الأرشيف

حركة أحرار البحرين

مضت أكثر من ست سنوات على إطلاق حكومة البحرين فكرة ميثاق العمل الوطني وهي فكرة تستند على إتاحة فرص الحوار بين مكونات المجتمع البحريني والانتقال به إلى مرحلة جديدة لعلاقاته السياسية المتأزمة طوال عقود عديدة. غير أن الأمر لم يكن بهذه السهولة حتى يمكن أن يتحقق بجرة قلم، يقدم عليها العاهل، أو يطلق بعض الشعارات الجملية فيحي الناس في كنف الديمقراطية

محنة السياسة في البحرين…  ثقافة الحوار و ثقافة الطوفان

عباس ميرزا المرشد

مضت أكثر من ست سنوات على إطلاق حكومة البحرين فكرة ميثاق العمل الوطني وهي فكرة تستند على إتاحة فرص الحوار بين مكونات المجتمع البحريني والانتقال به إلى مرحلة جديدة لعلاقاته السياسية المتأزمة طوال عقود عديدة. غير أن الأمر لم يكن بهذه السهولة حتى يمكن أن يتحقق بجرة قلم، يقدم عليها العاهل، أو يطلق بعض الشعارات الجملية فيحي الناس في كنف الديمقراطية.

مشكلة الانتقال إلى الديمقراطية في البحرين، مشكلة خلقتها الحكومة عبر سياسات عقيمة لا تجدي نفعا ولا يمكنها أن تعمر طويلا، سياسيات تقوم على تقنين التشطير العمودي للمجتمع ومحاولة خنقه في كافة محاضر حياته. استطاعت الحكومة ومن خلال استقوائها بأموال الدولة أن تصنع بإزاء هذه السياسات ثقافة خاصة تحرم التحاور والاستماع وتفرض على الناس القبول بالأمر الواقع والخضوع للترهيب، ثقافة تتخذ من الخوف سكنا ومن التصلب جدارا ومن المراوغة مسلكا. تعززت هذه المشكلة وقت ما أقدمت الحكومة على الانفراد بإصدار دستور 2002 والقفز على محاضر الاتفاق بينها وبين رجال السياسة، فأصبحت البحرين تعيش هواجسها الأمنية والسياسية مرة أخرى، ولكن تحت شعارات الديمقراطية والأيام الجملية. وجاءت الأيام المتلاحقة لتؤكد أيضا أن قبضة أمنية ونزعة استبدادية تحتاج المناطق التي عجز قانون أمن الدولة أن يخترقها، فعادت قوائم الملاحقين أمنيا إلى الظهور وفتحت أبواب الاعتقال السياسي لعدد من الشخصيات السياسية الناشطة ولم يكن مستغربا أن تتكاثر طلبات اللجوء السياسي من قبل ناشطين يلاحقهم رجال المهمات القذرة.

القوى السياسية المعارضة كانت ولا تزال تعمل على اختراق هذا الجدار وتجاوز هذه المحنة التي وضعت فيها رغما عنها . كانت مهمتها شاقة ومتعبة جدا لكون الخصم عنيد وشرس جدا ولا يمكنه أن يتقيد بأصول اللعبة الديمقراطية ويصر على اللعب بالطرق القبلية، وهي طرق لا يمكن لقوى المعارضة الفاعلة أن تعمل وفق إيقاعها مطلقا. ومهما اختلفت مسلكيات قوى المعارضة وطرق تعبيرها فهي متحدة في مطلبها ومصرة عليه أيما إصرار، وعليها أن تبقى هكذا مقتنعة بثقافة الحوار لمواجهة طوفان الاستبداد و ثقافته المهيمنة.

 فالحقيقة المؤكدة من خلال انقضاء الست سنوات الماضية أنه لم يكن باستطاعة الحكومة وهي تطلق شعارات التحول الديمقراطي أن تتنازل عن تلك الثقافة الضاربة ( ثقافة الطوفان) في عمق تكوينها لذا فقد حملتها معها في سلة مشروع ميثاق العمل الوطني واستطاعت أيضا أن تربح رهان ثقافة الطوفان، وأن توقف تنامي ثقافة الحوار ليس بينها وبين الأطراف السياسية المعنية بالعمل السياسي والاجتماعي، بل نجحت في بعض الأحيان في عرقلة قدرة الأطراف السياسية على متابعة التحاور فيما بينها .

النجاحات المشار إليها لا تعني تفوق الحكومة وثقافة الطوفان بالمطلق، رغم أنه شعور ينتاب البعض عند النظر إلى الإخفاقات المتعددة في حماية صف الوحدة الوطنية وتحقيق المطالب السياسية العادلة، فهذه الأمور طبيعية في ظل استملاك الحراك السياسي بالكامل من قبل الحكومة وتغيبيها لعناصر المشاركة والديمقراطية ومن المفترض أن  تزيد من تأكيد رغبة شيوع ثقافة الحوار والقضاء على ثقافة الطوفان بكل ما تحمله من معاني سلبية.

القوى السياسية بإمكانها أن تبقى مقاومة وثابتة في مواقفها السياسية، لسبب بسيط جدا هو امتلاكها لتركة رموز مقاومين ومحاورين من الطراز الأول أمثال العلامة الراحل الشيخ عبد الأمير الجمري والمناضل عبد الرحمن النعيمي و الراحل أحمد الذاوذي فتراث هؤلاء يعج بالتركيز على ثقافة الحوار ومقاومة ثقافة الطوفان أيا كان مصدرها وكانوا يختلفون فيما بينهم ويعززون مواقعهم بالاتفاق على مبادئ الوحدة الوطنية والإشهار لمطالب الشعب الحقيقية .

 الشواهد عديدة هنا فالصحف المحلية تنشر كل يوم تصريحات لبعض الوزراء وبعض كهنة الوزارات

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق