Archive

Bahrain Freedom Movement

كانت صرخة شعبية مدوية في آذان الصم البكم الذين أعمى الله أبصارهم وبصائرهم. تلك هي المسيرة الحاشدة التي خرجت لرد الصاع صاعين للنظام السياسي الخبيث المتسلط على رقاب أهل البحرين. المشاركون في تلك المسيرة يوم الخميس 18 يونيو، كانوا يعون عددا من الحقائق: اولها انهم لم يخرجوا في تلك المسيرة للتنديد بتفاهات أذناب الحكم الخليفي وعبيده، بل للرد الحاسم على النظام السياسي الذي اصبح يساوم اهل البحرين على وجودهم وثقافتهم ودينهم وارضهم وارزاقهم.

 خرج كل منهم وقلبه يشتاط غضبا ازاء السياسات الخليفية التي ما برحت تخطط للقضاء على اهل البحرين الاصليين (شيعة وسنة) وجودا وثقافة وعلما وتاريخا. ثانيا انه خروجهم  لم يكن من اجل النزهة او التنفيس عن الاحتقان الذي يزداد ضغطا في قلوب البشر، بل من اجل الاعلان بدون اية شائبة ضد النظام الخليفي الفاقد للشرعية الدستورية والشعبية، وبالتالي كانت تلك المسيرة استفتاء حول شرعية النظام. ثالثا: ربما تكون الشرارة التي ادت الى اشتعال الوضع ناجمة عن تصريح اطلقه بعض عملاء العائلة الخليفية او عبيدها، ولكن ردة فعل اهل البحرين كانت تعبيرا عن سخط عارم مختزن على مدى عقود من الزمن. وكانت بصيرة أغلب المشاركين في تلك المسيرة شفافة وواضحة، وغير مشوبة بالمجاملات والنفاق. لقد أدركوا للمرة الألف انهم يواجهون، في ظل نظام الشيخ حمد، حربا شرسة ضد وجودهم كمواطنين، ولذلك اعلنوا موقفهم بصراحة، مؤكدين ان لعلماء الدين المجاهدين موقعا متميزا في الوجدان الشعبي، وان التصدي لهم من قبل النظام وجلاوزته انما هو جزء من الحرب ضد الشعب وهويته.

ماذا بعد المسيرة العملاقة؟ سعى النظام، كعادته، لسياسات تضليل ماكرة وخبيثة لم تنطل على المجاهدين الابطال من أبناء أوال. فقد أطلق رموزه تصريحات تافهة تهدف للتغطية على الجريمة ومرتكبيها، وقرروا تشكيل جهاز قمعي آخر لمواصلة الاعتداء على الحريات العامة وقمع الكلمة وحرية التعبير. فأغلقت مواقع الكترونية عديدة بقرار صادر من أصحاب “المشروع الاصلاحي” وأكدوا بعملهم هذا ما قالته المعارضة مرارا بان آل خليفة لن يؤمنوا يوما بالحرية او يسمحوا لغيرهم بالتعبير عن رأيه. ولا بد من العودة الى الوراء لاستيعاب سياسات الحكم الخليفي خصوصا في العقد الاخير الذي هو الأسوأ منذ الاحتلال الخليفي للبلاد. فقد دشن الشيخ حمد عهده بأمر لم يقدم عليه أحد من اسلافه، برغم شراستهم. اذ أمر باقتياد المرحوم الشيخ  الجمري، اسيرا في مجلسه، وأهانه بشكل مزق أحشاء أحبائه وأتباعه. كان حريا بالاحرار يومذاك ان يعصفوا بالنظام الجائر ويلقنوه درسا، ولكن شاءت الاقدار والظروف ان لا يحدث ذلك. وقبل ثلاثة اعوام صدرت الاوامر للعسكريين باطلاق النار على مسيرة سلمية يتصدرها العلماء ومن بينهم سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم، للمطالبة بحماية الأماكن المقدسة في العراق. لم تكن تلك المسيرة مرتبطة بالبحرين من قريب او بعيد، ومع ذلك اتخذ القرار الخليفي ليس بقمع المسيرة فحسب، بل باستهداف الرموز وفي مقدمتهم سماحة الشيخ عيسى حفظه الله. وقد سقط الشيخ ومعه آخرون من العلماء والرموز، بعد ان وجهت لهم اطلاقات مروعة من القوات الخليفية. فماذا كان رد فعل الشيخ حمد؟ أصدر قرارا بـ “اعفاء” وزير الداخلية من منصبه. وكان وزير الداخلية آنذاك في غيبوبة بالمستشفى ولم تكن له علاقة مباشرة بما حدث. الشيخ حمد لم يأمر بالتحقيق في ما حدث، ولم يستهدف الذين اتخذوا القرار الميداني باطلاق النار، بل سعى لتضليل الناس بالاعلان عن قرار اتخذه سلفا ولأسباب مختلفة باستبدال وزير الداخلية المريض بشخص خليفي آخر.

نظام الشيخ حمد يمارس هذه الايام من هذه الاساليب الشيء الكثير. بل انه يعمد لتنفيذ سياساته عبر وسطاء آخرين وبأساليب مختلفة تماما. فمثلا يسعى النظام لاكمال مشروع تغيير التركيبة السكانية بشكل متواصل، مستعمال في ذلك اساليب عملية ونفسية. ففي الوقت الذي يمارس فيه تجنيس الاجانب، فانه يقوم بتاسييس “مؤسسات اعلامية” في عدد من المناطق تسعى لبث مقولة ان “الشيعة في البحرين أقلية”. وتتظاهر تلك المؤسسات بانها متعاطفة مع هذه الاقلية. الهدف نشر مصطلح “الأقلية الشيعية” واحلاله محل “الاكثرية”. وقد قامت مؤسسات مثل Foreign Media Affairs ومنظمة أخرى باسم  The Media Line  او  The MidEast News Source  وكلها تسعى لاشاعة مصطلح “الاقلية”. يضاف الى ذلك انها قامت بتمويل افراد ومؤسسات في عدد من الدول ومنها الكويت لاستعمال هذا المصطلح كمقدمة لتحويله الى واقع لاحقا. انها جميعا اساليب شيطانية من نظام حكم قرر ان يدخل حربا متواصلة بدون انقطاع ضد شعب أعزل مستضعف، من اجل تصفيته بأساليب تبدو هادئة ولكنها أشد فتكا من أساليب العنف والتصفيات الجسدية. لقد تغيرت المعادلة في حسابات النظام الخليفي بشكل اساسي، ولم تعد محصورة بمواجهة مطالب محدودة هنا وهناك، بل اصبح يشعر انه في مواجهة مفتوحة على كافة الصعدان، مع البحرين، أرضا وشعبا وتاريخا وثقافة ووجودا.

في ظل هذه الحقائق، ماذا تجدي أساليب التعايش مع نظام لا يريد رموزه ان يتعايشوا مع هذا الشعب الا اذا قضوا على مقوماته الانسانية والحضارية؟ ماذا تجدي اساليب تقبيل الانوف ومصافحة الايدي الملطخة بالدماء بعد ان اتخذ النظام قراره التاريخي الشرير بالمواجهة المفتوحة مع كل ما يمثل الوجود الانساني والديني لهذا الشعب؟ هل بقيت هناك خيوط حمراء او صفراء لم ينتهكها هذا النظام العفن؟ هل هناك اي معنى للصمت على جرائم نظام يعتقل الاطفال ويحاصر المنازل من اجل اعتقال طفل مثل جهاد نجل السيد عقيل الساري؟ ما هو المسوغ الشرعي للسكوت عندما تنتهك حرمة لامرأة بحرانية مثل ساجدة الجدحفصي المظلومة التي حولها الارهاب الخليفي الى مجرمة يحاكمها الجلادون بقوانين تعسفية فرضت على البلاد بالحديد والنار؟ أما آن الأوان لانتفاضة ضميرية لدى من بقي من الرجال لمواجهة هذا الطوفان الحاقد، وقد بلغ السيل الزبى، وتم كسر الاعراف والقيم وانتهاك المباديء والاخلاق؟ أية حكمة هذه التي تغرس الخوف والجبن والخشية من هذه الزمرة الطاغية التي سرقت البلاد والعباد وامتهنت الاحرار وانتهكت الحرمات وعاثت في الارض الفساد؟ ما العذر الذي سنقدمه امام الله يوم تبلى السرائر، لتبرير الصمت المطبق ودين الله ينتهك بلا حياء او خجل او خشية من عقاب؟ أما حان الوقت لصحوة طال ترقبها وانتظارها؟ لنتدبر جميعا قول المؤمن من قوم فرعون عندما طغى وسكتوا على ظلمه: “يوَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ، يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ”

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية

27 يونيو 2008

Show More

Related Articles

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

Close