Archive
Bahrain Freedom Movement
22/06/2008 – 13:42 | مرات القراءة: 91 |
نتمنى أن نرى مثل هذه الحشود ومثل هذه المسيرة في قضايانا الكبرى، التي هي أيضاً قضايا هامة وهامة جداً. قضايا المرتبطة بالتجنيس والتمييز، المرتبطة بالسجناء والمعتقلين الذين يعانون أشد ألون التنكيل والاضطهاد داخل السجون. نتمنى أن نشاهد حركة جماهيرية يتقدّمها العلماء والرموز ومن خلفهم أبناء هذا الشعب يطالبون ـ على الأقل ـ بأن يحاكم هؤلاء المستضعفين محاكمة عادلة، محاكمة مستوفية للشروط. وهذا أمر من صميم دين الله.
كلمة السبت
لسماحة الشيخ
عبد الجليل المقداد(حفظه الله تعالى)
بالبلاد القديم، بمسجد الرفيع( جمّالة)
بعد صلاة الظهرين بتاريخ 17جمادى الآخرة 1429هـ
الموافق لـ: 21/6/2008م.
القسم الثاني من الحديث(1) :
أحببت أن أعلّق ـ بعض التعليق ـ على المسيرة الجماهيرية الحاشدة التي خرجت انتصاراً لقيمها وانتصاراً لمبادئها وانتصاراً لرموزها ورجالاتها.
أولاً: لابد من وضع التعدّي في سياقه الصحيح:
أول تعليق يُقال في هذا المقام أننا أمام مؤامرة كبرى ينبغي أن يكون التعاطي معها بحجمها ولا ينبغي أن نتعامل معها بصورة تجزيئية؛ فهناك منبع يأتي منه الماء ـ من هنا وهناك ـ وينبغي أن تُفكِر في إيجاد حل للمنبع.
هذا الرجل وغيره أدوات بأيدي آخرين يحرِّكونهم حيثما شاءوا، وينبغي أن نقف في وجه التحدّي الأكبر، وأن نقف في وجه من يحرّك هؤلاء، والذين إذا سكت الواحد منهم أو اقتضت مصلحتهم إسكاته، تحرّك آخرون وفي مجال آخر، وهم كُثر ـ كما تشاهدون ـ خطباء، أئمة مساجد، وكتّاب صحف ومتنفّذون وغيرهم فهم جيش كبير ونحن أمام مؤامرة كبرى تستهدف الطائفة وينبغي أن يكون التعاطي بحجمها.
أما التعاطي التجزيئي مع هذا الحدث فلا يوصل إلى حل أساسي؛ وإن كانت بعض القضايا الجزئية ـ أحياناً ـ تحتاج إلى موقف عاجل، ولكن ـ بنحو العموم ـ ينبغي على الإنسان أن يتوجه إلى الأصل والمؤامرة الكبرى التي تُحاك ضده. فالمؤامرة الكبرى يجب الوقوف بوجهها؛ فإن وُفقنا في ردها والتصدّي لها والقضاء عليها فذلك بفضل من الله(تعالى) وهو المطلوب، وإلا فقد قمنا بما يمليه علينا الدين والواجب والضمير، وفرق بين أن تعمل وأن لا تعمل.
ثانياً: المسيرة جاءت متأخرة:
إذا وقفت أمام التحدي فأنت قمت بما عليك من مسؤولية ولن تُعاتب من قبل أحد، أما إذا أهملت وإذا قصّرت فأنت مورد عتاب، والدليل ـ يا أخي ـ أننا الآن نشاهد أن البعض يلوم الآباء والأجداد بأنهم كيف أُخذت منهم الأرض ويعاتبهم على ذلك، كيف قصّرتم في الحفاظ عليها وكيف تنازلتم في الحفاظ على ما في أيديكم، وأنت تتكلم عن ماضٍ يزيد على المائتين سنة أو ما شابه ذلك.
هؤلاء ربما لم تتوفر لهم الظروف كما هي متوفرة لنا اليوم، ومع ذلك يوجّه البعض منا اللوم ويسجّل التقصير على آبائنا وأجدادنا ويقول أنكم ما قمتم بما كان ينبغي أن تقوموا به، وما يجب أن تفعلوه حفاظاً على ما في أيديكم، فالبعض يعتبرهم السبب أو جزء السبب في الحالة التي نعيشها الآن ويسجل عليهم التقصير.
إننا اليوم نتوفر على قدرة على التغير ومساحة في ذلك قد لا تكون متوفرة لأولئك فاللوم يوجّه لنا بصورة أأكد.
المسيرة جاءت متأخرة؛ لأننا ـ ومنذ مدة ـ نشاهد النيل من رموزنا ومن مشايخنا ومن مذهبنا، ومن عقائدنا ومن قيمِنا؛ فمنذ مدة والسهام توجه لنا، ولو أننا وقفنا الموقف اللازم حينما بدأت السهام تتوجه إلينا لكان من المظنون ومن المرجو أن نجنب أنفسنا كثيراً من هذه التداعيات والمصائب التي نعيشها؛ فالمسيرة هذه كان ينبغي أن تنطلق قبل ثلاث أو أربع سنوات إلا أنها جاءت متأخرة، ولكن ـ ومع ذلك ـ فإن الضرر في أي وقت أمكن للإنسان أن يدفعه أو يعمل على رفعه فهو أمر حسن.
ثالثاً: ماذا عن قضايانا الأخرى؟
نتمنى أن نرى مثل هذه الحشود ومثل هذه المسيرة في قضايانا الكبرى، التي هي أيضاً قضايا هامة وهامة جداً. قضايا المرتبطة بالتجنيس والتمييز، المرتبطة بالسجناء والمعتقلين الذين يعانون أشد ألون التنكيل والاضطهاد داخل السجون.
نتمنى أن نشاهد حركة جماهيرية يتقدّمها العلماء والرموز ومن خلفهم أبناء هذا الشعب يطالبون ـ على الأقل ـ بأن يحاكم هؤلاء المستضعفين محاكمة عادلة، محاكمة مستوفية للشروط. وهذا أمر من صميم دين الله.
ليس أمراً هيناً أن يبقى إنسان خلف القضبان يعاني ما يعاني، ويُتجاوز عليه، ويُمتهن في كرامته، ويوهّن ويضيّق عليه، ويعذّب، وهذا أمر من دين الله (سبحانه وتعالى)؛ فليهبّ المؤمنون لنصرة إخوانهم ولنجدتهم، وللمطالبة بالتحقيق فيما ينقل كثيراً ـ وبعضه حق ـ من تعرّض السجناء للتعذيب والامتهان والمذلة.
فينبغي أن يهبَّ المؤمنون لنصرة إخوانهم ـ وبالأساليب السلمية ـ كما خرجنا وخرج المؤمنون بالأمس انتصاراً لدينهم ولرموزهم؛ فينبغي أن يخرج المؤمنون انتصاراً لإخوانهم ولكرامة إخوانهم وحفظ شأنهم، ولمعرفة حقيقة الحال في كل ما يقال عن ما يجري لهم خلف تلك القضبان فهذا أمر من دين الله.
هذا أمير المؤمنين(عليه السلام) يقول في حق امرأة معاهدة( يعني امرأة يهودية أو نصرانية ولكنها تعيش في كنف البلد الإسلامي ) وهذه المرأة حينما أُهينت كرامتها أبدى أمير المؤمنين( عليه السلام) ذلك التأسُّف والألم على أن تهتك كرامة امرأة مسلمة أو أخرى معاهدة.
يقول(صلوات الله وسلامه عليه): ” ولقد بلغني أن الرجل منهم ” أي من جيش معاوية.
” كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة فينتزع حجلها وقلبها وقلائدها” الحلي الذي كانت تلبسه.
” ورعاثها ما تمتنع منه إلا بالاسترجاع والاسترحام، ثم انصرفوا وافرين” بعد أن فعلوا ما فعلوا، والآن أيضاً الجلادون ومصاصو الدماء الذين تلطخت أيدهم بدماء الأبرياء وفعلوا ما فعلوا وهتكوا الحرمات، هم أيضاً انصرفوا وافرين، والقوانين تظللهم، وتمنع الأيدي من أن تصل إليهم، بل هاهم يعودون مرة ثانية يمارسون الدور الذي مارسوه.
” ثم انصرفوا وافرين ” هؤلاء أيضاً انصرفوا وافرين.
” ما نال رجل منهم كلم ولا أريق لهم دم” بعد كل هذا المشهد الفظيع، وكيف أنه تُهتك كرامة المرأة المسلمة ـ والأخرى المعاهدة ـ ويُنزع منها حليّها ثم ينصرف القوم وافرين وكأن شيئاً لم يحصل، ولم يتصدَّ لهم أحد، ولم يُوقف في وجوههم، بعد هذا المشهد يقول أمير المؤمنين(عليه السلام) : ” فلو أن امرأ مسلماً مات من بعد هذا أسفاً ما كان به ملوماً عندي بل كان به جديراً”.
بعد أن شاهد هذا المشهد أو سمع به لو أنه مات ألماً وحسرة فإنه لا يلام، بل ليس فقط لا يلام بل إن الأمر يستحق أن الإنسان يقضي من هوله حسرات ويموت وهو يتجرّع الغصص لمثل هذه المشاهد.
أبا الحسن: ما تقول في فتية يقضون في السجون أيامهم، تُهتك حرمتهم وتمتهن كرامتهم ولا تصل إلى أحد أخبارهم ولا يعلم أحد حقيقة ما يعانون من ضيم واضطهاد إلا الله(سبحانه وتعالى) وجلاّدهم.
قد تتسرّب بعض الأخبار المؤلمة من هنا وهناك ولكن ما يعيشه هؤلاء من حقيقة المحنة العظيمة لا يعلم به إلا الله(تعالى). أبا الحسن: ما تقول في هؤلاء؟
ما تقول لو أن امرأ مسلماً مات همّاً بعد أن يسمع هذا وما يجري على النساء اللواتي أهينت كرامتهن وضُربن ونالهن الأذى من هؤلاء المرتزقة؟ ما تقول؟
هل يكون الإمام له لائماً لو مات هماً وحسرة؟
لا يكون له لائماً؛ لأنه ما الفرق الجوهري بين المشهدين؟
هنا ظلم واضطهاد وهناك ظلم واضطهاد. هناك كان بالإمكان أن يتصدى لهم ولم يتم التصدي وهنا الحال كذلك أيضاً. هناك تم التعدي على النساء وهنا تم التعدي الوضيع على نسائنا وضربن وتم التعدي على كراماتهن.
أقول: ليتنا نشاهد مثل هذه المسيرة من أجل المطالبة ـ على أقل تقدير ـ بمحاكمة هؤلاء السجناء المستضعفين بمحاكمة عادلة. إذا كانوا متهمين فليحاكموا محاكمة عادلة تؤمِّن لهم حقهم وتحفظ حقوقهم الطبيعية المنتهكة، وهذا مطلب بسيط ومشروع وسلمي.
رابعاً: لا يمكن لأحد أن ينفرد بالساحة وينجح :
أثبت الواقع أنه لا يمكن لأحد ان يتصدى لوحده منفرداً من أجل استرجاع حقوق الطائفة ورفع الظلم والإضطهاد عنها، هذا واقع أثبت نفسه، وأصبح ضرورة واضحة فلنتعاط مع هذا الواقع بجد، وينبغي أن نتحاور بجد وإخلاص من أجل معرفة الأسلوب الأنجح والأنجع والأفضل من أجل رفع الضيم عنا واسترجاع حقوقنا.
خامساً: القيادة علمائية ولكن بشرطها وشروطها:
وأأكد هنا على حقيقة وهو أن الجميع ( أنا وأنتم وأبناء هذا البلد ) لا يرضون إلا بقيادة علمائية، ولسنا على استعداد أن نقبل بغير قيادة العلماء ولكن هذا المعنى حينما نقوله فإنه يمثل مسؤولية كبيرة على العلماء وهو ليس منصباً تشريفياً وإنما هو مسؤولية عظيمة على العلماء، ففي الوقت الذي نصرُّ فيه على القيادة العلمائية فإننا نحمّل القيادة العلمائية مسؤولية التصدي لهذا الواقع المأساوي وهذا عبء لا يقوى عليه رجل واحد.
وإنما ينبغي أن يتصدى له ثلة من علماء البلد ومن خلفهم المؤمنون الأخيار الصلحاء، والمأمول من الله(سبحانه وتعالى) أن يسدد وأن يعين وينصر وما علينا إلا أن نحسن الظن بالله(سبحانه وتعلالى).
هذه الجماهير المؤمنة لن تقبل السير إلا خلف قيادة العلماء ولكن هذا يحمّل العلماء مسؤولية عظيمة، وهو ليس منصباً تشريفياً لأحد، ولا يقوى على هذا المنصب رجل واحد. ولا زلت أكرر بأنه ينبغي أن يتصدى لهذه المسؤولية العظيمة ثلة من العلماء، فإن وُفقنا لرفع الضيم عنا واسترجاع حقنا فهو المطلوب ـ كما قلت ـ وإلا فنكون قد قمنا بوظيفتنا، فالوضع جدُّ خطير.
سادساً: الحديث عن انتخابات(2010م) سابق لأوانه:
في ظل هذا السياق يكون الحديث عن انتخابات 2010 سابق لأوانه، وأرى أن فيه تجاوزاً لدعوات الخير وما يطرحه الآخرون من ضرورة الحوار والتفكر والتأمل في الوضع الذي وصلنا إليه ، هذا تجاوز لآراء الآخرين، وأمر يطرح في هذا السياق المأزوم وما تمرُّ به الطائفة من أوضاع صعبة أعتقد بأنه أمر سابق لأوانه.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ــــــــــ
(1) كان القسم الأول من الحديث تكملة للحديث الأخلاقي السابق المرتبط بكلمة أمير المؤمنين(عليه السلام).