Archive
Bahrain Freedom Movement
كما صدر قانون الجمعيات، وقانون التجمعات، وقبلهما القانون الرهيب رقم 56 الذي يحمي المعذبين، ستصدر القوانين الخليفية الارهابية تباعا، ولن يستطيع احد وقف صدورها، لان “الارادة الملكية” تريد ذلك، ولان المصلحة الخليفية تقتضي اعادة صياغة شكل “الاستعباد” و “القمع”، ولأن آلية اصدارها جاهزة، شاء الشعب ام ابى. في السابق كانت هذه القوانين تصدر في الاعم الاغلب بمراسيم اميرية، ثم بدأت تصدر عن “مجلس الشورى” في التسعينات، وفي العهد الحاضر، اصبحت تصدر وفق نهج “ديمقراطي”.
قوانين القمع لم تتغير في جوهرها، او اهدافها، ولكن طريقة اصدارها تغيرت، ليتم تسويقها بحلة “شرعية” وانها صدرت عن “ممثلي الشعب”. فأهل البحرين محكومون بالقمع المتواصل لمنع “تمردهم” ضد الاحتلال الخليفي الغاشم. يتم تنفيذ هذا القمع تارة بالقوات البريطانية مباشرة كما حدث في نوفمبر 1956 و مارس 1965، واخرى بتطبيق قانون امن الدولة في مرحلة ما بعد “الاستقلال”، وثالثة بقوات الشغب الاجنبية ورابعة بمباضع المعذبين الذين كانوا يأتمرون بأوامر ايان هندرسون، ومنهم عبد العزيز عطية الله آل خليفة وعادل فليفل وخالد الوزان وسواهم من القتلة والسفاحين. وامام هذا القمع لم يرتفع صوت واحد في المجالس الخليفية الصورية مطالبا بالتحقيق في ازهاق ارواح ابناء البحرين وآخرهم الشهيد علي جاسم مكي، وعباس الشاخوري ومهدي عبد الرحمن ومحمد جمعة الشاخوري وقبلهم العشرات الذين مزقت الأيدي الخليفية المجرمة أشلاءهم بدون رحمة او انسانية.
قبل اسابيع قليلة صدر قانون “المولوتوف” ليس لان هناك حاجة اليه، بل لتقنين اعتقال الشباب الرافض للظلم الخليفي، ولاضفاء صبغة “شرعية” على القمع والارهاب السلطويين. سيتم اعتقال المزيد من ابنائها على ايدي هذه الثلة المجرمة، كما اعتقل اسلافهم قبلهم، بذريعة حيازة “المولوتوف”. ولو كانت هناك ذرة من العدالة لصدرت قوانين من نوع آخر، اكثر انسجاما مع التزامات دولة البحرين امام العالم. فهي مطالبة بالتصديق على معاهدة منع التعذيب، ومطالبة من مجلس حقوق الانسان باعادة صياغة القانون 56 لكي يستثني مرتكبي جرائم التعذيب من العفو العام، ولصدرت قوانين اخرى تمنع التمييز وفق التوصيات التي اصدرتها لجنة مكافحة كافة اشكال التمييز العنصري والديني التابعة لمجلس حقوق الانسان الدولي. ولكن ما دام هناك حرب متواصلة ضد اهل البحرين، فستظل العائلة الخليفية هي التي تقرر اصدار ما تشاء من قوانين واجراءات قمعية ضدهم. وبجانب قانون المولوتوف، صدر قانون الصحافة، الذي لا يقل قمعا عن بقية القوانين الارهابية الخليفية. فقد مارست العائلة الخليفية خديعة اخرى وذلك بالتظاهر باعطاء الصحافيين قدرا من الحرية، في مقابل تجريم امتلاك المنشورات المعارضة للنظام الخليفي الاستبدادي. انه قانون اجرامي سوف يطبق بشراسة ضد احرار البحرين المطالبين بالحرية والعدالة و المساواة والوحدة الوطنية، في مقابل النظام الطائفي الذي يسعى لتفتيت تلك الوحدة، ويمارس التمييز على اوسع نطاق، ولا مكان للعدالة في برنامجه. فأية عدالة هذه التي تسمح لرموز النظام باستملاك جزر ام النعسان وجدة وام الصبان “المحمدية” و “حوار”، وتحرم ابناء البلاد من الحصول على قطعة ارض ملائمة للسكن؟ وأية عدالة هذه التي تسمح لرموز النظام بوضع اليد على المدخولات النفطية الهائلة بينما تترك المواطنين يتضورون جوعا مع تصاعد أسعار الاغذية والسلع الاخرى؟ وأية عدالة هذه التي تسمح لمجرم مثل أحمد عطية الله آل خليفة بالظهور كبطل منتصر في حلبة سباق قررت نتائجه سلفا؟
بالأمس قررت العائلة الخليفية احالة اكثر من ثلاثين شابا من ابناء البحرين ظلما وزورا الى محاكمة صورية بتهم مزيفة، بعد ان قضى بعضهم اكثر من اربعة شهور تحت التعذيب الوحشي الرهيب. وقد تأكد ان بعض هؤلاء تعرض لاعتداءات يندى لها الجبين، فاعتدي على بعضهم وهدد البعض الآخر بهتك عرضه ان لم يوقع “الاعترافات” التي أعدت سلفا ضدهم. وهكذا تعود المحنة مجددا، ويساق الشرفاء من ابناء البلاد أسرى في محاكم الطغاة والجلادين، بهدف غرس الخوف في نفوس الاحرار المطالبين بالحقوق المشروعة، واهمها حق الوجود. القرار الخليفي يعيد الوضع الى أسوأ مما كان عليه في أيام قانون أمن الدولة. هذه المرة يساق المستضعفون الى زنزانات التعذيب، لتتم محاكمتهم وفق قوانين “ديمقراطية” جدا، وفي ظل صمت قاتل من قبل القطاعات القادرة على التاثير. انه صمت مخز ومذل، ندعو الله ان ينتهي ويستبدل بمواقف بطولية قادرة على رد الصاع صاعين بوجه الارهاب الخليفي المتفاقم، وسلب الشرعية من هذا الحكم الذي يسوق الأبرياء الى المقاصل على الظن والشبهة. انها مسرحية جديدة تعيد الى ذاكرة الوطن جريمة قتل الشهيد عيسى قمبر بعد توجيه تهمة مزيفة له بقتل احد عناصر الشرطة الذين اعتدوا على المواطنين آنذاك. المسرحية هذه المرة هزيلة جدا في القضيتين اللتين يتهم ابناء كرزكان فيهما. فحرق مزرعة المجرم عبد العزيز عطية الله الذي ولغ من دماء رجال البلاد ونسائها عندما كان رئيس لجنة التعذيب في التسعينات، حدث في ظروف غامضة، وفشلت العائلة الخليفية في تشكيل لجنة تحقيق محايدة للبحث في ما حدث. يضاف الى ذلك ان عطية الله يحظى بحماية رسمية، وفق القانون السيء الصيت رقم 56 للعام 2002 برغم التهم الهائلة له بارتكاب جرائم التعذيب وتمزيق اجساد عشرات الابرياء من ابناء البحرين. فأية عدالة يمكن تحقيقها والمجرمون يسرحون ويمرحون في طول البلاد وعرضها؟ أما الشرطي الباكستاني الذي فقد حياته، فان العائلة الخليفية ترتكب بحقه جريمتين: اولاهما انها بعثته الى الموت مسلحا وكأنه يخوض حربا ضارية شبيهة بتلك التي تدور على الحدود الباكستانية – الافغانية، وثانيتهما انها تتستر على القتلة الحقيقيين، وتتجاهل السبب المباشر لوفاته، خصوصا مع تأكد ان وفاته كانت بسبب جراح بليغة في جسمه، وليس بسبب الحريق الذي اندلع في سيارة الشرطة.
حقا اننا لم نعش الايام الموعودة كلها بعد. ففي جعبة النظام الخليفي من الاجرام ما لا ينتهي، وما لا يمكن وقفه الا بنضال وطني متواصل، دفاعا عن النفس والعرض والوطن، التي ازدادت انتهاكاتها في السنوات السبع العجاف الاخيرة. نعيش أياما كالحة برغم الورود الذابلة التي ترمى في الطريق للتشويش والتضليل. فالطريق الوعر ما يزال مليئا بالاشواك، ويخطيء من أدخل سيفه في غمده، وركن الى الراحة، معتقدا ان النظام قد تغير. ما الفرق بين ان يكون عبد العزيز عطية الله رئيسا للجنة التعذيب او يكون أخوه رئيسا للجنة التجنيس؟ ما الفرق بين ان يكون خليفة بن سلمان وحشا كاسرا يضع يديه على ارض هنا واخرى هناك، ويبني ناطحة سحاب في هذه المنطقة او تلك، او ان يضع غيره يديه على مدخولات النفط برمتها ويحرم المواطنين منها، ويصادر الاراضي البحرية بعد ان تدفن باموال الدولة؟ ما الفرق بين قوات الشغب التي استباحت النويدرات وكرانة وكرزكان في التسعينات وفرق الموت التي تمارس الاستباحة بصمت في كرزكان وبني جمرة وسار؟ فما الذي تغير؟ حقا ما الذي تغير؟ ما الفرق بين مجلس الشورى الذي عينه خليفة بن سلمان في 1992 وذلك الذي عينه الشيخ حمد في 2002 وبعدها؟ ما الفرق بين محكمة امن الدولة التي كانت ترفض الاستماع الى الشكاوى من التعذيب الذي لحق بالسجناء، ومحكمة الجنايات التي تصدر قراراتها بعد سماع تفصيلات التعذيب، وكأنها لم تسمع شيئا؟ ان روح اولئك الاسرى الذين يقتادون امام القضاة الخليفيين، ستظل مصدر اشعاع للصامدين من ابناء اوال، والعمالقة من المجاهدين، الصابرين المحتسبين، وستبقي، بعون الله، وهج الايمان مشتعلا في نفوسهم، وسوف توقف حالة التداعي المعنوي لدى بعض المتعبين، وتعيد الحيوية الى هذا الشعب المعطاء، ليسير على نهج أسلافه الذين تذوقوا طعم الارهاب الخليفي، ورفضوه بألسنتهم وقلوبهم، وعاشوا في السجون والمنافي، وقلب كل منهم يختلج قائلا: “رب السجن أحب الي مما يدعونني اليه”. تلك هي الروح المطلوبة لتحقيق النصر على أعداء الشعب، أعداء الحرية والانسانية، وأعداء العدالة الكرامة، وأعداء البحرين من الغاصبين والمحتلين والظالمين.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، وفك قيد أسرانا، وتقبل قرابيننا يا رب العالمين