Archive
Bahrain Freedom Movement
يخطيء من يظن ان الصراع الدائر بين شعب البحرين والعائلة الخليفية الحاكمة محصور بالحدود الجغرافية للوطن، فهو صراع يغوص في اعماق التاريخ، ويمتد للمستقبل عموديا، ويعبر حدود البلاد أفقيا الى بقية مناطق العالم. فالبعد التاريخي دخل مؤخرا على خط الصراع متجليا في عدد من الامور: اولها سعي العائلة الخليفية لمحو التاريخ العلمي والثقافي لشعب البحرين، الذي يسبق الاحتلال الخليفي للبلاد في 1783.
وثانيها: الخطوة الاخيرة التي اتخذها النظام لتحريف حقائق ذلك التاريخ، بالاصرار على ان “البحارنة” مجنسون، شأنهم شأن الخليفيين والمستوطنين الجدد. تكررت هذه المقولة على ألسنة المسؤولين الكبار من ابناء العائلة الخليفية، وكانت محور الكتيب الذي رعته وزارة الاعلام والذي تهجم على المسلمين الشيعة البحرانيين وتاريخهم، بشكل لم يسبق له مثيل. ثالثها: القضاء على ما كافة المظاهر الثقافية والمعمارية التي تعبر عن عمق تاريخ شعب البحرين الذي يمتد عبر القرون الى العصور الغابرة ويتصل بالايام الاولى للاسلام الذي انتمى هذا الشعب اليه طوعا في السنة السابعة للهجرة. ورابعها: السعي المتواصل لتغيير اسماء المناطق تدريجيا لكي يمحى ما تبقى من رموز لذلك التاريخ المجيد، وهو سعي قد يتوقف فترة عندما ترتفع صيحات الاحتجاج، ولكنه لا يلبث ان يتواصل. والواضح ان اعضاء المجالس البلدية، شأنهم شأن اعضاء النصف المنتخب من مجلس الملك، محاصرون في صلاحياتهم وممنوعون من تجاوز “الخطوط الحمراء” التي رسمها الخليفيون لاظهار وجود “ديمقراطية” من جهة، مع الحفاظ على الاستبداد المطلق من جهة اخرى.
اما الامتداد الافقي لقضية الصراع بين الطرفين فيؤكده توسع الدائرة الى خارج حدود البلاد. ومن مظاهر هذا التوسع الافقي من الجانب الخليفي ما يلي: اولا: استغلال ا لزيارات الرسمية للدول الاخرى لتقوية الدعم السياسي للنظام. فزيارة الشيخ حمد الاخيرة الى كل من بريطانيا والولايات المتحدة لا تنفصل في اهدافها عن رغبته في ضمان دعم هاتين الدولتين لمشروعه التخريبي الذي تجاوز في ابعاده ما فعله عمه، رئييس الوزراء، على مدى ثلاثين عاما متواصلة. ثانيا: وجود الخبراء الاجانب في وزارات الدولة، خصوصا في جهازي الامن والدفاع، وان كان ذلك يتم الآن بشكل سري وغير ظاهر. ثالثا: فتح البحرين لتحتضن القواعد الامريكية كخط دفاعي متقدم ضد اي تحرك شعبي حاسم. رابعا: توجه العائلة الخليفية للعديد من المؤسسات والشخصيات الاجنبية لتوظيفها في الصراع ضد شعب البحرين، فلم يعد خافيا على احد اعتماد النظام على الاجانب سواء في قوات الشغب ام الامن، ا م في مجالات العلاقات العامة والاعلام. وقد علم ان النظام يقدم بشكل منتظم مبالغ طائلة لعدد من الاعلاميين العاملين في مؤسسات كبرى منها هيئة الاذاعة البريطانية، ومنظمة العفو الدولية لتخفيف الضغوط على العائلة الخليفية. وعلم من بعض المصادر ان النظام قد لا يطلب من هذه ا لمنظمات كيل المديح لسياساته، ولكن تخفيف الاهتمام بما يجري في البحرين، وتجاهل انشطة المعارضة وفعالياتها. وفي ما عدا الدعم السياسي والامني الذي تقدمه كل من الولايات المتحدة وبريطانيا للنظام الخليفي، فقد فشلت العائلة الخليفية في مشروعها الدعائي والسياسي خارج الحدود، وصدرت التقارير التي تدينها من جهات عديدة مثل الخارجية الامريكية والمنظمات الحقوقية المتعددة. وهي تستعد الآن لمنازلة كبرى في السابع من ابريل في جنيف لتضليل مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة ازاء الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان، وتبذر اموال الشعب لضمان ذلك.
اما البحرانيون المظلومون، فيسعون ايضا لطلب النصرة من الآخرين وهم يواجهون الارهاب الخليفي الذي يصل الى حد الابادة. ويسعى الاحرار من ابناء البحرين المظلومين لنقل قضاياهم الى خارج الحدود، رغبة في تدويل قضيتهم ومناشدة العالم للتدخل لنصرتهم في محاور ثلاثة: المحور الدستوري، والجانب الحقوقي لوقف التعذيب الرهيب المتواصل، ومشروع الاستيطان الذي يتضمن ابادة شعب البحرين الاصلي (شيعة وسنة). وقد نجح هؤلاء في جذب اهتمام المنظمات السياسية والحقوقية الدولية بما يجري في هذا البلد الذي ابتلي أهله بحفنة ظالمة لم تشهد مثلها عبر التاريخ، وهذا الاهتمام تعبر عنه التقارير المتواصلة التي تدين سياسات العائلة الخليفية في مجال حقوق الانسان والتمييز بين المواطنين على اسس عرقية ومذهبية، وفي مجال الحقوق المدنية، خصوصا في ظل غياب ممارسة ديمقراطية حقيقية. أهل البحرين نجحوا، ولله الحمد، في ايصال قضيتهم الى مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة في خطوة موفقة غير مسبوقة. ويستعد المدافعون عن حقوق الانسان لخوض المنازلة المقبلة بعزم وارادة وتصميم، معتمدين على الله، قاصم الجبارين، لهزيمة الفئة الظالمة. وثمة تطور آخر حدث في الاسابيع الاخيرة، وهو نجاح النشطاء البحرانيين في اقناع عدد من اعضاء الكونجرس الامريكي بمخاطبة جورج بوش وكونداليزا رايس مباشرة حول ما يجري في البحرين من اضطهاد منظم، وغياب كامل للمارسة الديمقراطية، والانتهكات المتواصلة لحقوق الانسان، خصوصا ما يتعرض له المعتقلون الحاليون وراء القضبان في غرف التعذيب الخليفية. انها المرة الاولى التي ينجح فيها النشطاء في ايصال صوت الشعب الى زعماء البيت الابيض الذين وقفوا، وما يزالون، مع نظام الاستبداد الخليفي الظالم.
وهكذا تمتد قضية الشعب وصراعه مع العائلة المحتلة الظالمة، عموديا وأفقيا، مدعومة من الله سبحانه، ناصر المستضعفين، وخاذل الظالمين. فالمنازلة بين دعاة الحق المظلومين ورموز الباطل الظالمين، ظاهرة تاريخية ومستمرة، وطالما انتهت بانتصار الدم على السيف، وهزيمة المعتدين والغاصبين والجائرين. نعيش مجددا اجواء النضال المتجدد الذي يتجاوز الحدود، ويسبر اغوار التاريخ. انه امتداد لجهاد الانبياء ضد الطغاة والظالمين، وهذا ما يدفع المزيد من المواطنين للانخراط في صفوف العمل التطوعي السياسي والحقوقي. فها هم يجوبون الشوارع في مسيراتهم واحتجاجاتهم المنظمة التي لا تتوقف. وها هي سواعدهم وقبضات ايديهم ترتفع في الهواء ضد الظلم والاستبداد والقهر والتوطين والابادة. يتحركون وعين الله ترعاهم، وقلوب المؤمنين تخفق بالدعاء لنصرتهم ضد أعداء الشعب من الجلادين والقتلة والسفاحين وسارقي اموال الناس واراضيهم. انه جهاد متواصل لدحر الظلم والعدوان والاستبداد والتضليل، غير محصور بساحة او زمان، بل نزال متواصل عبر الزمان والمكان، حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وينصر المظلومين، فالعاقبة للمتقين ولا عدوان الا على الظالمين.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
28 مارس 2008