Archive

Bahrain Freedom Movement

المشيمع في خطبته في مسجد الأنوري الكائن بقرية الديه مساء أمس الخميس بعد صلاة العشاءين إلى التفكر والتدبر في القرآن الكريم، كما دعا إلى الارتباط بخط ونهج الله والأفكار والمبادئ وليس الأشخاص لأن العلاقة الأولى تبقى وتستمر بينما الأخيرة تزول بموت الشخص ورحيله

تغطية خطبة المشيمع في مسجد الأنوري بقرية الديه

بعد صلاة العشاءين – ليلة الجمعة من كل أسبوع

ليلة الجمعة – الموافق 24/7/2008م

دعا المشيمع في خطبته في مسجد الأنوري الكائن بقرية الديه مساء أمس الخميس بعد صلاة العشاءين إلى التفكر والتدبر في القرآن الكريم، كما دعا إلى الارتباط بخط ونهج الله والأفكار والمبادئ وليس الأشخاص لأن العلاقة الأولى تبقى وتستمر بينما الأخيرة تزول بموت الشخص ورحيله.

وتلا قوله تعالى: ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ) آل عمران : 144.

وقال إنّ القرآن عبر عن نفسه بأنه هدى للمتقين ( ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ) البقرة : 2، وفي موضع آخر ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ …) الإسراء : 9.

وأكّد أن محطات القرآن الكريم كفيلة بأن تخلق الشخصية الإسلامية المتوازنة و المتكاملة وهذا يأتي مع الوعي لآيات القرآن عن طريق التفكر والتدبر، أما إذا قرأنا القرآن الكريم من غير تدبر وتفكر فلن نستفيد من عطائه.

وقال إن القرآن يشكل دستوراً للمسلمين وهو كتاب الله العالم بكل شيء المطلع على مناحي الحياة بامتداداتها الجغرافية والزمانية ولا يوجد منها ما هو مخفي عن الله، وبحكم هذا الاطلاع وبحكم خالقية الله فبطبيعة الحال لا بدّ أن الله سبحانه وتعالى يتعامل مع البشر من خلال هذا العلم والمعرفة اللا محدودة. ففي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وآله: ( فإذا التبست عليكم الفتن كقطع اللّيل المظلم فعليكم بالقرآن … ).

وأشار المشيمع إلى أنّ الآية المذكورة قليلة من يتدبر فيها كما هو الحال بالنسبة لكثير من الآيات.

وحول أهمية التدبر والتفكر أوضح أننا نجد مثلاً أن المتخصص في اللغة العربية عندما يقرأ القرآن الكريم فإنه يركز على الأمور الفنية والجوانب اللغوية كالنحو وغيره، كما نجد المتخصص في الفلسفة يحاول في قراءته للقرآن الكريم أن يركز على الجانب الفلسفي الذي يتضمنه القرآن الكريم.

أما المتدبر في القرآن الكريم فإنه من خلال تفكره وتدبره قد يصل إلى ما لا يصل إليه المفسر، و قد تغيب أمور كثيرة على المفسر يدركها المتدبر للقرآن.

وللتدليل على كلامه تمثّل بالآية الكريمة من قوله الله سبحانه و تعالى: ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوافي الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم …)، وتساءل لماذا يذهب قسم من المؤمنين ويتفقهوا في الدين، أليس لينذروا قومهم؟ أي يعلموا الناس الدين، ولفت إلى أن الآية استخدمت لفظ ( لينذروا ) و الإنذار هي من مهام الأنبياء عليهم السلام، إذاً نستفيد من الآي الكريمة أنه ينبغي أن نقتدي بالأنبياء عليهم السلام لنكون قدوة للناس في تطبيق الإسلام العملي. مستدركاً أن كثيراً من المفسرين لم يلتفتوا إلى هذا المعنى إلا قليلاً منهم.

و قال المشيمع: لا يوجد أعظم في الخلق من محمد بن عبد الله (ص)، لكن القرآن يقول: ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ).. فحال الأنبياء في مقام الإنذار واحد، أما التفضيل للأنبياء على بعضهم البعض كما يقول سبحانه وتعالى: ( تلك الرسل فضّلنا بعضهم على بعض .. ) البقرة : 253، فهو التفضيل في أمور أخرى غير الامتثال للواجب الإلهي.

وأكد على أن الرسول (ص) استحق تلك المنزلة لا لشخصه، بل هي لحبه لله وامتثاله لأمره واستعداده وتضحيته في سبيله، وأن الاعتبار لكونه يؤدي رسالة الله عز وجل. فعلاقة الله بعباده هي علاقة حب وعمل وتضحية ، وهذا هو طريق الأنبياء، ونتيجة لذلك العشق فإنهم يقدمون التضحيات الجسام.

إذاً النبي يؤدي رسالة وهو عبد الله وحالة الارتباط به ليست لشخصه فحسب، بل من أجل الرسالة والمعرفة والتعاليم التي أتى بها.

القرآن يقول ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفائن مات أو قتل انقلبتمعلى أعقابكم ) فإذا غاب الرسول فهل هذا معناه أن نترك الدين والرسالة والجهاد والمعركة؟

وهذا ما حصل من قبل المسلمين في معركة أحد، عندما أشيع نبأ مقتل النبي (ص)، وكأنهم يدافعون من أجل رسول الله وليس من أجل الدين ! أما الإمام علي (ع) فلم يتوقف عن القتال بحيث من كانوا يداوونه احتاروا من أين يبدأوا في مداواته وقد كثرت ببدنه الجراحات؛ فالإنسان المؤمن المرتبط بالله عليه أن يستمر في طريقه.

وحذّر المشيمع من الارتباط بالأشخاص دون المبدأ قائلا: إذا ارتبطتم بالأشخاص لن تتقدموا و لن تفلحوا، أما إذا ارتبطتم بعقيدة، و بفكر و بمنهج يمكن أن تتقدموا.

وعقّب بالقول: من باب أولى أن من هو أقلّ من رسول الله ألا يتم الارتباط به لشخصه. و في هذا يقول الإمام علي (ع): ( اعرف الحقّ تعرف أهله ). فينبغي عليّ أن ” التزم وأقدم هذا الشخص أو ذاك من خلال حبه لله وتضحيته والتزامه بخط الله والتضحية من أجل الله .. الشخص يموت ويمرض ويضعف … “.

وأضاف: ” أي حركة تقوم على تقديس الأشخاص فلن تخرج بنتيجة مجدية بل سيكون ذلك وبالاً على الجميع “.

وقال: هذا ليس بكلامي بل كلام العلماء المفسرون؛ لكي لا يقال أنني أفسر وأتكلم من تلقاء نفسي.

( في تفسير الآية 144 من سورة آل عمران – الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل – للسيد ناصر مكارم الشيرازي، مجلد 2 ).

الآية: ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَـابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّـاكِرِينَ ) آل عمران : 144.

تحت عنوان:

لا لعبادة الشخصية وتقديس الفرد :

( تعلّم الآية الأُولى من هاتين الآيتين حقيقة أُخرى للمسلمين استلهاماً من أحداث معركة « أُحُد » إذ تقول : ( وما محمّد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ) وهذه الحقيقة هي أن الإسلام ليس دين عبادة الشخصية حتّى إذا قتل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ونال الشهادة في هذه المعركة ـ افتراضاً ـ ينتهي كلّ شيء ويسقط واجب الجهاد والنضال عن كاهل المسلمين، بل إن هذا الواجب مستمر، وعليهم أن يواصلوه لأن الإسلام لا ينتهي بموت النبي أو استشهاده، وهو الدين الحقّ الذي أنزل ليبقى خالداً إلى الأبد ).

( إن عبادة الشخصية وتقديس الفرد من أخطر ما يصيب أية حركة جهادية ويهددها بالسقوط والإنتهاء، فإن ارتباط الحركة أو الدين بشخص معين حتّى لو كان ذلك هو النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) معناه توقف كلّ الفعاليات وكلّ تقدّم بفقدانه وغيابه عن الساحة، وهذا النوع من الارتباط هو أحد علائم النقص في الرشد الاجتماعي ).

( إنّ تركيز النبي وإصراره على مكافحة تقديس الفرد وعبادة الشخصية آية أخرى من آيات صدقه، ودليلاً آخر يدل على حقانيته، لأن قيامه ودعوته لو كان لنفسه وبهدف تحقيق مصالحه الشخصية للزم أن يعمق في الأذهان والقلوب هذه الفكرة، ويزيد من توجيه الأنظار إلى نفسه وأن جميع الأشياء في هذا الدين مرتبطة بشخصه بحيث إذا غاب عنهم ذهب وانتهى كلّ شيء، ولكن القادة الصادقين كالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يفعلون مثل هذا أبداً، ولا يشجعون على مثل هذه الأفكار، بل يكافحونها بقوة، ويقولون : إن أهدافنا أعلى من أشخاصنا وهي لا تنتهي بموتنا وبغيابنا، ولهذا يقول القرآن الكريم : ( وما محمّد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ) ؟ وهو بذلك يستنكر ما دار في خلد البعض أو قد يدور من أن كلّ شيء في هذا الدين ينتهي بغياب النبي ـ القائدـ (صلى الله عليه وآله وسلم) ).

( إن الدرس الذي تعطيه هذه الآية في مكافحة عبادة الشخصية وتقديس الفرد هو أبلغ وأفضل درس لجميع المسلمين في جميع العصور والأزمنة، فعليهم جميعاً أن يتعلموا من القرآن أن لا يربطوا القضايا الإستراتيجية والأهداف العليا والمصيرية بالأشخاص، بل لابدّ أن يلتفوا حول الأُسس والمبادئ الخالدة التي لا تفنى ولا تتغير، ولا تتأثر بتغير الأشخاص أو غيابهم عن الساحة بسبب الموت أو القتل حتّى لو كان ذلك هو النبيّ الأكرم، لكيلا تتوقف عجلة المسيرة عن الحركة، ولا يتعطل دولاب العمل عن الدوران، بل إن ذلك هو رمز الخلود في أي مبدأ وحركة أساساً ).

Show More

Related Articles

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

Close