الأرشيف

البعد الغائب في نقاش التجنيس

 .

 البعد الغائب في نقاش التجنيس   

عباس بوصفوان
2004- 2 – 1

    الجدل الذي دار قبل أيام في الصحافة، بشأن التجنيس السياسي، لم يلحظ الاشكالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يتسبب في تفاقمها التجنيس. إذ ركز الجدل على مدى صحة الإجراءات القانونية التي اتبعت عند تجنيس الآلاف من العرب والأجانب. هذا البعد كان غائبا أيضا في الندوتين اللتين استضافهما تلفزيون البحرين. وهو غائب على مستوى الخطاب الرسمي للمعارضة، إذ لم تنظم ندوات تناقش على نحو جدي استحقاقات التجنيس وأثره على حياة المواطن. من جهتها، تدرك السلطات أن القانون المنظم للجنسية فيه ثغرة “البند 2 من المادة 6” يمكن التسلل منها لتجنيس أعداد لا حصر لها، ولذلك فهي تصر على مناقشة التجنيس في بعده القانوني. ذلك أن مناقشة الأبعاد الأخرى، تعني الوقوع في حرج مع الناس، كل الناس، الذين يشعرون أن غريبا أخذ مقعدا في الدراسة والعمل هم أولى به. ومن هنا نفهم، لم حصر دور لجنة التجنيس البرلمانية في “التجاوزات” التي شابت عمليات التجنيس المتتالية.على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، نتائج التجنيس كارثية فعلا. وتشتكي الدولة من شح الموارد، وحاجتها المستدامة إلى الاقتراض والمساعدات الخارجية. إذ إن معظم المدارس، مثلا، تبنى من دول شقيقة “الكويت خصوصا”، بما في ذلك معهد الشيخ خليفة بن سلمان للتكنولوجيا. على مستوى السكن، الأرقام المعلنة تشير إلى أن 40 ألفا ينتظرون دورهم. أما العاطلون عن العمل فيزيد عددهم على 15 ألفا، فضلا عن الآلاف الذين يشتغلون في أعمال بلا راتب مجز. إن نتائج لجنة التحقيق في التجنيس لن تكون مقنعة، لأن حصر نشاطها في البعد القانوني، دونما التفات إلى الأبعاد المتعلقة بواقع الناس يخل بالموضوع. ويزيد من ذلك طبعا أن اللجنة لم تجد تعاونا من سلطات الهجرة، ولم تعط المعلومات المفترض الحصول عليها. من هنا، يبدو ملحا أن تساهم أطراف المجتمع المدني، وعلى رأسها المعارضة، في سد هذا النقص، عاجلا لا آجلا. إذ لا نريد مواقف للتاريخ ، وإنما للحياة التي نعيشها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق