولية وطنية أولاً وأخيراً من أجل حماية هذا الوطن والمحافظة على هويته العربية الاسلامية وحقوق الاجيال القادمة. وفي ظل أجواء العولمة واستحقاقاتها، اصبح من الضروري مراجعة القوانين المنظمة لجلب الايدي العاملة الاجنبية وصياغتها بطريقة تحمي الدولة من التبعات والاستحقاقات التي قد تكون ذات نتائج سلبية على مستقبل الوطن وهويته وحقوق اجياله القادمة، وإذا كنا في حاجة إلى أيد عاملة اجنبية، فلتكن الأولوية للعنصر العربي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق