Archive

Bahrain Freedom Movement

الدرس البائس:

نحن مستوعبون بشكل جلي الدرس التاريخي المتكرر في مناخات القمع، ولعل من أهم عناوين هذا الدرس ما يلي:

أولاً : إن الأنظمة القامعة بعناصرها ومركباتها لا تتخلى طواعية عن غرائزها المتسلطة، بل تستشرس وتسخر كل مخالب المكائد وأنياب الترهيب من أجل أن لا تفقد خصائصها، أو تخسر بعضاً من ركائزها، وبالتالي سيبقى النضال عسيراً وطويلاً ومحفوفاً بالالتفافات والمزالق . ولعل تقسيم الدوائر الانتخابية إلى دوائر عديدة ضمن حسابات طائفية واضحة، بهدف فرض تشكيلة برلمانية ضعيفة ذات صبغة طائفية من جهة وموالية للحكومة من جهة أخرى، كما أن تقرير البندر قد كشف وبوضوح عن نهج وخطط ومؤامرات بضلوع بعض أجهزة وعناصر الدولة، من ضمن غاياتها إشعال النار الطائفية، وخلخلة الوضع الديمغرافي للوطن، وإسقاط المعارضة الوطنية، مثل ما عبر بوضوح أحد رجالات مجلس الشورى!

ثانياً: تثبت هذه الأنظمة أن رفع راية الديمقراطية ليس خياراً استراتيجياً أو منهاجاً مستقبلياً، ولا يتعدى كونه تكتيكاً وتجريباً لأشكال أخرى في إبقاء الحال على ما هو عليه من المشكلات، بل ربما يتعدى ذلك استغلال الزفير الديمقراطي بهدف شرعنة وتقنين ما رسمه القمع والتسلط! ومن يستطيع أن يقنعنا بغير ذلك عليه   وأن يبرهن على أن قبة البرلمان تمثل الشعب تمثلاً غير منقوص النصف، وأن القوانين والأنظمة التي صدرت كقانون 56، وقانون المطبوعات، وقانون الإرهاب هي قوانين تنتمي للحرية والديمقراطية!

ثالثاً : مازالت الدولة ثيوقراطية، وان تحالف الدولة مع وعاظ السلاطين مازال قوياً ويتقاطع في مناطق وخطوط كثيرة من المصالح، حيث تصبح الغنيمة مشتركة لكلا الطرفين ! وقد تجلى ذلك في قيام الدولة بتحريك بعض خطباء المساجد في فترة الإعادة الانتخابية، وإرسالهم إلى مدينة المحرق ليقوم هؤلاء الخطباء والمحسوبون على أطراف سياسية ضمن الانتخابات باستغلال الشعارات الدينية وبمنطق الترهيب والترغيب، ليوجهوا الناخبين جهة معينة ويقوموا في ذات اللحظة بالتشهير في شحصية وسلوك مناضلي الخط الوطني المافسين، وقد كافأتهم الدولة بأصوات كتلة الجن التي لا ترى!

رابعاً : يثبت بعض المتدينين من تيارات وأفراد أن الدين يمكن استغلاله بصورة مريعة، حيث أمام المصلحة الطائفية أو الفردية، من اليسر هرس قيم النزاهة والورع والصدق والأمانة تحت عجلات الغنيمة، وإعلاء قيم الغيبة والنميمة والرشاوى والكذب والتزوير .. إلخ . وهنا يصبح الدين قناعاً ومطية، وربما هذا ما أفصحت عنه بعض سيناريوهات وأحداث ونتائج   الانتخابات الأخيرة . وهناك دلائل كثرة في ذلك مثل اعتبار الخيام مراكز لرشاوى الناخبين عبر الأطعمة المختلفة التي تنتهز حالة الفقر وحالة قلة الوعي وحالة البعد الثقافي المبني على أن الشخص الوفي لا يمكن أن يعض اليد التي امتدت له بالمعروف (المشويات)، أو أن المرشح والناخبين قد أكلوا معاً عيشا وملحا، وهذا ما يجعل الناخب يشعر بالامتنان ! كما أن الكثير من الخطب داخل الخيام وخارجها، وأن الرسائل الهاتفية، لا هدف لها سوى شتم المعارضة والكلام في سمعتها الشخصية!

خامساً: إن الشعوب مهما مورس عليها من نكال وتنكيل، ومن تعمية وخديعة، ومهما أخضعت لمحاولات تدجين أو تفكيك طائفي’ فهي وفي الزوايا والمنحدرات التاريخية قادرة على نفض هذا الغبار، وعلى الوقوف مع حريتها ومصالحها وحقوقها، وقادرة أن تشير بسبابتها إلى الفساد والمتسببين فيه، وأن تطلق حناجرها جهراً ضد المتسترين بعباءة الدين ولعل ما حدث في مشوار هذه الانتخابات يبقى عبرة لمن يتغذى على الوهم ! وخير شاهد على ذلك هو الاستقطاب الذي حصل عليه برنامج   ومرشحو وعد ، والذي كشفته خيامهم الممتلئة  دائماً بالناخبين وأكدت عليه نتائجهم في صناديق الاقتراع ! هذه الأصوات التي لم تلتفت إلى الوعد والوعيد الذي مارسته السلطة ووعاظ السلاطين، والتفتت إلى وعيها وصدقها   ومصلحة الوطن!

سادساً : تعمل الأنظمة الكارهة للديمقراطية والتغيير على استبعاد المرأة من الحراك السياسي، باعتبارها قوة هائلة يمكنها أن تقلب معادلات الحراك السياسي والثقافي! فهذه الأنظمة توظف الموقف العدائي للبطانة الدينية ووعاظ السلاطين من المرأة، خاصة وقتما ترى أن هذا الكائن قد كسر الكثير من أغلاله، وأظهر الكثير أيضاً من مهاراته وقدراته الفكرية والثقافية والسياسية والعلمية، واخذ يسقط مقولات ومفاهيم الاستبداد التي يحاولون تقميطها بها، مثل : المرأة ناقصة عقل ودين ! – لا ينجح قوم ولّوا عليهم امرأة !- والمرأة للمنزل فقط ! … وهناك العديد من هذه المقولات والمفاهيم التي تختزنها صناديق الهيمنة ! ومن أهم الأدلة على الموقف الكاره للمرأة هو ما تعرضت له المرشحة مريم الرويعي من مضايقات خاصة في اعتقال مدير حملتها بتحريض من المنافس الذي وظف هذا المدير ذاته في الانتخابات السابقة! وأيضا المرشحتان فوزية زينل، والدكتورة هدى المطاوعة اللتان تعرضتا مع مريم الرويعي إلى سيل من المضايقات والتشهير الذاتي بتوظيف الحناجر المستغلة لقيم الدين ! وحتى ينفى النظام عن سلوكه ضد المرأة هذه الريبة عمل على تفويز إمرأة بالتزكية وهي النائبة لطيفة القعود!

سابعاً : مازال المحرك الذي تعتمده انظمتنا الكارهة للحرية والديمقراطية هو مثلث العقيدة والقبيلة والغنيمة، وإذا كان توظيف الاصطفاف القبلي ضعيفاً نسبياً بحكم طبيعة المجتمع البحريني، فإن ضلع العقيدة   لم يعبر عنه من خلال استخدام المقارعة بالحجة والمجادلة بالأحسن وإبراز قيم  النزاهة والمصلحة العامة ومصلحة الوطن، والصدق، وإنما عبر عنه طائفياً، أو سلوكاً تشهيريا وتحريضياً ونميمة وغيبة، وهذا ما فضحته شاشات الهواتف النقالة في رسائلها! أما ضلع الغنيمة فهو الأكبر والذي بنى عليه المتحالفون ضد المعارضة والناس استراتيجيتهم وتكتيكاتهم، فالغنيمة هي هدف الكثير من المترشحين الذي رأوا أن فوزهم بالمقعد النيابي سوف يحقق لهم مكاسب مالية وسلطوية، وتستحق هذه الغنيمة أن تسخر لها الرشاوى والموائد الليلية ! وهذا المثلث هو مستوطن الفساد ومقتل الديمقراطية!

ثامناً: إن من أخطر ما تواجه الديمقراطية طيلة حراكها هو النظام العسكري وسلوكياته المبنية على أولوية الأوامر وطاعتها مهما كان نوعها وعلى مصادرة أصوات وحقوق أفراده ومنتسبيه! فكيف لمؤسسة غير ديمقراطية أن تمارس الديمقراطية أو تدعمها، خاصة في غياب مراقبة قوية ! ولأن المؤسسة العسكرية مبنية على نظام صارم هو تنفيذ الأوامر فإن الكثير من الأنظمة الديمقراطية تستبعد تصويت العسكر، كتعبير عن حيادية النظام وخوفاً من استغلالهم في توجيه المسار الانتخابي! ولكن هنا لم يتم الاكتفاء بالسماح لافراد المؤسسة العسكرية بالتصويت,غنما نقلوا في باصات عسكرية نقلاً جماعياً، كما أن الكثير من الأخبار تم تداولها بشأن الأوامر التي أعطيت للعسكريين ولأفراد أسرهم بضرورة التصويت لأفراد معينين!

الدرس الجديد:

فسحة قليلة للنور ويهرب الظلام، فبالرغم من أن الدولة ووعاظ السلاطين كانوا اللاعبين المتوحدين في الملعب منذ ما يقارب الثلاثين عاماً، حيث كل الإمكانات مسخرة لهم لحرث المجتمع بالعقم وسلب إرادته، وتزوير وعيه، وعلى الرغم من صغر الفسحة التي اقتطفها الشعب بفضل نضاله وانتفاضاته المستمرة، وإرغامه على التعامل مع ديمقراطية منقوصة دستورياً ونيابياً، وعلى رغم من الإجراءات والاحتياطات التي تمترس خلفها النظام ووعاظ السلاطين الذي لا يمثلون الدين، فإن ما أحدثه الحراك الانتخابي، خاصة مع مرشحي تنظيم (( وعد )) قد أحدث إرباكاً وخلخلة في توقعات النظام والمنافسين يصل إلى مستوى الهزيمة النفسية، كما أحدث أيضاً انفتاحاً فاض على توقعات المعارضة، وهو بذلك ترك دروساً ناصعة من المهم دراستها واستلهامها للحاضر والمستقبل، وربما من هذه الدروس ما يلي:

أولاً : إن التنظيم السياسي لا يقاس حراكه بعدد أعضائه المنتسبين، وإن كان هذا مهماً، وإنما من الضروري أن يمتلك التنظيم كوادر قوية ومتمرسة ومحترفة أيضاً، متمكنة من إدارة الحراك وإشعال فتائله، بالاعتماد على برنامج قوي وواضح وقادر على التعبير عن مطالب ورغبات الناس واستقطابهم الناس ! وربما هذا ما ساعد تنظيم وعد في الحملة الانتخابية على الإبحار عميقاً بوتيرة متصاعدة وكسب خارطة الحراك السياسي في زمن قياسي، مما أدخل رعباً حقيقياً في قلوب من هاجموه ونصبوا الكمائن له!

ثانياً : سقوط مقولة الاستقلال في المواقف السياسية المنطلقة من محاولة إعلان براءة وهمية من التاريخ السياسي، ومحاولة الحصول على طهرانية المحايدة! فلا يمكن أن يكون هناك مكان لمن يطرح نفسه مستقلا ودون هوى سياسي واضح يحدد توجهاته وأهدافه ! فهذه المقولات مهما كانت دوافعها ومبرراتها قد ذبلت وسقطت في   المشهد الانتخابي الذي أظهر أن التحالفات والانحيازات والتجاذبات والاستقطابات هي المفاهيم الفاعلة، وبالتالي يجب مراجعة مقولة الاستقلال من جديد، انطلاقاً مما أفرزه الحراك الانتخابي!

رابعاً :إن الشعب البحرينيني بحكم تاريخه النضالي الطويل والشرس، وبحكم خبرته بأساليب القمع والفساد وسلوك البطانة الدينية، وبحكم واقعه المعيشي المنتقل عبر منحنى الانحدار بتآكل الطبقة الوسطى وتوسع خط الفقر، ورغم ما مورس عليه من تجييش طائفي ومن بهتان ومن تخريب فإنه وفي لحظة النهوض لم يخن تاريخه أو يتنصل لمستقبله ولكنه تحرك باتجاه البرنامج الذي يرى فيه ظله وباتجاه الرموز التي يجد فيها صوته، فتقاطر على الخيام التي ينشد الصدق فيها، واستفز طاقته الوطنية، مما أربك   توقعات وخطط ( مؤسسة البندر ) ومنشدي الغنيمة! وهذا ما بينته حشود الناس في خيام (وعد ) وأفرزته نتائج الانتخابات، بالرغم من نقص الشفافية، وقبل تدخل المراكز العامة، هذه المراكز الاحترازية!

خامساً: لا أعتقد أن أحداً من مؤيدي دخول الانتخابات من ( وعد) قد أشار إلى أن عملية الدخول بحد ذاتها، وبعيداً عن النتائج سوف تقوي ظهر وعد وتزيد من جماهيريته، ولكن وبفعل البرنامج القوي، والرموز المتمكنة في حضورها وكرازميتها وخطابها، واللجان الفاعلة، تمكن هذا التنظيم أن يحدث نقلة نوعية في المشهد السياسي، ويقلب التوقعات من كل زاوية، فيصبح من أقوى الأحزاب صيتاً وثقة، وتمكن خلال زمن قليل أن يرمّم الكثير من الخراب الطائفي، وأن يعري سلوك الغنيمة والمتاجرة بأحلام وأماني الناس، ولو لا تدخل مراكز العناية لربما انهار العديد ممن انعشوا، مثلما تلاشى الآخرون من الغانمين ذاتياً.

سادساً : برغم المعوقات المتراكمة في طريق المرأة نحو التغيير، وبرغم الحرب الضروس التي شنت حولها من قبل أعداء التغيير بتوظيف كافة الوسائل التي لا ترقي إلى مستوى التحضر، فإن ما حدث في الحراك السياسي الانتخابي المتعلق بالدكتورة منيرة فخرو قد أسقط الكثير من الحواجز والتابوهات التي تحاصر حضور المرأة السياسي، فالأداء المتميز لهذه المرأة التي صدحت بخطاب علمي يكنس الطائفية ويدعوا إلى ملاحقة الفساد، معتمدة على برنامج شجاع وشفاف، نجح في استقطاب الشعب دون تمييز، بصورة لافتة أربكت الأطراف المتربصة إرباكاً شديداً جعلها تخرج عن القيم المتحضرة ويلوذوا بالسباب والشتائم والغيبة، والرشاوى!

سابعاً : أثبت الحراك الانتخابي ونتائجه أن مبدأ التحالفات السياسية، هو مبدأ مهم، خاصة وقتما تتكون قواسم  وأهداف  مشتركة . وأثبت التحالف القائم بين  تنظيم وعد وتنظيم الوفاق على الرغم من إخفاقاته الضئيلة، أثبت أنه ساهم بدور واضح في رفع نغمة الخطاب الوطني بدرجات أعلى من التنغيم الطائفي، وأن من كان يعتقد أن تنظيم وعد هو الذي استفاد من الوفاق فقط عليه أن يعيد قراءة الحراك ليكتشف أن برنامج وعد ونوعية خطابها ساهما في إغناء الخطاب السياسي للوفاق وكوادرها وأنصارها، وهذا ما يخطئ المقولات التي يرددها البعض باعتبار بأن هذا التحالف قائم على الهيمنة والتبعية!

ثامناً : ربما الالتفات إلى روح العصر وأساليب خطابه المتنوعة، يكون أحد العوامل التي رفعت من مستوى ووتيرة نجاح الحراك السياسي، وخاصة عندما توظف هذه الإمكانات بروحها الحضارية، فاختيار تنظيم ( وعد) لشعار التغيير كتابياً معبراً عنه بصرياً باللون البرتقالي كأيقونة دالة عليه قد وسع من دائرة الخطاب ووضوحه، وميزه عن الخطابات الأخرى، فاللون البرتقالي بفعل ما يمتلكه من دلالة للتغيير كونه لون شروق الشمس وغروبها أيضاً وهنا تكمن دلالة الحركة والتحول، كما أن   قوة حضور هذا اللون بصرياً من خلال إشعاعه تجعله يهمش أو يحيّد الألوان التي تقترب منه، وهون لون يتجاوب سريعاً وبوضوح مع أي مقدار قليل من الضوء ولهذا هو لون للحماية من المخاطر يستجير به من يعمل أو يتواجد في الشوارع أو المناطق الخطرة وخاصة ليلاً ! وهذا اللون قد أضاف لحضور وعد، وفي موازاة ذلك كان استخدام عناصر وعد لرسائل الهواتف النقالة مفيد جداً خاصة وأنهم أرسلوا خطابات متوازنة مضادة للخطابات المحملة بفيروسات الطائفية والتشهير!

تاسعاً : حتى  ولو كانت فترة السجال الانتخابي قصيرة مما لم يتح للقوى المشاركة بالاستعداد والتحضير الكافيين، فإن ما ترشح عن هذا السجال كشف عن رؤى مهمة منها أن التيار الديني السلفي التكفيري الذي يكفر من يختلف معه، ويتصرف باعتباره الفرقة الناجية من النار، ورغم الإمكانات المتاحة له طيلة زمن ليس بالقليل فإنه بدا وكأنه خارج الزمن ولم تشفع له العطايا الخيرية التي كان يقدمها لكسب عقول وتفكير الناس، بل ظهر متناقضاً مع خطابه المنبري وما يصدح به في الجوامع من أهمية الالتزام بقيم الدين من نزاهة وعدل وأمانة وقول الحق حتى على نفسه، وتبدلت هذه القيم بنقيضها طمعاً في الغنائم الصغيرة، ولعل هذا التناقض الصارخ ما بين القول والسلوك هو ما جعل الكثير من المخاطبين ( بفتح الطاء) يبحث في صدقية مقولاتهم وتطبيقاتها! وما أفرزته الانتخابات بين الفرق الشاسع ما بين المصالح العامة والمصالح الذاتية، كما قدم مؤشراته بشأن ضعف الأرضية التي يقف عليها خطاب الغنيمة!

عاشراً : لا يمكن للحراك السياسي أن يدخل المضمار ما لم يكن الشباب هم الدينمو القادر على دفع عجلات التغيير، ولقد أظهر الشباب حضوراً نوعيا له دلالاته، وبالتالي من المهم جداً أن ينخرط الشباب في سباق التغيير لأنهم هم حملته الافتراضيين، وهم القادرون على إحداثه بما يتمتعون به من حيوية ونشاط فكري وبدني!

حادي عشر: كشفت لنا الانتخابات عن ضعف وهشاشة بل غياب مؤسسات المجتمع المدني وخاصة المؤسسات الضاغطة كالنساء والعمال والطلبة والمعلمين ..,. إلخ، فعندما يكون المجتمع معافى ويمتلك مؤسساته الضاغطة يكون فعل التغيير أشد وأسرع، حيث أن هذه المؤسسات لا تكون أبداً بعيدة عن الحراك السياسي وخاصة لحظة الاستحقاقات الكبرى كالانتخابات النيابية!

ثاني عشر : إن ما أفرزته فترة الحراك الانتخابي ونتائجه أثبت أن مؤسسات المجتمع المدني وخاصة المسؤولة عن مراقبة نزاهة الانتخابات، مازالت أضعف من أن تسيطر على التجاوزات العديدة التي مورست أثاء الحملات الانتخابية أو أيام التصويت مثل ، تمزيق صور المرشحين، واستغلال المنابر، والتجنيس السياسي، وشراء الأصوات، والتشهير. فهذه المؤسسات مازالت ضعيفة الخبرة وإمكاناتها قليلة وضعيفة، ومحدودة الصلاحيات. وربما لهذه الأسباب لم تستطع هذه المؤسسات أن تتعامل مع   المؤشرات الكثيرة التي أثرت على مصداقية ونزاهة العملية الانتخابية!

ثالث عشر: إن عملية التجنيس السياسي قد انكشفت أهدافها التي تمحورت في الاستغلال السياسي للحكومة وللمدافعين عنها في عملية إسقاط ممثلي المعارضة، وإذا كا هذا الهدف هوهدف تخريبي للديمقراطية في هوية الصناديق، فإن خطرها الأقسى سيكون مدمراً وبالأخص في تنمية الطائفية والإرهاب، وهذا ماسيفرزه المستقبل من خلال:

1-            إن ضرب الديمقراطية بعملية التجنيس القسري وتحريفها وتزييفها وجعلها مشكلة بحد ذاتها، هو تغليب لفكر الفوضى!

2-            إن الديمقراطية كانت مطلباً لوضع الحلول للمجتمع ولبناء الدولة والمواطن بناء جديدأ، ولكن تعطي عملية التجنيس هذه   مؤشرات على نوع المواطن المستقبلي، هذا المواطن القادم من مجتمعات الفقر، المواطن الأمي، المواطن الذي لا يتكلم اللغة العربية ولا يعرف ثقافة المجتمع، سيكون عبئاً وثقلاً يساهم في انحدار الدولة.

3-            إن اعتماد الدولة على مجنسين فقراء وأميين منحدرين من بيئات فقيرة وبيئات حاضنة للتنظيمات والخلايا الإرهابية، خاصة وأن عملية التجنيس هذه تتم بطريقة عشوائية، فإن خطر تسرب وتغلغل خلايا إرهابية نائمة ومن ثم نموها هو احتمال كبير!   ولهذا من يستطيع أن يقنعني أن الدولة التي تحاول أن تشرع ضد الإرهاب، تتغافل عن هذا الاحتمال المرعب!

هذه بعض المشاهد التي رشحها الحراك السياسي الانتخابي، والتي يكون من الأجدى أن تتم دراستها بتمعن لتعزيز ما هو إيجابي وتنقيته من شوائب القصور، ومحاربة ما هو سلبي ومعيق للوحدة الوطنية وللتغيير السياسي والحراك الديمقراطي، وهناك أيضاً الكثير من الدروس والعبر التي يراها الآخرون ومن المفيد عرضها وتدارسها لتعم الفائدة.

Show More

Related Articles

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

Close