Archive
Bahrain Freedom Movement
عباس ميرزا المرشد – 28/11/2008 – 17:43 | مرات القراءة: 219 |
قبل أن تقدم وزارة التربية و التعليم على اتخاذ قرار فصل الاستاذ عبد الوهاب حسين من عمله في الإرشاد الاجتماعي كانت منتديات البحرين الالكترونية تشهد سجالا عنفيا حول مفهوم الممانعة و المسايرة وهما مصطلحان وظفهما الاستاذ عبد الوهاب حسين لتوصيف الحالة السياسية في البحرين منذ أكثر من اربع سنوات. المطلعون على تفاصيل الحياة الداخلية للتيارات السياسية يؤكدونوجود هذا التصنيف منذ فترة طويلة أقلها ثلاثة عقود.
فالتيارات اليسارية كانت تصف التيارات الدينية بأوصاف تقترب حاليا من أوصاف ما يطلق عليهم بالمسايرة و حتى داخل التيار الواحد كانت هناك تصنيفات مشابه فما يعرف بتيار الشيخ المدني كان مسايرا في حين كانت جماعة ولاية الفقيه تعتبر نفسها ممانعة و مقاومة. التصينف يطال الفريق الواحد أيضا و في داخل الجماعات نفسها فمن يوصف اليوم بقوى الممانعة كانوا في عرف البعض مسايرين جدا قبل عدة سنوات و من كانوا رموز الممانعة أصبحوا اليوم مسايرين جدا.هل هو التحول في الموقف السياسي ؟ أم إنها اللعبة السياسية و ما تفرزه من مصالح تلغي بعض الاستراتيجيات و تخفي معها بعض ملامح الشخصيات؟ أو أن الوضع لا يعدو أن يكون فصلا من فصول متعددة لقصة مسار المعارضة في البحرين؟ الذين يميلون إلى التفسير الأول سوف يضطرون إلى الإعلاء من شأن التصنيف و رفعه إلى درجة القيمة الأخلاقية العليا وسوف يجدون أنفسهم بالضرورة يلجأون إلى الخصومة السياسية بشكلها الفاقع و قد يقع بعضهم في حيص و بيص جراء التحولات السياسية المتعددة و المتباينة عند الشخص الواحد. أما من يذهب إلى أن المصالح السياسية هي المعيار في تحديد خطوط التماس بين الممانعة و المسايرة فلن يقنع إلا بحمل العديد من الشخصيات على محامل سوء الظن و تحميل المواقف ما لا تحتمل في كلا الاتجاهين المسايرة و الممانعة. ولكي نقترب أكثر فطوال أكثر من نصف قرن من الكدح السياسي لم توفق القوى السياسية الناشطة والمعارضة إلى تحقيق الحد الأدنى من طموحها السياسي وظلت تلح بإصرار عفوي تارة ومنظم تارة أخرى على ضرورة الوصول إلى نقاط توافقية يمكن من خلالها تقريب المسافة بين الدولة والمجتمع . ولما كانت الدولة أقوى من المجتمع وأكثر ثباتا في مواقفها لم يكن أمام المجتمع بكافة مكوناته سوى الإقدام على تقديم تنازلات ملموسة تخفف من طموحه وتخفض من سقف المطالب السياسية. وأمام هذا الوضع فمن الطبيعي أن يكون هناك بعض من التعويض أو إنشاء (المخزن) الذي لن يكون سياسيا بل مخزنا للقيم السياسية العليا كالحرية والعدالة كشعارات تجتمع عليها القوى السياسية ضد الدولة.من هنا سنجد أنّ أدبيات القوى السياسيّة تعج بالمفاهيم الكبرى والمفاتيح القيمية العليا حتى غدت المرجعية القيمية مصدراً أساسيا لتوجيه السلوك السياسي، وقناة توجه من خلالها الانتقادات السياسية. إن القيم السياسية والاجتماعية بفعل هذا التراكم والانتقال من المجتمع التقليدي إلى مجتمع أشبه بالمجتمع الحديث أخذت تملأ أغلب الفضاءات وباتت تلعب دورا أساسيا في صياغة آليات الضبط الاجتماعي، وتتمتع بقابلية مرنة لتوظيفها من قبل الأفراد والجماعات المختلفة كلّ حسب مصالحه واتجاهات.ومهما قيل عن وجود تصنيف رائع و متماسك تقاس عليه الشخصيات و القوى السياسية فإن ذلك لن يكون مجديا في الواقع لأن الممانعة و المسايرة إذا ما تم تخليصهما من الجانب القيمي سوف يتحولان إلى أدوار مطلوبة يجب أن تمارس بين فترة و أخرى.و لعل من جملة أسباب تنامي نزعة التصنيف عند البعض هو عدم وجود استحقاقات ملموسة على أرض الواقع من جهة و من جهة أهم انتشار الفرقة و الاختلاف المانع من الاجتماع بين فرقاء الفريق الواحد و تشتت الجهود فيما لا يدر نفعا على الناس.الاستمرار في طرح تصنيفات المسايرة و الممانعة و ترك التصنيف الرسمي و المقبول في السياسة المحلية ( معارضة / موالاة) من شأنه أن يؤدي إلى انفلات الوضع و وضع معايير خاصة للقيادة تعتمد على المظلومية و التضحية مقابل الكفاءة و المقدرة و بالتالي فمن يتصور أن شخصياته السياسية مظلومة فيجب عليه أن يحدد الظالم و هنا لن يكون الظالم هو النظام بل أصدقاء النضال و رفاق الدرب الشائك. كان الأحرى بالقيادات السياسية أن تكون أكثر وعيا و حكمة من القاعدة الجماهيرية التي انخرطت في جدال و سجال الممانعة و المسايرة و أن تكون هي التي تمسك بزمام المبادرات و المبادئ السياسية لكنها أخفقت في ذلك و هي الآن تشعر بالحياء الداخلي من مثل هذه التصنيفات و خطورة تطورها و استغلالها من قبل الخصوم السياسين و من قبل النظام السياسي الذي لن يفرق بين ممانع و مساير أو بين سني و شيعي في سبيل حفظ مصالح و استمرار مخططه.إن قصة المعارضة في البحرين توضح أن الممانعة و المسايرة ما هي إلا أدوار سياسية من المهم ان تتكامل مع بعضها لا أن تتصارع و توضح أيضا أن الضوع الحالي و الضعيف للمعارضة هو بناء ساهم فيه الجميع و لا يمكن لأي أحد أن يدعي أنه برئ منه إلا أن يتبرئ من أفعال السياسة نفسها. وعلى هذا فإن إصلاح الوضع يتطلب جهود الجميع و الانشغال في البناء بدل السجال و الجدال في أمور لا طائل منها. أما السؤال الذي تثيره تلك القصة فهو لماذا عجز المجتمع البحريني بكل ما يملكه من حضور و فاعلية عن توحيد رؤيته و أن يبقي على اختلافاته كمصدر قوة يواجه بها قوة النظام الحاكم؟
عباس ميرزا مشاهدة ملفه الشخصي زيارة موقع عباس ميرزا المفضل
البحث عن المزيد من المشاركات المكتوبة بواسطة عباس ميرزا
اليوم, 12:29 AM