Archive
Bahrain Freedom Movement
عندما عاد الوفد الحكومي مؤخراً من جنيف بعد المناقشة “الصورية” لسجل البحرين لحقوق الإنسان، كان من ضمن من التقوا به الشيخ خليفة بن سلمان- رئيس الوزراء. وكان ابن سلمان يتشدق بأنه تربى مع “بحارنة” ومواطنين شيعة، وأنه لا وجود للتمييز الطائفي أو تفرقة طائفية. قال أيضا، وهذا أمر لا علاقة له بالموضوع، ولكن من المهم توثيق ما قال عندما أشار أحد الحاضرين الى ضرورة فتح قنوات الحوار للوصول الى حلول للقضايا العالقة: “إننا دعاة حوار، والدليل على ذلك مجالسنا المفتوحة للجميع”.
لقد أشرنا سابقاً على البعد الطائفي في حكومات خليفة بن سلمان عبر التاريخ البحريني الحديث الذي لم يعرف رئيساً للوزارء غيره في السنوات الثمان وثلاثين الماضية. ويهمنا في هذا المقال أن نشير الى مثال آخر صارخ يمثل البعد الطائفي لرئيس الوزارء. قبل أن ينتقل للعلي الأعلى، قرر الوجيه المعروف الحاج حسن العالي- عليه الرحمة- أن يبني على نفقته الخاصة جامعاً للصلاة والعبادة في احدى أراضيه، وأختار أن تكون في منطقة كرباباد. أختار العلي الأعلى الحاج حسن، قبل أن يكمل المشروع، ولكن أبناءه واصلوه، وعملوا على إعداد التصاميم المطلوبة وتخصيص الميزانية، واستحصال الرخص الرسمية بما في ذلك اسمه “جامع البحرين” الذي اختير له، ولم يبق إلا استلامها من البلدية، بعد أن استوفى المشروع كل المتطلبات.
عندما علم خليفة بن سلمان بموضوع “جامع البحرين” طلب الحصول على كل الأوراق والرخص الجاهزة وارتهنها في مكتبه حتى كتابة هذه السطور. لقد مضى على فعلة الشيخ خليفة هذه أكثر من سنتين، والمشروع “الخاص” بعائلة الحاج حسن مرتهن لدى الشيخ خليفة بن سلمان، دون أن يكون هناك أي مأخذ رسمي عليه، كما عبرت عن ذلك التراخيص المتوفرة. كما إن ابن سلمان لم يشر الى مطلب معين مرتبط بالمشروع، يمكن أن ينظر فيه أبناء الحاج حسن.
ويمثل ارتهان الشيخ خليفة لأوراق وتصاريح مشروع جامع العالي ليس فقط تدني في مستوى التعاطي الأخلاقي مع موقع المسئولية وإساءة استعمال للسلطات والصلاحيات، بل تعبر عن ضيق أفق لرئيس الوزراء وعدم قدرته عن التخلي عن النفس الطائفي الذي كرسه عبر السنين وصار مثالاً يقتدي به الطائفيون في بقية الوزارات والمؤسسات الرسمية والخاصة. ولهذا، وحتى يمكن معالجة الآفة الطائفية التي كرستها حكومات خليفة بن سلمان ورعاها البلاط ووزيره الطائفي عبر السنين، لا مناص من استئصال بؤر الطائفية في البلاد والتي يمثل الشيخ خليفة أحد معالمها.
إن عدم فك قيد مشروع بناء جامع العالي سوف لن يؤثر في نية المرحوم بإذن الله الحاج حسن وعائلته ورغبتهم في توفير مكان لعبادة الله وأن تكون صدقة جارية يذهب ثوابها لروح الحاج حسن، كما إنها لن تغير من توجههم لذلك كون المشروع صار وقفاً لروح المتوفى- عليه الرحمة. وبلا شك، فإن إثم تعطيل قيام هذا العمل الصالح سوف تعود على ابن سلمان ونسله، ولكن وما هو معروف، فإن الأخير لا تهمه هذه الأمور ولا يعيرها أي عناية، فهذا ليس أول مشروع ديني صرف، يقف أمامه ويعيقه، ولم يكن ذلك أول وقف يعمل- هو وحكومته وبلاط مليكه- على تعطيله.
من جانب آخر، فإن هذه المسلكية من رئيس الوزراء تؤكد مرة أخرى عدم وجود ما يسمى “دولة القانون” في البحرين، خصوصاً في ظل حكومة ابن سلمان وتوجيه ورعاية البلاط للأنشطة الطائفية في البلاد. ولو كنا في بلد قانون وبعيد عن الطائفية، لتم تقديم الشيخ خليفة للمحاكمة وتم تنحيته على إسائته استعمال السلطات والصلاحيات، ولكن لا حياة لمن تنادي.الأرض المخصصة لمشروع جامع البحرين في شمال منطقة كرباباد يميزها وجود قبر الحاج حسن في أحد زواياها، وسوف يضيف مشروع “جامع البحرين” لمسة خاصة للمنطقة حيث أنه سيصبح معلماً خاصاً ومميزاً حيث تم العناية بتصميمه وإنشاءه بمستوى راق ومتميز. ولهذا لو أن النظام يقدر هذه الأمور التي تضيف لأسم ومميزات البحرين، لكان أو المشجعين والمساندين له، خصوصاً وأن لن يصرف فلساً واحداً على ذلك. إن المشروع ينتظر أن يتدخل “العقلاء” من القوم لفك قيده وإطلاق سراح مشروع “طيب” أريد له به وجه الله. وليتوقف ابن سلمان وأفراد النظام ذوي النفس الطائفي عن هذه الأعمال التي تشين لهم قبل أن تشين الى البحرين. ونتمنى أن يرى هذا المشروع النور قريباً ومعه نتعامل مع رئيس وزراء منتخب من أبناء الشعب، يحاسبه متى قصر أو تجاوز صلاحياته وحدوده كما يعمل ابن سلمان.