Archive
Bahrain Freedom Movement
الانتخابات البحرينية… تحت المجهر! * عمار تقي http://www.alraialaam.com/24-11-2006/ie5/articles.htm#4 شهدت مملكة البحرين منذ العام 2001 انفراجاً سياسياً نسبياً بعد إعلان الدولة عن مشروعها الإصلاحي الجديد الذي دشنه الملك حمد بن عيسى، والذي تمثل في عودة الحياة البرلمانية والعفو الذي صدر بحق سجناء الرأي وإلغاء العمل بقانون الطوارئ, الأمر الذي شكل نقلة نوعية في المملكة الصغيرة بعد الأزمة الخانقة التي عاشتها البحرين في التسعينات من القرن الماضي. ومنذ العام 2001 والساحة البحرينية تموج بأحداث وتطورات متلاحقة ومتسارعة كان أبرزها التعديلات التي طرأت على دستور العام 1973، والتي أدت إلى احتجاجات شعبية واسعة أفضت إلى مقاطعة مجموعة من كبريات الجمعيات السياسية ذات التاريخ النضالي والسياسي العريق للانتخابات البرلمانية التي جرت في العام 2002, وهو ما أثر سلباً على العملية الانتخابية آنذاك وعلى المشروع الإصلاحي الذي روجت له السلطة!اليوم وبعد مرور أربعة أعوام على ثاني انتخابات برلمانية في تاريخ البحرين، ومع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية الثالثة, نجد أن الأجواء السياسية والانتخابية تختلف هذه المرة عن سابقتها بعد أن قررت الجمعيات السياسية المعارضة الموافقة على المشاركة في الانتخابات النيابة التي ستجري في الخامس والعشرين من الشهر الجاري, والجمعيات هي: التجمع القومي الديموقراطي, العمل الوطني الديموقراطي, وجمعية الوفاق الوطني الإسلامية التي تعد الجمعية الأكبر من بين الجمعيات السياسية في البحرين قاطبة.ورغم قناعة الجمعيات السياسية المعارضة بأن العديد من الصلاحيات الدستورية تم انتزاعها من المجلس النيابي بحزمة من القوانين التي تمنع (عملياً) أي عضو أو كتلة, إقرار أي قانون أو اقتراح من دون موافقة الحكومة! لكن يبدو أن الجمعيات المعارضة توصلت إلى قناعة بعد نقاشات وسجالات طويلة طوال الأعوام السابقة, مفادها بأن المشاركة السياسية والدخول إلى البرلمان ستكون أجدى نفعاً من البقاء خارج السلطة التشريعية! جدير بالذكر أن المجلس النيابي في البحرين هو جزء من المجلس الوطني الذي يتكون بحسب الدستور المعدل في 2002 من مجلسين, الأول مجلس الشورى وعدد أعضائه أربعون عضواً يتم تعينهم من قبل الملك, والثاني المجلس النيابي، وهو مجلس منتخب من الشعب وعدد أعضائه أربعون عضواً. وفي لمحة سريعة على إحدى مواد الدستور نجد أن الصلاحية الأهم في المجلس النيابي، والمتمثلة بمادة الاستجواب مكبلة بقيود وثيقة لا يمكن معها تفعيل هذه المادة بشكل كامل! فصحيح أن الدستور البحريني «المعدل» ينص على أنه: يجوز استجواب أي من وزراء الحكومة (عدا رئيس الوزراء) بناء على طلب موقع من خمسة نواب, إلا أن المعضلة تكمن في حال وصل الاستجواب إلى مسألة طرح الثقة في الوزير! هنا تكمن المشكلة، وهي أن طرح الثقة بالوزير لا يتحقق إلا إذا قرر مجلس النواب بغالبية ثلثي أعضائه التصويت مع طرح الثقة, وهو أمر شبه مستحيل إذا ما علمنا أن كتل المعارضة مجتمعة لن تحصد نصف مقاعد البرلمان المقبل لأسباب لا يتسع المجال لسردها!عموماً, لن نغوص أكثر في تفاصيل المشهد البحريني سواء من جهة صلاحيات المجلس النيابي أو من جهة الاسباب والتداعيات التي أفضت إلى قرار الجمعيات السياسية المشاركة في العملية الانتخابية, فذلك يحتاج إلى سلسلة من المقالات! لكن نود, من جانب آخر, تسليط الضوء سريعاً على بعض القضايا الرئيسية و«الساخنة» التي ستدرج على جدول أعمال المجلس النيابي المقبل، والتي ستطرحها قوى المعارضة, وهي قضايا إذا ما طرحت بالفعل عبر قنواتها الرسمية فسوف تنذر بسلسلة من الأزمات السياسية الحادة التي قد تفضي في حال عدم تجاوب الحكومة إلى استقالة نواب المعارضة!الملف الأول هو الملف المتعلق بقانون مكافحة الإرهاب الذي تمت المصادقة عليه رغم الضجة الواسعة التي أحدثها هذا القانون بين مختلف شرائح المجتمع البحريني لما يمثله من تعد صارخ على الحريات العامة التي كفلها ميثاق العمل الوطني ودستور عام 1973! فقد ركز القانون، على سبيل المثال، في مادته السادسة على إنزال عقوبة الإعدام والحبس والغرامة ضد كل من أنشأ أو أدار منظمة أو جمعية يكون الغرض منها الدعوة بأي وسيلة إلى تعطيل احكام الدستور «المعدل»!الملف الثاني هو الملـــف المتعــــلق بتقرير مركز الخلــــيج لتنمية الديمـــــوقراطية «مواطن»، والمعــــــروف بتقرير البندر, والذي تنوي قوى المعارضة في حال وصولــــــها إلى قبة البرلمان تشكيل لجنة تحقيق برلمانية بشـــــــأن هذا التقرير الذي تم الكشــــــف عنــــــه في منتصـــــــف شهر أغسطس الماضي، والذي أدى إلى هزة اجتماعية وسياسية داخل البحرين مازالت تداعياتها مستمرة إلى يومنا هذا! ويشـــــــير التقرير, الذي أعده الدكتــــــور صلاح البندر, المستشار السابق في مجلــــــــس الوزراء, إلى عدد من المخططات السرية من بينها: رغبة السلــــــطة في تغيير التوازن السكاني في البحرين, تقويض أحزاب المعارضة خصوصاً من فئة معينة, والتحكم في مخرجات الانتخابات المقبلة من خلال تقليل فرص فوز المعارضة!الملف الثالث وهو المتعلق بقرار إصدار ما يسمى بـ «البطاقة الذكية»، والتي يصفها الدكتور صلاح البندر بأن الهدف من إصدارها هو التحكم في المواطنين من طائفة معينة! والبطاقة الذكية عبارة عن مجموعة من المعلومات, وهي: البطاقة الشخصية, رخصة القيادة, البطاقة السكانية, المعلومات الصحية, المعلومات الخاصة بإدارة الانتخابات, ملف الخد
مة المدنية, عمليات الدفع الآلي البنكية, المرور عبر المطارات والمنافذ البرية, البصمة, فصيلة الدم وأخيراً التوقيع الخاص! أضف إلى ما سبق انه يتم تجديد البطاقة الذكية وتطويرها ذاتياً في كل مرة تستخدم فيها البطاقة, كما يمكن تخزين تحركات حاملها كافة من مكان إلى آخر باليوم والساعة والدقيقة!ولا تعتبر الملفات الثلاثة السابقة (رغم سخونتها), الملفات الوحيدة التي ستثيرها قوى المعارضة في المجلس المقبل, بل إن هناك ملفات وقضايا أخرى لا تقل أهمية و«سخونة» عن الملفات السابقة, من أهمها: تعديل الدوائر الانتخابية, التجنيس السياسي، والملف الدستوري الذي يعتبر من الملفات الجوهرية على أجندة المعارضة، خصوصاً في ضوء التطورات المتوقع حصولها قريباً على ضوء العريضة الأممية التي تم تقديمها قبل أسابيع إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والتي تطالب بوضع دستور بحريني جديد من خلال لجنة منتخبة تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة, وهي العريضة التي حصلت على توقيع 460 ألف مواطن بحريني فوق سن الـ 18 أي ما يقارب أكثر من 60 في المئة من مواطني المملكة! (بحسب موقع تقرير واشنطن)وفي هذا الصدد، يقول توبي جونز, المحلل السابق لشؤون الخليج في معهد كارنيغي للسلام العالمي في واشنطن: «تلوح نذر مواجهة سياسية في أفق البحرين هذا العام. فالجمعيات المعارضة لاتزال ملتزمة بالسعي وراء هدفها البعيد المدى والمتمثل بإعادة صياغة الدستور». ويشير جونز إلى موضوع الدوائر الانتخابية والاستقالة المتوقعة لنواب المعارضة في حال لم تستجب الحكومة لمطالبهم, بالقول: «من غير المرجح أن تستولي الجماعات السياسية المعارضة على نصف المقاعد الأربعين بعد أن تلاعبت السلطة علناً برسم الدوائر الانتخابية في عام 2002. وقد يواجه قادة المعارضة إمكانية أن يتعين عليهم الاستقالة من البرلمان، إذا ما رفضت الحكومة معالجة شكاواهم الرئيسية» (نشرة الإصلاح العربي, مارس 2006).* كاتب كويتي* www.ataqi.com* المقالة منشورة في صحيفة الراي الكويتية 24/11/2006