الأرشيف

Bahrain Freedom Movement

كان اللوم يوُجَّه دوما إلى بعض النفوذ الإيراني بشأن الاضطرابات والقلاقل التي تشهدها بشكل دوري مملكة البحرين، ولكن السكَّان المحليين يتحدَّثون عن حيف يلحق بهم ومظالم مباشرة تقع عليهم.

بينما كانت رائحة الغازات المسيلة للدموع مازالت تملأ الجو في تلك الليلة، ظهرت أمامنا مجموعة من الشبَّان وقد راحوا يتدفقون عبر الشارع حيث أكوام القمامة وإطارات السيَّارات المشتعلة طوال الليل. وكان أمامنا أيضا رتل من شرطة مكافحة الشغب.

يقول بعض صيادي السمك في البحرين إنه لو تمَّت إعادة الشاطئ إلى السكان، فلن تكون هناك أحداث شغب

إن الأمر يدعو إلى الضَّحك ويثير السخرية أن يُجبر جيل من صياديِّ السمك الآن على الذهاب وشراء السمك من قرية أخرى

نرجس، زوجة صيَّاد سمك بحريني

اقتربت من عناصر الشرطة، فأوقفني أحد الضباط، بينما راحت الغازات المسيلة للدموع تنطلق من علب الغاز لتملأ المكان. وقد أمطرني الضابط بدوره بوابل من الكلمات والتهديدات عندما بادرني بالقول: “أنت لا تحمل ترخيصا يسمح لك بالتواجد هنا، فمن فضلك غادر المكان الآن.”

ميناء لصيد السمك

حدث ذلك في قرية المالكية في الثاني من شهر يوليو/تموز الحالي، وهي عبارة عن ميناء صغير لصيد السمك، سكانها من الشيعة، وتقع على مشارف العاصمة المنامة.

تُعرف البحرين في الغرب بكونها مركزا اقتصاديا مزدهرا

كانت المالكية مسرحا للكثير من أعمال الشغب التي شهدتها القرى الشيعية هذا العام. وقد اندلعت الاضطرابات هذه المرة بشأن شريط ساحلي كان مفتوحا في السابق أمام صيادي السمك، ولكنه أضحى الآن بين يدي عضو متنفِّذ من الأسرة الحاكمة في الجزيرة.

وتُعرف البحرين في الغرب بكونها مركزا اقتصاديا مزدهرا، وهي تصبح بشكل متزايد مقصدا سياحيا هامَّا بفيلاتها الفخمة المبنية على أرض نجمت عن ردم مساحات من البحر.

أوّل بئر نفطيَّة

يُذكر أن أول بئر نفطية اكتُشفت في دول الخليج هي في البحرين وحدث ذلك في عام 1931. وقد تعاظمت ثروة عائلة آل خليفة الحاكمة بشكل هائل بسبب عائدات النفط.

هم يريدونك أن ترى الفورميولا واحد والميناء المالي (الفايننشال هاربر). ولكن هذه ليست هي البحرين الحقيقيَّة. ما تراه هنا-هو البحرين الحقيقيَّة

معارض بحريني وناشط في مجال حقوق الإنسان

وكونها تقع في منطقة تقوم فيها إيران باستعراض عضلاتها، بالإضافة إلى كونها مقرَّا للأسطول الخامس الأمريكي، فإن البحرين تكتسب أهمية استراتيجيَّة خاصة.

نبيل رجب، وهو معارض وناشط في مجال حقوق الإنسان، كان دليلي أثناء جولتي في قرية المالكيَّة.

يقول رجب: “هم يريدونك أن ترى الفورميولا واحد والميناء المالي (الفايننشال هاربر). ولكن هذه ليست هي البحرين الحقيقيَّة. ما تراه هنا-هو البحرين الحقيقيَّة.”

غالبية شيعيَّة

تنفرد البحرين بين جميع دول شبه الجزيرة العربية بكون الشيعة فيها أغلبية، فهم يشكِّلون حوالي 65 بالمائة من السكَّان. ولكن النُّخبة الحاكمة فيها هم من السنَّة.

ويزعم العديد من الشيعة بأنَّ النخبة الحاكمة مارست التمييز ضدَهم لسنوات، والمالكيَّة هي نقطة الوميض، أو الشرارة الأولى، لانطلاق غضبهم.

يقول محمد إن الشيعة مازالوا موالين للأسرة المالكة وإنَّه لو قُيِّض له مقابلة الملك، فإنَّه “سيُقبِّل قدميه”

وقد كشف تقرير سرَّبته الحكومة مؤخَّرا أنّه بإمكان العامَّة في البحرين الوصول إلى أقل من ثلاثة بالمائة من الشريط الساحلي للمملكة الصغيرة.

فملكيَة الساحل وحدها هي التي تخوِّل الأشخاص من الوصول إلى الأراضي التي نتجت عن غمر مياه البحر، والتي يتم بيعها لمن يتقدَّم بأعلى عرض لإقامة مجمّعات اقتصاديَّة أو منتجعات سياحيَّة عليها. لقد أصبحت الأرض بالنسبة للأسرة الحاكمة النفط الجديد.

محاولات فاشلة

لقد تمَّ إطلاعنا في قرية المالكية على قطعة من الشريط الساحلي كانت مفتوحة للعموم لسنوات عدَّة مضت فقط. وقد باءت بالفشل جميع محاولات أهل القرية لإعادة افتتاح المنطقة للعموم.

وعندما تظاهر السكَّان، سلميا كما يزعمون، جاءتهم شرطة مكافحة الشغب بالغازات المسيلة للدموع والهراوات والرصاص المطاطي.

يقول محمد، وهو في الستينات من العمر، إنّه اعتاد صيد السمك طوال سنين حياته في ميناء صيد المالكيَّة. لقد أخبرني بأنّ ردم مياه البحر أرغمت الأسماك على الابتعاد عن المنطقة.

“مثير للضحك والسخرية”

قد يكون مثل هذا الأمر حدث في أي مكان، ضد السنَّة أو الشِّيعة. أنا لا أعتقد بأن القضيَّة طائفيَّة. نعم قد تكون اجتماعيَّة، ولكنها ليست طائفيَّة

حسن فخرو، وزير بارز في الحكومة البحرينيَّة

أمَّا نرجس، زوجة محمد، فقد تحدَّثت إليَّ وهي ترتدي حجابا، قائلة: “إن الأمر يدعو إلى الضَّحك ويثير السخرية أن يُجبر جيل من صياديِّ السمك الآن على الذهاب وشراء السمك من قرية أخرى.”

وتمضي نرجس لتروي لي كيف أنَّ إطلاق الغازات المسيلة للدموع تؤثر على الأطفال، إذ تقول: “لا يستطيعون التنفس…نحن نعيش في خوف.”

وعندما أثَرت مع حسن فخرو، وهو وزير بارز في الحكومة، قضية أعمال الشغب في المالكيَّة، عبَّر لي عن دهشته ونفى وجود دليل على ممارسة تفرقة ضد الشِّيعة.

قال الوزير فخرو: “قد يكون مثل هذا الأمر حدث في أي مكان، ضد السنَّة أو الشِّيعة. أنا لا أعتقد بأن القضيَّة طائفيَّة. نعم قد تكون اجتماعيَّة، ولكنها ليست طائفيَّة.”

“مجرَّد هراء”

شهدت مناطق شيعية مثل سنابس أعمال شغب خلال الفترة الماضية

ويعتقد العديد في أوساط النخبة من السنَّة بأنَّ إيران تقف وراء القلاقل في البحرين، ولكن الشيعة أخبروني بأنّ تلك المزاعم (حول الدور الإيراني) هي مجرّد هراء.

ويصر الشيعة على أنَّهم مخلصون لبلادهم وللأسرة الحاكمة. فقد قال لي محمد إنه لو تمَّت إعادة الشاطئ إلى السكان، فلن تكون هناك أحداث شغب. وأضاف أنَّه لو قُيِّض له مقابلة الملك، فإنَّه “سيُقبِّل قدميه”.

ويؤدِّي رد فعل الحكومة على أوضاع شبيهة بتلك التي تشهدها المالكيَّة إلى إظهار الخلاف بين السنَّة والشِّيعة في البلاد إلى العلن.

والسؤال الآن هو ما إذا كانت الأسرة المالكة ستقدِّم نوعا من بعض التنازلات، في مواضيع الأراضي أو تصرفات الشرطة أو نزع فتيل التوتُّرات الطائفيَّة.

وإن لم تفعل ذلك، فيبدو أن القلاقل ستتواصل، وهذا وضع خطير بالنسبة للبحرين ولاستقرار المنطقة بأسرها.

DH-OL

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق