Archive

حركة أحرار البحرين

يزداد الوضع البحريني الداخلي تعقيدا مع تعدد الطروحات والمبادرات لمواجهة الانقلاب الخليفي ضد أهل البحرين وحقهم في الشراكة السياسية الحقيقية. الوضع اليوم لم يعد كما كان قبل ستة اعوام عندما سعى الحكم لايهام الناس بانه قد أصلح نفسه وتخلى عن اثوابه السوداء البالية.

لم يستمر الوهم طويلا، فما هي الا بضعة شهور حتى اتضحت حقيقة مشروع عائلة آل خليفة الذي هو الأخطر منذ احتلالها البلاد في 1783. فمنذ ان قام الشيخ حمد بتمزيق وثيقة العهد بين عائلته وأهل البحرين، لم يعد هناك مرجعية متفق عليها بين الطرفين، وتحول الخلاف الى حرب وجود بينهما. أهل البحرين أدركوا الآن ان الشيخ حمد حاربهم، وما يزال يحاربهم، بسلاحين: سحب الاعتراف بوجودهم كشريك سياسي، وقد اتضح ذلك بالغاء الدستور العقدي وفرض دستوره الخاص، واستبدال أهل البحرين الأصليين (شيعة وسنة) بغيرهم من الاجانب. هذه الحقائق تزداد وضوحا في اذهان المواطنين بشكل تدريجي، وكلما ازدادت وضوحا ازداد الغضب الشعبي عمقا وسعة. وجاءت تقارير البندر لتؤكد لهم، بما لا شك فيه، خطر المشروع الخليفي وضرورة دحره بكافة الوسائل لان نجاحه يعني القضاء على اهل البحرين: وجودا وحقوقا.

ثمة مظاهر عديدة لهذه الصحوة الشعبية المباركة: اولها حالة التمرد النفسية والسياسية ضد العائلة الخليفية، وتعمق مشاعر رفض هيمنتها بشكل لم يسبق له مثيل. المواطن البحريني اليوم لم يعد يحتمل وجودها على رأس الحكم، برغم ما يسعى البعض لاظهاره من ولاء و “تذاك” لأهداف سياسية او مادية. واصبحت الشعارات التي ترفع ضدها، سواء في المسيرات ام الاعتصامات ام الكتابات في المواقع الالكترونية ام الشعارات الحائطية، غير محدودة في استهدافها العائلة الخليفية ورفض حكمها واستبدادها. وأصبح الشيخ حمد يمثل، في نظر غالبية اهل البحرين، أسوأ حاكم عرفته البلاد منذ الاحتلال الخليفي لأسباب عديدة، واصبح يمثل تجسيدا عمليا لنقض العهود والمواثيق والاستبداد المطلق الذي لا يعترف بوجود اهل البحرين وحقهم في تحديد مصيرهم. وكثيرا ما شبهه الكتاب بالاحتلال الامريكي الذي سعى في بداية الامر لفرض دستوره الخاص على الشعب العراقي، لولا اصرار المرجعية الدينية هناك على رفض اي دستور لا يكتبه شعب العراق. وحيث ان دستور الشيخ حمد كتبه مرتزق مصري (رمزي الشاعر) ولم يحظ باستفتاء شعبي، فقد اصبح في نظر المواطنين، تعبيرا عن عقلية الاحتلال لدى الشيخ حمد وعصابته. وما الاعتصامات والتظاهرات التي عمت البلاد في الاسابيع الاخيرة بدون توقف، برغم الارهاب الخليفي الذي يمارس ضدها، الا مؤشر لعمق مشاعر الرفض لهذه العقلية.

ومن مظاهر هذه الصحوة الشعبية توسع دائرة المعارضة، وفقد الاجراءات الخليفية فاعليتها في تحييد المشاعر الوطنية. كان الحكم يسعى لايهام الجماهير والرأي العام في الخارج بوجود اصلاح سياسي وديمقراطية، وذلك من خلال السماح بانتخاب نصف اعضاء مجلس الشورى. ولكن ثبت الآن ان المواطنين لم ينخدعوا بتلك اللعبة، ولم يعد لديهم اية ثقة بالمجالس الصورية التي يشكلها النظام ويحاول اغراء اعضائها بالرواتب العالية والمخصصات المتميزة والوجاهات المفتعلة. وعندما حاول بعضهم لتمرير مشروع “الميليشيات الشعبية” لمواجهة المناضلين، انبرى له المواطنون انفسهم وأفشلوا الخطة، ورفضوا مشروع “كل مواطن خفير (جاسوس)”. لقد فشل المشروع “الانتخابي” الخليفي قبل ان يبدأ لان المواطنين الذين اكتووا بنيران الظلم والاضطهاد، وذاقوا طعم العذاب في زنزانات التعذيب الخليفية لا يمكن ان يستغفلوا بهذه الاساليب الخبيثة الماكرة، فلديهم قوة الشعور الغريزي التي تبعدهم عن كل ما يسبب لهم الموت والفناء. فلم يعد للمجالس الصورية التي شكلتها العائلة الخليفية الصدى الذي كانت تتوقعه بين المواطنين، بل اصبح الناس يراقبون اعضاء تلك المجالس بأعين مفتوحة وقلوب واعية، ويخضعون اعضاءها لفحوصات دقيقة للتعرف على مواقفهم وتحديد الموقف تجاههم. ويخطيء من يعتقد ان بامكانه “التذاكي” على الحالة الشعبية بجرها الى المشاريع الخليفية الخبيثة، او السعي لتطبيع العلاقات مع هذه العائلة الحاقدة، او اخماد جذوة النضال التي تعتمل في نفوس الجيل الجديد الذي شعر بألم الخداع والمكر الذي اشتمل عليه مشروع الشيخ حمد. ولن يستطيع احد الوقوف بوجه المد الجماهيري الحاشد نحو الحرية، ولذا يجدر بمن لديهم قدر من العقل والحكمة، العودة الى صفوف المناضلين، والابتعاد عن مجالس البغي الخليفية التي شكلت لاضفاء الشرعية على حرب الوجود ضد اهل البحرين وتمرير مشروع التجنيس السياسي الخطير.

يخطيء من يعتقد ان الشعوب بهائم يمكن استدراجها للمقاصل بشيء من الاغراء المادي او الالحان التي تستهويها. فلدى الشعوب، خصوصا المظلومة منها، غريزة حب الحياة، وا لتمرد على الموت، ومواجهة من يريد بها الشر. هذه الشعوب تتناغم مع دعوات الصمود والنضال لان لديها كرامة ليست مستعدة لاهدارها، وحقوقا لا تقبل بالتخلي عنها. قد يستسلم الافراد عندما تتعمق مشاعر الهزيمة والتعب في نفوسهم، اما الشعب فتتجدد طاقاته عبر اجياله. وقائد الامس قد يستسلم عندما يشعر بالضعف والخور، ولكن الشعب له حسابات اخرى تمنعه من الانجرار نحو الهاوية. اليوم تتصاعد الاصوات في البحرين من كل مكان، مطالبة بالصمود وتحدي الطغيان الخليفي بلا هوادة. تنطلق تلك الاصوات، تارة من حناجر الشباب اليافع الذي تجري في عروقه قيم الحرية وتراث النضال، واخرى من أفواه العلماء الشباب الذين ينطلقون على اساس الايمان الغريزي بالدين وقيمه واوامره بالتحرر من كل ما سوى الله، ولا يبحثون عن الاعذار للابتعاد عن خط مواجهة الظلم والاستبداد، وثالثة من اقلام الكتاب والمثقفين الشباب الذين قرأوا ملاحم البطولة في الانتفاضات السابقة خصوصا انتفاضة التسعينات المباركة، ويأخذون على انفسهم العهد باقتفاء آثار الشهداء الذين ضحوا من اجل الله والحرية والوجود والحقوق. هذه الاصوات تمثل للجيل المناضل، موسيقى متميزة تدفعهم للصمود ورفض قيم الا ستسلام، ويستعصون على سياسات الافساد المالي والسياسي التي ينهجها الحكم للقضاء على ثورة الشعب.

يعيش الوطن هذه الايام حالة صحوة جديدة، تبشر بالخير من جديد، وهي صحوة فرضت نفسها على المنظمات السياسية والحقوقية الدولية، وعلى وسائل الاعلام العالمية. تأتي هذه الصحوة بعد ان استنفذ الحكم الخليفي كل ما لديه من وسائل لاحتواء الوضع وتوجيهه نحو الاستسلام لمشروعه السخيف. فالمنظمات الحقوقية اليوم تسجل الانتهاكات المتواصلة من قبل النظام الارهابي الجاثم على صدور اهل البحرين، بعد توقف دام بضع سنوات، ومنها الاعتقالات التعسفية والتعذيب ومصادرة الحريات العامة والتمييز على اسس مذهبية وعرقية. وما التقارير التي صدرت في الشهور الاخيرة من منظمات دولية مثل هيومن رايتس ووج ومنظمة العفو الدولية ومنظمة “آيفكس” وتقرير الخارجية الامريكية الا بعض من تلك التقارير التي بدأت تحاصر حكم الشيخ حمد وتتهمه بارتكاب جرائم غير قليلة. اما وسائل الاعلام فقد بدأت في الفترة الاخيرة بالاهتمام بما يجري في البحرين، وبثت تقاريرها الصحافية حول الاعتصامات والاعتقالات ونشرت صور المواجهات التي اصبح الكثيرون يشبهونها بما يجري في فلسطين بين اهل فلسطين المظلومين وقوات الاحتلال الاسرائيلية. هذا برغم الانفاق الكبير الذي تقوم به العائلة الخليفية من اموال الشعب المحروم للتأثير على الرآي العام واسكات المنظمات الحقوقية الدولية. صحيح انها حققت شيئا من التأثير على بعض تلك المنظمات والجهات الاعلامية، ولكن صوت الحق لا يمكن ان يخمد، ولا تستطيع اموال قارون التعتيم على الحقيقة، فالله بالمرصاد لقارون وامواله التي سيخسف الله بها الارض عندما يحين الموعد. ان شعبنا على موعد مع النصر في حربه ضد اعدائه من المحتلين والغاصبين ومرتكبي جرائم التعذيب والاعتقال التعسفي والتمييز، فمرحى لشعب يتداول على موقع الصدارة فيه أجيال مؤمنة تعشق الحق وتدافع عنه، ولا تلهج السنتها بغير ذلك، وترفض الظلم والطغيان والاستبداد، فطوبى للصادعين بالحق، والمدافعين عن المحرومين، بالتصدي للظالمين والسارقين والمحتلين.

اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين.

حركة أحرار البحرين الإسلامية
30 مارس 2007

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق