Archive
Bahrain Freedom Movement
26/06/2008 – 12:06 | مرات القراءة: 266 |
لم يعد خافيا على أحد في البحرين أن مؤسسة الديوان الملكي تمارس دورا كبيرا في رسم السياسيات المحلية لما يمتلكه وزير الديوان خالد بن أحمد من نفوذ داخل مؤسسات الدولة إضافة إلى علاقته الشخصية مع ملك البحرين. الأحداث الأخيرة و ما سبقتها من أزمات أغلبها مفتعلة أعادت من جديد النظر إلى دور هذه المؤسسة في إعاقة التطور الديمقراطي و تحقيق السلم الأهلي. جهات المعارضة و إن لم تفصح حتى الآن عن صراعها مع مؤسسة الديوان فهي تؤكد في أحاديثها الداخلية على الدور المشبوه كما تصفه تلك الجهات لوزير الديوان خالد بن أحمد في الإشراف على التنظيم السري الذي كشف عنه تقرير المستشار السابق صلاح البندر في سبتمبر 2005.
الديوان الملكي ..خيارات المواجهة و فرص الأفول
عباس المرشد
لم يعد خافيا على أحد في البحرين أن مؤسسة الديوان الملكي تمارس دورا كبيرا في رسم السياسيات المحلية لما يمتلكه وزير الديوان خالد بن أحمد من نفوذ داخل مؤسسات الدولة إضافة إلى علاقته الشخصية مع ملك البحرين. الأحداث الأخيرة و ما سبقتها من أزمات أغلبها مفتعلة أعادت من جديد النظر إلى دور هذه المؤسسة في إعاقة التطور الديمقراطي و تحقيق السلم الأهلي. جهات المعارضة و إن لم تفصح حتى الآن عن صراعها مع مؤسسة الديوان فهي تؤكد في أحاديثها الداخلية على الدور المشبوه كما تصفه تلك الجهات لوزير الديوان خالد بن أحمد في الإشراف على التنظيم السري الذي كشف عنه تقرير المستشار السابق صلاح البندر في سبتمبر 2005.
و في الواقع لا تمتلك جهات المعارضة ما تدين به مؤسسة الديوان حاليا فالإدانة تتطلب قضاء عادلا و نزيها يتمكن من عرض الحوادث المشتبه بها و قبل ذلك تتطلب عملية الإدانة قرارا سياسيا تتخذه المعارضة يعكس رغبة واضحة في مواجهة ما تطلق عليه بالفساد و التمييز و التدهور الديمقراطي المتراكم منذ 14 فبراير 2002.
الراوية الشفوية التي يتداولها العديد من الناس هنا أن الديوان الملكي لا يصدر أوامره بشكل رسمي بل يعتمد الأوامر الشفوية و الاتصالات الهاتفية و بالتالي فإن مسألة إدانته ستبقى عسيرة . مع ذلك فإن الحياة السياسية لا تنعدم فيها الشواهد التي تؤكد تجاوز الديوان الملكي لحدود صلاحياته المرسومة في القانون، مثال ذلك تدخله المباشر في المجال البرلماني و المجال الصحفي و مجال التوظيف في مؤسسات الدولة و التجنيس السياسي. فعندما شكل برلمان 2002 لجنة تحقيق في مسالة التجنيس وصلت اللجنة إلى أن أغلب حالات التجنيس التي حصلت تمت بأوامر ملكية صادرة عن الديوان الملكي و القانون لا يسأل الأوامر الملكية لذا لم تخرج اللجنة بأي إدانة لعملية التجنيس. و يبحث آخرون عن مثل تلك التجاوزات في العطايا و الهبات التي تصدر من الديوان الملكي لأشخاص معينين من دون وضع معايير واضحة لمثل تلك الهبات أو العطايا سوى أنها تعطي لمقابل خدمات غير معروفة أو لمصالح يراها الديوان الملكي.
و سواء كانت المعارضة أو غيرها قادرة على إدانة الديوان الملكي و إثبات تجاوزه للصلاحيات المقررة له، أو كانت لا ترغب في إثارة ذلك منعا للتصادم المتوقع بينها و بين الحكومة، فإن مؤسسة الديوان الملكي تبقى من أهم مؤسسات الدولة في عملية اتخاذ القرارات السياسية.
في بحثنا عن مثل هذا الدور و تحديد الخيارات المتاحة أمام هذه المؤسسة لم نواجه صعوبة في ذلك فأغلب الذين تم الالتقاء بهم يذهبون إلى أن الديوان الملكي لا يمتلك خيارات ذكية تمكنه من تجاوز الدور الخفي الذي يمارسه.
أحد الذين فضلوا إخفاء هويتهم عند الحديث سرد حوادث كثيرة يتعقد أن الديوان الملكي كان يقف من خلفها و هي حوادث تتصل مباشرة بعمل التنظيم السري. و في مسار مختلف يرى البعض أن سعى الديوان الملكي لأن يكون حكومة ثالثة داخل الدولة سيعجل بتفاقم حالة الصراع بين أجنحة الحكم و يجرها إلى اتخاذ خطوات غير مفهومة تؤدي إلى خراب البلد.
المراقبون لوضع العائلة الحاكمة يرجعون سبب تنامي نفوذ خالد بن أحمد إلى كثرة السيولة المالية الحالية و التي تقدر بأكثر من 200 مليار دولار يخصص منها ما يقارب 40 مليار دولار للمشاريع الاستثمارية و هذا ما يجعل الأطراف القوية مشغولة عن الأمور الثانوية التي يديرها الديوان الملكي. و في الوقت نفسه توفر هذه المعادلة ( كثرة السيولة = اهتمام أقل بالسياسية) للحكومة الثالثة أن تقوي نفسها داخل المجتمع و تستقوي عليه بشتى السبل و الطرق مستغلة الخلاف بين الكبار من أفراد العائلة.
المعروف تاريخيا أن حسم صراعات العائلة الحاكمة يحدث في الداخل و قد استطاعت العائلة الحاكمة أن تثبت نفسها رغم تكرار تلك الصراعات بفعل هذا المبدأ، إلا أن دخول الديوان الملكي في خضم تلك الصراعات ونظرا لافتقاده القوة العصبية اللازمة لحسم الصراع داخليا، أدخل مبدأ جديدا هو الاستعانة ببعض قوى المجتمع للاستفادة منها في صراعه مع بعض أجنحة الحكم. إشراك بعض قوى المجتمع في صراعات الحكم كان تجربة ايجابية خاضتها بعض الدول و أثمرت في النهاية بوصول المجتمع إلى قواعد محددة في الصراع السياسي. لكنه في حالة الديوان الملكي كان خيارا فاشلا و غبيا كما يقول أحد المراقبين فإشراك تلك القوى كان باتجاه سلبي يقوم على إثارة المجتمع ضد بعضه البعض أو ما يطلق عليه بالفتنة الطائفية ، و في حالات عديدة يتم إشراك المجتمع في الصراع من أجل القضاء على حيويته و حراكه السياسي.
الغريب في الأمر أن بعض أدوات الديوان الملكي تعمل بطريقة مزدوجة كما في حالة النائب جاسم السعيدي الذي يعمل وفق أجندة التنظيم السري كما تقول الجمعيات السياسية المعارضة و في الوقت نفسه يمتلك السعيدي علاقة جيدة مع رئيس الوزراء في الحكومة الثانية.
الشيخ علي سلمان أمين عام جمعية الوفاق أكبر الجمعيات السياسية كان قد وصف السعيدي بأنه سفيه أهل السنة و لما تجاوز السعيدي الحدود كما يقول الشيخ علي سلمان كان من المفترض مواجهته لا بصفته الشخصية و إنما لكونه أداة تدار من قبل التنظيم السري الذي يستهدف إشعال الفتنة الطائفية في البحرين برعاية جهات خفية لم يشر إليها بيان جمعية الوفاق.
المطابقة التي يؤكدها المراقبون بين التنظيم السري و الديوان الملكي بالتأكيد أنها ستوفر علينا الكثير من الجهد.و هي مطابقة ستقودنا في النهاية إلى اعتماد صفة الخيارات الغبية كسمة لأزمة يعاني منها الديوان الملكي. فأزمة الديوان تتمثل في سعيه المتسارع إلى شغل منصب أكبر من حجمه التنظيمي داخل الدولة. فهل تسمح أجنحة الحكم الأخرى لهذه المؤسسة أن تتدخل في غير شؤونها ؟ أم أن هذا الخيار هو خيار وقتي يمكن لهذه الأطراف أن تغض الطرف عنه لحين انتهائها من صراعها الداخلي؟