الأرشيف
أأضحك أم أبكي
أأضحك أم أبكي ؟
بقلم : لبيب الشهابي
بينما كنت أشاهد الفيلم الوثائقي الذي تم عرضه في ندوة التجنيس وأستمع وأرى لغة الأرقام بحججها الدامغة التي لم تترك للشك مجالاً كي يتسرب إلى نفوس المحتشدين من أبناء شعب البحرين بأن الخطة الحكومية بعيدة المدى والتي تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية والعبث بها لم ينكشف قبح وجهها وعهرها إلا في تلك اللحظة التاريخية الحاسمة التي حق للتأريخ أن يدونها في أنصع صفحات المعارضة وأكثر صفحات الحكومة عفونة وقبحاً في أكثر صفحات الحكومة السوداء التي لا يمكن أن نفترض فيها حسن النية بعد اليوم وإن جاء بعد الميثاق الوطني ألف ميثاق وميثاق وكان هذا ولا يزال رأي أغلبية أبناء شعبنا ممن توجسوا وخافوا من التوقيع على الميثاق لو الظروف الموضوعية التي رآها الرموز والعلماء. في تلك اللحظات الحرجة من تاريخ بحريننا الغالية انتابني شعور غريب لم أكد أعرف مصدره ولا أشك أن هذا شعور الحاضرين جميعاً فلم أعد قادراً أن اشخص الحالة النفسية التي اعترتني فهل أضحك على نفسي وعلي بني شعبي؟ أم أبكيهم وأذرف عليهم دمعي الهتون؟ أم أضحك على الحكومة وممارساتها التي تفوح منها رائحة الغدر والمكر وحتى انتهت الفعالية والمشاعر المتناقضة تعتصر فؤادي في لحظة لم أعش مثلها من ذي قبل في حالة من الصراع النفسي بيني وبين ذاتي التي تعذبها الحقيقة وتؤرقها وإن كانت لم تر عشر معشار الحقيقة والممارسات التي تتم في الخفاء في محاولة جادة لطمس الهوية وتشويهها وتحويل شعب البحرين طيب الأعراق إلى همج رعاع تحركهم المصالح والمطامع الشخصية ولا يحرك فيهم الولاء الوطني شيئاً ولا يختلج في ضمائرهم حب الوطن.
كنت أعيب في السابق على جيل الأجداد الذين كانوا يبيعون أراضيهم بأبخس الأثمان من أجل زيارة المعصومين عليهم السلام وإن كان ذلك وغيره يتم بملأ إرادتهم وأعتبرهم أنهم أمة باعت تاريخها إذ كنت كثيراً ما أردد هذه العبارة في المحافل الخاصة والعامة، هم باعوا ما يعلمون بما يعلمون ونحن بعنا ما لا نعلم بما لا نعلم، حتى اكشفنا في نهاية المطاف أننا قد اشتريت هويتنا وأصبحت مداراً للنخاسة والاتجار ونحن نائمون شغلتنا زوبعات كانت تثيرها الحكومة بين الفينة والأخرى حين تريد أن تمرر أياً من مشاريعها التي تصب في طمس الهوية بل وأبعد من ذلك، ولست نادماً على شيء وأخشى بعد كل هذه الخسائر فقط أن ينطمس ما بقى من الهوية التي تمثل الإنسان البحريني الأصيل وأن تختلط الدماء الحمراء بدماء أبناء شعبنا فلا يمكنك أن تفرق بين المجنسين والمواطنين الأصليين، والتزاوج مع المجنسين هو أخشى ما نخشاه ونسأل الله أن يجنبنا تداعياته لأنه لا يؤدي إلى انتقال الصفات الجسمانية فحسب بل يؤدي إلى انتقال الأخلاق وكما قال رسول الله (ص): اختاروا لنطفكم فإن العرق دساس ولم أخف يوماً من شيء أكثر من خوفي من انطماس الهوية وتلاشيها.
ولا ندري ما الذي يخبأه لنا القدر من فتن ومصائب سوف يؤسس لها التجنيس وغيره من الخطط الحكومية خصوصاً أن الحكومة تدير ظهرها وتصم أذنيها حين تواجه بالأدلة التي هي كالشمس في وضح النهار وتختلق فرقعات ومكرمات تشغل بها الرأي العام وتركز على القشور وتترك الأمور الهامة.
نسأل الله أن تعي القيادة السياسية أن رجال الحقبة السوداء أحفاد هتلر وصدام لا يريدون الخير للبحرين وهمهم أن تظل كما هي كي يحكموا قبضتهم عليها وعلى مواردها فهم أعداء الإصلاح ويرونه أنه إساءة شخصية لهم.
اللهم اكشف هذه الغمة عن هذه الأمة إنك سميع قريب مجيب الدعاء.