Archive

Bahrain Freedom Movement

انتم الصائمون حقا، ونحن المقصرون، أنتم الصامدون، ونحن الخانعون. أنتم الشامخون بهاماتكم ونحن المطأطئون. فلله دركم من ثلة صدقت في ايمانها ومقتضياته، فزادها الله هدى وآتاها تقواها. تلتوي السياط على ظهوركم، فلا تزدادون الا ثباتا، وتسيل الدماء من جوارحكم، فتتحول الى براكين ثأر تتجمع تحت الأرض لتنفجر يوما بوجه هؤلاء المستبدين، والظالمين.

 ما كان إسلامكم يوما الا محمديا، بعد ان رفضتم الاسلام الامريكي الذي يدعو للتعايش مع الظلم والتطبيع مع الاجرام وتعميق مشاعر الخنوع واليأس والاستسلام. إسلامكم صنع فيكم الموقف الذي يؤمن بحتمية انتصار المظلومين، وهزيمة الظالمين والمستبدين. آمنتم ان الحرية تؤخذ ولا تعطى، وان الحق لا يضيع اذا كان ثمة من يطالب به. لم تسعوا لتحقيق ما تريدون من خلال قصور الطغاة ومجالسهم التي هي مرتع للشياطين، ولم تؤمنوا يوما بان مطالبكم ستتحقق عبر “المجالس المفتوحة” و “المكرمات”، ولم تبحثوا عن “الهبات” و “العطايا”، بل كنتم، وما تزالون، تكفرون بكل ذلك، ولا تؤمنون الا باعلان الموقف الصريح الذي لا مجاملة فيه ولا مداهنة ولا مساومة ولا انحناء او استسلام. قرأتم التاريخ فعرفتم من صفحاته  كيف ان النصر تصنعه سواعد الرجال، ولا يتحقق عبر التملق والمجاملة او التراخي والصمت. لقد تعودت تلك السواعد التي اصبحت معاول تدافع عن الحق وأهله، ان لا تمتد لمصافحة أعداء الشعب والانسانية، الذين تلطخت ايديهم بدماء الشهداء، وتآمرت لتقضي عليه وعلى اصالته ووجوده.

انتصرتم على انفسكم بترويضها بالتقوى، صامت جوارحكم عن مداعبة الطغاة، وتعففت نفوسكم عن مسايرة الظالمين، وصدقت نواياكم وانتم تواجهون الاعداء، فمن أكبر منكم شأنا؟ ومن أربط جأشا وأثبت جنانا؟ البعض يسعى للنيل من شأن ما نذرتم حياتكم من اجله، ويشير الى قلة عددكم، ويدعي “ان الاكثرية ليس هذا موقفها”. مثل هؤلاء لا يقرأون القرآن، وان قرأوه فانهم لا يتدبرون آياته. ولو قرأوه حقا لعرفوا ان أهل الحق “ثلة من الأولين، وقليل من الآخرين”، ولأدركوا قول الله الكريم: “وان تتبع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله” وان الرسول الكريم واجه هذا الوقع فخاطبه العلي الجليل قائلا: “وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين” ، “وان تتبع أكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله”. فمتى كانت الكثرة مقياسا للحق؟ مع ذلك من قال ان الكثرة هي الغالبة دائما؟ مثلكم يعرف هذه المباديء والقيم، فيعيش في شهر رمضان مصاديق ذلك بكل جلاء. ففي هذا الشهر الكريم حدثت غزوة بدر التي كانت باكورة انتصارات محمد بن عبد الله عليه افضل الصلاة والسلام على النظام القبلي المقيت الذي تمثله قريش. كان النبي و معه ثلة قليلة يواجهون التحدي الاول في المواجهة العلنية بين الاسلام والنظام القبلي، ولكن ايمانهم خلق منهم الشعور بالأنفة والكبرياء، فثبت مع الرسول حتى تحقق النصر المؤزر. قصة رمضانية تسترجعون فصولها وانتم أسرى لدى النظام القبلي، فتقوى عزيمتكم، وتوقنون مجددا ان النصر لن يكون بعيدا عن المؤمنين، برغم قلة العدد والعدة. اولئك يعملون من اجل الدنيا والمنصب والجاه والمال، وانتم مرتبطون بمشروع الهي مقدس، يسعى لمحق الظلم والظالمين، ونصرة الحق ورفع الظلامة عن المظلومين، ومنع استشراء نهج الاستبداد والطغيان. فأنتم جند الله المنصورون على هذا العدو الباغي الذي يسعى جاهدا لمحو هوية البلاد التي ارتبطت بنقاء الاسلام وطهره.

رفض كل منكم التخلف عن اللحاق بالركب الرسالي الخالد، وتمثلتم ما قاله المقداد بن عمرو لرسول الله: “اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه” وصعب عليكم ان ان تكونوا من المتخلفين عن الركب الرسالي، فتلك سمة المتكالبين على الدنيا، الذين لا يرغبون المنازلة. فحتى القرشيين كانوا يشجعون بعضهم على الخروج، برغم تقاعس بعضهم. هذا ما حاول أمية بن خلف، ان يفعله عندما طلب قادة قريش منه الخروج. فأتاه عقبة بن أبي معيط ، وهو جالس بين ظهراني قومه، بمجمرة يحملها ، و وضعها بين يديه قائلا‏‏:‏‏ “يا أبا علي ، استجمر ، فإنما أنت من النساء”. القصص التي ترشح عن معاناتكم تؤكد لذويكم واخوتكم انكم ثابتون على خط المقاومة الباسلة، ترفضون العطايا والمكرمات، وتمنعون من يسعى لـ “التوسط” لدى الحاكم الظالم لفك اسركم في مقابل استعطافه واسترحامه. انه نظام فرعوني يمارس الاستعلاء والاستكبار بدون حدود. فهو يخاطب اهلنا قائلا: “مَا أُرِيكُمْ إلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ”. ويتطاول عليكم ويساومكم على حياتكم وحريتكم ووجودكم قائلا: أنا أحيي وأميت”. فهو يعتقد انه قادر على تحديد مستقبل البشر ومصائرهم. فما أتعسه من منطق فرعوني تافه، لا يكشف عن نفسه متغطرسا حتى تكذبه الوقائع. فما أتفه هذا النظام وأوهاه. انكم تدركون ذلك جيدا، ولذلك رفضتم منطق الاستعطاف، واصررتم على  الصمود والثبات، لعلمكم بعدد من الحقائق. اولها “ان العاقبة للمتقين”، و “لا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون”، “ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين، ونمكن لهم فى الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ماكانوا يحذرون”.

تقضون أيامكم الرمضانية مقيدين في الاغلال، لانهم يخافونكم ويخشون بطشكم، لان الله معكم، والله أشد بأسا وأشد تنكيلا. تتمعنون في السلاسل فتجدونها مفاتيح للمستقبل الزاهر الذي لا يصنعه الا صمودكم وجهادكم وبطولاتكم، وتلمحون عيون سجانيكم، فترونها مخسوفة مكسوفة، لانهم عبيد يأتمرون بأوامر آخرين لا يقلون عبودية وحيوانية وضعفا. تقضون لياليكم خاشعين لربكم، تستمدون منه العون على  الاعداء، تختلج قلوبكم بالدعاء لهذا الشعب بالفرج، ولأولئك الاعداء بالهزيمة والاندحار. سجانوكم جيء بهم من اقاصي الارض، وجنسوا ظلما ليدافعوا عن الظالمين والمستبدين، فما جدوى حياتهم العبثية ووظائفهم التي تقتضي الحاق الأذى والضرر بالأبرياء. تتهجدون لربكم وتشعرون بالقرب منه، وانكم اطهر وانقى وأنظف من القلوب الميتة التي قتلها اصحابها بمواقفهم المتخاذلة، وصمتهم عن قول الحق والرد على الظالم، مع علمهم بـ “ان من اعظم الجهاد عند الله كلمة حق امام سلطان جائر”. نتذكركم كل لحظة، فانتم عنوان مجد هذا الشعب، وأمله في الخلاص من الاستعباد والاحتلا ل والظلم، فلا ضير عليكم لانكم انتم الاحرار في زمن الاذلال والاستعباد والاستحمار. ولا خوف عليكم لان الله حاميكم وناصركم، ومهلك اعدائكم، ومذل جلاديكم، فصوموا شهركم، وقروا عينا، وثقوا بالنصر الآتي من السماء، ولا تيأسوا من روح الله، فانه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

Show More

Related Articles

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

Close