Archive

حركة أحرار البحرين

ما من شك أن هناك مأزقا توجهه الحكومة في هذا الملف يتمثل في عجزها عن تقديم تسويات عادلة ومنصفة و متوافقة مع أنظمة حقوق الإنسان فهي تصر دائما على الاحتفاظ بالجلادين والمعذبين ربما لقناعة راسخة عندها أنها قد تحتاج إليهم يوما ما. هذه القناعة رغم جانب العتاهة فيها و طابع الجنون الكاسي لها، إلا أنها سمة من سمات أنظمة القمع التي تتخفي خلف الديمقراطية

إرهاب الدولة ….قائمة الإفساد في الأرض

عباس ميرزا المرشد

“ما من شك أن هناك مأزقا توجهه الحكومة في هذا الملف

يتمثل في عجزها عن تقديم تسويات عادلة ومنصفة و متوافقة

 مع أنظمة حقوق الإنسان فهي تصر دائما على الاحتفاظ

 بالجلادين والمعذبين ربما لقناعة راسخة عندها أنها قد تحتاج إليهم يوما ما.

 هذه القناعة رغم جانب العتاهة فيها و طابع الجنون الكاسي لها،

 إلا أنها سمة من سمات أنظمة القمع التي تتخفي خلف الديمقراطية..”

يتداول البحرينيون هذه الأيام قائمة أسماء الجلادين و المعذبون، تحضيرا للاحتفال بعيد الشهداء. القائمة طويلة جدا و تضم أسماء معروفة مثل إيان هندرسون و عبد العزيز عطية الله أل خليفة و عادل فليفل و عدنان الضاعن و عبد الرحمن صقر آل خليفة إلى جانب أسماء أخرى معروفة للأشخاص الذين تعرضوا للتعذيب و الإهانة وخرق قوانين حقوق الإنسان. و بجانب هذه القائمة السوداء استحضر البعض قائمة أطول و اشد حزنا تضم أسماء الشهداء الذين قتلوا على يد ضباط في التحقيقات الجنائية أو مخابرات أمن الدولة، أو في مواجهات أقدمت القوات الأمنية على الاستخدام المفرط للقوة بما في ذلك إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، قائمة تطول لتصل إلى أكثر من 100 شخص.

عيد الشهداء الذي يصادف 17 من ديسمبر من كل عام لا يمر من دون فعاليات سلمية ينظمها ناشطون حقوقيون ينضم إليهم ممثلي بعض الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني و عادة ما تكون فعالية المسيرة السلمية التي تنطلق في العاصمة هي الفعالية الأكثر لفتا للنظر و تحدث نوعا من السجال حولها يجر معه سجال آخر يتعلق بالتاريخ  عيد الشهداء نفسه.

الحكومة من جهتها لا تزال ترفض عقد أي مصالحة وطنية شاملة وتحاول أن تتخلص من تبعات هذا الملف عبر وعود يصفها المعنيون بالشهداء و ضحايا التعذيب بأنها وعود كاذبة و غير مجدية، و لتأكيد على ذلك يقول أحد المسئولين عن تنظيم الفعاليات أن الحكومة ترفض تقديم المتهمين الأساسين في التعذيب و التسبب في القتل إلى المحاكمة و تحميهم بقانون (56) لعام 2002 غير الدستوري و يضيف كثيرا ما تم رفض تقديم دعوى قضائية ضد الأشخاص المعذبين بحجة وجود قانون (56) الذي ينص على إعفاءهم من أي مساءلة أو محاكمة بقرار العفو الملكي العام الصادر في العام 2000.  و يؤكد مركز حقوق الإنسان في بياناته المتكررة على أن القانون جاء ليحمي من قاموا بممارسة التعذيب النفسي والجسدي والاستخدام المفرط للقوة والذي أدى إلى قتل وجرح وإعاقة المئات من المواطنين، والتسبّب في آثار نفسية ومادية لدى الآلاف والتي لا يمكن أن تمحى بسهولة

 في العام 2005 قام النائب السلفي جاسم السعيدي بتشكيل لجنة مختلقة أطلق عليها أسم لجنة “لجنة الشهداء وضحايا الإرهاب” و لم يكن من هدف لها سوى التشويش على عمل لجنة الشهداء وضحايا التعذيب في مؤتمر جنيف آنذاك، كما لم يكن يعني بالشهداء سوى عدة أشخاص من رجال الأمن و المخابرات أقدموا عمدا على قتل الشعب و قتلوا في ظروف غامضة تشوبها روائح عمل مخابراتي في الأساس. وقتها أصدر مركز حقوق الإنسان بيانا أكد فيه على ارتباط مثل هذه اللجان بالحكومة كما شكك في استقلالها واعتبرها لجنة حكومية استنادا إلى ”  توقيت طرح القضية مباشرة قبل اجتماعات اللجنة الدولية لمناهضة التعذيب في جنيف، وطريقة طرح هذا الملف التي انطوت على مساومة بملف ضحايا التعذيب، والتشويش على لجنة ضحايا التعذيب بطرح اسم مشابه لاسمها، إضافة إلى التنسيق الواضح بين الدولة والقائمين على هذه اللجنة سواء في تهيئة المواد الدعائية المفبركة التي يستخدمونها، أو في التنسيق بينهم وبين الوفد الحكومي في جنيف، أو في إتاحة الفرصة لهم في استخدام وسائل الإعلام المحلية التي تهيمن عليها الحكومة، وحرمان العاملين على ملف ضحايا التعذيب من ذلك”

 وكالعادة في كل عام فإن لجنة الشهداء وضحايا التعذيب سوف تواجه بمنع مسيرتها السلمية و سوف تتخذ الحكومة تدابيرها الأمنية المعروفة عند الناس حيث تحاصر المنطقة المزعم انطلاق المسيرة منها و تشن حملة إعلامية ضد عمل اللجنة لتبرير أعمال القمع. وفي الوقت نفسه فإن الحكومة و في كل عام أيضا تبعث برسائل غير رسمية توحي باستعدادها لعقد تسويات مالية لبعض الضحايا ولكن من دون وجود ضمانات حقيقة .

مهما اختلف النشطاء فيما بينهم حول تاريخ العيد أو حول بعض الفعاليات فإنهم لا يختلفون حول ضرورة معالجة ملف الضحايا و التعذيب و ضرورة عقد مصالحة وطنية حقيقة تتكرس من خلالها بنود اتفاقيات حقوق الإنسان خصوصا فيما يتعلق بتجريم التعذيب في المباني الأمنية، وهم بذلك يؤكدون على هدف استراتيجي واحد يأخذ صيغ تعبيرية مختلفة.

ما من شك أن هناك مأزقا توجهه الحكومة في هذا الملف يتمثل في عجزها عن تقديم تسويات عادلة ومنصفة و متوافقة مع أنظمة حقوق الإنسان فهي تصر دائما على الاحتفاظ بالجلادين والمعذبين ربما لقناعة راسخة عندها أنها قد تحتاج إليهم يوما ما. هذه القناعة رغم جانب العتاهة فيها و طابع الجنون الكاسي لها إلا أنها سمة من سمات أنظمة القمع التي تتخفي خلف الديمقراطية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق