Archive

Bahrain Freedom Movement

ستة اعوام تفصلنا عن اليوم المشؤوم الذي انقلبت العائلة الحاكمة فيه على الاتفاق الوحيد بينها وبين أهل البحرين، ذلك الاتفاق الذي جاء بعد الانسحاب البريطاني من المنطقة، وهي اعوام شداد، شهدت معارك سياسية وامنية بين الطرفين لم تنته بعد، ولن تتوقف ما لم يتم التوصل الى صيغة توافقية للتعايش. وفي هذه المناسبة وددت ان اشير الى عدد من النقاط:

1-   ان العائلة الخليفية احتلت البلاد في العام 1783، وما ان استقرت الاوضاع حتى جاء البريطانيون الى الخليج، وفي العام 1820 وقعوا مع مشيخاته اتفاقية منع القرصنة. وبموجب هذه الاتفاقية تعهد شيوخ القبائل في تلك المشيخات بالاستسلام الكامل للارادة البريطانية. وعلى مدى 150 عاما لاحقة لم يمارس آل خليفة الحكم الا في ظل الحماية البريطانية. فكان المواطنون يتظلمون لدى الانجليز عندما يطفح كيل الظلم الخليفي لهم، وما حصل في العشرينات من القرن الماضي أكد ان الانجليز كانوا هم الآمرين والناهين. وكرسوا سلطتهم في 1926 عندما جيء بالمستشار، تشارلز بليجريف، لمساعدة الشيخ حمد بن عيسى بعد استلامه الحكم من ابيه الذي نحاه البريطانيون.

2-   في العام 1971 انسحب البريطانيون من الخليج، ومن ضمنه البحرين. تم ذلك بعد ان استمزجت الامم المتحدة آراء شعب البحرين حول المستقبل السياسي لبلاده، فعبر عن رغبة اكيدة في دولة عربية مستقلة، يكون له دور في ادارة شؤونها. وفي العام التالي انتخب اعضاء المجلس التأسيسي لكتابة اول دستور دائم للبلاد. كان ذلك الدستور الوثيقة الرسمية الوحيدة التي اتفق فيها الطرفان: شعب البحرين والعائلة الخليفية على نمط الحكم. وقد تمسكت الطرفان بها لاعتقادهما انها الوثيقة الوحيدة التي تشرعن الحكم، فتنص على حكم العائلة الخليفية من جهة، وتجعل شعب البحرين شريكا مساويا في الحكم.

3-   فوجيء اهل البحرين بمشروع الميثاق الوطني، وادرك بعض الرموز انها مكيدة، ولكن البهرجة الاعلامية التي صاحبته، والتعهدات التي قدمها الأمير آنذاك، الشيخ حمد، دفعت الكثيرين الى التصويت على تلك الوثيقة.

4-   جاءت المفاجأة الثانية والأخطر في 14 فبراير 2002، عندما اعلن الحاكم، الشيخ حمد، عن الغاء دستور البلاد الذي كان، كما ذكرنا، مصدر الشرعية الوحيد للحكم الخليفي، و تحويل الدولة الى مملكة. وفي الوقت نفسه فرض على البلاد دستوره الخاص الذي كتبه له المصريون، وفي مقدمتهم رمزي الشاعر. ولم يتم التصويت او الاستقتاء على ذلك الدستور.

5-   كانت تلك هي لحظة المفاصلة التاريخية بين شعب البحرين والمشروع السياسي الذي دشنه الشيخ حمد. ففي ذلك اليوم ادرك المواطنون عددا من الحقائق: اولها ان انقلابا خطيرا قد حصل على الوعود التي قدمت للمواطنين، والتي دفعتهم للتصويت على ميثاق الشيخ حمد قبل عام واحد. ثانيها: ان الحكم الخليفي لم تعد له شرعية شعبية بعد الغاء الدستور الذي كتبه الطرفان بعد  الانسحاب البريطاني. ثالثها: ان البلاد دخلت نفقا مظلما جديدا، وانتهى بذلك “ربيع الانفتاح” السياسي. رابعها: كان هناك اجماع على رفض دستور الشيخ حمد لفقدانه الشرعية الشعبية، ولتناقضه مع التعهدات التي قدمها الشيخ حمد ونجله ووزير عدله آنذاك، بان تكون الحاكمية لدستور 73. خامسا: ادرك الشعب ايضا انه امام مفترق طرق بين الاستسلام للواقع الجديد او فتح ملف النضال مجددا، وما يتضمنه ذلك من تضحيات ومواجهات سياسية وامنية. سادسها: ان طيبة شعب البحرين، وثقته العمياء في طرف مخادع، لا يحترم العهود، ولا يلتزم بما ألزم به نفسه مرارا، هي السبب الاول في ما آلت اليه الامور.

6-   في ضوء الحقائق السالفة، دخلت البلاد نفقا مظلما جديدا تواصل عبر السنوات الست. وخلال هذه الفترة راهنت العائلة  الخليفية على ان المظهر الانتخابي سيقنع المواطنين والعالم بديمقراطية النظام. اي ان المشروع الديمقراطي الموعود اختزل بالانتخابات لمجالس صورية غير ذات شأن ولا حول لها ولا قوة.

7-   لا بد من تسجيل نقطة مهمة وهي ان الشيخ حمد عمل بما قدمه له خبراؤه الاجانب والمحليون، واستطاع اختراق الصف المعارض الذي انقسم الى عدة اصناف: فما بين من تحول الى الصف الحكومي، ومن قرر لنفسه موقف ما يعتبره موقفا محايدا، ومن شارك في المشروع السياسي بعنوان المعارضة، ومن قرر البقاء خارج النظام والعمل لتغييره ما استطاع الى ذلك سبيلا.

8-   لقد قررنا البقاء خارج النظام لاعتقادنا ان النظام لم يترك ثغرات تساعد على احداث تغيير فيه من داخله. ونقصد بالنظام اساسا شكل الحكم، فمن الذي يحكم؟ ومن اين يستمد شرعيته؟ وما هي صلاحياته؟ وما دور المواطنين في الحكم والادارة والرقابة والمحاسبة؟ فما لم يتم الاتفاق بين الطرفين: شعب البحرين والعائلة الخليفية على طريقة حكم هذه البلاد، فسوف نظل معارضين لنظام الحكم، نسعى لتغييره بدون ان نتردد في التصريح بذلك، ولا تخيفنا اراجيف العائلة الخليفية وترهيبها، فنظام الحكم الحالي مرفوض بدون  تردد، لانه يعتمد على اساسين خطيرين جدا: اولهما ان العائلة الخليفية هي صاحبة الحق المطلق في تحديد نمط الحكم وفق دستور فرض على الشعب بالقوة، وليس بالتوافق كما حدث في 1972. ومن خلال النقاش مع بعض رموز العائلة الحاكمة، اتضح عدم جدوى السعي للتغيير من داخل النظام، اي بالعمل وفق دستوره  ومن خلال مجالسه ومؤسساته. وهذا مبدأ مرفوض، اذ لا يمكن ان يقبل اهل البحرين بالاستعباد، ولا يقبلون بالعودة الى العشرينات من القرن الماضي  عندما كانوا مستعبدين لرموز العائلة الخليفية، ومستهدفين في حياتهم وارزاقهم من قبل الفداوية الذين جيء بهم من وادي الدواسر. وثانيهما: تغيير التركيبة السكانية بشكل جوهري، وذلك عبر مشروع التجنيس السياسي الذي يعتبر ابادة ثقافية وانسانية لشعب البحرين الاصلي (شيعة وسنة). وللتوضيح فان تعريف الابادة لا ينحصر في القتل الجماعي كما حدث في رواندا والبوسنة وكوسوفو، بل يشمل ايضا العمل بسياسات تستهدف وجود السكان الاصليين ثقافيا وبشريا، واستبدالهم بآخرين مستوردين من اصقاع الارض. وقد مارست دول عديدة هذا النمط: فعله الاوروبيون في استراليا ضد الابوريجينيز، وضد الهنود الحمر في امريكا، وضد الملاويين في سنغافورة، وضد  الفلسطينيين من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلية.

من هنا فان مهمة الحركة الوطنية لا تقتصر على الاهتمام بالجانب الدستوري فحسب، وان كان ذلك من اهم ركائز الاصلاح السياسي، بل تشمل التصدي لظاهرة التجنيس السياسي والهندسة الديمغرافية، فذلك من اخطر ما يواجه اي مجتمع. وقد اثبتت تجربة العامين الاخيرين ان رواد المشروع السياسي الحالي مستعدون للفتك والتنكيل وقتل الابرياء من اجل الحفاظ على مشروعهم الشرير. ولم يعودوا يهتمون للانتقادات حول انتهاكات حقوق الانسان، فها هو التعذيب يمارس على اوسع نطاق، والشهداء يتساقطون تباعا، بدون ان يجرى اي تحقيق في ظروف استشهادهم، ابتداء بمحمد جمعة الشاخوري، مرورا بمهدي عبد الرحمن وعباس الشاخوري وانتهاء بالشهيد السعيد علي جاسم مكي. وها هي اموال البلاد تنفق بدون حياء او خجل لاستقدام المرتزقة وتعبئتهم لخدمة المشروع الشرير الذي يهدف للقضاء على هوية البحرين وشعبها وتاريخها، ويفرض نمط حكم استبدادي رهيب، ظاهره الانفتاح والاصلاح، وباطنه التغيير الشامل الذي يحول البحرين الى مملكة خليفية لا صلة لها بتاريخ البلاد وثقافتها واهلها.

ايها الاخوة والاخوات: هذه حقائق نعيشها وندركها جميعا، فما نحن فاعلون؟ ان الوضع يزداد قمعا وخنقا للحريات، وتكريسا للمظاهر الخاوية والتسطيح السياسي، والاستعباد والتهميش، فما تقولون؟

Show More

Related Articles

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

Close