Archive
Bahrain Freedom Movement
لم يكن يتوقع الضابط في جهاز الأمن الوطني أن يتقدم إليه أحد بالسؤال عن الفرق بين جهاز أمن الدولة السابق و جهاز الأمن الوطني الحالي، و كمخرج لمأزق السؤال قدم إجابة ساخرة قال فيها أن جهاز الأمن الوطني يقدم المرتديلا للمعتقلين بدل الشخر و النخر( وجبة العدس و البطاطا). أحد الأشخاص الذين تم اعتقالهم مؤخرا في قضية صحيفة أوال الالكترونية يصف الطريقة
جهاز الأمن الوطني يقدم المرتديلا للمعتقلين
“..قانون أمن الدولة عاود مباشرة عمله بصيغة
ديمقراطية قادرة على تلبيس السياسي المعارض تهما جنائية
و أن تتعامل معه كمجرم و ليس كثائر أو مصلح..”
عباس ميرزا المرشد
لم يكن يتوقع الضابط في جهاز الأمن الوطني أن يتقدم إليه أحد بالسؤال عن الفرق بين جهاز أمن الدولة السابق و جهاز الأمن الوطني الحالي، و كمخرج لمأزق السؤال قدم إجابة ساخرة قال فيها أن جهاز الأمن الوطني يقدم المرتديلا للمعتقلين بدل الشخر و النخر( وجبة العدس و البطاطا). أحد الأشخاص الذين تم اعتقالهم مؤخرا في قضية صحيفة أوال الالكترونية يصف الطريقة التي تم التعامل معه بها بقوله ” منذ البداية تبدأ بسماع الإهانات و الشتائم السوقية التي يخجل أي شخص من التلفظ بها، و بعد أن يشعر المحقق معك أنك أصبت بالصدمة و تغلغلت الإهانات إلى أعماقك تبدأ المرحلة الثانية بالضرب المبرح و استخدام أساليب تعذيب نفسي و جسدي كالوقوف طويلا و رأسك للأرض و تتراكم عليك الأسئلة و الاتهامات مشفوعة بالسباب و الشتائم و مس الشرف و العرض”. المعروف عن جهاز الأمن الوطني أنه ينتقي الأشخاص بعناية قصوى كما كان جهاز أمن الدولة يعمل في السابق.و يتحدث أحد الحقوقيين عن طرق الانتقاء هذه و يشير إلى تقنيات جديدة لم تكن موجودة عند جهاز أمن الدولة. فعلى سبيل المثال لدى جهاز الأمن الوطني قائمة بالناشطين السياسيين موزعين على كافة مناطق البحرين و في كثير من الأحيان يفتعل جهاز الأمن الوطني قضايا أمنية ليقوم من بعدها بحملة اعتقالات تضم أفرادا من تلك القائمة و يقول نبيل رجب رئيس مركز حقوق الإنسان أن لديه شواهد عديدة على لجوء جهاز الأمن الوطني لمثل هذا الأسلوب فأغلب الأشخاص الذين تم اعتقالهم على خلفية مقتل شرطي في ظروف غامضة في منطقة كرزكان هم ناشطين في اللجان الأهلية و مؤيدين لحركة حق و يذكر شهود عيان أن أفرادا من جهاز الأمن الوطني كانوا يجوبون منطقة كرزكان بعد وقت قصير جدا من مقتل الشرطي و لديهم قائمة بالأسماء و كأنهم مرصودين مسبقا.
أما أوامر القبض و الاعتقال فلكي تكون قانونية فهي تحتاج إلى سند قضائي أو أمرا من النيابة العامة و لكي يتخلص جهاز الأمن الوطني من هذه الإشكالية فهو يعمد إلى استخراج إحضارات إجبارية و في بعض الأحيان يتم الإبلاغ بالهاتف لإجبار الشخص على تقديم نفسه بعد ساعة من إبلاغه بالإحضارية. أما الأسلوب الثالث كما يقول أحد المراقبين فهو اعتماد جهاز الأمن الوطني على الميلشيات غير الرسمية في مواجهة أعمال الاحتجاج السلمي و تنفيذ الاعتقالات و القيام بأعمال ترويع للمارة.
إن وجود أجهزة أمنية و استخباراتية في أي دولة هو أمر طبيعي جدا و لكن القضية تصبح قضية رأي عام و قضية حقوقية عندما تتحول تلك الأجهزة إلى كابوس يخيف المواطنين و أن يعمل بطريقة منفردة تثير الكثير من علامات الاستفهام و الشك في خضوع جهاز الأمن الوطني للرقابة العليا و تبدأ الإجابات تتوالي لتؤكد أن جهاز الأمن الوطني يعمل لصالح فريق في السلطة بدلا من خدمة مصالح الدولة. هذه المخاوف التي تحولت إلى وقائع يتحدث عنها العديد من الناس أثيرت أيضا من قبل حقوقيين و سياسيين و من قبل كتاب أعمدة صحفية محسوبين على طرف السلطة و كانت الكاتبة سوسن الشاعر و هي مقربة جدا من الديوان الملكي قد كتبت مقالا في صحيفة الوطن حذرت فيه من تفاقم سطوة جهاز الأمن الوطني و غياب الرقابة على أعماله. أحد الأشخاص الذين اعتقلوا من قبل جهاز الأمن الوطني قبل في يناير الماضي قال ” أن رجلا مدنيا جاء إليه في غرفة التحقيق و بوجود ضابط المركز و قال له “إننا في جهاز الأمن الوطني لا نتعرف برجال الأمن في مراكز الشرطة وأن جهاز الأمن الوطني هو أعلى سلطة أمنية في البلاد ” مثل هذه العبارات كانت تتردد في أروقة مباني أمن الدولة وقتما كان قانون أمن الدولة ساريا و هو ما يجعل من مسألة انتقال طاقم قانون أمن الدولة إلى جهاز الأمن الوطني بحكم المؤكدة فقائمة المحققين و الضباط هي نفسها التي كانت تعمل تحت سلطة قانون أمن الدولة.
أسس جهاز الأمن الوطني في العام 2004 على خلفية سياسية مضطربة حيث كانت الجمعيات السياسية المعارضة قاطعت الانتخابات النيابية لعام 2002 و قامت بعدة فعاليات جماهيرية أبرزتها بصورة غير مرضية لدى السلطة القائمة و لمواجهة خطر تفاقم المعارضة السياسية أقدم السلطة على تأسيس جهاز الأمن الوطني ليصبح الجهاز الأمني الرسمي الخامس في بلد صغير لا يتعدى سكانه المليون. و لم تخلو عملية تأسيس جهاز الأمن الوطني من الشكوك و المخاوف وقتها فعبد العزيز عطية الله الذي ترأسه منذ البداية كانت المنظمات الحقوقية تتهمه بعمليات تعذيب و قتل لمعتقلين في حقبة قانون أمن الدولة و كجزء من خطة تطبيق قانون 56 الذي يعفي الجلادين و المعذبين من المساءلة القانونية تم تعينه رئيسا لجهاز الأمن الوطني و رصدت ميزانية أولية له قدرت ب 580565 دينارا محولة من ميزانية وزارة الداخلية لسنة 2004.
فترة قصيرة جدا من عمر جهاز الأمن الوطني كشفت عن أن التأسيس جاء في إطار تصفية حسابات داخلية في السلطة، لأن الأمن و القوة هي معيار الحكم في البحرين فمن يملك الأجهزة الأمنية و يتحكم فيها يصبح الحاكم الفعلي. فبحكم تبعية جهاز الأمن الوطني للديوان الملكي و استبدال وزير الداخلية بعد مسيرة لبيك يا حسين سنة 2005 أصبحت الأجهزة الأمنية الفاعلة ترتهن في الواقع لتوجيهات وزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن أحمد، و اشتد هذا التأكيد بعد أن كشف صلاح البندر في نوفمبر 2006 عن وثائق سرية تدين جهاز الأمن الوطني و تربطه بشبكة تنظيم سري يديرها الوزير أحمد عطية الله و وزير الديوان الملكي خالد بن أحمد.
كان الأمن و الشعور بالمواطنية حلما يحلم به كل مواطن بحريني و لا يزال هذا الحلم باقيا لكنه سيبقى مجرد حلم كأمثاله من الأحلام التي لا تجد طريقا لها في الواقع. فقانون أمن الدولة عاود مباشرة عمله بصيغة ديمقراطية قادرة على تلبيس السياسي المعارض تهما جنائية و أن تتعامل معه كمجرم و ليس كثائر أو مصلح، نعم قد يكون جهاز الأمن الوطني بصيغته الحالية مانعا لتحقيق حلم الأمن المفقود و لكن هناك أيضا المجموعات السياسية التي لا يثيرها تنامي قوة هذا الجهاز و نفوذه إلا إذا أكلها في يوم قريب جدا.