Archive
Bahrain Freedom Movement
اختبار صناديق الاقتراع في البحرين وسط مخاطر داخلية وقلاقل إقليمية رنا صباغ (صحافية أردنية) تقف البحرين بعد أيام أمام ثاني استحقاق برلماني منذ العودة إلى مسار الديمقراطية عام، 2002 في معركة تتنازع فيها قائمتان بألوان مذهبية وسياسية سعيا للسيطرة على نصف المجلس النيابي في بلد ما زالت الطائفية والاصطفاف السياسي جزءا أساسيا من تركيبته. في خلفية المشهد السياسي مخاوف رسمية ونخبوية من تدخل إيراني مباشر و/أو غير مباشر في العملية الانتخابية في وقت تتذمر فيه المنطقة من تنامي نفوذ طهران وسعيها للهيمنة على الخليج العربي ضمن مكاسرة إرادات تستهدف انتزاع اعتراف أمريكي بها كقوة إقليمية.إذا سارت العملية الانتخابية، المقررة في 25 تشرين ثاني بنزاهة وحياد، سيحتل تحالف المعارضة الرباعي نصف عدد مقاعد مجلس النواب الأربعين، على الأقل، في مواجهة تيار أصولي يتمدد، وتراهن عليه السلطة ولو مرحليا لحفظ توازنات سياسية.التحالف الشيعي، الذي قاطع الانتخابات الأولى قبل أربع سنوات، يتكئ على قاعدة جمعية الوفاق الوطني ذات النفوذ بين أوساط أتباع هذا المذهب. تغيير المعادلة قد يخلق توترا بين البرلمان والحكومة، بخاصة لدى مناقشة قضايا إشكالية مثل قانون الموازنة وقوانين أخرى تطالب بها المعارضة مثل إعادة تعديل الدستور وتغيير الدوائر الانتخابية، ومحاربة الفساد المالي والإداري والسياسي.لكن ذلك لن يؤدي إلى زعزعة استقرار البلاد، بحسب ساسة وبرلمانيين، لأن الاشتباك والتشبيك سيبقى في خانة “توتر مضمون النتائج مغلق النهايات”. ينقسم المجلس ذو الثمانين مقعدا إلى جناح منتخب منزوع الصلاحيات التشريعية بقوانين محكمة بحيث لا يمكن لأحد أعضائه أو حتى كتله برمتها أو المنتخبين جميعهم من تمرير قانون يتيم. أما النصف الآخر الشورى فهو معيّن من قبل الملك حمد، كصمام أمان قادر على تعطيل قرارات مصيرية. رئيس الوزراء يتربع على رأس السلطة التنفيذية منذ أكثر من ثلاثة عقود، وسيستمر بقيادة الدفة وان اضطر لإدخال تعديلات وزارية لتقوية الحكومة للتعامل مع البرلمان.ثمّة ما يكفي من أدوات للسيطرة على الوضع. إضافة لذلك، لا مصلحة للمعارضة التي اتحدت على أسس مصلحية وليست إيديولوجية، في إفشال تجربة التحديث السياسي، بعد المقاطعة السابقة التي ساهمت في ترسيخ تقاليد وأعراف وممارسات برلمانية خاطئة جعلت الحكومة اقوى من المجلس وأحبطت ثقة الشارع بالسلطة التشريعية.ولا مصلحة للنظام بوقف مسيرة مبرمجة وتدريجية للإبقاء على “تحول ناعم” نحو دولة القانون بالرغم من كل التحديات الداخلية والإقليمية، لأن خيار العودة للديمقراطية بدأ ضمن مسيرة طوعية اختارها الملك حمد، الذي استلم الحكم عقب وفاة والده عام 1999 إذ كان شرع في عملية الإصلاح قبل أن تفرض أمريكا حراكا صوب الديمقراطية على أغلبية دول المنطقة منذ شرعت واشنطن في ترويج حملة الانفتاح السياسي عقب تفجيرات نيويورك عام 2001.الملك معني باستعادة دور البحرين كمنارة للانفتاح السياسي والإقتصادي في الخليج العربي، إضافة لرأب الصدع في الجبهة الداخلية عبر المشاركة لبناء دولة المواطنة بدلا من استمرار نظام المحاصصة الطائفية الذي لم يجلب للبلاد سوى المتاعب خلال العقود الثلاثة الماضية. المجتمع الدولي بشكل عام يبدو راضيا عن أداء النظام خلال السنوات الخمس الماضية، وان طالت الانتقادات مظاهر الإسراف والخلط بين التجارة والحكم. ترى الدول الكبرى أن المنامة لن تتراجع عن متابعة التحديث، وإن حصل إبطاء هنا أو هناك مرده غالبا الأوضاع السياسية الإقليمية. في الإجمال تنظر هذه الدول بارتياح لتجربة البحرين بخلاف دول الجوار.لذلك، بدلا من سيناريو التصادم التقليدي بين المعارضة والحكومة، ستكون المعركة القادمة بين تيار المعارضة »التحالف الرباعي« يساندهم عدد من المستقلّين مع الإخوان والسلف، الواسع النفوذ في الشارع السني.كروت اللعب تنتقل إذن من الشارع للبرلمان.القطب الأول يتمثل بالتحالف بين “الوفاق” مع جمعية العمل الإسلامي، وجمعية العمل الوطني »يسار، قوميون ومستقلون« والتجمع القومي الديمقراطي »قوميون وبعثيون« من اليسار والقوميين والعلمانيين. تمحور برنامج هذا القطب حول مطالب بتأسيس برلمان منتخب كامل الصلاحيات، يصل بصيغة الحكم في نهاية المطاف إلى تداول للسلطة مطلبا أصيلا. في المقابل، يقف السنة »المنبر أو جماعة الإخوان، والأصالة« المعروفة بأنها الجماعات التقليدية التي تدعمها القبلية المحافظة – أي جماعات موالية في ثوب إسلاميين مقربين من السعودية أو مستقلين لا يتبنون مفاهيم الإصلاح السياسي في برامجهم الانتخابية.وسيضطر النواب الواقعين تحت تأثير القطبين إلى التخفيف من الاتكاء على العامل المذهبي الذي أوصلهم إلى البرلمان، والالتفات إلى تحقيق مطالب الناخبين المحصورة بمكافحة البطالة والفقر وتوفير المسكن، ومحاربة الفساد. لن يتحقق الكثير، وستلعب السلطة على كافة الأقطاب، وستكون النتيجة أضرارا وتشويه سمعة المعارضة التي قد تضطر إلى التلويح بخيار الانسحاب أو المقاطعة كما يحدث في اغلب دول العالم.خلال حملة الترشيح المستمرة منذ أسابيع، التي تشارك فيها 17 امرأة مقابل 205 رجل، طفت على السطح ولا تزال تطفو بعض الصور التي أقلقت الكثير من طغيان الفئوية الطائفية، واستدعاء الدين لخدمة السياسة، خاصة تأجيج الفواصل الدينية والعرقية. فالقطبان السياسيان المهيمنان على الشارع يريدان استطلاع نفوذهما من خلال الحراك الديمقراط
ي، الذي بدوره يكشف مخزون الانتماءات، الداخلية والخارجية، والمساوئ والانفعالات والاحباطات وأخطاء السنين الماضية خلال فترة الأحكام العرفية التي بدأت مع حل البرلمان عام 1975.لكن في خلفية المشهد أيضا تساؤلات مشروعة حول مستقبل مسيرة التحديث خلقته إشكالية التجنيس “السياسي” الأخير خارج القانون والتوافق الوطني. إذ ثمّة مزاعم بأن الحكومة جنّست 16.000 شخص، وسط مخاوف من استعمالهم لدعم خيارات التصويت في بعض دوائر ستشهد معارك كسر عظم. زاد من حدة الإرباكات تسريبات تدعي بأن جهات تستهدف إقصاء الشيعة سياسيا والتلاعب في نتائج الانتخابات، لكن الحكومة نفت ذلك.بدورها اتخذت الحكومة سلسلة من الإجراءات لزيادة شفافية الانتخابات منها إلغاء التصويت الالكتروني الذي قيل أنه سيستخدم كأداة للتلاعب بمسار التصويت، وتعيين رئيس النيابة العامة رئيسا تنفيذيا للانتخابات، والتأكيد على أن الجهاز المركزي للمعلومات لن يتدخل في العملية الانتخابية. ذلك لم يخفف من حدة الشكوك، والنتيجة أن العاقل لا يمكن أن يلغي خيار المشاركة لكن لا يمكن المراهنة عليها أيضا.فعملية التغيير تحتاج إلى وقت تتعلم خلالها المعارضة والحكومة استعمال لغة توافقية والابتعاد عن الإقصاء. عملية بناء البلد تحتاج إلى بناء مؤسسات مشتركة، والعملية الانتخابية جزء هام في هذه المسيرة.والانفتاح السياسي هو الذي يجمع المواطنين بأطيافهم السياسية كافة. نجاح تجربة البحرين يعتمد على الديمقراطية التي لن تتحقق إلا في مجتمع يتساوى أفراده أمام الدولة والقانون والشرط الضروري لهذه المساواة إلغاء الوسيط الطائفي بين الفرد والمواطن.تحقيق العدالة والمساواة بين البحرينيين والبحرينيات هو الضمانة الوحيدة لتحقيق أمن واستقرار البحرين من خلال بناء جبهة داخلية، بدلا من الاتكاء على المحاصصة والمعالجة الأمنية.فالأمن فقط موجود في المقابر، وليس على الأرض. على الجميع أن يفتح صفحة جديدة وان يتوقف عن دعوات العنصرية والطائفية من أجل “البحرين يتسع للجميع”. منقول من موقع انتخاباتكم . كوم
http://www.intekhabatcom.com