Archive

Bahrain Freedom Movement

يخطيء من يعتقد بامكان الفصل بين الانتخابات الصورية التي تعقد هذا الشهر والمشروع السياسي الخليفي بجملته، فهذه الانتخابات جزء مكمل لبقية بنود المشروع الذي يعتبر الأخطر منذ ان احتلت العائلة الخليفية أرض البحرين قبل مائتي عام. هذا المشروع يتضمن عددا من الثوابت التي تمثل بمجموعها خطة لتغيير شامل في البلاد. أهم بنود هذه الخطة:

 أولا تغيير التوازن السكاني بشكل يوفر للعائلة الحاكمة شرعية تمثيل الاغلبية، ثانيا : ممارسة التمييز كسياسة ثابتة لتحقيق الهيمنة الخليفية المطلقة على كافة مفاصل الدولة. ثالثا: إلغاء مبدأ حكم القانون، واستبداله بالسلطة المطلقة لشخص الحاكم التي تعتمد الولاء والمكرمات لتقوية الاطراف او اضعافها على اساس “أنا الدولة… أنا الدستور… أنا القانون”، ورابعها: اعادة صياغة الكيان البحريني الجديد على أسس جديدة من التاريخ والجغرافيا، فالتاريخ يبدأ باحتلال العائلة الخليفية للبلاد في ابعاده الثقافية والفكرية والحضارية، والجغرافيا ترسم حدودا جديدة للانتماءات المذهبية والعرقية وتلغي الثوابت الجغرافية التي سبقت الاحتلال الخليفي (وقد بدأ تنفيذ هذه الخطة بالغاء الاسماء التقليدية لبعض المناطق، ونقل المجنسين اليها مع ترحيل اهلها الاصليين عنها). وخامسها: طرح مشروع انتخابي صوري للتغطية على بقية مقاطع المخطط، وتضليل الرأي العام المحلي والدولي بحقيقة الوضع.

ان شعب البحرين اليوم يتعرض لأبشع صورة من صور الإبادة الثقافية والدينية، ولكن ليس بالاسلوب الذي اتبع في بلدان اخرى مثل رواندا والبوسنة، بل بأسلوب وضعته وكالة الاستخبارات الامريكية (سي آي أيه) وبدأت بتنفيذه منذ العام 2000، اي بعد الاتفاق بشأنه مع الشيخ حمد الذي ورث الحكم عن ابيه بعد وفاته في 1999. ولتمرير المخطط مارس النظام سياسة التشطير المجتمعي لاحداث تنافس، ليس في الاطر النضالية الوطنية، بل على الامور الهامشية والشكلية. وهنا ركز المشروع الامريكي على أربعة جوانب: اولها تشطير المجتمع ليس بالقتل والقمع، بل عبر عنوان آخر هو “تشجيع مؤسسات المجتمع المدني”، وهنا وقعت طامة كبرى اذ استجابت قوى المعارضة لهذا العرض المغري، فساهمت في التشطير بتأسيس جمعيات كثيرة على اسس ايديولوجية ومذهبية. وفي اطار خطة الاستدراج سمحت الخطة لهذه الجمعيات في بداية الامر بالتحرك الحر غير المقيد بضوابط صارمة، ولكن ما ان حان وقت الاستحقاق السياسي والدستوري، حتى اجبرها على اعادة تسجيل نفسها بموجب قانون الجمعيات الذي أخضعها جميعا للدستور الذي يرعى المشروع التغييري ويضمن تمريره بدون معوقات. وثانيها ان صانعي المشروع لم يغفلوا الجانب الاعلامي والتأثير على الرأي العام، ففتحوا المجال لجرائد جديدة ساهمت جميعها في تضليل الرأي العام بعيدا عن خفايا المشروع، ووفرت للنظام صورة جميلة لا يستحقها في الداخل والخارج. وثالثها طرح المشروع الانتخابي امعانا في التضليل وتمرير الخطة، فعرضت هذه الانتخابات للداخل والخارج بانها ممارسة قادرة على التطوير واقامة المجتمع المدني الديمقراطي، وفي اقل تقديراتها، فان المشاركة فيها، على حد تعبير البعض “تقلل الضرر”. هذا التبرير للمشاركة في الانتخابات الصورية يعكس مدى نجاح العائلة الخليفية في الحاق الهزيمة النفسية بالكثيرين، حتى بلغ بهم الأمر الى التنازل عن مشروع التغيير الحقيقي الذي يقضي على الضرر والظلم والاستبداد، و استبدال ذلك بمواقف تقر بوجود الظلم وتعترف بضرره، ولكنها تسعى “للحد منه”. ورابعها: ان العائلة الخليفية تدرك اهمية الجانب الاقتصادي والمالي لتمرير ذلك المشروع، فعمدت، في غمرة البهرجة الاعلامية التي احاطت بها المشروع الخطير، لسرقة المليارات من مدخولات النفط، وبدأت في استعمالها لشراء الضمائر والمواقف والذمم، وبدلا من توزيعها على عامة افراد الشعب المحرومين، وتوفير السكن والحياة الكريمة، بدأت بتخصيص جزء من تلك الاموال المسروقة على داعميها والمروجين لمشروعها، وقد أوضح تقرير البندر شيئا من ذلك.

من هنا يأتي الاندفاع للمشاركة في الانتخابات الصورية المقبلة، ليس بهدف مواجهة مشروع الشيخ حمد الخطير الذي كشف تقرير البندر بعض أبعاده، بل بهدف الحد من اضراره. ويأتي الاعتراض على المشاركة في تلك الانتخابات من باب رفض مشروع الشيخ حمد، وان المشاركة في تلك الانتخابات لن تؤدي الا اضفاء الشرعية على ذلك المشروع، والتعهد باحترام أساس ذلك المشروع، وهو الدستور الذي فرضه الشيخ حمد على الوطن في 2002. لقد ادرك واضعو المشروع احتمالات التمرد عليه من قبل البعض، ولذلك فقد وضعوا كا فة الضمانات لمنع تحديه من داخله، واتخذوا كافة الاجراءات لضمان ذلك. وقد ادرك المعارضون الصامدون هذه الحقائق، ووضعوا هدفا ساميا لهم وهو اسقاط مشروع الشيخ حمد برمته، لان استمراره يعني القضاء على البحرين، شعبا وأرضا وتاريخا وثقافة، واعادة تشكيلها السياسي والبشري وفق أطر جديدة تلغي التاريخ والجغرافيا التقليديين لأهلها. هؤلاء المعارضون لا يطرحون مقاطعة الانتخابات الصورية الا ضمن خطة شاملة لاسقاط مشروع الشيخ حمد، وليس كخطوة منفصلة عن بقية بنود ذلك المشروع الشرير. الذي لم يبتل بلد خليجي آخر بمثله، لا يمكن السماح له بالنجاح، لان نجاحه يعني القضاء على شعب بأكمله، ويوفر لأصحابه الفرصة لتحقيق اهدافهم بدون تعب او نصب. المشكلة ان ثلة قليلة هي التي أدركت منذ وقت مبكر شرور المشروع الخليفي، فوقفت بوجهه صامدة على مدى سنوات خمس متواصلة، وما تزال على موقفها الصامد الذي قطع خطوات جيدة على طريق مواجهته، وحرمانه الشرعية الضرورية لاستمراره. وسوف تبقى هذه المعارضة ناشطة من اجل اسقاط ذلك المشروع، ولن يثنيها عن موقفها اغراءات الحكم او تهديداته. المخططون لهذا المشروع الشرير وضعوا ايضا خططا لمواجهة هذا التحدي من المعارضة الصامدة. ولعل الجانب الاخطر في تلك الخطط التوجه الدموي ضد المعارضين. وهذا ما نص عليه قانون الارهاب الذي يحكم بالاعدام لمن يعارض الدستور الخليفي ويسعى لوقف تنفيذه بأية وسيلة. هذا التوجه الدموي يؤكد خطر المشروع، ويستدعي، بدلا من الاستسلام له، الاستعداد النفسي والسياسي لمقاومته على كافة الصعدان.

لقد أصبح اسقاط مشروع الشيخ حمد ضرورة انسانية واسلامية، ومهمة وطنية مقدسة، ومسؤولية دينية لا يمكن تجاهلها. ويعتبر الدستور الخليفي أقوى الاسس التي يرتكز عليها، وقد بقي هذا الدستور مرفوضا شعبيا على اوسع نطاق، وخطط صانعو المشروع لكسر هذا الصمود بكافة الوسائل، واعتبروا المشاركة في الانتخابات الصورية “استفتاء” عليه. وقد خسروا ذلك الاستفتاء قبل اربع سنوات، ومنذ ذلك الوقت بدأوا العمل بقوة لتحقيق ذلك هذه المرة. من هنا تأتي الدعوة لمقاطعة الانتخابات، ليس لمعارضة المرشحين الذين يتمتع العديد منهم بتاريخ نضالي مشرف، بل لإفشال هذا الاستفتاء. أغلب المواطنين يدرك الآن الخطأ التاريخي الذي ارتكب عندما صوت لصالح ميثاق الشيخ حمد في 2001، ويتمنى لو لم يفعل ذلك. وقد أدرك صانعو المشروع انهم لن يحققوا موافقة شعبية على الدستور الخليفي الذي فرضوه في 2002، ولذلك لم يسمحوا بالاستفتاء الذي طالبت به فئات المعارضة. واعتبروا ان المشاركة العملية في الانتخابات التي تقوم على اساسه، بمثابة الاستفتاء. المعارضون ادركوا ذلك جيدا، ولذلك طالبوا، وما يزالون، بمقاطعة الانتخابات الصورية، لحرمان صانعي المشروع من نجاح ذلك الاستفتاء، ويطالبون المواطنين بعدم المشاركة، ترشحا وانتخابا، لان تلك المشاركة توفر للقتلة أدوات القتل اللازمة للقضاء عليهم.

قد يعتقد صانعو المشروع، في ضوء ما حققوه من انجازات ضد اهل البحرين، انهم على وشك تحقيق الشرعية لمشروعهم، ولكنهم سيكتشفون، باذن الله، ان هذه الشرعية لن تتحقق لهم ما دامت المعارضة الحقيقية التي وقفت بوجه ارهابهم وقمعهم واستبدادهم عقودا من الزمن، واعية لحقيقة نواياهم واهدافهم، ومصممة على مواجهة كل ذلك بأساليب حضارية متطورة، ومواقف راسخة لا تتزعزع. وكما كررت المعارضة، فان ساحة الصراع مع النظام الخليفي الظالم مفتوحة بدون حدود مكانية او زمانية، وان الانتخابات الصورية لن تحقق امنهم واستقرارهم ما دام شعب البحرين مهددا في وجوده وحقوقه وهويته. نكرر دعوتنا لاسقاط مشروع الشيخ حمد بدون تردد، وتأكيدنا على ان دعمه وتثبيته ومنحه الشرعية الشعبية خطأ تاريخي فادح، واعتقادنا بان المشاركة في الانتخابات الصورية انجاح للاستفتاء على شرعية المشروع الخياني الخطير، وهو أمر لا ينسجم مع الدين او الانسانية او الاخلاق.

اللهم ارحم شهداءنا الأبرار واجعل لهم قدم صدق عندك يا رب العالمين

حركة أحرار البحرين الإسلامية
2 نوفمبر 2006

Show More

Related Articles

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

Close