Archive

Bahrain Freedom Movement

بعد أن امتنع جهاز الأمن الوطني عن الظهور الإعلامي لفترة طويلة، عاود الجهاز ظهوره بخبر إلقاء القبض على خلية إرهابية خططت ” نشدد على أنها خططت” لصنع قنابل محلية الصنع و بعبوات تحتوي على كرات حديدية و مسامير بهدف ترويع المواطنين و المقيمين على حد تعبير البيان الأمني الذي أصدره جهاز الأمن الوطني عشية يوم الشهداء الذي تحتفل به قوى المعارضة في كل عام. جهاز الأمن الوطني و مبارزة الشيخ عيسى قاسم

عباس المرشد

بعد أن امتنع جهاز الأمن الوطني عن الظهور الإعلامي لفترة طويلة، عاود الجهاز ظهوره بخبر إلقاء القبض على خلية إرهابية خططت ” نشدد على أنها خططت” لصنع قنابل محلية الصنع و بعبوات تحتوي على كرات حديدية و مسامير بهدف ترويع المواطنين و المقيمين على حد تعبير البيان الأمني الذي أصدره جهاز الأمن الوطني عشية يوم الشهداء الذي تحتفل به قوى المعارضة في كل عام.
كان آخرظهور إعلامي لعمليات جهاز الأمن الوطني قبل عام تقربيا عندما نشرت الصحف المحلية خبرا عن اكتشاف قوى الأمن معسكرا للتدريب في منطقة بني جمرة لكنه كان خبرا و اكتشافا بحجم الفضيحة التي لا يمكن تصديقها لأي عاقل فالمزرعة التي أشير إليها على أنها مسعكر تدريب إرهابي لم تكن سوى مزرعة تحتوي على قرد و حمار و مجموعة حيوانات أهلية و لا وجود فيها حتى لزجاجات حارقة.
الاختفاء الإعلامي لا يعني انعدام النشاط بل استمر الجهاز يدبر القضايا و يخيطها و يوكل المهام الإعلامية لوزارة الداخلية التي تورطت هي الأخرى في أكبر فضيحة أمنية عندما أتهمت مجموعة من الأهالي بقتل أحد أفراد المليشات المدنية التابعة لجهاز الأمن الوطني ” ماجد بخش” و تبين أن تاريخ وفاته حدث قبل تاريخ القتل و بينت تفاصيل القضية أن هناك تلاعبا في الأوراق الرسمية و أن القضية نسجت من أجل اعتقال مجموعة من الناشطين الحقوقين و السياسين. أما ما يخص خلايا تنظيم القاعدة فلا تظهر أية أخبار عن اكتشافها و عادة ما ترسل تفاصيلها سرا للأجهزة الأمنية في بعض السفارات.
المجموعة الجديدة التي ستضاف إلى المجموعات السابقة تتكون من عدة أشخاص ناشطين اجتماعيا و سياسا في مناطقهم الشيعية و لا توجد حولهم أية شبهات أمنية و تم تنفيذ اعتقالهم قبل ثلاثة أيام من إعلان الخبر الأمني، و حسب المعلومات المتداولة فقد كانت هناك نية لاعتقال رجل الدين المعروف الشيخ أحمد الجدحفصي بجانب أفراد المجموعة.
فربكة الخبر و أهدافه كان من الممكن أن تسير بشكل طبيعي، إلا أن تزامن نشر الخبر مع تصريح خاص لناطق غير الرسمي للتنظيم السري المعروف بتنظيم البندر النائب جاسم السعيدي أعطى الضوء الأخضر لكشف ملابسات القضية و إنها رسالة موجهة لشخصية رجل الدين البارز الشيخ عيسى قاسم لمحاول تحذيره من إعلان معارضته العلنية لقانون الأحوال الشخصية الذي وافقت عليه الحكومة و طرحته على مجلس النواب قبل أربعة ايام و ظهر ملك البلاد داعيا له و قال أنه يمثل رأي الشعب البحريني. السعيدي تحدى الشيخ عيسى قاسم لإثبات قوته و سيطرته على الشارع و عزا إليه مسئوليته عن سائر الاضطربات الامنية و مسيرات الاحتجاج طوال الفترة الماضية. الشيخ عيسى قاسم كان قد أعلن قبل سفره لأداء مناسك الحج عن رأيه في قضية قتل الشرطي ماجد بخش و أيد كافة الأعمال السلمية الضاغطة من أجل الإفراج عن المعتقلين. و يتوقع من الشيخ عيسى قاسم أن يؤيد مسيرة يوم الجمعية المقبل التي دعت إليها الجمعيات السياسية الوطنية تلبية لنداء منظمات عربية و إسلامية للتظاهر ضد حصار غزة.
ما يبدو للمراقب أن جهاز الأمن الوطني قد قرر حسم معركته مع الشيخ عيسى قاسم و أخذ يدعوه للمبارزة العلنية و قبول تحدى خيار الشارع الجماهيري. و يستعين الجهاز الأمني بغطاء رأي عام عالمي مكون من جزئين، قادر على تشويش الرؤية و تحريف حقيقة الصراع الدائر بين الدولة و المجتمع في البحرين. الجزء الأول أن جهاز الأمن الوطني يسوق مرار و تكرارا أن معارضة قانون الأحوال الشخصية الذي تطالب به منظمات حقوقية عدة تقع في قلب التجمعات الشيعية فقط و هي تجمعات متطرفة و رجعية و بأن الحكومة قررت أن تحسم هذه الممانعة عبر العملية الديمقراطية عندما يصوت أعضاء المجلس النيابي المحسوب أغلبيته على الحكومة بالموافقة على ما تقدمت به الحكومة ضاربا بعرض الحائط تحفظات القوى الإسلامية ومنها القوى السلفية و مطابتهم بتوفير ضمانات دستورية في القانون نفسه. أما الجزء الثاني فهو الاحتماء بمكافحة الإرهاب و رغبة الحكومة في التصدي للإرهابين في البحرين في إشارة واضحة و صريحة أن المقصود منهم هم النشطاء السياسين و الشخصيات المعارضة و قد تكفلت إحدى جمعيات الكنغو بالعمل على تظليل الرأي العام و الإيحاء بأن جهات سياسية معارضة تستخدم الأطفال في مسيرتها الاحتجاجية.
عبر هذا الغطاء يمكن للحكومة أن تتملص من أغلب الإدانات الحقوقية و أن تتخلص من بعض الضغوط الدولية ما دام الأمر يتعلق بمواجهة قوى رجعية و خلايا إرهابية و يمكن للحكومة و جهاز الأمن الوطني أن يحرفا بوصلة الرأي العام عن كثير من القضايا الحساسة و التي من أبرزها قضية التجنيس السياسي و تفاقم أزمة السلم الأهلي في ما يعرف حاليا بقضية العشيرة المجنسة و إرهابها للمواطنيين الأصليين في مناطق مدينة حمد.
في المقابل فإن قوى المعارضة بكافة أطيافها أمام امتحان عسير و خيارات صعبة و هي و إن حققت بعض التلاقي في الفترة الأخيرة بعد تفكك ظاهر، لكنها أمام قانون الأحوال الشخصية قد تعود إلى الاختلاف خصوصا و أن الجمعيات السياسية العلمانية مؤيدة لقانون الأحوال الشخصية، لذا فهي تجد نفسها محتارة بين المواصلة في التقارب أو المضي في التفكك السياسي، وهو هدف استراتيجي من ضمن حزمة أهداف يسعى جهاز الأمن الوطني لتحقيقها بغية تحقيق أمن سياسي حسب رؤية الحكومة يقوم على إفشال تحالفات قوى المعارضة و زجها في خلافات داخلية و تقوية التحالفات الموالية للحكومة.
إن رغبة جهاز الأمن الوطني في مبارزة الشيخ عيسى قاسم و باقي التيارات السياسية المعارضة من شأنها أن تخفف اندفاع القوى المعارضة نحو المواجهة حفاظا على ما تبقى على السلم الأهلي المنهوك من قبل الأجهزة الأمنية و قواها الخفية. و الصيحيح أن السكوت و التهدئة من شأنها أيضا أن تدفع الأجهزة الأمنية لارتكاب المزيد من الاعتقالات و التهديدات و خرق العملية السياسية بما يتلائم و وجهة نظر الحكومة في الشأن السياسي.
اعتقد بأن على المعارضة أن تحسم ملفاتها السياسية مجتمعة و أن تفرض أجندتها السياسية و أن تقاوم أجندة الحكومة و ما تطرحه من أوراق كما إن عليها أن تستمر في ما تم تحقيقه منذ فترة قصيرة من تلاحم رأي عام محلي حول التجنيس و التمييزو أن لا تعول كثيرا على آليات الديمقراطية المعاقة، فقد أثبتت أنها غير مجدية تماما و إن كانت قوى المعارضة تحتاج إليها في بعض الأحيان. هذا الحسم لا يمكن ترجمته سياسيا من دون وجود فعاليات على أرض الواقع تأخذ الاحتياط الحذر من قمع و إرهاب التجمعات السلمية التي ستقام من أجل إبطال مفعول سحر محاربة الإرهاب التي تسخدمه الحكومة و يستخدمه جهاز الأمن الوطني. فالحد الأدني المطلوب من قوى المعارضة مجتمعة هو تأييد المسيرات و أعمال الاحتجاج السلمية و محاصرة الرأي الحكومة إعلاميا، و عدم الانجرار للمبارزة بشكل إنفرادي أو كما ترغب الأجهزة الأمنية بحدوثه.

Show More

Related Articles

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

Close