Archive

Bahrain Freedom Movement

مما جاء في تقرير البندر الثاني  فيما يخص المآتم تُعتبر المآتم من الوجهة التاريخية ، و ما تزال مقر انطلاقة العمل السياسي .. فهي أهم مراكز النشاط الحيوية التي تتم بها عمليات الإستقطاب والتأطير والتعبئة للأجيال المتعاقبة..، وتُعد بؤر فاعلة لعمليات الإعداد والتربية والتنشئة السياسية المعارضة، وتمثل مركز اتصال جماهيري ومنبر اعلامي فاعل ومؤثر”.

التقرير الثاني عبارة عن مجموعة من من وثائق الخطة التنفيذية التي تنتهجها الشبكة البندرية التي يقودها ويمولها ديوان الشيخ حمد وتستعمل أجهزة الدولة وتتحكم في أوضاع البحرين، كما تم رسمه من خلال التقرير الأول الذي رصد الهيكل التنظيمي لتلك الشبكة التي تخطيط لتقسيم المجتمع على أساس طائفي ومحاصرة مؤسسات المجتمع الفاعلة وتقييد تحركاته ومساحة عملها وتأثيرها.

ومن هنا جاءت الامر الوزاري الأخير من وزير العدل بضرورة استحصال الموافقة من مكتبه على طلبات بناء المساجد والمآتم، ليتناسق مع ما جاء في تقريري البندر ومع الدور الذي رسم لوزارة العدل ان تلعبه كما جاء في نفس المخطط. وزير العدل والشئون الإسلامية هو أحد الثالوث الوزاري، إضافة لوزارتي التنمية الإجتماعية والداخلية، التي أنيطت لها القيام بشكل منفرد أو مشترك في عملية إحكام السيطرة على مؤسسات المجتمع الثقافية والدينية والسياسية وغيرها، لضمان انصياعها للأوامر والإرشادات “الملكية”.

وجاءت ردة فعل بعض قوى المجتمع ورموزه- عبر الخطب والتصريحات- بالرفض لهذه الأوامر لما يشم منها توجها للتضييق على مساحة الحرية الدينية والمذهبية مع ما هو موجود من ضيق ومحاصرة مقننة وغير مكتوبة. وتتوج هذا الموقف من خلال عريضة وقعت عليها حوالي 210 شخصية علمائية، تعبر عن احتجاجها لهذا التدخل من وزير العدل ودوره المباشر في تنفيذ برنامج القبضة الحديدية على تصاريح بناء المساجد والمآتم. هذا الرفض من النخبة العلمائية تعزز بموقف مماثل من إدارة الأوقاف الجعفرية التي رأت فيه سلبأ لإرادتها وتحدياً لصلاحياتها التي تشارك فيه النخب الأهلية.

ومع التقدير لهذا الموقف الإيجابي، إلا إن التجربة مع هذا النظام- الذي لم يألوا جهداً للتآمر على أبناء الشعب وإقصاءهم عن صناعة القرار وحرمانهم مما هو حق لهم من ثروة هذا البلد، بل مضى أكثر من ذلك حين قدم الأجنبي والمرتزق على المواطن الأصيل من الشيعة والسنة- أثبتت بأنه لايكفي لتحقيق الضغط اللازم لايقافه من المضي في برامجه. بل يجب أن تكون العريضة  أو جملة التصاريح والبيانات ضمن برنامج متكامل من الضغط المتصاعد دون إلغاء احتمالية التصعيد بمعانيه المختلفة مع الإستعداد لمواجهة النظام إعلاميا وسياسياً. كما يجب أن يحول البرنامج تدويل القضية على المستوى المحلي من خلال فتح التواصل مع الأطراف المختلفة والمؤسسات المجتمعية المختلفة، حتى لا يحصر الموضوع في بعده الطائفي، كما يجب نقل الموضوع للخارج من خلال التواصل مع المنظمات الحقوقية والسياسية والفكرية، للحصول على دعمها من خلال الضغط على النظام بطريقتها الخاصة.

تجدر الإشارة الى ان تاريخ البحرين غني بتجارب مختلفة للعرائض ولكنها لم تجدي ما لم تكون ضمن عمل متواصل ورؤية واضحة من المطالب وبرنامج احتجاجي متصاعد يقيم الدنيا ولا يقعدها. بغير ذلك، فإن العرئض لوحدها تبقى عملاُ مبتسراً وغير متكامل ولايمكن بصورة أو أخرى التأثير على موقف النظام.

الأمر الآخر، علمتنا التجربة مع النظام بأن أي عمل مطلبي شعبي لا يأخذ في الإعتبار تسخير الورقة الشعبية ويبعدها من حساباته، فإنه عمل نخبوي محدود، ولا يمكن أن يؤثر في النظام. شعب البحرين شعب واع ويمكن أن يكون شريكاً ضاغطاً لتحقيق المطالب متى ما وضع في الصورة وتم توعيته بمطالبه وحقوقه وسبيل الحصول عليها. متى ما تم ذلك، فإنه- أي الشعب- مستعد لتقديم الغالي والنفيس من أجل تحقيق المطالب. فهل يعي أصحاب المطالب الشعبية بأن التصريحات والخطب والعرائض لا يمكن لوحدها أن تحقق المطالب؟ وما لم يتزايد الضغط ويتعدد، فإن مطلب العرائض يبقى للتاريخ حبراً على ورق.  

Show More

Related Articles

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

Close