Archive
Bahrain Freedom Movement
عباس ميرزا المرشد – 12/05/2008 – 19:47 | مرات القراءة: 267 |
من المؤكد أنه لا يوجد ارتباط بين عملية التجسس التي زعم وليد جنبلاط بيك أن حزب الله يقوم بها لتنفيذ هجوم وشيك على مطار بيروت من خلال المدرج 17 وبين فزعة بعض النواب من تسريب صوتي لإحدى جلسات الاستجواب ونشرها في المواقع الإلكترونية وخشية هذا النائب من وجود تسجيلات أخرى لبعض الجلسات السرية بهدف نشرها لاحقاً. إلا أن كلتا الحالتين توضحان أن ذهنية كلا المصدرين لهذه التحذيرات مفعمة بروح المؤامرة والخيال الواسع والرغبة الجامحة في تأجيج ما لا يمكن تأجيجه.
فالمدرج 17 المكشوف من سطوح البنايات المجاورة يصبح مستهدفاً بكاميرا عادية وضعت على جانب إحدى الطرق المؤدية لمطار بيروت، في حين أن عيون الـ «غوغل» (Google earth) كما يقول ميشل عون أوسع من تلك الكاميرا وأكثر ضبطاً للحركة وأكثر دقة. لأن قدرة الخيال واسعة جداً عند وليد جنبلاط وفريق الموالاة، فهو قادر بلا شك على ربط هذه الكاميرا بشبكة الاتصالات الخاصة بحزب الله الذي يسعى إلى توسيعها لتصل إلى إيران بحسب زعم المتخيل ربما. وسيكون من السهل جداً بعد ذلك ربط هذه الحوادث بتقرير صحيفة «نيويورك تايمز» عن تدريب عناصر من حزب الله لمقاتلين عراقيين في إيران. المراقبون للوضع اللبناني لا يرون في هذه الاتهامات أي جديد سوى التحضير لمزيد من الحصار الإعلامي لموقع المقاومة وحلفائها ورغبة في تكسير الشرعية الشعبية التي حققتها المقاومة بانتصار حرب يوليو/ تموز .2006 وفي الوقت نفسه ولأن الساحة اللبنانية تعتبر محط صراع قوى إقليمية وعالمية فمن الطبيعي أن تنشط قدرة المخيلة لتؤدي في النهاية غرضها الوحيد وهو الحرب الداخلية على غرار ما يحدث في غزة والضفة الغربية أو كما يحدث في العراق.قد تكون الساحة اللبنانية قادرة على استيعاب مثل هذه الخيالات وتمتلك القدرة على التكيف معها بدرجة ما، ولكن من دون شك أن ساحة صغيرة مثل البحرين لاتزال غير مؤهلة للتجاوب مع مثل هذه المخلية الواسعة، فتارة هناك ربط صفوي بين بعض العناصر السياسية الناشطة وبين جهات إيرانية، وأخرى معسكرات تدريب على المولوتوف، وثالثة خلايا اغتيال لرجال الشرطة، ورابعة بيع أراضٍ لإيرانيين، وخامسة تشكيك في الولاء والوطنية، وسادسة اتهامات صريحة بالانحراف العقائدي وممارسة الشرك، وأخيراً وليس الوضع كذلك مراسلة المواقع الإلكترونية وكشف أسرار الدولة.لا أعتقد أن الحصول على مواقع قوة ونفوذ لها علاقة بما أسميه «المماثلة السياسية»، أي سعي بعض الأطراف لمماثلة نظرائها في الدول المجاورة ومحاولة تقليدها في الطرح والأسلوب. فهذه المماثلة لن تخرج عن كونها مماثلة ساذجة، ولكن مع الأسف يوجد لها مناصرون كثر فيما بيننا. الحصول على مواقع القوة إذا ما أريد له أن يكون مماثلاً لبعض الأطراف يجب أن يكون على أرضية أخذ العبر والدروس والنتائج وليس مماثلة الطريقة والأسلوب. فإلى أين يمكن لأسلوب المخيلة و«طريقة ربما» أن يأخذا البلاد؟ وإلى أين يمكن لأسلوب التشكيك والتخوين والاتهام أن يؤدي بنا كجماعة متنوعة ومتعددة تعيش هواجسها وآلامها معاً؟إحدى أبرز نتائج أسلوب المخيلة الواسعة هو الزج بنا في مهاترات واحتراب داخلي نحن بحاجة إلى تجاوزه لا التقاطع معه حتى ولو كنا نختلف بدرجة عميقة وكبيرة. ماذا لو افترضنا مخيلة أخرى أكثر اقتراباً إلى مطالب المشروع الإصلاحي من مخيلة الاتهام والتشكيك؟ مخيلة تسعى لأن تكون الاستجوابات علنية بدلاً من الغرف المغلقة التي تتعارض مع روح الاستجواب وقوته الدستورية. ماذا لو كان بإمكاننا أن نتخيل أن العناصر الموجهة من الخارج هي قبل كل شيء عناصر وطنية تمتلك رؤية سياسية واضحة؟ ما الذي سيحدث لو تخيلنا أن المعسكرات التدريبية المزعومة هي خلل إعلامي يجب إصلاحه قبل أي إصلاح؟
ليس المطلوب من أي منا التخلي عن قناعاته السياسية أو الفكرية، ولكن المطلوب هو التحلي بالشجاعة التي تبتعد عن تهور المخيلة وأمراضها المزمنة.