Archive
Bahrain Freedom Movement
مملكة التقارير.. لا يكاد المرء ينتهي من فضيحة تقرير حتى يسمع عن تقرير آخر. وليس أمام القوى السياسية او النواب سوى متابعة التقارير، كما هي العادة، فالتقارير تتبعكم. واذا كنتم تريدون ان تفتحوا سيرة التقرير، واذا كنتم قد وجدتم أنفسكم معذروين في عدم حضور البعض منكم احتجاجاً على حضور من يعنيه التقرير، وكنتم تريدون افتتاح جلسات البرلمان بتوجيه سؤال الى صاحب التقرير.
فقد جئناكم بتقرير أكبر، وعليكم ان تفتحوا صفحاته، لتروا ان كان عليكم ان تعالجوا ما به او تعالجوا ما ورد، على ذلك التقرير السابق، فذلك السابق ممنوع الحديث عنه، وقد ذكركم مرة اخرى قاضي معني بالامر، وقد اعذر من انذر.
وهذا التقرير يحب ان يكون حديث القاصي والداني ونحن نقرر أي تقرير يناقش، ولستم أنتم ايها النواب.
هكذا طرح الديوان الملكي تقرير ديوان الرقابة المالية التابع له، واذا كنت تابعاً لديوان معين فمن الصعب أن تناقش الامور المالية او الادارية لديوان تتبع له، حيث ان المطلوب مناقشة ما هو تحت السلطة التي شكلتك، وبالتالي لا يمكنك الحديث عن حجم الاموال التي تسربت لتمويل الحملات الانتخابية، وليس ميزانية الديوان التي حددها المجلس الوطني السابق بستة ملايين دينار، ولم نعرف كيف سارت الامور بعد حل المجلس، في مرحلة امن الدولة، او في مرحلة المملكة الدستورية التي تسير بخطى سريعة لتصل الى مصاف الديمقراطيات العريقة، وليس مطلوباً الحديث عن اي شكل من اشكال الفساد والتدخلات التي يتحدث عنها الجميع، وجعلت البعض يقاطع جلسات المجلس.
ونحن، مجلس الشورى معنيون بالتشريع، اما الرقابة فانها من صلاحيات مجلس النواب!، هكذا قال شوروي يتابع الامور عن كثب.
لنعد الى المناقشة الهادئة للتقرير، طالما ان التقرير السابق لن يكون له نصيب من النقاش او المساءلة حيث ان التقرير الأخير هو حديث الناس، وحيث ان أولي الامر يريدونكم أن تناقشوا التقرير الاخير، وحيث ان مهمتكم الاساسية كنواب هي مكافحة الفساد، وحيث ان مهمة الحكومة هي تقديم المزيد من الادلة والبراهين لكم بأن لديها ما يستحق الوقوف من قبلكم حوله.
ولكن اذا كان ولي الامر يعرف كل هذا الفساد، واذا كان المطلوب هو مكافحة الفساد، والمفسدين وقطع دابرهم، واقامة دولة القانون والمؤسسات. فلماذا أعيد تشكيل كل هذه الحكومة!!
واذا كان الموضوع الاساسي الذي يجب الوقوف عنده من قبل نواب الشعب هو التصدي للفساد ودعم المشروع الاصلاحي، فلماذا لا يسمع أولو الامر دعوات الناس ورغباتهم بضرورة جلب حكومة صالحة، راشدة رشيدة ترشدهم الى الطريق الذي يقل فيه الفساد.
ولكن اذا كان المشروع الاساسي يرتكز على برلمان بالمواصفات التي وجدناها، حيث تدخلات الحاشية واضحة للعيان في كل صغيرة وكبيرة، يحدد من يكون الرئيس ومن يكون النائب الاول ومن يكون النائب الثاني، واذا كان التقرير السابق يسعى للوصول الى التوازن الطائفي، في المجتمع عبر التجنيس السياسي وعبر البرلمان بدعم الاسلام السياسي السني و(المستقلين) الذين يعرفون ان الاستقلالية تعني الابتعاد عن القوى السياسية الديمقراطية او الليبرالية او نصف المستقلة، وبالتالي ان تسبح بحمد الحكومة ورئيسها، ويؤكد أحدهم بأن الفضل يعود اليه في وصوله الى المنصب، حيث لم يقصر عنه، ولم يقف ضده لدعم مرشح الاسلام السياسي السني كما فعل مع من قال احدهم بأن عليهم ان “يمشوّوا بوزهم، من التلفزيون ومن البرلمان!!”
ليس مهماً بالنسبة لنا الارقام التي وردت في التقرير وهي ارقام متواضعة، كما يقول بعض القائمين على التقرير، فالمخفي أعظم من ذلك بكثير، الا ان المهم قراءة ما قبل وما بعد وما بين السطور، على ان نترك قراءة الارقام لمن يعرف جيداً كيف يدقق فيها ليقول بأن ما ورد غيض من فيض.
القضية الاساسية الاولى أن المعني بمراقبة المال العام هو البرلمان، اي انه السلطة التشريعية والرقابية ، طالما ان الشعب هو مصدر السلطات جميعاُ، وطالما ان المال هو مال الشعب.
وبالتالي فان ديوان الرقابة المالية والادارية يجب ان ينبثق عن البرلمان وليس عن الديوان الملكي.
تلك قصية اساسية يجب ان يقف عندها النواب جميعاً،. لقد سلب الدستور الجديد من الدستور القديم العقدي هذه الخاصية، هذا الحق، ولا يمكن لأحد أن يقول بأن التصويت على ميثاق العمل الوطني الديمقراطي قد أعطى للملك صلاحية سحب هذه الصلاحية من البرلمان الممثل للشعب، طالما ان صلاحياته بعد التشريع هو الرقابة.
واذا كان المجلس السابق قد عجز عن استعادة هذا الحق، وقد بح صوت الجميع ، غالبية النواب وهم يطالبون بتشكيل ديوان للرقابة المالية تابع للمجلس النيابي، فان من الضروري بالنسبة للمجلس الحالي ان يطالب باستعادة حقه وان تكون من صلاحياته تشكيل ديوان للرقابة المالية والادارية، كما ان من صلاحياته استلام شكاوى وتظلمات المواطنين والاستفسار في بداية كل جلسة من كل وزير عن المشاكل التي يسال عنها المواطنون، والا يكون ذلك ايضاً من صلاحيات الديوان الملكي الذي سحب هذا الحق من مجلس النواب، بحيث بات مجلساً يتابع على غرار ما قال النائب الخدماتي، الدكتور صلاح علي بأنه قد استطاع ان يحقق مكاسب لابناء دائرته بمتابعة قضايا العاطلين منهم بحيث تم تشغيل العشرات في الدفاع والتربية!!!
ثم لا بد من الاشارة الى ان التقرير كان معروفاً لدى أولى الامر قبل ان يصدر وقبل ان تتشكل الحكومة، وكان من الضروري معالجة اسباب الفساد في الحكومة التي برهنت انها لا تسمع الا القليل عن التوصيات التي وردت في التقرير السابق، عن ديوان الرقابة. وعن ما ورد في التقرير الفضيحة الذي ثبت صاحبه مرة أخرى في الوزارة الجديدة، رغم الوعود التي قطعت بأنه لن يرى الوزارة مرة اخرى.
واذا كانت الامور بهذه الاشكاليات وبهذا الفساد، فلماذا لا يعاد تشكيل الوزارة بحيث تضم وزارة للتخطيط، ووزارة للشباب، ووزارة للثقافة، بدلاً من وزيرين للدفاع، ووزيرين للخارجية، ناهيك عن ثلاثة نواب للرئيس.
ولكننا نعود الى خطاب رئيس الوزراء الذي اشاد فيه بالمجلس الوطني، وبالتعاون المنشد بينه وبين السلطة التشريعية (معذرة على ذلك)، وبالبرلمان الذي ضم كل التيارات ـ حسب ما ورد في خطاب رئيس الوزراء ـ وكل القوى السياسية في البلاد،. فماذا يمكننا أن نقول بعد قول الرئيس!!!