Archive
Bahrain Freedom Movement
مشاركة في فعالية رمضانية بقرية الهملة – 26 سبتمبر 2008م هذا أحد الأمثلة التي يدور تدوالها للدلالة على بعض المعاني التي سوف نذكرها لاحقا ونسقط ذلك على واقعنا الحالي. لنسبر هذه القصة قليلاً كما تواترت في صور مختلفة كما ترويها الروايات المنشورة، ودعونا نستخلص القصة المشهورة لنرويها بطريقتنا.
يذكر في قديم الزمان في إحدى الغابات أو الأودية ثلاثة ثيران (بعض الرويات تشيرالى أربعة)- ثور أبيض وأحمر وأسود- كانوا أقوياء باتحادهم، لايجرأ أحد على منازلتهم أو الإعتداء عليهم، حيث كانوا من المنعة والقوة بحيث يردوا – متحدين- على اعتداء من أي من كان، حتى لو كان أسداً ضرغاما. استمر حالهم من السعادة والسؤدد والخير في الوادي الغني الذي كانوا يعيشون فيه، وقد غرتهم كثرتهم وقوة أجسامهم وراحة بالهم واطمئنانهم.
كان بجانب الوادي الذي يعيش فيه الثيران، أسد كبير السن كسول وهزيل، وكان يبحث عن الطعام، فوقع عينيه على الثيران الثلاثة، وهو يعلم بانه إذا حاول أن يتسثيرها، فإنها مجتمعة سوف ترده بقوة وتهلكه.
فكر الأسد المتغطرس كثيرا في سر قوة الثيران الثلاثة، وتوصل لقناعة أن السر يكمن في وحدتها وتضامنها وشد أزرها لبعض. وحتى يتمكن منها عليها أن يعمل على تشطير تلك الوحدة ويتعامل مع كل واحدة على حدة.
اقترب منهم وامتدح قربهم من بعض وثمن صداقتهم لبعض وتمنى بان يقبلوا به صديقاً لهم وأن يشترك معهم في الجيرة والمواطنة. تقبل الثيران الثلاثة تقرب الأسد وصدقوا ابتسامته الماكرة كلما بانت أسنانه أثناء الحديث والمسامرة معهم، ووافقوا على صداقته وأطمأنوا له بينهم.
وحينما سمع الأسد كلام القبول من تلك الثيران، وبينما ذهب الثور الأبيض بعيدأ عن أخويه مشغولاً بالأكل ومنشغلاً بمصالحه الخاصة وأشعة الشمس تسطع على جسمه الأبيض، اقترب الأسد من الثور الأسود والثور الأحمر وهو ينظر عن يمينه وشماله حتى لا يراه أحد، وحديثهما بصوت منخفض حتى لا يسمع الثور الأبيض. أمتدح الثور الأسود بالقوة والثور الأسود بالشجاعة، وأخبرهما بان لديه سراً خطيراً تتوقف عليه حياتهما وحياة بقية حيوانات الغابة. أندهش الثوران من حديث الأسد وشد انتابهما واستفسرا عن السر بلهفة عن ذلك السر الخطير. فقال لهما بان يلاحظا الثور، وكيف أنه شديد البياض، وملفت للنظر ومغري للأعداء والحيوانات المفترسة التي لن تألوا جهداً للإنقضاض عليه وعلى من في الغابة. نظرا الثوران – الأسود والأحمر- الى أخيهما الأبيض وهو منشغل بنفسه وبياض جسمه الفاقع يشد العيون، وبدت عليهما علامات الدهشة وظلا ينظران لبعضهما البعض، واقتنعا بفكرة الأسد.
من هلع الثوران وخوفهما على نفسيهما وعلى مصالحهما الخاصة، أسرعا للأسد بالإستفسار عن الحل، فعاجلهما بالحديث بان لديه الحل،ولكنه يخاف بان يسيئا فهمه وهو يريد المصلحة العامة وبأن يدفع الخطر عن صديقيه- الاسود والأحمر وبقية حيوانات الغابة. فطمئناه بانهما سوف يتفهما، وما عليه إلا أن يطرح الحل. فقال الأسد: الحل في أن نتخلص من الثور الأبيض لأنه مصدر خطر علينا جميعاً.
إندهش الثوران في بادئ الأمر على هذا الطرح، ونظرا لبعضهما البعض، فواصل الأسد في حديثه بانه قال ما عنده وأن نيته المصلحة العليا والحفاظ على وطن الجميع. وسكت وحاول أن يتظاهر بأنه ماض في حاله. لحقه الثوران وقالا له بانهما مع فكرة حماية الوطن والغابة وانهما مستعدان للتخلص من أخيهما من أجل المصلحة العليا.
ابتسم الأسد وطيب خاطرهما وقال لهما بانه يعز عليه أن يفكر بهذها الطريقة، ولكن للظروف أحكام. انقض الأس على الثور الأبيض، بينما هو في غفلة من أمره، وسمع أخاه الثوران صراخه واستغاثاته، ولكنهما تظاهرا بانهما مشغولان بالأكل، وتنكرا له. أحس الثور الأبيض بغدر أخويه وباستضعافه، ولكن قد فات الفوت وأكله الأسد وقضى نحبه محتسباً.
مضت الأيام، ولم يبق في الغابة من الثيران إلا الأسود والأحمر، بعد ان افترس الأسد أخوهما منذ أيام، وترك عظامه ماثلة للعيان، ولكن ذلك لم يكن عبرة.
في ذات يوم وعندما اشتد الجوع بالأسد مرة أخرى، لاحظ الأسد أن الثوران يأكلان الطعام في مكانين بعيدين عن بعضهما البعض، فاقترب من الثور الأسود وأحسن مخاطبته، وسأله عن أخيه الثور الأحمر. فرد عليه بأنه يأكل في الغابة. فقال الأسد للثور الأسود، بانه يحزنه حاله – أي بان الأسد يحزن لحال الثور الأسود). فتعجب الثور من كلام الأسد ورد مستفسراً عن ذلك. فقال له الأسد بأن جسمه نحيف مقارنة بالثور الأحمر الذي يمتاز بقوة الجسم وكبره، لأنه لا يأكل إلا من العشب الأخضر الطري، ويترك لأخيه الأسود العشب الرديء. وقال الأسد: أظنه أقوى منك وقد سمعته يتباهى بقوته، كما أنه يحتقرك لأنك قبيح اللون، بينما لونه الأحمر قريب من لون الحيوانات الأخرى.
رد الثور الأسود بغض، هو قال ذلك؟ أكد الأسد له ذلك، فما كان من الثور الهائج، إلا أن قال للأسد، سأريك اليوم من هو الأقوى والأشجع. انطلق الثور الأسود باتجاه أخيه الثور الأحمر، ودون أن يعلم الأخير ما هي القصة، فاجأه بضربة من قرنه، فغضب الأحمر وبدأ العراك بينهما أمام ناظري الأسد الذي بدا يتفرج على مقاتلة الأخ لأخيه. اشتد القتال بين الثورين حتى سقط وقد غطت جسميهما الدماء من أثر الجراح وأحسا بالوهن والضعف.
استنجد الثور الأسود بالأسد قائلا له: انصرني يا صديقي، وطبعاً لم يجد الأسد فرصة احسن من هذه، فهجم على الثور الأحمر والتهمه.
بعد يوم أو أكثر، وفي حين يعاني الثور الأسود من جراحاته التي لم تندمل بعد، جاء الأسد، وهو يبتسم له، وقال له جاء دورك. وقال له أيضاً: “بالأمس كنتم أقوياء لأنكم متحدون ويحب أحدكم الآخر، أما اليوم فقد ذهبت قوتكم لتفرقكم واختلافكم، فأصبحتم فريسةً سهلة لأعدائكم”.
أجهش الثور الأسود بالبكاء، وهو يدرك الخطأ الذي وقع فيه هو وإخوته، وقال مقولته الشهيرة: “لم أؤكل الآن ولكني – أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض”.
العبرة:
أحببنا أن نسهب قليلاً لنعيش جو القصة، جو المؤامرة التي قام بها الأسد، وهو يفترس الأخوان الواحد تلو الآخر، وأمام مرأى ومسمع ورضا كلا منهم. لقد أكلهم جميعاً بعد ان أقنعهم بأن كلا منهم أصبح خطراً على سلامة و”مصلحة الأخر” وسمح لعدوهم القديم أن يقدم حلوله المهلكة بعد أن أقنعهم بأنه صديقهم.
الإسقاط على الواقع:
بلاشك فإن هذه القصة والعبرة منها يمكن اسقاطها على العديد من القضايا والعلاقات، ولكنني سوف اختزلها في قضية واحدة فقط هي قضية الإستيطان.
ونحن مطمئنين بأن هذا المشروع الإجرامي الذي يقوده الديوان لم يكن يتحرك بالوتيرة التي تحرك بها، والصراحة في تنفيذ برامجه لم تكن لترى النور لولا ان اطمئن النظام من سكوت البعض بل ودخل البعض الأخر شريكاً متحمساً لتحقيق المراد.
والمتصفح لتقريري البندر الأول والثاني، يرى بكل بساطة دخول أكثر من تيار على خط دعم مشروع تغييرالتركيبة السكانية من خلال جلب المرتزقة وتوطين آخرين في البلاد، بالرغم من القناعة لأصحاب ذلك التيار بأنه لا يمكن شد الظهر بأولئك الموطنين، إذا ما دعت الحاجة لذلك خصوصاً في وقت الضيق. أولئك الموطنون جاءوا ورضوا بان يدخلوا اللعبة بعد أن رأوا المردود المالي والمعنوي الذي يحصلون عليه، وتقديمهم على المواطنين الأصليين في البلد (من الشيعة والسنة). وهم مستعدون للمشاركة في جريمة التغيير الديموغرافي والتضييق على أصحاب الأرض الأصليين ما دام ذلك في رضا النظام وحمايته وما دام مجموعة من الإنتهازيين السياسيية متقدمين الركب.
وخطابنا ليس لأولئك الذين دخلوا اللعبة بكل وضوح وصراحة، وأسماءهم كما جاءت في تقرير البندر الأول من خلال المخطط لخلق الفتنة الطائفية. أولئك الذين استلموا الشيكات بالملايين ووهبوا الأراضي وأعطيت لهم المواقع والوظائف التي تعود عليهم وعلى أحزابهم وجماعتهم بالمردود المالي. لأولئك حساب آخر، حيث سيقف الشعب منهم الوقفة المطلوبة في يوم ما، كما إن الله لهم بالمرصاد ولو بعد حين، وحينها لهم الحساب من قبل رب العزة والجلالة رب العالمين.
خطابنا للعموم من أفراد الشعب، من السنة قبل الشيعة، بأن يعوا بألا يستفرد النظام بإخوانهم من الشيعة الذين ثبت التاريخ بانهم لبعض ومع بعض، كانوا ولا زالوا يحمون تراب هذا الوطن وقلوبهم تحن على بعض، مهما أشتدت الأزمات. النظام ليس سنياً وليس شيعيأ، ومستعد للتعاون مع الصهاينة اليهود ضد مصلحة شعب البحرين، دون مراعاة لعقيدة ومبادئ وقناعات هذا الشعب التي ضحى من أجلها. وما لقاء الشيخ حمد في الصيف الماضي مع الجالية اليهودية في لندن وعرضه عليهم بدعم منظمتهم في أنشطتها المستقبلية وأيضا عرضه للجنسية البحرينية ما يؤكد مقولة بان النظام لا يأبه لهذا الشعب الأبي بطائفتيه الكريمتين، السنة والشيعة.
وجاء دور البندريين في العمل على تخويف المواطنين السنة من أبناء هذا البلد العزيز وتطمينهم في ذات الوقت من أن مشروع الإستيطان جاء لمصلحتهم ولحماية مستقبل أولادهم وضمان عدم تغيير الوضع المحلي. من جانب أخر، زادت العطايا للعديد من العوائل بغية كسب سكوتها وضمان دعمها للمشروع الإجرامي.
ونشير الى أن المردود السلبي القريب الان قد بدأ يحس به ويحترق به أخوتنا وأحبتنا المواطنين السنة، جاء ذلك في المناطق التي بدأ النظام يوطن أولئك ويمنحهم السكن، في مدينة حمد، في الرفاع، في المحرق، في البسيتين، في عسكر وفي مناطق أخرى، حيث يتعرض أولئك المواطنين الأخوة للمضايقات والإعتداءات بحكم القربى والوصل بينهم وبين أخوتنا السنة.
وقد زاد الطين بلة، حينما يتم تفضيل أولئك الموطنون الغرباء على بعض أخوتنا في وزارات الدولة، في قوة الدفاع والحرس الوطني والداخلية، ونشير الى ان بعض العوائل البحرينية التي كانت تنعم بسكن على حساب الحرس الوطني قد تم طردها وحرمانها من ذلك السكن وذلك من توفير السكن للبحرينين الجدد. ولو كشف الغطاء، فإن القضايا اكثر. وهناك القصص الكثيرة في الإتحادات الرياضية وقضايا منح اللاعبين الموطنين المزايا والفرص على حساب أبن هذا البلد. أما آخرها، فأن يصل ممثلاً للشعب عبر المجلس المنتخب- مع تحفظنا وملاحظاتنا عليه- من الذين جاء بهم النظام للمشاركة في جريمة الإستيطان وهي جريمة ضد الشعب البحريني وضد الإنسانية.
ما يحدث من تقديم المجنسين من فرص الإبتعاث للخارج والإبتعاث على حساب المواطنين، حتى من أبناء أخوتنا السنة، هو أمر يندى له الجبين.
والرسالة التي نريد توصيلها بان النظام لا يهمه مصلحة السنة، ولايهدف لحماية مستقبل أولادهم، بل لا يعير ذلك أي أهمية. فليعش سنة مدينة حمد والرفاع والمحرق والبسيتين وبقية شعب البحرين، في ضيق العيش وليعيشوا بحسرتهم وهم يرون ثروة بلدهم، التي هم أولى بها، يبذرها النظام على من يرتجي منهم الولاء والحماية، ومن يعتقد بانهم سوف يقفون الى صفه إذا لزم الأمر.
المواطنون البحرينيون الأصليون من الشيعة والسنة في قارب واحد، وإن النظام يتلاعب بالأوتار الطائفية ليفرق الأخ عن أخيه، ويثيره عليه، ليضعف الجميع دون استثناء، بل ويقضي على الجميع كما فعل الأسد الماكر مع الثيران الثلاثة، فهل نحن واعون لمخطط النظام الإجرامي؟ وهل سنفوت الفرصة عليه من خلال اتحادنا وتوحدنا في المطالبة جميعا- السنة والشيعة- في المشاركة في صنع القرار والتوزيع العادل للثروة؟ أدعو الله أن يتحقق ذلك ببركة هذا الشهر الكريم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته