Archive
Bahrain Freedom Movement
تجربة الشعب البحراني مع جريمة التعذيب تكشف عمق الخبث الخليفي في التعاطي مع واحدة من اكبر الجرائم ضد الانسانية. تلك التجربة لم تصل الى نهاية مرضية بسبب رفض النظام تجريمها من الناحية العملية. وتضاف اليها اليوم جريمة الابادة التي يتعرض لها اهل البحرين. وفي الحالتين التزمت العائلة الخليفية سياسات مخزية تؤكد إصرارها على السياسات الاجرامية التي انتهجتها منذ ان دنست اقدام اسلافها ارض البحرين الطاهرة. وقد اثبتت الاعوام السبعة الاخيرة استحالة المواءمة بين ديكتاتورية الحكم التوارثي وقيم الحرية والعدالة والديمقراطية. فهما نقيضان لا يلتقيان، مهما حاولت آلة التشويش السلطوية الترويج لغير ذلك. وللتأكيد على هذه الحقيقة هناك عدد من الشواهد العملية.
باديء ذي بدء يعتبر التعذيب جانبا اساسيا في تعامل العائلة الخليفية مع اهل البحرين. ومنذ ان تأسس نظام التعذيب على يدي الضابط البريطاني الاستعماري، ايان هندرسون في 1966، أصبح سياسة تمارس بدون استحياء كلما شعرت العائلة الخليفية بالحاجة اليها. وبرغم صدور قرارات دولية متتالية تدين هذه الممارسة فما تزال تمارس ضد السجناء السياسيين. وفي الجلسة الاخيرة من المحاكمات الصورية لأبناء البحرين الابرياء، كشف العديد منهم عما تعرض له من تعذيب رهيب على ايدي الجلادين في زنزانات التعذيب. لقد عرض هؤلاء معاناتهم بوضوح، ولكن القاضي الذي عينته العائلة الخليفية كان فاقدا لأبسط القيم الانسانية، فضلا عن قيم العدالة، فلم يتخذ اجراء واحدا للتحقيق في مزاعم الضحايا. وأكد احدهم ان قاضي التحقيق الذي يفترض ان يؤسس دعواه ضد المتهمين على اساس الدليل الواضح، اعاده الى الجلادين عندما رفض توقيع “الافادة” التي كتبت له سلفا، وقال انه وقعها في المرة الاولى تحت التعذيب. قاضي التحقيق اعاده الى الجلادين ليقوموا بتعذيبه مرة اخرى لكي يوقع على ما كتبوه له من “اعترافات” مزيفة. هذا هو نظام العدل الخليفي الذي يسعى ولي العهد الحالي، للترويج له مستغلا اموال الشعب لـ “اقناع” الآخرين به.
منذ بداية عهد الشيخ حمد، الذي ثبت الآن انه أسوأ كثيرا من عهد عمه رئيس الوزراء، كان واضحا ان النظام الخليفي ليس جادا في ما يدعيه من اصلاح، وانه انما يستعمل لغة جوفاء حول الاصلاح ومنع التعذيب. واتضح غياب الاصلاح عندما اصدر الشيخ حمد في 2002 القرار المشؤوم رقم 56 الذي يوفر حماية لمرتكبي جرائم التعذيب. وبرغم الاحتجاجات الدولية ضد ذلك القرار، فقد رفضت العائلة الخليفية الغاءه برغم تناقضه مع بنود معاهدة منع التعذيب التي يفترض ان البحرين وقعت عليها. ماذا يعني ذلك كله؟ انه يعني ان الحكم الخليفي يستعمل ازلامه لممارسة الادوار القذرة كالتعذيب والاعتداء على اهل البحرين، ثم يوفر الحماية لهم، ويسعى لاسكات من يطالب بمحاكمتهم، اما بالترغيب او التهديد. ونتيجة لذلك استمرت ممارسة التعذيب حتى الآن بدون توقف، ومعها القتل خارج القانون والاعتقالات التعسفية وكافة انتهاكات حقوق الانسان. فلو ان مرتكبي جرائم التعذيب السابقين مثل ايان هندرسون وعادل فليفل وخالد الوزان وعبد العزيز عطية الله آل خليفة وغيرهم حوكموا كما ينص عليه دستور البحرين ومعاهدة منع التعذيب، لما تجرأ المعذبون الحاليون على الاستمرار في ارتكاب تلك الجرائم. وكل ما فعله الشيخ حمد بعد استلامه الحكم تغيير بعض الوجوه بقسم التعذيب بوزارة الداخلية، بدون ان يعاقب المذنب او الاقتصاص للمظلوم. وعندما احيل هندرسون على التقاعد كان عمره 75 عاما، فهل هذا يعتبر عقابا له؟ اما فليفل فقد ذهب الى أستراليا وبدأ مشاريع تجارية هناك بالاموال التي سرقها من الناس، ولكن ضحاياه تحركوا ضده، وسعوا لاعتقاله ومحاكمته، ولكن الشيخ حمد تدخل، واعاده الى البلاد. كان فليفل قد هدد بالاعتراف على عدد من رموز العائلة الخليفية المتورطين في التعذيب او اصدار الاوامر بذلك، واشترط توفير ضمان بعدم تعريضه للمحاكمة بعد عودته، فاصدر الشيخ حمد قانونه المشروم رقم 56 لضمان سلامة فليفل وبقية المعذبين.
ولم تتوقف جرائم النظام عند ذلك. فمنذ ان استلم الشيخ حمد الحكم من والده في 1999 بدأ مشروع التوطين، وذلك ضمن خطة لاستبدال شعب البحرين الاصلي (شيعة وسنة) بمستوطنين اجانب من كافة الاصقاع، يختارون حسب مواصفات خاصة بالاصل والعرق والدين والمذهب. انها جريمة ابادة شعب بأسلوب غير دموي. وكما اعتمدت العائلة الخليفية على هندرسون وفليفل وعطية الله آل خليفة، لقمع أهل البحرين بالتعذيب، فقد أوكل الشيخ حمد تنفيذ جريمة الابادة لشخصين اساسيين: خالد بن أحمد آل خليفة، وزير ديوانه، وأحمد عطية الله آل خليفة، شقيق المعذب المعروف، عبد العزيز عطية الله آل خليفة. وعلى مدى الاعوام الثمانية الاخيرة، تم توطين عشرات الآلاف من الاجانب، وذلك ضمن مشروع تغيير التركيبة السكانية لخدمة اهداف سياسية لدى العائلة الخليفية. الجريمة انكشفت بكل وضوح، واصبح القاصي والداني يدرك الاهداف الخبيثة وراءها. وقد سعى بعض الاعضاء من النصف المنتخب لمجلس الشورى الذي شكله الشيخ حمد، تحت الضغط الشعبي وتنامي النقمة ضد جريمة التوطين وتغيير التركيبة السكانية، لاستجواب أحمد عطية الله، الذي ظهر اسمه في تقرير البندر الشهير، كرئيس جهاز المهمات القذرة، الذي من مهماته دفع عملية التوطين والابادة، بالاضافة الى تغذية التوتر الطائفي لتقوية موقع العائلة الخليفية، وتكريس التماير المذهبي عبر مشاريع عديدة تشجع التحول عن المذهب الشيعي الذي تعتنقه غالبية شعب البحرين. ان الجرائم التي ارتكبها أحمد عطية الله آل خليفة لا تقل بشاعة عما ارتكبه شقيقه بحق ابناء البحرين من تعذيب واعتقال تعسفي واستباحة المناطق الآمنة، وهتك الحرمات، ولا تقل بشاعة عن جرائم القتل الذي تمارسها فرق الموت التي يديرها خالد بن أ؛مد آل خليفة، وزير ديوان الشيخ حمد.
فما هي خطة الشيخ حمد للالتفاف على المطالبة الشعبية باعتقال أحمد عطية الله آل خليفة ومحاكمته بارتكاب جرائم ضد الانسانية؟ ربما اعتقد الشيخ حمد وعصابته ان بامكانهم تمرير جريمة الابادة البشرية بدون تكلفة باهضة، خصوصا بعد ان استعمل سياسة التهديد والترغيب، واستمال بعض العناصر الى جانب مشروعه التخريبي. غير ان وعي المعارضة التي قررت العمل خارج الاطر الرسمية، استطاعت كشف تلك الجرائم للرأي العام المحلي والعالمي. فهاهي العائلة الخليفية تحاكم مجددا في مجال انتهاكات حقوق الانسان، وسوف تبدأ قريبا جلسات تلك المحاكمة بمجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة. اما قضية احمد عطية الله آل خليفة، فهي معقدة، خصوصا بعد ان سعى بعض اعضاء مجلس الشيخ حمد، كما أسلفنا، لتوجيه بعض الاسئلة اليه. وقد عمل خليفة الظهراني، وكيل العائلة الخليفية المسؤول على لجم الاصوات المعارضة وادارة “الأداة الديمقراطية” بشكل يوهم الآخرين بوجود ديمقراطية خليفية متميزة. ولكنه فشل فشلا ذريعا وتحول مجلسه الى بؤرة للفساد والاثارات الطائفية والاحتقان السياسي، واصبح في نظر المواطنين جهازا لتمرير القوانين التعسفية والارهابية التي ينص بعضها على سفك دماء المواطنين فيما لو امتلكوا منشورا ضد الاستبداد الخليفي. بعض المعلومات يشير الى ان الشيخ حمد قرر الاستغناء عن خدمات أحمد عطية الله آل خليفة بعد ان اصبح وجوده يمثل عبئا على العائلة الخليفية، ويتوقع الاعلان عن ذلك قريبا، خصوصا ان الجرائم التي ارتكبها تفوق ما فعله اخوه وبقية المعذبين قبله. فقد شارك من قيادة مشروع الابادة البشرية في البحرين، واصبح متهما بارتكاب جرائم خطيرة جدا ضد الانسانية. وقد بدأت المعارضة في اعداد ملفات خاصة بما ارتكبه هذا المجرم، واصبح بقاؤه في منصبه محرجا للحكم. ومن المتوقع تكرار ما حدث سابقا، من حماية مرتكبي الجرائم، اذ لا يتوقع تسليم أحمد عطية الله آل خليفة الى الجهات المحلية او الدولية للمحاكمة، لان في ذلك فتحا للملفات الخطيرة التي تحتوي على تفصيلات المشروع الخليفي المقيت. انه فصل آخر من فصول المواجهة بين اهل البحرين والبيت الخليفي المجرم. لقد انتهى أحمد عطية الله كما انتهى اخوه، بالخزي والعار، وبدأت الانظار تتوجه نحو المجرم الكبير، خالد بن أحمد آل خليفة، رئيس جهاز فرق الموت الرهيب.