Archive

حركة أحرار البحرين

ورد في المادة الثالثة والثلاثين، وفي المادة الثامنة والسبعين من الدستور ـ والذي هو من طرفٍ واحد ـ أن من يشغل منصب رأس الدولة وكذلك من يشغل منصب رئيس الوزراء عليه أن يؤدي اليمين بالصورة التالية: أقسم بالله أن أحترم دستور وقوانين الدولة وأن أذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله. نقف قليلاً مع هذا القسم. القسم متعلق باحترام الدستور، والذود عن حريات الشعب والدفاع عن مصالحه وأمواله. وهنا نطرح سؤالاً:

خطبة الجمعة (السياسية)
لسماحة العلامة الشيخ عبد الجليل المقداد
بجامع الحياك/ المحرّق
بتاريخ 12ذو القعدة1428هـ
الموافق لـ 23-11-2007م

يتناول الحديث لهذا اليوم أمرين:
الأمر الأول: مخالفة القسم على حفظ مصالح الشعب وأمواله:
ورد في المادة الثالثة والثلاثين، وفي المادة الثامنة والسبعين من الدستور ـ والذي هو من طرفٍ واحد ـ أن من يشغل منصب رأس الدولة وكذلك من يشغل منصب رئيس الوزراء عليه أن يؤدي اليمين بالصورة التالية:
أقسم بالله أن أحترم دستور وقوانين الدولة وأن أذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله.
نقف قليلاً مع هذا القسم.
القسم متعلق باحترام الدستور، والذود عن حريات الشعب والدفاع عن مصالحه وأمواله. وهنا نطرح سؤالاً:
هل مصالح هذا الشعب وأمواله محفوظة ويُدافع عنها؟
لا أريد أن أتكلم عن سرقة الأراضي فهذا حديث يتحدث به القاصي والداني وتتحدث به الرُكبان، وهذا حديث لا نريد التطرق إليه ولكن أريد أن أتكلم عن بعض القضايا:
هناك تخطيط لأراضي الملكة وهو ـ على ما نشر في الصحف ـ على هذا النحو:
جعل أراضي معينة للتدريب، وقد جُيّرت فلا يحق المطالبة بها.
أراضي لحقول النفط، وقد جُيّرت فلا يحق المطالبة بها.
وهناك أيضاً أمر لم أجده في التخطيط المنشور ولكنه منقول وهو أن هناك أراض تُقتطع ولا يحق المطالبة بها لأنها للمنافع العامة من قبيل الأراضي التي تقام فيها المخيمات في بعض فصول السنة.
جزء كبير من أرض هذا البلد اقتطع لحلبة البحرين من أجل أن يستفيد منها الكفار أعداء الله الذين يأتون ويقضون أوقاتهم في هذه المسابقات.
ماذا بقي من أرض هذا البلد لأبنائه؟
أين الحفاظ على مصالحه؟
أين الحفاظ على أمواله؟
بلد يئنُّ من الفقر ومن الاضطهاد وهو يرى المتنفذين يمتلكون ما يمتلكون من القصور ثم بعد ذلك تأتي وتجيِّر مساحة كبيرة من أرض هذا البلد وتحرم منها أبناءه.
إن تحديد منطقة ما بأنها “منطقة تدريبية” يعني أنه لا ينبغي أن يتكلم فيها أحد.
وكذلك حينما يعلن أن هذه منطقة لحقول النفط فهو يعني أنه لا ينبغي أن يتكلم فيها أحد.
تعال ـ يا أخي ـ للطامة العظمى، حيث ان هذه المساحات الشاسعة تقتطع اليوم بعنوان مصلحة عامة، منطقة عسكرية للتدريب، أو بعنوان حقول للنفط، ونلاحظ أن من اقتطعها في هذا اليوم قادر بقدرة قادر أن يسترجعها غداً وتحوّل إلى مشاريع استثمارية!!
ما الذي يمنع هؤلاء؟ ومن الذي يمنعهم عن ذلك؟! حيث اننا قد رأينا أن بعض الأراضي قد تجعل للمنفعة العامة وإذا بها تُحوّل إلى مشاريع استثمارية؟!
لاحظ كيفية الإلفتاف، حتى نعرف أننا نعيش في هذا البلد بين ذئاب!
في الوقت الذي تمتلكون فيه القصور لكم ولأبنائكم والمواطن يبحث عن قطعة صغيرة من الأرض فلا يجد. ويتحفظون على الباقي من أجل مستقبلهم وكأن الدنيا باقية لهم!!
هذا عار، عيب، تخلّف، رجعية، حقد. فكيف يعيش البلد ما يعيش، وأبناؤه يعانون ما يعانون وأنتم هكذا تتصرفون؟!
لو جعلنا قائمة للأولويات التي يحتاجها أبناء هذا الوطن فهل نجعل “حلبة البحرين الدولية” في قائمة الأولويات، أو الرقم الأول منها؟!
هل تجعل “جنة دلمون” والتي صُرف وخُسر عليها الملايين في الرقم الأول من هذه القائمة؟!
أين الحفاظ على مصالح هذا الشعب والحفاظ على أمواله؟
كفانا شعارات برّاقة. كفانا تلاعب. كفانا رفع شعارات ” الأسرة الواحدة”.
عشرات الملايين تُصرف على مجنسين يُؤتى بهم من مختلف بقاع الأرض وتقدم لهم الخدمات وتكون لهم الأولوية ويُحرم أبناء هذا البلد منها، فأين الحفاظ على مصالح هذا الشعب والحفاظ على أمواله؟
هذه مخالفة صريحة واضحة للقسم على الحفاظ على مصالح الشعب وأمواله.
يمكن أن تجدوا من يؤوِّل لكم هذه المخالفة ممن يبيع دينه بدنيا غيره ولكنها مخالفة واضحة صريحة لا تقبل التأويل. هذا أمر.
الأمر الثاني: زيادة رواتب رئيس الوزراء والوزراء والنواب:
هناك زيادة مقترحة ومشروع مقدم لتحديد رواتب من يشغل منصب رئاسة الوزراء ومن يشغل منصب نائب رئيس الوزراء والوزراء.
برغم عدم حاجة هؤلاء للأموال ولكنهم يتلاقفونها ويتلاعبون بأموال هذا الشعب المضطهد. كيف يسيغون شراباً وطعاماً وهم يأكلون الحرام من أموال هذا الشعب؟!
وكيف سيواجهون الله (سبحانه وتعالى) وهم يأكلون من أموال المحرومين ومن أموال الضعفاء؟!
وهناك أيضاً زيادة مقترحة لرواتب النوّاب. وهذا امتحان عظيم وأحمد الله (سبحانه وتعالى) أني قرأت أن كتلة الوفاق قد رفضت هذه الزيادة والراتب التقاعدي وهذه خطوة مشكورة لهم، ولكن نسأل الله (سبحانه وتعالى) أن يثبتوا عليها، وأن لا يرفضوا القانون فحسب وإنما يرفضوا أصل الأخذ، لأنه إن لم نقل أن هذا حرام فهو من الشبهات التي ينبغي للإنسان أن ينزّه نفسه عنها.
فهل تتكرّر كلمة الإمام الحسين (عليه أفضل الصلاة والسلام) حينما قال: (( الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درّت معائشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل الديّانون ))؟
هل نسجّل على أنفسنا هزيمة وتراجعاً للقيم وللمبادئ وللمثل وانتصاراً للمصالح والنفعية والرغبات؟
هل نشاهد تعثُر الرجال وسقوطهم أمام بريق المادة وسلطانها أو يعيد لنا الحاضر ذكريات الماضي الغابر وعظمة الرجال التي أبت إلا تجسيد مبادئ الرسالة التضحية من أجلها كذكريات أبي وما أدراك ما أبو ذر؟
(( حينما جاء إليه ذلك الغلام وهو يحمل صرّة من المال بعثها معه سيّده ليوصلها إلى أبي ذر وقال له إن قبلها منك فأنت حر، فجاء إلى أبي ذر وأعطاه الأموال فأبى أبو ذر أن يأخذها.
فقال له العبد خُذها ففيها عتقي من الرقيّة.
فقال له أبو ذر: وفيها رقّي. )).
أفهل سوّلت لأبي ذر نفسه أن يأخذ الأموال بحجة تخليص العبد ومساعدته في أن يعيش حراً كريماً؟
أو هل سوّلت له نفسه أن يأخذها ويتصدّق بها على الفقراء؟
أو يأخذها لأنها حقه من بيت المال؟
أو لأنه إن لم يأخذها أخذها غيره وهو أحق بها منه؟
فهل سوّلت له نفسه بتلك الأعذار؟
كل ذلك لم يحصل. ولو أراد أن يأخذ تلك الأموال لاستطاع أن يبرّر لنفسه بمبرّرات وأعذار كثيرة ولكنها المبدئية والشموخ والتعفّف أبت كل ذلك؛ لأنه يعلم أن هذه الأموال ثمن استمالته وإسكاته عن الإجهار بالحق.
لقد رفض تلك الأموال لأنه يعلم أن في أخذها ترسيخاً للنفعية؛ ولأنه يعلم أن الكبار إذا ضعفوا أمام المغريات فقد أسّسوا لمجتمع يتسابق فيه الصغار من أجل الحصول على المادة وزخارف الدنيا وبريقها.
لقد رفضها لأنه لا يريد أن يتلاعب بقدسية هذا الدين ولا يريد أن يدنِّس طهارته ولا يكدّر صفاءه.
نتمنى أن نرى رجالات كأبي ذر وأضرابه ممن جسّدوا مبادئ الرسالة وانتصروا لها بمواقفهم وسيرتهم.

اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، اللهم لا تُخرجنا من هذه الدنيا حتى ترضى عنا، اللهم خُذ بأيدينا لما تحب وترضى ، اللهم أعنا على أنفسنا بما تعين به الصالحين على أنفسهم، الهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أبداً، اللهم اجعل عاقبة أمورنا إلى خير.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق