Archive

Bahrain Freedom Movement

ليس هناك مايدعو للإعتقاد بأن الملك الخليفي حمد قادر على الوصول إلى ماهو أكبر وأكثر دقة ومصداقية من معلوماته الضحلة التي يمتلكها عن تاريخ الشعب الذي يحكمه وذلك لسببين. السبب الاول هو البيئة التي يتربى فيها افراد العائلة الحاكمة عادة ، فهذه البيئة وأعني بها محيط القصر ومؤسساته عادة لا تستقطب العلماء ولا المؤرخين ، بقدر ماتسقطب أنواع من البشر تهتم (بعلم) الفرج والبطن ، مجموعات من الصعاليك ذوي الخبرة والاهتمام والقدرة على استشراف واستقراء مايهوى صاحب السمو أو صاحب الجلالة وذوي خبرة ايضا في مفردات طال عمرك سيدي واشباهها ، وهؤلاء لا يمكن لهم أن يضيفوا شيئا إلى ثقافة افراد العائلة الحاكمة أكثر من تأكيد أنهم خلقوا ليكونوا أحذية ونعال لفلان وفلان منهم.

السبب الآخر هو الدافع النفسي والسياسي الذي يدعو الملك لاعتماد تلك المعلومات والبناء عليها وتأكيدها ، فليس من المرجح أن يكون مريحا ولا مستساغا ان يشعر الملك وافراد العائلة وهم المتحدرون من قبيلة لا يتجاوز وجودها في البلد أكثر من من 230 عام نتيجة عملية احتلال وغزو لاتزال البلد تدار من خلال عقليتها وعلى آثارها ، ليس مريحا ولا مستساغا أن يشعر هؤلاء ولا من يلوذ بهم من العبيد والمنتفعين والانتهازيين والوصوليين ممن أتى راجلا يوما ما مع أحذية ونعال القبيلة أو من التحق بمسار وجودها ، أن هناك شعب وأمة وقبائل كانت تستوطن هذه الارض الطيبة وتعيش عليها ، من هنا لم يكن مستغربا تطاير الكتب الصفراء التي تزعم أن البحارنة ليسوا من هنا ، وليس مستغربا أن ثقافة ومعرفة بعض المجتمعات التي تعتاش على فضلات النظام من الضحالة والسطحية بمستوى خطير وماساوي فيما يخص مايتداول في أوساطها حول البلد الذي استوطنوه ويعتاشون على خيرات ارضه ، فأقصى مايعرفونه عن هذا البلد أنه لم يكن سوى مقبرة يدفن فيها موتى الدول المجاورة وخصوصا موتى حضارة وادي الرافدين.

هناك دافع نفسي سياسي مصلحي عند الملك للخضوع والتمسك بسطوة الجهل والمعلومات المغلوطة عن تاريخ البحرين ، هذا الدافع النفسي والمصلحي السياسي يتأكد بجلاء في عدم إيمان الملك وعدم قدرته على التصور أن هؤلاء الاغلبية الذين يعتقد انهم جائوا من المحمرة لهم الحق في يوم من الايام أن يحصلوا على أصوات تمثلهم في برلمانه الكسيح تساوي حقيقة وجودهم الديموغرافي في البلد.

إن التصريح الغاضب الذي أدلى به الملك حول علاقة بعض المواطنين ببعض المؤسسات الحقوقية أو مجالس الشعوب الغربية (الكونغرس) ، كان نتيجة أن هؤلاء (الاجانب) إلتفتوا إلى مسألة محورية ومقلقة جدا لاتؤمن بها القبيلة ولاتستسيغها ولاتطيقها ، وهي حق البحارنة سكان الارض الاصليين في تمثيل حقيقي يناسب وجودهم الديموغرافي ، الامر الذي اثار قلق النظام من تحول (جريمة) تهميش سكان البلد إلى قضية دولية ،فسارع بشكل مباشر وقياسي غير مسبوق إلى استدعاء علماء الدين من الطائفتين للايحاء بأن المشكلة في البلد هي مشكلة طائفية غير سياسية وان النظام في وجوده صمام امان لعدم انفلات الوضع الطائفي في البلد مع أن الاثارات والشخوص الطائفية هي جزء من ادوات وصناعة النظام ، وكان يكفي النظام أن يجلس مع نفسه لإصلاح الفساد الطائفي.

وبشكل قياسي ايضا أمر بإطلاق سراح مجموعات من المعتقلين والناشطين معضمهم ضحايا لمسرحيات امنية دبرها النظام لمصادرة الناشطين وايضا تمهيدا لاستثمار أوضاع المنطقة سواء بالعداء الامريكي لشيعة إيران وإرهاصات الدخول في حرب أو بالالم الذي خلفه شيعة لبنان وحزب الله للاسرائليين ومن خلفهم الامريكان وبعض الاوربيين ، كان النظام الخليفي يمهد للزج بشيعة البحرين في الاعلام الدولي وفي فترة صخب الحرب على انهم جزء من الخطر الشيعي العالمي ومن المؤيدين لإيران ليسهل عليه إجتثاث معارضتهم وماتبقى لهم من ضجيج ومطالب.

إلا أن تراجع وتيرة وإرهاصات الحرب في المنطقة ، بل الاكثر من ذلك خروج الكونغرس الامريكي بعد ذلك مباشرة بتوصيات تطالب الحكومة الامريكية بضرورة الالتفات إلى أوضاع حقوق الأنسان في البحرين رغم علاقات الصداقة والتسهيلات التي تتلقها أمريكا من نظام آل خليفة ، والتوصية الاهم في كل ذلك هي مسألة التلاعب في حجم تمثيل الدوائر الانتخابية في برلمان آل خليفة وهو الذي جعل النظام يتلقى تلك التحولات على شكل صدمة عبرت عنها كلمات رأس النظام حمد بن سلمان بشكل غاضب عن علاقة بعض الحقوقين بالغرب وإشارته إلى سجون ابو غريب والرضوخ إلى سياسات تلك الدول التي لن تنفعهم (حسب كلامه) وكأن الرجل قد تناسى أن وجود القواعد الامريكية في البلد وما يترتب عليه من اتفاقيات وسياسات هيمنة وأخطار على الشعب والمنطقة لايمكنه مخالفاتها ولا تجازها ، يتم بجرة قلمه الملكي وقلم والده قبله واقلام أجداده الذين كانوا ولازالوا يعتاشون على اتفاقيات الحماية من المحتلين والقوى الكبرى بدون الرجوع للشعب في حرف واحد من هذه الاتفاقيات السياسية والامنية والعسكرية.

لقد راي النظام أن إخراج بعض المساجين على عجل (ملحوظ) ربما يكفل سد الطريق على مناقشة الكونجرس الامريكي وإثارة مسألة تمثيل الدوائر الانتخابية والتلاعب فيها ، واساسا فإن هذا التلاعب وتهميش سكان البلد البحارنة من خلاله هو المسألة والخطة التي عول عليها النظام في قبوله قيام برلمان ، وعلى المعارضين والنشطاء أن يتذكروا جيدا في كل المراحل وان يضعوا امام أعينهم وان (لاينسوا) أن القبول بقيام برلمان لم يأتي برغبة النظام مطلقا ولا بإرادته الحرة، والدليل على ذلك الافواج الذين دخلوا السجون وتعذبوا وانتهكت حرماتهم والشهداء الذين سقطوا قبل ذلك والبيوتات ودور العبادة التي استبيحت والتنكيل الذي كان يتم حتى في الشارع على الهوية ، عليهم ان يضعوا امام أعينهم أن قيام البرلمان لم يكن برغبة النظام ، بل بتضحيات الناس من جهة ، وبضغوطات الدول الاخرى والتحولات الاقليمية والدولية ، من هنا فإن قبول النظام بهذا البرلمان لم يكن عن إيمان به وبدوره ، فالديمقراطية الحقيقة لاتناسب هذا النظام ولاتخدم الفساد والطائفية والاستئثار والهيمنة التي يعتمدها في سياساته ، بل أن القبول بهذا البرلمان يأتي بعد أن وضع النظام خطة مسبقة لتفريغ حقيقة هذا البرلمان من التمثيل الحقيقي لمن كان يعتبرهم اعدائه ومن كان ينتهك حرماتهم في السجون ومن كان يعتبر قتلهم في الشوارع مشروعا لافراد قواته من المجنسين والمرتزقة.

لهذا فإن عملية التلاعب بالدوائر الانتخابية كانت مايعول عليه النظام للخروج من مأزقه الدولي والداخلي مع الاضطرابات والاحتجاجات وعدم استقرار الحالة الامنية التي ارهقته ، يلحق بذلك عمليات التجنيس كصمام امان لو اضطر النظام لعمل تمثيل حقيقي للدوائر في يوم من الايام في خطة طويلة الامد تسارعت وتيرتها لاحقا..

من هنا فإن إثارة مسالة تمثيل تلك الدوائر والتلاعب فيها يشكل قلقا بالغا للنظام وثمنا باهضا ، يستحق تقديم ثمن ارخص له وهو إطلاق سراح مجموعات من الناشطين الابرياء اعتقلهم النظام بعد فبركة بعض المسرحيات الامنية.
فلقد دفع النظام الثمن الارخص في محاولة لتفادي دفع ثمن اكبر.

Show More

Related Articles

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

Close